( حسين سورابي )

العودة لصفحة البداية

العودة لفهرس المستبصرين

 

البطاقة الشخصية

 

مولده ونشأته : ولد عام 1974م في بوركينافاسو ، ترعرع في أسرة تعتنق المذهب المالكي ، وقضى مدة ، ثمان سنوات في الدراسة الدينية لهذا المذهب ، ثم أصبح مدرسا في مجال العقائد والعلوم القرآنية والفقه ، تشرف باعتناق مذهب أهل البيت (ع) عام 1994م في مدينة باسام بساحل العاج ، على أثر مجموعة أبحاث ودراسات أجراها بغية الوصول إلى العقيدة الصحيحة.

 

اجتياز الحواجر للوصول إلى الحق : من الواضح أن الخطوة الأولى التي ترشد الباحث للحقيقة ، هي التخلي عن التعصب للأفكار والعقائد التي يقدسها ، والالتجاء إلى البحث بروح موضوعية ونفس مجردة عن الموروثات العقائدية التي تحيط بالمرء منذ ولادته وتترسخ في نفسه من دون قناعه ، ويكون التعصب هو السبب الوحيد للتمسك بها من دون وعي وبصيرة ، وما لم يتجرد الباحث عن موروثاته العقائدية ، لا تتفتح بصيرته ولا تتجلى له الحقائق بوضوح.

 

أثر البحث الموضوعي المتماسك : يقول الأخ حسين : من هذا المنطلق بدأت أبحث لأشيد معتقداتي بعيدا عن مناقشة الموضوعات على أساس الأفكار الشائعة والأجواء السطحية التي لا تلامس الأعماق ، فتوجهت للبحث بأسلوب عقلاني لأناقش الأفكار على أساس المصادر الأصلية والمبنية على الحجة والبرهان ، ومن هنا أغنيت تجربتي الفكرية في قضايا الصراع ، واتبعت الاسلوب العلمي الرصين لأصل إلى النتائج المطلوبة ، وكان أول موضوع قد تناولته في بحثي يتعلق بالخلفاء ، فسلكت المنهج العلمي وهو المنهج الذي يعتمد على مجموعة اجراءات يتخذها الباحث بترتيب معين ليبلغ هدفه ، وكان هدفي من ذلك الوصول إلى حقيقة أمر الخلفاء.

 

الخلفاء في الميزان : ان أول ما يلفت انتباه الباحث عند دراسته لتاريخ صدر الإسلام هو مخالفة الخلفاء ـ لا سيما الأول والثاني ـ لكتاب الله وسنة نبيه ، وأبرز دليل على ذلك هو قول الامام علي (ع) في الشورى التي افتعلها عمر ابن الخطاب لتعيين الخليفة من بعده ، إذ ورد أن عبد الرحمن بن عوف توجه إلى الامام علي بن أبي طالب (ع) في ذلك الاجتماع قائلا : لنا الله عليك ، إن وليت هذا الأمر أن تسير فينا بكتاب الله وسنة نبيه وسيرة أبي بكر وعمر ، فرفض الامام علي بن أبي طالب (ع) أن يسير بسيرتهما ، وقال : أسير فيكم بكتاب الله وسنة نبيه ما استطعت ، وهذا إن دل على شي فهو يدل على مخالفة أبي بكر وعمر لكتاب الله وسنة نبيه (ص) ، والتاريخ يكشف بوضوح لمن يتتبعه ويمعن النظر فيه برؤية موضوعية ، أن أبا بكر وعمر قد ارتكبا الكثير من الاجتهادات في مقابل النص وخالفا الكتاب والسنة.

 

مخالفات أبي بكر للقرآن والسنة :

 

1 ـ منع الزهراء (ع) ارثها : من أوضح مخالفات أبي بكر للنص القرآني في خصوص الارث منعه فاطمة الزهراء (ع) بنت النبي (ص) من الميراث ، وقد نسب أبو بكر حديثا إلى رسول الله (ص) تفرد بنقله فزعم أن رسول الله (ص) ، قال : نحن معاشر الأنبياء لا نورث ، ما تركناه صدقة ، وقد احتجت الزهراء (ع) عليه بقولها : يا ابن أبي قحافة أفي كتاب الله أن ترث أباك ولا أرث أبي ، لقد جئت شيئا فريا ، أفعلى عمد تركتم كتاب الله ونبذتموه وراء ظهوركم ، إذ يقول : وورث سليمان داود ، وقال فيما اقتص من خبر يحيى بن زكريا (ع) إذ قال : فهب لي من لدنك وليا يرثني ويرث من آل يعقوب ... ثم قالت : أم أنتم أعلم بخصوص القرآن وعمومه من أبي وابن عمي ، فدونكها مخطومة مرحولة تلقاك يوم حشرك ، فنعم الحكم الله ، والزعيم محمد (ص) ، والموعد القيامة وعند الساعة ما تخسرون ولا ينفعكم إذ تندمون ... ثم رمت بطرفها نحو الأنصار ، وقالت : يا معشر الفتية وأعضاد الملة وأنصار الإسلام ما هذه الغميزة في حقي ، والسنة عن ظلامتي ... ، وبذلك خالف أبو بكر سنة رسول الله (ص) وأغضبه لأنه (ص) ، قال : فاطمة بضعة مني فمن أغضبها أغضبني.

 

2 ـ منع تدوين الحديث : ومن مخالفات أبي بكر وعمر لسنة رسول الله (ص) منعهم لتدوين سنته (ص) ، إذ بها نبذوا سنة نبيهم وراء ظهورهم فكانت عندهم نسيا منسيا ، أضف إلى احراق أبو بكر أحاديث رسول الله (ص) التي جمعت في عهده ، لئلا تنتشر عند الصحابة وغيرهم من المسلمين الذين كانوا يتلهفون لمعرفة سنة نبيهم (ص) وتابعه عمر متوخيا نفس السياسة باسلوبه المعروف بالشدة والغلظة ، فهدد وتوعد ، وضرب من خالف منع تدوين الحديث ، وأما تبرير هذا الفعل لئلا تختلط السنة بالقرآن ، فانها حجة واهية لا تقوم على أساس علمي ، أذ كان بامكان الخلفاء تخصيص مصحف خاص لكل منهما ، كما هو الحال عندما دونت الأحاديث في عهد عمر بن عبد العزيز.

 

والحقيقة أن أبا بكر وعمر ومن تابعهما انما منعوا من انتشار الأحاديث ليوجدوا مجالا لتأويل ما ترتئيه أهوائهم كما تأولوا القرآن ، لأن كتاب الله حمال ذو أوجه أما السنة النبوية فلا يجد أحد عنها محيصا ، ومن هنا نرى أبا بكر وعمر خالفا بذلك سنة الرسول إذ قال (ص) : اكتبوا هذا العلم ، وعنه (ص) أيضا : اكتبوا ولا حرج ، وقوله (ص) : بلى فاكتبوها.

 

3 ـ قتل مانعي الزكاة : ومن مخالفات أبي بكر للسنة قتله للمسلمين الذين امتنعوا عن اعطائه الزكاة ، لعدم وثوقهم بخلافته حتى ورد أن عمر ، قال له : يا أبا بكر ، كيف نقاتل الناس وقد قال رسول الله (ص) : أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا : لا إله الا الله فمن ، قال : لا إله الا الله عصم مني ماله ونفسه الا بحقه وحسابه على الله "، لكنه لم يبالي بما ذكره عمر بسنة الرسول (ص) ، وأجابه بعنف وشده حتى تقاعد عمر بقوله ورضي به ، ليستتب أمر الخلافة لهم ولا يجرأ أحد على الاعتراض عليهم ، ولكن يا للتعصب من محفز للتبرير إذ زعم البعض أن هؤلاء المسلمين ارتدوا عن الإسلام فوجب قتلهم ، وهذه الدعوى أبطلها أبو بكر نفسه إذ دفع دية مالك من بيت المال واعتذر عن قتله بعد ذلك ، والمرتد لا يعتذر عن قتله ولا تدفع ديته من بيت المال ، لكن أبا بكر خالف السنة وفعل فعلته التي أرادها لتشييد أركان خلافته.

 

4 ـ ترك اقامة الحدود : ومن مخالفات أبي بكر لكتاب الله وسنة رسوله (ص) عدم اقامته الحد على خالد بن الوليد بعد قتله : مالك بن نويرة وتزوجه بحليلته من ليلته ، حيث لم يجري أبو بكر عليه القصاص ولم يقم عليه حد الزاني ولم يضربه حد المفتري ولم يعزره تعزير المعتدي على ما ملكته أيدي المسلمين وإنما دافع عنه وأمر خالد بطلاق زوجة مالك ، بل أنه غضب على بعض الصحابة الذين أنكروا على خالد.

 

5 ـ الابتداع في اقامة الحدود : وخالف أبو بكر سنة رسول الله بأمره احراق فجاءة السلمي بالنار ، وقد قال رسول الله (ص) : لا يعذب بالنار الا رب النار.

 

6 ـ مخالفة الشورى : ومن مخالفاته لسنة الرسول (ص) على قول أبناء العامة بان الاستخلاف يتم بالشورى ، فان أبا بكر ولى عمرا بعده الخلافة بالتنصيب ولم يستشر أحدا من الصحابة ، بل عارض من أنكر عليه استخلاف عمر بن الخطاب.

 

مخالفات عمر للقرآن والسنة :

 

1 ـ منع فرض المؤلفة قلوبهم : من مخالفات عمر بن الخطاب لكتاب الله وسنة رسوله (ص) منعه فرض المؤلفة قلوبهم من الصدقات ، فقد ، قال تعالى : إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله والله عليم حكيم ، ولكن عمر خالف الكتاب وخالف سنة رسول الله (ص) في هذا العطاء المفروض ، وقال : ... ان الله قد أعز الإسلام ...

 

2 ـ عدم المساواة في تقسيم الأموال : وخالف عمر سيرة الرسول (ص) في مراعاة المساواة بين المسلمين في بيت المال ففرق في العطاء.

 

3 ـ بدعة صلاة التراويح : ومن مخالفاته جمع الناس على صلاة نافلة التراويح ، مع اعترافه بأنها بدعة ، وذلك بقوله : انها بدعة ونعم البدعة ، ولم يستن بسنة رسول الله (ص) ، ولم يعبأ بقوله (ص) ان الصلاة بالليل في شهر رمضان من النافلة في جماعة بدعة.

 

4 ـ تغيير سنة الرسول (ص) في الطلاق : ومن مخالفاته أيضا سنه لطلاق الثلاث ، فقد ورد عن ابن عباس : كان الطلاق على عهد رسول الله (ص) وأبي بكر وسنتين من خلافة عمر طلاق الثلاث واحدة ، فقال عمر : ان الناس قد استعجلوا في أمر كانت لهم فيه أناة ، فلو أمضيناه عليهم ، فأمضاه عليهم ، وبهذا غير عمر سنة رسول الله (ص) وخالف الكتاب ، حيث يقول الله تعالى : الطلاق مرتان فامساك بمعروف أو تسريح باحسان تلك حدود الله فلا تعتدوها ومن يتعد حدود الله فأولئك هم الظالمون ، وفسرت هذه الآية بأن المرأة لا تحرم على زوجها الا بعد ثلاث تطليقات ، ولكن عمر بن الخطاب تجاوز حدود الله بحكمه أن طلقة واحدة بلفظ الثلاثة توجب حرمة الزوجة على الزوج ، وقد ورد أن رجلا طلق في عهد رسول الله (ص) ثلاثا في مجلس واحد ، فقام (ص) غضبان ، وقال : يلعب بكتاب الله وأنا بين أظهركم.

 

5 ـ الاجتهاد في مقابل النص : ومن مخالفاته الصريحة لسنة رسول الله (ص) ، قوله : ثلاث كن على عهد رسول الله أنا محرمهن ومعاقب عليهن : متعة الحج ، ومتعة النساء ، وحى على خير العمل في الأذان ، وقال أيضا في متعة الحج ومتعة النساء : قد علمت أن النبي (ص) قد فعله وأصحابه ، ولكني كرهت أن يظلوا معرسين بهن في الأراك ثم يروحون في الحج تقطر رؤوسهم.

 

6 ـ تعطيل حد الزنا : ومن مخالفاته العملية تعطيله حد الزنا في المغيرة بن شعبة لما شهد عليه بالزنا.

 

7 ـ تعطيل التيمم : وعارض عمر النص الصريح للكتاب والسنة واجتهد في مقابل النص ، فقال : من لم يجد الماء لا يصل ، وقد قال الله تعالى :... فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا ... ، وبهذا خالف عمر بن الخطاب صريح الكتاب والسنة.

 

مخالفات عمر في عهد رسول الله (ص) : ليس في هذه المخالفات التي صدرت من عمر لسنة الرسول (ص) غرابة ، إذ أنه قد ارتئى لنفسه أن يخالف رسول الله (ص) بمحضره ولم يعبأ بقوله تعالى : وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا واتقوا الله إن الله شديدا العقاب ، وكان منها :

 

1 ـ معارضته لرسول الله (ص) في صلح الحديبية.

 

2 ـ معارضته له (ص) عندما صلى صلاة الميت على ابن أبي سلول ، فقال : معترضا على رسول الله (ص) : قد نهاك ربك.

 

3 ـ موقف عمر في أواخر حياة رسول الله (ص) حينما طلب منهم كتابا ودواة ليكتب لهم ما إن تمسكوا به لن يضلوا أبدا ، فقال : انه ليهجر ـ أي يهذي ـ وعندكم القرآن فحسبنا كتاب الله.

 

4 ـ أخرج البخاري أنه قدم ركب من بني تميم على النبي (ص) فعرض أبو بكر شخصا ليأمره عليهم ، في حين أقترح عمر شخصا آخر ، فقال أبو بكر لعمر : ما أردت الا خلافي ، فأجابه عمر : ما أردت مخالفتك ، فتماريا حتى ارتفعت أصواتهما ، فنزل في ذلك قوله تعالى : يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله ...

 

ويتضح للباحث هنا أن أبا بكر وعمر لم يتأدبا بحضرة رسول الله (ص) ، وسمحا لأنفسهما بأن يقدما بين يديه بغير إذن ولا طلب ، فمن هنا لاضير أنهما تجرءا بعد رسول الله (ص) إن يتقدما على سنته ، ومن هذا وغيره وجدنا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) لا يرى لنفسه مسوغا بأن يسير بسيرة الشيخين ، وهما قد خالفا الكتاب والسنة ، وقد تقدما عليه في أمر كان هو أحق به منهما ، حتى قال عن الشورى : فيالله وللشورى متى اعترض الريب في مع الأول منهم حتى صرت أقرن إلى هذه النظائر.

 

نتائج قلبت الموازين : ومن هذا المنطلق أسفر بحث الأخ حسين سورابي عن نتائج لم يكن يتوقعها من قبل ، فيقول : من خلال البحث بانت لي حقائق كثيرة ، وعرفت أن الخلفاء قد أخطأوا في كثير من المجالات ، وظلموا حق عترة رسول الله (ص).

 

فمن هنا قررت أن أكون مع أهل بيت رسول الله (ص) فكرا وروحا وقلبا ، وأن أتحرر من العقيدة التي لم أجد طعم الحرية الفكرية في ظلالها ، بل كنت مقيدا بالالتزام بها من دون اقتناع ، فبعد أن عرفت الحقيقة قصدتها بلهفة لا كون في ركب من أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا ، واهتدي بهم إلى المنازل الرفيعة التي أرادها الله للانسان ، وإن يكون سيري وفق ما رسمته الشريعة الربانية.

 

العودة لصفحة البداية

العودة لفهرس المستبصرين