( سعيد زكريا علي )

العودة لصفحة البداية

العودة لفهرس المستبصرين

 

البطاقة الشخصية

 

مولده ونشأته : ولد عام 1969م بمدينة " تامالي " في غانا ، تلقى الدروس الأكاديمية حتى نال شهادة البكالوريوس في اللغة الانجليزية ، أمضى شطرا من حياته متمسكا بالمذهب المالكي تبعا لنهج آبائه ومما شاة مع البيئة التي كانت تحيطه ، وكان مبلغا لمذهبه عبر القاء المحاضرات في المساجد والمراكز الإسلامية العامة ، تفتحت رؤيته وبصيرته فاستبصر واعتنق مذهب أهل البيت (ع) عام 1993م بمدينة " جينجا " في أوغندا عن طريق البحث والمطالعة والاطلاع على آفاق رحبة من العلوم والمعارف الدينية.

 

التحرر من التعصب والجمود الفكري : يقول الأخ سعيد : " كنت كثير السفر حيث سافرت إلى معظم البلدان الافريقية وغيرها من البلدان ، فتفتحت رؤيتي خلال هذه الأسفار وأصبحت لا أذعن بفكرة أو عقيدة الا بعد الاقتناع بها عبر التتبع والبحث والاستقصاء ، وبذلك تمكن الأخ سعيد خلال لقاءاته المتعددة بأصحاب الرؤى والأفكار المختلفة أن ينتزع من نفسه حالة التعصب والتقوقع والجمود الفكري ، فأصبح ينظر إلى واقع الأمور متحررا من أسر المفاهيم والرؤى التي كانت مفروضة عليه من البيئة.

 

البحث عن أساس الخلاف بين السنة والشيعة : يقول الأخ سعيد : كانت من جملة لقاءاتي بالشخصيات العلمية التي أجريت معهم حوارات متعددة حول العقيدة أن التقيت بأحد علماء الشيعة في دولة " غانا " فطلبت منه أن يبين لي حقيقة الاختلاف القائم بينهم وبين أبناء العامة ، فذكر لي أن أساس الاختلاف يعود إلى الاحداث التي وقعت حول خلافة الرسول (ص) بعد رحلته.

 

موقف الرسول من مستقبل الحكم الإسلامي : ان الرسول (ص) كان يدرك بوضوح حجم الأخطار التي تهدد مستقبل الإسلام ، وعلم أن أمته ستختلف من بعده ، وذلك لأن الروح القبلية كانت لا تزال مهيمنة على التفكير الاجتماعي ، فاجتهد الرسول (ص) لئلا يترك ذريعة لوقوع الاختلاف من بعده ، حيث اتخذ مواقف متعددة في هذا المجال ليتم الحجة على الناس.

وكما هو واضح أن أهم مسألة لغلق باب الشقاق والتفرقة بين أوساط الأمة هو تحديد معالم أمر الخلافة من بعده ، ففقد الأمة لامام ترجع إليه لحل وحسم الاختلاف تكون همل بلا راع ، وتنصيب من ليس أهلا للقيادة يجر الأمة إلى السقوط في مهاوي الانحراف ، وبالتالي تتضعضع كل القيم الإسلامية في ظل زعامته بالانسحاق والزوال.

 

ولهذا لم يقف النبي(ص) آزاء هذه المسألة البالغة في الأهمية موقف اللامبالاة ، بل أولاها اهتماما بالغا منذ مراحل الدعوة الأولى كيوم الدار ، وحتى اللحظات الأخيرة من عمره ، إذ قال : ائتوني بدواة وكتف لأكتب لكم كتابا لن تضلوا بعده أبدا ، والملفت للنظر هنا أن الرسول (ص) قد ذكر عبارة " لن تضلوا " في مضمون حديث الثقلين الذي أمر فيه الأمة أن يتمسكوا بالقرآن والعترة.

 

العهد الإلهي بالخلافة : ان الرسول (ص) قد بين في بدء دعوته أن مسألة الخلافة من بعده هي عهد الهي ، ومجالا للرؤى البشرية في للتدخل وابداء الرأي فيها ، فهي مسألة خاضعة للتعبد واتباع النص ، فعندما اشترط عليه " بيحرة بن فراس " أحد رجال بني عامر في بداية الدعوة ، بأن يعلن إيمانه وإسلامه مع قبيلته مقابل تعهد من النبي (ص) بأن تكون الزعامة في قبيلته بعد الرسول (ص) ، ورغم حاجته (ص) الماسة إلى من ينصره ويعينه أنذاك لتثبيت جذور الإسلام لم يستجب لطلبه ، وقال له : الأمر إلى لله يضعه حيث يشاء ، ومن هذا وغيره يكتشف أن الإمامة لم تكن الا باذن من الله ووحيه ، وهي من الأمور التي لابد للأمة أن تتبع فيها النص ولا مجال لأمر آخر أن يكون له دخل في تقرير مصير الإمامة والخلافة.

 

ماجرى بعد وفاة الرسول (ص) : قد جرت الأمور بعد رسول الله (ص) على غير ما يرام ، فشهدت الساحة الإسلامية صراعا عنيفا حول الخلافة ، بحيث احتد الخلاف بين الأنصار والمهاجرين في سقيفة بني ساعدة ، حتى كاد أن ينتهي الأمر إلى فوضى نتيجة الأطماع في هذا الأمر.

 

وكان كل يجر النار إلى قرصه ، فاحتج المهاجرون بقول رسول (ص) : " الأئمة من قريش " فتغلبوا بذلك على الأنصار ، حتى قال الامام علي (ص) عندما بلغه هذا الاحتجاج فيما بعد : " احتجوا بالشجرة وأضاعوا الثمرة " ، وأصدق ما قيل عن حال المسلمين آن ذاك ، هو وصف الزهراء (ع) بنت النبي (ص) في الخطبة التي القتها امام المهاجرين والأنصار في المسجد النبوي بعد وفاة أبيها ، حيث قالت : فلما اختار الله لنبيه دار أنبيائه ومأوى أصفيائه ظهر فيكم حسكة النفاق ... واطلع الشيطان رأسه من مغرزة هاتفا بكم ، فألفاكم لدعوته مستجيبين ... ثم استنهضكم فوجدكم خفافا ... هذا والعهد قريب ، والكلم رحيب ، والجرح لما يندمل ، والرسول لما يقبر ، ابتدارا زعمتم خوف الفتنة : ( ألا في الفتنة سقطوا وإن جهنم لمحيطة بالكافرين ).

 

وقالت : (ع) أيضا في خطابها لنساء المهاجرين مخاطبة رجالهن : " ويحهم أين زحزحوها عن رواسي الرسالة ، وقواعد النبوة والدلالة ، ومهبط الروح الأمين والطيبين بأمور الدنيا والدين ، الا ذلك هو الخسران المبين ، وما الذي نقموا من أبي الحسن نقموا والله منه نكير سيفه ، وقلة مبالاته لحتفه ، وشدة وطأته ، ونكال وقعته ، وتنمره ذات الله ، وقالت : واطمئنوا للفتنه جأشا ، وأبشروا بسيف صارم ، وسطوة معتد غاشم ، وهرج شامل ، واستبداد من الظالمين.

 

السير التاريخي للخلافة : في خضم النزاع على السلطة والحكم بعد وفاة الرسول (ص) ، تمت البيعة لأبي بكر ، وهي بيعة يصفها عمر قائلا : " لا يغترن امرء أن يقول : إنما كانت بيعة أبو بكر فلته وتمت ، الا أنها كانت كذلك ولكن وقى الله شرها ، فمن بايع رجلا من غير مشورة من المسلمين فلا يبايع هو ولا الذي بايعه تغرة أن يقتلا ، وعندما دنت المنية من عمر سن بنفسه مبدأ الشورى الذي لم يكن عقيدة ومبدأ لعمر ، بل كان سبيلا انتهجه حينما لم يجد من يعهد إليه.

 

فانه مع ذكره لمبدأ الشورى أصبح يبحث عن رجل يرتضيه للخلافة فيعهد إليه بعيدا عن الشورى ، حيث قال : لو كان أبو عبيده حيا لاستخلفته ، وقال : لو كان سالم مولى أبي حذيفة حيا لاستخلفته ، وقال في معاذ بن جبل مثل ذلك ، وقال أيضا : لو كان سالم حيا ما جعلتها شورى.

 

وهكذا سار أمر الخلافة في الواقع بشكل متذبذب وغامض ، ولم يكن للخلافة بين أوساط الناس بعد اعراضهم عن النص الإلهي نظرية منسجمة ومتماسكة ليستندوا اليها ، فكانت خلافة أبي بكر " فلتة " ، وكانت خلافة عمر بتعيين وتنصيب من أبي بكر ، وكان انتخاب عثمان عبر الطريقة التي ابتدعها عمر ، وأما أمير المؤمنين فتولى الخلافة بعد اصرار المجتمع عليه ، وبعد أن انهالوا وألحوا عليه ليتولى زمام الأمور ، ثم من بعده وبعد أيام قلائل من خلافة الامام الحسن (ع) تحولت الخلافة إلى ملكية تلاعبت بها أيدي بني أمية ، ثم تلقاها بنو العباس وعبثوا فيها كيفما يشاؤون ، وانتهى الأمر بعد ابعاد الأمة للذين اصطفاهم الله لخلافة الرسول (ص) إلى استئصال الصالحين وقتل ذرية النبي (ص) وحكم الأشرار والطغاة ، ولم يكن ذلك الا لأن الأمة رأت قيام السلطة على أساس الاختيار البشري ، وحالت دون استمرار القيادة الربانية والتنصيب الإلهي في الحكم.

 

التنظير لمسألة الخلافة : بادر أبناء العامة بتنظير مسألة الخلافة والإمامة وتحديد أمرها ، فصاغوا مبدأ لها عن طريق متابعة الأمر الذي وقع ، والسعي لتبريره واضفاء الشرعية عليه ، فجعلوا ما حدث وماجرى في أمر الخلافة مصدرا رئيسيا في وصف النظام السياسي.

 

فكانت اطروحتهم استلهاما لما حدث في صدر الإسلام والطرق التي حسمت أمر الخلافة ، ولم يجد أبناء العامة أمرا جامعا لها سوى الذهاب إلى نظرية الشورى ، ولكن خفى عليهم أن نسبة الشورى لخلافة الذين تولوا الأمر بعد الرسول ليس الا مكابرة ، كما ان هذا المبدأ بنفسه لا يسعه أن يقدم للأمة الخلافة التي يمكن الاعتماد عليها والوثوق بها.

 

سلبية الشورى في الحكم : ان الطبيعة الغالبة على الناس اندفاعهم وراء المنافع العاجلة واللذات الحاضرة ، وقد أشار الباري في محكم كتابه إلى هذه الحقيقة بآيات عديدة ، كقوله تعالى : ( وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين ) ، وقوله تعالى: ( وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله ) ، وقوله تعالى : ( تلك القرى نقص عليك من أنبائها ولقد جاءتهم رسلهم بالبينات فما كانوا ليؤمنوا بما كذبوا من قبل كذلك يطبع الله على قلوب الكافرين وما وجدنا لأكثرهم من عهد وإن وجدنا أكثرهم لفاسقين ) ، وقوله تعالى : ( ولو اتبع الحق أهواءهم لفسدت السماوات والأرض ومن فيهن ) ، وقوله تعالى : ( قل لا أتبع أهواءكم قد ضللت إذا وما أنا من المهتدين ) ، وقوله تعالى : ( زين للناس حب الشهوات ) ، وقوله تعالى : ( أرئيت من اتخذ إلهه هواه أفأنت تكون عليه وكيلا أم تحسب أن أكثرهم يسمعون أو يعقلون ).

 

وعلى هذا فالقاء مهمة اختيار الامام على المجتمع سوف يؤدي الى مواجة ذوي النفوذ الاجتماعي ، وأصحاب الأموال الذين تصطدم مصالحهم مع خلافة الأصلح ، وبالتالي سوف يعاني المجتمع كثيرا من الأذى والعناء والتضحية بالنفوس والأموال إذا أراد اختيار من يراه صالحا لتولي أمورهم ، في حين أن الواقع المحسوس في الأغلبية الساحقة من المجتمعات البشرية على مدى التاريخ اثبت أن المجتمع فشل في هذه المهمة ، ولابد من تدخل اليد الإلهية لتحديد مصيره وتعيين من يتولى شؤونة.

 

ولذا كان النهج الرباني في جميع العصور هو ارسال الرسل للمجتمع ، وأمرهم باتباعهم وطاعتهم واتخاذهم أولياء وخلفاء في الأرض ، كما قال تعالى في هذا الصدد بعد ذكره عدد كبير من الأنبياء : ( أولئك الذين آتيناهم الكتاب والحكم والنبوة ).

 

والجدير بالذكر أن أمر الخلافة لو كان من شؤون الناس لكان على الرسول (ص) إن يكل ذلك في زمانه إلى اختيار الناس ، ويكتفي بتشريع الشروط والمواصفات العامة للقائد الذي ينبغي أن يختاره الناس ، ثم يرشح نفسه كأحد الناخبين ويكل الأمر إلى اختيار الناس ، أو على الأقل يحدد معالم كيفية الانتخاب والاطار الشرعي والضوابط للخلافة من بعده ، ولكن الرسول لم يفعل ذلك بل تصدى للحكم بأمر من الله عز وجل فعين في مواقف عديدة ومشاهد كثيرة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) خليفة من بعده.

 

أهمية الإمامة : ان الإمامة روح الشريعة الإسلامية والقلب النابض لها ، ومن دونها يكون الدين جثة هامدة لا حياة فيه ولا رمق ، ومن دونها يبقى الناس بعد الرسول (ص) همل بلا راع يفقدون المحور الذي يلتجئون إليه عند حدوث الاختلاف ، فالامام هو الحبل الذي يعتصم به الناس لئلا يتفرقوا ، وهو المسدد لمسار البشرية التكاملي الذي تعتوره العقبات والأخطار ، فيكون الامام هو الميزان الذي ترجع إليه لتصحيح مسارها.

فالامام معلم في مسار الانسانية نحو الكمال ، وهو الدليل والمرشد وصمام الأمان الذي يعصم الأمة من الاختلاف ، وهو الذي يصون الدين والشريعة من الانحراف ، وان الأئمة يصطفيهم الله عز وجل لهذه الأمة بعد نبيه كما اصطفى آل إبراهيم.

 

فهم أئمة في جميع الأحوال سواء التف الناس حولهم ومهدوا لهم المنزلة التي اختارها الله لهم ليبسطوا العدالة على وجه الأرض ، أو أعرضوا عنهم ونبذوهم وراء ظهورهم ، لأن رأي الناس وما يذهبون إليه لا يغير من الواقع شيئا ، وأن الباري قد هدى الانسان النجدين فإما شاكرا وأما كفورا ( من كفر فعليه كفره ومن عمل صالحا فلأنفسهم يمهدون ) ، كما لم يضر الله اجتماع الناس في الغابر على تكذيب أنبيائه وقتلهم واقصائهم لأن ( من كفر فإن الله غني عن العالمين ).

 

الاهتداء بهدي الأئمة : يقول الأخ سعيد زكريا : أرشدني الأستاذ بعدما بين لي الكثير من الحقائق إلى مصادر الأحاديث التي نص فيها رسول الله (ص) على خلافة أمير المؤمنين (ع) وأهل بيته (ع) من بعده لأراجعها بنفسي ، فراجعتها وأيقنت بأن النبي (ص) لم يهمل مسار الإسلام من بعده ، بل كان مهتما بأمر الإمامة ، وعرفت أن اهتمام الرسول (ص) بهذا الأمر من بعده لم يكن اعتباطيا ، بل كان لأهمية الإمامة وعظمة مقامها ، ولهذا قررت الالتحاق بمذهب أهل البيت (ع) فاعتنقت هذا المذهب عام 1993م ، بمدينة " جينجا " في أوغندا.

 

العودة لصفحة البداية

العودة لفهرس المستبصرين