( محمد عبدالحفيظ )

العودة لصفحة البداية

العودة لفهرس المستبصرين

 

البطاقة الشخصية

 

مولده ونشأته : ولد عام 1960م في قرية "بنبان " في جمهورية مصر العربية ، ونشأ في أوساط عائلة جعفرية النسب ومالكية المذهب ، اجتاز المراحل الدراسية الابتدائية والمتوسطة والاعدادية في مسقط رأسه ، ثم أكمل ما بقي منها في معهد أسوان الثانوي ـ القسم العلمي ـ ثم ذهب إلى القاهرة عام 1980م لمواصلة دراسته الجامعية ، فالتحق بادىء الأمر بكلية طب الأسنان ثم انتقل منها إلى كلية الشريعة ، ثم انتقل منها إلى كلية الشريعة والقانون حتى تخرج منها عام 1986م ، له رسالة بحث عن الأجرام السماوية في المناطق النائية باشراف الدكتور شاكر بدوي قدمها لجامعة الأزهر عام 1987م.

 

بحثه عن الحقيقة : توجه السيد محمد من منطلق أرواء تعطشه الفكري للحقيقة إلى البحث عن الانتماء الذي يمنحه الطمأنينة والاستقرار ، واندفع بشوق الى البحث عن العقيدة التي تفرض نفسها على العقل بالأدلة والحجج والبراهين ، فيقول السيد محمد في هذا المجال : كنت في ريب مما كنت أتعبد به ، وكنت أطلب الحقيقة ، وفي احدى المرات كنت في زيارة عمل إلى الامارات العربية وذهبت إلى أحد مسأجدها ، وذلك لكي أرى الحقيقة ، وعند ذهابي إلى هناك وجدت الناس في شك وريب مني ولم أجد أحدا أتكلم معه فيما يجول بخاطري من شكوك ، ولكن السيد محمد لم يفتر في بحثه عن الحق ، بل بقي منتهزا لكل فرصة مناسبة توفر له أجواء التعرف على الحقيقة ، ثم عاد من الامارات إلى السودان ومنها إلى مصر ، ثم سافر بعد ذلك إلى أوروبا ، ومنها إلى أمريكا عام 1990م ، وشاءت الأقدار الإلهية في أمريكا أن تهيأ له الفرصة المناسبة للبحث عن الحقيقة.

 

فيقول السيد محمد عبد الحفيظ : وفي احدى المرات ... كنت في سيائل بولاية واشنطن على المحيط الهادي ، وذهبت إلى المدرسة الإسلامية بهذه البلدة بقصد صلاة المغرب ، والتقيت بأحد الاخوان وكان يسمى أبو طالب ، والحقيقة لقد شدني هذا الاسم بماله في قبيلتنا من اكرام واعزاز ، وعرفني به مدير المدرسة ، فقال له : هذا محمد الجعفري من أولاد الامام جعفر الصادق من جنوب مصر ، ورحبت به ، ورحَب بي ، وذكرت له فضل هذا الاسم عندنا.

 

العثور على مصدر تلقي العلم : التقى السيد محمد عبدالحفيظ بأبي طالب مرة أخرى ، وتوفرت الفرصة المناسبة للتكلم معه ، فيقول السيد محمد : قلت له يا أخي إنني تائه في نفق مظلم وأبحث عن الحقيقة ، فأرشده أبو طالب للذهاب إلى رجل من أهل العلم يدعى السيد محمد حسين الجلالي ، فخابره السيد محمد بالهاتف واتفق معه على موعد لكي يتحدث معه حول بعض المسائل العقائدية ، وجاء الموعد والتقى السيد محمد بالسيد الجلالي ، فسأله السيد الجلالي بعدما تعرف عليه وعرف بأنه يدعى بالجعفري : ما هو السبب في تلقيبك بالجعفري ، هل أنت جعفري النسب أم أنت جعفري العقيدة والمذهب ، فقال له السيد محمد : إنني جعفري النسب وأبحث عن العقيدة والمذهب ، ومن هذا المنطلق شرع السيد الجلالي يعرف له المذهب الجعفري ، فكانت تلك الجلسة للسيد محمد بداية انطلاق للبحث عن العقيدة الجعفرية ومبانيها في التوحيد والنبوة والبعث والمعاد والعدل والإمامة.

 

بداية رحلة بحثه عن التشيع : من هنا بدأت رحلة السيد محمد في البحث عن المذهب الجعفري ، فشرع بدراسة موضوعية وبناءة من أجل التعرف على مذهب أهل البيت (ع) وكان هدفه إختبار مدى قوة مباني هذا المذهب ومدى صلاحيته لاخراجه من دائرة الشك والارتياب وادخاله في عالم النور واليقين ، ووفر السيد الجلالي للسيد محمد المصادر المهمة التي تتعلق ببحثه ، وأذن له بالاستفادة من مكتبته التي كانت غنية بكتب تراث أهل البيت (ع) لا سيما الكتب الفقهية والعقائدية ، فأخذ السيد محمد بقراءة الكتب الشيعية بدقة وامعان نظر ، ومن هنا أخذت معارف أهل البيت بيده وانتشلته مما كان فيه من حيرة واضطراب ، فاستضاءت بصيرة السيد محمد بنور أحاديث العترة ، ولم تمض فترة الا ووجد نفسه في دائرة التشيع.

 

أهم دوافع انتمائه إلى التشيع : كان اعجاب السيد محمد بشخصية الامام الصادق (ع) من أهم دوافع استبصاره واعتناقه لمذهب التشيع ، فهو بالرغم من نشوئه في أحضان الفقه المالكي ، فقد تتبع المنبع الذي أخذ منه الإمام مالك ، فوجد أن الإمام مالك كان من الذين استفادوا من علوم الامام جعفر الصادق (ع) فلهذا رأى أن الأصل هو أولى بالاتباع ، يقول السيد محمد في هذا الصدد : فتشت عن آراء ومذهب الأستاذ الذي هو الأصل وليس الفرع ووجدت من الأفضل اتباع من يتلقى ، عن أبيه ، عن جده رسول الله (ص) وهو الامام جعفر الصادق.

كما انه قارن بين منهج الامام الصادق (ع) ومنهج غيره ، فوجد الامام الصادق (ع) كما ورد عن مالك بن أنس : ... ما رأت عين ، ولا سمعت إذن ، ولا خطر على قلب بشر أفضل من جعفر بن محمد الصادق علما وعبادة وورعا ، وناهيك عن قول مالك ، وجد السيد محمد نتيجة مطالعته لأحاديث الامام الصادق أنه من عظماء أهل البيت (ع) وأن له منزلة رفيعة في العلم وأنه يتمتع بشخصية فذة يعجز عن وصفها اللسان البشري ، فلهذا رأى من الواجب عليه اتباع هذا الامام والأخذ بسيرته والاعتماد عليه في تلقي الشريعة التي جاء بها الرسول (ص).

 

اعلانه للاستبصار ونشره للتشيع : أعلن السيد محمد استبصاره بعد ذلك ، ثم بادر إلى تأليف كتاب يحكي فيه عن كيفية تعرفه وانتمائه إلى العقيدة الجعفرية ، وسمى كتابه ( لماذا أنا جعفري ) ، ولا يزال السيد سائر في درب العمل التوجيهي من أجل نشر مذهب أهل البيت (ع) وتوعية الذين وقعوا فريسة الاعلام المضاد الذي سنه بنو أمية وبنوالعباس ضد أهل البيت (ع).

 

مؤلفاته :

 

1 _  " لماذا أنا جعفري " : صدر سنة 1413هـ ـ 1993م ، عن مؤسسة الأعلمي ، بيروت ، يتألف الكتاب من مقدمة وثلاثة فصول ، جاء في المقدمة : تعريف الامام جعفر الصادق (ع) وتلميذه مالك بن أنس امام المذهب المالكي ، ثم أشار المؤلف إلى وصية الامام الصادق إلى علي بن جندب ، كذلك أشار إلى كيفية بيعة الامام علي (ع) للخليفة الأول ، أما الفصل الأول ففيه تبيين للعقيدة الجعفرية وهي عقيدة الشيعة من توحيد ونبوة وامامة وعدل ومعاد ، والفصل الثاني يتطرق فيه إلى الفقه الجعفري ، ويتعرض فيه لعلوم ومسائل فقهية كثيرة ، والفصل الثالث يستعرض فيه المؤلف نسبه إلى الامام جعفر الصادق (ع) ويذكر بعض كتب الأنساب والمشجرات.

 

وقفة مع كتابه : " لماذا أنا جعفري " : البحث عن الأصل : جعفر الصادق أم مالك : يقول الكاتب : " بما أني قد تربيت على الفقه المالكي ووجدت إن مالك أخذ وتتلمذ على يد الامام جعفر الصادق كما يقول الدكتور مصطفى الشكعة في كتابه الإمام مالك ما لفظه : ومن الشيوخ الذين أخذ عنهم مالك وتأثر بهم في سلوكه الامام جعفر بن محمد ابن علي بن الحسين ، وهو المعروف بجعفر الصادق ، وكان رأس آل البيت في المدينة وتوفي سنة 148هـ ، وربما أحس الدارس هذه الأيام بشيء من الغرابة في أن يأخذ أحد أئمة أهل السنة عن أحد أئمة الشيعة ، والحقيقة أن واقع حياة المسلمين على عهد مالك وجعفر لم تكن كواقعها في هذا العصر الذي توجد فيه فجوة واسعة بين الفريقين ، هذا من ناحية ، ومن الناحية الأخرى كانت شخصية الامام جعفر من ناحية العلم والفضل والتبقوي والتسامح لما يدعو كل مسلم مهما كان مذهبه إلى احترامه وإجلاله ، وهل من مسلم الا ويحب أبناء آل البيت ، فما بالنا إذا كان هذا الابن غزير العلم ، وافر الحكمة ، كامل الأدب ، زاهدا ورعا ، بعيدا عن الغلو ، بريئا من التطرف ، لا يحب الاعتزال ، هكذا كان الامام جعفر ، لذلك فتشت عن آراء ومذهب الأستاذ الذي هو الأصل وليس الفرع ، ووجدت من الأفضل اتباع من يتلقى ، عن أبيه ، عن جده رسول الله وهو الامام جعفر الصادق الذي قد اعترف بفضل الامام العدو قبل الصديق جاء في كتاب الصواعق المحرقة لابن حجر العسقلاني المتوفى عام 974هـ والمولود 899هـ ، في ص201 ، عن الامام الصادق ما لفظه : ( ونقل الناس عنه من العلوم ما سارت به الركبان ، وانتشر صيته في جميع البلدان ، وروى عنه الأئمة الأكابر كيحيى بن سعيد ، وابن جريح ، ومالك ، والسفياني ، وأبو حنيفة ، وشعبة ، وأيوب السجستاني) انتهى.

تعجبت من الإمام مالك كيف ينقل عن الامام جعفر الصادق خمسة أحاديث فقط في الذي يشهد فيه الداني والقاصي على أن علوم وفقه الامام جعفر الصادق ملأ جميع أرجاء المعمورة ، وكيف مالك يتعلم الفقه والعلوم الدينية على يد الامام جعفر الصادق ، ولم ينقل عنه في كتابه الموطأ الا خمسة أحاديث فقط ، والسبب في ذلك قد يتضح من أن الإمام مالك كتب كتابه بطلب من الخليفة العباسي ، والكل يعلم بغض العباسيين لآل البيت وأمر الخليفة العباسي مالك بتأليف كتابه الموطأ نكاية بالامام جعفر.

 

يقول الدكتور مصطفى الشكعة ما لفظه : " وأما مناسبة تأليف الكتاب ، فقد كانت نتيجة غير مباشرة للمحنة التي تعرض لها الإمام مالك حين ضربه والي المدينة العباسي بالسياط ، على ما مر بنا قبل قليل ، ثم رأى الملك العباسي المنصور أن يسترضيه ، وتم التراضي على أن يلتقي الامام والمنصور في منى في موسم الحج ، وتم اللقاء بينهما وكرم المنصور مالكا وجرى بينهما حديث طويل في شؤون شتى إتسم بالمجاملة ولم يخل من حوار في الفقه أو الحديث أو العلم ، ولم يلبث الملك العباسي أن ، قال لمالك : يا أبا عبد الله ، ضع هذا العلم ودونه ، ودون منه كتبا ، وتجنب فيه شدائد عبد الله بن مسعود ، واقصد إلى أوسط الأمور ، وما اجتمع عليه الأئمة والصحابة... لنحمل الناس إن شاء الله على علمك وكتبك ، ونبثها في الأمصار ، ونعهد اليهم الا يخالفوها ، ولا يقضوا بسواها ، فقال مالك : أصلح الله الأمير ، إن أهل العراق لا يرضون علمنا ، ولا يرون في علمهم رأينا ، وفي رواية أخرى ، قال : المنصور لمالك : اجعل العلم يا أبا عبد الله علما واحدا ، فقال له مالك : إن أصحاب رسول الله (ص) تفرقوا في البلاد فأفتى كل في مصره بما رأى ، وإن لأهل البلد ـ يعني مكة فقد كان اللقاء في منى ـ قولا ، ولأهل المدينة قولا ، ولأهل العراق قولا تعدوا فيه طورهم ، فقال : المنصور : أما أهل العراق فلا أقبل منهم صرفا ولا عدلا ، وإنما العلم عند أهل المدينة ، فضع للناس العلم " ، ما ذكره الدكتور الشكعة واضح بأن الإمام مالك لم يكتب الكتاب الا لرغبة العباسيين ، وإن الملك العباسي فرض رأيه بهذا الكتاب على المجتمع الإسلامي فرضا لم ينزل الله به من سلطان ، وواضح هذا في مقدمة الملك العباسي المذكور ( نحمل الناس على علمك وكتبك ونبثها في الأمصار ) بالرغم من علمها بعلوم الامام جعفر الصادق وأهل البيت ، وما ذلك الا نكاية بآل البيت ، لذلك نجد مالك يتعاطف مع العباسيين في عقيدته وفقهه.

 

مالك والغناء والمزاح : ووجدت في الكتاب المؤلف ، عن مالك بأنه كان يحب الغناء ويحب اللهوما لفظه : " أما عن مالك والغناء فذلك خبر صحيح قديم ، قديم قدم طفولة مالك ، فقد استهواه فن الغناء وهو صغير ، وأراد أن يتعلمه ، وينتظم في سلك المغنين في الحجاز وفي المدينة على وجه التحديد التي كان للغناء فيها سوق نافقة لولا أن أم مالك كانت من الفضل وحسن التوجيه بحيث استطاعت أن تثنيه عن ذلك ، وأن توجهه إلى تعلم الفقه على ما مر بنا تفصيلا في صدر هذه الدراسة ، فما هو حديث الغناء إذن ، ولماذا نعود لاثارته بل وتحديد عنوان للحديث عنه ، إن أبا الفرج الأصبهاني يذكر في " الأغاني " هذا الخبر الذي ، يقول : " أخبرني : محمد بن عمرو العباسي القرشي ، قال : حدثنا : محمد بن خلف بن المرزبان ولم أسمعه أنا من محمد بن خلف ، قال : حدثني : إسحاق بن محمد بن أبان الكوفي ، قال : حدثني : حسين بن دحمان الأشقر ، قال : كنت بالمدينة فخلا لي الطريق وسط النهار فجعلت أتغنى : ما بال أهلك يا رباب خزرا كأنهم غضاب ، قال : فإذا خوخة قد فتحت ، وإذا وجه قد بدا تتبعه لحية حمراء ، فقال : يا فاسق أسأت التأدية ، ومنعت القائلة ، وأذعت الفاحشة ، ثم اندفع يغنيه فظننت أن طويسا قد نشر يغنيه ، فقلت له : أصلحك الله ، من أين لك هذا الغناء ، فقال : نشأت وأنا غلام حدث اتبع المغنين وآخذ عنهم ، فقالت لي أمي : يا بني إن المغني إذا كان قبيح الوجه لم يلتفت إلي غنائه ، فدع الغناء واطلب الفقه ، فانه لا يضر معه قبح الوجه ، فتركت المغنيين واتبعت الفقهاء ، فبلغ الله بي عز وجل ماترى ، فقلت له : أعد جعلت فداك.

قال : لا ولا كرامة ، أتريد أن تقول أخذت ، عن مالك بن أنس ، وإذا هو مالك بن أنس ولا أعلم " ، وحاول الدكتور الشكعة تكذيب الرواية مع اعترافه بأن مالك استهوى في الغناء منذ صغره ، وإنه أراد أن يسلك سلوك المغنين ، وهذا لا تليق برجل عادي ، فكيف بامام مذهب يفرض على المسلمين لذلك ، حاولت أن أتعرف على مذهب الامام جعفر الصادق الذي هو أستاذ مالك ، الامام الصادق الذي ولد وعاش ومات في المدينة ، وهو أعرف الناس بشريعة جده ، وأهل البيت أدرى بما في البيت ، ولذلك لا نستغرب من الذين عاصروا الامام وشاهدوا تنكر الملك العباسي لأهل البيت ، وذلك لمعرفة الامام بأن أهل البيت أحق بالإمامة والخلافة منهم ، وكل ذلك ما هو الا سلب لحقهم.

 

العقيدة الجعفرية : العقيدة في مذهب الامام جعفر الصادق تتكون من خمسة أصول : ثلاث منها تعتبر من أصول الإسلام وهي :

 

1 ـ التوحيد ، 2 ـ النبوة ، 3 ـ البعث والمعاد يوم القيامة ، ومن أنكر واحدة من هذه الأصول الثلاثة يعتبر كافرا ، وأثنان آخران هما: 1 ـ العدل ، 2 ـ الإمامة وهما خاصان بالمذهب الجعفري ، ومن ينكر واحدة من العدل أو الإمامة لا يعتبر كافرا بل حاله كحال المسلمين عامة له : ما لهم وعليه ما عليهم ، لكن لا يعتبر جعفري العقيدة حتى يؤمن بالعدل والإمامة.

 

الامام جعفر الصادق (ع) والحكام العباسيين : ولابد من ملاحظة دور الامام جعفر الصادق (ع) في تركيز العقيدة الإسلامية وموقف الحكام العباسيين ضد الامام (ع) فإن العباسيين اختطوا خططهم ضد آل البيت بأمرين :

 

أولا : تشجيع أنا وكل الأفكار اليونانية والمجوسية التي لا تمت إلى الإسلام بصلة ، وذلك لتشكيك الناس في معتقداتهم في الكتاب والسنة الصحيحة.

وثانيا : خلق جماعات في داخل صفوف أهل البيت ليؤمنوا بالغلو في آل البيت حتى كادت هذه الجماعات المتطرفة أن يؤله أهل البيت ، وذلك لكي يشغلوا أئمة أهل البيت بأمور جانبية والوقوف في وجه هذه الفئات ، وبالنتيجة لا يعرف عامة المجتمع الإسلامي مذهب أهل البيت الحقيقي ، ويقصد العباسيون من ذلك تشويه مذهب أهل البيت ، وكان الامام الصادق في أتم يقظة لهذه الخطط الجهنمية العباسية ، كذلك اهتم ببناء العقيدة وتربية مجتمع إسلامي واع للإسلام عن دراسة وفهم.

التوحيد : التوحيد هو الاعتقاد بأن الله تعالى واحد لا شريك له كما قال : سبحانه : ( إن الهكم لواحد رب السموات والأرض وما بينهما ورب المشارق ) ، " وفي شرح الأربعين : يعتبر التوحيد روح الأديان كلها أكد عليه جميع الأنبياء والمرسلين يقول النبي هود (ع) : ( ياقوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره إن أنتم الا مفترون ) ، وهكذا غيره من الأنبياء (ع) كالنبي إبراهيم (ع) وحتى عصر نبينا محمد (ص) حيث استفتح دعوته إلى التوحيد بقوله : " قولوا لا إله الا الله تفلحوا " كما كانت تقتضيه طبيعة المجتمع المشرك ، الذي انبثق فيه الإسلام لتنزيه الدين عن الشرك والتعدد والتجسم ، ونعني بالتوحيد : إن الله تعالى واحد في ذاته وصفاته فليس في ذاته تعدد من أشخاص ولا تركب من أشياء ، وهذا يعبر عنه بـ ( توحيد الذات ) ، وإن صفاته تعالى من العلم والقدرة والحكمة ليست عارضة وزائدة على ذاته بل العلم نفس ذاته ويعبر عنه بـ ( توحيد الصفات ) ، وهذا ما يعنيه الامام علي (ع) بقوله : ( التوحيد أن لا تتوهمه ).

ويقول الامام الصادق (ع) : ( أما التوحيد فأن لا تجوِز على ربك ما جاز عليك ) ، فإن المسؤولية في الحياة تقع على كل فرد إذا كانت تناط بالجميع ، وتنحصر المسؤولية في فرد خاص إذا كانت بمستوى خاص ، فلا يصح أن يترأس دولة واحدة رئيسان ، ولا على المملكة ملكان ، ولا على الحكومة أميران ، بل لا يجوز للمدرسة الواحدة أن يتعدد المدير هذا هو الشأن في مملكة الانسان ، لماذا، لأن المسؤولية إذا تعددت وتعدد الملك والرئيس والأمير ، بل وحتى المدير جاز للفرد أن يفكر في عصيان أحدهما متظاهرا بالطاعة للآخر ، وبالنتيجة يختل نظام المسؤولية ، فإذا كان هكذا شأن نظام الانسان فما هو شأن نظام الكون الدقيق الذي لا يمكن أن يصدر الا من قدرة عليا، إن الإيمان يستلزم التوحيد فانه لا يمكن أن تتعدد القدرة العليا إذا لو تعددت فلا تكون هناك قدرة عليا ، لأن التعدد يعني عجز أحداهما عن الأخرى فأين القدرة العليا،  وهذا ما يؤكده الامام علي (ع) بقوله : ( أول الدين معرفته وكمال معرفته التصديق [الإيمان] به ، وكمال التصديق به توحيده ) فالاِيمان بلا توحيد يعني عدم الإيمان بالذي على كل شيء قدير ...".

 

النبوة : إن الله سبحانه تعالى أرسل الأنبياء لهداية البشرية إلى طريق السعادة أولهم أبو البشر آدم (ع) وآخرهم نبينا محمد (ص) ، قال الشيخ الصدوق المتوفى سنة 381هـ : " اعتقادنا في عددهم أنهم مائة الف نبي وأربعة وعشرون الف نبي ، ومائة الف وصي وأربعة وعشرون الف وصي ، لكل نبي وصي أوصى إليه بأمر الله تعالى ، ونعتقد فيهم أنهم (ع) جاؤا بالحق من عند الحق ، وأن قولهم قول الله وأمرهم أمر الله ، وطاعتهم طاعة الله ، ومعصيتهم معصية الله ، وانهم (ع) لم ينطقوا الا عن الله وعن وحيه ، وإن سادات الأنبياء خمسة الذين دارت عليهم الرحى ، وهم أصحاب الشرائع ، وهم أولو العزم : نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد (ع) وأن محمدا (ص) سيدهم وأفضلهم وأنه جاء بالحق وصدق المرسلين ، وإن الذين كذبوه لذائقون العذاب الأليم ، وإن الذين آمنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي أنزل معه أولئك هم المفلحون الفائزون.

 

وفي شرح الأربعين : العدالة تستلزم هداية البشر إلى طريق الخير والسعادة ، فإن الاهمال يعني إلاضلال ، وهذا ما يؤكده القرآن الكريم : ( إنا هديناه السبيل أما شاكرا وأما كفورا ) ، وهداية الانسان بواسطة رسولين ، الأول رسول الباطن وهو الفكر والعقل ، والثاني : رسول الظاهر وهو النبي ، ويكون دور الأنبياء هداية الفكر الانساني إلى الحياة الفضلى ، والنبوة رسالة الهية وسفارة دينية لهداية الانسان ، إلى الصراط المستقيم والنجاة في الدنيا والآخرة ، ومهمة الرسل والأنبياء ايقاظ القلوب وتوجيه الارادة البشرية نحو الكرامة والسعادة.

قال تعالى : ( وما نرسل المرسلين الا مبشرين ومنذرين فمن آمن وأصلح فلا خوف عليهم ولاهم يحزنون ) ، وقال : سبحانه : ( وإلى مدين أخاهم شعيبا ، قال ياقوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره قد جاءتكم بينة من ربِكم فأوفوا الكيل والميزان ولا تبخسوا الناس أشيآءهم ولا تفسدوا فى الأرض بعد اصلاحها ذلكم خير لكم إن كنتم مؤمنين ) ، وإذا تأمل الانسان أدوار حياته وتدرجه في مراحل الولادة فالرضاعة فالطفولة فالمراهقة حتى استوى عضوا كاملا نافعا في المجتمع الانساني وكلما ازداد كمالا ازداد يقينا بأن الانسان في حياته يحتاج إلى موجه ومرشد يوجهه إلى السير الأفضل في الحياة ، هذا هو شأن المجتمع الانساني الذي يمر بمراحل التطور الفكري في العقيدة والشريعة ، ويفتقر في سيره التكاملي إلى الموجه والمرشد ذلك هو دور الأنبياء (ع) وهذا ما يفيده كلام الامام الصادق (ع) : ( إنا لما أثبتنا أن لنا خالقا صانعا متعاليا عنا وعن جميع ما خلق ، وكان ذلك الصانع حكيما متعاليا ، ثبت أن له سفراء يعبرون عنه إلى خلقه وعباده ، ويدلونهم على مصالحهم ومنافعهم ، وما به بقائهم وفي تركه فناؤهم ، فثبت الآمرون والناهون عن الحكيم العليم في خلقه والمعبرون عنه وهم الأنبياء (ع) ، ولهذا السبب اقتضت الحكمة الإلهية أن يرسل الأنبياء بشرا مثل سائر الناس يعظونهم بنفس اللغة التي يتفاهم به الناس.

 

البعث والمعاد ، قال الشيخ الصدوق : " اعتقادنا في البعث بعد الموت أنه حق " ، قال النبي (ص) : " يا بني عبد المطلب ان الرائد لا يكذب أهله ، والذي بعثني بالحق نبيا لتموتن كما تنامون ، ولتبعثن كما تستيقظون ، وما بعد الموت دار الا الجنة أو النار" ، وخلق جميع الخلق وبعثهم على الله عز وجل لخلق نفس واحدة ذلك قوله تعالى: ( ما خلقكم ولا بعثكم الا كنفس واحدة ) .. ، وفي شرح الأربعين : كل منا يعلم أن للحياة في الدنيا خاتمة ـ آتية لا محالة ، وليس للحياة في الدنيا خلود ( إنك ميت وانهم ميتون ) ، وأما بعد هذه الحياة التي نعبر عنها ( بالموت ) فهل هناك حياة أخرى ، أم أن الانسان ينعدم بالموت ولا حياة أخرى ، أكدت الأديان السماوية على الحياة الثانية ، وإن فيها يكون العدل والحساب يثاب المطيع ويعاقب العاصي ، ويعتبر الحياة الدنيا دور العمل والآخرة دور الجزاء ، قال تعالى : ( تبارك الذى بيده الملك وهو على كل شيء قدير الذى خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا وهو العزيز الغفور ) ، ( أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا وأنكم إلينا لا ترجعون ).

 

ويقول الامام علي (ع) : ( إنما الدنيا دار مجاز والآخرة دار قرار ، فخذوا من ممركم لمقركم ، ولا تهتكوا أستاركم عند من يعلم أسراركم وأخرجوا من الدنيا قلوبكم من قبل أن تخرج أبدانكم ففيها اختبرتم ولغيرها خلقتم ) ، إذا فالموت حياة تتعقب الحياة الدنيا ذلك أن الانسان متكون من روح وجسد ، والروح هي الشخصية الأخرى التي لا تتغير باختلاف الأحوال ... والموت يفرق بين الروح والجسد ، ولا يبقى في القبر سوى الجسد الذي سوف يتحول إلى حالات أخرى ، وتبقى نسبة التراب إلى الانسان ولو بعد الآف السنين ، والشيء الذي يمنع من الاعتقاد بالمعاد هو : إن جسد الانسان الميت بعد هذه التطورات كيف يتكون من جديد ، وكيف يصير حيا بعد انعدامه بآلاف السنين ، وقد يبدو سوآلا بلا جواب ، ولكن لحظة قصيرة مع العلم توقفنا على أن الانسان باعتباره موجودا ماديا ، لا يتصور فيه كيمياويا الفناء والعدم وإنما تطرأ الأحوال المختلفة على العنصر والمادة ونكتفي بمثل بسيط فالماء مكون من عنصرين هما غاز الأوكسجين وغاز الهيدروجين يمكن تجزئتهما بالتحليل الكيمياوي ، فإذا تركب عنصر الأوكسجين مع الهيدروجين يتكون الماء ، وإذا تركب مع شيء آخر يتكون شيء آخر ، إذا فغاز الأوكسجين عنصر تطرأ عليه الحالات المختلفة ويمكن تحليلها كيمياويا بتجزئة العناصر الطبيعية من غيرها ، والانسان بموته إنما تنتقل عناصره المادية إلى حالة أخرى ، والله العالم بكل شيء ، عالم بحالتي الانسان قبل الموت وبعده ، وعالم بمصير عناصره ، وبما أنه تعالى القدرة العليا فهو قادر على تجزئة هذه العناصر وتحليلها حتى يتكون الانسان الذي تحولت هذه العناصر منه فيكونه انسانا من جديد برد الروح إليه ، قال تعالى : ( وإذ قال إبراهيم رب أرنى كيف تحى الموتى قال أولم تؤمن ، قال بلى ولكن ليطمئن قلبى قال فخذ أربعة من الطير فصرهن إليك ثم اجعل على كل جبل منهن جزءا ثم ادعهن يأتينك سعيا وأعلم أن الله عزيز حكيم ) ، وتصح نسبة الانسان المكون من نفس العناصر والروح ولو بعد الآف السنين ، كما تصح نسبة القبر إلى من دفن فيه قبل الآف السنين ، وهكذا يعتبر الاعتقاد بالبعث والمعاد امتدادا للاعتقاد بالقدرة العليا وإن الله على كل شيء قدير ، فإنك لم تكن موجودا فوجدت والقدرة التي أوجدتك من العدم قادرة على ايجادك من العدم بعد الموت ، قال تعالى : ( وضرب لنا مثلا و نسى خلقه ، قال من يحى العظام وهى رميم قل يحييها الذى أنشأها أول مرة وهو بكل خلق عليم ).

 

العدل : العدل معناه أن الله سبحانه وتعالى عادل لا يظلم أحدا حيث أن الظلم لا يصدر الا من العاجز أو المحتاج ، والله سبحانه وتعالى منزه ، عن ذلك لأنه على كل شيء قدير ، قال تعالى : ( إن الله لا يظـلم الناس شيئا ولكن الناس أنفسهم يظلمون ) ، وقال الشيخ الصدوق : إن الله تبارك وتعالى أمرنا بالعدل وعاملنا هو بما فوقه وهو التفضل ، وذلك أنه عز وجل يقول : ( من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها ومن جاء بالسيئة فلا يجزى الا مثلها وهم لا يظـلمون ) ، والعدل هو إن يثيب بالحسنة الحسنة ويعاقب على السيئة بالسيئة ، قال النبي (ص) : لا يدخل رجل الجنة بعمله الا برحمة الله عز وجل ، وفي شرح الأربعين : والإيمان بالله يستلزم الاعتقاد بأنه عادل حيث أن الظلم لا يصدر الا من العاجز لجهل أو احتياج فيتوسل بالظلم لشفاء غضبه أو سد حاجته ، والله سبحانه العالم بكل شيء والقادر على كل شيء لا يتصور فيه الظلم والجور وهو الغني الحميد ، وهذا ما يؤكده الامام السجاد (ع) بقوله : ( إنما يحتاج إلى الظلم الضعيف والله أقدر من ذلك ) ، لذلك نعتقد بأن الله تعالى لا يظلم أحدا ، ولا يجبر أحدا على أي عمل كان كما قال تعالى : ( إنا هديناه السبيل أما شاكرا وأما كفورا ) ، ويقول الامام علي (ع) : ( العدل أن لا تتهمه ) ، وقال الامام الصادق (ع) : ( وأما العدل فأن لا تنسب إلى خالقك ما لامك عليه ) ، وقال (ع) أيضا : ( إن الله أكرم من أن يكلف الناس ما لا يطيقون ) ، وقال (ع) أيضا : ( ما كلَف الله العباد كلفة فعل ولا نهاهم عن شيء حتى جعل لهم الاستطاعة ، ثم أمرهم ونهاهم فلا يكون العبد آخذا ولا تاركا الا باستطاعة متقدمة قبل الأمر والنهي ... ).

 

ويقول الامام موسى بن جعفر (ع) : ( إن الله خلق الخلق فعلم ما هم إليه صائرون فأمرهم ونهاهم فما أمرهم به من شيء فقد جعل لهم السبيل إلى الأخذ به ، وما نهاهم عنه من شيء فقد جعل لهم السبيل إلى تركه ... ) ، وما جبر الله أحدا من خلقه علي معصية بل اختبرهم بأنواع البلوى كما قال تعالى : ( ليبلوكم أيكم أحسن عملا ) ، فما نجد في الناس من تفاوت من اختلاف حالات الغنى والفقر والصحة والمرض والمقام ونحوها ليست الا بسعي الانسان وبتقدير الله كما قال تعالى : ( وأن ليس للانسان الا ما سعى وأن سعيه سوف يرى ) ، ومعنى السعي أن الانسان بحريته يختار سببا من الأسباب ، وبالنتيجة يترتب الأثر المفروض المقدر ، وقد جعل الله تعالى جميع البشر سواء في هذه الحرية ، ولم يدع ارشاده في استخدام هذه الحرية في سبيل الحياة السعيدة بالمشورة والتدبير ( وشاورهم فى الأمر ) ، ( ولا عقل كالتدبير ) ، فإذا أهمل الانسان بنفسه ارشادات العقل وأوامر الشرع ولم يكن له تدبير ولا مشورة ممن ينبغي مشورته، فطبيعي أن يترتب على ذلك الشقاء والتخلف والبؤس واختلال الاقتصاد والمعاش والابتلاء بالفقر والحرمان ، وليس الظالم الا من أهمل التدبير والمشورة التي أمر بها الله تعالى ونبيه الكريم (ص).

 

الإمامة : أن النبي الساهر على مصالح الإسلام والمسلمين لم يهمل أمر الخلافة والإمامة من دون ابداء رأيه الواضح والصريح فيه لأنه لابد من قيادة حكيمة تطبق الدستور الإسلامي على نفسها وعلى المجتمع علي حدٍ سواء ، لذلك لا يحق للظالمين أن يدعوا الإمامة كما قال الله تعالى لإبراهيم : ( إني جاعلك للناس اماما قال ومن ذريتى قال لا ينال عهدى الظالمين ) ، قال الشيخ الصدوق : واعتقادنا أن حجج الله على خلقه بعد نبيه محمد (ص) الأئمة الاثنى عشر أولهم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) ثم الحسن (ع) ثم الحسين (ع) ثم علي بن الحسين (ع) ثم محمد بن علي (ع) ثم جعفر بن محمد (ع) ثم موسى بن جعفر (ع) ثم علي بن موسى الرضا (ع) ثم محمد بن علي (ع) ثم علي بن محمد (ع) ثم الحسن بن علي (ع) ثم الحجة بن الحسن القائم بأمر الله صاحب الزمان ، وخليفة الرحمن في أرضه الحاضر في الأمصار الغائب عن الأبصار ، صلوات الله عليهم أجمعين ، واعتقادنا فيهم أنهم أولو الأمر الذين أمر الله بطاعتهم ، وانهم شهداء على الناس ، وانهم (ع) أبواب الله والسبيل إليه والادلاء عليه ، وانهم (ع) عيبة علمه وتراجمة وحيه وأركان توحيده ، وانهم معصومون من الخطأ والزلل ، وانهم الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا ، وإن لهم المعجزات والدلائل ، إنهم أمان لأهل الأرض كما إن النجوم أمان لأهل السماء ، ومثلهم في هذه الأمة كسفينة نوح من ركبها نجى ، وكباب حطة وانهم عباد الله المكرمون الذين لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون ، ونعتقد فيهم (ع) أن حبهم إيمان وبغضهم كفر ، وأن أمرهم أمر الله ونهيهم نهي الله ، وطاعتهم طاعة الله ومعصيتهم معصية الله ، ووليهم ولي الله وعدوهم عدو الله ، ونعتقد أن الأرض لا تخلو من حجة لله على خلقه أما ظاهرا مشهورا أو خائفا مغمورا.

 

موقف الإسلام من القيادة : وموقف الإسلام من القيادة وأهميتها ومواصفاتها يظهر جليا من سيرة النبي (ص) في العشر سنين الأخيرة من حياته التي قضاها في المدينة ، فما كان (ص) يذهب إلى غزوة الا ويؤمر على المدينة أميرا ، وما كان يرسل سرية الا ويجعل عليها قائدا وآخر سرية أمر عليها أسامة بن زيد بالرغم من صغر سنِه ، ويعتبر هذا أمرا ضروريا إذا لا يمكن للمجتمع الانساني أن يعيش فوضى ، بل لابد من قيادة حكيمة تطبق الدستور على نفسها وعلى المجتمع ، فقد ، قال تعالى لإبراهيم (ع) : ( إني جاعلك للناس اماما قال ومن ذريتى ، قال لا ينال عهدى الظالمين ) ، فلا يحق للظالم أن يتولى الإمامة وكل عاص ظالم لقوله تعالى : ( ومن لم يتب فأولائك هم الظالمون ) ، وقوله تعالى : ( فمن تاب من بعد ظـلمه وأصلح فإن الله يتوب عليه أن الله غفور رحيم ) ، وقوله تعالى : ( ليس لك من الأمر شىء أو يتوب عليهم أو يعذبهم فانهم ظالمون ) ، وهذا ما يؤكده الامام الرضا (ع) : ( إن الإمامة أس الإسلام النامي وفرعه السامي ، بالامام تمام الصلاة والزكاة والصيام والحج والجهاد وتوفير الفيء والصدقات وامضاء الحدود والإحكام في أصول الأحكام ومنع الثغور والأطراف ، والامام يحل حلال الله ويحرم حرام الله ، ويقيم حدود الله ويذب عن دين الله ) لذلك نجد من كلام الامام الصادق (ع) : ( من مات ولم يعرف امام زمانه مات ميتة جاهلية ) ، وقوله : ( لا يصلح الناس الا بامام ولا تصلح الأرض الا بذلك ).

 

والامام السجاد (ع) يشير إلى واجبات القائد في الدعاء (47) من الصحيفة السجادية بقوله : ( اللهم ... أقم به كتابك وحدودك وشرائعك وسنن رسولك (ص) وأحيي به ما أماته الظالمون من معالم دينك ، وأجل به صداء الجور عن طريقك ، وآمن به الصراط من سبيلك ، وأزل به الناكبين ، عن صراطك ، وأمحق به بغاة قصدك عوجا ) ، ويقول الامام علي (ع) : ( أأقنع من نفسي بأن يقال لي : أمير المؤمنين ، ولا أشاركهم مكاره الدهر أو أكون أسوة لهم في بحبوبة العيش ).

 

المهدي المنتظر (ع) : ليست العقيدة بالمهدي المنتظر (ع) عقيدة مختصة بالشيعة بل هي عقيدة إسلامية يعتقد بها جمهور علماء المسلمين ـ سنة وشيعة ـ وهم يتفقون على أنه من أهل بيت النبي (ص) وإنه يملأ الأرض عدلا كما ملئت ظلما ـ قال ابن حجر العسقلاني في كتابه ( الصواعق المحرقة ) : (ص160 طبعة القاهرة سنة 1375هـ) ، في أحاديث المهدي ما نصه : ( ومن ذلك ما أخرجه مسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجه والبيهقي وآخرون : " المهدي من عترتي من ولد فاطمة " ، وأخرج أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجه " لو لم يبق من الدهر الا يوم لبعث الله فيه رجلا من عترتي " ، وفي رواية : " رجلا من أهل بيتي يملؤها عدلا كما ملئت جورا " ، وفي رواية لمن عدا الأخير " لا تذهب الدنيا ولا تنقضي حتى يملك رجل من أهل بيتي يواطىء اسمه اسمي " ، وفي هامش الصفحة (163) ما نصه ( أحاديث المهدي كثيرة متواترة الف فيها كثير من الحفاظ منهم أبو نعيم ، وقد جمع السيوطي ما ذكره أبو نعيم وزاد عليه في ( العرف الوردي في أخبار المهدي ) ، وللمؤلف ابن حجر العسقلاني فيه كتاب المختصر في علامات المهدي المنتظر ) ، وهذا مما اتفقت عليه كلمة المسلمين والخلاف في أنه هل ولد بالفعل، أم أنه لم يولد بعد، وجمهور السنة على الثاني والشيعة على الأول ، والشبهة الوحيدة التي تعتبر أساس الانكار هي مسألة طول العمر وإن ذلك ممتنع عادة ، فكيف يعيش الانسان هذه المدة الطويلة وغيرها من الشبهات راجعة اليها ، وقد بالغ بعض المؤلفين في هذه الشبهة حتى اعتبر ( المهدوية ) يوتيبية في حين أن أشباه ذلك واقع في التاريخ بنص القرآن الكريم ، وإن ذلك كله واقع تحت قدرة الله تعالى الذي هو على كل شيء قدير.

 

وقد قال تعالى في نوح النبي : ( ولقد أرسلنا نوحا إلى قومه فلبث فيهم الف سنة الا خمسين عاما فأخذهم الطوفان وهم ظالمون ) ، وقال تعالى في أصحاب الكهف: ( ولبثوا فى كهفهم ثلاث مائة سنين وازدادوا تسعا ) ، وقال تعالى في عزير النبي : ( أو كالذى مر على قرية وهى خاوية على عروشها ، قال إني يحى هذه الله بعد موتها فأماته الله مائة عام ثم بعثه ، قال كم لبثت ، قال لبثت يوما أو بعض يوم قال بل لبثت مائة عام فأنظر إلى طعامك وشرابك لم يتسنه وانظر إلى حمارك ولنجعلك آية للناس وانظر إلى العظام كيف ننشزها ، ثم نكسوها لحما فلما تبين له ، قال أعلم أن الله على كل شيء قدير ) ، تلك هي قدرة الله التي تفوق كل قدرة ، تلك القدرة التي جعلت النبي عيسى (ع) حيا حتى اليوم ، قال تعالى فيه : ( وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم ) ، لهي قادرة أيضا على تطويل العمر أكثر من المتعارف وهو على كل شيء قدير ، فالمهدي المنتظر (ع) حي بقدرة الله كحياة عيسى (ع) إذ ثبت بالدليل والسُنة الصحيحة ـ وعلى الأقل في نظر المعتقد - عن النبي (ص) فلا مجال لانكارها إذ هو أما انكار لقدرة الله تعالى أو انكار للسنة النبوية.

 

وهذا جمهور المسلمين يعتقدن بحياة النبي الخضر (ع) وهو أكثر عمرا من الحجة (ع) فقد جاء في هامش الصواعق المحرقة (ص223 طبعة القاهرة سنة 1375هـ) ما نصه : ( ذكر النووي في تهذيب الأسماء أن أكثر العلماء مقرين على أن الخضر حي موجود بين أظهرنا ، وذلك متفق عليه عند الصوفية وأهل الصلاح ، وحكاياتهم في رؤيته ، والاجتماع به والأخذ عنه وسؤاله وجوابه ووجوده في المواضع الشريفة ومواطن الخير أكثر من أن يحصى وأشهر من أن يذكر ) ، ولو غيرنا من كلام النووي إلى قوله : ( الخضر ) بكلمة ( الحجة بن الحسن ) لكان ما تقوله الشيعة تماما بلا أدنى تفاوت ، فإن الكلام في ( خضر ) و ( الحجة ) واحد ، إذ كلاهما ثبت بالسنة النبوية الصحيحة ـ وعلى الأقل من وجهة نظر معتقديها ـ والاعتقاد بحياتهما امتداد للاعتقاد بقدرة الله تعالى الذي هو على كل شيء قدير.

 

ويبقى سؤال جدير بالملاحظة هو إن غيبة الامام تنافي وجوب الإمامة ، فإن الغرض من نصب الامام إنما هو بيان أحكام الإسلام وتنفيذها ومن هنا نشأ اتهام الشيعة بـ ( اليوتيبية ) والغيبية البعيدة عن واقع الحياة ولكنه اتهام ظالم ذلك أن طائفة عاشت برهة طويلة من التاريخ واحتفظت بكيانها ـ رغم المضايقات ـ لا يمكنها أن تعيش بدون نظام أو بنظام غير صالح للتطبيق حيث طبق فعلا في هذه الفترة من الزمن ، ( ومن الناحية النظرية ) هناك نظرية اللطف القائلة بأن ( وجوده (ع) لطف وتصرفه لطف آخر وغيبته منا ) كما تفصله كتب العقائد ، راجع الغيبة للنعماني والغيبة للطوسي وتجريد الاعتقاد لنصير الدين ، وأخيرا البرهان على وجود صاحب الزمان للسيد الأمين ، ومن الناحية العلمية باشرت المرجعية الدينية ( الخاصة والعامة ) في القيادة الفكرية أداء دورها العملي وحتى ظهور الحجة (ع).

 

المرجعية الدينية : بما أن القيادة الفكرية أمر ضروري في حياة المسلمين ولها مواصفاتها وشروطها المشروحة في الفقه لذلك لم يخل تاريخ الشيعة في أي دور من الأدوار من مرجع ديني يؤدي مهمته الرسالية الدينية حسب الملابسات والظروف ، ولهذه المرجعية دوران ( الدور الأول ) ويعبر عنه ( الغيبة الصغرى ) من سنة 260هـ ، إلى 319هـ ، وكانت المرجعية لأربعة أشخاص يعبر عنهم بـ ( السفراء ) والنواب كانت لهم نيابة خاصة ، عن الامام (ع) وكان مركزهم بغداد وهم :

1 ـ أبو عمر وعثمان بن سعيد الأسدي العمري المتوفى 280هـ.

2 ـ أبو جعفر محمد بن عثمان بن سعيد الأسدي المتوفى 305هـ.

3 ـ أبو القاسم الحسين بن روح النوبختي المتوفى 326هـ.

4 ـ أبو الحسن علي بن محمد السمري المتوفى 329هـ.

 

( الغيبة الثانية ) : ويعبر عنها بـ ( الكبرى ) وابتدأت بوفاة السفير الرابع السمري 329هـ ، وانتقلت القيادة الدينية إلى المرجعية في الافتاء والحكم منذ ذلك العهد حتى اليوم استنادا إلى الحديث عن الحجة (ع) ( وأما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا فانهم حجتي عليكم وأنا حجة الله عليهم ) ، وأيضا ( من كان من الفقهاء صائنا لنفسه حافظا لدينه مخالفا لهواه مطيعا لأمر مولاه فللعوام أن يقلدوه ) ، وأهم الشروط المعتبرة في شخصية المرجع الديني هي الحياة والعدالة والاجتهاد ويزيد الأكثر ، الأعلمية، ولا يعتبر الانتساب إلى النبي اطلاقا ، فكل من وجدت فيه الشروط عد أهلا للمرجعية ، ويمكن معرفة المرجع باحدى الطرق الثلاثة : العلم ، أو شهادة عدلين ، أو الشياع المفيد للعلم ، وكثيرا ما تختلف وجهات النظر فيقلد كل فرد بحريته الكاملة من شاء في حدود شروط المرجعية ، ولكن سرعان ما تنصهر المرجعية في شخصية واحدة تعلو بمرور الزمن على الشخصيات الأخرى لعوامل خاصة يكون أهمها المكانة العلمية والصفات الشخصية والخدمات الاجتماعية.

 

وهكذا تعتبر الشيعة الإمامية طائفة إسلامية لها استقلالها الفكري في حدود التشريع الإسلامي تؤمن بالله ربا ، وبمحمد (ص) نبيا ، وبالإسلام دينا ، وبالقرآن كتابا ، وبالكعبة قبلة ، والأئمة الاثني عشر (ع) أئمة وسادة وقادة ، وهم مستودع السنة النبوية تتسلسل رواياتهم في العقيدة والشريعة إلى النبي الأعظم (ع) وهم أهل بيت النبوة و ( أهل البيت أدرى بما في البيت ) ، وهذا ما يؤكده الامام الصادق (ع) بقوله : ( حديثي حديث أبي وحديث أبي حديث جدي وحديث جدي حديث الحسين وحديث الحسين حديث الحسن وحديث الحسن حديث أمير المؤمنين وحديث أمير المؤمنين حديث رسول الله (ص) وحديث رسول الله (ص) قول الله عز وجل ) ـ وهذا ما يشير إليه الشاعر بقوله : ( ووال أناسا قولهم وحديثهم روى جدنا ، عن جبرئيل ، عن الباري ) ، وهكذا نجد أئمة أهل البيت (ع) يطبقون شريعة الله وسنة جدهم النبي (ص) المروية بطرقهم التي هي أقرب الطرق ومن هنا نستنتج القول أن السنة النبوية تلازم التشيع ، فكل من استن بسنة رسول الله (ص) الصحيحة فهو متشيع ، وكل من شايع أهل بيت رسول الله (ص) فهو مستن بسنته (ص) وما فرق المسلمين فرقا متناحرة سوى الأطماع والأهواء والبدع أعاذ الله من شرها.

 

الفقه الجعفري : الفقه الجعفري يستمد ويستنبط أحكامه من القرآن والسنة والاجماع والعقل ، لذلك ينبغي أن نوضح بعض المصطلحات التي تبين هذا الاستنباط الأحكام في الفقه الجعفري في أمور : الأمر الأول : الأحكام الشرعية تنقسم إلى خمسة أقسام :

1 ـ الوجوب : وهو ما يجب فعله ويحرم تركه والمكلف يثاب على فعله ويعاقب على تركه كالصلاة والصوم والحج ... الخ.

2 ـ الحرمة : وهو ما يحرم فعله ويعاقب على فعله كالسرقة والغيبة والتهمة والكبائر.

3 ـ المستحب أو المندوب : وهو ما يثاب على فعله ولا يعاقب على تركه مثل الصدقة والاحسان والنوافل.

4 ـ المكروه : وهو ما لا يعاقب على فعله وتركه أفضل كزيادة النوم من دون حاجة إليه.

5 ـ المباح : وهو ما يجوز فعله وتركه وكلاهما على حد سواء عند الله تعالى ، وكل فعل يصدر من انسان مسلم لا يخرج عن هذه الخمسة وإذا شك في أحدها تسمى الشبهة الحكمية ، الأمر الثاني : هناك ثلاث طرق لمعرفة تلك الأحكام الخمسة وهي :

1 ـ الاجتهاد.

2 ـ التقليد.

3 ـ والاحتياط.

قال : في شرح الأربعين ما لفظه الآتي : إن معرفة الأحكام الشرعية ـ على الوجه الصحيح ـ انما يكون باجتهاد أو تقليد أو احتياط ذلك ان الانسان في حياته لابد له أما من اختصاص أو تلمذ أو حذر ، فلا يجوز معالجة المريض الا للطبيب الأخصائي أو من يعمل بارشاد الطبيب ، وفيما إذا فقد فاللازم الوقاية والاحتياط حتى لا يزداد المريض سوءا كذلك بالنسبة إلى الأحكام الشرعية ، فلابد من تحصيلها باحدى الطرق الآتية وبدونها يكون العمل باطلا وهي :

1 ـ الاجتهاد : وهو معرفة الأحكام الشرعية عن أدلتها من القرآن والسنة والاجماع والعقل ، وهذا لا يتيسر الا لمن اختص بالاستنباط.

2 ـ الاحتياط : وهو العمل بما يتيقن سقوط التكليف الشرعي واليقين بالعمل بالواجب كتكرار الصلاة فيما إذا شك بين القصر والتمام وهذا أيضا لا يتيسر بل قد يستلزم العسر والحرج.

3 ـ التقليد : وهو تطبيق العمل على رأي المجتهد الواجد لشرائط المرجعية وهذا هو المتيسر لعامة الناس ، فيجب على المشهور تقليد المجتهد الأعلم الحي ولا يجوز تقليد الميت ابتداء ، وقد أباحت روايات أهل البيت (ع) التقليد في الافتاء والقضاء منها ، عن الحجة (ع) قوله : ( من كان من الفقهاء صائنا لنفسه حافظا لدينه مخالفا لهواه مطيعا لأمر مولاه فللعوام أن يقلدوه ).

الأمر الثالث : حيث أن الاجتهاد عملية تستغرق جهدا كثيرا واضطلاعا تاما على كثير من العلوم الإسلامية فيجوز تقليد لمن له الكفاء ويسمى هذا ( بالمرجع ) ، وتعني كلمة المرجع الرجوع إليه في المسائل الشرعية ، والمرجع المجتهد يصدر فتواه في كتاب خاص لعمل من يقلده يسمى ( بالرسالة العملية ) ليسير عليه مقلدوه في الاستنباط ، وأهم الشروط المعتبرة في المرجع أن يكون على قيد الحياة ، فلا يجوز تقليد الميت ابتداء ، وإن يكون أعلم فلا يجوز تقليد من دونه في العلم ، وإن يكون عادلا فلا يجوز تقليد الفاسق والظالم مهما بلغ من العلم.

ويعرف المجتهد بأحدى الطرق الثلاث التي يعرف بها الشبهة الموضوعية ، وهي العلم الشخصي ، أو شهادة عدلين أو الشياع المفيد للعلم ، وكل شبهة في غير الأحكام الشرعية تسمى ( الشبهة الموضوعية ) كالاختلاف على شيء تراه أمامك ، ولا يكون من الأحكام الفقهية.

 

فروع الدين : وهي الصلاة والصوم والحج والخمس والزكاة والجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والتولي للنبي وآله والتبري من أعدائهم ، وهي أمور يجب الالتزام بها ضمن شروط وحدود وضوابط ذكرت في أبواب الفقه ، ونحن هنا نفصل بعض الشيء في اثنين منهما وهما التولي والتبري ، ونوردهما معا في موضوع واحد ، تولي أولياء الله والتبرؤ من أعدائهم : " يجب على كل مسلم ومسلمة تولي ومحبة الله ورسله والأنبياء والأوصياء والصديقة الطاهرة سلام الله عليهم أجمعين ويجب التبري من أعدائهم ، ( يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا الذين اتخذوا دينكم هزوا ولعبا من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم والكفار أولياء واتقوا الله إن كنتم مؤمنين ) ، وقال جل جلاله : ( يا أيها الذين آمنوا لا تتولوا قوما غضب الله عليهم ) ، وقال تبارك وتعالى : ( يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا آباؤكم واخوانكم أولياء إن استحبوا الكفر على الإيمان ومن يتولهم منكم فأولئك هم الظالمون ) ، وقال الله تعالى : ( ومن يتول الله ورسوله والذين آمنوا فإن حزب الله هم الغالبون ) ، عن أبي جعفر (ع) ، قال : قال رسول الله (ص) : " ود المؤمن للمؤمن في الله من أعظم شعب الإيمان ، الا ومن أحبَ في الله وأبغض في الله وأعطى في الله ومنع في الله فهو من أصفياء الله " ، عن أبي جعفر (ع) في حديث له ، قال : " يا زياد ويحك وهل الدين الا الحبُ، ألا ترى إلى قول الله : ( إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم ) ، أولا ترى قول الله لمحمد (ص) : ( حبب اليكم الإيمان وزينه فى قلوبكم ) ، وقال : ( يحبون من هاجر اليهم ) ، فقال : الدين هو الحبُ والحبُ هو الدِين".

 

- عن أبي عبد الله (ع) ، قال : "من أحب الله ، وأبغض لله ، وأعطى لله ، ومنع لله ، فهو ممن كمل إيمانه ".

- عن أبي محمد العسكري (ع) ، عن آبائه (ع) ، قال : قال رسول الله (ص) لبعض أصحابه ذات يوم : " يا عبد الله أحبب في الله ، وأبغض في الله ، ووال في الله ، وعاد في الله ، فانه لا تنال ولاية الله الا بذلك ، ولا يجد رجل طعم الإيمان ، وإن كثرت صلاته وصيامه حتى يكون كذلك وقد صارت مواخاة الناس يومكم هذا أكثرها في الدنيا عليها يتوادون وعليها يتباغضون وذلك لا يغني عنهم من الله شيئا ، فقال له : وكيف لي أن أعلم إني قد واليت وعاديت في الله عز وجل ، ومن ولي الله عز وجل حتى أواليه ، ومن عدوه حتى أعاديه فأشار له رسول الله (ص) إلى علي (ع) ، فقال : أترى هذا ، فقال : بلى ، قال : ولي هذا ولي الله ، فواله وعدو هذا عدو الله فعاده ، وال ولي هذا ولو أنه قاتل مالك بن عطية ".

- عن سعيد الأعرج ، عن أبي عبد الله (ع) ، قال : " إن من أوثق عرى الإيمان أن تحب في الله ، وتبغض في الله ، وتعطي في الله ، وتمنع في الله عز وجل ".

- عن أبي جعفر (ع) ، قال : " إذا أردت أن تعلم أن فيك خيرا فأنظر إلى قلبك فإن كان يحب أهل طاعة الله عز وجل ويبغض أهل معصيته ففيك خير والله يحبك وإذا كان يبغض أهل طاعة الله ويحب أهل معصيته فليس فيك خير ، والله يبغضك ، والمرء مع من أحب ".

وقال : عز من قائل : ( قل لا أسئلكم عليه أجرا الا المودة فى القربى ) ، لما نزلت هذه الآية ، قالوا : يا رسول الله من هؤلاء الذين أمرنا الله تعالى بمودتهم ، قال : " علي وفاطمة وابناهما " ، ولما نزلت هذه الآية : ( إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية ) ، قال لعلي : هو أنت وشيعتك تأتي يوم القيامة أنت وهم راضين مرضيين ويأتي أعداؤك غضابا مقمحين.

قال رسول الله (ص) : من مات على حب آل محمد مات شهيدا الا ومن مات على حب آل محمد مات مغفورا له.

الا ومن مات على حب آل محمد مات تائبا.

الا ومن مات على حب آل محمد مات مؤمنا مستكمل الإيمان.

الا ومن مات على حب آل محمد بشره ملك الموت بالجنة ، ثم منكر ونكير.

الا ومن مات على حب آل محمد يزف إلى الجنة كما تزف العروس إلى بيت زوجها.

الا ومن مات على حب آل محمد فتح له في قبره بابان إلى الجنة.

الا ومن مات على حب آل محمد جعل الله قبره مزار ملائكة الرحمة.

الا ومن مات على حب آل محمد مات على السنة والجماعة.

الا ومن مات على بغض آل محمد جاء يوم القيامة مكتوبا بين عينيه آيس من رحمة الله.

الا ومن مات على بغض آل محمد مات كافرا.

الا ومن مات على بغض آل محمد لم يشم رائحة الجنة ".

 

وهكذا عرض الكاتب أسباب تشيعة أو تجعفره ، فبالاضافة إلى نسبه الجعفري آمن بالعقيدة الجعفرية الشيعية ، وكذلك آمن بالفقه وفق المذهب الجعفري ، فصار جعفريا نسبا وأصلا وعقيدة ومذهبا ، والعقيدة والمذهب الجعفري هما الإسلام المحض بعينه ، فهنيئا له.

 

العودة لصفحة البداية

العودة لفهرس المستبصرين