( إدريس حام التيجاني )

العودة لصفحة البداية

العودة لفهرس المستبصرين

 

البطاقة الشخصية

 

مولده ونشأته : ولد بمنطقة أوكني في ولاية كوغي في نيجيريا ، ونشأ في أسرة تعتنق المذهب المالكي ، حصل على شهادة الثانوية في المدارس الأكاديمية ، ثم انتمى إلى احدى المدارس الدينية في منطقته ، فدرس العديد من الكتب الفقهية على مذهب الإمام مالك وعلوم القرآن ، ومارس نشاطات تبليغية في خدمة الإسلام في منطقته ، تشرف باعتناق مذهب أهل البيت (ع) عام ( 1988م ) في ولاية كوغي.

 

التعرف على التشيع : يقول الأخ إدريس : كانت هوايتي المفضلة مطالعة الكتب وقراءة البحوث الدينية ، فكنت اقرأ كل كتاب يقع في متناول يدي مهما كان انتماء مؤلفه المذهبي والثقافي ، وكنت اقرأ بعقل منفتح وذهنية واعية لأوسع بذلك آفاق رؤيتي للكون والحياة ، واستمر بي الأمر على هذا المنوال حتى اطلعت على الكثير من أفكار ورؤى الأمم الأخرى.

 

وفي أحد الأيام كنت أسير مع مجموعة من الأصدقاء في طريق الذهاب إلى المدرسة الثانوية ، قال : أحدنا : إني قد سمعت أمرا عجيبا لم أسمع به من قبل ، فقلنا له : وما ذاك ، قال : سمعت من أحد أصدقائي أن الخلافة بعد رسول الله (ص) كانت من حق الامام علي ولم تكن من حق أبي بكر ، وهناك أدلة قوية على ذلك ، ويجب على كل مسلم أن يتفحص هذا الأمر بنفسه ولا يبقى تابعا أعمى يقوده المجتمع حيث يشاء.

 

فتأثرت كثيرا بهذه المعلومة الجديدة ، ورغم مطالعاتي التي كنت أعتبرها كثيرة وجدت نفسي امام أمر محير يمس عقائدي في الصميم ، وأنا لا أعرف كيف أواجهه ، ولا أهتدي السبيل في علاجه ، فذهبت إلى بيت ذلك الشخص لأستفسر منه الأمر بدقة.

فرحب بي أجمل ترحيب ، واحتفى بقدومي إليه بكل حرارة ، ولما استقر بنا المجلس أخذ يبين لي بعض الحقائق التاريخية ، فسلط الأضواء على بعض الاحداث بعد وفاة رسول الله (ص) وفي نهاية المجلس أهداني كتاب نهج البلاغة المترجم إلى اللغة الانجليزية وكتاب آخر تحت عنوان الإمامة ، وكتاب المراجعات للعلامة عبد الحسين شرف الدين ، فأخذت منه هذه الكتب بعد تقديمي جزيل الشكر له وعدت إلى البيت ، أخذت بمطالعة هذه الكتب التي كانت بالنسبة لي من نوع آخر في الطرح والمحتوى ومغايرة للكتب التي قرأتها سابقا ، وكان أكثر مالفت انتباهي في هذه الكتب هو حديث الثقلين المنقول بالتواتر ، عن رسول الله (ص) والذي يوصي فيه أمته بالتمسك بكتاب الله وعترته أهل بيته (ع) وكانت كلمة العترة مفردة لم تطرق سمعي من قبل ، ومصطلحا جديدا ، فبدأت بالبحث لمعرفة مصاديقهم ليتبين لي الأمر الذي صاروا به عدلا للكتاب السماوي العزيز.

 

البحث عن مصداق العترة : بدأت بالبحث في كتب أهل السنة حول أهل البيت (ع) فوجدت البعض يذهب إلى أن أهل البيت هم آل عباس أو آل عقيل ، والبعض الآخر يذهب إلى أن أهل بيت الرسول (ع) نساؤه ، وراجعت كتب الشيعة فرأيتهم يحصرونهم في أصحاب الكساء وذرية الحسين (ع) واستدلوا لاثبات قولهم هذا بآيات من القرآن كآية المباهلة والتطهير ، فكلمة ( أنفسنا ) في آية المباهلة تشير إلى الرسول (ص) والامام علي (ع) لأنه نفس الرسول كما ذكر ذلك المفسرون من أبناء العامة وغيرهم ، وكلمة ( نساءنا ) تشير إلى فاطمة (ع) وكلمة ( أبناءنا ) تشير إلى الحسن والحسين (ص) ، وآية التطهير قد ورد فيها ذكر أهل البيت (ع) الذين أذهب الله عنهم الرجس في سياق يختلف ، عن ذكر نساء النبي (ص).

 

فبضم هذه القرائن بعضها مع بعض ، وجمع كلام المفسرين فيها ، يتبين للباحث بأن عترة الرسول (ص) وأهل بيته (ع) هم الذين باهل الرسول (ص) بهم نصارى نجران ، حيث لم يخرج سواهم في هذا الأمر الخطير مما حدا بالنصارى أن يتراجعوا امام هذه الوجوه النورانية.

 

حديث الثقلين ودلالته : إن هذا الحديث متواتر لدى الفريقين ، وقد اعترف به العامة والخاصة ، ورواه ما يزيد على ثلاثين صحابيا ، وقد ذكره الرسول (ص) في أكثر من موطن ، كيوم عرفة في حجة الوداع ، ويوم الغدير في خطبته ، وفي مرض وفاته (ص) وعليه فقد تعددت روايته عنه (ص) ونورد هنا ثلاثة نصوص شريفة :

 

1 ـ قال رسول الله (ص) : إني تارك فيكم الثقلين ، كتاب الله وأهل بيتي ، وأنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض.

2 ـ قال رسول الله (ص) : إني أو شك أن أدعى ، فأجيب ، وإني تارك فيكم الثقلين ، كتاب الله عز وجل وعترتي ، كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض ، وعترتي أهل بيتي ، وأن اللطيف الخبير أخبرني أنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض ، فانظروا كيف تخلفوني فيهما.

3 ـ قال رسول الله (ص) : يا أيها الناس ، إني تركت فيكم ما إن أخذتم به لن تضلوا كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، ( والثقل : كل شيء نفيس مصون ، وقال النووي : سميا ثقلين لعظمهما وكبير شأنهما ، وقيل : لثقل العمل بهما ).

 

وأما دلالة الحديث :

 

1 ـ عصمة العترة من الخطأ ، حيث أخبر رسول الله (ص) بأن عترته مع القرآن دائما ، وكل من كان مع القرآن دائما مصيب دائما ، وكل مصيب دائما معصوم ، فأهل البيت (ع) معصومون ، فلو جاز عليهم الخطأ لأمروا بالخطأ ، ولا شيء من الخطأ يجوز التمسك به ، ولما وجب التمسك بهم مطلقا كالقرآن وجب أن يكونوا معصومين.

2 ـ إن العترة (ع) عندهم علم القرآن الذي فيه تبيان كل شي ، فيتعين الرجوع اليهم في أخذ معارفه وعلومه وسائر أحكامه لا إلى غيرهم ، وقد صرح الرسول (ص) بأعلميتهم بصورة مطلقة في حديث قائلا : ولا تعلموهم إنهم أعلم منكم.

3 ـ عدم صحة التمسك بأحدهما دون الآخر ، لأن الرسول (ص) رتب الضلال على تركهما معا ، وهذا يعني عدم هداية من يتمسك بالقرآن وحده وتخلف عن العترة ، بل لا يكون التمسك بالقرآن تمسكا به بدون العترة لما يقتضيه قوله (ص) : ولن يفترقا.

4 ـ وجود امام من البيت النبوي في كل زمان يجب التمسك به كالقرآن ، وهو دليل على وجوب وجود الامام الثاني عشر (ع) بدليل قوله : لن يفترقا حتى يردا علي الحوض.

وخلاصة القول في الحديث : هو وجوب امامتهم دون غيرهم ، لوجوب التمسك بهم وأخذ معالم الدين منهم واتباعهم ، وعصمتهم ووجود علم القرآن عندهم وأعلميتهم.

 

حديث كتاب الله وسنتي : حاول البعض معارضة حديث الثقلين المتواتر بحديث وسنتي ، المذكور في كتب القوم بنصوص هي :

1 ـ رواية مالك بن أنس المتوفى عام 179هـ ، وهو أول من روى هذا الخبر حيث ذكره في الموطأ : وحدثنى : عن مالك : أنه بلغه أن رسول الله (ص) ، قال تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما تمسكتم بهما ، كتاب الله وسنة نبيه.

2 ـ رواية الحاكم النيسابوري المتوفى سنة 405 هـ في المستدرك : حدثنا : أبو بكر أحمد بن اسحاق الفقيه ، أنبأ : العباس بن الفضل الأسفاطي ، ثنا : إسماعيل بن أبي أويس ، وأخبرني : إسماعيل بن محمد بن الفضل الشعراني ، ثنا : جدي ، ثنا : ابن أبي أويس ، حدثني : أبي ، عن ثور بن زيد الديلي ، عن عكرمة ، عن ابن عباس : أن رسول الله (ص) خطب الناس في حجة الوداع ، فقال : قد يئس الشيطان بأن يعبد بأرضكم ، ولكنه رضي أن يطاع فيما سوى ذلك مما تحاقرون من أعمالكم ، فاحذروا يا أيها الناس ، إني قد تركت فيكم ما إن اعتصمتم به فلن تضلوا أبدا كتاب الله وسنة نبيه (ص) إن كل مسلم أخ المسلم ، المسلمون اخوة ، ولا يحل لامرىء مال أخيه الا ما أعطاه ، عن طيب نفس ، ولا تظلموا ولا ترجعوا من بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض ... إلى أن قال : وذكر الاعتصام بالسنة في هذه الخطبة غريب ، ويحتاج اليها ، وقد وجدت له شاهدا من حديث أبي هريرة : أخبرنا : أبو بكر بن اسحاق الفقيه ، أنبأ محمد بن عيسى بن السكن الواسطي ، ثنا : داود بن عمرو الضبي ، ثنا : صالح بن موسى الطلحي ، عن عبد العزيز بن رفيع ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله (ص) إني قد تركت فيكم شيئين لن تضلوا بعدهما : كتاب الله وسنتي ، ولن يتفرقا حتى يردا علي الحوض.

3 ـ رواية ابن عبد البر المتوفى سنة 463 هـ ، والتي وصل بها خبر الموطأ : وحدثنا : عبد الرحمن بن يحيى ، قال : حدثنا : أحمد بن سعيد ، قال : حدثنا : محمد ابن ابراهيم الديلي ، قال : الديلي علي بن زيد الفرائضي ، قال : حدثنا : الحنيني ، عن كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف ، عن أبيه ، عن جده ، قال : قال رسول الله (ص) تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما تمسكتم بهما : كتاب الله ، وسنة نبيه (ص).

 

هل يعارض حديث وسنتي حديث الثقلين، : في الحقيقة ، إن هذا الحديث لا يبقوي لمعارضة حديث الثقلين ، وذلك لعدة أمور :

 

1 ـ هذا الحديث لم يخرجه البخاري ومسلم في كتابيهما ، وإن مجموعة من علماء أبناء العامة يتركون الحديث بتركهما له ولو صح اسناده.

2 ـ إن الحديث لم يخرج أيضا في الصحاح الستة عندهم.

3 ـ إن الحديث لم يخرج في مسند أحمد بن حنبل ، وقد نقل عنه قوله : إن ما ليس في المسند فليس بصحيح.

4 ـ قد صرح غير واحد بغرابته كالحاكم بقوله الذي مر ذكر الاعتصام بالسنة في هذه الخطبة غريب ، وقال أبو نصر السجزي : غريب جدا.

 

أما الكلام في الأسانيد :

- فخبر الموطأ الذي هو عمدة ما ورد فيه لاسند له ، وقد قال السيوطي بشرحه : وصله ابن عبد البر من حديث كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف ، عن أبيه ، عن جده ، وسنذكره في رواية ابن عبد البر.

- أما خبر المستدرك بروايته ابن عباس ، فالمدار فيه على إسماعيل بن أبي أويس وهو ابن أخت مالك ونسيبه ، ونكتفي بذكر كلمات بعض أئمة الجرح والتعديل ، التي ذكرها ابن حجر العسقلاني في كتابه ، قال : معاوية بن صالح ، عن ابن معين : هو وأبوه ضعيفان ، وعنه أيضا : ابن أبي أويس وأبوه يسرقان الحديث ، وعنه : مخلط ، يكذب ، ليس بشيء  ، وقال النسائي : ضعيف ، وقال في موضع آخر : غير ثقة ، وقال ابن عدي : روى عن خاله أحاديث غرائب لا يتابعه عليها أحد ، وقال الدولابي في الضعفاء : سمعت النصر بن سلمة المروزي ، يقول : ابن أبي أويس كذاب ، كان يحدث ، عن مالك بمسائل ابن وهب ، وقال الدارقطني : لا اختاره في الصحيح ، وقال سلمة بن شبيب : سمعت إسماعيل ابن أويس ، يقول : ربما كنت أضع الحديث إذا اختلفوا في شيء فيما بينهم.

 

- وكذا رواية أبو هريرة التي ذكرها الحاكم ، ففيها صالح بن موسى الطلحي الكوفي ، وإليك كلمات الأئمة فيه كما ذكرها ابن حجر العسقلاني أيضا : قال ابن معين : ليس بشي ، وقال أيضا : صالح وإسحاق ابنا موسى ليسا بشي ، ولا يكتب حديثهما ، وقال : هاشم بن مرثد ، عن ابن معين : ليس بثقة ، وقال ابن أبي حاتم ، عن أبيه : ضعيف الحديث جدا ، كثير المناكير ، عن الثقات ، قلت : يكتب حديثه ، قال ليس يعجبني حديثه ، وقال البخاري : منكر الحديث عن سهيل بن أبي صالح ، وقال النسائي : لا يكتب حديثه ، ضعيف ، وقال في موضع آخر : متروك الحديث ، وقال ابن عدي : عامة ما يرويه لا يتابعه عليه أحد ، وقال الترمذي : تكلم فيه بعض أهل العلم ، وقال العقيلي : لا يتابع على شي من حديثه ، وقال ابن حبان : كان يروي عن الثقات ما لا يشبه حديث الاثبات حتى يشهد المستمع لها إنها معمولة أو مقلوبة ، لايجوز الاحتجاج به ، وقال أبو نعيم : متروك ، يروي المناكير.

 

- أما الخبر في التمهيد لابن عبد البر ، ففي سنده الكثير من المجروحين ، مثل كثير بن عبد الله بن عمر ـ الذي وصل ابن عبد البر الخبر من حديثه ـ وهذه كلمات أئمتهم فيه كما ذكرها ابن حجر العسقلاني كذلك : قال أبو طالب ، عن أحمد : منكر الحديث ، ليس بشيء ، وقال أبو خيثمة ، قال لي أحمد : لا تحدث عنه شيئا ، وقال الآجري : سئل أبو داود عنه ، فقال : كان أحد الكذابين ، وقال أبو حاتم : ليس بالمتين ، وقال ابن عدي : عامة ما يرويه لايتابع عليه ، وقال ابن عبد البر : ضعيف ، بل ذكر أنه مجمع علي ضعفه ، مضافا إلى أنه يروي الحديث عن أبيه ، عن جده ، وقد قال ابن حبان : روى عن أبيه ، عن جده نسخة موضوعة لا يحل ذكرها في الكتب ولا الرواية الا على جهة التعجب ، وقال الحاكم : حدث ، عن أبيه ، عن جده نسخة فيها مناكير.

 

وفوق كل هذا لوسلم بصحته هذا الحديث ، فهو خبر آحاد لا يقتضي علما ولا عملا ، ولا ينهض لمعارضة حديث الثقلين المتواتر الذي رواه ما يزيد ، عن ثلاثين صحابيا كما تقدم ، وأيضا لوسلم بصحته ، فانه ـ من ناحية المدلول ـ لا منافاة بين الوصية بالكتاب والسنة ، والوصية بالكتاب والعترة ، بل أن مفاد حديث الثقلين هو إن السنة يجب أن تؤخذ من العترة لا من غيرهم ، وهذا ما فهمه علماء العامة كابن حجر العسقلاني الهيتمي ، حيث قال : وفي رواية كتاب الله وسنتي ، وهي المراد من الأحاديث المقتصرة على الكتاب ، لأن السنة مبينه له ، فاغنى ذكره ، عن ذكرها.

 

والحاصل: أن الحث وقع على التمسك بالكتاب وبالسنة وبالعلماء من أهل البيت ، ويستفاد من مجموع ذلك بقاء الأمور الثلاثة إلى قيام الساعة ، ومما يدل على ذلك أيضا أن المتقي الهندي ـ مثلا ـ يورد كلا الحديثين في : باب الاعتصام بالكتاب والسنة ، وايراد حديث الثقلين في هذا الباب يدل على أن الاعتصام بالعترة هو أيضا اعتصام بالسنة ، وأن السنة الواردة عنهم هي السنة الصحيحة التي يجب التمسك بها.

 

مناقشات في مدلول الخبر :

 

أولا : اتفق محدثوا أبناء العامة ومؤرخيهم على أن النبي (ص) نهى عن كتابة أحاديثه لئلا تختلط بالقرآن ، فعلى هذا المبنى كيف يصح الجمع بين أمر النبي (ص) بالتمسك بالسنة ونهية عن كتابتها وجمعها.

ثانيا : لو صح قول رسول الله (ص) للمسلمين : تركت فيكم كتاب الله وسنتي ، فكيف جاز لعمر : إن يقول : حسبنا كتاب الله ، ومن هنا نفهم أن الحديث وضعه بعض المتاخرين المعادين للعترة ، أو الذين أرادوا توجيه ترك الصحابة للعترة.

ثالثا : إن التمسك بالقرآن والسنة لوحدهما لم يمنع أكثر المسلمين عن الضلال ، وقد رأينا أن الصحابة قد اختلفوا بينهم في مواقف عديدة ، وكان كل منهم يدعم ما ذهب إليه بحديث ، عن رسول الله (ص) وكذا وقوع الاختلاف بين فقهاء المسلمين في المسألة الواحدة من الكتاب والسنة ، مع أن حكم الكتاب والسنة في المسألة الواحدة ثابت لا يتغير ولا يتبدل ، وهذا يعني ضلال وخطأ أحد المختلفين، وقد قال الله سبحانه : فماذا بعد الحق إلا الضلال فأنى تصرفون ، وقد نهى الله سبحانه ، عن التفرق والاختلاف في الدين ، فقال : عز من قائل : ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات وأولئك لهم عذاب عظيم.

رابعا : كيف يأمر الرسول (ص) بالتمسك بالسنة وهو يعلم أن المنافقين والمنحرفين سوف يكذبون عليه ، حيث قال : قد كثرت علي الكذابة فمن كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار ، فإذا كانت الكذابة كثرت عليه (ص) في حياته فهل يعقل من رسول الله (ص) إن لا يضع لهم مرشدا يدلهم على صحيحها ، ويميز لهم بين غثها وسمينها ، ويبين لهم صادقها من المكذوب عليه فيها.

خامسا : إن الله سبحانه صرح في محكم كتابه أن القرآن الكريم يحتاج إلى مبين ، بقوله تعالى : وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل اليهم ، فالمسلمون يحتاجون بيان النبي (ص) وشرحه وتوضيحه لدلالات القرآن ومقاصد آياته ، فإذا كان القرآن الذي لا اختلاف فيه ولا يأتيه الباطل من أي جهة بحاجة إلى مبين ، فكيف بالسنة النبوية ، فهي أحوج من القرآن إلى من يبينها لكثرة وقوع الاختلاف والدس والكذب فيها من قبل المنافقين والمنحرفين.

 

مرحلة التحرر من التحجر الفكري : يقول الأخ إدريس : كان هدفي أن أكون على بصيرة من ديني كما قال الله سبحانه على لسان نبيه (ص) : قل هذه سبيلي ادعوا إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني ، وبذلك بذلت قصارى جهدي لئلا أكون تابعا أعمى لعقيدة الآباء ، فاجتهدت لتوظيف عقلي في طلب حقائق الدين إذ لا تقليد في العقائد والأصول.

 

وأحمد الله كثيرا أن هداني إلى طريق لم يدفعني إليه سوى الدليل والبرهان ، وهو طريق مذهب أهل البيت (ع) وجعلني من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه ، وأحمده على نعمة العقل ، فالعقلاء لا يحجرون أنفسهم على ما لديهم من عقائد وأفكار ، بل يبحثون عن الحق بشكل متواصل حتى يجدوه وقد قال الله تعالى : والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا.

 

العودة لصفحة البداية

العودة لفهرس المستبصرين