( محمد سليم عرفة )

العودة لصفحة البداية

العودة لفهرس المستبصرين

 

البطاقة الشخصية

 

مولده ونشأته : ولد عام 1965م في دمشق بسوريا ، واصل دراسته الأكاديمية حتى حصل على شهادة مساعد مهندس اختصاص الكترون ، كانت نشأته في عائلة تعتنق المذهب الحنفي ، لكنه عن طريق المطالعة والقراءة تفتح ذهنه على آفاق رحبة من المعارف والعقائد الإسلامية حتى توصل إلى نتائج دفعته لاعتناق مذهب أهل البيت (ع).

 

اهتمامه بالشؤون الدينية : يقول الأخ محمد سليم : كنت أتردد منذ صغري على المساجد وحلقات الدرس الدينية مما سمح لي بدراسة الفقه على أيدي عدة من مشايخ دمشق ، وكنت مهتما بدراسة الأديان السماوية ومناقشة البعض من معتنقيها ، كما كنت مهتما بالبحث حول الخلافات الدينية.

 

بداية تعرفه على التشيع : يقول الأخ محمد سليم حول بداية تعرفه على مذهب أهل البيت (ع) : عملت لدى خال لي عنده مكتب عقاري ، ومن خلال عملي في هذا المكتب كنت أصادف بعض رجال الشيعة الوافدين من القطر العراقي الشقيق لزيارة السيدة زينب (ع) وقد كان المكتب العقاري في منطقة قريبة من كراج انطلاق السيارات المتوجهة للسيدة زينب ، لذلك كان يتردد الكثير منهم لاستئجار بيوت قريبة من هذه المنطقة فيدخلون هذا المكتب ليسألوا عن البيوت ، وقد كلمني أحدهما وكان قادما إلى المكتب ليستأجر دارا للسكن ، وقد أخبرني : أنه يدرس في الحوزة ، ولم أكن قد سمعت بهذا التعبير من قبل ، فسألته ماذا تعني ( الحوزة ) فوضح لي وسألني : ماذا أعرف عن الشيعة.

 

فقلت له : لا أعرف الا أنه مذهب من المذاهب الإسلامية ، وانهم يقدسون سيدنا عليا (ر) وأهل بيته ويرون أنه أفضل من كل الصحابة هذا ما أخبرته به فقط مع أني كنت أخفي في قرارة نفسي ما كنت أسمعه من مشايخي ومن العوام من تشنيع على الشيعة وذلك منعا للاحراج ، ولكنه بدأ يكلمني عن بعض الأمور الخلافية بين الشيعة والسنة ، وقد كنت أندهش لأن ما أسمعه منه لم أسمع به من قبل ، وعندما رآني غير مصدق لكلامه ، قال لي : الست تقول بأنك تحب المطالعة وإنك لا مانع عندك من قراءة أي كتاب ، فقلت : نعم فنصحني بقراءة كتاب ( المراجعات ) ، وقال لي : إن هذا الكتاب حوار بين شيخ سني وآخر شيعي وأن كل ما فيه هو من كتب وصحاح أهل السنة ، وقد حاولت جاهدا أن أجد هذا الكتاب في المكتبات التي أعرفها في دمشق ، لكنني لم أصل إلى النتيجة المطلوبة.

 

المامه بمأساة واقعة الطف : يقول الأخ محمد سليم : " وفي هذه الفترة جلب لي شقيقي ( المئة الأوائل من النساء ) وقد كان قد قرأه واستوقفته خطبة السيد زينب (ع) وهي في بلاط الطاغية يزيد ابن معاوية بن أبي سفيان وذلك بعد واقعة كربلاء ، ولم أكن أعلم عن هذه الحادثة شيئا ، ولم أسمعها من أحد من قبل ، مع أني كما قلت سابقا كنت ومنذ طفولتي أتردد إلى المساجد وأحضر حلقات الدروس ، ولكن لم أسمع عن هذه الحادثة ، وقد علمت بعد ذلك أن ما كنت أقرؤه كانت كتبا موجهة تحاول أن تمنع أن تصل إلينا مثل هذه الأمور ... ، وبعد قراءتي لهذه الخطبة حاولت أن أبحث في الكتب عن واقعة كربلاء واندهشت عندما قرأتها في تاريخ الطبري ، فسيدنا الامام الحسين سيد شباب أهل الجنة كما جاء في الحديث الشريف ( الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة ) ، قد قتل هو وأهل بيته وأصحابه في هذه الحادثة امام أعين المسلمين وسمع الآخرين ، وقاتلهم يزيد وجيشه ، وهذا الطاغية كان خليفة المسلمين في ذلك الوقت فهذه الحادثة جعلتني أعزم على أن أعرف كيف وصل هذا الطاغية إلى الحكم فتحكم بالإسلام والمسلمين وتجرأ على ريحانة رسول الله (ص) ".

 

قراءته لكتاب المراجعات : يقول الأخ محمد سليم : " ومن حسن الحظ في تلك الفترة أن التقيت صدفة بأحد أصدقائي لدى خروجي من صلاة الجمعة يحمل كتابا ، فقلت له : ما هذا الكتاب ، فقال ابنفور : كتاب عن الشيعة ، فقلت له : هاته ، وكم كانت فرحتي شديدة عندما قرأت عنوان الكتاب ( المراجعات ) بين السيد شرف الدين والشيخ سليم البشري ، فهذا ما كنت أبحث عنه ، وقد حاول صديقي منعي من أخذه بحجة أنه مختلق كما يعتقد وأن شيخه قد نصحه بعدم قراءته لذلك هولم يقرأه ، ويريد أن يعيده للشخص الذي أعاره اياه ، فقلت له : لا عليك سوف أقرؤه بسرعة وأعيدة اليك غدا وفعلا قرأت الكتاب وأنهيته في ساعة متأخرة من تلك الليلة ، وقد أعدت قراءته لأتأكد مرة ثانية من حقيقة الروايات ، والأحاديث المثبتة في هامش الكتاب ، والتي استشهد بها السيد شرف الدين ، وقد قلت في نفسي : إن كانت هذه الروايات موجودة في كتب أهل السنة وتواريخهم وتفاسيرهم ، فسوف أعيد النظر في قناعاتي ، فلا يهم إن كان هذا الكتاب ملفقا أو صحيحا ، لأن الغاية هي ما جاء فيه وليس غير ذلك ، وبالفعل ، فقد تأكدت من وجود هذه الأحاديث في الصحاح وكتب التفسير والتاريخ ، وكل ما قاله واحتج به السيد عبد الحسين شرف الدين من حجج باهرة لا يمكن نكرآنها الا على من لا يريد أي يرى ضوء الشمس".

 

ردود فعل أبناء مجتمعه : يقول الأخ محمد سليم في مجال المضايقات التي واجهها بعد التوصل إلى القناعات الجديدة ، عندما رفضت أن أحجز عقلي حكمو علي بالضلالة كما صرح أحد المشايخ الذين كنت أحضر دروسهم ، وحتى أنه رفض مناقشتي في هذه الأمور ، وشيخ آخر نصح الناس بالابتعاد عني ، وذلك عندما نقل له أحد من كان يحضر عندي من تلاميذه بأني أعطيهم بعض الكتب لي يقرؤوها مثل كتاب ( ثم اهتديت للدكتور محمد التيجاني ) وكتاب ( المراجعات) ، وكل الذين كتب الله لهم سبيل الهداية إلى مذهب أهل البيت ، فما كان من هذا الشيخ إلا أن ، قال : في خطبة يوم الجمعة وعلى المنبر : إن أحد الزنادقة يوزع كتابا فيها سب وشتم للصحابة ، فننصح الأخوة عدم قراءة هذه الكتب ، وعوضا عنها أنصحهم بقراءة كتاب العواصم من القواصم .. ، هذا كل ما عنده وعند أمثاله فأي انسان يخالفه بالرأي سيصبح زنديقا يسب الصحابة ولا يصح أن يكلمه أحد ، وعندما آثرت أن اقرأ كتاب العواصم من القواصم لأرى ما فيه فوجئت بما وجدت فيه من سب وشتم الصحابة وانتقاص منهم ، وفي نهاية الكتاب فتوى بقتل الشيعة وكل من يخالف مذهب العامة ... ، لذلك قررت أن أذهب إلى هذا الشيخ وذلك في يوم الجمعة ، وقد أخذت معي كتاب العواصم من القواصم بعد أن كنت قد همشته ، ووضعت علامات على المواضيع التي ينتقص فيها مؤلف الكتاب من الصحابة ، وأخذت معي أيضا كتاب التشيع للسيد عبد الله الغريفي ( حفظه الله ).

 

وفي يوم الجمعة دخلت إلى مسجد الزهراء في منطقة المزه ، واستمعت إلى الخطبة ، ثم صليت معهم صلاة الجمعة ، وبعد الانتهاء التفت الشيخ إلى الحضور وبدأ يجيب عن أسئلتهم ، فلما شارف على الانتهاء وهم بالوقوف توجهت إليه ، وقلت له : إذا سمحت يا شيخ عندي بعض الأسئلة ، وهنا بادرني بالسؤال عندما رأى كتاب العواصم من القواصم بيدي قائلا : هل اشتريت الكتاب ، فقلت له : نعم حسب ما طلبت أنت من الأخوة ، فطلب مني أن أعطيه الكتاب ليتأمل ، وبالفعل أخذه من يدي وبدأ يتصفحه ويبدي سروره عند كل صفحة وعندما قال لي : ما سؤالك ، فقلت له : إن كان يوجد هنا مكتبة أو مكتب لندخل له حتى يتسني لنا الحديث بهدوء ، فقال : لا ، أسأل هنا امام الأخوة ، فقلت له : يا سماحة الشيخ ألم يأمرنا الله بالاعتصام بحبل الله جميعا وأمرنا رسول الله الكريم بعدم تكفير بعضنا البعض ، وقال : من كفر مسلما فقد كفر ، فكيف تأمر الناس بقراءة كتاب يفتي بقتل نصف المسلمين ممن يشهدون الشهادتين ويقيمون الصلاة ويصومون رمضان ، وهذا الكتاب أيضا يسب الصحابة ، ويقول : إن بعض هؤلاء مثل عمار بن ياسر وأبي ذر الغفاري ومحمد بن أبي بكر ومحمد بن أبو حذيفة قد لعب فيهم ابن اليهودية ( عبد الله بن سبأ ) فكادوا لدولة الإسلام ، وأججوا الفتنة التي أدت لمقتل عثمان بن عفان ، فقاطعني هنا الشيخ ، وقال : تفضل لنتكلم في الداخل ، وقد كان المصلون قد تجمعوا حولنا فقادني إلى غرفة بجانب المصلى وقد دخل معنا جمع غفير من المصلين ، فالتفت إلي قائلا أنا لم اقرأ الكتاب ، ولعل ما فيه مدسوس ، فقلت له : هذا هو الكتاب ، وقد فتحت له على الصفحة التي فيها الفتوى بقتل الشيعة ، فالتفت إلى الشيخ ، وقال : أنا لم اقرأ الكتاب.

 

فقلت له : إن مشلكتنا أننا نجهل كل شيء عن الشيعة الا ما يقوله المغرضون والمشنعون ، وقد أتيتك بكتاب يشرح منشأهم وأصول المذهب عندهم ، وأتمنى منك أن تقرأ بعين المصنف ، وسوف أتي إليك في الاسبوع المقبل لأعرف رأيك وهذا رقم هاتفي واسمي وعنواني فبان عليه الاستغراب عند سماع اسمي فعرفت ما يدور في ذهنه ، فقلت له : إني كنت حنفي المذهب ، والآن اتبع مذهب أهل البيت (ع) وقد أعطيته كتاب التشيع ( للسيد عبد الله الغريفي حفظه الله ) وطلبت منه أن يتصل بي إن أشكل عليه أمر ما ، وودعته على أمل اللقاء بعد اسبوع.

وعندما أتى الموعد ذهبت إلى المسجد ولم يكن قد اتصل بي خلال هذا الاسبوع ، وعندما قابلته بعد الصلاة اعتذر ، وقال : إنه لم يقرأ الكتاب لأنه مشغول ، وعنده دورة تحفيظ القرآن الكريم وواعدته في الاسبوع الذي يليه ، ولكنه للأسف خرج من المسجد عندما رآني وأنا أصلي ، ولم يلتفت إلي ... فعرفت أنه لأولن يقرأ الكتاب ، فلم أعد له ولم يتصل بي ، ولكني عرفت رأيه من نظرة بعض الأصدقاء لي ونفورهم وكلامهم لي : لماذا تركت مذهبي واعتقادي السابق وكنت دائما أشرح لهم وأعرفهم الحق وقد اهتدى البعض ، واستنكف آخرون لأنهم كانوا يأخذون بكلام مشايخهم وإن كان بلا دليل ، ويرفضون كلامي وإن أتيت عليه بألف دليل من الكتاب والسنة ، وقد نسوا قول الله تعالى : ( اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله ) ، من المعلوم أن النصارى لا يعبدون أحبارهم ولا رهبانهم ، بل يطيعونهم فيما يقولون ويصدقونهم ويسلموا لهم دون دليل ودون تعقل أو تفهم ، لذلك وصفهم الله بأنهم يعبدونهم من دون الله.

 

فهل يريد منا هؤلاء أن نكون مثلهم ، وقد أمرنا الله أن نحكم عقلنا من بعد الكاتب وسنة رسول الله ، قال تعالى : ( أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها ) ، لذلك فقد حررت عقلي ومضيت في سبيل الله لا أخشى لومة لائم ، وبذلك قد نزعت التعصب الأعمى وما أورثه لي أسلافي ، فانكشف لي : ما حاولوا تغطيته والتعتيم عليه عبر العصور ، وما أحوجنا الآن إلى أن يدرس هذا التاريخ الذي اختفى من ورائه النزاع السياسي والصراع الطائفي دراسة واقعية على ضوء التحقيق العلمي المجرد عن التعصب والتحيز ليظهر الحق والحق أحق أن يتبع ، والحمد لله على ما هدانا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله.

 

مؤلفاته :

 

1 _  " إفادات من ملفات التاريخ " : مخطوط : سيصدر عن مركز الأبحاث العقائدية ضمن سلسلة الرحلة إلى الثقلين ، وهو كتاب يساهم في كشف الغموض والتعتيم الذي لاقته مدرسة أهل البيت (ع) من قبل الحكام والدائرين في فلكهم من علماء وعاظ سلاطين وكتاب مأجورين.

وقد أورد فيه المؤلف كيفية تعرفه على طريق النجاة ، ثم سرد الأدلة التي دفعته إلى اعتناق مذهب التشيع ، ثم سلط الضوء على التاريخ الإسلامي بعد وفاة الرسول (ص) ، والملابسات التي شاهدتها الساحة الإسلامية عقيب وفاة الرسول (ص) ، وقد أورد في الفصل الأخير لمحات عن أئمة أهل البيت (ع) وتعيين الرسول لاوصيائه وائمة المسلمين من بعده.

 

وقفة مع كتابه : " إفادات من ملفات التاريخ " ، كما يظهر من عنوان الكتاب فانه كتاب تاريخي ، وهو يتناول حياة الخلفاء الأربعة الذين حكموا الناس بعد وفاة رسول الله (ص) ، وقد اختلف المؤرخون في حياتهم بل انقسمت الأمة الإسلامية بين مؤيد لهذا أو لذاك منهم نتيجة أهمية الفترة التاريخية الحساسة التي حكموا فيها وهي ما بعد وفاة النبي (ص) ، ويقول الكاتب ، عن هذا التاريخ : " وما أحوجنا الآن إلى أن يدرس هذا التاريخ الذي اختفى من ورائه النزاع السياسي والصراع الطائفي دراسة واقعية على ضوء التحقيق العلمي المجرد عن التعصب والتحيز ليظهر الحق والحق أحق أن يتبع " ، ثم يعرف الكاتب كتابه هذا بالقول : " سوف أحاول في هذا الكتاب واعتمادا على أبواب عدة أن أميط اللثام عن الكثير من الحوادث التاريخية التي حصلت بعد وفاة رسول الله من أمور الخلافة وما تبعها من حوادث وحروب وفتن ومؤامرات.

 

وقد وضعت هذه الأبواب على طريقة إفادات ، أي أن نحضر الشخصيات التي لعبت دورا في هذا التاريخ ، وكان لهم الأثر الكبير فيما حدث حتى الآن ، ونسألهم عما حصل ، ونتأمل أقوالهم وأعمالهم ونكتب الرد على لسانهم واعتمادا على كتب التاريخ والحديث والتفسير عند أهل السنة.

وقد اعتمدت في هذا الكتاب على كتب عدة وقد سجلت أسماءها وأين يوجد كل جواب أو مسألة في الهامش.

ولم اعتمد الا على الروايات التي يتفق عليها الطرفان السنة والشيعة ، وطرحت الآراء التي يتبناها الشيعة مع صحتها وثقتي بها ، ولكن أن تحتج بها ألزم أهل السنة أنفسهم به أجدى وأنفع وأبقوي ، اعتمادا على المقولة ، ( ألزموهم بما ألزموا به أنفسهم ) و ( من فمك أدينك ).

وقد يكون للحادثة التاريخية الفاظ عدة ورواة عدة ومعاني عدة ، ولكني لن أنتقي ما يؤكد ما أرمي إليه في رأيي ، وأطرح الباقي كما يفعل الكثيرون من الكتاب من أهل الخلاف ، إذ أنهم يأخذون ما يوافق منهجم ويتركون ما يناقضه ، بل اعتمدت في أخذي للأحاديث والروايات ما اجمع عليه الفريقان من صحته ، وذلك أكثر أمانة وأنجح للحجة.

 

وتقمصها ابن أبي قحافة : يعرف الكاتب بشخصية أبي بكر ، ثم يتحدث عن احداث أيام ملكه ـ من السقيفة الى تسليم الخلافة إلى عمر ـ وما فعل من منكرات مثل منع فاطمة سلام الله عليها فدكا ، ومحاولة حرق بيتها ، ثم حرق الأحاديث ومحاربة السنة النبوية ، وقد اخترنا هذه المقتطفات المختصرة :

 

س ـ عرف نفسك.

ج ـ اسمي أبو بكر عبد الله بن عثمان ، بن عامر ، بن عمرو ، بن كعب بن سعد ، بن تيم بن مرة ، بن كعب بن لؤي ، بن غالب بن فهر بن مالك ... ، وأمي أم الخير ، بنت صخر بن عامر ، بن كعب ، بن سعد ، بن تيم بن مرة .. ، وكنت أعمل في التجارة وأعرف علم الأنساب ، أسلمت بعد أربعة أو خمسة من الصحابة فأول من أسلم خديجة وعلي وزيد بن الحارثة ، ثم خالد بن سعيد بن العاص وأبو ذر وأنا .. ، رافقت رسول الله في كل غزواته ، وكنت أجلس معه في العريش ، ولم أشارك في القتال ولم أبارز أحدا خلال معارك الرسول.

 

س ـ يقول البعض من أهل السنة بأنك وصلت إلى الخلافة برضا من رسول الله ، ويستشهدون على ذلك بأنك صليت بالناس عند مرض الرسول ، وبأنك أول من أسلم من الرجال ، وإنك صديقه في الغار فما ردك على ذلك.

ج ـ أولا : لم يكن معي من رسول الله أي نص ، ولو كان معي مثل هذا النص ، لاحتججت به يوم السقيفة ، لأني كنت في أشد الحاجة إلى ما اثبت به أمري يوم ذلك.

ـ ثانيا : أما بشأن ما يدعيه البعض من موضوع الصلاة ، فهي لم تكن الا مرة واحدة ، وقصتها أن ابنتي عايشة بعثت لي ، وقالت : أن رسول الله مريض فصل بالناس ، وما إن بدأت بالصلاة حتى خرج رسول الله يتهادى من شدة مرضه بين الفضل بن العباس وعلي ، ودخل المسجد وصلى عن يميني قاعدا وصلى الناس ، فلما فرغ من الصلاة أقبل على الناس وكلمهم رافعا صوته حتى خرج صوته من باب المسجد يقول : ( يا أيها الناس سعرت النار ، وأقبلت الفتن كقطع الليل المظلم ، وإني والله لا تمسكوا علي شيئا ، اني لم أحل لكم الا ما أحل لكم القرآن ولم أحرم لكم الا ما حرم عليكم القرآن ) ... ، وعليه فأن رسول الله لم يأمرني بالصلاة بالناس ، ولو كان فعل لما خرج على هذا الحال وصلى هو بالناس ، وكيف يأمرني بذلك ، وقد كان جندني في جيش أسامة بن زيد ، وقد كان معسكرا خارج المدينة ، وكنت معهم وإنما كنت أتردد على المدينة لعيادة رسول الله ، ومن المعلوم أن قائد الجيش هو الامام في الصلاة وقد كان أسامة بن زيد ، هو امامنا في الصلاة.

 

وقبل وفاته استأذنته بالذهاب إلى أهلي بالسنح فأذن لي ، لذلك عندما توفي رسول الله لم أكن في المدينة ، وأيضا لم احتج بقصة الصلاة في السقيفة لأنها علي لا لي.

ـ وأما بشأن أني كنت صديقه في الغار فهذا مما لا ريب فيه ، ولكن قصته أنني أتيت في يوم هجرة رسول الله إلى داره ، فوجدت عليا فسألته عن نبي الله فأخبرني أنه لحق بالغار من ثور ، وقال : إن كان لك فيه حاجة فالحقه ، فخرجت مسرعا فلحقت نبي الله في الطريق ، فسمع رسول الله جرسي في ظلمة الليل فحسبني من المشركين فأسرع رسول الله في المشي ، فانقطع قبال نعله ففلق ابهامه حجر فكثر دمها ، وأسرع السعي ، فخفت أن يشق علي رسول الله فرفعت صوتي وتكلمت ، فعرفني رسول الله فقام حتى أتيته فانطلقنا ورجل رسول الله تستن دما حتى انتهينا إلى الغار في الصبح.

 

السقيفة :

س ـ كيف علمت بوفاة رسول الله، وما قصة اجتماع الأنصار في سقيفة بني ساعدة.

ج ـ أخبرتك آنفا أنني كنت في داري عند أهلي في ( السنح ) ، وعند عودتي إلى المدينة لعيادة رسول الله وجدت عمر على باب المسجد واقفا شاهرا سيفه ، يتهدد ويتوعد الناس ، وهو يقول : أن رسول الله لم يمت ولكنه ذهب إلى ربه كما ذهب نبي الله موسى ، وإنه سيعود ويقطع أيدي وأرجل رجال يزعمون أنه مات ، وكان لا يدع أحدا يدخل إلى الدار ، فقلت له : على رسلك يا عمر : انصت ، فأبى إلا أن يتكلم ، فلما رأيته لا ينصت دخلت وكان رسول الله مسجى في ناحية البيت عليه برد حبرة فكشفت عن وجهه وقبلته ، وقلت : بأبي أنت وأمي أما الموتة التي كتب الله عليك فقد ذقتها ، ثم لن يصيبك بعدها موتة أبدا ، ثم رددت الثوب على وجهه ، ثم خرجت وأقبلت على الناس ، فحمدت الله وأثنيت عليه ، ثم ، قلت : ( أيها الناس من كان يعبد محمدا فأن محمدا قد مات ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت ، ثم تلوت هذه الآية ) : ( وما محمد الا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم .. ) إلى آخر الآية .. فوالله لكان الناس لم يعملوا أن هذه الآية نزلت على رسول الله فأتاني عمر ، وأخبرني : أن أخرج إليه ، وعندما خرجت أخبرني : أن بعض الأنصار مجتمعون في سقيفة بني ساعدة ، لأمر ولابد أن نكون هناك حتى لا يقطع أمر لا نكون فيه ، فذهبنا وأخذنا معنا أبا عبيدة بن الجراح في وطريقنا باتجاه السقيفة وجدنا ( عويم ابن ساعدة الأنصاري ومعن بن عدي ) وهما من صفوة الأنصار وممن شهدوا بدرا ، وقالوا : لنا : ارجعوا وأقضوا أمركم بينكم ، فلم نلتفت اليهم وتابعنا مسيرنا إلى السقيفة ، وعندما وصلنا وجدنا جماعة من الأنصار ويوجد بينهم رجل مزمل ، فقلنا لهم : من هذا الرجل ، فقالوا : سعد بن عبادة ، وقد كان مريضا لا يبقوي على الوقوف ، وهنا حاول عمر : إن يتكلم ولكني منعته وبدأت الكلام فحمدت الله وأثنيت عليه ، ثم ذكرت ما للأنصار من فضل فلم أترك شيئا إلا ، قلته ، ثم ، قلت : ( كنا معشر المهاجرين أول الناس إسلاما ، والناس تبع لنا ونحن عشيرة رسول الله ، ونحن أوسط العرب أنسابا ليست لقبيلة من قبائل العرب الا ولقريش فيها ولادة ) ، وبعد أن أنهيت كلامي وقف عمر وقد كان زور مقالة قبل أن يأتي إلى السقيفة وكان يريد أن يقولها قبلي ولكن منعته ، فقال عمر : ( إنه والله لا ترضى العرب أن تؤمركم ونبيها من غيركم ، ولكن العرب لا ينبغي أن تولي هذا الأمر الا من كانت فيها وألوا الأمر منهم ، لنا بذلك على من خالفنا من العرب الحجة الظاهرة والسلطان المبين من ينازعنا سلطان محمد وميراثه ونحن أوليائه وعشيرته الا مدل بباطل أو متجانف لإثم أو متورط في هلكة ) .. ، فقال الأنصار : ( لا نبايع الا عليا ).. ، فقلت لهم : إني ناصح لكم في أحد هذين الرجلين أبي عبيدة بن الجراح أو عمر ابن الخطاب فبايعوا من شئتم ، فقال عمر : معاذ الله أن يكون ذلك وأنت بين أظهرنا ابسط يدك أبايعك ، فبايعني عمر وأبو عبيدة وتتابع الأنصار على مبايعتي وتخلف سعد وأولاده .. ، فقال عمر : اقتلوا سعد قتله الله ، وتمت البيعة ، ثم ذهبنا إلى المسجد ، فقال عمر للناس : مالي أراكم حلقا شتى قوموا فبايعوا أبا بكر فقد بايعته وبايعه الأنصار فقام عثمان ومن معه من بني أمية فبايعوا ، وقام سعد بن أبي وقاص وعبد الرحمن بن عوف ومن معهم من بني زهرة فبايعوا وأيضا بايع كل من كان من الأنصار في المسجد بعدما قال عمر : إن كل الأنصار بايعوا ...

 

اجتماع الأنصار :

س ـ هذا يعني أن الأنصار لم يكونوا مجتمعين من أجل أن يبايعوا سعد بن عبادة كما يزعم البعض لأنه كما ذكرت كان مريضا ، ولا يبقوي على الوقوف وإن جماعة من الأنصار كانوا يعودونه ، وأيضا في معرض حديثك قلت انكم صادفتم عند مجيئكم إلى السقيفة ( عويم بن ساعدة ومعن بن عدي ) وهما باتجاه المسجد أي خارجين من السقيفة وغير هذا كيف يكونوا مجتمعين من أجل البيعة ، مع أن عمر قد منع الناس من أن يقولوا أن رسول الله قد مات أي إن الذين كانوا خارج المسجد لا يعلمون حقيقة الموقف ..

ج ـ هذا صحيح ولكن عند علم عمر ، باجتماع الناس في السقيفة ، تبادر إلى ذهنه أنهم لابد أن يذكروا أمر الخلافة من بعد الرسول بناء على مرض الرسول وهذا ما حصل ..

 

عهد أبي بكر باستخلاف عمر :

س ـ ماذا حصل عند مرض موتك ولمن أوصيت بالخلافة.

ج ـ عندما أحسست بدنو أجلي دعوت عثمان بن عفان وقلت له : اكتب عهدي ، فكتب عثمان وأمليت عليه : ( بسم الله الرحمن الرحيم ، هذا ما عهد أبو بكر بن أبي قحافة آخر عهد في الدنيا نازحا عنها ، وأول عهده بالآخرة داخلا فيها ، إني أستخلف عليكم عمر بن الخطاب ، فإن تروه عدلا فيكم ، فذلك ظني به ورجائي فيه ، وإن بدل وغير فالخير أردت ، ولا أعلم الغيب ، وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون ) ..

س ـ ولكن يقولون : أنك عندما بدأت املاء الكتاب أغمي عليك وأن عثمان هو من كتب إسم عمر فيه.

ج ـ نعم .. عندما وصلت إلى قولي إني أستخلف عليكم فأغمي علي فكتب عثمان ـ عمر بن الخطاب وعندما أفقت ، قلت له : اقرأ : وذكر إسم عمر ، فقلت : إني لك هذا ، قال : ما كنت لتعدوه ، فقلت له أصبت.

س ـ عندما دفعت الكتاب وعلم الصحابة بهذا هل وافقوا عليه أم تحفظوا أم عارضوا.

ج ـ بعدما فرغت من كتابة الكتاب دخل علي قوم من الصحابة منهم طلحة ، فقال : ما أنت قائل لربك غدا وقد وليت علينا فظا غليظا ، تفرق منه النفوس وتنقض عنه القلوب ، فقلت : أسندوني وقد كنت مستلقيا ، فأسندوني ـ فقلت لطلحة : أبالله تخوفني إذا ، قال لي ذلك غدا قلت له : وليت عليهم خير أهلك.

س ـ هذا يعني أن الصحابة لم يكونوا راضين عن استخلاف عمر وقد فرضته عليهم فرضا بدون استشارتهم ، والنتيجة هي التي تنبأ بها الامام علي (ع)ندما قال : لعمر : ( احلب حلبا لك شطره وأشدد له اليوم أمر يردده عليك غدا ) ، وهذا بالضبط ما قاله أحد الصحابة لعمر بن الخطاب ، عندما خرج بالكتاب الذي فيه عهد الخلافة ، فقال له : ما في الكتاب يا أبا حفص ، قال : لا أدري ، ولكن أول من سمع وأطاع ، فقال الرجل : ( لكني والله ما أدري ما فيه ، أمرته عام أول ، وأمرك العام ) ، فما قولك في ذلك.

ج ـ لو شاء عمر بن الخطاب لكان الخليفة الأول فقد قلت له يوم السقيفة : ابسط يدك أبايعك ولكن هو قدمني وقد حفظت له هذه ، ثم هو الذي ركز البيعة فينا أي المهاجرين في السقيفة وهو صاحب المقالة : ( إنه لا ترضى العرب أن تؤمركم ونبيها من غيركم ، ولكن العرب لا ينبغي أن تولي هذا الأمر الا من كانت النبوة فيهم ، من ينازعنا سلطان محمد ونحن أهله وعشيرته الا مدل بباطل ، أو متجانف لإثم ، أو متورط في هلكه ) ... ، وهو الذي أخذ عصابة وذهب إلى بيت علي وأخرج الممتنعين عن البيعة من بني هاشم والزبير وهو الذي أمر باحراق بيت فاطمة وعلي : إن لم يخرجوا للبيعة ، وهو الذي طالب المجتمعين في المسجد لمبايعتي بقوله : ( مالي أراكم حلقا شتى قوموا فبايعوا أبا بكر فقد بايعته وبايعه الأنصار ) ، وهو الذي أصدر أمرا بقتل سعد بن عبادة في السقيفة ، وهو الذي هدد علي بن أبي طالب بضرب العنق إن لم يبايع ، وهو الذي ضم أبا سفيان إلينا بأن نصحني بترك ما بيده من الصدقات ، ثم ولى ابنيه يزيد ومعاوية على الجيش ، باختصار إن عمر كان الرجل الثاني في الدولة في خلافتني وقد كنت أسمع لرأيه وآخذ به ، وقد كان أكثر من ذلك فقد كان يحل ويبرم في خلافتي ، وكأنه الأمير فقد كتبت لعيينه بن حصن والأقرع بن حابس كتابا ، فأخذاه إلى عمر ليشهد ، فما إن شاهد عمر الكتاب لم يعجبه ، فتفل فيه فورا ومحاه ، فرجعا إلي ، وقالا لي : ( والله لا ندري أأنت الأمير أم عمر ) ، فقلت لهم : ( بل هو لو شاء كان) ، فجاء عمر إلي ، وقرعني بشدة على هذا الكتاب ، فقلت له : ( فلقد قلت لك إنك أبقوي مني على هذا الأمر لكنك غلبتني ).

 

أبو حفص العدوي : يعرف الكاتب بشخصية عمر ، ويذكر طرفا من تاريخه بعد وفاة الرسول وما فعله من بدع خالف فيها السنة النبوية الشريفة ، فيذكر رزية يوم الخميس وطرفا من احداث السقيفة ودور عمر فيها ، ثم علل علاقته مع أبي بكر أيام خلافته ، ويذكر كيف منع رواية الحديث خوفا من معرفة الناس فضائل آل البيت كما يوضح كيف أسس الأساس الصلب لحكم بني أمية بمنحهم ولاية الشام وعدم مراقبة أعمالهم فيها ، ثم يذكر الشورى وما جرى فيها ، وقد اخترنا مما ذكره هذه المقاطع : عمر بن الخطاب (الخليفة الثاني).

س ـ عرف نفسك.

ج ـ اسمي عمر بن الخطاب بن نفيل بن عبد العزى بن رباح بن عبد الله بن قرط ابن رازح بن عدي بن كعب بن لؤي وكنيتي ( أبو حفص ) وأمي حنتمة بنت هاشم بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم وأول من كناني بالفاروق هم أهل الكتاب ، أسلمت بعد خمسة وأربعون رجلا واحدى وعشرين امرأة أي بعد ستة وستين شخصا ، واشتركت في كل غزوات الرسول .. 

س ـ ولكن يقال : أنك لم تثبت في معركة ، ولم تبارز أحدا من المشركين ، ولم تقتل أو تجرح أحدا ، فقد ثبت أنك : هربت مع عثمان يوم أحد ، وانهزمت يوم حنين ، وأيضا يوم خيبر .. ، ولم تذكر يوم الخندق بشيء ، فأين أنت مما يدعيه البعض من أن الله قد أعز بك الإسلام.

ج ـ لقد نهاني رسول الله عن القتل ، وقد صرحت بذلك عندما اقترحت على أبي جندل أن يقتل سهيل بن عمرو المشرك وشجعته على ذلك ، فقال لي أبو جندل : مالك لا تقتله أنت، فقلت له : نهاني رسول الله عن قتله وقتل غيره .. ، وأيضا ليس لي من يحميني فقبيلتي بنو عدي ليس لها في العير ولا في النفير لذلك لم أقتل أحدا أو أبارز في أي معركة حتى لا يكون علي دم لأي عشيرة لذلك لم يعاديني أحد من قريش ولم يمانع في خلافتي ..

 

رزية الخميس :

س ـ كيف علمت بأن رسول الله كان يريد أن يصرح باسم علي في كتابة الوصية وماذا فعلت.

ج ـ قلت لك : أخرنا بعث جيش أسامة ، وفي هذا الوقت كنا لا نغادر المسجد ودار الرسول لذلك عندما طلب رسول الله أن يكتب الكتاب بقوله :

( هلم أكتب لكم كتابا لن تضلوا بعده أبدا ) ، فقد بادر إلى ذهني ما حصل في غدير خم ، فعلمت أنه يريد أن يصرح باسم علي بكتاب فأنه قال : في خطبته : ( تركت فيكم ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا أبدا كتاب الله وعترتي أهل بيتي ) ، وقال : ( فمن كنت مولاه فهذا علي مولاه) ، وهنا ، يقول " أكتب لكم كتابا لن تضلوا بعده أبدا " إذا الأمر واضح ، لذلك ودون أي تمهل ، قلت : أن رسول الله يهجر ، أو أن رسول الله غلب عليه الوجع ، وقد صرحت بذلك في كلام لي مع عبد الله ابن عباس في زمن خلافتي ، فقد سألت يوما عبد الله ابن عباس ونحن نتحدث ، فقلت له : يا عبد الله ، عليك دماء البدن إن كتمتها ، هل بقي في نفس علي شيء من أمر الخلافة ، قال ابن عباس : نعم ، قلت له : أيزعم أن رسول الله نص عليه ، قال : نعم وأزيدك : إني سألت أبي عما يدعيه ، فقال : صدق ، فقلت له : لقد كان في رسول الله من أمره ذرو من قوله : ( طرف من قول ) لا يثبت حجة ولا يقطع عذرا ، وقد كان يربع في أمره وقتا ما ، ولقد أراد في مرضه أن يصرح باسمه فمنعته من ذلك اشفاقا وحيطة على الإسلام، ورب هذه البنية ( يعني الكعبة ) لا تجتمع عليه قريش أبدا، فعلم رسول الله أني علمت ما في نفسه فأمسك.

س ـ هل ، قلت وحدك أن رسول الله يهجر ( معاذ الله).

ج ـ عندما قلت : أن رسول الله يهجر انقسم الناس فقوم يقولون قربوا لرسول الله يكتب لكم وقوم يقولون ما قلت ، وعندما كثر اللغط قال رسول الله : قوموا عني فقد علم رسول الله أنه لم يعد هناك داع من كتابة الكتاب لما سوف يوجب من طعن في مقام النبوة ، وخرجنا من عند رسول الله بعدما قال : قوموا عني ، وكان هذا آخر عهدي برسول الله.

س ـ هذا يعني أن رسول الله مات وهو غاضب منك وممن كان معك ، ووقف موقفك في ذلك اليوم.

ج ـ هذا صحيح ، وليغفر الله لي.

 

منع اعلان وفاة الرسول :

س ـ ماذا فعلت بعد ذلك وما كانت خطتك.

ج ـ أولا ، كان يجب أن أبقى في المدينة قريبا من المسجد ودار رسول الله ، لذلك كما قلت لك : أخرت جيش أسامة بن زيد ، وبما أني كنت قريبا من دار الرسول فكنت أول من علم بوفاة الرسول ، ولكن لأن أبا بكر لم يكن موجودا بسبب ذهابه إلى أهله في السنح كان لابد أن انتظره ريثما يحضر لنتابع الخطة معا ، ولذلك حملت سيفي ووقفت على باب المسجد ومنعت الدخول والخروج من المنزل ، وكنت أقول : إن رسول الله لم يمت وإنما ذهب إلى ربه كما ذهب موسى ، وأنه سوف يعود ويقطع أيدي وأرجل رجال يقولون : أنه مات وقد أرسلت إلى أبي بكر لكي يأتي وانتظرت على هذه الحالة حتى وصل أبو بكر ، وعندما خرج وقال : قولته : ( من كان يعبد محمدا فإن محمدا قد مات ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت ) ، وبينما الناس بين مصدق ومكذب انتهزت هذا الأمر وقلت لأبي بكر : هيا بنا إلى سقيفة بني ساعدة لأن الأنصار مجتمعون عند رئيسهم سعد بن عبادة ، وقد كان مريضا ولابد أن نصل هناك قبل أن يشيع نبأ وفاة رسول الله ، وفعلا ذهبنا وأخذنا معنا أبي عبيدة ابن الجراح وفي طريقنا رأينا ( عويم بن ساعدة الأنصاري ومعن ابن عدي ) وهما من صفوة الأنصار وقد شهدا بدرا وكانوا ذاهبين إلى المسجد ليستعلموا ، عن حال رسول الله وعندما أخبرناهم أن رسول الله توفي ، قالوا : لنا : عودوا وأقضوا أمركم بينكم وافترقنا ، هما ذهبا إلى المسجد ونحن ذهبنا إلى السقيفة ..

 

كراهية جمع النبوة والخلافة لبني هاشم :

س ـ تقول : أن قريشا كانت تكره عليا وتكره أن تجمع لبني هاشم النبوة والخلافة ، ولكن تشددك في أمر فرض بيعة أبي بكر على علي ، ومحاولتك احراق بيت فاطمة ، وكل ما جرى بعد ذلك من منع الارث ، وأمور أخرى تبين وكان في الأمر شيئا خاصا بينك وبين الامام علي ، وكأنك أنت من أصحاب هذه الفكرة.

ج ـ ان كره قريش لبني هاشم شيء مفروغ منه ، ولذلك قد استخدمت ذلك لصالحي فلم أكن قبل الإسلام بموقع اجتماعي مميز ، ولم يكن لي شأن يذكر فقد كنت أعمل مبرطش أكتري للناس الابل والحمير وآخذ عليه جعلا .. ، وبنو عدي لم يكونوا مع العير ولا مع النفير ، ولم يقاتلوا محمدا ولم يقاتلوا قريشا كما قال أبو سفيان ، ولم أقتل أو أجرح مشركا في المعارك التي خاضها النبي ، لذلك كان لابد لكي اجمع كلمة قريش أن يكون هناك أمر مشترك بيننا ، الا وهو ابعاد علي وبنيه عن الخلافة ، وبذلك ترتفع أسهمي ويصبح لهم مصلحة في ، وهذا بالضبط ما حصل فإن ابعادي لعلي (ع) عن الخلافة بمنع الرسول من كتابة العهد له رفع أسهمي إلى القمة ، وعلى هذا فقد وحدت كلمة قريش من المهاجرين والطلقاء لهدف محدد وهو الحيلولة بين بني هاشم وبين أن يجمعوا النبوة والخلافة بعد وفاة النبي .. ، وبذلك سلمت لي قريش عمليا رئاسة التحالف أو الحزب وكانت بيدي خيوط اللعبة السياسية ، وأخذت أواجه المعارضين للبيعة ، أنا مستند إلى جدار قوي من القوة والمنعة ، كيف ما أفعل فلن أجد منكرا أو مستنكرا ، فلو هددت بقتل علي فالكل يسكت ، ولو هممت باحراق بيت فاطمة فالكل يسكت ، والسكوت هنا أوضح بيان على موافقتهم على ما أقوم به.

 

حجر الأساس لبني أمية :

س ـ من المعروف عنك أو بمعنى آخر ما وصلنا عنك أنك كنت كثيرا ما تغير الولاة وخاصة الذين يغتنون أو يبدوا عليهم آثار النعمة والتبذير ، فقد كنت تصادر منهم نصف أموالهم وتعزلهم ، عن ولاياتهم الا معاوية بن أبي سفيان فقد تركته في ولايته على دمشق بعد أخيه يزيد مدة حكم أبي بكر وحكمك ، بالرغم مما كان يأتيك من أخباره وتبذيره وما تراه أنت حتى وصفته أنت ( بكسرى العرب ) ، ولم تعزله حتى صار له نفوذ كبير مما أسس فيما بعد لقيام دولة بني أمية.

ج ـ نعم هذا صحيح فقد كنت أعزل من تأتيني الأخبار عنهم بأنهم قد خالفوا ما أمرتهم به من خشونة العيش ، ولكن من كنت أعزله كان ممن لا أخاف منه الفتنة وتقليب الأمور علي ، أما معاوية فقد كنت أكسب به ولاء بني أمية أجمعين لذلك تركته في مقامه ، ولو أني وأبا بكر لم ندع ما في أيدي أبي سفيان من الصدقات وجعلنا ابنيه قادة للجيش الذاهب إلى الشام لما استقام لنا الأمر ، ولم نفز بهذا التحالف ضد علي وابنيه ولما استقام لنا الأمر.

 

شورى عمر :

س ـ كيف كانت هذه الشورى وكيف ضمنت اقصاء الخلافة عن علي مع وجوده ضمن أصحاب الشورى الذين سميتهم.

ج ـ لما طعنني أبو لؤلؤة ، قال لي الناس : استخلف ، وهنا رجعت ذاكرتي إلى السقيفة ، فقد كان ثالثنا : أبو عبيدة بن الجراح ، فقلت : لو كان أبو عبيدة حيا لاستخلفته ، وبقي أمامي أول من بايع من المهاجرين وهو عثمان بن عفان ، ولأنه هو الذي كتب عهد أبي بكر وقد جعلني فيه وأمضاه أبو بكر فأردت أن أوصي له ، فدبرت الأمر بنفسي ورتبته حيث ينتهي إليه ، وأكون امام الصحابة وبني هاشم قد جعلتها شورى ، لذلك ، قلت لمن كان عندي : أن رسول الله مات وهو راض عن هؤلاء الستة من قريش : علي ، وعثمان ، وطلحة ، والزبير ، وسعد ، وعبد الرحمن بن عوف ، وقد رأيت أن أجعلها شورى بينهم ( ولكن على طريقتي ) ليختاروا بأنفسهم ، ثم ، قلت لهم : أكلكم يطمع في الخلافة بعدي فوجموا ، فقلتها لهم ثانية فأجابني الزبير ، وقال : وما الذي يبعدنا منها وليتها أنت فقمت بها ، ولسنا دونك في قريش ولا في السابقة ولا في القرابة.

( فغضبت منه لأنه ذكرني بوضعي في قريش سابقا وانهم أسمى مني وأقدم مني إسلاما ) ، فقلت لهم : أفلا أخبركم عن أنفسكم ، فقال الزبير : قل ، فإنا لو استعفيناك لم تعفنا ، فقلت : أما أنت يا زبير فوعق لقِس ( صخر مبرم لا يستقيم على وجه ) مؤمن الرضا ، كافر الغضب ، يوما انسان ويوما شيطان ، ولعلها لو أفضت إليك ظلت يومك تلاطم بالبطحاء على مد من شعير أفرأيت إن أفضت إليك فليت شعري ، من يكون للناس يوم تكون شيطانا ، ومن يكون يوم تغضب، وما كان الله ليجمع لك أمر هذه الأمة ، وأنت على هذه الصفة ، ثم أقبلت على طلحة ـ وكنت مبغضا له منذ قال لأبي بكر يوم وفاته ما قاله عني ، فقلت : أقول أم اسكت ، فقال : قل فإنك لا تقول من الخير شيئا ، فقلت : أما أني أعرفك منذ أصيبت اصبعك يوم أحد والبأو ( الكبر والفخر ) الذي حدث لك ، ولقد مات رسول الله ساخطا عليك بالكلمة التي ، قلتها يوم أنزلت آية الحجاب ( فقد ، قال طلحة بمحضر ممن نقل عنه إلى رسول الله ما الذي يغنيه حجابهن اليوم وسيموت غدا فننكحهن ) .. ، ثم ، قلت لعبد الرحمن بن عوف : وأما أنت يا عبد الرحمن ، فلو وزن نصف إيمان المسلمين بإيمانك لرجح إيمانك به ، ولكن ليس يصلح هذا الأمر لمن فيه ضعف كضعفك ، وما لزهرة وهذا الأمر .. ، ثم أقبلت على علي : فقلت له : لله أنت لولا دعابة فيك أما والله لئن وليتهم لتحملنهم على الحق الواضح ، والمحجة البيضاء ، ثم أقبلت على عثمان ، فقلت له : هيها إليك كأني بك قد قلدتك قريش هذا الأمر لحبها إياك ، فحملت بني أمية وبني أبي معيط على رقاب الناس ، وآثرتهم بالفيء ، ثم ، قلت : ادعوا إلي أبا طلحة الأنصاري فدعوه لي ، فقلت له : انظر يا أبا طلحة ، إذا عدتم من حفرتي ، فكن في خمسين رجلا من الأنصار حاملي سيوفكم ، فخذ هؤلاء النفر بامضاء الأمر وتعجيله ، وأجمعهم في بيت وقف بأصحابك على باب البيت ليتشاوروا ويختاروا واحدا منهم ، فإن اتفق خمسة وأبى واحد فاضرب عنقه وإن اتفق أربعة وأبى اثنان فاضرب أعناقهما ، وإن اتفق ثلاثة وخالف ثلاثة فأنظر الثلاثة التي فيها عبد الرحمن بن عوف ، فارجع إلي : ما قد اتفقت عليه ، فإن أصرت الثلاثة الأخرى على خلافها فأضرب أعناقها ، وإن مضت ثلاثة أيام ولم يتفقوا على أمر ، فاضرب أعناق الستة ودع المسلمين يختاروا لأنفسهم ، وهنا بهذا الترتيب قد أخرجت عليا من الخلافة وضمنتها لعثمان دون أن أذكره بالاسم ، لأن طلحة من بني تيم وبني تيم صار بينها وبين بني هاشم ضغن من عدم مبايعة علي لأبي بكر وطعنه فيه ، وسعد بن أبي وقاص ابن عم عثمان وسوف يقف معه ، وعبد الرحمن بن عوف صهر عثمان أيضا ، ولم يبقى مع علي الا الزبير وحتى لو كان طلحة مع علي فلن يغني عنه شيئا لأن الغلبة تكون للجهة التي يكون فيها عبد الرحمن بن عوف ، وإن اختلفوا جميعا ولم يتفقوا قتلوا جميعا وقتل علي ولم تصل له الخلافة وبذلك تكون الخلافة قد خرجت من بني هاشم أيضا ، وهكذا تم الأمر ووصلت الخلافة إلى عثمان ( وبني أمية ) ، لذلك نكتفي بالأسئلة الموجهة لعمر بن الخطاب الخليفة الثاني ، ونأتي الآن إلى الخليفة الثالث الذي وصل إلى الخلافة بنص من عمر ولكن بعد أمر دبر بليل كما يقول المثل.

 

أبو عمرو الأموي : يعرف الكاتب بشخصية عثمان وما جرى في أيامه من معارضة الصحابة له لاستئثاره بالأموال وتسليطه بني أمية على الناس مما أدى في النهاية إلى قتله ، وقد اخترنا هذه المقتطفات :

س ـ عرف نفسك.

ج ـ اسمي عثمان بن عفان ، بن أبي العاص ، بن أمية ، بن عبد شمس بن عبد مناف ، وكنيتي ( أبو عمرو ) وأمي أروى بنت كريز بن ربيعة بن حبيب بن عبد شمس ، أسلمت بعد ستة أو سبعة نفر من الصحابة لأن أبا بكر بعد أن أسلم صحبني إلى الرسول وأسلمت على يديه ... خرجت مع رسول الله في معظم غزواته ولم اثبت في معركة ، ولكن لم اكن بالقوي الذي يذكر في ميدان القتال ، فقد هربت يوم أحد ويوم حنين ، وقد عاتبني رسول الله لأني لم أعد الا بعد ثلاثة أيام من انتهاء معركة أحد قائلا : لقد ذهبت بها عريضا يا عثمان ..

س ـ كيف وصلت إلى الخلافة.

ج ـ لقد وصلت إلى الخلافة بتدبير من عمر أو قل بوصية منه ولكن مموهة ، وكنت لا أشك بأني الخليفة الثالث منذ مات أبو عبيدة بن الجراح ، لأن المتتبع لأمر السقيفة يعلم أن الخطة كانت أن يتولوا الخلافة بالتتالي وأنا أول من بايع من المهاجرين عندما دخل أبو بكر وعمر إلى المسجد فبايع بنو أمية ، ثم تتابع الناس ولم أعارض أي عمل فعله صاحباي .. ، وقد كنت موضع سر أبي بكر ، فأنا كاتب وصيته ، وقد قال لي أبو بكر عندما كتبت إسم عمر : ( والله لو كتبت نفسك لكنت أهلا لها ) ، وكنت موضع سر عمر أيضا فكان الناس إذا أرادوا أن يسألوا عمر شيئا رموه بي كنت أدعى في امارة عمر بالرديف ، والرديف بلسان العرب الرجل الذي بعد الرجل والعرب تقول ذلك للرجل الذي يرجونه بعد زعيمهم.

 

معارضة الصحابة : عند وصولي إلى الخلافة وتوزيعي الأعطيات سر الناس لأنهم كانوا يعيشون شظف العيش على عهد أبي بكر وعمر ودخل السرور إلى قلوب قريش وبخاصة بني أمية ، لأنها وصلت أخيرا إلى ما كانت تطمح له من قبل الرسالة ، وهو شرف قيادة العرب واقصاء بني هاشم عن هذا الشرف ، ومما يؤكد ذلك أن أبا سفيان دخل علي مرة وكانت قد كف بصره ، فقال : هل هنا أحد ، فقالوا له : لا ، فقال : صارت إليك بعد تيم وعدي ، فأدرها كالكرة فإنما هو الملك ولا أدري ما جنه ولا نار ، وبعبارة أخرى : ( تلقفوها تلقف الكرة فما هناك جنة ولا نار ) ، ( يا بني أمية تلقفوها تلقف الكرة فوالذي يحلف به أبو سفيان ما زلت أرجوها لكم ، ولتصيرن إلى صبيانكم وراثة )... ، وبعبارة أخرى : ( اللهم اجعل الأمر أمر جاهلية ، الملك ملك غاصبيه ، واجعل أوتاد الأرض لبني أمية ) ، وهذه كانت البداية ، وقد كان أبو سفيان مستشاري ، وقد استمعت لنصيحته فوليت بني أمية الولايات فأعطيتهم الأعطيات فمثلا : وهبت خمس أفريقيا لمروان بن الحكم ، وأدخلت الوليد بن عقبة الفاسق بنص الآية ( إن جاءكم فاسق بنبإ ) ، ووليته على الكوفة ، وقربت بني عمومتي ، أنشأت لهم العمل والولايات وهم احداث غلمة لا صحبة لهم مع رسول الله ، وتركي المهاجرين والأنصار لا أستعملهم على شيء ولا أستشيرهم واستغني برأي عن رأيهم .. ، وما كان من الحمي حول المدينة ، من ادارة القطائع والأرزاق الأعطيات على أقوام بالمدينة ليست لهم صحبة من النبي ولا يغزون ولا يذبون ... ، وقد كان هذا لصلة رحمي ، وأني كنت كبير السن وقد قربتهم مني لمشاورتي ، وليكن الأمر لهم من يحركون الأمور دون الرجوع إلي ، وهذا لم يرق لكثير من الصحابة الذن هضم حقهم ، ورأوا أنني قد بدلت ما كان من سيرة أبي بكر وعمر وبدؤوا بالطعن علي.

 

ابن السوداء ( عبد الله بن سبأ ) :

س ـ من هو ابن السوداء والذي ، يقولون : أنه كان من المؤلبين عليك.

ج ـ أطلق إسم العبد الأسود أو ابن السوداء على عمار بن ياسر ، وأول من أطلقه هو مروان بن الحكم ، وذلك عندما اجتمع الناس من أصحاب الرسول وكتبوا كتابا ذكروا فيه ما إنكر الناس على من الأمور التالية :

1  ـ هبتي خمس افريقية لمروان بن الحكم وفيه حق الله والرسول وفيهم ذوو القربى واليتامى والمساكين.

2  ـ التطاول في البنيان حتى عدوا سبع دور بنيتها في المدينة ، دارا لنائلة ، ودارا لعائشة وغيرهم من أهلي وبناتي.

3  ـ بنيان مروان القصور بذي الخشب ( موضع بالمدينة ).

4  ـ عمارة الأموال بها من الخمس الواجب لله ورسوله.

5  ـ وما كان من افشاء العمل والولاية في أهلي وبني عمومتي من بني أمية وهم غلمة لا صحبة لهم مع الرسول.

6  ـ وما كان من الوليد بن عقبة إذ صلى بهم الصبح وهو سكران أربع ركعات ، ثم قال لهم : ( إن شئتم أزيدكم صلاة زدتكم ، وإني لم أقم عليه الحد ).

7  ـ تركي المهاجرين والأنصار لا أستعملهم على شيء ولا أستشيرهم.

8  ـ وما كان من الحمي الذي حمى حول المدينة ...

9  ـ إدرار القطائع والأرزاق والأعطيات على أقوام بالمدينة ليست لهم صحبة مع رسول الله ، ثم لا يغزون ولا يذبون.

10 ـ مجاوزتي الخيزران إلى السوط وإني أول من ضرب بالسياط ظهور الناس.

 

ثم تعاهد القوم ليدفعن الكتاب في يدي وكان ممن حضر عمار بن ياسر ، والمقداد بن الأسود ، وكانوا عشرة فلما خرجوا بالكتاب ليدفعوه لي والكتاب بيد عمار ، جعلوا يتسللون ، عن عمار حتى بقي وحده .. ، فمضى حتى جاء إلى دار فاستأذن علي فأذنت له في يوم شات ، فدخل علي وعندي مروان بن الحكم وأهلي من بني أمية فدفع الكتاب فقرأته ، فقلت له : أنت كتبت هذا ، قال : نعم ، قلت : ومن كان معك ، قال : كان معي نفر تفرقوا فرقا منك ، قلت : من هم، قال : لا أخبرك بهم ، قلت : فلم اجترأت على من بينهم ، فقال مروان : يا أمير إن هذا العبد الأسود قد جرأ عليك وإنك إن قتلته نكلت به من ورائه ، فقلت : اضربوه فضربوه وضربته معهم حتى فتق بطنه فغشي عليه ، فجروه حتى طرحوه على باب الدار .. ، وهكذا فإن مروان بن الحكم هو أول من أطلق هذا الاسم على عمار بن ياسر ...

س ـ لكن يقولون : أن ابن السوداء هذا يهودي ويدعى عبد الله ابن سبأ وقد كان يفتن الناس عنك في مصر والشام ، وأجج الناس ، ثم أتى إلى المدينة فما تقول.

ج ـ أنا لم أسمع بوجود شخص يحمل هذا الاسم في أيامي ، ولو كان موجودا لأحضره لي معاوية كما أحضر أبا ذر ونبذته إلى الربذة ، فلن يكون هذا المزعوم أعظم عندي من صاحب رسول الله أو من عمار بن ياسر الذي ضربته مع القوم حتى فتق بطنه أو من عبد الله ابن مسعود ، وقد كان قتله عبد الله بن أبي سرح في مصر ، فلن يكون هذا اليهودي الذي يزعم به أعز على من محمد بن أبي بكر أو محمد بن أبي حذيفة الذي كان يريد أن يفتك بهما لولا منعي له.

 

نهاية أمر عثمان :

س ـ كيف كانت نهاية هذا الأمر.

ج ـ اشتد الطعن علي وذلك بسبب عبد الله بن أبي سرح فقد طلب أهل مصر تغييره ، فقلت : اختاروا رجلا نوليه على مصر ، فاختاروا محمد بن أبي بكر ، ورضي الناس وعندما أرسلت محمد بن أبي بكر برسالة إلى عبد الله بن أبي سرح بطلب منه أن يقتل محمد بن أبي بكر ومن معه ويقره على عمله ، وألقي القبض على حامل الرسالة وكان الكتاب خاتمي وطالبت الجماهير الثائرة بمروان ، فأبيت أن أسلمه وتجمعوا حول الدار ومنعوا عني الماء وبعث لي علي بالحسنين ليوصلا الماء لي وليحمياني لكن الثائرين تسوروا الدار ودخلوا علي وقتلوني.

 

أبو تراب علي بن أبي طالب أمير المؤمنين (ع) : يعرف الكاتب بشخصيته ويوضح أنه وصي رسول الله ويستدل على ذلك بالكثير من الأدلة القرآنية والحديثية ويوضح عداء عائشة زوجة النبي (ص) له واستسلامها لعواطفها ، ثم يوضح دوره يوم الشورى وعداء القوم له وصبر الامام علي (ع) مقابل ذلك ، وللاختصار لم نورد مقتطفات منه لاتفاق الأمة على عظمة الامام علي (ع) الا بعض النواصب ، ويكفينا إننا أوردنا بعض مطاعن الثلاثة.

 

الدعوة إلى الوحدة : يقول الكاتب في هذا المجال : قد يقول قائل ما فائدة مثل هذا الكلام الآن ، ولماذا النبش والبحث في أمور تاريخية قد عفا الزمان عنها ، وهؤلاء الذين تتكلمون عنهم قد ماتوا وذهبوا إلى ربهم وقد قال تعالى : ( تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ولا تسألون عما كانوا يعملون ) ، دعونا من الخلاف وتعالوا نتوحد فإن ما يجمعنا أكثر مما يفرقنا ، وهذا صحيح لو أنهم يصدقون به ، ولكن لماذا لا يقبل عامة المسلمين اخوانهم الشيعة على أنهم مذهب خامس اضافة إلى مذاهبهم الأربعة وينتهي هذا الخلاف ، قال تعالى : ( لم تقولون ما لا تفعلون * كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون ).

وإننا نجد أن شيعة آل محمد منذ حوالي 1400 سنة وهم ملاحقون ومهددون ودائما متهمون ويقفون موقف المدافع عن دينه وعقائده ، ولا ترى الشيعة يقفون لاخوانهم من عامة المسلمين ليقولوا لهم لماذا تتكتفون بالصلاة مع أن رسول الله لم يضع اليمين على اليسرى، ولماذا تصلون على السجاد ورسول الله لم يصل الا على التراب أو الحصى أو الحصير ، وكثيرا من المخالفات التي يفعلها عامة المسلمين ، ولكن حرصا على الأخوة وعدم اثارة النعرات لا يتكلم الشيعة بهذه الأمور الا إذا استفزهم اخوانهم من أهل الخلاف ودائما ما يفعلون ذلك.

وعندما يكون من واجب هذا الشيعي أن يعلن لاخوانه ، لماذا يصلي هكذا، ولماذا يفعل هذا ، وعندما يتفاجىء أهل الخلاف بحجة أخيهم الشيعي تراهم يبدؤون بأسئلة الغاية منها التجريح والتشهير ليس التعلم والمعرفة ...

والعتب ليس على عوام المسلمين من أهل الخلاف ، بل على علمائهم الذين يعلمون الحق ويرونه وإن كان البعض منهم لا يعلمون فإن مثل هذه الكتب تميط اللثام عن ما جرى على مسار التاريخ الإسلامي ونشوء المذاهب.

والواجب عليهم إن كانوا يؤمنون بالله واليوم الآخر أن يوجهوا العوام ، ويقولوا إن المذاهب الإسلامية ليست فقط هذه المذاهب الأربعة ، وأنه يوجد مذهب آخر هو مذهب أهل البيت يمكنكم أن تقلدوه ، وبذلك يتوحد المسلمون مثل ما فعل الشيخ محمود شلتوت شيخ الأزهر.

 

العودة لصفحة البداية

العودة لفهرس المستبصرين