( عبد الله دوسو )

العودة لصفحة البداية

العودة لفهرس المستبصرين

 

البطاقة الشخصية

 

مولده ونشأته : ولد عام 1970م بمدينة طوبا في ساحل العاج ، كان في بداية أمره من أهل العامة ، ثم تحول إلى الوهابية ، تشرف باعتناق مذهب أهل البيت (ع) عام 1994م في بلاده.

 

التعرف على التشيع : يقول الأخ عبد الله : تعرفت على الشيعة في المرحلة الابتدائية للدراسة ، وذلك عن طريق بعض أساتذتنا الشيعة اللبنانيين ، وحيث كان لهؤلاء المعلمين أخلاق رفيعة وشخصيات متينة وأساليب جذابة في القاء الدروس ، أثروا بسلوكهم على التلاميذ وجعلوهم متفاعلين معهم عقليا ونفسيا ، وكان من الملاحظ فيهم أمرين ملفتين للنظر :

الأول : أنهم كانوا ذو ثقافة عالية واطلاع واسع لا سيما في الجوانب التاريخية والعقائدية والفقهية.

الثاني : كانت هوية التشيع ظاهرة وبارزة عليهم ، بحيث كان معظم كلامهم وارشاداتهم مطعمة بروايات أهل البيت (ع) ولا يمضي يوم ـ من أيام الدراسة ـ الا ويذكرون شيئا من سيرة أهل البيت (ع) الناصعة ، حتى أنني حفظت الكثير من أحاديث العترة ، وكنت استشهد بها في كلامي مع الآخرين.

 

غزو التيار الوهابي : حينما تعرفت على الشيعة كان قد توغل المد الوهابي وتسلل إلى القارة الأفريقية ، وكان لهؤلاء أساليب متنوعة مدعومة بأموال طائلة ، فسحت لهم المجال للتحرك في الأوساط بشكل واسع ، وقد كان لهم تحرك مكثف في المدارس ، لعلمهم بأن هذه الأماكن منفذ السهل لزرع أفكارهم في نفوس الجيل اليافع ، وبما أنني كنت طالبا في احدى هذه المدارس التي شملها المد الوهابي انجرفت كغيري بهذا التيار ، وخصوصا بعد فقدنا الأساتذة السابقين ، حيث كان هذا سببا لفقداننا الجانب المعنوي وضعف مبتيناتي العقائدية ، حتى آل الأمر بي أن أنتمي إلى الوهابية نتيجة انجرافي مع هذا التيأر الذي غزى أوساطنا ، وبعد اتمامي للمرحلة المتوسطة في عام 1988م ، شجعني وحثني الوهابيون على السفر إلى السعودية لمواصلة الدراسة في مدارسها الدينية ، ولكنني لم أقبل في أي مدرسة بشكل رسمي فعدت أدراجي إلى ساحل العاج ، ولكن الوهابية لم يتركوني وشأني فالحقوني ببعض المشايخ لأتلقى على أيديهم الدروس والأبحاث الدينية.

 

أسئلة حائرة تحتاج إلى جواب مقنع : كنت أطرح في ذلك الحين جملة من الأسئلة والاستفسارات على مشايخنا بعد الانتهاء من الدرس ، وكانت أغلب أسئلتي منطلقة من الأحاديث التي سمعتها وحفظتها عن المعلمين اللبنانيين الشيعة ، كحديث الغدير والثقلين والطير والسفينة والمنزلة و ... ، كما كنت أسأل عما يتعلق بالاحداث التاريخية كاضطراب الأوضاع أيام عثمان ، وحرب الجمل ، وحرب صفين ، والخلاف بين الامام علي (ع) ومعاوية ، فكانوا يقرون بذلك ويجيبونني بشكل مبتور أو ينعطفون بالاجابة إلى أمور أخرى كي يصرفوني عن ذلك.

كما إنني كنت أشاهد في أوساطنا حملة مسعورة من قبل الوهابيين ضد الشيعة والتشيع لاسيما في مجال الاصدارات ، حيث أغرقوا المكتبات والمدارس وحلقات المشايخ بالكتب التي تشنع على الشيعة وتحط من شأنهم ، لتتشبع بها أفكارنا وتمتليء صدورنا بالحقد والغيظ عليهم ، ومن هذه الكتب كان كتاب ( وجاء دور المجوس ) الذي سطر فيه المؤلف ما شاء من التهم والافتراءات على مذهب أهل البيت (ع).

 

ملاحظات على كتاب ( وجاء دور المجوس ) : في الحقيقة أن المطالع لهذا الكتاب يدرك بوضوح أن مؤلفه عبد الله محمد الغريب قد جانب الموضوعية في بحثه ، والانصاف في حكمه ، بل أنه انطوى على ذهنية طائفية ونفسية منفعلة لمواجهة مذهب أهل البيت (ع).

كما يلحظ أن المؤلف اعتبر في هذا الكتاب ، أن خصمه الأول والأخير هم الشيعة ، بل عبر بصراحة عما يجيش في صدره بخصوص حلقات دروسهم وحوزاتهم وحسينياتهم ، والجدير بالذكر أن المؤلف لم يأت بشيء جديد ، بل كرر نفس التهم والأباطيل التي عزف عليها الماضون ، كتحريف القرآن ، وجهلهم بعلم الحديث ، وعدم استنادهم إلى البخاري وعدم اعترافهم به مع بقية الصحاح ، وعدم معرفتهم بالقياس و ... من ، قال : بتحريف القرآن ، إن من أقدم القائلين بتحريف القرآن ووقوع الزيادة والنقصان فيه ، هم أئمة أهل العامة، فان أمهات مصادرهم تشير إلى ذلك وإن الذين ، قالوا بالتحريف كان مرجعهم ومستندهم الروايات الواردة في كتب أهل العامة عن أئمتهم كعمر ، وعبد الله بن عمر ، وعبد الرحمن بن عوف ، وعائشة و ... ، فقد روى المتقي الهندي ، عن ابن مردويه من مسند عمر ، عن حذيفة ، قال : قال لي عمر بن الخطاب كم تعدون سورة الأحزاب ، قلت : اثنتين أو ثلاث وسبعين ، قال : إن كانت لتقارب سورة البقرة ، وإن كان فيها لآية الرجم.

 

وروى البخاري بسنده ، عن ابن عباس ، عن عمر بن الخطاب في أيام خلافته أنه قال : ان الله بعث محمدا (ص) بالحق ، وأنزل عليه الكتاب ، فكان مما أنزل الله آية الرجم ، فقرأناها وعقلناها ووعيناها ، رجم رسول الله (ص) ورجمنا بعده ، فأخشى إن طال بالناس زمان أن يقول قائل : والله ما نجد آية الرجم في كتاب الله ، فيضلوا بترك فريضة أنزلها الله : والرجم في كتاب الله حق على من زنى إذا أحصن من الرجال والنساء إذا قامت البينة ، أو كان من الحبل أو الاعتراف ، ثم إنا كنا نقرأ فيما نقرأ من كتاب الله : ( أن لا ترغبوا عن آبائكم فانه كفر بكم أن ترغبوا عن آبائكم ، أوكفر بكم أن ترغبوا عن آبائكم ) ، وروى المتقي الهندي أيضا : عن عدي بن عدي بن عميرة بن فروة ، عن أبيه ، عن جده : ان عمر بن الخطاب ، قال : لأبي : أوليس كنا نقرأ من كتاب الله : أن انتفاءكم من آبائكم كفر بكم، فقال : بلى ، ثم قال : أوليست كنا نقرأ : الولد للفراش وللعاهر الحجر، فُقد فيما فقدنا من كتاب الله ، قال : بلى.

وأخرج ابن مردويه ، عن عبد الرحمن بن عوف ، قال : قال لي عمر: السنا كنا نقرأ فيما نقرأ : وجاهدوا في الله حق جهاده في آخر الزمان كما جاهدتم أوله ، قلت : بلى ، فمتى هذا يا أمير المؤمنين ، قال : إذا كانت بنو أمية الأمراء ، وبنو المغيرة الوزراء.

وروى مسلم بسنده ، عن عبد الله بن أبي بكر ، عن عمرة ، عن عائشة ، أنها ، قالت : كان فيما أنزل من القرآن عشر رضعات معلومات يحرمن ، ثم نسخن بخمس معلومات ، فتوفي رسول الله (ص) وهن فيما يقرأ من القرآن.

وروى نافع ، عن ابن عمر : أنه قال : لا يقولن أحدكم قد أخذت القرآن كله ، وما يدريه ما كله ، قد ذهب منه قرآن كثير ، ولكن ليقل : قد أخذت منه ما ظهر ، وروت حميدة بنت أبي يونس ، قالت : قرأ علي أبي ـ وهو ابن ثمانين سنة ـ في مصحف عائشة : ان الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما وعلى الذين يصلون في الصفوف الأول ، قالت : قبل أن يغير عثمان المصاحف.

هذا فضلا عن عشرات الروايات التي تذكر جملة من الصحابة الذين ، قالوا : بوقوع الزيادة والنقصان في كتاب الله تعالى ، وإن من ائتم بهم يعتبره صحيحا ويروي في صحاحه.

والأشد من هذا مازال جمع من علماء أبناء العامة ، يقولون بالتحريف من حيث لا يشعرون ، فيقول : محمد محمد عبد اللطيف المعروف بابن الخطيب صاحب كتاب ( الفرقان ) : ومن أعجب العجب ادعاؤهم أن بعض الآيات قد نسخت تلاوتها وبقي حكمها ، وهو قول لا يقول به عاقل.

وذلك لأن نسخ أحكام بعض الآيات مع بقاء تلاوتها ، أمر معقول مقبول ، حيث أن بعض الأحكام لم ينزل دفعة واحدة ، بل نزل تدريجيا لتألفه النفوس ، وتستسيغه العقول ، وهنا كانت الحكمة جلية ظاهرة في نسخ أحكام بعض الآيات مع بقاء تلاوتها.

أما ما يدعونه من نسخ تلاوة بعض الآيات مع بقاء حكمها ، فأمر لا يقبله انسان يحترم نفسه ، ويقدر ما وهبه الله تعالى من نعمة العقل ، إذ ما هي الحكمة في نسخ تلاوة آية مع بقاء حكمها، ولا يخفى أن هذا القول ـ نسخ التلاوة وبقاء الحكم ـ هو قول بالنقيصة والاسقاط ، وهو قول علماء أبناء العامة ، بل أن هذا القول من ابداعاتهم في هذا الباب.

 

الشيعة وعلم الحديث : مما يلاحظ على أقوال الغريب ، قوله : والرافضة جهلة بعلم الحديث ، وما يدرس في جامعاتهم هزيل جدا ، وإذا سألتهم عن سند حديث ، قالوا : رواه الحسين أو محمد الباقر أو موسى الكاظم ... ، وبهذا نجد أنه ينكر دور شيعة آل البيت (ع) في تشييد أركان الحضارة الإسلامية برمتها ، ومساهمتهم في اغناء علم الحديث ، وهو أمر لا يشك به عاقل مطلع على تراث المسلمين ، فقد بادر أئمة الشيعة (ع) وعلماؤهم إلى تدوين سنة رسول الله (ص) وحفظها في الوقت الذي منع غيرهم ذلك ، ولقد أدرك أتباع أهل البيت (ع) شرف السنة النبوية ودورها في تبيين ما أنزل الله في كتابه العزيز ، في حين جعل غيرهم سنة رسول الله (ص) وراء ظهورهم ورفع شعار حسبنا كتاب الله ، وقد انبرى الشيعة الإمامية لصيانة السنة النبوية الشريفة من الدس والتزوير من خلال تدوينهم وتنقيحهم لها ، وقد أنجبت مدرسة أهل البيت (ع) في القرون الثلاثة الأولى محدثين كبار لهم ثقلهم في العالم الإسلامي ، فكان منهم :

 

1 ـ يونس بن عبد الرحمن : وهو من تلامذة الامام موسى الكاظم والامام علي الرضا (ع) وقد وصفه ابن النديم في فهرسته بعلامة زمانه ، له جوامع الآثار ، والجامع الكبير ، وكتاب الشرائع.

2 ـ صفوان بن يحيى البجلي (ت 220 هـ) : كان أوثق أهل زمانه ، وصنف ثلاثين كتابا.

3 ـ الحسن والحسين ابنا سعيد الأهوازي : صنفا ثلاثين كتابا.

4 ـ أحمد بن محمد بن خالد البرقي (ت 274 هـ) : صاحب كتاب ( المحاسن ).

5 ـ محمد بن أحمد بن يحيى الأشعري القمي (ت 293 هـ) : صاحب الجامع المعروف.

6 ـ محمد بن أبي نصر البزنطي (ت 221 هـ) : صاحب الجامع المعروف.

 

وقد الف رجالات الشيعة جوامع حديثية في القرنين الرابع والخامس ، منها :

1 ـ الكافي ، لثقة الإسلام الكليني (ت 329 هـ).

2 ـ من لا يحضره الفقيه ، للشيخ الصدوق (ت 381 هـ).

3 ـ كتابي التهذيب والاستبصار ، للشيخ الطوسي (ت 460 هـ).

 

كما أضيفت جوامع حديثية أخرى في القرن الحادي عشر ، منها :

1 ـ وسائل الشيعة للحر العاملي (ت 1104 هـ).

2 ـ بحار الأنوار ، للشيخ المجلسي (ت 1110 هـ).

3 ـ الوافي ، للمحدث الكاشاني (ت 1019 هـ).

 

وهذا أدل دليل على اعتناء الشيعة بسنة النبي (ص) وعدم تضييعهم لها ، وكذا على خبرتهم في الآثار المروية عن الرسول الكريم (ص) ، عن طريق الأئمة الطاهرين (ع) ، ومع هذا كله يدعي الغريب جهل الشيعة بعلم الحديث ، ثم يستهزأ بهم لاسنادهم الأحاديث إلى أئمتهم وكانه لم يراجع تراجم هؤلاء الأعاظم في كتب العامة ، ليعرف منزلتهم ومكانتهم بين المسلمين ، واذ هو يستهزىء بالشيعة للرواية عن أئمتها ، ليته كان يمعن النظر في صحاحه التي تروي عن بعض النواصب والخوارج والمارقين والمتهتكين ، فيحكم بين منهج أبناء العامة في رواية الحديث ومنهج الشيعة في ذلك.

والأعجب من ذلك ، قوله :... ونختلف مع الرافضة في الأصل الثاني من أصول الإسلام ـ السنة ـ ، ثم يقول : لايؤمن الشيعة بالأحاديث التي وردت في صحيحي البخاري ومسلم ... ولايؤمنون بمسند الامام أحمد ومالك بن أنس - موطأ مالك وسنن الترمذي وابن ماجه والنسائي وأبي داود وغيرها من كتب الحديث.

 

البخاري وصحيحه : من المستغرب أن يعتبر الغريب عدم قبول الشيعة لما ورد في صحيح البخاري وغيره من الصحاح عندهم ، اختلافا في الأصول ، فيبدو انه لم يراجع الأسباب التي اعتمد عليها الشيعة في عدم أخذهم الأحاديث من صحيح البخاري ، وكانه لا يعلم أن أدنى تأمل في تاريخ وشخصية محمد بن اسماعيل البخاري يكشف لنا حقيقة أمره وماهية ( صحيحه ).

فقد ، قال : محمد بن يحيى الذهلي (ت 258 هـ) ـ والذي انتهت إليه مشيخة العلم بخراسان - عن شخصية محمد بن اسماعيل البخاري : من ذهب بعد هذا إلى محمد بن اسماعيل البخاري فاتهموه.

ومحمد بن يحيى الذهلي هو من ، قال فيه علماء الرجال وأئمة الجرح والتعديل ما يكفي.

فقال أبو حاتم الرازي : محمد بن يحيى الذهلي امام أهل زمانه.

وقال الذهبي : كانت له جلالة عجيبة بنيسابور ، من نوع جلالة الامام أحمد ببغداد ومالك بالمدينة.

وقال النسائي : محمد بن يحيى بن عبد الله النيسابوري ، مأمون ، ولهذا نجد أبي حاتم وأبي زرعة الرازيين تركا البخاري علما أنهما كانا يعد إن من أئمة العامة في الجرح والتعديل ، وكانت على أقوالهم تدور صحة أو سقم المرويات عن السنة النبوية ، كما ان سبب ذكر الذهبي للبخاري في الضعفاء والمتروكين هو جرح الذهلي له.

كما اعتبر جماعة من أبناء العامة أن البخاري مدلسا ، والتدليس يوجب الجرح في الراوي ، ومن ثبت عليه التدليس ولو مرة صار مجروحا ، والجرح في الراوي يوجب ضعف الحديث ويجعله غير مقبول.

وقد ذكر الذهبي طرفا من تدليساته ، حينما قال : وقال أبو نصر الكلاباذي : روى البخاري عنه ـ الذهلي ـ فقال مرة : ثنا : محمد ، وقال مرة : ثنا : محمد بن عبد الله نسبة إلى جده ، وقال مرة : ثنا : محمد بن خالد ، ولم يصرح به قط.

وقال الحاكم : روى عنه البخاري نيفا وأربعين حديثا.

وقال الذهبي أيضا : ثم أن البخاري قد روى ، عن محمد غير منسوب عنه فكان محمدا الذهلي.

وقال ابن حجر العسقلاني في أجوبته ، عن السؤال عن محمد الذي يروي عن البخاري من هو ، قال : والذي ترجح لي أنه الذهلي ، والبخاري من عاداته أن لا يفصح به ـ أنه محمد بن يحيى الذهلي.

فإذا أراد بذلك أن يذكر شيخه الذي سمع منه بما لا يعرف عند أهل الحديث فذكره بما ليس مشهورا ، وهذا هو التدليس الذي قرنه بعضهم في الحكم بقذف المحصنات ، وبعض آخر بأنه أشد من الزنا.

وقال : إن حجر : محمد بن اسماعيل بن المغيرة البخاري : الامام ، وصفه بذلك أبو عبد الله بن مندة في كلام له ، فقال فيه : أخرج البخاري ، قال : فلان ، وقال : أخبرنا : فلان ، وهو تدليس.

وقال : سبط ابن العجمي : محمد بن اسماعيل بن ابراهيم بن المغيرة شيخ الإسلام البخاري ، ذكر ابن مندة أبو عبد الله في جزء له في شروط الأئمة في القراءة ، والسماع ، والمناولة ، والاجازة أخرج البخاري في كتبه الصحيحة وغيرها ، قال لنا فلان ، وهي اجازة ، وقال : فلان ، وهو تدليس ، فهذه وجهات نظر وآراء بعض علماء العامة في الرجل، وفضلا عن ذلك قد كان البخاري في نظر الذهلي وأكثر علماء نيسابور ـ في ذلك العصر ـ مطرودا ومضلا ومنحرفا عن العقيدة ، مما حدا به إلى الرحيل عنها.

ولمعرفة قيمة ماورد في صحيح البخاري من أخبار ، نكتفي بذكر رواية والي بخارى أحيد بن أبي جعفر ، التي ، يقول فيها : قال : محمد بن اسماعيل يوما : رب حديث سمعته بالبصرة كتبته بالشام ، ورب حديث سمعته بالشام كتبته بمصر ، فقلت له : يا أبا عبد الله بكماله ، قال : فسكت.

وان أول من فتح باب الأنتقاد على صحيح البخاري وغيره من الصحاح ومؤلفيها هم علماء العامة أنفسهم.

فقد ، قال : مسلمة حول البخاري وكتابه الصحيح : الف علي بن المديني ـ شيخ البخاري ـ كتاب ( العلل ) ، وكان ضنينا ـ به ومهتما به كل الاهتمام ، لكي لا تنإله الايدي ـ فغاب يوما في بعض ضياعه ـ خارج المدينة ـ فجاء البخاري إلى بعض بنيه وراغبه بالمال على أن يرى الكتاب يوما واحدا ، فأعطاه له ، فدفعه البخاري إلى النساخ فكتبوه له ، ورده إليه ، فلما حضر علي بن المديني وجلس بمجلسه ـ تكلم بشيء ، فأجابه البخاري بنص كلامه مرارا ، ففهم القضية ، وإغتم لذلك فلم يزل مغموما حتى مات بعد يسير.

واستغنى البخاري بذلك الكتاب - عن البحث والتنقيب في الأحاديث ـ وخرج إلى خراسان ووضع كتابه الصحيح ، فعظم شأنه وعلا ذكره.

وأما بقية الصحاح فنترك القول فيها لأحد أبناء العامة ، حيث يقول : وهناك الكثير من أمثال هذا الحديث ، مما يناقض العقل والمروءة والآداب ، وقد وردت جميعها في أمهات الكتب الصحيحة المعتمدة ... ومن أعجب العجب ، الا يتعرض شراح الأحاديث لمثل هذا الحديث بتجريح أو تصحيح.

واني أترك المؤمن الذي لا يتقيد بالتقليد الأعمى ، ولا يتبع الأسماء الرنانة ، التي دس الدساسون ، وأبطل المبطلون تحت ستارها ، وهي من كل هذا براء ، اني أتركه ليفكر في نفسه : هل مثل هذا صحيح ، وهل نشر مثله على سواد الأمة جائز.

 

لماذا هذا التمزق في الساحة الإسلامية : يقول الأخ عبد الله دوسو : لقد كانت قراءتي لكتاب ( وجاء دور المجوس ) قراءة مركزة ، وتخللها في الاثناء مراجعة لمصادر الشيعة ، فوجدت أن المؤلف لم يكن منصفا في البحث ، كما إنني كنت أقارن بين ما سطره في كتابه وبين سلوك ومنهج الأساتذة الشيعة ـ اللبنانيين ـ الذين تتلمذت على أيديهم ، فخرجت بنتيجة ملخصها : ان ساحتنا الإسلامية ـ وللأسف ـ تفتقد الحوار الموضوعي في المجالات التي تختلف فيها وجهات النظر بين علماء المسلمين ، كما انها أضحت ساحة يهيمن عليها الانفعال والعصبية ، لأن معظم المؤسسات والمراكز الدينية أصبحت جسرا لوصول البعض إلى مبتغياتهم ومصالحهم الشخصية ، ومن هذا المنطلق غدا الدفاع عن المذهب أو التكتل الفكري للبعض يشكل حالة دفاع عن موقعية اجتماعية تضمن لهم الاستمرار لنيل ماربهم ، وبهذا يكون من الواضح أن لا ينطلق الحوار والبحث من نوايا صادقة ودوافع سليمة.

 

وضع النقاط على الحروف : ويضيف الأخ عبد الله : فبدأت بغربلة المعتقد الذي كنت أنتمي إليه ، فتتبعت كل ما كتب عنه ، إلى أن وقع في يدي كتاب ( الوهابية في الميزان ) فقرأته بامعان وتأمل ، وإذا يتبين لي أن الوهابية انطلقت لتحقيق أهداف سياسية معينة ، فاتحدت مع اتجاه سياسى ليعبد لها الطريق ويفسح لها المجال للهيمنة على دفة الحكم ، وامتلاك زمام السلطة وقتل المعارضين بذريعة الشرك والكفر ، شريطة أن تكون المنفعة مشتركة بين الطرفين ، وتوجهت بعدها نحو كتب الشيعة لأنني وجدتها لا تمثل خطأ فكريا صنعتة أيدي السياسة لتحقيق ماربها ومبتغياتها ، فقرأت تفاسيرهم وعقائدهم وتاريخهم وفقههم ، حتى اقتنعت تماما بما فيها ، فهداني الله تعالى لاعتناق مذهب أهل البيت (ع) وبقيت مدة سنتين أعمل وفق المذهب الجعفري في الخفاء ، حتى حان لي الوقت المناسب فأعلنت استبصاري هو عام 1994م.

 

العودة لصفحة البداية

العودة لفهرس المستبصرين