( يحيى طالب مشاري الشريف )

العودة لصفحة البداية

العودة لفهرس المستبصرين

 

البطاقة الشخصية

 

مولده ونشأته : ولد عام 1974م بمحافظة " الجوف " في اليمن ، ونشأ في أوساط عائلة زيدية المذهب ، ودرس قرابة سبع سنوات في المدارس الزيدية ، تشرف اعتناق مذهب أهل البيت (ع) عام 1997م في مدينة " صنعاء " اليمنية بعد بحث ودراسة عميقة.

 

الإمامة عند الزيدية : يقول السيد يحيى : كانت هوايتي مطالعة الكتب الدينية ، وحيث أن الزيدية تعتبر من الفرق الشيعة فكنت اقرأ بعض الكتب الامامية الاثنى عشرية ، وكان محور قراءاتي تدور حول مسألة الإمامة والخلافة بعد رسول الله (ص) ، لأني كنت أرى هذه المسألة منشأ الاختلافات التى أدت إلى تفرق المسلمين بعد وفاة رسول الله (ص) ، وبما أن بحث الإمامة في الفكر الزيدي يكتنفه الغموض والإبهام ، ونظريتهم " النص الجلي والنص الخفي " ، نظرية مرتبكه ومضطربه من ناحية تطبيق الشروط ، مع وجود نقاط مبهمة فيها ، اندفعت للبحث عن هذه المسألة عند سائر فرق المسلمين لعلي أجد نظرية متكاملة في هذا المجال ".

 

الإمامة في الفكر الشيعي : إن الامامية يعتقدون أن الإمامة استمرار لوظائف النبوة سوى تحمل الوحي ، وإنها منصب الهي يتعين بالنص ، ولا يتولى زمامها الا الذين اصطفاهم الله تبارك وتعالى ، وهي غير خاضعة لاختيار الأمة التى قد يميل بها الهوى وتخضع للضغوط في تعيين الخليفة ، وعندئذ تكون طاعة الامام المنصب ناشيءة عن هوى أو خوف ، فتدفع الأمة جراء ذلك أبهظ الأثمان ، وتتكبد أفدح الخسائر المادية والمعنوية ـ وهذا ما حدث بالفعل.

كما يعتقدون أن الرسول (ص) قد عين الأوصياء من بعده ، لعلمه أن الأمة مازالت حبيسة للروح القبلية ، وأن المجتمع فيه رواسب الجاهلية ، فحفظا لها من الضياع وصيانة لها من التنازع حدد ولي الأمر من بعده في مواقف عديدة ، التي كان منها يوم " غدير خم " بعد حجة الوداع ، فنصب بأمر من الله تعالى الامام علي ابن أبي طالب (ع) خليفة له ، وكان ذلك بمحضر عشرات الآلاف من المسلمين ، فإن من غير المعقول أن يترك الرسول (ص) أمته هملا تتخبط في أخطر أمر يبتني عليه كيان الإسلام.

 

أدلة امامة علي بن أبي طالب (ع) : يقول السيد يحيى : " طالعت بتمعن معتقدات الشيعة الاثنى عشرية ونظريتهم بخصوص الإمامة ، فوجدتها متكاملة مستنبطة من القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة " ، فاستدل الامامية علي امامة أمير المؤمنين (ع) بعد رسول الله (ص) بآيات وأحاديث كثيرة ، منها : آية المباهلة ، والانذار ، والتبليغ و ... ، وحديث المنزلة ، والطير ، والغدير و ... ، وقد استدلوا أيضا بأحاديث الثقلين والسفينة والأمان على أنها نصوص دالة علي امامة أئمة أهل البيت (ع) كما استدلوا على تعيين الأئمة الاثني عشر (ع) بنصوص أخرى ، كما في الحديث الذي يرويه ابن بابويه : "... فقام جابر ابن عبد الله الأنصاري ، فقال : يا رسول الله ومن الأئمة من ولد علي بن أبي طالب (ع) ، قال : الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة ، ثم سيد العابدين في زمانه ابن الحسين ، ثم الباقر محمد بن علي وستدركه ياجابر ، فإذا أدركته فاقرأه مني السلام ـ ثم الصادق جعفر بن محمد ، ثم الكاظم موسى بن جعفر ، ثم الرضا علي بن موسى ، ثم التقي محمد بن علي ، ثم النقي علي بن محمد ، ثم الزكي الحسن بن علي ، ثم ابنه القائم بالحق مهدي أمتي ، الذي يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما ، هؤلاء يا جابر خلفائي وأوصيائي وأولادي وعترتي ... ".

 

والجدير ذكره أن هذه النصوص لم تتنفرد بها الشيعة الإمامية ، بل روت العامة مثل هذه الروايات واتفقت مع الامامية بشكل يوجب الحكم بصحتها ، ولو تأمل الباحث يجد أن هذه الأحاديث هي التفسير الوحيد للحديث المتواتر الوارد ، عن رسول الله (ص) : " يكون لهذه الأمة اثنا عشر خليفة " ، وإنها لا تخرج بمضمونها عن العدد الذي حصره رسول الله (ص).

 

صلة الزيدية بالشهيد زيد بن علي : يقول السيد يحيى : " من هنا التفت إلى الفرق بين معتقدات مذهبي الزيدي في الإمامة وبين ما تتبناه الامامية ، فقررت البدء بالبحث بصورة جادة لأصل إلى العقيدة التي تحقق لي الراحة النفسية والاطمئنان ، فبدأت من حياة الشهيد زيد بن علي (ر) لأتعرف على بدء نشوء الزيدية ومستندهم فيما ذهبوا إليه.

وفي بادىء الأمر تبين لي أن انتماء الزيدية لزيد الشهيد ليس كانتماء أبناء العامة لأئمتهم الأربعة ، لأن زيد بن علي لم يكن صاحب منهج عقائدي أو فقهي خاص ، بل كان مرتبطا بمنهج الأئمة (ع) ".

فقد ، قال الامام الصادق (ع) بحقه : " إن زيدا كان عالما وكان صدوقا ، ولم يدعكم إلى نفسه إنما دعاكم إلى الرضا من آل محمد (ع) لو ظهر لوفى بما دعاكم إليه ".

وقال الامام الرضا (ع) في جواب المأمون ، عن ادعاء زيد ما لم يكن له من حقه : " إن زيد بن علي لم يدع ما ليس له بحق ، وإنه كان أتقى لله من ذلك ، أنه قال : أدعوكم إلى الرضا من آل محمد (ع) وإنما جاء ما جاء فيمن يدعي أن الله نص عليه ، ثم يدعو إلى غير دين الله ويضل عن سبيله بغير علم ، وكان زيد بن علي والله ممن خوطب بهذه الآية : " وجاهدوا في الله حق جهاده " ، فزيد الشهيد كان مرتبطا بأهل البيت (ع) ولم يحد عن نهجهم ، وإن انتساب الزيدية له ليس الا اشادة بشرفه وعلو مقامه ، إذ أنه بثورته ضد هشام بن عبد الملك مثل رمزا للثورة ضد الظلم والطغيان ، فانتسب الزيدية لهذا الرمز.

 

تعاطف الزيدية مع المعتزلة : إن ما عليه الزيدية اليوم من تعاطف مع المعتزلة لم يكن الا في العصور المتأخرة ، وإن ما نسب إلى زيد من آراء ، إنما هي آراء علماء الزيدية وليست هي آراء الشهيد زيد بن علي ، وذلك لأننا لا نجد أثرا من هذه الآراء المنسوبة إليه فيما هو موروث عنه.

والواقع أن بعض أئمة الزيدية كالقاسم الرسي ( 170 ـ 242 هـ ) رأس القاسمية ، والناصر الأطروش ( 230 ـ 304 هـ ) رأس الناصرية ومؤسس المذهب الزيدي في الديلم وبلاد الجبل ، والامام الهادي ( 245 ـ 298 هـ ) رأس الهادوية في اليمن و ... ، اجتهدوا في بعض المسائل وتوصلوا اليها بعد تأثرهم ببعض التيارات الفكرية الدخيلة ، فكانت النتائج التي توصلوا اليها بخلاف ما كان يذهب إليه زيد بن علي نفسه.

ومن هذه المسائل مسألة الإمامة ، حيث انتهز البعض موقف زيد وثورته على الظالمين ، فجعل الثورة وإن لم تتوفر شرائطها من شروط الإمامة ، وإنها لكل من نسب لذرية الحسن والحسين (ع) إذا شهر السيف بوجه الحاكم الظالم وكان دافعهم لذلك هو اضفاء الشرعية علي امامة أئمتهم.

 

جهة الاشتراك بين الزيدية والامامية : على الرغم من الافتراق بين الفكر الزيدي والجعفري يجد الباحث أن هناك جهات مشتركة بين الامامية والزيدية التي يكون منبعها من أهل البيت (ع) ـ بالتحديد إلى ما قبل ثورة زيد التي حصل بعدها هذا الافتراق ـ إذ لم تخل مصادر الزيدية من النصوص المثبتة لامامة الامام علي بن الحسين (ع) وعصمته ، فضلا عن أبيه وجده ، المؤدية بالتالى إلى وجوب اتباعهم والاقتداء بهم.

 

أما باقي الأئمة الاثنا عشر فقد أقر أئمة الزيدية وعلمائهم ، بفضلهم وعلمهم كالباقر والصادق والرضا (ع) وجواز تقليدهم كما قال : صاحب " شرح الأزهار " ابن مفتاح : " والأئمة المشهورون من أهل البيت (ع) بكمال الاجتهاد والعدالة سواء كانوا ممن قام ودعى كالهادي والقاسم ، أم كزين العابدين والصادق وغيرهم أولى من تقليد غيرهم عندنا ".

 

ويؤكد هذا السيد الفضيل بقوله : " إن الزيدية لا تعتقد بأن الامام زيد بن علي أولى بالتقليد من غيره كالامام جعفر الصادق مثلا ".

وقد اعتبرت الزيدية الامام الرضا (ع) ـ الامام الثامن حسب النص عند الامامية الاثنى عشرية ـ واحدا من أئمتهم القائمين ، بل أكثر من ذلك فان جملة من الزيدية المتقدمين يرون النص على الاثني عشر بدون تعيين لهم ، وطبقوه على عدد من الأئمة عينوهم فيما بعد.

ويقترب الهادي يحيى بن الحسين من الفكر الامامي بقوله : " فكل من قال : بامامة أمير المؤمنين ووصيته ، فهو يقول بالوصية على أن الله عز وجل أوصى بخلقه على لسان النبي (ص) إلى علي بن أبي طالب والحسن والحسين ، وإلى الأخيار من ذرية الحسن والحسين ، أولهم علي بن الحسين وآخرهم المهدي ، ثم الأئمة فيما بينهما.

 

نهاية المطاف : يقول يحيى طالب مشاري الشريف : " أزالت هذه النصوص وغيرها الحجب التي كان تمنع بصيرتي من الاهتداء إلى الحق في مسألة الخلافة والإمامة ، وأدركت بأن الحق يتجسد فيما يذهب إليه الاثنى عشرية ، وأن الأئمة (ع) هم الذين نص عليهم رسول الله (ص) كناية وصراحة ، فالتزمت ـ من ذلك الحين ـ نهجهم وتمسكت بحبلهم ، وواليت وليهم وتبرأت من عدوهم ، وأعلنت استبصاري في مدينة صنعاء عام 1997م ".

 

العودة لصفحة البداية

العودة لفهرس المستبصرين