( خليل إبراهيم هاشم )

العودة لصفحة البداية

العودة لفهرس المستبصرين

 

البطاقة الشخصية

 

مولده ونشأته : ولد ببلدة شبعا عام 1966م في لبنان ، تشرف باعتناق مذهب أهل البيت (ع) عام 1989م في بلاده.

 

التخبط في الفراغ الديني : يقول الأخ خليل : كان والدي عاملا في أحد المعامل غير ملما بالأمور الدينية ، إلى حد كنا في الاُسرة ـ أنا واحد منهم ـ لا نعرف سوى أننا من أبناء العامة ، وكان والدي يحدثنا : عما يدور في محل عمله من نقاشات حول الأمور الدينية بين العمال ـ الذين كانوا من مذاهب مختلفة ـ وكان أبي كثيرا ما يقدح بالشيعة حتى ارتسمت في ذهني صورة مشوهة عنهم ، وكان أبي يحفزني على مجادلة زملائي الشيعة في الدراسة حول مذهبهم ، وكنت ـ في أكثر الأحيان ـ لقلة باعي في العلم أقف متحيرا امام الفكر الشيعي الذي يطرحه زملائي ، ولا أجد سبيلا سوى الابتعاد عنهم حفاظا علي معتقداتي الموروثة ، وكنت أنتقد الطلاب من أبناء العامة الذين يختلطون معهم ، وكنت أقول لهم : ان أهلنا ، يقولون : ان الشيعة خوارج ويجب الابتعاد عنهم.

 

الانبهار بشجاعة الامام علي (ع) : ذات يوم حدثنا : مدرس التربية الدينية عن معركة الخندق وما وقع فيها من نصر للمسلمين نتيجة شجاعة الامام علي بن أبي طالب (ع) وتطرق الأستاذ في حديثه إلى الطريقة النبيلة التي تصرف بها الامام (ع) مع عدوه المشرك عمرو بن عبد ود العامري ، وترفعه عن سلب درعه ـ على خلاف العادة الجارية آنذاك ـ فتأثرت كثيرا بشخصية الامام علي (ع) ومن ذلك الحين وقع حبه في قلبي ، عند رجوعي إلى البيت حدثت أهلي عن تلك المعركة وفارسها المغوار ، وسألتهم عن دور الخلفاء الثلاثة في تلك المعركة ، فأجابوني : بأنهم كانوا من خواص أصحاب الرسول (ص) ، فلم تقنعني اجابتهم ، وبقيت أفكر بعظمة شخصية الامام علي (ع) ولم أعط أهمية لمثل أولئك الأصحاب.

 

البحث عن الحقيقة : بعد مضي فترة انتقلت : من مدرستي إلى مدرسة الغدير الرسمية ، وتعرفت فيها على عدد من الزملاء ـ الذين كانت لهم اتجاهات مختلفة ـ فاصطدمت لمواجهتي كثرة الاختلافات العقائدية بين الطلبة ، واعترتني أزمة نفسية نتيجة التزلزل الفكري الذي لاقيته جراء الحديث مع هذا وذلك ، فقررت أن أصب اهتمامي للوصول إلى الحق عبر دراسة مبرمجة واستقصاء شامل ، فابتعدت عن درس التربية الدينية ليكون بحثي موضوعيا أصل به إلى النتائج من دون التأثر بجهة معينة ، ولكن بعد الحاح أصدقائي حضرت الدرس ، فلمست منه فوائد عديدة أكبرها معرفتي لأصول الدين ، إلا أني لم أصل إلى درجة الاعتقاد التام بها ، ومن هذه المعرفة المجملة ازدادت استفساراتي في هذا المجال ، وانطلقت نحو البحث وطلب المعرفة وبدأت أتحرر من تعصبي الأعمى.

 

وفي أحد الأيام ذهبت مع أحد أصدقائي إلى أحد مشايخ أبناء العامة عله يجيب عن بعض الأسئلة العالقة في ذهني ، فسألته عن أدلة خلافة أبي بكر ، فقال : ان أبا بكر كان أقرب الناس إلى الرسول (ص) عند وفاته ، فقلت : ان الشيعة ، يقولون : ان الخلافة بعد النبي (ص) للامام علي (ع) ويستدلون بقول الرسول (ص) يوم الغدير : من كنت مولاه فهذا علي مولاه ، فهل هذا الحديث في كتبنا ، فأجابني الشيخ بنبرة حادة : نعم موجود ، فماذا تقصد من هذه الآثارة ، قلت : أريد معرفة حديث من كنت مولاه ، هل أنه ورد بحق الامام علي (ع) أم لا ، وإن كان واردا فما هي دلالته ، فقال : نعم ورد بحق الامام علي ، ومعناه إن من يحب الرسول (ص) عليه أن يحب الامام علي ، ثم قال : وأنصحك أن تبتعد عن هؤلاء الشيعة.

وكان بودي أن أسأله عن سبب ذلك ، لكنه لم يفسح لي المجال لمواصلة الحوار ، فقررت بعدها أن التجيء بنفسي إلى مطالعة الكتب المعروفة لأقف على نقاط الخلاف بين الفريقين ، ولأعرف المناقب المذكورة لأبي بكر التي جعلته مستحقا للخلافة بعد رسول الله (ص) ، لأني طالما كنت أسمع من أبناء العامة أنهم يمجدون بأبي بكر ، ويفتخرون بصحبته للنبي (ص) في الغار.

 

أبو بكر وآية الغار : حاول أهل السنة أن ينتزعوا فضائل عديدة لأبي بكر من آية الغار بشتى الطرق ، حتى وصل بهم الأمر أن نسبوا له السكينة دون رسول الله (ص)، لكن الآية في قوله تعالى : الا تنصروه فقد نصره الله إذ أخرجه الذين كفروا ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا فأنزل الله سكينته عليه وأيده بجنود لم تروها وجعل كلمة الذين كفروا السفلى وكلمة الله هي العليا والله عزيز حكيم ، فاقدة لأي منقبة ـ لا من قريب ولا من بعيد  ـ لأبي بكر ، والمتأمل في سياق هذه الآية ودلالتها يدرك :

 

أولا : ان ما ادعاه أبناء العامة من الفضل لأبي بكر في قوله تعالى : ( ثاني اثنين ) مجرد تمحل لا أكثر ، لأن الآية تخبر عن العدد ليس الا.

فمن المعلوم أن اجتماع مؤمن وكافر في أي مكان ، هو اجتماع اثنين ليس الا ، وقد جرت العادة في آيات كثيرة من القرآن الكريم ذكر العدد ، كما في قوله تعالى : ( سيقولون ثلاثة رابعهم كلبهم ، ويقولون خمسة سادسهم كلبهم رجما بالغيب ويقولون سبعة وثامنهم كلبهم ... ) ، فأي ميزة لرابعية الكلب أو سادسيته أو ثامنيته.

 

ثانيا : أما قوله تعالى : ( إذ هما في الغار ) ، فقد يجتمع في المكان الصالح والطالح ، والانس والجن ، فمسجد النبي (ص) الذي هو أشرف من الغار قد جمع المؤمنين والمنافقين ، وسفينة نوح (ع) قد جمعت الانسان والحيوان ، فالاستدلال على أن أبا بكر كان ثاني النبي (ص) في الغار ، ثم الاستنتاج بأنه الثاني له (ص) في المنزلة ـ كما ذهب إلى ذلك الفخر الرازي ـ دعوى بلا دليل ، إذ لا استلزام بينهما ، لا سيما ان الآية لم تتطرق لى مسألة المنزلة والرتبة ، والادعاء بمثل هذه الفضيلة لأبي بكر مجرد ايهام للعوام ، وتحميل لقول الله تعالى بما لا صلة له في المقام.

 

ثالثا : أما تشبثهم بقوله تعالى : ( لصاحبه ) ، فهو لا يدل على ما ذهبوا إليه من أنه صاحب النبي (ص) ، لأن الصحبة بمعناها اللغوي قد تكون بين المؤمن والكافر ، كما في قوله تعالى : قال له صاحبه وهو يحاوره أكفرت بالذي خلقك من تراب ثم من نطفة ، ثم سواك رجلا ، وقد تكون بين الانسان والحيوان ، كقوله تعالى : فاصبر لحكم ربك ولا تكن كصاحب الحوت إذ نادى وهو مكظوم ، فهي لا توجب فضلا ولا منقبة للمنعوت بها.

 

رابعا : وأما قوله تعالى حكاية ، عن نبيه (ص) لا تحزن إن الله معنا ، فلايستلزم منقبة لأبي بكر كما توهم البعض ، بل ربما تكون منقصة ، لأن النبي (ص) نهى أبا بكر عن الحزن في الغار ، وحزنه لا يخلو من احدى حالتين :

 

- إما أن يكون على النبي (ص) وخوفا عليه ، وهذا عين طاعة الله ، فالنبي (ص) لا ينهى عن طاعة ربه ، بل يدعو إلى التقرب إليه من خلال ذلك.

- وإما أن يكون حزن أبي بكر على نفسه ، وخوفه من المشركين لتورطه في التواجد مع النبي (ص) في الغار ، وهو الواقع ، ولهذا نهاه النبي (ص) عن الحزن.

 

خامسا : أما تشبث أبناء العامة بقوله تعالى : ( معنا ) فكالتعلق بخيط العنكبوت، لأن المعية كما تكون للتسكين والتبشير وقد تكون للتحذير والتخويف ، كقوله تعالى : يا بني اركب معنا ولا تكن مع الكافرين ، وقد يكون المراد من ( معنا ) أنه تعالى عالم بحالنا ، كقوله تعالى : ما يكون من نجوى ثلاثة الا هو رابعهم ولا خمسة الا هو سادسهم ولا أدنى من ذلك ولا أكثر الا هو معهم أين ما كانوا ، فإذا احتملت لفظة ( معنا ) كل هذه المعاني ، فأي فضل يبقى لأبي بكر في ذلك.

 

سادسا : ان قسما من أئمة التفسير من العامة جعلوا السكينة في قوله : فأنزل الله سكينته ، نازلة على أبي بكر ، وذلك لأن الضمير يعود إلى أقرب المذكورات وهو أبو بكر ، لكن المتأمل لسياق الآية يجد أن الضمائر التي في صدر الآية والتي في وسطها وكذا التي في آخرها كلها تعود إلى الرسول الأكرم (ص) ، فالكلام في الآية مسوق لبيان نصرة الله تعالى لنبيه (ص) ، حيث لم يكن معه أحد يتمكن من نصرته ، فأنزل الله على نبيه السكينة وعززه بجنود غير مرئية ، كما ان قوله تعالى : وجعل كلمة الذين كفروا السفلى وكلمة الله هي العليا ، بيان لما سبق، ولا يصح التفريق بين البيان والمبين.

 

ودعوى من ، قال : أن النبي (ص) لم يزل على سكينة من ربه ، وانزال السكينة هنا مختص بصاحبه مردوده ، لأن أصل الاستدلال غير صحيح ، فالنبي (ص) تتجدد له هذه السكينة ، بدليل نزولها عليه (ص) مرة أخرى يوم حنين ، كما قال تعالى : ثم أنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين ، ومثلها قوله تعالى في سورة الفتح : إذ جعل الذين كفروا في قلوبهم الحمية حمية الجاهلية فأنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين ، كما ان السكينة لو كانت مختصة بأبي بكر ، فان هذا يعني أنه هو المؤيد بجنود الله غير المرئية ، لأنهما في سياق واحد ، والنبي (ص) أكرم على الله من أي مخلوق ، فلا يحوجه إلى نصر أحد ، فهو تعالى ناصره ومؤيده ، وقد بين سبحانه صور هذا النصر بنزول السكينة ، والتأييد بالجنود الخفية ، فالآية في هذا الموضع تبين أن المخصوص بولاية الله عز وجل هو النبي الأكرم (ص) لا أحد سواه ، ولو كان مشمولا بهذه العناية لشملته السكينة كما شملت غيره مع النبي (ص) كما ذكرنا ، وما ذكر من الفضائل بخصوص أبي بكر لا يعدو كونه ادعاءٌ لا أكثر.

 

تسمية أبي بكر بالصديق : يضيف الأخ خليل : كنت أتساءل لماذا سمي أبو بكر صديقا ، فهل كان ذلك لتصديقه بالنبي (ص) ، أو كان ذلك لقب له ، وهل ناداه رسول الله (ص) يوما ما بهذا اللقب ، والباحث إذا أمعن النظر في التراث الإسلامي يجد أن السياسة لعبت دورا هاما في تزييف الكثير من الحقائق ، فبفعل هيمنتها على وضع الأمة تمكنت أن تنفذ مخططاتها على المسلمين ، فمنحت بعض الشخصيات القابا ما كانوا لها أهلا ، وكل ذلك حربا منهم لآل البيت (ع) لا سيما لأمير المؤمنين علي (ع) فلقب الصديق وكذا الفاروق هما من مختصات الامام علي بن أبي طالب (ع) حيث وردت روايات عديدة تؤكد ذلك ، منها :

- عن الامام علي (ع) أنه قال : أنا عبد الله ، وأخو رسول الله ، وأنا الصديق الأكبر ، لا يقولها بعدي الا كذاب مفتري ...

- وعنه أيضا : أنا الصديق الأكبر ، والفاروق الأول ، أسلمت قبل إسلام أبي بكر ...

- وعن النبي (ص) ، قال : الصديقون ثلاثة ، حبيب النجار وهو مؤمن آل ياسين ، وحزقيل وهو مؤمن آل فرعون ، وعلي بن أبي طالب وهو أفضلهم.

- وعن أبي ذر وسلمان (ر) ، ان الرسول (ص) أخذ بيد علي (ع) ، فقال : ان هذا أول من آمن بي ، وهذا أول من يصافحني يوم القيامة ، وهذا الصديق الأكبر ، وهذا فاروق هذه الأمة يفرق بين الحق والباطل ...

 

وهناك مصادر كثيرة تثبت أن هذا اللقب هو لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) كما ذكر العلامة الأميني في ( موسوعة الغدير ) ، وفند الروايات الموضوعة التي ذكرت هذا اللقب لأبي بكر ، كما أنكر ذلك أيضا كبار النقاد والحفاظ من أبناء العامة ووصفوا هذه المرويات بالوضع والكذب ، كالذهبي ، والخطيب ، وابن حبان ، والسيوطي ، والفيروز آبادي ، والعجلوني ، وغيرهم ، ولم يثبت بدليل معتبر أن النبي (ص) نادى يوما ما أبا بكر بلقب الصديق.

 

وأخيرا تجلت الحقيقة : يقول الأخ خليل : وقد ثبت عندي أن أبا بكر كان ضعيف الإيمان بنبوة النبي (ص) حينما خاف على نفسه في الغار ، فكيف يسمى صديقا ، ومضيت في مطالعة الكتب وأمعنت النظر في مضامينها ، حتى زالت غمائم الحيرة عن بصيرتي ، وعرفت واقع بعض المسائل المختلف عليها بين الفريقين ، كما وجدت في كتب أبناء العامة ما يؤيد قول الشيعة.

 

وكان كتاب المرحوم الشيخ محمد مرعي الأنطاكي : لماذا اخترت مذهب أهل البيت (ع) ، خير معين لي في هذه المرحلة ، لما فيه من بحوث دقيقة وعلمية ، ومما زادني انجذابا نحو الامام علي (ع) اقرار أبناء العامة بعدد من الآيات النازلة في حقه ، إذ لم يكن لغيره فيها نصيب ، فأدركت أنه الأحق بالخلافة من غيره ، وواصلت البحث حتى استضاء قلبي بنور الهداية ، فاستبصرت وتشرفت باعتناق المذهب الامامي الاثنا عشري عام 1989م.

 

ومن ذلك الحين ابلغت دوائر النفوس في الدولة كي يسجلوا على هويتي ( شيعي ) بدل ( سني ) لأكون مفتخرا بعدها بانتمائي إلى مذهب أهل البيت (ع) الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا.

 

العودة لصفحة البداية

العودة لفهرس المستبصرين