( الدكتور / نور الدين الدغير الهاشمي )

العودة لصفحة البداية

العودة لفهرس المستبصرين

 

البطاقة الشخصية

 

مولده ونشاته : ولد عام 1973م في المغرب بمدينة مكناس في أسرة مالكية المذهب ، واصل دراسته الأكاديمية حتى حصل على الاجازة في علوم البيولوجيا ـ تخصص علم النباتات ـ وهو حاليا يحضر للماجستير ، ترعرع الأخ نور الدين في أجواء تسودها الحرية والانفتاح ، ونشأ في أجواء تمنح كل شخص حقه الطبيعي في حرية الاطلاع على مختلف المعطيات المعرفية ، فلهذا غدا صاحب عقلية متفتحة لا تقبل أي معتقد عن تقليد أعمى أو اتباع عشوائي ، بل كان دأبه البحث عن العقيدة التي تفرض نفسها بالأدلة والبراهين.

 

بداية التفاته إلى مذهب التشيع : يقول الأخ نور الدين حول أول قضية أخذت بيده إلي عالم التشيع شاهدت ذات يوم عبر احدى القنوات التلفزيونية الفضائية تشييع جثمان شارك فيه الملايين من الناس ، فلما استفسرت حول ذلك ، عرفت أنه تشييع جثمان الامام الخميني (ر) ، فاستغربت من الموقف ودارت في ذهني تساؤلات كثيرة ، ومن هنا أحسست بدافع وجداني يدفعني للاستطلاع حول المذهب الإسلامي الذي يتبناه هؤلاء ، وكنت لا أعرف عن الشيعة الإمامية الاثنى عشرية سوى أنهم يؤلهون الامام علي (ع) وأن لهم قرآنا خاصا ، وأمور أخرى كنت قد سمعتها ممن حولي ، ولكنني بعد اتخاذي قرار البحث بموضوعية ، رأيت أن جميع معلوماتي حول هذه الطائفة لا تستند على الأدلة العلمية ، ورأيت أن الأمر يتطلب مني التوجه إلى البحث الجاد والمبتني على الاُسس والمباني العلمية والموضوعية.

 

منهجه في البحث عن الحقيقة : ومن هنا شرع الأخ نور الدين في البحث حول مذهب أهل البيت (ع) وحاول أن لا يستند إلى قول أو معتقد الا بعد الحصول على الحجة والبرهان ، ثم وطن نفسه لقبول النتائج وإن كانت مخالفة لما هو عليه ، وقرر مع نفسه أن يتبع الموضوعية والانصاف خلال البحث ، واستمر الأخ نور الدين على هذا المنوال ، وبدأ بالبحث عن معتقدات ورؤى مذهب أهل البيت (ع) وحاول خلال ذلك أن تكون له مراجعة لأدلة مذهبه المالكي ، لئلا يقع ضحية الرأي الواحد ، واجتهد أن يتحلى حين البحث بالرؤية الشمولية ، وأن يوفر لنفسه الأجواء النقية التي لا تحجب بصيرته عن رؤية الواقع كما هو عليه.

 

على أعتاب الاستبصار : ولم تمض فترة والأخ نور الدين مشغول بتجميع الأدلة والبراهين التي يعتمد عليها طرفي السني والشيعي الا ووجد الأخ نور الدين أنه على أعتاب تحول مذهبي يأخذ بيده مما كان عليه ويدخله في مذهب أهل البيت (ع) ويصف الأخ نور الدين ما واجهه خلال البحث رويدا رويدا أخذت تتساقط صروح مدرسة الخلفاء لتحل محلها فكرة الارتباط بآل البيت (ع) وكان محفزي في ذلك الأدلة الهائلة التي تفاجأت بها وكنت غافلا عنها فيما سبق.

 

ويضيف الأخ نور الدين : ومن هنا بدأت ادخل في رحاب مدرسة أهل البيت (ع) خطوة خطوة ، وبالتدريج نتيجة اتجاهي نحو قراءة كتب الشيعة ارتقى مستوى وعيي بأصول ومبادى مذهب التشيع ، وكانت من جملة الكتب التي تأثرت بها وكان لها الدور الكبير في تغيير مرتكزاتي الفكرية هي بعض كتب الدكتور التيجاني السماوي ، وكتب الشيخ محمد جواد مغنية ، وبعض الكتب الحديثية من قبيل الكافي للكليني ، ومن لا يحضره الفقيه لابن بابويه القمي وغيرها ، حتى ثبت عندي بالقطع أحقية مذهب أهل البيت (ع) فأعلنت بعد ذلك عام 1991م استبصاري واعتناقي لمذهب أهل البيت (ع).

 

مرحلة العمل التوجيهي : تتالت على الأخ نور الدين الاسئلة والاستفسارات من كل حدب وصوب بعد اعلانه التشيع والموالاة لأهل البيت (ع) فدفعه هذا الأمر للدخول في مرحلة التبليغ والدعوة ، ونشر الأدلة التي دفعته إلى تغيير انتمائه المذهبي ، ثم حدث بين الأخ نور الدين ، والأستاذ " إدريس الحسيني " صاحب كتاب " لقد شيعني الحسين " اتصال ، فاستفاد الأخ نور الدين كثيرا من معلومات الأستاذ إدريس الحسيني ، وتفتح ذهنه من خلال ذلك على الكثير من الأدلة المثبتة لأحقية مذهب التشيع ، فزاده ذلك رسوخا وثباتا على مذهب أهل البيت (ع).

 

مؤلفاته :

1 _  " التاريخ بين الحقيقة والمؤرخ " : مخطوط : سيصدر عن مركز الأبحاث العقائدية ضمن سلسلة الرحلة إلى الثقلين : يقول المؤلف في المقدمة : المباحث المدروجة في الكتاب هي محاولة للثورة على المعتقد القديم والسائد ، وكمحاولة لاخراج دراسة تاريخ الإسلام من الحالة التي وجد عليها إلى حالة أكثر دينامية ، تكشف القناع عن المستور وتفعله كي تهتز الأسس المهترئة والتي وقعت تحت تعسف التاريخ ، ومطارحة جديدة لفكر ظل طوال التاريخ يمارس حالة المعارضة على كل الأصعدة سواءا منها السياسية أو الثقافية ، ومحاولة ابراز بعض المعالم المعرفية التي حاول التاريخ الرسمي تهميشها واخراجها من دائرة الفكر الإسلامي ، كي نستطيع الوصول إلى تاريخ جماعي تسوده سلطة المعرفة ... ، إن هذه الدراسة حاولت ملامسة بعض الجوانب الغامضة من التاريخ الإسلامي ، من خلال موسوعتين تاريخيتين ، وهما البداية والنهاية ، وموسوعة التاريخ الإسلامي ، وهي ليست كافية بالشكل الذي نجيب فيه عن الثغرات الموجودة ، لكن هي محاولة جادة للخروج من المألوف ، واحداث نمط خاص وهو الوقوف عند علل هذا الخلل التاريخي ، ويحتوي هذا الكتاب على ستة فصول وهي :

الفصل الأول : الخطاب التاريخي من أين.

الفصل الثاني : ابن كثير والتاريخ.

الفصل الثالث : ابن كثير ... الوهم والحقيقة.

الفصل الرابع : قراءة نقدية ـ نموذج أحمد شلبي.

الفصل الخامس : التشيع .. تاريخ مذهب.

الفصل السادس : النظام السياسي ـ نظرية الولاية في الفكر السياسي الإسلامي.

 

وقفة مع كتابه : " التاريخ بين الحقيقة والمؤرخ " : يتناول الكاتب في كتابه هذا التاريخ كعلم أسسه وقوانينه ومنهجه ، فيبين أهمية التاريخ بالنسبة لحياة الشعوب حيث يقول عن التاريخ بأنه " يعكس تلك الصيرورة البشرية والتطور الناتج عنها ، من ذلك المجتمع البدائي الذي كان الانسان فيه بالكاد يجد قوت يوم حيث كان يصارع قساوة الطبيعة وظروف الحياة إلى زمان صارت فيه امكانية الراحة المادية متاحة ، لتظهر لنا بذلك التفوق البشري علي معطيات الطبيعة تحت عامل الحاجة ، والبحث عن امكانيات أفضل وطريقة عيش أحسن.

ثم يبين العلاقة بين التاريخ والمؤرخ وعلاقتهما بالحقيقة ، فالتاريخ هو ما يكتبه المؤرخ وفق ما يراه ويفهمه من احداث الواقع لا هو احداث الواقع بعينها ، يقول الكاتب في هذا المجال : قد يكون هذا منطق المؤرخ ، أي أنه ينسجم وذاته بحيث يعكس واقعه كمؤرخ ناطق باسم الجهة التي ينتسب اليها سواء كانت سياسية ، وتتمثل خصوصا في النظام الحاكم بحيث صارت أغلب التواريخ السائدة معبرة عن منتجاتها والحامية لها ، أو كتيار فكري يظل المؤرخ في أغلب الأوقات محروم الجماهير وأسير النخبة المتبنية له.

 

وقد تجلى هذا بوضوح في التاريخ الإسلامي ، حيث لم يلعب المؤرخ دور الباحث عن احداث التاريخ ، بل حاول اضفاء الشرعية على الواقع الموجود ، وقد ساعد على ذلك عدم التخصص ، بل ممارسة التاريخ بالاضافة إلى الفقه والقضاء كما هو عند الطبري أو ابن كثير مثلا ، أضف إلى ذلك التقديس والتقليد الذي أفرزه الواقع الإسلامي ، والذين وقفا حجر عثرة امام تحرر الفكر والبحث عن الحقيقة ، " إذ تعرض التاريخ الإسلامي لعملية تحوير ، فألحق بالمقدس من الدين مقدسات تاريخية لها نفس الأثر الذي لعبته الخرافات التي كانت تحبس الفكر المسيحي عن التحرك " وللخلاص من الجمود في التاريخ الإسلامي لابد من الفصل بين ما هو مقدس وما هو غير مقدس ، وتحديد المقصود بالمقدس الإسلامي بالضبط دون تداخل في حدوده ، إذ يقول الكاتب " إن هذه النقطة جوهرية ، بحيث أن مجموعة من الأشياء اكتسبت قدسيتها من قوتها كواقع ، سواء كأشخاص ، وهذا ما أظهر لنا مثلا عدالة الصحابة رغم أن هذا المبدأ يخالف الطبيعة البشرية " ، ثم يضيف " إن الاشكالية التي يمكن أن نخلص اليها من خلال الاطلاع على المدونات التاريخية ، وخصوصا منها التي كرست تاريخ الافراد تتمثل في تكريس حتمية النص الرسمي وإصباغه بصبغة الاجماع ، كي يتم التوافق على حقيقته وواقعيته ، لذا يبقى المخرج الوحيد لهذه الاشكالية هو رفض هذه الحتمية وادخال المبحث التاريخي موقع الشك حتى يتسنى التعامل معه من جميع النواحي.

 

ابن كثير والتاريخ : تعرض الكاتب إلى كتاب البداية والنهاية لابن كثير كمثال للموسوعة التاريخية التي تدون التاريخ الإسلامي الرسمي بطريقة تحفظ من خلالها كرامة هذا التاريخ وعزته ، إذ أن ابن كثير الذي يلبس رداء المسلم الذي أشبع بالمؤثرات السلفية يصبغ المرحلة الأولى من التاريخ الإسلامي رجالاتها بقداسة خارقة يتوقف فيها العقل عن ممارسة فعله الحقيقي في البحث والتنقيب.

يرى ابن كثير أن القرن الأول هو خير القرون ورجاله خير الرجال ، لأن الحديث المنسوب للنبي (ص) ، يقول : خير القرون قرني هذا ثم الذي يليه ، ثم الذي يليه ، " ومن هنا ندخل في النقطة الحساسة وهي هذه القداسة المفتعلة التي حاول صبغ التاريخ بها ، حيث لم يكن ذلك المؤرخ الذي يعمل على توثيق الاحداث التاريخية بضرب بعضها ببعض ، بل التعامل مع الحدث التاريخي من خلال وضعيته العلمية والتي يطغى عليها المحدث على المؤرخ ، إذا اهتم في تاريخه بالرواية تماشيا مع صبغته كامام محدث يكره الاجتهاد وابداء الرأي.

 

ويوضح الكاتب اسلوب ابن كثير في كتابة التاريخ بالقول : " إن عملية نقد الروايات والأخبار لم تكن واردة في ذهن ابن كثير بقدر ما كان الهم الكبير هو جمع عدد كبير من الروايات والاحداث ومحاولة اخراجها بشكل يساير طابعه الايديولوجي الطاغي عليه ، حيث أن النظر عنده في الرواية أو الحدث التاريخي لا يخرج عن اطارين هما تمجيد مرحلة الصحابة والتابعين ، والانتصار لهذا التاريخ الملغوم ، فيقبل كل ما روي حتى ولو عن كذاب مشهود عليه بالكذب ، كمثال روايات سيف بن عمر التميمي ... وكما إنه يرفض روايات [الوضاعين] التي قد تمس ببعض شخصيات هذا التاريخ ، وقد يكون سبب رفضه الرواية هو التوجه المذهبي للراوي".

 

ويوضح الكاتب بعد ذلك اسلوبه الانتقائي وتجاهله لكثير من احداث التاريخ كرواية أسامة ، أو تزويرها بالشكل الذي يخدم ما يراه صحيحيا كحادثة رزية الخميس ، ثم يضيف : " أن عملية التاريخ عنده لم تكن الا حالة من محاولات الانتصار المذهبية العقيمة التي لا تفيد العلم في شيء بقدر ما هي محاولات لتكريس التخلف " ، ثم يورد الكاتب أمثلة كثيرة توضح تناقضات ابن كثير في تاريخه للاحداث المهمة كاحداث السقيفة وتاريخ الخلفاء الأربعة.

 

موسوعة التاريخ الإسلامي لأحمد شلبي : ثم يتناول الكاتب هذه الموسوعة كمثال لما كتب حديثا عن التاريخ الإسلامي ، والذي ادعى كاتبها أن يعيد كتابة التاريخ بطريقة تتجاوز ركام التخلف التاريخي ، ويحاول استخلاص العبر من التاريخ بحيث تصبح الموضوعية هي المطلب الرئيسي للمؤرخ ، وقد لاحظ الكاتب إنه رغم الدقة العلمية والمنهجية الظاهريتين في كتابته للتاريخ لكنه يتعثر كثيرا عندما يصل إلى النقاط الحساسة ، فتضيع الموضوعية والعلمية كما في تناوله لشخصية عبد الله بن سبأ ، أو تجاهله تماما لا حداث مهمة كحادثة رزية الخميس ، وسرية أسامة وغيرها ، أو تجاهله المتعمد لكل فضيلة للامام علي (ع) أو أهل بيته الكرام فانتفت نزاهة هذا المؤرخ وظهرت انتقائيته ، وتعامله اللاعلمي مع الحدث التاريخي.

 

التاريخ أسباب ونتائج : لكي يتوصل الباحث في التاريخ ـ شأنه شأن البحث في أي علم ـ إلى نتائج صحيحة يمكن قبولها والاعتماد عليها لابد أن يتوفر على دراسة موضوعية للأسباب الممهدة لمثل هذه النتائج ، وبدون ذلك لا يمكن الاعتماد والاطمئنان إلى مثل هذه النتائج لأنها لا يمكن أن تصمد امام البحث العلمي أو الواقع الخارجي ، وهذا الأمر شبه البديهي الذي يورده الكاتب يضيف إليه أن : " هذه العملية مهمة في دراسة التاريخ الإسلامي ، لأنني باستطاعتي أن أعطي حكما قيميا أصلُ من خلاله إلى حكم يخالف الواقع وما جرت به الاحداث ... وهو ما سيترتب عليه التعامل مع باقي الفرق الأخرى بشكل متطرف واخراجها عن ملة الإسلام.

 

ويلاحظ الكاتب إن هذا هو ما حدث مع كاتب موسوعة التاريخ الإسلامي ، الدكتور أحمد شلبي في تفسيره للاحداث التاريخية المهمة كخلافة أبي بكر بعد وفاة الرسول (ص) الذي أدعى أنها كانت بالاجماع دون أن يقدم أي مقدمات تؤيد الوصول إليه ، وهو مسألة خلافية مهمة بين المسلمين ، وهكذا كان الأمر مع احداث أخرى أشار الكاتب إلى بعضها.

 

القرآن والتاريخ : يشير الكاتب إلى نقطتين مهمتين في هذا المجال ، ويقول : " إن الاعتبار من التاريخ كان جزءا مهما في الطرح القرآني ، بحيث تناول أغلب الموضوعات ، وصدر مفهوما لتطور الاحداث والتواريخ وسماه بالقصص ، حيث قال تعالى : ( نحن نقص عليك أحسن القصص ) ، مما يعطي للحدث التاريخي مفهوما من خلال معنى القصة التي يتوخى منها العبرة ".

وهذا وقد دعا القرآن إلى الاعتبار صريحا في قوله تعالى : ( قل سيروا فى الأرض ثم انظروا كيف كان عـقبة المكذبين ) ، مما يعطي القرآن بعدا تاريخا في تتبع الوقائع واعطاء الأسباب واستخلاص النتائج.

 

ويضيف الكاتب قائلا إن هذا : مما يلزمنا بنهج منهج القرآن ، وهو تقفي الآثار ، وطرح التساؤلات والاجابة عن الاشكالات ، كي ترجع للأمة هويتها المفقودة في ظل فكر إسلامي منسجم من أجل البناء المستقبلي لدولة العدل الإلهي و ( أن الأرض يرثها عبادي الصالحون ).

 

العودة لصفحة البداية

العودة لفهرس المستبصرين