العودة لصفحة البداية

العودة لفهرس المواضيع

 

 ( الاحتفال بالمولد النبوي الشريف عبر التاريخ ) - 3

>

عدد الروايات : ( 1 )

 

البكري الدمياطي - اعانة الطالبين علي حل ألفاظ فتح المعين - باب النكاح

الجزء : ( 3 ) - رقم الصفحة : ( 413 > 415 )

 

- ( فائدة ) : في فتاوى الحافظ السيوطي في باب الوليمة : ( سئل ) : عن عمل المولد النبوي في شهر ربيع الأول ما حكمه من حيث الشرع ، وهل هو محمود أو مذموم ، وهل يثاب فاعله أو لا ، قال : ( والجواب ) : عندي أن أصل عمل المولد الذي هو اجتماع الناس ، وقراءة ما تيسر من القرآن ، ورواية الأخبار الواردة في مبدأ أمر النبي (ص) وما وقع في مولده من الآيات ، ثم يمد لهم سماط يأكلونه وينصرفون من غير زيادة على ذلك من البدع الحسنة التي عليها صاحبها لما فيه من تعظيم قدر النبي (ص) واظهار الفرح والاستبشار بمولده الشريف.

 

 

- وقد بسط الكلام على ذلك شيخ الإسلام ببلد الله الحرام مولانا وأستاذنا العارف بربه المنان سيدنا أحمد بن زيني دحلان في سيرته النبوية ، ولا بأس بايراده هنا ، فأقول : قال (ر) ومتعنا والمسلمين بحياته ، ( فائدة ) : جرت العادة أن الناس إذا سمعوا ذكر وضعه (ص) يقومون تعظيما له (ص) ، وهذا القيام مستحسن لما فيه من تعظيم النبي (ص) ، وقد فعل ذلك كثير من علماء الأمة الذين يقتدى بهم.

 

- قال الحلبي في السيرة : فقد حكى بعضهم أن الامام السبكي اجتمع عنده كثير من علماء عصره فأنشد منشده قول الصرصري في مدحه (ص) :

 

قليل لمدح المصطفى الخط بالذهب  *  على ورق من خط أحسن من كتب

وأن تنهض الأشراف عند سماعه  *  قياما صفوفا أو جثيا علي الركب

 

فعند ذلك قام الامام السبكي وجميع من بالمجلس ، فحصل أنس كبير في ذلك المجلس وعمل المولد ، واجتماع الناس له كذلك مستحسن.

 

- قال الامام أبو شامة شيخ النووي : ومن أحسن ما ابتدع في زماننا ما يفعل كل عام في اليوم الموافق ليوم مولده (ص) من الصدقات والمعروف ، واظهار الزينة والسرور ، فإن ذلك - مع ما فيه من الاحسان للفقراء - مشعر بمحبة النبي (ص) وتعظيمه في قلب فاعل ذلك وشكر الله تعالى على ما من به من ايجاد رسول الله (ص) الذي أرسله رحمة للعالمين.

 

- قال السخاوي : إن عمل المولد حدث بعد القرون الثلاثة ، ثم لا زال أهل الإسلام من سائر الأقطار والمدن الكبار يعملون المولد ، ويتصدقون في لياليه بأنواع الصدقات ، ويعتنون بقراءة مولده الكريم ، ويظهر عليهم من بركاته كل فضل عميم.

 

- وقال ابن الجوزي : من خواصه أنه أمان في ذلك العام ، وبشرى عاجلة بنيل البغية والمرام ، وأول من أحدثه من الملوك الملك المظفر أبو سعيد صاحب أربل ، وألف له الحافظ ابن دحية تأليفا سماه التنوير في مولد البشير النذير ، فأجازه الملك المظفر بألف دينار وصنع الملك المظفر المولد ، وكان يعمله في ربيع الأول ويحتفل به احتفالا هائلا ، وكان شهما شجاعا ، بطلا عاقلا ، عالما ، عادلا ، وطالت مدته في ملك إلى أن مات وهو محاصر الفرنج بمدينة عكا سنة ثلاثين وستمائة ، محمود السيرة والسريرة.

 

- قال سبط ابن الجوزي في مرآة الزمان : ( حكى ) لي بعض من حضر سماط المظفر في بعض المواليد فذكر أنه عد فيه خمسة آلاف رأس غنم شواء ، وعشرة آلاف دجاجة ، ومائة ألف زبدية وثلاثين ألف صحن حلوى ، وكان يحضر عنده في الموالد أعيان العلماء والصوفية ، فيخلع عليهم ، ويطلق لهم البخور ، وكان يصرف على الموالد ثلاثمائة ألف دينار.

 

- واستنبط ابن حجر العسقلاني تخريج عمل المولد على أصل ثابت في السنة ، وهو ما في الصحيحين أن النبي (ص) قدم المدينة فوجد اليهود يصومون يوم عاشوراء ، فسألهم ، فقالوا هو يوم أغرق الله فيه فرعون ، ونجى موسى ، ونحن نصومه شكرا ، فقال نحن أولى بموسى منكم ، وقد جوزي أبو لهب بتخفيف العذاب عنه يوم الاثنين بسبب إعتاقه ثويبة لما بشرته بولادته (ص) ، وأنه يخرج له من بين اصبعيه ماء يشربه كما أخبر بذلك العباس في منام رأى فيه أبا لهب ، ورحم الله القائل ، وهو حافظ الشام شمس الدين محمد بن ناصر ، حيث قال :

 

إذا كان هذا كافرا جاء ذمه  * وتبت يداه في الجحيم مخلدا

أتى أنه في يوم الاثنين * دائما يخفف عنه للسرور بأحمد

فما الظن بالعبد الذي كان  * عمره بأحمد مسرورا ومات موحدا.


- قال الحسن البصري (قد) : وددت لو كان لي مثل جبل أحد ذهبا لأنفقته على قراءة مولد الرسول.

 

- قال الجنيدي البغدادي (ر) : من حضر مولد الرسول وعظم قدره فقد فاز بالإيمان.

 

- قال معروف الكرخي (قد) : من هيأ لأجل قراءة مولد الرسول طعاما ، وجمع اخوانا ، وأوقد سراجا ، ولبس جديدا ، وتعطر وتجمل تعظيما لمولده حشره الله تعالى يوم القيامة مع الفرقة الأولى من النبيين ، وكان في أعلى عليين ، ومن قرأ مولد الرسول (ص) على دراهم مسكوكة فضة كانت أو ذهبا ، وخلط تلك الدراهم مع دراهم أخر وقعت فيها البركة ولا يفتقر صاحبها ولا تفرغ يده ببركة مولد الرسول (ص).

 

- وقال الامام اليافعي اليمنى : من جمع لمولد النبي (ص) اخوانا وهيأ طعاما وأخلى مكاناُ وعمل احسانا وصار سببا لقراءة مولد الرسول بعثه الله يوم القيامة مع الصديقين والشهداء والصالحين ويكون في جنات النعيم.

 

- وقال السري السقطي : من قصد موضعا يقرأ فيه مولد النبي (ص) ، فقد قصد روضة من رياض الجنة لأنه ما قصد ذلك الموضع الا لمحبة الرسول ، وقد قال عليه السلام : من أحبني كان معي في الجنة.

 

- قال سلطان العارفين السيوطي في كتابه الوسائل في شرح الشمائل : ما من بيت أو مسجد أو محلة قرئ فيه مولد النبي (ص) هلا حفت الملائكة بأهل ذلك المكان وعمهم الله بالرحمة والمطوقون بالنور - يعني جبريل وميكائل وإسرافيل وقربائيل وعينائيل والصافون والحافون والكروبيون - فانهم يصلون على ما كان سببا لقراءة مولد النبي (ص) ، قال : وما من مسلم قرئ في بيته مولد النبي (ص) الا رفع الله تعالى القحط والوباء والحرق ، والآفات والبليات والنكبات والبغض والحسد وعين السوء واللصوص عن أهل ذلك البيت ، فإذا مات هون الله تعالى عليه جواب منكر ونكير ، وكان في مقعد صدق عند مليك مقتدر.

 

- ( وحكي ) : أنه كان في زمان أمير المؤمنين هارون الرشيد شاب في البصرة مسرف على نفسه ، وكان أهل البلد ينظرون إليه بعين التحقير لأجل أفعاله الخبيثة ، غير أنه كان إذا قدم شهر ربيع الأول غسل ثيابه وتعطر وتجمل وعمل وليمة واستقرأ فيها مولد النبي (ص) ودام على هذا الحال زمانا طويلا ، ثم لما مات سمع أهل البلد هاتفا يقول : أحضروا يا أهل البصرة واشهدوا جنازة ولي من أولياء الله فانه عزيز عندي ، فحضر أهل البلد جنازته ودفنوه ، فرأوه في المنام وهو يرفل في حلل سندس واستبرق ، فقيل له : بم نلت هذه الفضيلة ، قال : بتعظيم مولد النبي (ص).