العودة لصفحة البداية

العودة لفهرس المواضيع

 

( بيعة الرضوان )

 

الشبهة

 

- لا يستطيع الشيعة أن ينكروا أن أبا بكر وعمر وعثمان (ر) قد بايعوا الرسول (ص) تحت الشجرة ، وأن الله أخبر بأنه قد رضي عنهم وعلم ما في قلوبهم ، قال تعالى : { لَّقَدْ رَضِيَ الله عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا ( الفتح : 18 ) } فكيف يليق بالشيعة بعد هذا أن يكفروا بخبر الله تعالى ، ويزعموا خلافه، فكأنهم يقولون : ( أنت يا رب لا تعلم عنهم ما نعلم ، والعياذ بالله.

 


 

الرد على الشبهة

 

- أولا : عثمان بن عفان لم يبايع تحت الشجرة وهذا باقرار أهل السنة في أصح الكتب فقد نقل عدة من الحفاظ منهم البخاري في صحيحه ، قال : حدثنا : ‏عبدان ‏، ‏أخبرنا : ‏‏أبو حمزة ‏‏، عن ‏عثمان بن موهب ‏، ‏قال : ‏جاء ‏ ‏رجل ‏حج ‏البيت ‏فرأى قوما جلوسا ، فقال : من هؤلاء القعود ، قالوا : هؤلاء ‏ ‏قريش ،‏ ‏قال : من الشيخ ، قالوا ‏ : ابن عمر ‏ ‏فأتاه ، فقال : إني سائلك عن شيء أتحدثني ، قال : أنشدك بحرمة هذا ‏ ‏البيت ‏ ‏أتعلم أن ‏ ‏عثمان بن عفان ‏ ‏فر يوم ‏أحد ‏، قال : نعم ، قال : فتعلمه تغيب عن ‏بدر ‏فلم يشهدها ، قال : نعم ، قال : فتعلم أنه تخلف عن ‏بيعة الرضوان ‏فلم يشهدها ، قال : نعم ، قال : فكبر ، قال ‏‏ابن عمر: ‏تعال لأخبرك ولأبين لك عما سألتني عنه أما فراره يوم ‏ ‏أحد ‏ ‏فاشهد أن الله عفا عنه ، وأما تغيبه عن ‏ ‏بدر ‏ ‏فانه كان تحته ‏ ‏بنت رسول الله ‏ ‏(ص) ‏ ‏وكانت مريضة ، فقال له النبي ‏ ‏(ص) :‏ ‏إن لك أجر رجل ممن شهد ‏ ‏بدرا ‏ ‏وسهمه ، وأما تغيبه عن ‏ ‏بيعة الرضوان ‏ ‏فانه لو كان أحد أعز ببطن ‏مكة ‏من ‏عثمان بن عفان ‏لبعثه مكانه فبعث ‏عثمان ‏‏وكانت ‏‏بيعة الرضوان ‏بعدما ذهب ‏عثمان ‏‏إلى ‏‏مكة ‏، فقال النبي ‏‏(ص) ‏‏بيده اليمنى : هذه يد ‏ ‏عثمان ‏ ‏فضرب بها على يده ، فقال : هذه ‏ ‏لعثمان ‏ ‏اذهب بهذا الآن معك ، راجع : ( صحيح البخاري ج3 ص1352 ح3495 ) ، فكيف يدعي الكاتب أنه بايع تحت الشجرة فعليه أن يتثبت ويعرف قبل أن يهرف ولا يهرف بما لا يعرف.

 

وأما علماء السنة ، يقولون أن عبد الرحمن بن عديس البلوي بايع تحت الشجرة وهو قاد الجيش الذي قتل عثمان وهو ممكن قفز المنزل وطعن عثمان فقد نقل عدة من علماء السنة منهم :

 

- ابن حجر العسقلاني في فتح الباري ، قال : كما أوضحته في الشرح يحيى بن سعيد ، عن سفيان هو الثوري ، حدثني : أبو إسحاق هو السبيعي ، حدثني : عبد الله بن يزيد هو الخطمي ، حدثني : البراء هو بن عازب قوله وكان يؤمهم سالم مولى أبي حذيفة هو بن عتبة بن ربيعة اسمه مهشم ، وقيل غير ذلك حديث عبيد الله بن عدي بن الخيار في قوله لعثمان إنك امام عامة ونزل بك ما ترى ويصلي لنا امام فتنة ونتحرج الحديث المراد بامام الفتنة المذكور عبد الرحمن بن عديس البلوي ، قاله بن عبد البر ، قال : وقد صلى بالناس أيام حصار عثمان بأمره أبو امامة أسعد بن سهل بن حنيف ، راجع : ( فتح الباري ج1 ص263 ).

 

- وذكره ابن عبد البر في ( الاستيعاب ) في ترجمته : شهد الحديبية ، ممن بايع تحت الشجرة رسول الله (ص) ، هو كان الأمير على الجيش القادمين من مصر إلى المدينة الذين حصروا عثمان وقتلوه ، راجع : ( الاستيعاب - ج2 ص383 ).

 

هل يقول الكاتب أن الله رضي عن عبد الرحمن بن عديس البلوي حيث بايع تحت الشجرة في قتل عثمان حيث أنه لم يبايع تحت الشجرة.

ثم الله عز وجل ، قال : { لَّقَدْ رَضِيَ الله عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا ( الفتح : 18 ) } هنا الله عز وجل ، قال : لقد رضي الله عن المؤمنين وليس عن المبايعين كلهم أي المؤمنين الذين بايعوا اذ أي بشرط تكون البيعة مستمرة ولا تنتقض وهنا مشروطة بإذ ولذلك ، قال الله عز وجل : { إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ الله يَدُ الله فَوْقَ أَيْدِيهِمْ ۚ فَمَن نَّكَثَ فَإِنَّمَا يَنكُثُ عَلَىٰ نَفْسِهِ ۖ وَمَنْ أَوْفَىٰ بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ الله فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا ( الفتح : 10 ) } أي البيعة يجب أن تكون من غير نكث حتى تكون البيعة حقيقة وواضح من هذه الآية المدعى والقرآن يفسر بعضه بعضا ويقول الذي ينكث البيعة إنما ينكث على نفسه ، وأما من أوفى والتزم بهذه البيعة بما أنه عاهد الله عليه ولم ينكث البيعة فسيؤتيه أجرا عضيم مقابل عدم نكث البيعة.

 

- قال ابن كثير والزمخشري وغيرهما : ولا بأس ننقل بعض أقوال المفسرين فقد ذكر ابن كثير في تفسيره : { إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ الله يَدُ الله فَوْقَ أَيْدِيهِمْ ( الفتح : 10 ) } ولهذا ، قال تعالى : ها هنا { فَمَن نَّكَثَ فَإِنَّمَا يَنكُثُ عَلَىٰ نَفْسِهِ ( الفتح : 10 ) } أي إنما يعود وبال ذلك على الناكث والله غني عنه { وَمَنْ أَوْفَىٰ بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ الله فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا ( الفتح : 10 ) } أي ثوابا جزيلا وهذه البيعة هي بيعة الرضوان وكانت تحت شجرة سمرة بالحديبية وكان الصحابة (ر) الذين بايعوا رسول الله (ص) يومئذ قيل ألفا وثلاثمائة وقيل وأربعمائة وقيل وخمسمائة والأوسط أصح ، راجع : ( تفسير ابن كثير ج4ص186 ).

 

- وقال أيضا : { إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ الله يَدُ الله فَوْقَ أَيْدِيهِمْ ۚ فَمَن نَّكَثَ فَإِنَّمَا يَنكُثُ عَلَىٰ نَفْسِهِ ۖ وَمَنْ أَوْفَىٰ بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ الله فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا ( الفتح : 10 ) } كما قال عز وجل في الآية الأخرى : { لَّقَدْ رَضِيَ الله عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا ( الفتح : 18 ) } راجع : ( تفسير ابن كثير ج4ص190 ).

 

- وقال الببيضاوي في تفسيره : { فَمَن نَّكَثَ ( الفتح : 10 ) } ( نقض العهد ) { فَإِنَّمَا يَنكُثُ عَلَىٰ نَفْسِهِ ( الفتح : 10 ) } ( فلا يعود ضرر نكثه الا عليه ) { وَمَنْ أَوْفَىٰ بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ الله ( الفتح : 10 ) } ( في مبايعته ) { فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا ( الفتح : 10 ) } ( هو الجنة وقرئ عهد وقرأ حفص ) عليه ( بضم الهاء وابن كثير ونافع وابن عامر وروح " فسنؤتيه " بالنون نزلت في بيعة الرضوان ، راجع : ( تفسير البيضاوي ج5 ص 201 ).

 

- وقال أبو السعود في تفسيره : { إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ الله ( الفتح : 10 ) أى لأجله ولوجهه ) { فَمَن نَّكَثَ فَإِنَّمَا يَنكُثُ عَلَىٰ نَفْسِهِ ( الفتح : 10 ) } ( أى فمن نقض عهده فإنما يعود ضرر نكثه على نفسه وقرىء بكسر الكاف ) { وَمَنْ أَوْفَىٰ بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ الله ( الفتح : 10 ) } ( بضم الهاء فانه أبقى بعد حذف الواو توسلا بذلك إلى تفخيم لامن الجلالة وقرىء بكسرها أى ومن وفى بعهده ) { فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا ( الفتح : 10 ) } ( هو الجنة وقرىء بما عهد وقريء فسنؤتيه بنون العظمة ) ، راجع : ( تفسير أبو السعود ج 8 ص106 ).

 

- وقال الشوكاني في فتح القدير : ( وقال ابن كيسان قوة الله ونصرته فوق قوتهم ونصرتهم فمن نكث فإنما ينكث على نفسه أي فمن نقض ما عقد من البيعة فإنما ينقض على نفسه لأن ضرر ذلك راجع إليه لا يجاوزه إلى غيره ومن أوفى بما عاهد عليه الله أي ثبت على الوفاء بما عاهد الله عليه في البيعة لرسوله ، راجع : ( فتح القدير ج5 ص48 ).

 

فالمشكلة ليس بالشيعة ولا بالقرآن ولا بالله عز وجل إنما الخلل في فهم الكاتب للآية فقد فهمها خلاف لما فهمه علماء السنة ، أما نحن ننقل حال من بايع تحت الشجرة من كتب اخواننا أهل السنة.

 

أبي الغادية الجهني يسار بن سبع ونسبوه كلهم جهنيا وكذا الدارقطني والعسكري وابن ماكولا ، وقال يعقوب بن شيبة في مسند عمار ، حدثنا : مسلم بن ابراهيم ، حدثنا : ربيعة بن كلثوم بن جبر ، حدثنا : أبي ، قال : كنت بواسط القصب عند عبد الأعلي بن عبد الله بن عامر ، فقال : الاذن هذا أبو الغادية الجهني ، فقال : أدخلوه فدخل رجل عليه مقطعات فإذا رجل ضرب من الرجال كأنه ليس من رجال هذه الأمة فلما أن قعد ، قال : بايعت رسول الله (ص) ، قلت بيمينك ، قال : نعم ... ، راجع : ( الإصابة في تمييز الصحابة ج7 ص311 رقم 103656 ).

 

- وقد روى عدة من الحفاظ منهم الحاكم بالمستدرك ، قال : حدثنا : أبو عبد الله محمد بن يعقوب الحافظ ، ثنا : يحيى بن محمد بن يحيى ، ثنا : عبد الرحمن بن المبارك ، ثنا : المعتمر بن سليمان ، عن أبيه ، عن مجاهد ، عن عبد الله بن عمرو ، أن رجلين أتيا عمرو بن العاص يختصمان في دم عمار بن ياسر وسلبه ، فقال عمرو : خليا عنه فإني سمعت رسول الله (ص) ، يقول : اللهم أولعت قريش بعمار ، إن قاتل عمار وسالبه في النار ، وتفرد به عبد الرحمن بن المبارك وهو ثقة مأمون ، عن معتمر ، عن أبيه ، فإن كان محفوظا فانه صحيح على شرط الشيخين ، ولم يخرجاه ، وإنما رواه الناس عن معتمر ، عن ليث ، عن مجاهد ، قال الذهبي : على شرط البخاري ومسلم ، راجع : ( المستدرك على الصحيحين ج 13 / ص 124 ح5682 ).

 

الكاتب يقول : ( أنت يا رب لا تعلم عنهم ما نعلم  ـ والعياذ بالله ـ.

أقول : هل هذا الكلام كذلك توجهه لرسول الله (ص) عندما قال : قاتل عمار وسالبه وهو أبو الغادية وبايع في النار.

فأقول للكاتب ليس المشكلة برسول الله (ص) إنما المشكلة في فهمك للقرآن.

 

العودة لصفحة البداية

العودة لفهرس المواضيع