( عبدالعزيز آتيك موتوندو )

العودة لصفحة البداية

العودة لفهرس المستبصرين

 

البطاقة الشخصية

 

مولده ونشاته : ولد عام 1975م بمدينة لوبومباشي في كونغو كينشاسا ( زائير سابقا ) ، من عائلة تدين بالمسيحية ، ثم دخل في الدين الإسلامي وعلى المذهب الشافعي ، تشرف بالانتماء لمذهب أهل البيت (ع) عام 1994م في مدينة " دار السلام " عاصمة تنزانيا ، أثر دراسات معمقة ومحاورات جادة.

 

غموض عقيدة التثليث عند المسيحية : يقول الأخ عبد العزيز : نشأت في أوساط عائلة مسيحية متدينة ، ولذلك زج بي أهلي في احدى المدارس الدينية المختصة بتخريج الرهبان بعد اتمامي لدراستي الثانوية ، وبما أن عقيدة التثليث التي ورثتها من آبائي عقيدة غامضة ومبهمة ، فكنت آمل أن أصل إلى صورة واضحة لها بعد التمعن فيها ، وواصلت البحث حتى ألفت خمسة كتب في هذا المجال ، ولكن بعد كل ذلك رأيت نفسي تزداد حيرة في هذه العقيدة ، فقررت ترك سلك الرهبنة نهائيا ، بعد ذلك وجدت لنفسي ميول لمطالعة كتب تاريخ الأديان والمذاهب الأخرى ، فعكفت على قراءة تاريخ الدين الإسلامي حتى اطلعت على سيرة نبي الإسلام (ص) ـ بصورة اجمالية ـ فتأثرت بشخصيته النبيلة وسجاياه الحسنة ، ودفعني هذا إلى المزيد من التعرف على الإسلام ونبيه الكريم (ص) ، حتى آل بي الأمر إلى اعتناق الدين الإسلامي والانتماء إلى المذهب الشافعي.

 

في رحاب الإسلام : قضيت بعد ذلك ثلاث سنوات أدرس فيها عقائد وفقه وتاريخ الإسلام على ضوء المذهب الشافعي ، لكن كنت ألمس بعض الثغرات العقائدية والتناقضات التاريخية فيه ، ومع بذلي قصارى جهدي لم أجد جوابا مقنعا وشافيا لحلها ، ووجدت نهيا وتحذيرا من قبل معظم علماء أبناء العامة للخوض في المسائل العقائدية ، إذ كانوا يحددون لنا الكتب ويردعونا من التقرب إلى غيرها فلمست من منهجهم أنهم يحاولون اخفاء بعض الحقائق عن أتباعهم.

وشاءت الارادة الإلهية في هذه الفترة أن أسافر إلى تنزانيا والتقي هناك ببعض المسلمين الشيعة ، فوجدت بعض أمورهم العبادية تختلف عما عند الشوافع ، فدفعني هذا الأمر لأن ادخل معهم في مناظرات ومجادلات عديدة ، والحقيقة وجدت نفسي أمامهم عاجزا عن اثبات ما أنا عليه ، فانهم كانوا ذو ذهنية متفتحة وعقلية واعية ، يطرحون المسائل على طاولة البحث ويناقشونها من جميع الجوانب ، فطلبت منهم تزويدي بما عندهم من كتب الفقه والعقائد والتفسير والتاريخ ، وبالفعل زودوني بكثير من هذه الكتب.

بدأت بعد ذلك بقراءتها حتى تبينت لي الحقائق التي كان علماء الجمهور يحاول اخفاءها ، وفهمت بعد ذلك التمحلات اللامنصفة التي كان يعتمد عليها علماؤنا في تأويل النصوص وصرفها عن معناها الحقيقي ـ لا سيما الأمور المرتبطة بأهل البيت (ع) ومناقبهم ـ كما عرفت أننا : كنا نقوم بأعمال نعتبرها من سنة الرسول (ص) في حين لم يكن منشأوها من الدين ، بل كانت بدع قد سنها الحكام الذين استولوا على الخلافة بعد رسول الله (ص) من تلقاء أنفسهم ، كصلاة التراويح إذ تبين لي بعد البحث أنها كانت من اجتهادات عمر بن الخطاب مقابل النص القرآني والسنة النبوية.

 

بدعة صلاة التراويح : إن من الواضح لكل متتبع في الشريعة الإسلامية أن صلاة التراويح صلاة مبتدعة ما جاء بها الكتاب ولا السنة ، وإنها لم تصل جماعة في عهد الخليفة الأول ، بل ابتدعها عمر بن الخطاب في السنة الرابعة عشرة للهجرة ، فقد ورد عن عبد الرحمن بن عبد القاري أنه قال : خرجت مع عمر بن الخطاب ليلة في رمضان إلى المسجد ، فإذا الناس أوزاع متفرقون ... إلى أن قال : فقال عمر أني أرى لو جمعت هؤلاء على قاريء واحد لكان أمثل ، ثم عزم فجمعهم على أبي بن كعب ، ثم خرجت معه ليلة أخرى والناس يصلون بصلاة قارئهم، قال عمر: نعمت البدعة هذه ...

والبدعة لغة كما يقول الراغب الأصفهاني : الابداع : هو انشاء صنعة بلا احتذاء واقتداء ، وأما اصطلاحا فهي : ايراد قول أو فعل لم يستن قائلها وفاعلها فيه بصاحب الشريعة وأماثلها المتقدمة وأصولها المتقنة ، بمعنى ادخال ما ليس من الدين في الدين ، وقد ورد عن النبي (ص) أنه قال : أما بعد فان أصدق الحديث كتاب الله ، وأن أفضل الهدي هدي محمد ، وشر الأمور محدثاتها ، وكل بدعة ضلالة.

 

وعن حذيفة أنه قال : يا رسول الله فهل بعد هذا الخير شر ، قال : نعم ... قوم يستنون بغير سنتي ويهتدون بغير هديي ... ، ولكن عمر لم يرقه أن يرى الناس في مسجد النبي (ص) بين قائم وقاعد وراكع وساجد ، فرآى أن يسن لهم سنة جديدة ويجمعهم عليها ، فافتخر ببدعته ، حتى أنه نصب للناس في المدينة امامان يصليان بهم صلاة التراويح ، أحدهم للرجال والآخر للنساء وفي هذا الأمر أخبار متواترة.

ودعما لما ابتدعه عمر زعم بعض منهم بأن رسول الله (ص) أقامها جماعة مستندا إلى رواية ضعفها كبار أئمتهم في الجرح والتعديل ، وهي معارضه بالكثير من الروايات الواردة في أن الجماعة في صلاة التراويح من ابداعات عمر ، وقد نهى النبي (ص) عن ذلك بصراحة وحث على اقامة الصلاة فرادى في نوافل شهر رمضان ، كما روي في الصحاح : عن زيد بن ثابت ، قال : احتجز رسول الله (ص) حجيرة مخصفة أو حصيرة ، فخرج رسول الله (ص) يصلي فيها فتتبع إليه رجال وجاؤوا يصلون بصلاته ، قال : ثم جاؤوا ليلة فحضروا ، وأبطأ رسول الله (ص) عنهم فلم يخرج اليهم ، فرفعوا أصواتهم وحصبوا الباب ، فخرج اليهم رسول الله (ص) مغضبا ، فقال لهم رسول الله (ص) : ما زال بكم صنيعكم حتى ظننت أنه سيكتب عليكم ، فعليكم بالصلاة في بيوتكم ، فان خير صلاة المرء في بيته الا الصلاة المكتوبة.

 

وأقر بذلك جمع من علماء العامة ، منهم القسطلاني إذ ذكر في ( ارشاد الساري ) : سماها بدعة ـ يعني عمر ـ لأنه (ص) لم يسن لهم الاجتماع لها ، ولا كانت في زمن الصديق ، ولا أول الليل ، ولا كل ليلة ، ولا هذا العدد.

 

أول من جاء ببدعة صلاة التراويح : قال السيوطي في ذكر عمر : هو أول من سمي أمير المؤمنين ، وأول من سن قيام شهر رمضان ـ بالتراويح ـ وأول من حرم المتعة ، وأول من جمع الناس في صلاة الجنائز على أربع تكبيرات.

 

وقال ابن سعد في الطبقات : وهو أول من سن قيام شهر رمضان وجمع الناس على ذلك وكتب به إلى البلدان ، وذلك في شهر رمضان سنة أربع عشرة ، وقال ابن شحنة حيث ذكر وفاة عمر في حوادث سنة 23هـ : هو أول من نهى عن بيع أمهات الأولاد ، وجمع الناس على أربع تكبيرات في صلاة الجنائز ، وأول من جمع الناس على امام يصلي بهم التراويح.

وذكر ذلك غير هؤلاء ، وكانهم رأوا أن عمر قد استدرك بتراويحه على الله ورسوله (ص) تشريعا كانا ـ معاذ الله ـ عنهما غافلين.

ولقد حث النبي (ص) على أداء النوافل في البيوت لتزداد شرفا وبركة ، حيث ورد عن أنس بن مالك : أنه قال : قال رسول الله (ص) : أكرموا بيوتكم ببعض صلاتكم.

وعنه (ص) أنه قال : مثل البيت الذي يذكر الله فيه والبيت الذي لايذكر الله فيه ، مثل الحي والميت.

وعن جابر ، قال : قال رسول الله (ص) إذا قضى أحدكم الصلاة في مسجده فليجعل لبيته نصيبا من صلاته ، فان الله جاعل في بيته من صلاته خيرا ، كما ان هناك بعدا آخر للصلاة في البيوت ، وهو تربية الأجيال الناشئة على التعلق بهذه العبادة المستحبة ، وترسيخها في أذهانهم وتجسيدها في أفعالهم ، والواقع أن الحكمة الإلهية أوسع من أن يحددها انسان كالخليفة الثاني الذي ، يقول ، عن نفسه : كل الناس أفقه منك يا عمر حتى ربات الحجال والمخدرات في البيوت.

 

عدد ركعات صلاة التراويح : وقع الخلاف في عدد ركعات صلاة التراويح ، لأنه ليس في عددها عند أبناء العامة دليل معتمد عليه يحكي عن قول الرسول (ص) أو فعله أو تقريره ، وقد ذهب البعض إلى القول بالعشرين اعتمادا على قول عمر ، ومن فقهاء العامة كمالك يرى أنها ستة وثلاثون ركعة ، ودليله فعل أهل المدينة ، وفعل أهل المدينة جاء بسبب زيادة عمر بن عبد العزيز الخليفة الأموي في صلاة التراويح ، وكان قصده من هذا أن يساوى أهل المدينة مع أهل مكة في الفضل ، لأنهم كانوا يطوفون بالبيت بعد كل أربع ركعات مرة ، فرآى أن يصلى بدل كل طواف أربع ركعات ، فالمسألة إذن كما نرى خاضعة لآراء الحكام وعلماءهم ، فأحدهم يحدد عددا معينا يتلاءم وذوقه ليساوي أهل المدينة بالفضل مع أهل مكة حسب رأيه ، ولو ترك هذا الباب مفتوحا امام رؤى الخلفاء لماتت الشريعة الإلهية وانطمست السنة المحمدية.

 

وقد حذر رسول الله (ص) من ذلك بقوله : لا يذهب من السنة شيء حتى يظهر من البدعة مثله ، حتى تذهب السنة وتظهر البدعة ، حتى يستوفي البدعة من لا يعرف السنة ، فمن أحيا ميتا من سنتي قد أميتت كان له أجرها وأجر من عمل بها من غير أن ينقص من أجورهم شيئا ، ومن أبدع بدعة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها لا ينقص من أوزارهم شيئا.

ورسول الله (ص) قد بين أحكام الله تعالى ، وأكد أنها ثابتة إلى قيام الساعة ، فلا يضيف عليها أو ينقص منها الا مبتدع مخالف لحكم الله : ( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون ) ، وقد أكد الامام أمير المؤمنين (ع) على هذا الأمر بقوله : وأما أهل السنة فالمتمسكون بما سنه الله لهم ورسوله ، وإن قلوا وأما أهل البدعة فالمخالفون لأمر الله تعالى وكتابه ولرسوله ، والعاملون برأيهم وأهوائهم وإن كثروا وقد مضى منهم الفوج الأول ، وبقيت أفواج ، وعلى الله فضها واستيصالها عن جدبة الأرض.

 

نهي الامام علي (ع) لصلاة التراويح : أن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) الذي قال : في حقه رسول الله (ص) : أعلم أمتي من بعدي علي بن أبي طالب ، قد نهى عن صلاة التراويح ، ونهر الناس عنها عندما رآهم يؤدونها ، حيث ورد أنه : لما اجتمع الناس على أمير المؤمنين (ع) بالكوفة سألوه أن ينصب لهم اماما يصلي بهم نافلة شهر رمضان ، فزجرهم وعرفهم أن ذلك خلاف السنة ، فتركوه واجتمعوا وقدموا بعضهم ، فبعث اليهم الحسن (ع) فدخل عليهم المسجد ومعه الدرة ، فلما رأوه تبادروا الأبواب وصاحوا واعمراه ، وصرح (ع) في كلام آخر : أن اجتماعهم في النوافل بدعة.

 

موقف بعض الصحابة من صلاة التراويح : ان موقف بعض الصحابة لم يختلف ، عن موقف الامام علي (ع) فقد ورد عن أبي امامة الباهلي أنه قال : أحدثتم قيام شهر رمضان ولم يكتب عليكم ، وعن نافع مولى عبد الله بن عمر : أن ابن عمر كان لا يصلي خلف الامام في شهر رمضان  ـ يعني صلاة التراويح ـ ، وهذه دلالات واضحة وصريحة على أن الجماعة لم تسن في النافلة الا في صلاة الاستسقاء والعيدين.

 

مرحلة رفع اللبس والغموض : يقول الأخ عبد العزيز : بقيت متحيرا بعد معرفتي بهذه الاجتهادات من عمر وغيره مقابل النص القرآني والسنة ، فاصطدمت بالواقع صدمة جعلتني مذهولا ومستغربا من الغفلة التي كنت فيها طيلة هذه الفترة ، قررت بعد ذلك أن أجدد النظر في تاريخ عمر بن الخطاب ولاسيما بعد توليه شؤون الخلافة ، فواصلت البحث والدراسة حتى تبينت لي العديد من مخالفاته الصريحة والعلنية لكتاب الله وسنة نبيه (ص) ، فعزمت على مواصلة البحث لأصل إلى معتقد استند إليه بوعي وبصيرة ، وجندت قواي للبحث والتتبع ، حتى أشرقت لي الحقيقة بكل جلاء ووضوح متمثلة بمذهب أهل البيت (ع) فاندفعت اليها بقوة وتمسكت بها وبدأت أنهل من ينبوع معارفها العذبة.

ولما استقر بي المطاف انهمرت دموعي خشوعا ورهبة ، واعترتني حالة ممزوجة بالفرح والرضا والارتياح ، أعلنت استبصاري عام 1994م في العاصمة دار السلام ، وصرت ادعوا من أجده متلهفا باحثا عن الحقيقة يريد انقاذ نفسه من الضياع والمتاهات والظنون باعتناق مذهب أهل البيت (ع) والتمسك بالثقلين.

 

العودة لصفحة البداية

العودة لفهرس المستبصرين