( جرنو إبراهيم باه )

العودة لصفحة البداية

العودة لفهرس المستبصرين

 

البطاقة الشخصية

 

مولده ونشأته : ولد في غينيا ، بمدينة بوكر عام 1971م ، من عائلة تنتمي للمذهب المالكي ، درس في المدارس الأكاديمية حتى نال الشهادة الثانوية ، درس على يد والده  ـ الذي كان من كبار علماء المالكية في منطقتهم ـ بعض الكتب الدينية ، وواصل بعدها دراسته في جامعة جمال عبد الناصر في علم الاجتماع ، وأخرج منها قبل اكماله للدراسة بسبب انتمائه إلى مذهب أهل البيت (ع) ودفاعه العلني عن مبادئ وعقائد الشيعة ، أعلن تشيعه عام 1990م في عاصمة بلده كوناكري.

 

مرحلة التشكيك والاستفسارات : يقول الأخ جرنو : كنت أيام الاعدادية أدرس في المدرسة العربية الفرنسية التي توغل فيها الوهابيين عبر احتلال مواقع التدريس ، وكان لهم نشاط فعال في نشر المذهب الوهابي والتشكيك في المذاهب الإسلامية الأخرى ومن ضمنها المذهب المالكي ، وهدفهم من ذلك تضعيف بنيتنا وانتماءنا لمذهبنا ، ومن ثم التوجه إلى مبادئهم وأفكارهم ، وكان دأبهم أيضا الاكثار من القدح في الشيعة والتشيع.

 

وفي يوم طلبت من أحد الأساتذه أن يوضح لنا بصورة مجملة عقائد الشيعة الإمامية، فقال الأستاذ : انهم يعتقدون بوجود أئمة اثنا عشر أولهم الامام علي ، ثم الحسن والحسين ... فقلت : ونحن أيضا نحترم هؤلاء ولا نرى بأسا في اتباعهم ، فرد علي الأستاذ بعنف والتجيء إلى التشنيع والتهريج والسب محاولا اسكاتي ، لكنني واصلت البحث معه ، فأخرجني من الصف ، وقال : أنت تريد افساد عقيدة الطلاب.

 

والواقع كنت في ذلك الحين غير مطلع بتاتا على عقائد الشيعة وانتمائهم المذهبي ، ولم يحفزني للبحث عنهم سوى هذا التصرف السيء من الأستاذ الوهابي ، وكذلك تشنيعه المستمر وغير المنطقي ضد المذهب الشيعي ، وكنت أقول في نفسي : لماذا كل هذه الشدة والعنف على الشيعة ، وما الذي فعلوه ، وما هي عقائدهم التي تجعل هذا الأستاذ وأمثاله يندفعون إلى سبهم وشتمهم.

ومن هذا المنطلق بدأت بالاستفسار والتحقيق حول الشيعة ، وكان معظم الذين أسألهم عن الشيعة لا يعرفون الكثير عنهم ، فكانوا إما أن يظهروا جهلهم ، أو يكرروا الاشاعات المبثوثة ضد الشيعة من دون أن يكون لديهم أدلة على ذلك.

 

التشنيع ضد الشيعة : كان من جملة التشنيعات الكثيرة  ـ التي ذكرها الأستاذ الوهابي ضمن حديثه عن الشيعة ـ أن الشيعة قوم يدينون بدين يختلف عن بقية المسلمين ، فهم يجيزون الزنا ـ والعياذ بالله ـ لقولهم بالزواج المؤقت ، ويتهمون الأمين جبرئيل ـ والعياذ بالله ـ بالخيانة أو الخطأ في تبليغ الرسالة ، وذلك بأن الله بعثه ليسلم النبوة لعلي (ع) ولكنه عصى أمر الله تعالى فأعطاها لمحمد (ص) ، ولذلك ترى أنهم يتوضؤون على غير الطريقة التي نتوضأ بها.

 

وكان من حسن الصدف أن ألتقي بأحد الأصدقاء الذين اعتنق التشيع ، فسألته عن الشيعة وما يقال عنهم ، فتبسم ابتسامة مشفوعة بالحزن ، وقال : ان التشنيع ضد الشيعة ليس ظاهرة مستجدة ، بل هي ظاهرة قديمة قد سنها خلفاء بني أمية من قبل ، واجتهد حكام الجور ومن تبعهم منذ القدم للحط من شأنهم وابعادهم عن الساحة الإسلامية ، حفاظا على مصالحهم وماربهم التي كانوا يريدون تنفيذها من دون أي اتجاه يعكر انغماسهم في لذاتهم الزائقة.

 

والواقع أن هذه التهم هي دليل العاجز الذي لا يسعه أن يقابل الفكر بالفكر والدليل بالدليل ، فيكون سبيل خلاصة ذكر أمور ما أنزل الله بها من سلطان ـ كتهمة خيانة الأمين التي تضحك الثكلى ـ فهذا الكلام لم يقل به أحد من عوام الشيعة ولا أطفالهم ، وهذه كتب الشيعة قد ملأت الآفاق ، نعم يقرون ويعترفون امامة الامام علي (ع) بعد النبي محمد (ص) ، وأنه أول الأئمة الاثنى عشر ووصي النبي (ص) وخليفته من بعده.

 

أضواء على مسح الأرجل في الوضوء : ان مسألة الاختلاف في الوضوء هي من السائل الفقهية الفرعية تتبع الأصل ، الا أن بعض الأقلام أبت الا أن تدخل الناس في تشكيكات فرعية لاهين الناس عن الالتفات إلى الاختلاف الأساسي وهو مسألة الإمامة والخلافة ، ومع ذلك فان علماء الشيعة لم يتركوا استفسار الآخرين حول وضوئهم من دون جواب ، بل أثبتوا ما ذهبوا إليه بأدلة نقلية وردت عن مخالفيهم فضلا عما في طرقهم الخاصة والتي روى معظمها الأئمة من عترة الرسول (ص).

 

ومن خلال آية الوضوء نستطيع أن نتعرف على حكم الأرجل ، في قوله تعالى : يأيها الذين آمنوا إذا قمتم لى الصلوة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم لى المرافق وأمسحوا برؤوسكم وأرجلكم لى الكعبين ، فالحكم هو وجوب المسح ، ولا معنى للقول بالغسل إذ أنه مخالف للآية الكريمة ، اضافة إلى السيرة العملية لرسول الله (ص).

 

ويقال : في بيان ذلك : ان في قوله تعالى: ( وأرجلكم ) وردت قراءتان مشهورتان :

 

القراءة الأولى : وأرجلِكم ، بالجر ، وهي قراءة ابن كثير وحمزة وأبي عمرو وعاصم ( في رواية أبي بكر عنه ) ، كما ذكر ذلك الرازي في تفسيره ، وعلى هذه القراءة تصبح الأرجل معطوفة على الرؤوس فيجب مسحها كما وجب ذلك في الرؤوس.

 

أما القراءة الثانية : وهي قراءة ( وأرجلَكم ) بالنصب ، وهي قراءة نافع وابن عامر وعاصم ( في رواية حفص عنه ) كما ذكر ذلك الرازي أيضا ، وعلى هذه القراءة يكون حكم الأرجل المسح أيضا ، لأن الأرجل تكون معطوفة على الرؤوس المنصوبة محلا المجرورة لفظا ، والعطف على المحل وأرد في لغة العرب ، فيقال ليس فلان بعالم ولا عاملا بنصب عامل عطفا لها على محل عالم.

كما انه لا يصح عطف الأرجل على الوجوه والأيدي ، لعدم جواز العطف على إلا بعد مع امكان العطف على الأقرب ، وكذلك لوجود الفاصل الأجنبي ، فلا يصح أن يقال : ضربت زيدا ومررت ببكر وخالدا ، بعطف خالد على زيد ، لوجود الفاصل وهو مررت ببكر ، كذلك في الآية لا يصح عطف ( أرجلَكم ) على ( وجوهكم وأيديكم ) لامكان العطف على الأقرب وهو ( رؤوسِكم ) ولوجود الفاصل الأجنبي وهو عبارة ( وأمسحوا برؤوسِكم ).

 

أضف إلى كل هذا ورود الأخبار في مصادر أبناء العامة توضح وجوب المسح دون الغسل ، منها :

 

1 ـ أخرج الحاكم في ( المستدرك ) بسنده إلى رفاعة بن رافع ، عن رسول الله (ص) ، قال : إنها لا تتم صلاة أحد حتى يسبغ الوضوء كما أمره الله عز وجل ، يغسل وجهه ويديه إلى المرفقين ويمسح رأسه ورجليه إلى الكعبين ، وقال الحاكم : هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ، وقد أخرجه بخمسة أسانيد صحيحة.

 

2 ـ أخرج أحمد بسنده ، عن أبي مالك الأشعري أنه قال لقومه : اجتمعوا أصلي لكم صلاة رسول الله (ص) ، فلما أجتمعوا ، قال : هل فيكم أحد غيركم ، قالوا : الا ابن أخت لنا ، قال ابن أخت القوم منهم ، فدعا بجفنة فيها ماء فتوضأ وتمضمض واستنشق وغسل وجهه ثلاثا وذراعيه ثلاثا ومسح برأسه وظهر قدميه ، ثم صلى بهم.

 

3 ـ وأخرج أحمد ، عن علي (ع) ، قال : كنت أرى باطن القدمين أحق بالمسح من ظاهرهما حتى رأيت رسول الله (ص) يمسح ظاهرهما.

 

والجدير ذكره أن الله سبحانه وتعالى أبدل الغسل مسحا في التيمم وأسقط المسح في آية التيمم ، وبأدنى تأمل يتبين لنا أن حكم الأرجل في الوضوء هو المسح لا الغسل ، فقد ، قال تعالى في نفس آية الوضوء : وإن كنتم جنبا فاطهروا وإن كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحد منكم من الغائط أو لامستم النسآء فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا فامسحوا بوجوهكم وأيديكم.

 

زواج المتعة : ان الطاعن علي مسألة الزواج المؤقت المتعة انما يطعن في أحكام الله تعالى التي بلغها نبيه محمد (ص) للناس ، ولم يستدل بشيء سوى ادعاء الشرف والغيرة، ومن هناك كان جزاء تمسك شيعة أهل البيت (ع) بها التشنيع والاتهام والاشاعات والافتراء عليهم ، وقد قال الله تعالى : فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن فريضة.

 

والملاحظ أن الرازي ينقل أثناء بحثه حول هذه الآية ، عن عمران بن حصين ، أنه قال : ان الله أنزل المتعة آية وما نسخها بآية أخرى ، وأمرنا بها رسول الله (ص) وما نهانا عنها ، ثم قال رجل برأيه ما شاء.

 

وذكر السيوطي في الدر المنثور في التفسير بالمأثور ، عن الحكم أنه سئل عن هذه الآية أمنسوخة ، قال : لا ، وقال علي (ع) : لولا أن عمر نهى عن المتعة ما زنى الا شقي.

 

وقد ورد في الصحاح الكثير من الأخبار عن الزواج المؤقت ، منها :

 

1 - عن عبد الله بن مسعود ، قال : كنا نغزو مع رسول الله (ص) وليس لنا نساء ، فقلنا : ألا نستخصي ، فنهانا عن ذلك ، ثم رخص لنا أن ننكح المرأة بالثوب إلى أجل معين.

2 - عن جابر ابن عبد الله وسلمة ابن الأكوع ، قالا : كنا في جيش ، فأتانا رسول الله (ص) ، فقال : قد أذن لكن أن تستمتعوا فاستمتعوا.

3 - عن جابر ابن عبد الله ، قال : كنا نتمتع على عهد رسول الله (ص) وأبي بكر وعمر حتى نهانا عمر عنها أخيرا ، يعني متعه النساء.

 

وقد ذكر الرازي في بحث المتعة أنه روي أن عمر ، قال علي المنبر : متعتان كانتا مشروعتين في عهد رسول الله (ص) وأنا أنهى عنهما متعة الحج ومتعة النكاح.

ومن ينكر المتعة ويتخذها ذريعة للتشنيع ضد التشيع ، هو في الحقيقة يشنع على القرآن الكريم ويطعن في الحكمة الإلهية للتشريع ، وكانه بذلك يريد أن يفرض على الله شريعة تتلاءم مع عقله الذي لم يستوعب مضامين الرسالة وروحها.

 

الوصول إلى الحق : يقول الأخ جرنو : بمرور الأيام تبين لي أن الحق مع الشيعة في هذه المسائل وأمثالها التي يشنع أعداؤهم بها عليهم ، لكن غفل الذين يحاولون أن يعموا بصائر الآخرين ليبقوهم على التبعية والتقليد لهم ، أن الغبار المتراكم على مرآة الحقيقة سيزول في يوم من الأيام ، فتعود المرأة ناصعة براقة تعكس حقائق الأشياء في النفوس المستعدة والقلوب السليمة.

 

وهكذا وبالتدريج بدأت فكرة التشيع تتبلور في ذهني ، حتى أعلنت تشيعي عام 1990م في العاصمة كوناكري ، ويالها من لحظات حساسة غيرت مسيرة حياتي وهدتني سبيلا لم يخطر على بالي من قبل ، وكان من حسن حظي أنني التقيت بعد استبصاري ببعض من سبقني في التشيع ، وكان جملة منهم قد عاد لتوه إلى البلد من السفر الذي قضاه في احدى الحوزات العلمية الشيعية ، فقرر هؤلاء تأسيس مدرسة شيعية باسم أهل البيت (ع) فكنت من أوائل الطلبة الذين التحقوا بها.

 

العودة لصفحة البداية

العودة لفهرس المستبصرين