( صادق حسين النقوي )

العودة لصفحة البداية

العودة لفهرس المستبصرين

 

البطاقة الشخصية

 

مولده ونشأته : ولد عام 1969م بمنطقة " مظفر آباد " في كشمير الحرة ، نشأ في أوساط عائلة هاشمية النسب تعتنق المذهب الحنفي ، تشرف باعتناق مذهب أهل البيت (ع) عام 1990م في بلاده أثر مناقشات ودراسات مكثفة ومتواصلة.

 

حقيقة التشيع : يقول السيد صادق : كان يقطن في منطقتنا الكثير من السادة المعتنقين للمذهب الحنفي ، والعجيب أن بعض ممارساتنا وطقوسنا الدينية مشابهة إلى حد ما لطقوس الشيعة الإمامية.

ومنطقتنا متميزة ببغضها لمعاوية بن أبي سفيان ويزيد ولآل أمية بصورة عامة ، لأننا : كنا محيطين من خلال دراستنا للتاريخ الإسلامي بالظلم والجور الذي ارتكبه هؤلاء بحق عترة الرسول (ص) وذريته على العموم ، كما نحيي مراسم العزاء ونقيم الماتم في شهر محرم الحرام أحياء لذكرى مظلومية سيد الشهداء وأهل بيته في كربلاء ، وكنا نعتقد أننا : من شيعة أهل البيت (ع) ولا توجد طائفة أخرى تتفاعل مع أهل البيت (ع) وتتودد اليهم كما نحن عليه.

 

وبهذه الرؤية وعلى هذا النهج والمعتقد أمضيت سنوات من عمري وانا أعتبر نفسي سائرا على نهج مذهب أهل البيت (ع) حتى دخلت الجامعة فتعرفت خلال الدراسة على الشيعة ، فأعجبت بهم لوسع ثقافتهم الدينية وارتفاع مستواهم الفكري ، وتقربت اليهم حتى أصبحت لي علاقة وديه مع اثنين منهم ، فكنت أجالسهم وأتحدث معهم في شتى المجالات العلمية والثقافية ، حتى دار بيني وبينهم ذات يوم حوار حول مسألة المذاهب والأديان ، فأخبرتهما بأنني شيعي ـ باعتباري سيد هاشمي.

فقالا لي : كيف تكون شيعيا ونحن لا نرى ممارساتك العبادية وفق المذهب الجعفري.

فتعجبت من كلامهما وقلت : ما هو منهج الشيعة في العبادة غير ما أنا عليه.

فبدأ زميلاي يحدثاني عن أصول مذهب الشيعة ومعالمه وخطوطه العريضة ، وذكرا لي الظروف القاسية والمحن الصعبة التي مر بها هذا المذهب وأتباعه ، فاستغربت من ذلك وعرفت ذلك الحين مدى غفلتي عن الواقع والحقيقة ، وقررت بعد ذلك أن أبذل قصارى جهدي للحصول علي معتقد يرتكز على الدليل والبرهان فاعتنقه عن علم ودراية ، ولئلا أكون كما أنا عليه الآن متزلزلا لا أمتلك أي دليل أستند وألتجىء إليه عند مواجهتي لأدنى شبهة.

 

وطلبت منهما إرفادي بكتب الشيعة العقائدية والفقهية والتاريخية لأتحقق من نفسي ، ولأصل إلى ما يوافق كتاب الله وسنة نبيه (ص) ونهج إله (ع) واتخذه سبيلا أسير عليه بعزم وثبات في حياتي ، فأرسلا إلي الكتب ، وعكفت على قراءتها ومطالعتها بدقة وامعان ، وكنت أناقش ما كان غامضا فيها معهما ومع غيرهما ، وبعد مضى فترة أدركت أن مضامين هذه الكتب متينة الاستدلال سهلة الاسلوب ومستظلة بمظلة القرآن ، وموافقه لسنة النبي (ص) ، وزاخرة بتراث العترة الطاهرة (ع) فكانت هذه الكتب تلامس شغاف قلبي وتفتح أبواب عقلي.

 

واقعة الطف الدامية : بمرور الزمان توثقت عرى الصداقة بيني وبين هذين الأخوين ، فاشتركت معهما في نشاطات تربوية وثقافية مختلفة منها أحياء مراسم عاشوراء ، وفي أجواء إحيائنا لواقعة الطف الدامية أحببت البحث في هذه المسألة لاستيعابها ، وفي بدء الأمر حاولت الاحاطة بما جرى في يوم عاشوراء على أهل البيت (ع) في أرض كربلاء ، فقرأت احداث هذه الواقعة حتى بلغت آخرها في عصر يوم عاشوراء ، وذلك حينما بدأت شمس العاشر من محرم عام 61 هـ تجمع أشعتها عن أرض كربلاء المضمخة بالدماء ، بدء اللئام ليدونوا في سجل التاريخ فصلا آخر من فصول جرائمهم البشعة فداهموا الخيام ، واستباحوا الرحال ، وانتبهوا الأموال ، وروعوا الأطفال ، وأشعلوا النار حتى أخذت تلتهم كل شيء ، فدهشت النساء ، وإرتاعت الصبية ، وفروا في البيداء ليكونوا طعمة لسنابك الخيل ، وعرضة للضياع ...

 

لماذا أخرج الامام الحسين (ع) عياله معه : ان الاحداث الرهيبة التي جرت في واقعة كربلاء جعلتني أتساءل عن الداعي الذي حدا بالامام الحسين (ع) لاخراج عياله معه ، راجعت كتب التاريخ والسير لعلي أجد السبب في ذلك ، فعثرت على احدى الحقائق الهامة التي أفصح عنها أبو الفرج الأصبهاني بقوله : بعد خروج الحسين (ع) أمر عمرو بن سعيد بن العاص صاحب شرطته على المدينة ، أن يهدم دور بني هاشم ، وبلغ منهم كل مبلغ.

 

فتبين لي عندئذ لؤم ودناءة نفسية الأمويين ، وعرفت سبب اخراج الامام الحسين (ع) أهل بيته معه ، فان بني أمية إذ عمدوا إلى هدم الدور الخالية للتنكيل ببني هاشم ، فما عساهم أن يفعلوا باخوة وأبناء ونساء الحسين (ع) لو ظفروا بهم، فانهم من المؤكد سيكونون عرضة للذبح والانتهاك ... ، وفي الحقيقة أن هذه الضغوط من مبتكرات الأمويين وسماتهم التي كانوا يتخذونها لاخضاع المعارضين ، وليس بالمستبعد من يزيد بن معاوية أن يبادر إلى قتل واحد من آل الحسين (ع) في كل يوم ما لم يأت الحسين (ع) ويسلم نفسه، وليس هذا الأمر بمستبعد من آل أمية خصوصا وأن التشفي طبيعة نسجت عليها أوصالهم ، وتعامل هند زوجة أبي سفيان مع جسد حمزة بن عبد المطلب الطاهر في أحد ، بمضغها كبده وتمثيلها بجسده الشريف ، خير شاهد على عدم استبعاد ارتكاب هذه الجرائم من هذه الشجرة الخبيثة.

 

ومن هنا فان اخراج الحسين (ع) للعيال معه ، وعدم تركهم لقمة سائغة وفريسة سهلة بيد الجلاوزة ، كان أمرا طبيعيا لابد من القيام به ، فالحسين (ع) عاش هذه الظروف الصعبة وكانت الخيارات أمامه محدودة ، فهو (ع) لاقى نفس المحنة التي عاشها رسول الله (ص) من قبل ، وكان موقفه كموقف جده (ص) ، فالنبي (ص) عندما هاجر من مكة ترك ابنته الزهراء عند فاطمة بنت أسد ، ثم لم يدخل المدينة حتى التحق به الامام علي بن أبي طالب (ع) مع ضعينة الفواطم ، فانه (ص) كان يخشى أن يستخدم المشركون حجز ابنته ورقة ضغط عليه ، فأودعها عند عائلة الامام علي (ع) ولو كان الامام الحسين (ع) يضمن بقاء عياله في ما من من التعدي ، وأيدي أمينة كأيدي أبيه (ع) ما كان صحب العيال معه.

 

وقد يسأل السائل : فأين إذا المهاجرون والأنصار وأبناؤهم، ألم يكونوا عاهدوا رسول الله (ص) من قبل أنهم يذودون عنه وعن اله كما يذودون عن أنفسهم ، والجواب يكون ماثلا وواضحا عندما يتبين للسائل موقف المهاجرين والأنصار في احداث السقيفة وأن القوم لم يدافعوا عن أم الامام الحسين (ع) وهي بضعة النبي (ص) عندما هجم الأوغاد على دارها ، وأحرقوا بابها ، ورضوا ضلعها ، وهددوا بعلها بالقتل امام مرأى ومسمع الجميع ، ولم يتقدم أحد من المهاجرين والأنصار للدفاع والذب عن حريم رسول الله (ص) ، فمن الأولى بالامام الحسين أن لا يأمن على أهله من اتباع يزيد وأن يتركهم في أوساط هؤلاء ، والذي يتأمل كل هذا يجد من غير المستبعد أن يطيع أهل المدينة يزيد فيمالو كلفهم بحرق بيت الامام الحسين (ع) على من فيه.

 

من هم قتلة الامام الحسين (ع) : يقول السيد صادق : بعد انتهاء المراسم التي أحييناها بمناسبة ذكرى مقتل الامام الحسين (ع) يوم عاشوراء ، جلست وقت غروب ذلك اليوم وحيدا منعزلا عن جماعتي تحت ظل السماء ، وغرقت في التفكير حتى خيم علي الهم والحزن ، ورفعت رأسي انظر إلى غروب الشمس العاشر من المحرم ، فكانت السماء دامية توحي بالحزن والكآبة ، ثم تأملت بما قمت به في ذلك اليوم ، فرأيت أني طويت يوما طال أمده بالنسبة لي.

 

وبعد مضي ذلك اليوم طفقت أتتبع خطى الحسين (ع) واسلوبه في النهضة ، كي أشفي غليلي من الأسئلة التي تعتلج في صدري ، كتشنيع البعض على الشيعة واتهامهم بقتل الحسين (ع) لتبرير ساحة بني أمية من هذه الجريمة النكراء، وقد قيض الله تعالى لي مجموعة من الكتب التي فندت هذا الادعاء بشكل تام ، وفهمت منها ومن بعض المحاورات التي كانت تدور بيني وبين الآخرين ، انه لم يكن في الجيوش الزاحفة لحرب الامام الحسين (ع) شيعي واحد ".

 

فان الكوفة قد خلت تقريبا ـ في هذه الفترة ـ من الشيعة ، حيث تعرضوا لحملات الابادة والتنكيل والتهجير ، فكان شيعة أهل البيت (ع) في الكوفة أكثر الناس بلاء وأشدهم محنة ، كما قال ابن أبي الحديد : فلم يكن البلاء أشد ولا أكثر منه بالعراق ، ولاسيما بالكوفة ، حتى أن الرجل من شيعة علي (ع) ليأتيه من يثق به ، فيدخل بيته فيلقي إليه سره ، ويخاف من خادمه ومملوكه ، ولا يحدثه حتى يأخذ عليه الإيمان الغليظة ليكتمن عليه ... فلم يزل الأمر كذلك حتى مات الحسن بن علي (ع) فازداد البلاء والفتنة ، فلم يبق أحد من هذا القبيل الا وهو خائف على دمه أو طريد في الأرض ، بل تعدى الأمر حتى كتب معاوية إلى عمإله نسخة واحدة : انظروا من قامت عليه البينة أنه يحب عليا وأهل بيته فأمحوه من الديوان ، وأسقطوا عطاءه ورزقه ، وشفع بذلك بنسخة أخرى من اتهمتموه بموالاة هؤلاء القوم فنكلوا به واهدموا داره.

 

ويصف الامام محمد الباقر (ع) ذلك الوقت قائلا : وقتلت شيعتنا بكل بلدة ، وقطعت الأيدي والأرجل على الظنة ، وكل من يذكر بحبنا والانقطاع الينا سجن أو نهب ماله أو هدمت داره ، ثم لم يزل البلاء يشتد ويزداد إلى زمان عبيد الله بن زياد قاتل الحسين (ع) .. وبهذه السياسة خلت الكوفة من الشيعة تقريبا ، خصوصا بعد حملات التهجير والنفي التي شنت على أتباع أهل البيت (ع) أيام زياد ابن أبيه ، حيث أبعد خمسين الفا منهم إلى خراسان، والكوفة كانت شيعية النزعة أيام خلافة الامام أمير المؤمنين (ع) ولكنها تغيرت بعد ذلك فقل عددهم فيها.

وقد أكد القوم الزاحفون لحرب الحسين (ع) أنهم ليسوا من الشيعة ، بل هم عثمانيون ، عندما قالوا : ليعطش كما عطش من كان قلبه اشارة إلى عثمان عندما حاصره الثوار في بيته ، وأثبتوا ذلك أيضا : عندما سألهم سيد الشهداء (ع) بقوله : ويلكم أتطلبوني بدم أحد منكم قتلته ، أو بمال استملكته ، أو بقصاص من جراحات استهلكته ، فقالوا : نقتلك بغضا منا لأبيك ، ولايوجد شيعي واحد يبغض الامام أمير المؤمنين (ع) فأين هؤلاء من التشيع.

 

ثم ان الامام الحسين (ع) قد حدد انتماءهم بقوله : يا شيعة آل أبي سفيان ، إن لم يكن لكم دين ، وكنتم لا تخافون المعاد ، فكونوا أحرارا في دنياكم هذه ، وارجعوا إلى أحسابكم إن كنتم عربا كما تزعمون ، فهل بعد كل هذا يقول أحد أن الشيعة هم قتلة الامام الحسين (ص)، ولعل البعض يحاول جعل من شاركوا في حرب صفين مع الامام علي بن أبي طالب (ع) كشمر بن ذي الجوشن ، وشبث بن ربعي ، وقيس بن الأشعث من الشيعة ، ولكن هذه مغالطة مكشوفة فان هؤلاء من أبرز الذين تمردوا على الامام أمير المؤمنين (ع) وخرجوا عليه ، في العوبة رفع المصاحف التي دبرها عمرو بن العاص ، فالقوم خارجون عن الدين مارقون منه ، ليس بينهم وبين التشيع صلة وانتماء.

 

الاقتناع التام بأحقية التشيع : ويقول السيد صادق النقوي : لقد أراحتني هذه الاجابات ، ودفعتني لتصحيح عقائدي الموروثة ، فكنت بعد ذلك من الملتزمين باحياء هذه المراسم.

 

وجئت ذات يوم إلى أبي وقلت له : أبتاه نحن من سلالة الرسول (ص) ، وأولى الناس باتباع ذريته الطاهرة التي أبعد الله عنها الرجس ، فعلينا أن لا نبتعد عن مسلكهم لأنهم سفن النجاة، ونجوم الأمان والهداية.

 

وأخذت أشرح له الحقائق التي عرفتها ، فما كان منه الا أن وافقني على ذلك ، بل دفعني للالتحاق بمدارس الامامية لأنهل من علوم العترة الطيبة وأسير بسيرتهم (ع) وأكون داعية لمذهبهم.

 

العودة لصفحة البداية

العودة لفهرس المستبصرين