العودة لصفحة البداية

العودة لفهرس الرواة

 

( أبو حنيفة النعمان )

 

عدد الروايات : ( 1 )

 

الألباني - إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل

كتاب الصلاة - باب : صلاة الجماعة - 500 - قال (ص) : من كان له إمام فقراءته له قراءة

الجزء : ( 2 ) - رقم الصفحة : ( 277 > 279 )

 

الثانى : سبق أن الدارقطنى ضعف الإمام أبا حنيفة (ر) لروايته لحديث عبد الله بن شداد عن جبر موصولا.

 

أولا : لم يتفرد الدارقطني بتضعيفه ، بل هو مسبوق اليه من كبار الأئمة الذين لا مجال لمتعصب للطعن في تجريحهم لجلالهم وامامتهم ، فمنهم :

 

- عبد الله بن المبارك ، فقد روى عنه ابن أبي حاتم : ( 2 / 1 / 450 ) بسند صحيح ، أنه كان يقول : كان أبو حنيفة مسكينا في الحديث.

 

- وقال ابن أبي حاتم : روى عنه ابن المبارك ثم تركه بآخره ، سمعت أبي ، يقول ذلك.

 

- ومنهم الامام أحمد ، روى العقيلي في : ( الضعفاء ) ( 434 ) بسند صحيح ، عنه أنه قال : حديث أبي حنيفة ضعيف.

 

- ومنهم الامام مسلم صاحب الصحيح ، فقال في : ( الكنى ) ( ق 57 / 1 ) : مضطرب الحديث ليس له كثير حديث صحيح.

 

- ومنهم الامام النسائي ، فقال في : ( الضعفاء والمتروكين ) ( ص 29 ) : ليس بالقوي في الحديث.

 

ثانيا : إذا سلمنا أن تجريح الدارقطني كان مبهما ، فلا يعني ذلك أن التجريح هو في الواقع مبهم ، فإن قول الامام أحمد فيه : حديثه ضعيف فيه اشارة إلى سبب الجرح وهو علم ضبطه للحديث ، وقد صرح بذلك الامام مسلم حين ، قال : مضطرب الحديث.

 

- وكذلك النسائي أشار إلى سبب الضعف نحو اشارة أحمد حيث قال : ليس بالقوي في الحديث.

 

- وقد أفصح عن قصده الذهبي ، فقال : ضعفه النسائي من جهة حفظه وابن عدي وآخرون.

 

وقد اعترف الحنفي المشار إليه بأن جرح الامام من بعضهم هو مفسر ( ولم يسم البعض ) ولكنه دفعه بقوله : إن الذي جرح الامام بهذا لم يره ، ولم ير منه ما يوجب رد حديثه ، قلت :

 

وفيه نظر من وجهين :

 

إلاول : أن عبد الله بن المبارك رآه وروى عنه ، ثم ترك حديثه كما سبق ، عن أبي حاتم : ولولا أنه رأى منه ما يوجب رد حديثه ما ترك الرواية عنه.

 

الثاني : أن كلامه يشعر - بطريق دلالة المفهوم - أن الجارح لو كان رأى الامام كان جرحه مقبولا فلزمه أن يقبل جرح ابن المبارك اياه ، لأنه كان قد رآه كما سبق ، على أن هذا الشرط مما لا أصل له عند العلماء ، بل نحن نعلم أن أئمة الجرح والتعليل جرحوا مئات الرواة الذين لم يروهم ، وذلك لما ظهر لهم من عدم ضبطهم لحديثهم بمقابلته بأحاديث الثقات المعروفين عندهم ، وهذا شيء معروف لدى المشتغلين بعلم السنة ، على أنني أعتقد أن المتعصبين لا يرضهم بأي وجه نقد امامهم في رواية الحديث من أئمة الحديث المخلصين الذين لا تأخذهم في الله لومة لائم ، فها أنت ترى دفع الجرح المبين سببه بحجة لم ترد عند العلماء وهي أن الجارح لم ير الامام ، فلو أنه كان رآه أفتظن أنهم كانوا يقبلون جرحه ، أم كانوا يقولون : كلام المتعاصرين في بعضهم لا يقبل ، وبعد فإن تضعيف أبي حنيفة رحمه الله في الحديث لا يحط مطلقا من قدره وجلالته في العلم والفقه الذي اشتهر به ، ولعل نبوغه فيه ، واقباله عليه هو الذي جعل حفظه يضعف في الحديث ، فإنما من المعلوم أن اقبال العالم على علم وتخصصه فيه ، مما يضعف ذاكرته غالبا في العلوم إلاخرى ، والله تعالى أعلم.