( تفسير القرطبي ) ( 4 )
{ إِن تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا وَإِن تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ ( التحريم : 4 ) } . القرطبي - الجامع لأحكام القرآن - سورة التحريم : 4 قوله تعالى :{ إِن تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا } الجزء : ( 18 ) - رقم الصفحة : ( 174 )
{ إِن تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا ( التحريم : 4 ) }
- .... يعني حفصة وعائشة ، حثهما على التوبة على ما كان منهما من الميل إلى خلاف محبة رسول الله (ص).
{ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا ( التحريم : 4 ) }
- أي زاغت ، ومالت عن الحق ، وهو انهما أحبتا ما كره النبي (ص) من اجتناب جاريته واجتناب العسل ، وكان (ع) يحب العسل والنساء.
- قال ابن زيد : مالت قلوبهما بأن سرهما إن يحتبس ، عن أم ولده ، فسرهما ما كرهه رسول الله (ص). وقيل : فقد مالت قلوبكما إلى التوبة.
- وقال : { فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا ( التحريم : 4 ) } ولم يقل : فقد صغى قلباكما ، ومن شأن العرب إذا ذكروا الشيئين من اثنين جمعوهما ، لأنه لا يشكل ، وقد مضى هذا المعنى في المائدة في قوله تعالى : { فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا ( المائدة : 38 ) } وقيل : كلما ثبتت الاضافة فيه مع التثنية فلفظ الجمع أليق به ، لأنه أمكن وأخف ، وليس قوله : { فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا ( التحريم : 4 ) } جزاء للشرط ، لأن هذا الصغو كان سابقا ، فجواب الشرط محذوف للعلم به ، أي إن تتوبا كان خيرا لكما ، إذ قد صغت قلوبكما.
{ وَإِن تَظَاهَرَا عَلَيْهِ ( التحريم : 4 ) }
- أي تتظاهرا وتتعاونا على النبي (ص) بالمعصية والايذاء.
- وفي صحيح مسلم ، عن ابن عباس ، قال : مكثت سنة وأنا أريد أن أسأل عمر بن الخطاب ، عن آية فما أستطيع أن أسأله هيبة له ، حتى خرج حاجا فخرجت معه ، فلما رجع فكنا ببعض الطريق عدل إلى الأراك لحاجة له ، فوقفت حتى فرغ ، ثم سرت معه ، فقلت : يا أمير المؤمنين من اللتان تظاهرتا على رسول الله (ص) من أزواجه ، فقال : تلك حفصة وعائشة ، قال : فقلت له والله إن كنت لأريد أن أسألك عن هذا منذ سنة فما أستطيع هيبة لك ، قال : فلا تفعل ، ما ظننت أن عندي من علم فسلني عنه ، فإن كنت أعلمه أخبرتك .... وذكر الحديث.
|