( لمياء حمادة )

العودة لصفحة البداية

العودة لفهرس المستبصرين

 

البطاقة الشخصية

 

مولدها ونشأتها : ولدت في سوريا عام 1965م ، وترعرعت في أجواء عائلة تنتمي إلى المذهب الحنفي ، واصلت دراستها الأكاديمية حتى تخرجت عام 1987 م من كلية الشريعة في جامعة دمشق.

 

الانفتاح على الرؤى الجديدة في الجامعة : تقول الأخت لمياء ، عن فترة دراستها في الجامعة : دخلت علينا ذات يوم طالبة جديدة تتمتع بشخصية متينة ويبدو على سيمائها علامات النبل والخير والصلاح ، فاستفسرنا عنها فتبين أنها عراقية ، كانت تواصل دراستها في كلية الطب في العراق ، لكنها بعد الهجرة إلى سوريا حبذت الدراسة في كلية الشريعة من أجل رفع مستواها العلمي بالأمور الدينية.

 

وهم نسجناه على منوال أسلافنا : وتقول الأخت لمياء : ثم تبين لي ولباقي الطلاب أن الأخت بتول تنتمي إلى مذهب التشيع ، فأصبح ديدننا التحرش بها والسخرية والاستهزاء بها ، لأننا كنا نحسبها وفق ما كنا نعتقد أنها غير مسلمة، وإنها ممن يعبدون علي بن أبي طالب ، ويتهمون الأمين جبرائيل بالخيانة في تسليمه الرسالة إلى محمد (ص) ، وانهم من الغلاة الذين يرفعون منزلة أئمتهم إلى درجة الألوهية ، ويسجدون للحجر من دون الله ، وانهم أشد على الإسلام من اليهود والنصارى ، ولكن كانت الأخت بتول رغم كل الاتهامات الموجهة اليها ، تقابل الجميع بروح طيبة وتتعامل مع الجميع بلين ورفق ، وتحاول أن تتجنب اثارة آية حساسية بينها وبين الآخرين.

 

اللقاء الأول بالشخصية الشيعية : واستمر الوضع على هذا المنوال ، حتى صادف ذات يوم أنني تأخرت عن موعد المحاضرة ، فلم أجد مكانا للجلوس سوى جنب هذه الفتاة الشيعية التي كنت أتجنب من التقرب اليها فيما سبق ، فجلست بجنبها وأنا مستاءة من الوضع ، لأنني شعرت بحالة من الاشمئزاز تحيط وجودي نتيجة قربي منها ، ولكنني حاولت أن أسيطر على انفعالاتي ، وقلت في نفسي : مالي وشأنها ، دع كل منا على دينه ومذهبه ، فكل انسان يتحمل بنفسه تبعات العقيدة التي يختارها.

 

وصادف أن كان موضوع محاضرة الأستاذ في ذلك اليوم حول الشيعة والتشيع ، وجعل الأستاذ يطعن بالتشيع ويستهزىء بأفكارهم ، فالتفت إلى بتول فرأيتها مستغربة مما يقال : عن مذهبهم ، واستمر الوضع على هذا المنوال حتى انتهت المحاضرة ، والأخت بتول متذمرة من الوضع وقد بان على وجها عدم الارتياح من محاضرة الأستاذ ، فالتفت اليها قائلة : ما لي أراك مستاءة ، اليس ما قاله الدكتور المحاضر عنكم صحيحا.

 

فابتسمت بتول ، وقالت : إذا كان هذا هو مستوى تفكير الأستاذ فلا لوم على الطلاب ، وإذا كان هذا مستوى وعي الطلاب فلا لوم على عامة الناس ، فقلت لها : وما الذي تقصديه ، فقالت : أقصد أن ما ذكره الأستاذ حول الشيعة والتشيع ليس الا مجرد أوهام وادعاءات كاذبة ، وأن التشيع بريء من جميع هذه الأمور التي يتهمه بها من لا يخشى الله فيما يقول ، ثم حاولت الأخت بتول أن تسيطر على زمام انفعالاتها النفسية ، ثم أبدت استعدادها للبحث مع لمياء وطلبت منها تمنحها فرصة أكبر لتبين لها المزيد من حقائق الأمور ، فقبلت لمياء ذلك وتم الاتفاق أن يذهبا معا إلى الكافتيريا.

 

المصادر الحقيقية للتعرف على التشيع : فلما استقر بهما المكان في الكافتيريا وتوفر الجو المناسب لفتح باب الحديث بعد تناول القهوة ، قالت : بتول : هل صادف أن قرأت كتابا حول التشيع ، ليكون تقييمك لهم عن دليل وبرهان لا عن تبعية وتقليد ، لمياء : نعم قرأت بعض الكتب من قبيل كتب أحمد أمين وغيرها ، بتول : هذه الكتب في الحقيقة لا يصح الاعتماد عليها لمعرفة التشيع ، لأن في نفوس مؤلفيها شائبة نحو التشيع وهم ممن ليس بوسعهم أن يكتبوا بموضوعية حول مذهب أهل البيت (ع) والحل أن يرفع الانسان مستواه العلمي في المجال العقائدي ، وأن لا يبادر إلى تقييم أي مذهب الا بعد التعرف على آرائهم من كتبهم.

 

المذهب الجعفري والمذاهب الأربعة ، قالت : لمياء لبتول : ان المذاهب الإسلامية أربعة لا غير ، وأن ما سواها فليس من الإسلام في شيء.

بتول : ان المذاهب الأربعة قد أخذ بعضهم عن بعض ، فأحمد بن حنبل أخذ عن الشافعي ، والشافعي أخذ عن مالك ، ومالك أخذ عن أبي حنيفة ، وأبو حنيفة أخذ عن جعفر الصادق ، وهو الامام الذي تتلمذ على يديه أكثر من أربعة الآف فقيه ومحدث.

 

بعض الشبهات الواهية ضد الشيعة : ثم حاولت الأخت لمياء أن تطرح على طاولة البحث شبهة كانت عالقة في ذهنها حول الشيعة ، فقالت لبتول : سمعت انكم تعبدون عليا وتقدسونه ، فهل يسعك ، أن تبيني لي أسباب ذلك ، بتول : هذا افتراء بالنسبة إلى اتباع مذهب أهل البيت (ع) ونحن إنما نعتقد بامامة الامام علي (ع) وأنه أحق بالخلافة من غيره بعد رسول الله (ص) ، لمياء : أخبريني عن قولكم بخيانة جبرئيل ، بتول : هذه أيضا تهمة قد الصقت بنا من قبل المخالفين من أجل تشويه سمعتنا ، وإن من له أدنى معرفة بعقائد الشيعة يعلم أنهم يعتقدون بعصمة الأنبياء والأئمة رغم كونهم من البشر ، وان دل هذا على شيء فيدل من باب الأولى على قولهم بعصمة ملك مقرب عند الله وهو جبرئيل.

 

بوادر نشوء الشكوك والحيرة : تقول الأخت لمياء : ثم تطرقنا إلى مواضيع عديدة ، وبعد انتهاء الجلسة شعرت بخطئي في مجال تعصبي لمذهب أجهل الكثير من صحة أدلته ومبانيه ، وأحسست أنني بحاجه إلى تخصيص جملة من وقتي للمطالعة والتنقيب حول الأمور العقائدية والدينية ، كما إنني بعد انتهاء الجلسه شعرت بزوال أي نفور أو كدورة ازاء مذهب التشيع ، ثم أثير هذا التساؤل في نفسي : يا ترى هل يأتي يوم أجد فيه نفسي منتمية للتشيع ، فارتعدت فرائصي وأسرعت لامحاء هذه الصورة من ذهني ، وقلت في نفسي : أستبعد مجيء هكذا يوم ، لأنني لا يسعني تصديق كون آبائي وأجدادي كلهم على ضلال وأن أكون أنا الوحيدة من بين عائلتي على الحق.

 

طلب المزيد من العلم : وبعد أيام عدة جاءت بتول لزيارة لمياء إلى بيتها ، فانساق الكلام بينهما حتى دار حول القرآن الكريم ، فقالت : لمياء : يقال : أن لكم مصحفا خاصا بكم ...، بتول : هذه مقولة من يريد تمزيق وحدة المسلمين ، وتفريق صفوفهم ، وليس لنا قرآنا غير ما هو متداول بين المسلمين ، لمياء : أرجو أن تبيني لي المزيد من الحقائق حول الشيعة والتشيع ... حدثيني عن أدلتكم في أحقية علي بن أبي طالب في الخلافة ، حديثني عن الحسين (ع) وعن سبب بكائكم عليه ، حدثيني عن توسلكم وتبرككم بأضرحة أئمتكم ، حدثيني عن سبب اختلافنا معكم في طريقة الوضوء وبعض أجزاء الصلاة و ...

 

بداية التوجه إلى المطالعة والتحقيق : عندها مدت الأخت بتول يدها إلى حقيبتها وأخرجت منها مجموعة من الكتب ، وقالت : للمياء : من أهم الأمور التي دعتني للاعجاب بشخصيتك هي تطلعك نحو العلم والمعرفة ، فلهذا حملت معي عند مجيئي اليك بعض الكتب المؤلفة من قبل المستبصرين الذين كانوا من أهل السنة ، فغيروا انتماءهم بعد البحث واعتنقوا مذهب التشيع ثم ألفو حول استبصارهم ، فأحببت أن أقدم لك هذه الكتب ، لتتمكني بعد مطالعتها من رفع مستواك العلمي والديني ، بمذهب أهل البيت (ع) والحصول على اجابة الأسئلة التي تدور في ذهنك حول الشيعة والتشيع ، ففرحت الأخت لمياء بذلك وتقبلت منها الكتب بشوق ورحابه صدر.

 

المفاجأة بقضية رزية الخميس : انكبت لمياء بعد ذلك في فترات فراغها على قراءة هذه الكتب بتأمل وامعان ، وكانت كلما تقرأ تجد أنها تكتشف الجديد في العلم والمعرفة الدينية ، وتقول الأخت لمياء : كانت أكثر قضية أثارت اهتمامي بعد معرفتها ، هي رزية يوم الخميس وموقف الصحابة عندما طلب منهم النبي (ص) وهو على فراش العلة قبل وفاته أن يأتوا له بكتف ودواة ليكتب لهم كتابا لن يضلوا بعده أبدا ، فاستغربت من موقف الصحابة حينما اطلعت عليه في كتب المستبصرين ، ولكنني ترويت ، وأحببت أن لا استعجل في الحكم الا بعد الحصول على اليقين ، فقمت بمراجعة كتب أهل السنة التي ورد أن هذه القضية التاريخية قد وردت فيها من قبيل صحيح البخاري وصحيح مسلم ومسند الامام أحمد وتاريخ الطبري وتاريخ ابن الأثير ، فتفاجأت بعد التأكد من صحة نقل هذه القضية في كتبنا المعتبرة ، وعرفت أنني بحاجة إلى غربلة الكثير من معتقداتي وتمييز الصحيح والسقيم منها عن طريق البحث والتنقيب.

 

الاستبصار وازاحة دواعي الانحياز الوهمي : واصلت لمياء مطالعتها وبحثها حتى بانت لها الحقيقة ، ووجدت نفسها تقترب بصورة تدريجية من فكر أهل البيت (ع) ولم تمض فتره حتى استقر رأيها على تغيير انتمائها واعتناق مذهب أهل البيت (ع) فلم تجد أمامها سوى عقبات نفسية ، فتوجهت إلى بارئها باخلاص ، وطلبت منه أن يمنحها قوة اجتياز العقبات التي إعترت طريقها ، فاحست بعد ذلك أنها قادرة على حسم هذا الصراع النفسي الذي عانت منه في الآونة الاخيرة ، فاتخذت قرارها النهائي اعتنقت أخيرا مذهب أهل البيت(ع) وتقول الأخت لمياء حول الفترة التي أعقبت استبصارها : تأسفت كثيرا على الماضي الذي عشته بلا بصيرة ولا وعي ، ثم شكرت الله لتوفيره لي الأجواء المناسبة للاستبصار والاهتداء إلى سبيل الحق.

 

أول اعلان عن الاستبصار : صادف استبصار لمياء أيام العشرة الأولى من شهر المحرم ، فلما التقت ببتول رأتها لمياء في رداء الحزن والأسى ، وقد بان الانكسار على وجهها ، فاستفسرت منها الأمر ، فأخبرتها بتول بملحمة عاشوراء وكيفيه مقتل الامام الحسين (ع) وأهل بيته وأصحابه بأيدي أهل الجور والظلمة والطغاة ، فتأثرت لمياء بذلك ، وانحدرت دموعها على خديها وتفاعلت مع المصيبة التي جرت على عترة الرسول (ع) ثم أخبرتها باستبصارها وطلبت منها أن تأخذها معها إلى الماتم المنعقدة لاقامة العزاء على الامام الحسين(ع) فتفاجأت بتول بذلك وجعلت تنظر اليها باستغراب ، فاحتضنتها لمياء وضمتها إلى صدرها ، ثم قبلت ما بين عينيها ، وقالت لها : لا يسعني أن أشكرك على ما قمت به من توفير أسباب استبصاري وهدايتي وانقاذي من الظلمات والجهل والانتقال : إلى عالم النور والعلم والمعرفة.

 

مواساة العترة في أحزانهم : ثم ذهبت لمياء مع بتول للمشاركة في المأتم الحسيني ، حيث تقول في هذا المجال لمياء : رأيت الناس في المأتم الحسيني تبكي فتذرف الدموع الغزيرة ، فبكيت معهم واستلهمت في ذلك المجلس الحسيني الكثير من المعاني النبيلة التي منحتني القوة والشجاعة والتضحية ، واستنار وجودي بسيرة الامام الحسين (ع) وشعرت أن الدموع التي أذرفها أنها تغسل معها جميع الشوائب والأدران العالقة في قلبي ، وشعرت في وجودي بعد انتهاء المجلس بطهارة القلب ونقاء البصيرة واستنارة العقل وطمأنينة النفس.

 

الصمود أزاء التيارات المعاكسة : بادر أهل لمياء وأقاربها وأصدقائها بعد استبصارها باستخدام شتى الأساليب لارجاعها إلى ما كانت عليه ، لكن باءت جميع محاولاتهم بالفشل ، فتركوها لشأنها بعد ما واجهوا صمودها واستقامتها في الثبات على مبادئها التي اعتنقتها عن دليل وبرهان ، ثم قامت لمياء بدورها لدعوتهم إلى مذهب أهل البيت (ع) وبينت لهم الأدلة التي اعتمدت عليها في انتمائها إلى التشيع ، فاقتنع اثنين من أخواتها واستبصرا على يديها ، فوفرا معا أجواء تحيطها هالة من المعنوية في ظل حديثهن عن فضائل أهل البيت (ع) وغدت كل واحده منهن تشجع الأخرى على تعميق الصلة بتراث أهل البيت (ع) والعمل وفق ما روى عن رسول الله (ص) عن طريق عترته المعصومين والميامين الأبرار.

 

مؤلفاتها :

1 ـ أخيرا أشرقت الروح : صدر عام 1421 هـ ـ 2000 م عن دار الخليج العربي للطباعة والنشر ، طرحت المؤلفة في بداية الكتاب قصة استبصارها ، ثم تعرضت في بقية الكتاب لحياة عائشة زوجة النبي (ص) ، تقول في المقدمة : ان التحليل الموضوعي والدراسة المستوعبة لحياة الجيل الذي عاش مع النبي (ص) ـ والذي كان له الدور الأكبر في رسم المستقبل السياسي والثقافي للمسلمين ـ يكشف لنا الواقع الصحيح ، الذي حاولت الحكومات آنذاك تغييره وتزويره ، إلا أن النور لا يمكن أن تكتم أنفاسه ، فبقي في بطون الكتب ومضات يلمسها كل من تحرر من التقليد الأعمى ، لقد جمعنا الومضات التي تكشف لنا عن سيرة أم المؤمنين عائشة ( الصحيحة ) ، إننا نقدم للأحرار أم المؤمنين عائشة مأخوذة من كتب الحديث والتاريخ ... دون الركون إلى كلام المقدسين لها فتقديس الأشخاص غالبا ما يكبل العقل ويعطل حركته ، ثم تعرضت الأخت لمياء لحياة عائشة في بابين يضمن كل منهما عدة فصول كما يلي :

 

الباب الأول : عائشة في حياة النبي (ص).

الفصل الأول : زوجات النبي (ص) وعائشة.

الفصل الثاني : صفات عائشة.

الفصل الثالث : عبثية منهج عائشة.

الباب الثاني : عائشة ما بعد حياة النبي (ص).

الفصل الأول : الفتنة على ظهر الجمل.

الفصل الثاني : أشلاء أخيرة من سيرتها.

 

وقفة مع كتابها : أخيرا أشرقت الروح : تنبع أهمية كتابها في كونه من كتب المستبصرين الذين انتقلوا إلى مذهب التشيع واهتدوا بنور الثقلين ، فحاكوا خيوط هذا النور وصيروها حبلا للتمسك بهما وركوب سفينة النجاة ، وهي كتب لها مذاقها واسلوبها الخاصين فضلا عن أهميتها الدينية والمذهبية ، كما لاحظت وستلاحظ في كتابنا هذا الذي يعرف بها ، ولهذا الكتاب خصوصية أخرى هو ان القلم الذي خطه كانت تمسك به امرأة مستبصرة لا رجل ، وصاحبة القلم منهن قلائل وهي الوحيدة التي رأينا لها كتابا ، وقد انتقلت هذه الخصوصية إلى موضوع الكتاب فضلا عن أسلوبه ، فاختارت أن تتحدث عن عائشة بنت أبي بكر زوجة النبي (ص) وهو اختيار سنلاحظ أنه كان موفقا إلى حد بعيد.

فكان عنوان الكتاب الكامل هو : أخيرا أشرقت الروح ، تلاشت الظلمة ورَحَلت إلى مرابع الشمس ، وكان جمل الفتنة احدى محطات استراحتي ، تعرض المؤلفة في بداية الكتاب قصة استبصارها الشيقة التي تقدم ذكرها في ترجمتها ، ثم تنتقل إلى موضوع الكتاب الرئيسي وهو حياة عائشة وهي المرأة التي لعبت دورا كبيرا ومهما ـ وأن كان فى الجانب السلبي ـ في صدر الرسالة الإسلامية.

 

وكان من نتيجة ذلك أن يأخذ أهل السنة نصف دينهم عنها ، باستنادهم من رسول الله (ص) وارتباطها به ، وقد استغل بنو أمية وعلماء السوء هذا الأمر أبشع استغلال فجعلوا قداسة الرسول قداسة لها واحترامه احتراما لها رغم تحذير الرسول منها مشيرا إلى بيتها : ههنا الفتنة ههنا الفتنة ومطلع قرن الشيطان ، ورغم الآيات القرآنية المتعددة التي تنتقد أعمال ومواقف زوجات النبي (ص) والتي كان لعائشة القدح المعلى في أسباب نزولها ، فبعدما وصفت الآية القرآنية : النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم ، نعت زوجات النبي بأمومة المؤمنين ـ وهي أمومة تشريعية لا غير ـ نتيجة ارتباطهن بالنبي (ص) كما يتبين ذلك واضحا من أدنى تأمل لظاهر الآية ، نجد أن ذلك لم يمنع الوحي الشريف من أن يقول : إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما وإن تظاهرا عليه فإن الله هو مولاه وجبريل وصالح المؤمنين ... ).

 

والمتظاهرتان هما ـ عائشة بنت أبي بكر وحفصة بنت عمر بن الخطاب ـ كما اعترف عمر بذلك في حديثه مع ابن عباس ، وأن يقول : يأيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك تبتغى مرضات أزواجك والله غفور رحيم ، والمقصود هنا أيضا ( عائشة وحفصة ) حيث تآمرتا عليه في قصة العسل المعروفة ، ولقد ضرب الله لهما مثلا خطيرا في سورة التحريم ليعلمها وبقية المسلمين أن الزوجية للنبي لا تمنع من دخول النار : ضرب الله مثلا للذين كفروا امرأت نوح وامرأت لوط كانتا تحت عبدين من عبادنا صالحين فخانتاهما فلم يغنيا عنهما من الله شيئا وقيل ادخلا النار مع الداخلين ، وبعد هذا كله نجد من يجعل عائشة مصداقا لآية اذهاب الرجس والتطهير التي تفيد العصمة باعتبارها من أزواج النبي (ص) ، إن لم تكن أفضلهن وأحبهن كما يدعون زورا وبهتانا وافتراءا ، وقد قسمت الكاتبة حياة عائشة إلى فترتين : الأولى حياتها مع النبي (ص) ، والثانية حياتها بعد وفاته (ص).

 

حياتها مع النبي (ص) : أوضحت الكاتبة بالدليل والبرهان أن عائشة لم تكن الزوجة المفضلة للرسول (ص) كما كانت تدعي ، بل كانت أفضل زوجاته خديجة والتي كانت عائشة تغار من وفاء النبي (ص) لها وذكره بالخير لها بعد موتها ، فوصفتها بالعجوز حمراء الشدقين وأن الله أبدله خيرا منها ، فغضب الرسول (ص) ، وقال في حق خديجة : لا والله ما أبدلني الله خيرا منها ، آمنت بي إذ كفر الناس ، وصدقتني إذ كذبني الناس ، وواستني في مالها إذ حرمني الناس ، ورزقني الله منها أولادا إذ حرمتني النساء ، وإنها لم تكن صغيرة السن كما كانت تدعي لنفسها ويدعي لها الناصبين لأهل البيت (ع) بالحد الذي جعلوا النبي (ص) وهو ابن ثلاث وخمسين سنة يتزوج منها وهي بنت ست سنين ، مما جعل علماء أهل السنة يتحيرون في جواب شبهات المستشرقين وقد كان هذا الجواب سهلا لو أعترفوا بأنه ليس كل ما ورد في صحاحهم صحيحا.

 

وأن كل ما ذكر عن جمالها وحظوتها عند النبي (ص) فهو مروي عنها أو عن ابن أختها عروة ، ولوسلم فكيف اشتهرت بالغيرة ، ومن المسلم أن لا يغار الجميل والمحظي بل العكس هو الصحيح ، وأن زواج النبي (ص) منها كان زواجا لتأليف القلوب ولتسود المحبة والرحمة بين القبائل بدلا من التنافر والتباغض ، وقد تزوج الرسول (ص) بأم حبيبة بنت أبي سفيان وأخت معاوية وهما من هما في عداء الرسول وآله ، كما صاهر الرسول اليهود والنصارى ليقرب أهل الأديان بعضهم من بعض.

 

حياتها بعد وفاة الرسول الأكرم (ص) : تشير الكاتبة إلى أن ايذائها لرسوله (ص) انتقل بعد ذلك لوليه علي بن أبي طالب (ع) فحاربته وركبت جمل الفتنة ونبحتها كلاب الحوأب ، وإلى سبطه الحسن (ع) فركبت البغل وصدت الجنازة أن تدفن قرب الجد الحنون ، وخالفت صريح القرآن : وقرن فى بيوتكن ولا تبرجن ، الذي نزل في نساء النبي أولا وأصالة ، ولم تسلم الأمة من ايذائها باشعالها حرب الجمل ، حيث قتل في البصرة بأمر مباشر منها عثمان بن حنيف مع سبعين من أصحابة ، وقيل : أربعمائة ، وهم أول من قتل صبرا في الإسلام.

وشمل أذاها أيضا سنة الرسول (ص) فغيرت فيها ما شاءت تبعا لهواها وانقيادا لشيطانها الذي طالما حذرها الرسول الكريم منه ، فقالت ـ على سبيل المثال ـ باتمام صلاة السفر وجعلتها أربع ركعات بدلا من ركعتين كما تأول عثمان وأبدع في الدين ، وساندت معاوية على أحياء هذه البدعة بعد أن كانت قد روت بنفسها عن رسول الله خلاف ما قالت به.

 

كما تفردت بنقل روايات رضاعة الكبير ، وإنها كانت تبعث بالرجال إلى أختها أم كلثوم بنت أبي بكر لترضعهم لتستحل عائشة مجالستهم بدون حجاب ، ولا نقول شيئا سوى أنها روايات مخزية تنسب إلى أعظم شخص عرفته البشرية ، وصارت هي وأمثالها كروايات سماع النبي للمغنيات في بيته ، وغيرها مادة دسمة لأمثال سلمان رشدي في محاربة الإسلام في الصميم بتشويه صورة الرسول (ص) استنادا إلى كلام أقرب الناس إليه.

 

العودة لصفحة البداية

العودة لفهرس المستبصرين