( ألفا عمر باه )

العودة لصفحة البداية

العودة لفهرس المستبصرين

 

البطاقة الشخصية

 

مولده ونشأته : ولد عام 1971م بمدينة مامو في غينيا ، واصل دراسته الأكاديمية حتى حصل على شهادة الليسانس في العلوم الاجتماعية ، يجيد اللغة العربية والأنجليزية والفرنسية اضافة إلى لغاته المحلية كالفولانية والسوسو ، كان مالكي المذهب في بدء أمره ، ثم تتلمذ في مدرسة نصر الإسلام الوهابية مدة أربع سنوات ، فتأثر بها جملة واعتنق بعض آراء هذا التيار الفكري ، حتى تبينت له الحقيقة بعد دراسة مكثفه أجراها بنفسه ، وجهد بحث بذله في مجال العقيدة ، فكانت ، ثمرته أن استبصر ، اعتنق مذهب أهل البيت (ع) عام 1991م في كوناكري العاصمة.

 

المحفز لتغيير الانتماء الفكري : كان الدافع له في تغيير انتمائه الفكري ، هو شدة اعجابه بالدراسات التاريخية ، مضافا لاهتمامه بالمسار الإسلامي والمنعطفات الحساسة التي غيرت مجراه ونشوء الفرق الإسلامية ، وهذان الأمران فتحا له آفاقا رحبة في مجال العقيدة ، فانطلق منهما في البحث حتى تفتحت رؤيته على واقع التاريخ الإسلامي ، وتعرف على أمور جعلته يجدد النظر في معتقداته الموروثة السابقة.

 

مطالعة أول كتاب شيعي : يقول الأخ ألفا : كان أول كتاب شيعي يقع بيدي كتاب ( عقائد الامامية ) للعلامة الشيخ محمد رضا المظفر ، فطالعته فوجدت فيه اطروحة فكرية لم أعهدها من قبل ، وأكثر مالفت انتباهي في هذا الكتاب هو أمر الإمامة والخلافة بعد رسول الله (ص) ، كما تبين لي أن الاختلاف في هذه المسألة هو منشأ معظم الاختلافات التي وقعت بين المسلمين بعد وفاته (ص).

 

أهمية مسألة الإمامة : وعرفت من ذلك الحين أن المسألة الوحيدة التي لابد من الالمام والاحاطة بها هي مسألة الإمامة ، لأنها مسألة أساسية في قاموس الفكر الإسلامي ، وينبغي للباحث أن يحدد موقفه منها ، لأن البحث العقائدي في غيرها من المسائل بدون تحديد المعتقد في هذه المسألة الأساسية لايوصل الباحث إلى النتائج مطلوبة ، وأن الباحث سيبقى في المسائل الجزئية في حيرة ما لم يعرف الخليفة الحقيقي بعد رسول الله (ص) باعتباره الحافظ للشريعة الإسلامية التي جاء بها النبي الأكرم (ص) ومن دون ذلك لا يستطيع الانسان الوثوق بالسلطة الحاكمة التي هيمنت على الحكم مع عدم امتلاكها الشرعية في ذلك ، ولايمكنه أخذ معالم دينه منها ، لأنها لاشك تخفي الكثير من الحقائق الشرعية التي تصطدم مع مصالحها.

 

ومن هذا المنطلق بدأت بحثي في هذا المجال ، وأعانني على ذلك ـ رغم مشاغلي الجانبية ـ هوايتي وتلهفي للدراسات التاريخية ، فقد كانت لي الدافع للبحث والتتبع ، كما إنني كنت انظر إلى هذه المسألة كحجر أساس لمعتقدي وفكري وانتمائي ، ولابد من الاهتمام بها ، لأنها تبلور كافة اتجاهاتي وسلوكي وتحدد مصيري ، وبهذا التوجه انطلقت في البحث.

 

وكانت أول مسألة سلطت الضوء عليها ، هو معرفة الموقف الذي اتخذه رسول الله (ص) لمستقبل أمته من بعده في أمر الخلافة ، فبادرت إلى معرفة الاطروحة التي قدمها الرسول (ص) لأمته في هذا المجال ، لأنها تبين لي حقيقة الأمر ، ودون ذلك لا أستطيع الانطلاق مما حدث من بعده (ص) فانه قد لايمثل الحق والصواب ، وعلى الانسان أن يعرف الحق ليعرف أهله.

 

لابد من التحرر عن التعصب : إن انطلاق الباحث لمعرفة الحقائق عبر الوثوق بعلماء مذهبه وكبار شخصيات معتقدة غالبا ما يصحبه التعصب وبذلك تحجب بصيرته عن معرفة الحق ، وسوف يتجه إلى محاولات التبرير لسلوك هؤلاء الذين يمثلون القدوة في مذهبه ، وبذلك يبقى في حلقة مغلقة لايمكنه الخروج منها ، أما لو انطلق في البحث بروح موضوعية وبعيدة ، عن حالة التعصب ، فإن ذلك سيوصله إلى الحقائق ومعرفة الأخطاء المحتملة التي ارتكبها هؤلاء ، وسار على نهجهم الآخرون تقليدا من دون تتبع وتأمل ، لأن المجتمع قد يؤمن بأمور على أنها لا غبار عليها ولاشبهة فيها ، في حين أنها في الواقع أمورا ومسائل لا تطابق الحقيقة والواقع ، ومن هذه الرؤية المنفتحة بدأ الأخ ألفا بحثه في أمر الإمامة والخلافة ليعرف ما حددته الرسالة للأمة في ذلك.

 

حديث الثقلين ودلالته : إن لهذا الحديث شهرة فائقة بين الفريقين ، وقد اعترف به الخاصة والعامة ، وتناقلته الأفواه والأقلام حتى كاد أن يتجاوز حد التواتر ، وقد تعدد رواة هذا الحديث ، بحيث زاد على الثلاثين صحابي ، كما تعددت طرق رواته ، وذلك لأن الرسول (ص) قد ذكره في مواقف ومواطن عديدة ، كان منها : حجة الوداع ، ويوم عرفة عند جمع غفير من الناس ، ويوم الغدير في خطبته ، وأيام مرض وفاته.

 

نصوص الحديث :

 

1 ـ قوله (ص) : يا أيها الناس إني تركت فيكم ما إن أخذتم به لن تضلوا ، كتاب الله وعترتي أهل بيتي.

2 ـ قوله (ص) إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أحدهما أعظم من الآخر ، كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض ، وعترتي أهل بيتي ، ولن يتفرقا حتى يردا علي الحوض ، فانظروا كيف تخلفوني فيهما.

3 ـ قوله (ص) إني تارك فيكم خليفتين ، كتاب الله حبل ممدود ما بين السماء والأرض ـ أو ما بين السماء إلى الأرض ـ وعترتي أهل بيتي ، وأنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض.

4 ـ قوله (ص) إني تارك فيكم الثقلين ، كتاب الله وأهل بيتي ، وأنهما لن يفترقا حتى يردا على الحوض.

5 ـ قوله (ص) إني أوشك أن أدعى فأجيب ، إلا أني تارك فيكم الثقلين ، كتاب الله عز وجل وعترتي ، كتاب الله حبل ممدود.

6 ـ قوله (ص) : من خطبة له في غدير خم : كأني قد دعيت فأجبت ، إني قد تركت فيكم الثقلين ، أحدهما أكبر من الآخر ، كتاب الله وعترتي.

7 ـ قوله (ص) : لأصحابه : الست أولى بكم من أنفسكم، قالوا : بلى يا رسول الله ، قال : فإني سائلكم ، عن اثنين ، القرآن وعترتي.

8 ـ قوله (ص) : يا أيها الناس يوشك أن أقبض قبضا سريعا ، فينطلق بي ، وقد قدمت اليكم القول معذرة اليكم ، إلا أني مخلف فيكم كتاب ربي وعترتي أهل بيتي ، ثم أخذ بيد علي فرفعها ، فقال : هذا علي مع القرآن والقرآن مع علي لا يفترقان حتى يردا علي الحوض.

9 - عن زيد بن أرقم ، قال : قام رسول الله (ص) يوما فينا خطيبا بماء يدعى خما بين مكة والمدينة ، فحمد الله وأثنى عليه ووعظ وذكر ، ثم قال : أما بعد ألا أيها الناس فإنما أنا بشر يوشك أن يأتي رسول ربي فأجيب ، وأنا تارك فيكم ثقلين ، أولهما كتاب الله فيه الهدى والنور فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به ، فحث على كتاب الله ورغب فيه ، ثم قال : وأهل بيتي ، أذكركم الله في أهل بيتي ، أذكركم الله في أهل بيتي ، أذكركم الله في أهل بيتي.

10 - عن زيد بن أرقم ، قال : قال رسول الله (ص) : ألا وإني تارك فيكم الثقلين ، كتاب الله عز وجل ، إلى أن قال : فقلنا لزيد من أهل بيته ، نساؤه ، قال : لا وأيم الله ، إن المرأة تكون مع الرجل العصر من الدهر ، ثم يطلقها فترجع إلى أبيها.

 

دلالة الحديث : إن حديث الثقلين بدلالاته يرشد الباحث ليرتقي البناء الشامخ للحق والحقيقة ، ويصعد قمة الإيمان التي لايمكن ارتقاؤها الا بسلم متين ، لأن قدمه سوف تزل في الخطوة الأولى دون ذلك ويسقط في وادي الهلكة وهاوية الضلالة.

 

ومن خلال حديث الثقلين يمكن الاشارة إلى الأمور التالية :

 

أولا : عصمة العترة من الخطأ ، لأن الرسول (ص) صرح بعدم افتراقهم ، عن القرآن حتى يردا عليه الحوض ، فتجويز الافتراق بالمخالفة وصدور الذنب منهم تجويز للكذب على الرسول (ص) الذي أخبر عن الله عز وجل بعدم افتراقهم عن القرآن.

ثانيا : إن العترة عندهم علم القرآن الذي فيه تبيان لكل شيء ، وقد صرح الرسول (ص) بأعلميتهم في أحد نصوص هذا الحديث قائلا : ولا تقدموهما فتهلكوا ، ولاتقصروا عنهما فتهلكوا ، ولاتعلموهم فانهم أعلم منكم.

ثالثا : عدم صحه التمسك بأحدهما دون الآخر ، لأن الرسول (ص) رتب الضلال على تركهما معا ، ومعنى الحديث أنه لاهدى لمن يتمسك بالقرآن وحده ، أو يقول : حسبنا كتاب الله ، كما إن المتمسك بالعترة فقط دون القرآن أيضا لأنجاة ولاسبيل له للهدى.

رابعا : عدم خلو كل زمان من أهل بيت رسول الله (ص) وهو دليل على وجود امام من العترة في كل زمان إلى يوم القيامة ، ولذا نرى أن ابن حجر العسقلاني ، قال : وفي أحاديث الحث على التمسك بأهل البيت اشارة إلى عدم انقطاع متأهل منهم للتمسك به إلى يوم القيامة كما إن الكتاب العزيز كذلك ... ويشهد لذلك الخبر السابق ، في كل خلف من أمتي عدول من أهل بيتي ، كما أذعن بهذه الحقيقة أيضا ابن الصباغ المالكي في كتابه الفصول المهمة في معرفة احوال الائمة ، والشبلنجي في نور الأبصار ، والقندوزي الحنفي في ينابيع المودة لذوي القربى.

خامسا : وجوب أتباع أهل البيت (ع) إذ لاسبيل لتلقي الإحكام في أصول الأحكام الإلهية بكل اطمئنان وادراك معاني القرآن ومعرفة متشابهة الا بالاستعانة بالعترة ، لأنهم المفسرون الحقيقيون للكتاب ، وكل من لايتمسك بهم يتيه في أودية الضلالة من غير دليل.

فالسبيل الوحيد لبقاء المسلمين في ما من من الانحراف والزيغ ، هو معرفتهم لكتاب الله والتمسك به ، والتوجه إلى من عنده علم الكتاب ، الذين هم عدل القرآن وذوي الكرامات الباهرة التي شرفهم الباري عز وجل بها.

وبصورة عامة فهذا الحديث يحدد معالم الإمامة الكبرى التي تركها رسول الله (ص) في أمته لحفظ الدين ، وائتلاف الأمة ووحدتها ، وعدم ضلالها في متاهات الأهواء والأغراض والمصالح الشخصية ، ولذا نرى عندما تركت العترة ورفض التمسك بها ، آل الأمر إلى ما آل من الاختلاف والتفرقة والشقاق في أوساط الأمة الإسلامية ، وبعدها ابتلت الأمة بالفتن والمحن ، كان من أشدها الابتلاء بالدين ، حيث وضعت الأحاديث المكذوبة على رسول الله (ص) ليحجبوا الحق.

 

ومن مصاديق ذلك ما وضعوه في قبال ( حديث الثقلين ) ، وهو حديث : كتاب الله وسنتي ، حديث كتاب الله وسنتي :

ولو تتبع الباحث هذا الحديث يجد أنه لم يرد في صحاحهم الست ، وإنما أخرجه مالك بن أنس بهذا اللفظ في موطأه ، بصورة مرسلة.

وقد أوصل اسناده ابن عبد البر ، وفيه : كثير بن عبد الله ، عن أبيه ، عن جده ، وهو متروك ، ومن أركان الكذب.

وفيه أيضا : سلمة بن الفضل الأبرش قاضي ري ، وهو من ، قال : فيه البخاري ، عنده مناكير ، وقال النسائي : هو ضعيف ، وقال أبو حاتم الرازي : لايحتج بحديثه ، ووصفه أبو زرعة ، فقال : كذاب.

وفيه أيضا : ابن حميد ، وهو محمد بن حميد الرازي ، وقال عنه يعقوب بن شيبة : كثير المناكير ، وقال البخاري : في حديثه نظر ، وقال النسائي : ليس بثقة ، وقال الجوزجاني : رديء المذهب غير ثقة ، وأخرجه الحاكم والبيهقي ، من طريقين :

الأول : فيه إسماعيل بن أبي أويس وعكرمة ، وإسماعيل ضعيف مخلط يكذب ، وعكرمة هو الخارجي المعروف بكذبه على ابن عباس.

والثاني : فيه صالح بن موسى الطلحي ، وهو ضعيف جدا كثير المناكير لا يكتب حديثه.

اضافة إلى أن هذا الحديث يخالف مباني أبناء العامة لادعائهم بأن الرسول (ص) منع من كتابة أحاديثه ، فعليه كيف يصح أن يأمر النبي (ص) الأمة بالتمسك بالسنة وقد نهى عن تدوينها ، وإن هذا الحديث يخالف قول عمر : حسبنا كتاب الله لأن النبي (ص) لوأمر الأمة بالتمسك بالقرآن والسنة ، فلا يحق لعمر الرد على النبي (ص) ورفض السنة ، وعلى أي حال ، إن حديث الثقلين ووصية الرسول (ص) بالتمسك بالقرآن والعترة ، حديث مشهور متفق عليه بين العامة والخاصة ، ولايمكن تركه والتمسك بحديث ضعيف غير صحيح.

هذا ولو سلم بصحة الحديث ، فإن العترة أحق من غيرهم لأخذ السنة منهم ، باعتبارهم أعلم من غيرهم بالسنة والأحكام الشرعية ، وقد أرشد الرسول (ص) الأمة بالرجوع اليهم في مواقف وأحاديث متعددة.

 

مصداق عترة الرسول (ص) : إن عترة الرسول (ص) هم أصحاب الكساء الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا ، وهم ولد فاطمة البتول ، قد اصطفاهم الله كما اصطفى آل إبراهيم.

فقد ورد عن رسول الله (ص) إن لكل بني أب عصبة ينتمون اليها الا ولد فاطمة ، فأنا وليهم وأنا عصبتهم ، وهم عترتي خلقوا من طينتي ، ويل للمكذبين بفضلهم ، من أحبهم أحبه الله ، ومن أبغضهم أبغضه الله ، وورد في صحيح مسلم ـ وغيره ـ بإسناده ، عن سعد بن أبي وقاص ، قال : دعا رسول الله (ص) عليا وفاطمة وحسنا وحسينا ، فقال : اللهم هؤلاء أهلي ، فهؤلاء العترة هم أحد الثقلين ، والثقل كل نفيس خطير مصون ، قال النووي : سميا ثقلين لعظمهما وكبير شأنهما ، وقيل : لثقل العمل بها ، فالعترة هي أحد الثقلين ، لأنها معدن للعلوم الدينية والأسرار والحكم العلية ، ولهذا حث الرسول (ص) على الاقتداء والتمسك بها.

 

وأخيرا تمسكت بالعترة (ع) : يقول الأخ ألفا : كانت النتائج التي توصلت اليها واضحة ولا غبار عليها ، وقد بحثت في هذا المجال كثيرا لمعرفة الحقيقة في أمر خلافة الرسول (ص) وإن كان حديث الثقلين لوحده كافيا في تعيين خلفاء الرسول (ص) وأئمة المسلمين ، والأمر الذي قربني للتشيع ، هو إنني وجدت الشيعة وحدهم هم الذين اتبعوا الثقلين ، بينما اتبع أبناء العامه قول عمر : حسبنا كتاب الله فدفعني ذلك للتعمق في مباني وآراء مذهب أهل البيت (ع).

وقد ناظرت جملة من الأخوة أهل العامة في هذا المجال ، فقابلني بعضهم بأسلوب حاد ومنفعل مما جعلني أتجنب الحوار معهم ، وواصلت البحث بنفسي حتى اكتملت عندي صورة التشيع ، فاقتنعت بها وتشيعت عام 1991م في العاصمة كوناكري ، وقد استبصر على يدي العديد من الأخوة الذين عرضت عليهم أدلتي في اعتناقي لمذهب أهل البيت (ع) لأنني بعد الاستبصار لفت انتباه من يحيط بي ، وهذه الحالة دفعت الكثير للاستفسار مني ، فكانت ذلك سببا لوقوع مناظرات عديدة بيني وبينهم ، وكانت الثمرة استبصار الكثير من أخواني وأصدقائي الذين سلكوا درب البحث والتتبع للوصول إلى العقيدة الصحيحة.

 

العودة لصفحة البداية

العودة لفهرس المستبصرين