العودة لصفحة البداية

العودة لفهرس المواضيع

 

أقوال علماء السنة والجماعة في يزيد )

  

عدد الروايات : ( 14 )

 

أبو عبد الله المالكي - فتح العلي المالك في الفتوى على مذهب الإمام مالك

مسائل الردة - مسلم قال لذمي في عيده عيد مبارك

الجزء : ( 2 ) - رقم الصفحة : ( 350 > 353 )

 

[ النص طويل لذا استقطع منه موضع الشاهد ]

 

- ( ما قولكم ) في أبي طالب ، وأبي لهب وأبي جهل هل تجوز عليهم اللعنة كبقية أهل الكفر والعياذ بالله من ذلك ، وهل يزيد بن معاوية الآمر بقتل الحسين (ر) مات كافرا أو مسلما ؟ ، وهل تجوز عليه اللعنة أم لا ؟ ، وهل تجوز على المبتدعة ومرتكبي الكبائر أم لا ؟ ، أفيدوا الجواب.


- فأجبت بما نصه : الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا محمد رسول الله ، نعم تجوز عليهم اللعنة كبقية من علم موتهم على الكفر أعاذنا الله بمنه من ذلك لكن ينبغي التأدب بالكف عن ذلك في قرابته (ص) ويزيد بن معاوية افترق الناس فيه ثلاث فرق فرقة تتولاه وتحبه وفرقة تسبه وتلعنه وفرقة متوسطة في ذلك لا تتولاه ولا تلعنه وتسلك به مسلك سائر ملوك الإسلام وخلفائهم غير الراشدين وهذه الفرقة هي المصيبة ومذهبها هو اللائق بمن يعرف سير الماضين ويعلم قواعد الشريعة المطهرة جعلنا الله تعالى من خيار أهلها قاله ابن الصلاح في فتاويه وتجوز اللعنة على المبتدعة ومرتكبي الكبائر من غير تعيين لأحد منهم ، قال سيدي عبد الرحمن الأجهوري : وأما لعنه يعني قاتل الحسين لا بالتسمية فمتفق عليه كما يجوز لعن شارب الخمر وآكل الربا ونحوهما إجمالا.


- وقال الحافظ ابن حجر في الصواعق المحرقة : واعلم أن أهل السنة اختلفوا في كفر يزيد بن معاوية ، فقال طائفة إنه كافر ، قال سبط بن الجوزي وغيره : المشهور أنه لما جاءه رأس الحسين (ر) جمع أهل الشام وجعل ينكث رأسه بالخيزران ، وينشد أبيات ابن الزبعري : ليت أشياخي ببدر شهدوا ، الأبيات المعروفة وزاد فيها بيتين مشتملين على صريح الكفر.

 

- وقال ابن الجوزي فيما حكاه سبطه عنه ليس العجب من قتال ابن زياد للحسين : وإنما العجب من خذلان يزيد وضربه بالقضيب ثنايا الحسين وحمله آل رسول الله (ص) سبايا على أقتاب الجمال وذكر أشياء من قبيح ما اشتهر عنه وحمله الرأس إلى المدينة وقد تغيرت ريحه وما كان مقصوده إلا الفضيحة وإظهار الرأس ويحرم أن يفعل هذا بالخوارج والبغاة بل يكفنون ويصلى عليهم ويدفنون ولو لم يكن في قلبه أحقاد جاهلية وأضغان بدرية لاحترم الرأس لما وصل إليه وكفنه ودفنه وأحسن إلى آل رسول الله (ص).

 

- فقد أخرج أبو يعلى في مسنده بسند ضعيف ، عن أبي عبيدة ، قال : قال رسول الله (ص) : لا يزال أمر أمتي قائما بالقسط حتى يكون أول من يثلمه رجل من بني أمية يقال له يزيد.


- وأخرج الروياني في مسنده ، عن أبي الدرداء ، قال سمعت رسول الله (ص) ، يقول : أول من يبدل سنتي رجل من بني أمية يقال له يزيد ، وفي هذين الحديثين دليل لما قدمته أن معاوية كانت خلافته ليست كخلافة من بعده من بني أمية فإنه (ص) أخبر أن أول من يثلم أمر أمته ويبدل سنته يزيد ، فأفهم أن معاوية لم يثلم ولم يبدل وهو كذلك لما مر أنه مجتهد.

 

- ويؤيد ذلك ما نقله الإمام المهدوي ، عن عمر بن عبد العزيز : أن رجلا نال من معاوية بحضرته فضربه ثلاثة أسواط مع ضربه لمن يسمي يزيد أمير المؤمنين عشرين سوطا ، ففرق ما بينهما

 

- وقال نوفل بن الفرات : كنت عند عمر بن عبد العزيز فذكر رجل يزيد ، فقال : أمير المؤمنين يزيد بن معاوية ، فقال : تقول أمير المؤمنين وأمر به فضرب عشرين سوطا ولإسرافه في المعاصي خلعه أهل المدينة.

 

- فقد أخرج الواقدي من طرق : أن عبد الله بن حنظلة بن الغسيل ، قال : والله ما خرجنا على يزيد حتى خفنا أن نرمى بالحجارة من السماء ، كان ينكح الأمهات والبنات والأخوات ويشرب الخمر ويدع الصلوات.


- قال الذهبي : ولما فعل يزيد بأهل المدينة ما فعل ، مع شربه الخمر ، وإتيانه المنكرات اشتد عليه البأس وخرج عليه غير واحد ولم يبارك الله في عمره وبعد اتفاقهم على فسقه اختلفوا في جواز لعنه بخصوصِ اسمه.

 

- فأجازه قوم منهم ابن الجوزي ونقله ، عن أحمد وغيره فإنه قال في كتابه المسمى ( بالرد على المتعصب العنيد المانع من ذم يزيد ) سألني سائل عن يزيد بن معاوية ، فقلت له : يكفيه ما به ، فقال : أيجوز لعنه ، فقلت : قد أجازه العلماء الورعون ، منهم أحمد بن حنبل ، فإنه ذكر في حق يزيد ما يزيد على اللعنة.

 

- ثم روى ابن الجوزي ، عن أبي يعلى أنه روى في كتبه المعتمدة الأصول بإسناده إلى صالح بن أحمد بن حنبل ، قال : قلت لأبي إن قوما ينسبوننا إلى تولي يزيد ، قال : يا بني وهل يتولى يزيد أحد يؤمن بالله ، ولم لا يلعن من لعنه الله في كتابه ، فقلت : فأين لعن الله يزيد في كتابه ، فقال في قوله تعالى : { فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ @ أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ ( محمد : 22 - 23 ) } وهل يكون فساد أعظم من القتل ، وفي رواية ، فقال : يا بني ما أقول في رجل لعنه الله في كتابه وذكره.


- قال ابن الجوزي : وصنف القاضي أبو يعلى كتابا ذكر فيه من يستحق اللعنة ، وذكر منهم يزيد ، ثم ذكر حديث من أخاف أهل المدينة ظلما أخافه الله وعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين ، ولا خلاف أن يزيد غزا المدينة بجيش وأخاف أهلها اهـ ، والحديث الذي ذكره رواه مسلم ووقع من ذلك الجيش من القتل والفساد العظيم والسبي وإباحة المدينة ما هو مشهور حتى فض نحو ثلثمائة بكر ، وقتل من الصحابة نحو من ذلك ومن قراء القرآن نحو سبعمائة نفس وأبيحت المدينة أياما ، وبطلت الجماعة من المسجد النبوي أياما وأخيفت أهل المدينة فلم يمكن أحدا دخول مسجدها حتى دخلته الكلاب والذّئاب وبالت على منبره (ص) ، ولم يرض أمير ذلك الجيش لا بأن يبايعوه ليزيد على أنهم خول له إن شاء باع وإن شاء أعتق ، فذكر له بعضهم البيعة على كتاب الله وسنة رسول الله (ص) فضرب عنقه وذلك في وقعة الحرة ، ثم سار جيشه هذا إلى قتال ابن الزبير فرموا الكعبة بالمنجنيق وأحرقوها بالنار فأي شيْء أعظم من هذه القبائح التي وقعت في زمنه ناشئة عنه وهي مصداق الحديث السابق : لا يزال أمر أمتي قائما بالقسط حتى يثلمه رجل من بني أمية يقال يزيد.

 

- وأما ما استدل به أحمد على جواز لعنه من قوله تعالى : { أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ ( محمد : 23 ) } وما استدل به غيره من قوله (ص) في حديث مسلم فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين ، فلا دلالة فيهما لجواز لعن يزيد بخصوص اسمه والكلام ، إنما هو فيه وإنما الذي دل عليه جواز لعنه لا بذلك الخصوص وهذا جائز بلا نزاع ، ومن ثم حكوا الاتّفاق على أنه يجوز لعن من قتل الحسين (ر) أو أمر بِقتله أو أجازه أو رضي به من غير تسمية ليزيد.