( شريف أحمد )

العودة لدليل الرادود

العودة لفهرس المستبصرين

 

البطاقة الشخصية

 

مولده ونشأته : ولد عام 1969م في بوروندي ، من أسرة تعتنق المذهب الشافعي ، تشرف باعتناق مذهب أهل البيت (ع) في أوائل التسعينات في مدينة " كيغوما " التنزانية.

 

مرحلة التحرر الفكري : كان الأخ شريف أحمد يتطلع إلى مايمنحه الرسوخ والثبات والبصيرة في دينه ، فبذل جهدا في هذا السبيل وساعدته الأجواء التي هوفيها على ذلك ، إذ توجه للدراسة في مدرسة دينية تسمى بـ ( مدرسة التربية الإسلامية ) حتى أنهى فيها دراسته الابتدائية عام 1985م ، ثم لم يكتف بهذا المقدار من تلقي العلوم فهاجر إلى تنزانيا بغية الحصول على المزيد من المعارف ، فسكن مدينة " تانجا " ، ودرس في احدى مدارسها مدة خمس سنوات حتى أنهى مرحلة الثانوية وحصل على شهادتها.

يقول الأخ شريف : اتجهت بعد انهائي للدراسة الثانوية إلى العمل التوجيهي والتبليغي في مدينة " كيغوما " بتنزانيا ، وأصبحت داعية أدعو الناس إلى الإسلام ، وكنت مع ذلك أتابع دراستي الحرة وأطالع الكتب الدينية لأتسلح بأكبر عدد ممكن من الأدلة والبراهين حول معتقدات مذهبي.

 

صعوبات في طريق الاستبصار : واجه الأخ شريف في مطالعاته موانع كثيرة تحجبه عن الوصول إلى الحقائق والمعلومات ، وذلك لكثرة الاختلافات في الآراء التي تجعل الباحث امام كم هائل من الأقوال المتضاربة والمتناقضة والتبريرات المتعددة ، التي يلتجئ اليها البعض لاثبات ما يذهب إليه ، وهذه الحالة يواجهها كل باحث من أبناء العامة ، ولهذا نجدهم يمجدون بعصر الرسالة وتتجه أنظارهم إليه ، حتى آل بهم الأمر إلى تقديس الصحابة وتنزيه ساحتهم من كل ما يقدح بهم.

 

وذلك لأن المجتمع الذي كان في عهد الرسالة كان مجتمعا يجد الملجأ لنفسه في حل قضاياه برجوعه إلى رسول الله (ص) ، ولكن الأمة الإسلامية كما يصورها أبناء العامة فقدت بعد رحيل الرسول (ص) الدعامة التي تستند اليها ، إذ أصبحت السنة مبعثرة في صدور الصحابة ، وقد منع الخلفاء تدوينها وكتابتها ، فاندرست أحاديث رسول الله (ص) وأندثرت بموت أصحابها ، حتى تم تدوين مابقي منها على يد بني أمية في عهد عمر بن عبد العزيز ، فالسنة النبوية التي يمتلكها أبناء العامة هي هذه ، أما القرآن فأصبح عرضة للأهواء والميول وتولت كل طائفة تفسيره حسب هواها ، وتأوله على ضوء ما ترتئيه ، وبادر من في قلوبهم مرض للتشبث بمتشابه القرآن ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويلها ، وهو مايحز في النفس ويجعلها حائرة في أمرها.

 

ومن هنا إلتبس الأمر لدى الكثير ، فتزلزلت معتقداتهم بعد فقدانهم المصادر الأصيلة التي توصلهم إلى سنة الرسول (ص) ، وفقدت شجرة الإسلام الأجواء المناسبة لنموها وازدهارها ، فجفت أغصانها وبدأت تتحطم بمجرد أي تيار معاكس يتحداها من الخارج ، مما تترك أثرا سلبيا ملحوظا في الواقع الاجتماعي للمسلمين.

 

مصير الأمة بعد رسول الله (ص) : هناك تساؤل يشغل بال كل باحث ، ويبعث في نفسه الاستغراب ، وهو متعلق بما حدث بعد رحلة الرسول (ص) ، فهل كان الأمر بالصورة التي يذكرها أبناء العامة ، وهل ترك رسول الله (ص) أمته من بعده سدا ، تتقاذفها الأهواء من دون أن يجد المسلمون ملجأ يلتجئون إليه ، ومحورا يلتفون حوله لصيانة أنفسهم من الانحراف.

 

يقول الأخ شريف أحمد : هذا ما كنت أعانيه في أبحاثي ولكن التتبع بين لي عكس ما ذهب إليه أبناء العامة ، وأتضح لي أن الرسول (ص) كان يدرك أن الأمة تحتاج من بعده إلي من يرشدها ويهديها ، وأنه (ص) كان على علم بأن بعض أهل المدينة مردوا على النفاق ، وأن أوكارهم قد عشعشت في كل مكان ، وكانوا ينتهزون الفرص لافراز سمومهم في الأمة الإسلامية ، ليطيحوا بمبادئ الإسلام احياءا للجاهلية الأولى ، كما انه (ص) كان يعلم بأن أمته تحيطها أعراف وعادات أجنبية ، وأديان ومذاهب مختلفة سوف تغزوا الإسلام وتترك أثرها في مسير المجتمع الإسلامي ، وتكدر صفو تراثه النقي الذي أنزله الله سبحانه وتعالى ، وأن شريعته بحاجة إلي من يصونها من التحريف والتلاعب ، فلابد من تهيئة ملجأ تتحصن به أمته من بعده كسفينة نوح ، ليركبها من يبتغي النجاة والاعتصام من الغرق في تيارات الضلال التي سوف تنهال على المسلمين من كل حدب وصوب.

 

أضواء على حديث السفينة : يقول الأخ شريف : في خضم صراع التيارات المذهبية التي كانت تشوش بالي وتشغل توجهي ، طرق سمعي حديث القاه أحد المبلغين الوافدين إلى تنزانيا ، حيث قال : قال رسول الله (ص) إلا أن مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح ، من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق.

 

فلفت هذا الحديث انتباهي واستفسرت في نفسي : هل هو حقا من أقوال رسول الله (ص) ، وهل لهذا الحديث مصدرا يستند إليه ، وأخيرا أسفر البحث والتتبع عن نتائج غير متوقعة ومذهلة ، أوضحت لي الكثير من الحقائق التي بها تمكنت من ملىء كافة الثغرات التي كنت أعاني منها لصياغة المباني والرؤى المتكاملة للدين الإسلامي الحنيف.

 

رواة حديث السفينة : ان هذا الحديث هو من الأحاديث المستفيضة التي كادت تبلغ حد التواتر لكثرة ناقليه ، فمن جملة رواته : ابن قتيبه الدينوري في ( عيون الأخبار ) ، والطبراني في ( المعجم الكبير ) ، والحاكم في ( المستدرك ) ، وابن المغازلي في ( مناقب أمير المؤمنين ) ، والخوارزمي في ( مقتل الحسين ) ، والجويني في ( فرائد السمطين ) ، والزرندي الحنفي في ( نظم الدرر ) ، والهيثمي في ( المجمع ) ، والسيوطي في ( التاريخ ) ، وابن حجر العسقلاني الهيتمي في ( الصواعق ) ، والطبري في ( الذخائر ) ، والخطيب البغدادي في ( التاريخ ) ، وأبو نعيم في ( الحلية ) ، والدولابي في ( الكنى والأسماء ) ، والآلوسي في ( التفسير ) ، والقندوزي في ( الينابيع ) ، والتبريزي في ( المشكاة ) ، وأحمد في ( فضائل الصحابة ) ، وابن الصبان في ( اسعاف الراغبين ) ، ومن نصوص الحديث عن رسول الله (ص) انما مثل أهل بيتي كمثل سفينة نوح من دخلها نجا ومن تخلف عنها هلك ، وفي رواية : من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق.

 

دلالات حديث السفينة : ان هذا الحديث يتضمن دلائل عديدة لاثبات امامة أهل البيت (ع) منها :

 

1 ـ وجوب اتباعهم إذ لاسبيل للأمة سوى الاقتداء بنهجم ، وان جميع السبل التي لا تنتهي اليهم موصدة لاتوصل إلى المحجة البيضاء ، ولا يسوغ لأحد أن يدعي لنفسه النجاة وهو متمسك بحبلهم وغير معتصم بولائهم (ع).

2 ـ اثبات الأفضلية لأهل البيت (ع) إذ لولا ذلك لما صح أن يكونوا حصنا وملجأ للنجاة ، لأن مع وجود من هو أفضل منهم لا يسع أحد أن يتبعهم ، وقد قال تعالى : ( أفمن يهدي إلى الحق أحق أن يتبع أمن لايهدي الا أن يهدى ).

3 ـ عصمة أهل البيت (ع) فلو كان يصدر منهم ما يوجب سخط الباري، لما جاز اتباعهم والتأسي بهم.

4 ـ ضلال المتخلف عنهم ، وهي دلالة صريحة لا يعتريها أدنى ريب.

5 ـ أن أهل البيت (ع) ميزان لتشخيص المهتدي من الضال ، وهم المعيار لتمييز الصالح من الطالح.

6 ـ لزوم وجود امام من أهل البيت (ع) في كل زمان إلى يوم القيامة ، ليتسني للأمة في جميع الأدوار ركوب تلك السفينة والنجاة بها من الهلاك ، إذ لولا ذلك لافتقدت السبيل إلى النجاة.

وقد أجمل ابن حجر العسقلاني الهيتمي في كتابه ( الصواعق ) بعد ذكره لهذا الحديث هذه الدلالات قائلا : ووجه تشبيههم بالسفينة ... إن من أحبهم وعظمهم شكرا لنعمة مشرفهم (ص) وأخذ بهدي علمائهم نجا من ظلمة المخالفات ، ومن تخلف عن ذلك غرق في بحر كفر النعم وهلك في مفاوز الطغيان.

 

أبيات الشافعي في حديث السفينة : وقد ضمن الشافعي هذا الحديث في أبيات له رواها العجيلي ، حيث قال :

 

ولما رأيت الناس قد ذهبت بهم مذاهبهم في أبحر الغي والجهل

ركبت على إسم الله في سفن النجا وهم أهل بيت المصطفى خاتم الرسل

وامسكت حبل الله وهو ولاؤهم كما قد أمرنا بالتمسك بالحبل

إذا افترقت في الدين سبعون فرقة ونيفا على ما جاء في واضح النقل

ولم يك ناج منهم غير فرقة فقل لي بها يا ذا الرجاحة والعقل

أفي الفرقة الهلاك آل محمد أم الفرقة اللاتي نجت منهم قل لي

فإن ، قلت في الناجين فالقول واحد رضيت بهم لازال في ظلهم ظلي

رضيت عليا لي اماما ونسله وأنت من الباقين في أوسع الحل

 

الفرقة الناجية : ومن هنا يتضح أن الفرقة الناجية من بين ثلاث وسبعين فرقة التي أشار اليها رسول الله (ص) ، هي الفرقة التي تأخذ معالم دينها من أهل البيت (ع) وإن من تخلف عنهم وأوى إلى غيرهم كان كابن نوح عندما أوى يوم الطوفان إلى الجبل ، يحسب أنه يعصمه من الغرق ولكن جَرفه الماء وهلك إذ لا عاصم في ذلك اليوم من أمر الله سوى سفينة الهدى.

 

الوصول للنتائج : يقول الأخ شريف : من هنا تجلت لي الحقيقة بعد التتبع الذي أجريته حول هذا الحديث ، إذ لا مناص من التمسك بمذهب أهل البيت (ع) والأخذ بسبيلهم ، فركبت السفينة وأنجيت نفسي من التيارات المتلاطمة التي كانت تعصف بي من كل جانب ، والتي أخذت مني مأخذا كبيرا ولم تدع لي مجالا للاستقرار والسكينة ، ومن ذلك الحين وفي عام 1991م بالتحديد جندت قواي وأصبحت مبلغا في " كيغاما " لمذهب أهل البيت (ع) وما توفيقي الا بالله عليه توكلت وإليه أنيب.

 

العودة لدليل الرادود

العودة لفهرس المستبصرين