( سعيد السامرائي )

العودة لصفحة البداية

العودة لفهرس المستبصرين

 

البطاقة الشخصية

 

مولده ونشأته : ولد في مدينة سامراء بالعراق في منتصف الخمسينيات ، ونشأ في عائلة تنتمي إلى المذهب الحنفي ، لكنه لم يخضع للتميز المذهبي ولم يتعصب في الانتماء المذهبي ، بل مال حيثما أملت عليه الأدلة والبراهين التي حصل عليها بالبحث ، فتشيع في منتصف العشرينيات من عمره بعد اتمامه للدراسة الجامعية ، ثم هاجر إلى خارج العراق تخلصا من النظام البعثي المتسلط على زمام الحكم ، وهو حاليا مقيم في لندن.

 

سبيل معرفة العقيدة الحقة : يرى الدكتور سعيد أن هناك طريقان لمعرفة العقيدة الحقة ، أولها يوصل اليها والآخر قد يوهم بذلك.

 

أما الأول : فهو معرفته بعد أعمال الفكر وتدقيق النظر.

وأما الثاني : فهو بتقليد من تعتقد بعدالتهم ، وهذا قد يوصلك إلى الحق إن كان من تتبع آراءهم وأحوالهم وأفعالهم على الحق ، وقد يضلك إن كانوا غير ذلك ، فإنك ستبقى على اعتقادك بأنك على الحق وهو التوهم ، ويكون وصفك إذ ذاك على ما جاء به التنزيل ( يحسبون أنهم يحسنون صنعا ) ، ( ألا أنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون ).

أما الأول فهو الذي وصفه علي أمير المؤمنين (ع) عندما أجاب السائل عن الطائفة المحقة يوم الجمل ، فلم يقل الامام " أنا على الحق " ولو قالها لكان صادقا ، بل ، قال : " أعرف الحق تعرف أهله ".

ويرى الدكتور سعيد بأن الانسان الباحث إذا كان من النوع الأول فإن مطالعته للكتب الصحيحة والحقه ستكون ذا فائدة ، وإما أن كانت من الثاني وكان قبل من غير المؤمنين بما جاء به الكتاب الذي يطالعه ، فسيجد نفسه مكتئبة وصدره ضيقا حرجا مما يقرأ ، لأنه يقرأ عبارات تبين الحقائق ويقرأ نصوصا جلية واضحة تلوي الأعناق ، فإما أن يفزع إلى تكذيبها ، وهذا ديدن الضعيف الذي بهت امام الحق فلا يدري جوابا فيلوذ بالأوهام وإما أن يأخذ الله بيده فيمر بحالة الطفرة فيغير منهجه ويتغلب على نفسه.

 

تحذيره من الوقوع ضحية الطائفية : يرى الدكتور سعيد السامرائي أن الطائفية هي من أهم الموانع لمعرفة الحق وهي من أهم العقبات التي تحول دون توجه الانسان ، إلى البحث أو قبول الحق إذا تبين له ، ويصف الدكتور سعيد الطائفية بأنها مشاعر في القلوب ، أسست على تاريخ قوامه الزيف ، وتعليم كله جهل وتجهيل ، وتنشئة تقوم على الضغينة والنفاق ، ودعم سياسي لحكام متسلطين دافعها تفريق الأمة ليسهل قيادها ، وباللغة الواضحة : فإن الطائفية هي شعور السني ، أي سني بالضغينة تجاه الشيعي ، أي شيعي ، لأن الأخير لا يحب أئمته وبدون سبب أو غير ذلك ، أوهي شعور الشيعي بأن السني لا يحب أئمته وأنه يحب الظالمين وأنه عون للظالمين عليه ، بلا تحقيق ولا تدقيق ولا تفريق بين من يقف مع الظالم ممن ثار عليه.

 

ويضيف الدكتور سعيد : الطائفي إذن ، هو الشخص الذي يحمل بين جنباته تلك المشاعر المرة المبنية على أسس واهية مبنية على جهل الأهل والمربين أو التوجيه الخبيث للحكام المتسلطين أو كليهما ، وبعده ، فالطائفي هو الذي يقف مواقف غير صحيحة ، أما بوعي أو بدون وعي بناء على هذه المشاعر.

 

أهم أسباب اقتناعه بالتشيع : توجه الدكتور سعيد من هذا المنطق الموضوعي والبناء إلى قراءة تراث الشيعة ، فيقول في هذا الصدد : لم أعجب بقلم كاعجابي بقلم السيد عبد الحسين شرف الدين الموسوي العاملي (ر) ، وعلى الرغم من أن كتبه كانت من أوائل الكتب التي قرأت في طريق التعرف على مذهب أهل البيت (ع) لم تترك بعدها آية بحوث أخرى في ذلك التأثير الذي تركته بحوث السيد شرف الدين ، ولئن كان قلمه الساحر يمثل جزءا كبيرا من ذلك التأثير فان التأثير الأكبر كان لمنهجه في البحث الذي يأخذ بالألباب ويشدها أكثر فأكثر كلما تدرجت في القراءة التي لابد وأن تكون متصلة بلا توقف مهما كانت المشاغل.

ويضيف الدكتور سعيد : وقد عرف عن السيد شرف الدين جهاده المتواصل من أجل التقريب بين اتباع الدين الواحد والمذاهب المتعددة ، وكان منهجه في ذلك اثارة المشكلة وطرحها للبحث العلمي للوصول إلى الجواب الذي لا مفر منه ولا اشكال فيه ، مما يزيل الأدران من القلوب ويحطم ما يشاع هنا وهناك من مفتريات الغاية منها توسيع الفجوة بين المسلمين ، وهذا المنهج ، برأي خير الف مرة من ذاك المنهج الذي يدعو إلى تناسي المشكلة وكأنها غير موجودة.

 

الانقلاب في الاعتقاد : في نهاية مطاف بحث الدكتور سعيد فرضت الأدلة والبراهين نفسها عليه ، فلم يجد بدا سوى الاستسلام للأمر الواقع والاذعان للحق ، ويصف الدكتور سعيد حالة الانقلاب في الاعتقاد قائلا : إن الانقلاب في الاعتقاد حين يحدث يشير إلى عدة صفات ، هي ولا فخر :

أولا : إن صاحبه لا يحمل الانحياز الناتج عن التعليم منذ الصغر والنشأة ، لأن ما تعلمه أنذاك قد انقلب عليه ، فما كان في قلبه بفعل التعليم والتنشئة قد زال.

ثانيا : أن صاحبه منفتح لقبول الرأي الآخر ، ولولا ذاك ما انقلب على رأيه وقبل الرأي الآخر ، وخصوصا في موضوع العقيدة.

ثالثا : أن صاحبه يبحث عن الحق ، ولا يترك الأمر كما تربى عليه دون تمحيص وتقليب.

رابعا : أن صاحبه لا تعوزه الرغبة في خدمة الحق ، الا فأي فائدة دنيوية يحصل عليها من يتشيع ، ولا يتشيع أحد الا ويكون قد اقتنع من خلال قراءاته وتنقيباته في بطون التاريخ ، لأن الدنيا لم تزل مدبرة على الشيعة منذ القرن الأول الهجري ، وأن الشيعة لا يزالون مرامي للنبال ومطاعن للرماح وأجسادا للسجن والصلب والقتل والدفن أحياء والتشريد والتنكيل ، ويقول الدكتور سعيد حول اعتناقه لمذهب أهل البيت (ع) : أني لم أتشيع في لندن أو باريس أو نيويورك والشيعي في ما من ، بل تشيعت وأنا في بغداد معقل العفالقة وطاغوتهم صدام حيث لا يجد الشيعي غير السجن والتشريد والتهجير والقتل والملاحقة ، وأضيف أيضا ، بأني تشيعت في قمة الاضطهاد الصدامي للشيعة ، وذلك في أواخر السبعينات وأوائل الثمانينات ، فلم يكن هناك في الحسبان دنيا ، كما لم يكن هناك ترفا فكريا في الأمر.

 

مؤلفاته :

 

1 _ " حجج النهج ، المختار من نهج البلاغة " : صدر سنة 1407هـ ـ 1987م ، عن مؤسسة الفجر ، بيروت ، يقول المؤلف في المقدمة : " لقد قمت باختيار كل النصوص التي لها علاقة بموضوعين ، أو بالأحرى طرفي موضوع واحد ، أحدهما علة للآخر ، فالأول هو تفضيل الامام علي معاصريه أجمعين والنص عليه والوصية إليه من قبل النبي (ص) ، وهذا سبب أن يكون هو خليفة النبي (ص) بعده مباشرة وهو الموضوع الثاني ، لذا فإنك قد تجد في المختار خطبة للامام في حرب صفين وتجد بعدها أو قبلها كلام له (ع) مع شخص سأله وهما جالسان في هدوء ، وذلك لأن قاسمهما المشترك قد يكون ذكره الوصية في المقامين ، أعني إنه وصي رسول الله (ص) ، وهكذا في غيرها من النصوص المختارة ، كما تضمن المختار ما هو أشمل من ذلك ، وهو ذكر الأئمة من أهل البيت (ع) الذين لا يمثل الامام علي (ع) الا أولهم وإن كان عظيمهم ...

يتألف الكتاب بعد المقدمة من أربعة أبواب :

الباب الأول : ماذا يجد من يقرأ نهج البلاغة.

الباب الثاني : المختار من الخطب والكتب والمواعظ والكلمات وشرحها والمواضيع ذات العلاقة.

الباب الثالث : ملحق المختار ويقع في فصول ، منها : مناقب وصفات الامام ، الوصية والنص والتفضيل ، دفع الأمير (ع) ، عن حقه في الخلافة بعد رسول الله (ص) بلا فصل ، الشورى ، عائشة واتباعها ويوم الجمل ، معاوية وعمرو وصفين ، المبغضون والمنحرفون.

الباب الرابع : مصادر المختار عن كتاب مصادر نهج البلاغة لعبد الله نعمة ، ويقع في ثلاثة فصول ، وهي تشتمل على مصادر بعض الخطب والكلام للمختار منها وبعض المختار من الكتب والرسائل وبعض المختار من أجوبة المسائل والكلام القصير.

 

2 _ " الطائفية في العراق ، الواقع والحل " : صدر سنة 1413هـ ـ 1993م ، عن مؤسسة الفجر ، لندن ، جاء في تعريف هذا الكتاب بقلم المؤلف: " لما كنت معتقدا ومقتنعا بأن أغلب أهل السنة ما وقفوا هذا الموقف المؤسف الا بسبب العقد الطائفية التي تربوا عليها ونشأوا تحت ضغطها ، فإن الواجب تجاه العراق أولا ، والعراقيين بشكل عام ثانيا ، والسنة المحكومين بهذه العقد ثالثا ، والشيعة العراقيين المظلومين رابعا ، هو الذي دفعني لأن أصنف هذا الكتاب عسى أن يكون فيه تبيانا للسني حقيقة الموقف المؤسف الذي وقفه ، والموقف الصحيح الذي يجب أن يكون عليه ، وتبيانا للشيعي حقيقة الدوافع وراء هذا الموقف الذي يقفه سنة العراق عموما ، وواجبه تجاه ذلك ".

وينقسم هذا الكتاب إلى مقدمة وأربعة أبواب ، وفي كل باب بضعة مقالات وخلاصة ، وهذه الأبواب هي عبارة عن : 1 ـ هل في العراق مشكلة طائفية ، 2 - العقد الطائفية ، 3 - على طريق الحل ، 4 - الإسلاميون داخل مثلث المبادىء وحضور الماضي والواقع المفروض.

 

3 _  " صدام وشيعة العراق " : صدر سنة 1991م ، عن مؤسسة الفجر ، لندن ، يتألف الكتاب من مقدمة وسبعة فصول وخاتمة ، وتدور محاور الفصول حول بعض المواضيع منها : عروبة الشيعة والتشيع أصلا وكيانا وتاريخا ، الموقف الايراني من العراق والعرب ، من هم الفاسدون و ...

 

وقفة مع كتابه : " الطائفية في العراق ، الواقع والحل " : يتناول الكاتب في كتابه هذا موضوعا حساسا ومهما في الوقت نفسه ، فالطائفية بلاء ابتلت به الديانات السماوية فضاعت فيه أهدافها الرسالية الشريفة ، وهو أيضا بلاء تمزقت به المجتمعات التي يفترض فيها أن تكون واحدة ، فتسلط قوم على قوم ودفعوهم عن مراكز القدرة والثروة ، ثم اضطهدوهم وحاربوهم في أرزاقهم بل وحياتهم.

وقد استغل ذلك الحكام والمستعمرون فدقوا على أوتار الطائفية لتدوم أيام تسلطهم على الشعوب المستضعفة ، وتستمر معها أيام شهواتهم وملذاتهم ومطامعهم واستيلائهم على الثروات واستئثارهم بها.

وقد تناول الكاتب موضوع الطائفية في حالة خاصة ، وفي مكان وزمان معينين ، وقد جرى في هذه الحالة الكثير من الظلم والعدوان وهتك الحرمات والاعتداء على أرواح ومقدسات الناس ، لكن كتابه لم يخلُ من طرح عام لأصل المشاكل الطائفية ، وكيفية نشوئها في تاريخ المسلمين بعد وفاة النبي (ص) ، وما تسببه من ويلات ودمار في أي مجتمع إسلامي تنفذ فيه ، وفي أي زمان ومكأن يكون ظرفا لموجاتها الهوجاء ، ونحن هنا نستعرض أهم ما أورده في موضوع الطائفية بشكل عام دون الخوض في التفاصيل الخاصة قدر الامكان.

 

الطائفية : ليست الطائفية حزبا لوجود أحزاب مؤلفة من أفراد من طوائف مختلفة .. ، وليست شعارا لأن الطائفي يخجل من رفعها شعارا ، بل هو ينفي وجودها عنده .. ، كما أنها ليست طريقة حياة ، لأن الطائفي وضحية طائفيته يعيشون في بيوت متجاورة في منطقة واحدة ويلبسون ملابس متشابهة ، ويذهبون إلى أعمال متشابهة ، وفي نفس أماكن العمل ، ويذهب أولادهم إلى نفس المدارس ، بل ويدعو بعضهم بعضا في مناسبات دينية كافطار رمضان وغداء العيد مع أن الطائفية أسست أصلا في اطار ديني ـ سياسي ، ومع أن هذه المناسبات تعني أن الجميع ينتمون إلى دين واحد أمر بالوحدة ونهى عن التفرق ... ، الطائفية هي مشاعر في القلوب ، أسست على تاريخ قوامه الزيف ، وتعليم كله جهل وتجهيل ، وتنشئة تقوم على الضغينة والنفاق ، ودعم سياسي لحكام متسلطين دافعه تفريقالأمة ليسهل قيادها.

 

وتصل مشاعر الطائفي إلى نقطة اللاعودة عندما يحكم على الآخرين بالخسران المبين ، ولا يعود هناك في نظره فائدة ، ولا أجرا أو ثواب من الانفتاح عليهم والتواصل معهم ، اللهم الا في المستوى الخارجي المنافق وحسب ما تقتضيه مصالحه التجارية أو الوظيفية أو غيرها ، كيف لا والتعليم الطائفي يصل بالناس إلى درجات سافلة جدا من التفكير حتى يظن السني بأن الشيعة يمسخون إلى خنازير ( أو ثعالب حسب قول جدتي رحمها الله )، وهذا ليس من قبيل المزاح لأنه مؤسس على تعليم وتنشئة ، ولمن لا يصدق أسوقاليه قول المدعو " محمد بن عبد الوهاب " الذي ابتدع الوهابية ، قال : ـ جزاه الله بما قال : ـ وهو يذكر مشابهة الشيعة لليهود () ما نصه : " ومنها أن اليهود مسخوا قردة وخنازير وقد نقل أنه وقع ذلك لبعض الرافضة ـ يعني الشيعة ـ في المدينة المنورة وغيرها ، بل قد قيل : إنهم تمسخ صورهم ووجوههم عند الموت والله أعلم"، وسبحان واهب العقول ، ولعل هذا هو السبب الذي يجعل بعض الإسلاميين السنة يتجنبون لقاء نظرائهم من الشيعة ، لأن المسلم الحقيقي يتقرب إلى الله تعالى بمعاداة أعدائه والبراءة منهم ، ولما كان الشيعة بنظر البعض أعداء لله ورسوله (ص) ، فإن مفارقتهم وعدم اللقاء بهم يرجى منه الأجر والثواب ، ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم.

 

الطائفي : فالطائفي إذا ، هو الشخص الذي يحمل بين جنباته تلك المشاعر المرة المبنية على أسس واهية مبنية على جهل الأهل والمربين أو التوجيه الخبيث للحكام المتسلطين ، أو كليهما ، ويحمل هذه المشاعر تجاه أخيه المسلم ، مع أنه يضحك في وجهه صباح مساء ، ويشاركه أفراحه وأتراحه ، ويشاركه في التجارة والسفر والعمل بسبب الجيرة أو زمالة العمل أو مقاعد الدراسة ، وقد يتصاهر معه مع ما يعني ذلك من التحام العائلتين فيما بينهما ، وبعد ، فالطائفي هو الذي يقف مواقف غير صحيحة ، أما بوعي أو بدون وعي ، بناء على هذه المشاعر.

أما أقصى درجات الطائفية فهي ـ برأيي ـ التي لا يعرف بوجودها من يحملها ، فهذا الانسان لن يكون بمقدرته التفريق بين المواقف التي يتخذها : أيها على أساس طائفي وأيها على أساس آخر ، والمؤلم هنا هو إن معظم الطائفيين ، استقراءا من الواقع المعاش ، ينتمون إلى هذه الفئة ، ومصابون بأقصى درجات الطائفية.

 

الدولة الطائفية : الدولة الطائفية هي الدولة التي تميز بين رعاياها في التوظيف والمكافأة واعطاء المسؤولية وتوزيع الحقوق والواجبات على اختلافها ، لا على أساس المساواة كأصل ، ثم الكفاءة ودرجة العطاء بعد ذلك ، وإنما على أساس الانتماء الطائفي ، وتكون درجة طائفية الدولة أكثر أو أقل حسب الحكومة القائمة ، والظروف الداخلية والخارجية للبلاد ، فمثلا عندما يكون قادة الدولة ذوي مشاعر طائفية عميقة أصلا فإن الدولة تصعد درجة طائفيتها حتى وإن كانت الأوضاع الداخلية والخارجية ليست سيئة كثيرا.

 

إن التعامل على أساس طائفي لا يؤذي الفرد ضحية الطائفية ولكنه يؤذي البلاد ، لأنه سيكون من غير الممكن أن يكون ذلك الرجل المناسب في المكان المناسب لأن الكفاءة لا تكون هي المعيار ، كما إن ضحايا الطائفية سيتصرفون بشكل غير متوازن : أما بتفان شديدا كي يثبتوا اخلاصهم وحسن نياتهم ، وأما ببرود ولا إبالية لأن النتيجة واحدة ولن يحصلوا على التقييم لجهودهم ، وتكبر هذه العقدة ، وتخرج من اطارها الضيق بين الموظف والمواطن صاحب المعاملة ، الى عائلتيهما وأصدقائهما وزملائهما لتخدم كاثبات جديد على وجود المشكلة.

وتصبح المفارقة مدهشة مع أشخاص مثلي ممن نقلهم الدهر من صفوف الطائفة الحاكمة إلى صفوف الطائفة المحكومة ، ففي ليلة وضحاها يصبح التعامل مع نفس الشخص مختلفا ، وما تغيرت كفاءته وما تبدل اخلاصه لوطنه وعمله ، وما تغيرت أخلاقه وسلوكياته ومزاجه ، هذا ، في حين يجب أن يكون التغيير حاصلا في علاقتي شخصيا بالممارسات الدينية مثلا ، وأخيرا فإن الدولة الطائفية تجعل النسيج الاجتماعي يتهرأ وخيوطه تنقطع ، وكلما زاد التمييز والاضطهاد الطائفي كلما ضعف النسيج الاجتماعي ، وهو ما حصل في فترات معينة من تاريخ العراق الحديث.

 

هل الطائفية نتاج الاستعمار الغربي ، أم سببها صراع المسلمين السياسي في الماضي : يبسط البعض أسباب المشاكل الاجتماعية والسياسية وغيرها بسبب قلة المعرفة ، أو ضيق الأفق أو حتى الرغبة في قلب الحقائق ، فبعضنا يشتم الغير كثيرا ويتهمه في مصائبنا أكثر من اللازم ، في حين يتهم البعض الآخر أنفسهم ولا يحمل الغير أي مسؤولية تذكر ، وفيما يخص مصائب العرب والمسلمين ترى كثيرا من الناس يتهم الغرب والشرق وأعداء الأمة في كل المصائب والمشاكل ، في حين يتهم البعض الآخر الأمة نفسها وخلافات زعاماتها في ذلك.

 

خطأ التسبيب الأحادي : وهذه الأحادية في التسبيب غير صحيحة ، لأن الخلافات بين الدول العربية والإسلامية ليست كلها من صميم واقع الأمة ، وإنما ساهم الاستعمار في قسم كبير منها ، ولعل المشاكل الحدودية خير مثال على ذلك ، أفما كان في مقدور الانجليز والفرنسيين ، وهم المنتصرون في الحرب الأولى أن يرتبوا حدود العراق بحيث لا تعود هناك مشكلة مع ايران والكويت والسعودية.

أما كان بمقدورهم أن يمنحوا الأكراد دولة في المثلث العراقي ـ التركي ـ الايراني ويجنبوا هذه الشعوب ما جرى، أما كان بمقدور الانجليز أن يجمعوا امارات الخليج في دولة واحدة ، لماذا جمعت الجزيرة العربية لآل سعود في دولة واحدة وفرقت أطرافها في خمس دول ، وحتى لو فعلوا ذلك ، فماذا عن إسرائيل ، نعم كان بمقدورهم ولكن لم يكن في مصلحتهم ، فانه لمنطقي جدا أن يعمد من يريد أن يمتص دماء الشعوب إلى تفريقها ليسهل عليه قيادها عن طريق خلافاتها ومواطن ضعفها ، ولكن ، أما كانت الأمة تستطيع أن تواجه هذا المخطط التخريبي التقسيمي.

كان يمكن للأمة أن تواجه هذا المخطط وتهزمه لو أنها اجتمعت على ذلك ، ولو أن جماهيرها اختارت ، وأصرت على اختيار قادتها الحقيقيين.

نخلص من هذا إلى أن الانجليز لم يخترعوا الطائفية ، بل وجدوها موجودة في المجتمع العراقي العشائري والمدني فاستخدموها لتأسيس الواقع المثالي لمصالحهم ، ولما كانت الطائفة الشيعية هي التي ثارت عليهم فانه من المنطقي أن يتم اقصاؤهم عن الحكم وتسليمه للطائفة التي لم تثر ، وترتيب الحكم لكي تستمر هذه المعادلة كيلا يعود الشيعة فيطردوا بريطانيا من الشباك أيضا بعد أن اضطرت إلى أن تخرج من الباب بثورة الشيعة وتضحياتهم.

 

بداية الخلاف ونشأة الطائفية : بدأ الخلاف بين المسلمين أول ما بدأ عقيب وفاة رسول الله (ص) مباشرة حيث تنازع المهاجرون والأنصار من جهة وقريش وبنو هاشم من جهة في موضوع الخلافة ، الا أن الافتراق الحقيقي لم يتم الا بعد مقتل الامام الحسين بن علي (ع) في أول عام 61 هـ ، إذ أن بعدها أصبح اهراق الدماء المقدسة أمرا طبيعيا عند الحكام وأزلامهم وكما أخبرهم الامام الحسين (ع) نفسه بأنهم لن يتورعوا بعده عن قتل أي انسان ، كيف لا وقد قتلوه مع معرفتهم بأنه سيد شباب أهل الجنة وأنه ريحانة رسول الله (ص) مع غيرها من الصفات الكثيرة التي يفترض أن يمتنع عن قتله لأجلها أعتى المجرمين ، وكما قال الشريف الرضي : قتلوه بعد علم منهم أنه خامس أصحابِ الكسا ، فكان أن تفرعن الأمويون وولاتهم كالحجاج الثقفي ، وكان على الشيعة أن يلجأوا إلى السر حتى في اتصالهم بأئمتهم (ع) ثم يثوروا على الظلم والواقع غير الإسلامي للأمة بين حين وآخر ، في نفس الوقت أخذ الفقهاء الذين تصدوا للمناصب الشرعية بعد الغياب القسري لأئمة أهل البيت (ع) عن هذه المناصب في افتاء المسلمين ليس فقط بجواز طاعة الامام الظالم بل بوجوب طاعته وحرمة الخروج عليه.

 

وهكذا صار المسلمين فرقتين كبيرتين : الشيعة والسنة ، لأن الخوارج اضمحل تأثيرهم وضعفوا بعد الفترة التي زعزعوا فيها أركان الدولة الأموية بثوراتهم العديدة ، وحدث أن كانت الخلافة الأساسية هي للسنة بما في ذلك الدولة العباسية التي قامت بحجة الانتصار لأهل البيت (ع).

 

تجهيل السنة واثارتهم ضد الشيعة : في حملتهم المستمرة لمحاصرة الشيعة والتشيع ، فإن الحكام المختلفين على مختلف العصور لجأوا إلى سياسة التعليم الخاطىء لأهل السنة ، أو تجهيلهم في الواقع في كل ما يخص الشيعة وعقائدهم كي تبدو وكانها ليس فقط احدى الانحرافات عن الإسلام والتي حدثت طوال التاريخ ، وإنما الانحراف الأخطر والذي أريد به هدم الإسلام ، إن الطريقة الوحيدة لرد الانبهار الذي لابد وأن يحصل عند البعض من جهاد الشيعة وتضحياتهم وثباتهم على المبادىء ، بغض النظر عن الاختلاف معهم ، هذا الانبهار الذي قد يؤدي إلى الانفتاح على الشيعة وعقائدهم وبالتالي التحول إلى صفوفهم أو على الأقل للتعاون معهم ضد الظالمين ، هي أن تهاجم عقائد الشيعة ويخلص إلى أنها ضد الإسلام ويهاجم الشيعة أنفسهم وينبزوا بمختلف الأوصاف التي يكرهها الآخرون ، لكي تجعل الناس تشمئز منها ومنهم فتتوقف عن الانفتاح عليهم.

 

وعلى العكس مما يعتقد البعض من أن الفقهاء الأقدمين لم يكونوا طرفا في المشكلة الطائفية واثارة السنيين على الشيعة ، فلقد نقل التاريخ أقوال وأفعال العديد من الفقهاء السنيين التي كانت تصم الشيعة بالكفر أو الفسق أو الانحراف أما كجزء من المخطط السلطوي لمحاصرة التشيع كون بعض هؤلاء الفقهاء كانوا من فقهاء البلاد  ـ وعاظ السلاطين ـ أو كواجب ديني يعتقد الفقيه أنه يجب أن يقوم به لكشف الانحراف وتحذير الناس منه ، لقد كتب بعض هؤلاء الفقهاء والمحدثين عن الشيعة ووصفوهم بما لم يصفوا به اليهود والنصارى والمجوس ، بل صرح البعض بعدائه لأئمة أهل البيت (ع) أنفسهم فكيف إذا بالشيعة ، وها هو ابن خلدون يقول في مقدمته الشهيرة : وشذ أهل البيت بمذاهب ابتدعوها وفقه انفردوا به ، بنوه على مذهبهم في تناول بعض الصحابة بالقدح ، وعلى قولهم بعصمة الأئمة ... وكلها أصول واهية ، ثم قال : وشذ بمثل ذلك الخوارج ، ولم يحتفل الجمهور بمذاهبهم ، فكيف لا ينشأ السني على عداوة الشيعة وكرههم وعلماؤه الكبار يعلمونه أنهم يتبعون أهل البيت (ع) الذين هم مارقون كالخوارج ، وانهم مبتدعة ، وانهم يكرهون الصحابة ويقدحون فيهم.

 

وإليك مثالا آخر من تجربة العراق : في عام 1926 ـ 1927 ثارت ضجة حول كتاب " الدولة الأموية في الشام " وضعه شخص سوري كان يعمل مدرسا في العراق اسمه أنيس زكريا النصولي بسبب كون الكتاب الذي وضعه ليكون مادة دراسة للمدارس الثانوية ، كان في بني أمية وتاريخهم الأسود الذي صيره النصولي شيئا آخر ، وخصوصا بسبب ما ذكره بخصوص الثوار الشيعة ضد العهد الأموي ، وكذلك قضية الامام الحسين (ع) وصراعه مع الأمويين.

 

قال في كلمة الاهداء : من أحق بتاريخ بني أمية من أبناء أمية ، ومن أحق بتاريخ معاوية والوليد من أبناء معاوية والوليد ، فأقبلوا يا ابناء سورية الباسلة المتحدة والمستقلة هذه الثمرة الصغيرة " ، قال : " إن هذا الضعف في زعماء آل البيت كان من أكبر المصائب على الإسلام ، إذ جعل لأحزابهم وأصحاب النفوذ والمطامع من رجالاتهم الفرص الكافية لادعاء مبادىء باسمهم لم يفكروا بها ولم تخطر لهم على بال ، وعلى هذا فزعماء أهل البيت (ع) كانوا مصائب أصيبت بها الأمة ـ والعياذ بالله من هذا القول ـ وأن التشيع الذي تعتنقه الشيعة مخترع من عندياتهم.

وقال : ".. وإن الذين يسعون في الخلاف عليها هم الكفرة الفجرة ، ولا غرابة في ذلك ، فالعاهل الأموي كان خليفة رسول الله ، ومن يخرج على الخليفة فإنما يخرج على رسول الله ، ومن يخرج على رسول الله فإنما يخرج على الله ، ومقره جهنم وساءت مصيرا ".

وعلى هذا ، فالامام الحسين (ع) من الكفرة الفجرة ومقره جهنم وساءت مصيرا ، نعوذ بالله من هذا القول ، وقال : " تلك هي اصلاحات بني أمية وكلها ترمي إلى العدل واعلاء كلمة الحق " ، وعلى هذا ، فقتل الحسين (ع) وأهل بيته وأصحابه ، وسبي بنات الوحي ، ورمي الكعبة بالمنجنيق ، واستباحة المدينة المنورة وهتك أعراض بناتها ، مع غيرها من الموبقات ، كانت اصلاحات ترمي إلى العدل واعلاء كلمة الحق.

وقال : " كان زعماء آل البيت ضعافا فظلوا تحت تأثير المورفين الفارسي والأفكار الفارسية ".

وقال : ".. ارتياب الحسين في حقه بالخلافة واعترافه اعترافا صريحا ليزيد بامارة المؤمنين ".

وقال : " قضت الدولة على حركة التوابين في عين الوردة ولكنها لم تقض على الأحقاد المتأصلة في نفوس الشيعة " ، إن أي انسان ، وإن كان جاهلا أولا يشعر بالمسؤولية ، يعرف أن مثل هذا الكلام إنما هو أساءة إلى الشيعة ، بل إلى الإسلام ، وأنه في العراق يعتبر بمثابة اعلان ثورة على مشاعر وعقائد أغلبية الشعب العراقي الشيعية والكثير غيرهم من السنيين ، ولكن كان لساطع الحصري المسؤول عن وضع المناهج التعليمية لأولاد العراقيين رأي آخر هو : " أستطيع أن أقول : إن أغلاط الكتاب العلمية ـ ومحاذيره السياسية ـ تنحصر في عبارات الاهداء التي تصدرت الملزمة المضافة إلى الكتاب أخيرا ، ولذلك رأيت أن أحسن الطرق لمعالجة القضية هي أن يطلب إلى المؤلف أن يعيد طبع الملزمة المذكورة على أساس تجريدها من كلمات الاهداء " ، وقال : عن متون الكتاب : " عندما قرأتها بكل اهتمام لم أجد فيها ما يمس عواطف طائفة من الطوائف الدينية ".

 

عقدة الصحابة : تشكل قضية الصحابة الحجر الأساس في جدار البغضاء الطائفي حيث لا يرى السني أي مبرر لهذا الموقف السلبي للشيعة من الصحابة المقدسين عنده ، ولست ألوم السني الذي لم يطلع على التاريخ وشيء من التحليل الموضوعي الواعي ، لأن شعوره شعور طبيعي يتولد عند كل انسان ، كائنا ما كانت عقيدته ، تجاه من يقف موقفا سلبيا ممن يقدس ، وأنت ترى هذه الحقيقة عند قراءة أي كتاب من الكتب التي دفعها البترودولار لشتم عقائد الشيعة ، فقضية الصحابة تقف ليس فقط في أول الاشكالات ، ولكنها هي المشكلة الحقيقة لمن دقق في هذه الكتب ، ولمن استمع إلى شكاوى السنة من عقائد الشيعة.

 

ولقد استعملت هذه القضية لاثبات أعجمية الشيعة ، وانهم جمعية سرية أسسها الفرس لتدمير الإسلام ، وذلك لأن انتقاد الصحابة وتجريح بعضهم يعني ـ كما يقولون ـ تهديد قدسية السنة النبوية المنقولة عن طريقهم ، وبذا تنجح مؤامرة الفرس بالباس الحق بالباطل وضياع السنن المنقولة عن الصحابة ، وهذا الكلام يقال : ـ بالطبع ـ لاقناع العوام من السنة ليس فقط بفساد عقيدة الشيعة ، بل بتأمرهم بشكل مماثل للجمعيات الماسونية والهيئات التبشيرية ، ضد الإسلام ، ولكن المؤسف هو إن هذا الكلام يردد من قبل بعض حملة العلم وأدعيائه ، فهؤلاء يعرفون أن الشيعة ليسوا جماعة تريد أن تهدم دين المسلمين ، بل هي جماعة لديها خزين كبير من الأحاديث الشريفة المنقول ، عن النبي (ص) والأئمة الطاهرين (ع) وذلك عن طريق بعض صحابة الرسول (ص) وبعص صحابة الأئمة (ع) وليست أحاديث الأئمة (ع) اجتهادا من عندهم ، بل هي نصوص تلقاها كل امام عن الامام الذي قبله وصولا إلى رسول الله (ص) ، لذلك كانوا (ع) كثيرا ما يبدأون رواياتهم بكلمة : حدثني : أبي ، عن آبائه ، عن رسول الله (ص) .. " وذلك تأكيدا لهذا المعنى.

 

من الناحية الأخرى فإن الشيعة يفخرون بأنهم لا يوالون أي أحد الا بعد التثبت من حسن سيرته وحسن خاتمته ، فلا يمكن عندهم أن يوضع عبد الله بن مسعود الذي كان ممدوح السيرة دائما ولم يغير أو يبدل أو يفعل ما يؤذي المسلمين ، حتى قضى على الحال التي فارق عليها رسول الله (ص) ، في منزلة بعض الصحابة الذين لم يتركوا هذه الدنيا الا وقد أثاروها فتنة عمياء وخرجوا على علي بن أبي طالب الامام المبايع من قبل المسلمين ـ دع عنك النص الذي يتحدث عنه الشيعة ـ وسلوا سيوفهم ضد المسلمين فأشعلوا أوار أول الحروب فيما بين المسلمين أنفسهم ، والتي أدت إلى مقتل الألوف منهم على أرض العراق بلا سبب سوى التنازع على الملك ، كما لا يمكن أن يثقوا بروايات رواها أشخاص غشوا المسلمين وقتلوهم دون حق وسلبوهم وساروا فيهم بسيرة فرعون وهامان وقارون.

 

إلا أن الدول التي تسلطت على المسلمين لما رأت المقاومة من الشيعة لحكمهم غير الشرعي كان لابد لها : إن تزيف التاريخ وتفتعل الروايات المضادة لعقائد الشيعة في الأشخاص والاحداث ، والتي تصبح حقا بعد غسيل الدماغ بها لقرون من الزمان ، خصوصا وأن المعارضة الشيعية بقيادة أئمة الهدى (ع) كانت محرومة من وسائل الاعلام ، وفي ذلك الزمن المتخلف بالنسبة لزمننا الحاضر في وسائل الاتصال والأعلام ، وإننا نعاصر ، ونحن في هذا الزمن الذي يفترض أن ينقل فيه كل شيء كما هو بسبب وجود التلفزيون والفيديو والقمر الصناعي والتلفون والتلكس والفاكس والكمبيوتر ، نعاصر تشويه الاحداث بشكل يومي ، وتعتيم على احداث مهمة ، وتضخيم واهتمام باحداث تافهة ، فكيف في ذلك الزمان الذي لم تكن وسائل الاعلام والاتصالات كما هي في عصرنا الحاضر ، بل ولا واحد من الألف منها.

 

والمشكلة جد عويصة ، وذلك لأن من يقف الشيعة منهم موقفا سلبيا واضحا ، أبا بكر وعمر وعائشة أم المؤمنين ، هم أكثر الناس تقديسا عند أهل السنة ، ولقد كان الشيعة غير متساهلين مطلقا في المواقف التي اتخذها هؤلاء الصحابة الثلاثة لأنهم عدوها خروجا أساسيا علي نصوص مقدسة لا مجال لتجاوزها كما في تجاوز أبي بكر وعمر لحق علي في الحكم نصا عليه من الرسول (ص) ومنع فاطمة (ع) حقها في ميراث أبيها (ص) ، وخروج عائشة من بيتها الذي أمرت أن تقر فيه بنص القرآن ، وقيادتها الجيوش التي حاربت بها المسلمين الذين يقاتلون تحت راية الخليفة الشرعي المبايع ، فالمسألة فيها اراقة دماء حرام وخلافة المسلمين وهي أخطر مركز في الإسلام.

وبما أن الشيعي يعتقد بأن أخاه السني لا يعرف الكثير من الحقائق بسبب عمل الحكام في الماضي على تشويه الحقائق بصرف الأموال لوضع الأحاديث الكاذبة التي تبرر كثيرا من الأفعال التي لا يقرها الشرع أو التي تجاوز أصحابها على نصوص قرآنية أو حديثية لا يمكن تجاوزها باجماع المسلمين أو برفع شأن أناس وخفض آخرين ، إذا فعليه أن يعذر أخاه السني حتى يبين له الحق لأن ( كل حزبم بما لديهم فرحون ) ، وفي نفس الوقت على السني أن يسمع له ويناقشه إذا لم يعتقد بما يرى.

 

عقدة عدم الفهم للعقائد والشعائر الخاصة بالشيعة : يعترض السني العراقي ( وغيره في هذا المجال ) على بعض العقائد والشعائر الشيعية ، وكما قلنا سابقا فإن التعليم والأعلام المسيطر عليه من قبل الدولة الطائفية لا يتيح لعقائد الشيعة أن تعرض على الملأ ، دع عنك توضيحها وشرحها وشرح أبعادها وتبيان عدم مخالفتها للإسلام ، لذلك فإن الفرد السني لا يفكر بأنه قد يكون مخطئا في اعتقاده وقد يكون الشيعي هو صاحب الحق ، لأن الفرد العادي لم يأته الوحي من السماء ليكون واثقا تماما من معتقداته وإنها في صلب العقيدة الإسلامية أولا تتصادم معها.

 

ومن هذه العقائد عقيدة المهدي المنتظر الذي يعتقد الشيعة أنه موجود حي غائب عن أعين الحكام وينتظر الأمر الإلهي بتحقق الشروط لظهوره لتأسيس الدولة العالمية الإسلامية محققا وعد جده رسول الله (ص) : " يملأ الأرض قسطا وعدلا بعدما ملئت ظلما وجورا ".

ومنها صلاتهم على تربة مأخوذة من طين من منطقة قبر الحسين (ع) في كربلاء ، فالسنة يرون أن هذا نشاز لمجرد أنهم لا يصلون على مثله.

ومنها الشهادة لعلي بن أبي طالب بالولاية في الأذان والتي يعترض عليها السنة بل ويشمئز بعضهم من سماعها ، هذا ، مع أن السنة يضيفون كلمة " الصلاة خير من النوم " في أذان صلاة الفجر ويعترفون أن هذه لم تكن وقت النبي (ص) وإنما أضيفت بعده ، ومنها الالتزام بصفة العدالة فيما يخص الأمور الشرعية مما يؤدي إلى سوء فهم لدى السنيين.

وصفة العدالة تأتي في مقدمات صفات امامة المسلمين وامامة الحج وامامة الصلاة وغيرها ، إن امامة المسلمين هي التي من شأنها رفض الشيعة الحكام الزمنيين ، ورفض الشيعة ردا على ذلك.

فالشيعي يرى في مرجع التقليد اماما له ( كونه نائبا للامام وحسب أمر الامام المعصوم ) في جميع أموره ، من هذه الأمور تعيين رؤية الأهلة والتي تصبح قضية خلاف في بداية شهر رمضان المبارك وشهر شوال وشهر ذي الحجة ، حيث يحرم الافطار في أول رمضان وآخره ، ويحرم الصوم في يوم العيد ، وحيث مناسك الحج والتضحية في عيد الأضحى.

ويعتقد غالبية أهل السنة بأن الشيعة تصوم وتفطر بعدهم بيوم واحد عادة لأنهم يريدون أن يخالفوهم فحسب هذا ، في حين أن الشيعة ينتظرون الأخبار من المراجع والعلماء في العراق والكويت والمدينة المنورة وايران ولبنان عادة ، والذين يستندون إلى شهادة العدول في رؤية الهلال ، ومنها الزيارات الشيعية للأئمة والصالحين وما يقرأ فيها ، حيث لا يعتقد علماء السنة ولا الكثير من السنة العوام امكانية أن يزار الميت ويتكلم معه وكانه حي وما الفائدة من ذلك ، إلا أن هذا الأمر ليس بقضية ذات شأن لأن الكثير من السنيين في العراق وغيره يقومون بمراسيم الزيارة وطلب شفاعة الميت في الحاجات عند الله تعالى ، على الرغم من الحرب التي تشنها الوهابية السعودية ضد هذه الشعائر في كافة أرجاء العالم الإسلامي ومنها مصر بتأثيرها على بعض الجماعات الإسلامية وبعض " العلماء ".

 

وأخيرا ، كنت أتصور أن ما يتهم به السنة الشيعة من أنهم يفضلون عليا ، ويعتقدون بأن النبوة كان يجب أن تكون لعلي قد أصبح شيئا من مخلفات الماضي ، إلا أنني وجدت أن البعض لا يزال يحمل هذه الأفكار السخيفة عن الشيعة ، وعندما كنت أعدد هذه الافتراءات على الشيعة لأحد أقربائي قاطعني بأنه لا يشك في أن بعض الشيعة يعتقد أن عليا هو الذي كان من المفروض أن يكون النبي وليس محمدا (ص) ، وعندما أوضحت أنه لا يوجد مثل هذا الشيء في الطائفة الشيعية الامامية الاثنا عشرية لا في عالمهم ولا في جاهلهم أصر على رأيه بشكل ملفت للنظر وبقي على اعتقاده ، أكثر من ذلك يصل الحد إلى اتهام الشيعة بأنهم لا يحبون النبي (ص) كما أقسمت احداهن.

 

ولا نريد هنا أن نرد على هذه الترهات والافتراءات كان نسأل عن السبب الذي من أجله لا يحب الشيعة محمدا (ص) ، أو عن السبب الذي حدا بجبرئيل (ع) أن يخطيء فلا ينزل بالوحي إلى علي (ع) ابن العشر سنين وينزل به إلى محمد (ص) ابن الأربعين سنة، ولا عن امكانية حدوث ذلك من الملائكة المعصومين المرسلين من رب العالمين ، أو عن السبب الذي يجعل جبرئيل يخون الأمانة كما يفتري البعض ، أن هذا من اعتقادات الشيعة أو بعضهم ، وكيف يخون روح القدس الموصوف من قبل الله تعالى في القرآن بالأمين ( انها لمهزلة حقا أن يضيع الوقت والجهد والورق في مثل هذه السخافات ) ، ولكن أريد أن أستغل هذه الفرصة لأقول لمن يريد أن يسمع بأن الشيعة تضع رسول الله محمد بن عبد الله (ص) في منزلة أعلى بكثير من المنزلة التي يضعه (ص) فيها السنيون ، فهم يعتقدون بعصمته ليس فقط بالتبليغ عن الله بل بعصمته في كل حال ومقال : وفي طول عمره الشريف أي منذ اليوم الذي ولدته أمه وحتى يوم قبضه الله إليه.

 

كما وينزهونه ليس فقط عن الخطأ والسهو في التبليغ ، بل وفي كل قول وفعل وفي كل عمره ، وفي حين أن غيرهم يعتقد فيه أنه كان يأخذ آراء الصحابة ويقرر على أساسها ، فإن الشيعة تعتقد أنه (ص) لم يكن يحتاج إلى أحد وإنما كان يشاورهم لتطييب قلوبهم أولا ، وليعلم الناس أن الحاكم يشاور الرعية ثانيا ، ولا يعتقدون كما يعتقد غيرهم أنه ينسى الآيات القرآنية فيتذكرها بعد أن يسمعها من أعمى يقرأها ، أو أنه سُحِر وأثر فيه السحر بحيث لم يعد يدري فيما إذا أتى النساء أولا ( كما ورد في صحيح البخاري الذي يعتقد السنيون بصحة كل ما جاء فيه ) ، وأنه نام حتى سمعوا غطيطه ، ثم استيقظ فصلى بدون وضوء ، لأن الشيعة تعتقد أن ذلك من شأنه أن يعرضه للخطأ في التبليغ والنسيان مما سيضل الأمة لأنها لن تعلم في أي حال ، قال : أو فعل (ص) ما وصلها عنه ، أفي حال العصمة والصحو والانتباه أم في حال النسيان والخطأ والسحر نعوذ بالله وبه نستجير من هذا الاعتقاد ، ونقول لمن يريد أن يسمع بأن الشيعة ترى أن الرسول (ص) خير خلق الله أجمعين ، ومن حباه بعلوم الأولين والآخرين ، وجعله على خلق عظيم ، وآتاه ما لم يؤت أحدا من العالمين من الفضائل والمزايا ، فلا يدانيه أحد في مرتبة أو يصل إلى مقامه المقدس.

 

أما اعتقادهم بعلي (ع) فانه عبد الله وأخو رسوله (ص) آخاه معه في الدنيا والآخرة بأمر الله ، وزوجه ابنته الزهراء (ع) بأمر الله ، وجعله منه بمنزلة هارون من موسى (ع) وهي تعني منازل الخلافة في قومه والتبليغ وغيرها فيما عدا النبوة التي ختمت بمحمد (ص) ، بعد أن علمه ما شاء الله وذلك بأمر الله ، ونصبه للامامة والخلافة بعده (ص) مباشرة في مناسبات عديدة آخرها بعد حجة الوداع في غدير خم الواقع بين مكة والمدينة وذلك بأمر الله ، ونصب أولاده الأحد عشر بدءا بالأخوين الطاهرين الحسن والحسين (ع) وانتهاءا بالمهدي (ع) أئمة على الناس أجمعين سواء رضي الناس أم لم يرضوا ( كما في قوله : (ص) : " الحسن والحسين امامان قاما أو قعدا " أي بالخلافة المبسوطة اليد على الناس ) وذلك بأمر الله تعالى ، وقوله (ص) : يكون اثنا عشر أميرا كلهم من قريش ، والتي لا تنطبق مطلقا الا علي معتقد الشيعة الإمامية الاثنى عشرية في أئمتهم الاثنى عشر بدءا من الامام علي وانتهاء بالمهدي.

 

فالأمر هو اختيار الهي لهؤلاء الصفوة أن يخلفوا رسول الله (ص) وليس رغبة من الرسول أن يرفع أهله على الناس أو رغبة منهم (ع) أن يصعدوا على كراسي الحكم ، فلقد كان (ص) وكانوا (ع) أزهد الناس بالدنيا وما فيها ، قال تعالى : ( وربك يخلق مايشاء ويختار ما كان لهم الخيرة سبحان الله وتعالى عما يشركون ) ، وقال : ( قل إن الأمر كله لله ) ، ولا أدري ما هو أعظم من اختيار أمناء للإسلام الذي لا يزال غضا بعد وفاة رسول الله (ص) ، ولا يزال المشركون في الجزيرة والمنافقون في مكة والمدينة وعقائد الجاهلية لا تزال قلوبهم مشربة بها ، ولا تزال عقائد العنصرية والطبقية وغيرها متمكنة من قلوب الكثيرين إلى اليوم ، فكيف يومئذ والأكاسرة والقياصرة متأهبون بعد أن عرفوا بهذا الدين من رسائل الرسول (ص) التي دعاهم فيها للإسلام ومن غارات المسلمين على أطراف الجزيرة.

 

وليس ذنب الشيعة أن الأمور لم تسر وفق ما أراده الله تعالى من خير للبشرية ، وإنما هي المسؤولية على من رفض ذلك وأقبل على ما يرضاه هواه ، إلا أن الذي حدث هو إن الناس لما رأوا أنهم هم الأكثرية ظنوا أن الشيعة هم على باطل كونهم هم الأقلية ، والحق لا يعرف أكثرية أو أقلية ، فإن من يتخذ غير الإسلام دينا هم الأكثرية ، وقد ذم الله الأكثرية في مواضع كثيرة من التنزيل ( ولكن أكثرهم لايعلمون ) ، ( وأكثرهم للحق كارهون ) ، ( وما يؤمن أكثرهم بالله الا وهم مشركون ) ، ومدح الأقلية ( وقليل من عبادي الشكور ) ، ولكن الذي حدث هو إن السنيين رأوا أن الشيعة يرفعون من مقام علي وأولاده (ع) أكثر مما ينبغي حسب رأيهم ، بل أن أكثرهم لا يعرف هؤلاء الرجال الذين تقدسهم الشيعة بهذا الشكل ، كما إنهم لا يعرفون في عقائدهم شيئا اسمه الامام أو الوصاية مما جعلهم يظنون أن الشيعة إنما هي جماعة منحرفة ، عن الدين الصحيح ، وقد ساهم في هذا التعقيد ما يكتبه الشيعة دفاعا ، عن أئمتهم وينشرون عقائدهم فيها ، فظن الآخرون أن الشيعة إنما تقدس هؤلاء أكثر من رسول الله (ص) ، وبالتأكيد لم يكن هناك خلاف حول رسول الله (ص) ، فكان تركيز الشيعة في الدفاع عن عقائدهم ضد الهجمات الظالمة قديما وحديثا هو على الأئمة (ع) فظن الناس أنهم يبالغون أو يغالون في تقديسهم (ع).

 

أحياء أمرهم (ع) والطائفية : أمرنا الأئمة (ع) بدعوة الناس إلي منهجم وطريقتهم ، ودعوا الله تعالى : إن ينشر رحمته على من يقوم بذلك ، وذلك بقولهم : " أحيوا أمرنا ، رحم الله من أحيا أمرنا " ، ولكن كيف يمكن أحياء أمرهم ، أي دعوة الناس إلى اتباع مذهب أهل البيت (ع) والذي عليه الشيعة الإمامية الاثنا عشرية ، بدون الدخول بادىء ذي بدء في اثبات حق الأئمة (ع) في الولاية العامة على المسلمين ، ثم تحليل ما جرى بعد وفاة الرسول (ص) من أمور تناقض ما تدعيه الشيعة ( وتثبت صحته بوضوح من كتب السنة أنفسهم ) من تخطيط الرسول (ص) للأمة بناء على أوامر الله تعالى، كيف يمكن تجنب التعرف للصحابة الذين منعوا أهل البيت (ع) من أن يتبوؤا مناصبهم حسبما أراد الله ورسوله (ص) ، والذين ساهموا في ذلك ، والذين قعدوا ، عن نصرتهم (ع) حينما ادعوا ذلك لأنفسهم.

وإذا كان بالامكان عمل ذلك بأن يشرح الداعية حقيقة أهل البيت (ع) ووصية الرسول (ص) بهم واليهم ، ويلقي الضوء على شخصياتهم المقدسة من خلال حياتهم الشريفة ، ثم لا يتعرض إلى أسباب عدم صعودهم إلى سدة الحكم ، فبماذا سيجب من سيسأل متعجبا من هذا التناقض العجيب بين أوامر الرسول (ص) وواقع الحال ، وإذا تمسك الداعية بعدم الجواب ملتجئا إلى الآية الكريمة 141 من سورة البقرة : ( تلك أمة قد خلت لها ماكسبت ولكم ما كسبتم ولا تسألون عما كانوا يعملون ) ، فبماذا سيجيب السائل الذي يدعوه إلى مذهب أهل البيت (ع) عن الافتراءات التي في الكتب التي تطبعها الوهابية كل ساعة لتكره الناس هذا المذهب وتبعدهم عنه.

لابد وأن يأتي الظرف الذي لابد من التعرض فيه إلى هذه الاشكالات الناشئة مما وقع بعد وفاة الرسول (ص) ، وهنا ، سيتهم من يتعرض لها بالطائفية لأنه يتعرض للأشخاص الذين يقدسهم أهل السنة ، وتبدأ موجة جديدة من الاتهامات ، في البدء الهجوم على الشيعة بسبب عقائدهم المنحرفة ، كما يفترون ، وعندما يدافعون عن أنفسهم ضد هذا الهجوم يبدأ الهجوم عليهم بسبب طائفيتهم لأنهم دافعوا عن أنفسهم ، إن دعوة الناس إلى أهل البيت (ع) ليست دعوة طائفية وذلك :

 

1 ـ لأن الدعوة إلى فكر وعقيدة ليست كذلك ، إنما هي محاولة اقناع آخرين بوجهة النظر لنيل مكسب دنيوي أو أخروي أو الاثنين معا ، وفي حالة التشيع بالذات فإن الكسب الدنيوي يكاد ينعدم ، لأن الدنيا لم تزل مدبرة على الشيعة منذ أن رحل رسول الله (ص) وإلى يوم الناس هذا ، أما الأخروي فمضمون بدعاء الامام " رحم الله من أحيا أمرنا " ، فهل يزهد عاقل في نيل الرحمة الإلهية لأجل شبهات يثيرها الطائفيون أو الجاهلون ، وما قيمة كل هذه الأمور الدنيوية في قبالة هذه الرحمة التي قد ترفع صاحبها إلى جنان الخلد.

2 ـ ليست هذه الدعوة طائفية لأن الذين يحيي أمرهم هم أصحاب منهج أبعد ما يكون عن الطائفية ، وأقرب ما يكون إلى التقريب بين المسلمين ، خذ مثلا نهج علي (ع) مع الصحابة الذين منعوه من تسليم مقاليد الحكم بعد وفاة الرسول (ص) ، وما زالوا يمنعونه منه وهو يقيم عليهم الحجة كي لا يضيع الحق من جانب ، ويقف منهم موقف الناصح والأخ المخلص الذي لا يتأخر عن نصيحة أو يتلكأ عن مبادرة لاحقاق حق أو ازهاق باطل من جانب آخر ، ولقد كان (ع) كذلك في مواقف كثيرة نذكر منها :

 

أ ـ يوم السقيفة حين بويع أبو بكر ورسول الله (ص) لما يزل مسجى بين أهله وبعض أصحابه ، فما كان من علي (ع) وبعد أن أقام الحجة على المسلمين ، سواء مباشرة حينما طاف عليهم ليلا يذكرهم ببيعته قبل أقل من ثلاثة أشهر في يوم الغدير ، وبممانعته للبيعة في أول الأمر ، أو بشكل غير مباشر وذلك عن طريق الزهراء (ع) في خطبتيها المشهورتين اللتين خاطبت بأولاهما أبا بكر خاصة ومن معه عامة ، وثانيتهما التي خاطبت بها الأنصار ، بعدها ، وبعد وفاة الزهراء (ع) بايع علي (ع) أبا بكر بعد أن مضت مدة تكفي لأن توصل للمسلمين على مر الأجيال أن عليا (ع) كان يرى أنه صاحب الأمر بعد الرسول (ص) مباشرة ، كذلك فقد كان يصعب على أمير المؤمنين (ع) أن يبايع أبا بكر في حياة الزهراء (ع) بعد أن جرى لها : ما جرى وبعد أن قاطعت أبا بكر ولم ترض أن تكلمه إلى غير ذلك من احداث مؤلمة ليس ههنا مكان ذكرها.

 

ب ـ يوم جاء أبو سفيان ، عدو الله ورسوله (ص) يحث عليا والعباس : أن يتمردا على الخليفة المبايع وهو يعدهم النصرة بما يستطيع ـ وقد كان بامكان مدعي الإسلام هذا أن يجمع الكثرة الكاثرة من المنافقين ـ فما كان من علي (ع) وقد عرف مقصده أن رده وجبهه بدخيلة نفسه ، وأنه لا يريد سوى الوقيعة بين المسلمين وشق صفوفهم بعيد الهزة العظمى التي حصلت لهم بوفاة قائدهم رسول الله (ص) ، وكان علي (ع) لو كان ذا دعوة طائفية ، سيرضى بأبي سفيان ومن معه كي يعيد الأمر إلى نصابه بغض النظر عما يحل في المسلمين ، أو على الأقل في تحليل الاعتماد على المنافقين وضعيفي الإيمان.

 

ج ـ يوم نص أبو بكر على عمر ، فقال عمار بن ياسر لعمر : " يا عمر : أمرته عام أول وقد أمرك اليوم " ، وهذه لم تكن سوى زفرة من عمار ، والا فإن عليا (ع) كان قد أمر أصحابه بالصبر ، وصبر هو وماشى عمرا في خلافته التي امتدت عشر سنوات لم يبخل عليه بالنصيحة ، بل وبانقاذ في أحيان كثيرة لم يعرف فيها الحكم الصحيح ، فكان علي (ع) المرجع فيها ، مما جعل الخليفة ، يقول في مناسبات عديدة قولته المشهورة : " لولا علي لهلك عُمر " ، أكثر من ذلك عندما أراد عمر : إن يذهب بنفسه لفتح العراق وفارس أشار عليه علي (ع) بالا يذهب بل يبقى في المدينة ، ولو كان غير علي (ع) لفرح بخلو الجو له في المدينة حيث يستطيع أن يتمرد ، أو يأمل بالبيعة بعد وفاة عمر المحتملة إذا ما ذهب للحرب.

 

د ـ يوم الشورى التي أمر بها عمر قبيل وفاته ، وجعل فيها الأمر لعبد الرحمن بن عوف إن كان أصحاب الشورى ثلاثة وثلاثة ، فكان ذلك وبويع عثمان بن عفان لأنه وافق على شرط عبد الرحمن بأن يحكم بكتاب الله وسنة رسوله (ص) وسيرة أبي بكر عمر ، في حين رفض الامام علي (ع) أن يسير بغير الكتاب والسنة واجتهاد رأيه لأنه يعتقد أنه أعلم من أبي بكر وعمر ، ولأنه يعتقد بعدم حجية سيرة أبي بكر وعمر وعدم الزامها له ، هنا أيضا ، لو كان ذا منهج فئوي ضيق وينظر إلى مصلحته الذاتية ومصلحة الأمة الأنية دون مراعاة القيم التي يعدها خطأ والتي ستتأسس على موافقته على شروط لا يقرها ، ثم لا يفي بها ، كان يمكنه أن يوافق على الشرط ثم يسير حسبما يريد بعد أن يبايع.

 

هـ ـ موقفه من عثمان يوم أن حاصره المسلمون يطلبون النصف من وُلاته ، ومن ثم أرادوه أن يخلع نفسه من الخلافة ، حيث كان (ع) نِعم الناصح والسفير بينهم وبين عثمان حتى خاف سلام الله عليه من الاثم كما وقال (ع) هذا مع أنه كان نفسه ينقم على عثمان الكثير من الاحداث ، ومنها ما تعرض له أكابر شيعته كعمار وابن مسعود وأبي ذر.

 

3 ـ هذه الدعوة ليست طائفية وذلك لأنها من قبل أناس أثبتوا على مرور الأزمان أنهم أبعد ما يكونون عن الطائفية ، أو أن طائفية البعض منهم أقل بكثير من طائفية غيرهم من المسلمين ، ولئن كان الماضي بحاجة إلى دليل فإن الحاضر المعاش يثبت بما لا يقبل الشك ما أقول ، ولنضرب أمثلة على ذلك :

 

أ ـ تحتوي الدراسات الشيعية على أطروحات ومقارنات واشارات إلى الفقه السني والفكر السني والآراء السنية ، في حين تخلو الدراسات السنية خلوا تاما من آية اشارة إلى الفكر أو الفقه الشيعي ، وهذا يعم المجلات والصحف والكتب الدينية والاطروحات الجامعية وغيرها.

ب ـ تحتوي المكتبات الشيعية على كتب السنة في حين لا تحتوي مكتبات السنة على كتب الشيعة ، وهذا يعم المكتبات الخاصة والعامة ، وفي جميع بلاد المسلمين ، ويعم جميع المواضيع من حديث وفقه وتاريخ وأدب وغيرها.

ج ـ تبيع محلات بيع الكتب الشيعية كتبا دينية وأشرطة كاسيت لوعاظ من السنة في حين لا تبيع محلات الكتب السنية الكتب الدينية الشيعية ، وهذا يعم جميع المواضيع الدينية ، وجميع بلاد المسلمين أكثر من ذلك ، يتوقف أصحاب المكتبات الطائفيون عن التعامل مع الموزعين الذين يوزعون كتبا دينية شيعية ، فلا يشترون منهم حتى الكتب الأخرى عقابا لهم على نشر " الانحراف " الشيعي ، ويصل الأمر إلى حد احجام هؤلاء عن توزيع المصاحف الكريمة إن كانت مطبوعة في ايران في حين توزع المصاحف المطبوعة في أي مكان دون مراجعة.

د ـ تضم رفوف مكتبات الجوامع والمساجد والحسينيات والجمعيات الإسلامية الشيعية الكتب الدينية السنية في حين لا تضم مكتبات الجوامع والمساجد والجمعيات الإسلامية السنية كتب الشيعة.

هـ ـ تمد الجمعيات والجماعات الدينية الشيعية يدها باخلاص دائما للجماعات والجمعيات الدينية السنية من أجل التعاون في شتى المجالات ، في حين يحجم الآخرون عن فعل المثل ، بل يعاملون الشيعة وكأنهم غير موجودين.

و ـ ينظر الشيعة إلى السنيين على أنهم اخوان لهم يجهلون الحقيقة ، وأن ذمتهم مبرأة باتباعهم مذاهبهم ، وهم لذلك يطلقون عليهم لفظة " اخواننا " أو " الاخوة " كما سمعته بأذني مرارا من جلسات لا يحضرها غير شيعة ، هذا على الرغم من أن الشيعة يعرفون أن الكثير من " اخوانهم " السنين لا يبادلونهم نفس المشاعر ، بل يعتبرونهم منحرفين عن الدين باختبارهم ولذا فهم من الخاسرين ، كما ويعرفون الأضغان والأحقاد التي في قلوب البعض ، والرمي بالأعجمية كما في حال شيعة العراق والخليج ، ولكن يحملوها على الجهل والتجهيل أيضا.

 

أيها الإسلاميون إجسلوا معا : ضرورة مناقشة الخلافات من الآن وجها لوجه : إن الجلوس سوية لمناقشة الخلافات ضروري ولا غنى عنه وذلك على صعيد الأحزاب والعلماء والباحثين ، لأن أفراد الناس الاعتياديين من الشيعة والسنة لم يجدوا أن المشاكل التاريخية والعقائدية تحول دون دخولهم في علاقات صداقة وتجارة وسفر ، بل مصاهرة ، وسائر الأنشطة الاجتماعية ، إن الجلوس سوية يمكن من معرفة حقيقة ما يعتقده الآخرون أولا ، ومعرفة ما يظن الآخرون أنك تعتقده ثانيا ، ومعرفة مدى استعداد الآخرين للوصول إلى حل لأي اشكال ثالثا ، ورابعا ، ولعله الأهم ، يتيح الجلوس وجها لوجه للحواجز أن تتلاشى ، وفي مقدمة ذلك الحواجز النفسية الناشئة من التعليم الخاطىء والتربية الناقصة وعمليات غسيل الدماغ.

 

جفاء بعض الإسلاميين السنيين : يقول الكاتب : ولقد اثبت لي الواقع المشاهد بما لا يدع مجالا للشك بأن أغلبية الاخوة الإسلاميين السنيين لا يبدون متحمسين لفكرة التقارب ، ويغلب عليهم الجفاء والجفاف في التعامل مع الإسلاميين الشيعة ، وعندي أمثلة على هذا تدل على أن الكثير من الإسلاميين السنة غير راغبين في التقارب من الشيعة على الرغم من محاولات التقريب عن طريق الأشخاص ، أو عن طريق المنهج الوحدوي الذي سلكته الحركة الإسلامية منذ اليوم الأول وحتى الآن ، وأني أعزوهذا الجفاء والجفاف عند الاخوة الإسلاميين السنة إلى سببين رئيسيين ، هما :

أولا ـ اعتبار الشيعة منحرفين عن الدين ، وبالتالي فإن التفاهم معهم مرفوض شرعا.

ثانيا ـ ضغط الجهات الدينية المرتبطة بالنظام السعودي الوهابي على هؤلاء الإسلاميين بشكل أو بآخر وذلك ضمن الحملة العالمية التي شنتها الوهابية ضد الشيعة منذ تفجر الثورة الإسلامية في ايران والتي يعرفها الجميع ، والناس عبيد الدنيا ، وضغوط الحياة كثيرة خصوصا لمن يقيم في المهجر ، لذا يصبح تحقيق النجاح عن طريق الضغط المستمر أمرا ميسورا.

والمشاهد من حال معظم أئمة المساجد والخطباء وبعض قادة الحركات الإسلامية السنية يدل على أن الكثير منهم قد باع نفسه لقاء ريالات آل سعود التي يدفعونها عن طريق مؤسساتهم في الخارج ، وبالخصوص رابطة العالم الإسلامي التي تنتشر فروعها في مختلف أنحاء العالم ، وأيضا مساجد الضرار التي يبنيها الوهابيون في أصقاع مختلفة من الأرض ، والتي هي أبواق دعاية لآل سعود والوهابية والتي توجه سبابها وكلمات التكفير التي لا تجيد شيئا كما تجيدها ضد الشيعة الإمامية.

 

الأمور الواجب طرحها للمناقشة : واذكر الآن بعض الأمور التي لابد وأن تتم مناقشتها للوصول إلى صيغ للتعامل معها ، أقول صيغا وليس حلولا وذلك لأن معظم هذه الأمور لا يمكن حلها الا بالخروج عن المعتقد أو الخروج من المكابرة والعناد اللذين يصعب التغلب عليهما عند أكثر الناس ، وستلاحظ أنني لم اذكر الحوار حول القضايا السياسية ـ التي ليست لها علاقة واضحة بالقضية الطائفية ـ لأنه قد بدأ فعلا بين الطرفين أولا ، ولأن ليس عليه اعتراض ، معلن على الأقل ، ثانيا.

 

1 ـ الخلاف العقائدي : يجب هنا طرح الخلافات العقائدية لا لأجل اقناع الخصم بوجهة النظر الأخرى ، وإنما لكي يعرف الخصم الأساس الذي بنيت عليه هذه الاعتقادات ، فلا يقع بعدها فريسة الدعايات المغرضة والاشاعات التي هدفها تفريق المسلمين بتنفير بعضهم من البعض الآخر من قبيل أن التشيع قد أسسه اليهود أو الفرس لضرب الإسلام كما يشيعه أعداء الشيعة ، أو من قبيل أن السنة لا يحبون أهل البيت (ع) كما يظن بعض الشيعة.

2 ـ الخلاف الفقهي : وفي هذا يجب الوصول إلى اتفاق بعدم تسخيف الأحكام الفقهية للطرف الآخر ، وكما هو حاصل في الهجمة الشرسة ضد الشيعة ، ويجب الاتفاق على ضرورة احترام كل طرف لفقه الطرف الآخر ، كي لا يصعب التوصل إلى اتفاق بشأنها مستقبلا إذا إذن الله تعالى : أن يكون للإسلاميين صوت في حكم العراق.

 

يجب أن يتوقف تفكير البعض عن طريقة " ما عندي هو الصحيح وما عند غيري هو الخطأ ، حتى وإن لم أفكر بالموضوع ، ويجب على غيري أن يتبعني" ، قال لي أحد الاخوة أن أصدقاءه ( وهم إسلاميون سنة كانوا في سفرة شبابية في بريطانيا ) قالوا : " العجيب في أمر الشيعة أنهم يدققون كثيرا في مسألة اللحوم ويحرمون أكل اللحوم التي تباع في محلات اللحوم التابعة لغير المسلمين ، ولا يأكلون اللحوم ما لم تكن مذبوحة على الطريقة الإسلامية ، في حين أنهم يأخذون قروض العقار التي تقدمها البنوك والتي هي حرام لأن أقساطها ربوية " ، أجبته : " وأنتم عجيب أمركم ، تتحرجون في مسألة قروض العقار التي تقدمها البنوك وتحرمون أخذها مع وجود التخريج الفقهي لها ، في حين لا يهمكم أن تأكلوا مما لم يذكر إسم الله عليه من اللحوم التي يذبحها غير المسلمين وإنه لفسق،" ، نعم في كل مسألة تحرمها وتعجب لأني أحللها ، أنا أحللها وأعجب لأنك تحرمها.

 

هكذا يفكر البعض : رأيه هو الصحيح والآخر على خطأ على الرغم من أنه لا يعرف من الفقه شيئا ، فلا هو من المتخصصين ولا من الذين يعرفون من أين جاءت الإحكام في أصول الأحكام الفقهية.

يجب الاتفاق على أن المسلم بريء الذمة في عباداته ومعاملاته طالما هو يتبع مذهبا يدري لماذا أتبعه ، وليس تقليدا للآباء والأجداد ، والإسلام دين يسر  فيجب عدم الزام الخصم بما لا يعترف الخصم به من فقه.

3 ـ الشعائر الدينية : يعترض بعض السنيين ، من إسلاميين وغيرهم ، على الشعائر الدينية للشيعة كاقامة مجالس العزاء في محرم من كل عام ، وكزيارة مراقد الأئمة (ع) وغيرها ، ويعترض الإسلاميون المتأثرون بالدعوة الوهابية التي ترفع شعار التوحيد على المسلمين جميعا ، سنة وشيعة ، وفي مسألة اخراج النذور في مقامات الأولياء وفي زيارة المراقد للأئمة والأولياء والصالحين ، ولما كانت هذه الأمور لا يمكن الامتناع ، عن القيام بها لأنها بالنسبة لمن يقوم بها من شعائر الله القائل : ( ذلك ومن يعظم شعائر الله فانها من تبقوي القلوب ) ، وبالتالي فسيثاب عليها من الله عز وجل ، فأصبح لازما على من لا يرضى بهذه الشعائر أن يعرف الأساس الفقهي والتاريخي التي تقوم عليه ، أو أن يوطن نفسه على قبول القيام بها من قبل الآخرين الذين هم غالبية الشعب العراقي من شيعة وسنة.

 

الشيعة أكثر انفتاحا للنقاش والبحث : يتابع الكاتب ملاحظاته ، ويقول : ومن مشاهداتي الشخصية في العراق والكويت وبريطانيا ، أجزم بأن الشيعة أكثر انفتاحا للنقاش والبحث من اخوتهم السنة بما لا يقاس ، وهذا ليس بسبب عيب موجود في الشخصية السنية ، وإنما لأن السني ينشأ وهو ينتمي إلى أغلبية المسلمين مما يؤسس قناعة لديه بأنه على الحق لأن الأغلبية ، وحسب الاعتقاد الخطأ السائد ، لا يمكن أن تكون على الباطل ، هذا أولا ، أما ثانيا فلان الشيوخ وأئمة المساجد والباحثين السنيين لا يقيمون وزنا للشيعة ولا لأئمتهم (ع) مما يؤدي إلى عدم اهتمام السني بهم ، واعتبارهم حتى وإن لم يعي ذلك ، منحرفين أو شاذين لا يؤبه لهم ولعقائدهم.

 

وقد يكون هناك سبب ثالث وهو معرفة علماء السنة بأن عند الشيعة أدلة قوية وحججا يصعب ردها من كتب أهل السنة ، وهذا يؤدي إلى إحجامهم عن المباحثة ، وعدم فتح عيون أتباعهم على وجود رأي آخر له حججه وأدلته من كتبهم لئلا يؤدي ذلك إلى تشيع بعض السنيين ، وكما يحصل دائما ، خصوصا بعد انتصار الثورة الإسلامية في ايران وخروج العقيدة الشيعية من كونها عقيدة بعض المسلمين الذين لا يؤبه بهم ، أو حتى أنهم من غير المسلمين إلى عقيدة نجحت في اسقاط نظام عميل كافر ، وتحت راية الإسلام وشعاراته المتفق عليها ( الله أكبر ولا إله الا الله ) ، فتساءل الكثير من السنيين عن العقيدة الشيعية التي يحملها قادة ايران وشعبها فأدى ذلك إلى تشيع بعضهم ، بل أن بعضهم رووا بأنهم قد تشيعوا بعد قراءتهم لكتب الشيعة عقيب قراءتهم للكتب التي تهاجمهم وتكفرهم ، فانقلب السحر على الساحر.

 

في المقابل ، ينشأ الشيعي وهو يحمل هموم الإسلام الذي لم يسر مسيرته التي أرادها الله تعالى ، حسب اعتقاده ، وهموم وأحزان أهل البيت (ع) فيصبح عنده أن يأخذ سني واحد بمذهب أهل البيت (ع) غاية ما يتمنى ، أو خير من الدنيا وما فيها كما في الخبر ، كما إن وجوده في دول تحكمها الأنظمة السنية سواء كان الشيعة هم الأكثرية كما في العراق والبحرين أوهم الأقلية ، يجبره على الاطلاع على ما عند الآخرين لأنه في متناول يده في التلفزيون أو الكتب أو الصحف والمجلات وغير ذلك ، فهو ينفتح على السني وما يكتبه علماؤه وباحثوه بشكل أو بآخر ، ولقد كنت أرى الكتب السنية من حديث وفقه وتفسير إلى جانب الكتب الشيعية في مساجد الشيعة ومكتباتهم العامة والخاصة ، في حين لا يوجد شيء من كتب الشيعة في مساجد السنة ومكتباتهم ، وهذا ينطبق على أشرطة التسجيل لأحاديث الوعظ وما شابه.

وهكذا يكون الكاتب قد عرض المشكلة الطائفية عند المسلمين من خلال تجربة خاصة ، وقدم بعض الحلول الناجحة لها ، فجزاه الله عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء.

 

العودة لصفحة البداية

العودة لفهرس المستبصرين