( أسامة حسين سالم )

العودة لصفحة البداية

العودة لفهرس المستبصرين

 

البطاقة الشخصية

 

مولده ونشأته : ولد عام 1978م بمدينة كيغوما التنزانية ، درس في المدارس الدينية الوهابية ، كان اعتناقه لمذهب أهل البيت (ع) عام 1993م في مسقط رأسه ، على أثر مطالعته لكتب الشيعة وبالأخص كتب المستبصرين.

 

الفرق بين أن ترى وأن تسمع : يقول الأخ أسامة : كنت أدرس في مدرسة التوحيد الدينية الوهابية كأي طالب يدرس في هذه المدرسة ، وكنت أدرس العلوم والأمور العقائدية التي حددها السلف بخطوط حمراء ، ولم يفسح لنا المجال للاستفسار وابداء الرأي فيما يتجاوزها ، وطالما كان يطرق سمعي في تلك الأجواء الحديث عن الشيعة وما يشنع عليهم ، فأحببت أن أقف بنفسي على حقيقة أمرهم.

 

فكانت أولى خطوات بحثي هو الاستفسار من أحد أساتذة المدرسة حول عقائد الشيعة ، فأجابنى قائلا : إنهم مسلمون ومشكلتهم هي سجودهم للتربة ، وتجويزهم نكاح المتعة و ... ، ورغم ذلك يعتبرون طائفة لها مكانتها العلمية والثقافية في العالم الإسلامي.

 

ومن هناك انطلقت لأتعرف على حقيقة الأمر ، فكان لابد لي من التحري والبحث بنفسي ، ووجدت أفضل الطرق للتعرف على الشيعة في بلدنا هو الذهاب إلى مسأجدهم ، وبالفعل توجهت ذات يوم نحو أحد مساجد الشيعة وصادف وقت صلاة المغرب ، فأديت الصلاة معهم جماعة وكنت أراقبهم لأرى كيفية صلاتهم وسجودهم للتربة ، ولكني رأيت الأمر بخلاف ما حدثنا به مشايخنا ، لأني وجدت البعض يسجدون على ورق الأشجار والبعض الآخر يسجد على الأخشاب فعدت إلى أستاذي مستفسرا منه حقيقة الأمر ، فأجابني مستغربا : لعلهم غيروا طريقة سجودهم.

 

الخطوات الأولى لمعرفة التشيع : لم أقتنع بمقولة أستاذي ، وللمزيد من الاطلاع قررت الالتحاق بمدرسة ( دار الهدى ) الشيعية ، وبصورة غير علنية لعلي أصل إلى حقيقة أمر هذه الطائفة من خلال دراسة كتبهم ومؤلفاتهم ، وبعد فترة من التحاقي بها أخبرت والدي بالأمر ، فقال لي : بني أبذل قصارى جهدك في البحث وتعرف على المذاهب وأستمع إلى أقوالهم واتبع أحسنهم ، فشجعني قول أبي للمطالعة والبحث ، وأخذت أقارن بين عقائدي وعقائد المذهب الجعفري.

 

الشيعة وسجودهم على التربة : ومن المسائل التي أحضرتها على طاولة البحث ، مسألة مايصح السجود عليه في الصلاة وما لايصح : فوجدت الشيعة الإمامية قد أجمعت على عدم جواز السجود الا على الأرض ، كالتراب والرمل والحجر وما شابه ذلك ، وكذا على ما أنبتت الأرض من غير المأكول ولا الملبوس ، وأنه لايجوز السجود على ما خرج عن إسم الأرض من المعادن كالذهب والفضة والنحاس ، ولا على الملابس والقماش والفراش كالسجاد ، ولا على الصوف والجلد ونحوها.

 

أدلة حصر السجود على الأرض : إن دليل الحصر هذا ، هو جملة من المرويات الواردة عن رسول الله (ص) بطرق وردت عن أهل البيت (ع) خاصة ، وأخرى ذكرها مخالفوهم ، فمنها :

 

أولا : الحديث المتواتر ، عن رسول الله (ص) حيث قال : جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا ، وماله من الفاظ وأسانيد متعدده ، ودلالة هو جواز السجود على الأرض ، ومما يؤيد كون المراد بالمسجد هو محل السجود : حديث أبي امامة الباهلي ، عن رسول الله (ص) : ... وجعلت الأرض كلها لي ولأمتي مسجدا وطهورا ، فأينما أدركت رجلا من أمتي الصلاة فعنده مسجده وعنده طهوره ، الدال على أن المراد من المسجد ليس هو المصلى ، بل المراد هو موضع السجود ، أي جعلت الأرض محل السجود.

وقد ذكر هذا المعنى شمس الحق الآبادي قائلا :... ومسجدا ، أي : موضع سجود ، ولايختص السجود منها بموضع دون غيره ...

ثانيا : حديث تبريد الحصى الوارد ، عن جابر وأنس وغيرهم ، قال جابر : كنت أصلي مع النبي (ص) الظهر فآخذ قبضة من الحصى فاجعلها في كفي ، ثم أحولها إلى الكف الأخرى حتى تبرد ، ثم أضعها لجبيني حتى اسجد من شدة الحر.

ثالثا : حديث خباب ، حيث قال : شكونا إلى رسول الله (ص) شدة الرمضاء في جباهنا وأكفنا فلم يشكنا ، وهذا الحديث والذي سبقه يدلان على أن الشاكي لم يكن شخصا واحدا ، بل كانوا مجموعة من الصحابة ، فإن لفظة ( شكونا ) ( فلم يشكنا ) يحكيان حال كثير من الصحابة كما لا يخفى ، وقد شكوا إلى رسول الله (ص) : ما يلقون من الحر والبرد حتى يرخص لهم في السجود على غير الأرض ، فلم يشكهم رسول الله (ص) ولم يعتني بشكواهم وهو الرؤوف المتحنن الكريم العطوف ، وليس ذلك الا لعدم جواز السجود على غير الأرض.

رابعا: حديث كور العمامة ، حيث ورد : أن النبي (ص) كان إذا سجد رفع العمامة عن جبهته ، وورد : أن رسول الله (ص) رأى رجلا يسجد بجنبه وقد أعتم على جبهته ، فحسر رسول الله (ص) ، عن جبهته ، وورد أيضا : رأى رسول الله (ص) رجلا يسجد على كور عمامته ، فأومأ بيده : ارفع عمامتك وأومأ إلى جبهته ، وهذا النهي عن السجود على كور العمامة مبني على كون العمامة قماشا أو ثوبا.

خامسا : حديث لزوم الجبهة ولصوقها وتمكينها بالأرض ، فقد ورد عن رسول الله (ص) إذا صلى أحدكم فليلزم جبهته وأنفه الأرض حتى يخرج منه الرغم ، مع تعدد الفاظه ، ومعنى أرغم فلان أنفه : أي ألصقه بالرغم وهو التراب ، فدلالة الحديث علي ايجاب الصاق الجبهة واضحة من باب الأولوية ، ويؤيد هذا حديث ابن عباس ، حيث قال : من لم يلزق أنفه مع جبهته الأرض إذا سجد لم تجز صلاته.

 

روايات العترة (ع) في اختصاص السجود على الأرض:

 

1 - عن هشام بن الحكم أنه قال لأبي عبد الله (ع) : أخبرني : عما يجوز السجود عليه وعما لايجوز ، قال : السجود لا يجوز الا على الأرض ، أو ما أنبتت الأرض الا ما أكل أو لبس ...

2 - عن أبي عبد الله (ع) ، قال : لا تسجد الا على الأرض ، أو ما أنبتت الأرض الا القطن والكتان.

3 - عن أبي عبد الله (ع) ، عن أبيه (ع) ، قال : لا بأس بالقيام على المصلى من الشعر والصوف إذا كان يسجد على الأرض ، فإن كان من نبات فلا بأس بالقيام عليه والسجود عليه.

4 - عن أبي عبد الله (ع) ، عن الرجل يسجد وعليه العمامة لا يصيب وجهه الأرض ، قال : لا يجزئه ذلك حتى تصل جبهته الأرض ، وغير ذلك من الأحاديث الدالة بوضوح على عدم جواز السجود على غير الأرض.

 

مناقشة آراء الفقهاء في السجود : قال : جمهور الفقهاء من غير الشيعة بأفضلية السجود على الأرض ، وجوازه على الثياب والبسط والفرش والعمامة والمنديل وجلود الأنعام وظهر الانسان وكفه ، بل ظهر الحيوان حتى ظهر الكلب بعد وضع الثوب الطاهر عليه ، مع اختلاف وتفصيل بينهم ، واستدلوا على ذلك بروايات وردت بالترخيص بذلك ، منها :

 

1 ـ حديث أنس : كنا إذا صلينا مع النبي (ص) فلم يستطع أحدنا أن يمكن جبهته من الأرض من شدة الحر ، طرح ثوبه ، ثم سجد عليه ، وما له من الفاظ.

2 - عن ابن عباس : أن النبي (ص) صلى في ثوب متوشحا به يتقي بفضوله حر الأرض وبردها.

3 - عن ابن عباس : رأيت رسول الله (ص) يصلي ويسجد على ثوبه.

4 - عن أبي هريـرة وجابر : كان رسول الله (ص) يسجد على كور عمامته.

5 - عن المغيرة بن شعبة : كان رسول الله (ص) يصلي على الحصير والفرو المدبوغه.

 

والذي يمعن النظر في هذه الأحاديث يرى : إن حديث أنس يدل على أن الأصل في السجود لدى القدرة والامكان على الأرض ، وأما في حال العذر وعدم التمكن فيجوز السجود على الثوب المتصل دون المنفصل ، وهو ما ذكره الشوكاني في ( نيل الأوطار شرح منتقى الأخبار ) ، حيث قال : الحديث يدل على جواز السجود على الثياب لاتقاء حر الأرض ، وفيه اشارة إلى أن مباشرة الأرض عند السجود هي الأصل ، لتعليق بسط الثوب بعدم الاستطاعة ...

 

وأما حديث أبي هريرة : فهو معارض بنهي رسول الله (ص) كما ذكرنا سابقا ، والراوي ، عن أبي هريرة هو عبد الله بن محرز ، وهو متروك ومنكر الحديث عند ابن حجر العسقلاني والدارقطني والبخاري ، أضف إلى أن هذا الحديث أنكره البيهقي ، حيث قال : فلا يثبت شيء من ذلك.

والأحاديث الأخرى التي وردت عن جابر وابن عباس محمولة على الاضطرار كما هو واضح لما ذكرنا سابقا.

أما الأحاديث التي ذكرت صلاة رسول الله (ص) على الفرو وما شاكل ذلك ، فعلى فرض تمامية سندها ، فانها غير مصرحه بالسجود على الفرو والنطع والفراش والطنفسة ، إذ الصلاة على هذه أعم من السجود عليها ، وهذا الذي ذكرناه من الروايات هو عمدة ما استند عليه القوم.

وبذلك يظهر أن الأصل في السجود أن يضع الانسان وجهه على الأرض ـ أي ترابها ورملها وحصاها ومدرها ـ وقد رخص على نبات الأرض من غير المأكول والملبوس ، إلا أن تعرض عناوين حكم الشارع فيها بجواز السجود على الثياب ونحوها في بعض الحالات كضرورة الحر والبرد ، وأما السجود على الفراش والسجاد والبسط المنسوجة من الصوف والوبر والحرير وأمثالها فلا دليل عليه ، ولم يرد في السنة أي مستند على جوازه ، وهذا القول مؤيد بفعل رسول الله (ص) حيث ورد عن عائشة : أنها ، قالت : ما رأيت رسول الله (ص) متقيا وجهه بشيء ـ تعني في السجود.

 

وكذلك بعمل الأصحاب والتابعين : فعن ابن عبيدة : أن ابن مسعود لا يسجد الا على الأرض ، وعن عبادة بن الصامت : إنه كان إذا قام إلى الصلاة حسر العمامة عن جبهته ، وعن عبد الله بن عمر : إنه كان إذا سجد وضع كفيه على الذي يضع عليه وجهه ، قال نافع : ولقد رأيته في يوم شديدا البرد وأنه ليخرج كفيه ما تحت برنس له حتى يضعها على الحصباء.

 

اضافة إلى أقوال بعض علماء العامة التي تصرح بذلك : فقد ، قال ابن الأثير بعد نقل حديث خباب كما أخرج مسلم في حديث الشكوى : والفقهاء يذكرونه في السجود ، فانهم كانوا يضعون أطراف ثيابهم تحت جباههم في السجود من شدة الحر ، فنهوا عن ذلك ، وانهم لما شكوا إليه ما يجدون من ذلك ، لم يفسح لهم أن يسجدوا على طرف ثيابهم.

وقال البيهقي بعد نقل حديث أنس في تبريد الحصا ، قال الشيخ : ولو جاز السجود على الثوب متصل به لكان ذلك أسهل من تبريد الحصا في الكف ووضعها للسجود ...

ومن هنا يتضح صحة فعل اتباع مذهب أهل البيت (ع) من أخذ القطع الصغيرة المصنوعة من تراب الأرض والسجود عليها ، والمأخوذ من فعل رسول الله (ص) وأهل البيت (ع) والصحابة والتابعين ، حيث ورد : عن ابن عباس ، قال : أن النبي (ص) سجد على الحجر ، وعن أبي عبد الله الصادق (ع) ، قال : دعا أبي بالخمرة فأبطأت عليه ، فأخذ كفا من حصا فجعله على البساط ثم سجد ، وعن ابن عيينة ، قال : سمعت رزين مولى آل عباس ، قال : كتب إلي علي بن عبد الله بن عباس (ر) أن ابعث إلي بلوح من المروة اسجد عليه ، وكان مسروق بن الأجدع من أصحاب ابن مسعود إذا خرج يخرج بلبنه يسجد عليها في السفينة.

 

مرحلة التحول : وفي نهاية مطاف بحث الأخ أسامة حول السجود على التربة ، يقول : وجدت الشيعة الإمامية لا يتدينون ولا يقولون الا بما نطق به الكتاب ، وجاء به الرسول الأكرم (ص) والتزم به أهل البيت (ع) الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا ، وعملوا بما ساقهم إليه الدليل ، وأخذت البراهين بأعناقهم وجرت عليه السنة وعمل به الأصحاب.

 

ومما زاد في أحقية مذهب أهل البيت (ع) عندي ، علمي بأهمية مكانة العترة بحفظ الشريعة المحمدية ، وتعرفي علي الأحاديث التي ذكرها الرسول (ص) حتى تبين لي أنهم المنبع النقي الذي تستسقى منه السنة ، فاعتنقت مذهبهم وانتميت إلى التشيع.

 

العودة لصفحة البداية

العودة لفهرس المستبصرين