العودة لصفحة البداية

العودة لفهرس المواضيع

 

( هل كتب الشيعة متناقضة )

 

الشبهة

 

- يقول شيخ الشيعة أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي في مقدمة كتابه ( تهذيب الأحكام -  (1/45) ، وهو أحد كتبهم الأربعة : الحمد لله ولي الحق ومستحقه وصلواته على خيرته من خلقه محمد (ص) تسليما ، ذاكرني بعض الأصدقاء أبره الله ممن أوجب حقه علينا بأحاديث أصحابنا أيدهم الله ورحم السلف منهم ، وما وقع فيها من الاختلاف والتباين والمنافاة والتضاد ، حتى لا يكاد يتفق خبر إلا وبإزائه ما يضاده ، ولا يسلم حديث إلا وفي مقابلة ما ينافيه ، حتى جعل مخالفونا ذلك من أعظم الطعون على مذهبنا .

 

- ويقول السيد دلدار علي اللكهنوي الشيعي الاثنا عشري في ( أساس الأصول -  (ص 51) ط لكهنوي الهند ) : إن الأحاديث المأثورة عن الأئمة مختلفة جدا لا يكاد يوجد حديث إلا وفي مقابله ما ينافيه ، ولا يتفق خبر الا وبإزائه ما يضاده ، حتى صار ذلك سببا لرجوع بعض الناقصين ...

 

- ويقول عالمهم ومحققهم وحكيمهم ومدققهم وشيخهم حسين بن شهاب الدين الكركي في كتابه : ( هداية الأبرار إلى طريق الأئمة الأطهار - (ص 164) الطبعة الأولى 1396هـ. ) : فذلك الغرض الذي ذكره في أول التهذيب من أنه ألفه لدفع التناقض بين أخبارنا لما بلغه أن بعض الشيعة رجع عن المذهب لأجل ذلك.

 

- نقول : لقد اعترف علماء الشيعة بتناقض مذهبهم ، انظر : ( أصول مذهب الشيعة الإمامية الاثني عشرية ، للقفاري ، (1/418 وما بعدها) ، والله ، يقول عن الباطل : { أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ ۚ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ الله لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا ( النساء : 82 ) }.

 


 

الرد على الشبهة

 

أولا : الكلام ليس من كلام الشيخ الطوسي إنما السائل عنده شبهة والشيخ الطوسي (ر) أراد أن يرفع الشبهة حيث أن الأحاديث فيها العام وفيها الخاص وهذه القاعدة عند كل المسلمين ، وكذلك فيها المطلق وفيها المقيد ، وفيها صحيح السند وفيها ضعيف السند ، وفيها الناسخ وفيها المنسوخ ، وفيها الظاهر وفيها النص ، ولم يقل الشيخ الطوسي أن الأحاديث المتعارضة كلها صحيحة ، ولم يقل أن الأحاديث المتعارضة كلها مطلقة أو كلها عامة ، ولذلك جمع هذه الأحاديث في كتاب التهذيب ، وقد طرحها ورفع التناقض كله وبذلك إذا رجعت إلى التهذيب لا ترى أي حديث متعارض وبذلك رفع الشبهة عن السائل وبين أنه لا يوجد تعارض وبين للسائل أنه لا يوجد تعارض.

 

ثانيا : التعارض بين الأحاديث حتى عند أهل السنة ، وقد ألفت كتب بهذا الشأن وننقل بعض الشواهد حتى يتسني للكاتب رفع بعض الجهل عن نفسه.

 

- ويقال لهذا النوع مختلف الحديث وللجمع بين الأحاديث المختلفة فيه تأويل مختلف الحديث وهو أمر لا يقوم به حق القيام غير أفراد من العلماء الأعلام الذين لهم براعة في أكثر العلوم ، لا سيما الحديث والفقه والأصول والكلام وللامام الشافعي فيه مصنف جليل من جملة كتب الأم وهو أول من صنف في ذلك ، راجع : ( توجيه النظر الى أصول الاثرج1ص518 ).

 

- مختلف الحديث أي اختلاف مدلوله ظاهرا وهو من أهم الأنواع يضطر إليه جميع الطوائف من العلماء ، قال السخاوي : هذا فن تكلم فيه الأئمة ، راجع : ( توضيح الأفكار ج2ج423 ).

 

- أفرده بالتصنيف ( قطرب ) والمراد به ما يوهم التعارض بين الآيات وكلامه تعالى منزه عن ذلك كما قال : { وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ الله لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا ( النساء : 82 ) } ولكن قد يقع للمبتدئ ما يوهم اختلافا وليس به في الحقيقة فاحتيج لازالته كما صنف في مختلف الحديث وبيان الجمع بين الأحاديث المتعارضة ، وقد تكلم في ذلك ابن عباس وحكى عنه التوقف في بعضها ، راجع : ( الاتقان ج2 ص72 رقم 4144 ).

 

وقد صنفت كتب ومنها كتاب مختلف الحديث عبد الله بن مسلم بن قتيبه وتداوله العلماء لحل التعارض عند اخواننا أهل السنة ، ولا بأس نعرض هذه الآية ، فليرى القاريء من المختلف بعد أن جوابنا على السؤال : { أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ ۚ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ الله لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا ( النساء : 82 ) }.

 

فليراجع الكاتب لكتب العقيدة عندنا ويعرف أن الطائفة بأجمعها متفقة بالتوحيد ولا يوجد فرق بين العلماء في التوحيد ، وكذلك النبوة ، وكذلك مثلا في أهم الأمور التعبدية المتعلقة بالفقه وهي الصلاة فليراجع كتب الفقه عندنا من زمن الأئمة (ع) إلى يومنا هذا الشيعة الإمامية متفقون في صلاتهم ولا يوجد أي اختلاف ولكن ربما هناك فروقات لا تذكر في فهم الدليل.

 

أما بالنسبة للتوحيد فكفر علماء السنة بعضهم لبعض لاختلافهم بالتوحيد وعلى سبيل المثال وليس الحصر.

 

في مسألة خلق القرآن هناك من السنة من يقول بخلق القرآن كأبو حنيفة والأشاعرة والماتريدية ، فقد كفر الامام أحمد بن حنبل كل من يقول بخلق القرآن :

 

- أبا عبد الله ، يقول : من ، قال القرآن مخلوق فهو كافر ومن شك في كفره فهو كافر ، راجع : ( طبقات الحنابلة ج1 ص 173 رقم 231 ).

 

- يقول أحمد بن حنبل : والقرآن كلام الله تكلم به ، ليس بمخلوق ومن زعم أن القرآن مخلوق فهو جهمي كافر ، ومن زعم أن القرآن كلام الله ووقف ولم يقل ليس بمخلوق فهو أخبث من قول الأول ، ومن زعم أن الفاظنا به ، وتلاوتنا له مخلوقة ، والقرآن كلام الله فهو جهمي ، ومن لم يكفر هؤلاء القوم فهو مثلهم ، راجع : ( العقيدة للامام أحمد بن حنبل برواية عبدوس العطار ، المطبوع مع العقيدة برواية أبي بكر الخلال ص 79 ط. دار قتيبه / دمشق سنة 1408هـ - 1988م ، طبقات الحنابلة ج1 ص 29 ).

 

وهناك كثير من أئمة الحنابلة ، يقولون : بأن القرآن غير مخلوق ومن يقول مخلوق فهو كافر  ، وعلماء الأشاعرة ، يقولون يرون أن القرآن مخلوق منهم ( أبو حامد العزالي قواعد العقائد ص182 ، 183 والقاضي الأيجي في المواقف في علم الكلام ص293 - 294 والصاوي المالكي شرح الصاوي على جوهرة التوحيد ص181 ، 182 وسعد الدين التفتازاني شرح المقاصد ج3 ص106 ، والآمدي في شرح المقاصد ج3 ص106 والشهرستاني في أبكار الأفكار في أصول الدين ج1 ص265 ، وملا علي القاريء في منح الروض الأزهر في شرح الفقه الأكبر ص70 ).

 

- وابن حجر العسقلاني في فتح الباري أثناء التعليق على حديث نقله البخاري ، قال : ثم أخرج طرقا من متنه في كتاب التوحيد بصيغة التمريض ، فقال : ويذكر عن جابر عن عبد الله بن أنيس ، قال : سمعت النبي (ص) ، يقول : يحشر الله العباد فيناديهم بصوت الحديث ، وهذه الدعوى مردودة ، والقاعدة بحمد الله منتقصة ، ونظر البخاري أدق من أن يعترض عليه بمثل هذا ، فانه حيث ذكر الارتحال فقط جزم به ، لأن الاسناد حسن ، وقد اعتضد ، وحيث ذكر طرقا من المتن لم يجزم به ، لأن لفظ الصوت مما يتوقف في اطلاق نسبته إلى الرب ويحتاج إلى تأويل ، فلا يكفي فيه مجيء الحديث من طريق مختلف فيها ولو اعتضدت ، ومن هنا يظهر شفوف علمه ودقة نظره وحسن تصرفه رحمه الله تعالى ، راجع : ( فتح الباري ج1 ص 175 ط. دار المعرفة / بيروت سنة 1379هـ ).

 

- وقد كفروا أئمة لأنهم ، قالوا بخلق القرآن منهم أبو حنيفة ، قال أبو نعيم الأصبهاني بشأن أبي حنيفة : قال بخلق القرآن واستتيب من كلامه الرديء غير مرة ، كثير الخطأ والأوهام ، راجع : ( كتاب الضعفاء لأبو نعيم الأصبهاني ص 154ط. دار الثقافة - الدار البيضاء سنة 1405هـ - 1984م ).

 

- قال عبد الله بن أحمد بن حنبل في كتاب السنة : حدثني إسحاق بن أبي يعقوب الطوسي ، حدثنا أحمد بن عبد الله بن يونس ، عن سليم المقرئ ، عن سفيان الثوري ، قال : سمعت حمادا يقول : ألا تعجب من أبي حنيفة ، يقول : القرآن مخلوق . قل له : يا كافر يا زنديق ، راجع : ( كتاب السنة ج1 ص 184 ، 185 رقم 241 ).

 

- وقال أيضا : حدثني إسحاق بن عبد الرحمن ، عن حسن بن أبي مالك ، عن أبي يوسف ، قال : أول من ، قال القرآن مخلوق أبو حنيفة ، راجع : (  كتاب السنة ج1 ص 183 رقم 236 ).

 

- وقال أيضا : حدثني : سفيان بن وكيع ، قال سمعت عمر بن حماد بن أبي حنيفة ، قال : أخبرني : أبي حماد بن أبي حنيفة ، قال : أرسل ابن أبي ليلى إلى أبي ، فقال له : تب مما تقول في القرآن أنه مخلوق وإلا أقدمت عليك بما تكره . قال : فتابعه ، قلت : يا أبه كيف فعلت ذا ، قال : يا بني خفت أن يقدم علي فأعطيت تقية ، راجع : ( كتاب السنة ج1 ص 183 رقم 238 ).

 

- وقال أيضا : حدثني : عبد الله بن عون بن الخراز أبو محمد وكان ثقة ، حدثنا : شيخ من أهل الكوفة ، قيل لعبد الله بن عون : هو أبو الجهم فكأنه أقر أنه قال : سمعت سفيان الثوري ، يقول : قال لي حماد بن أبي سليمان : اذهب إلى الكافر يعني أبا حنيفة ، فقل له : إن كنت تقول : أن القرآن مخلوق فلا تقربنا ، راجع : ( كتاب السنة ج1 ص 184 رقم 239 ) ، واتفقت الشيعة الإمامية بخلق القرآن.

 

وما ورد بشأن رؤيتهم للباري عز وجل : فقد ذهب عدة من علماء السنة برؤية الله عز وجل وقد خالفتهم عائشة في هذه :

 

- وقد أخرج ما ذكرته البخاري ومسلم وأحمد بن حنبل وابن راهويه والنسائي والترمذي والطبري وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ الأصبهاني وابن مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات وأبو نعيم الأصبهاني وأبو عوانة وابن مندة وابن خزيمة وغيرهم بالاسناد عن مسروق - واللفظ لمسلم - قال : كنت متكئا عند عائشة ، فقالت : يا أبا عائشة ، ثلاث من تكلم بواحدة منهن فقد أعظم على الله الفرية ، قلت : ما هن ، قالت : من زعم أن محمدا (ص) رأى ربه فقد أعظم على الله الفرية ، قال : وكنت متكئا فجلست ، فقلت : يا أم المؤمنين ، انظريني ولا تعجليني ، ألم يقل الله عز وجل : { وَلَقَدْ رَآهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ ( التكوير : 23 ) } فقالت : أنا أول هذه الأمة سأل عن ذلك رسول الله (ص) ، فقال : إنما هو جبريل ، لم أره على صورته التي خلق عليها غير هاتين المرتين ، رايته منهبطا من السماء ، سادا عظم خلقه ما بين السماء إلى الأرض ، فقالت : أولم تسمع أن الله ، يقول : { لَّا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ ۖ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ  ( الأنعام : 103 ) } أولم تسمع أن الله ، يقول : { وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلِّمَهُ الله إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِن وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ ۚ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ ( الشورى : 51 ) } راجع : ( صحيح مسلم بتحقيق محمد فؤاد عبد الباقي ج1 ص 159 ح 177 ط. دار احياء التراث العربي / بيروت ، المسند المستخرج على صحيح الامام مسلم ج1 ص 241 ح 442 ط. دار الكتب العلمية / بيروت سنة 1996م ، سنن الترمذي ج5 ص 262 ح 3068 ط. دار احياء التراث العربي / بيروت ، وج2 ص 328 ح 5063 ط. دار الفكر / بيروت سنة 1403هـ - 1983م ، مسند أبي عوانة ج1 ص 134 ح 405 وص 135 ح 406 ، 407 وص 36 ح 410 ط. دار المعرفة / بيروت سنة 1998م ، السنن الكبرى للنسائي ج6 ص 335 ح 11147 وص 432 ح 11408 وص 471 ح 11532 ط. دار الكتب العلمية / بيروت سنة 1411هـ - 1991م ، الإيمان لابن مندة ج2 ص 761 ح 763 وص 762 ح 764 وص 763 ح 765 وص 764 ح 766 ط. مؤسسة الرسالة / بيروت سنة 1406هـ ، تفسير الطبري ج7 ص 301 ط. دار الفكر / بيروت سنة 1405هـ ، تفسير ابن كثير ج4 ص 251 ط. دار الفكر / بيروت سنة 1401هـ ، مسند إسحاق بن راهويه ج3 ص 790 ح 1421 وص 803 ح 1439 ط. مكتبة الإيمان / المـدينة المنـورة سنة 1412هـ - 1991م ، كتاب التوحيد لابن خزيمة ص 221 - إلى - 225 ط. دار الكتب العلمية سنة 1403هـ - 1983م ).

 

- قال الطبري في تفسيره : حدثنا : بشر ، قال : حدثنا : يزيد ، قال : حدثنا : سعيد ، عن قتادة قوله  : { لَّا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ ۖ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ  ( الأنعام : 103 ) } وهو أعظم من أن تدركه الأبصار ، راجع : ( تفسير الطبري ج7 ص 299 ) ، وقتادة من كبار المفسرين عند ااهل السنة ، قال فيه الذهبي : حافظ العصر ، قدوة المفسرين والمحدثين ، وقال أيضا : وكان من أوعية العلم وممن يضرب به المثل في قوة الحفظ ، روى عنه أئمة الإسلام ، راجع : ( سير أعلام النبلاء ج5 ص 269 ، 270 رقم 132 ط. مؤسسة الرسالة / بيروت سنة 1413هـ ) ، مجاهد بن جبر المكي ومكانته عند السنة أشهر وأوضح من أن تحتاج إلى بيان.

 

- قال الطبري : حدثنا : ابن حميد ، قال : حدثنا : جرير ، عن منصور ، عن مجاهد ، قال : كان أناس ، يقولون في حديث فيرون ربهم ، فقلت : لمجاهد : إن ناسا يقولون إنه يرى ، قال يرى ولا يراه شيء.

 

- قال الطبري : حدثنا : محمد بن الحسين ، حدثنا : أحمد بن المفضل ، قال : حدثنا أسباط ، عن السدي : لا تدركه الأبصار لا يراه شيء وهو يرى الخلائق ، راجع : ( تفسير الطبري ج 7 ص 301 ، تفسير ابن كثير ج2 ص 163 ط. دار الفكر / بيروت سنة 1401هـ ) ، وأخرجه بالاسناد عن السدي أيضا ابن أبي حاتم ، راجع : ( الدر المنثور في التفسير بالمأثور ج3 ص 335 ط. دار الفكر / بيروت سنة 1993م ) ، السدي ، قال فيه الذهبي : الامام المفسر ، وقال فيه أحمد بن حنبل ثقة ، وقال النسائي : صالح الحديث ، راجع : ( سير أعلام النبلاء ج5 ص 264 رقم 124 ).

 

- وقال أيضا : قال : حدثنا : جرير ، عن منصور ، عن مجاهد : في قـوله : { إِلَىٰ رَبِّهَا نَاظِرَةٌ  ( القيامة : 23 ) } قال : تنتظر من ربها ما أمر لها ، راجع : ( تفسير الطبري ج29 ص 193 ، تفسير ابن كثير ج2 ص 163 ) ، هذه أمثلة بسيطة وحقيقة أهل السنة لم يتفقوا في مسألة واحد بالتوحيد وياريت الكات يخدمنا وياتي لنا بمسألة واحدة متفق عليه بالتوحيد.

 

أما اختلافهم بالنبوة فراجع الجواب على السؤال ( رقم48 ) ، أما اختلافهم في أفعال المكلفين من العبادات لا بأس نذكر أمثلة :

 

الصلاة : تجب القراءة باللغة العربية ولا يجزي قراءتها بلغة أخرى وهذا ما أطبقت عليه الشيعة الإمامية ووافقهم الحنابلة والشافعية ، وهو قول مالك أما أبا حنيفة أجاز القراءة باللغة الفارسية ، فقد نقل السرخسي بالمبسوط ، قال : لو سمى عند الذبح بالفارسية أو لبى بالفارسية فكذلك إذا كبر وقرأ بالفارسية ، وروى الحسن عن أبي حنيفة (ع) : أنه إذا أذن بالفارسية والناس يعلمون أنه أذان جاز وإن كانوا لا يعلمون ذلك لم يجز لأن المقصود الاعلام ولم يحصل ، ثم عند أبي حنيفة (ع) : أنما يجوز إذا قرأ بالفارسية إذا كان يتيقن بأنه معنى العربية فأما إذا صلى بتفسير القرآن لا يجوز لأنه غير مقطوع به ، راجع : ( المبسوط للسرخسي ج1 ص35 ).

 

البسملة في الصلاة : قد اختلفوا بالبسملة هل ( بسم الله الرحمن الرحيم ) هل هي آية من الفاتحة فقط ، أوهي آية من كل سورة ، أوإنها ليست من القرآن ، وهل تقرأ جهرا أم إخفاتا ، وكثر الخلاف بين علماء ومدارس اخوانا أهل السنة ، وقد صنفوا العلماء مثل ابن عبد البر والدارقطني والرازي كتبا فيها ، راجع : ( كتاب الأم ج1 ص107 ).

 

ونفى أحمد ومالك وأبو حنيفة قرآنيتهما بالفاتحة وبأوائل السور ، وقال الشافعي هي هي آية في أول سورة الفاتحة وإن تركت أو ترك فحرف منها لا تجز الركعة التي تركها فيها ، راجع : ( العدة ج2 ص410 ) ، راجع كتاب الفقه على المذاهب الأربعة للجزيري لم يتفقوا علي شيء.

 

وقال ابن تيمية في شان اختلاف البسملة : الأقوال في كونها من القرآن ثلاثة : طرفان ووسط :

الطرف الأول : قول من يقول : أنها ليست من القرآن إلا في سورة النمل كما قال مالك وطائفة من الحنفية ، وكما قاله بعض أصحاب أحمد مدعيا أنه مذهبه أو ناقلا لذلك رواية عنه.

والطرف المقابل له : قول من يقول : إنها من كل سورة آية أو بعض آية كما هو المشهور من مذهب الشافعي ومن وافقه وقد نقل عن الشافعي أنها ليست من أوائل السور غير الفاتحة وإنما يستفتح بها في السور تبركا بها وأما كونها من الفاتحة فلم يثبت عنه فيه دليل.

والقول الوسط : إنها من القرآن حيث كتبت وأنها مع ذلك ليست من السور بل كتبت آية في أول كل سورة وكذلك تتلى آية منفردة في أول كل سورة ، راجع : ( الفتاوى الكبرى ج1 ص102 ).

 

التشهد : اتفقت الشيعة الإمامية بوجوب التشهد الأول ووافقهم أحمد بن حنبل ، وقال مالك أبو حنيفة والشافعي باستحبابه ، واتفقت الشيعة الإمامية على لفظ التشهد ، أما المذاهب الأربعة اختلفوا فيه فمنهم من ذهب إلى لفظ مسلم ، راجع : ( صحيح مسلم ج1 ص302 ) ، وذهب بعضهم إلى لفظ آخر في البخاري ، راجع : ( ج1 ص286 حح797 ) ، تشهد بها عمر بن الخطاب وابن عمر بلفظ آخر ، راجع : ( مالك بن أنس - موطأ مالك بروايةيحيى الليثي ، مسند الشافعي 297 ).

 

التسليم : اختلفوا بوجود التسليم المخرج من الصلاة فقد أجمعت الشيعة الإمامية على وجوبه والخروج من غيره مبطل للصلاة ووافقهم بالوجوب الشافعي ومالك وأحمد ، وقال أبو حنيفة هي سنة لو تركه صحت صلاته ، ولو تتبعنا الاختلافات لم ننتهي بمجلدات ولم يتفقوا بمسألة واحدة فقد صنفوا علماء السنة مجلدات راجع : ( كتاب الأم للشافعي والفقيه على المذاهب الأربعة للجزيري والمغني لابن قدامه والمبسوط للسرخسي ) وغيرهما من الكتب وهي كثيرة جدا  ، ولا بأس نذكر بعض الشواهد من الاختلافات في أحكام مختلفة :

 

- يقول ابن حزم الأندلسي في المحلى : ( أباح أبو حنيفة شرب نقيع الزبيب إذا طبخ ، وشرب نقيع التمر إذا طبخ ، وشرب عصير العنب إذا طبخ حتى يذهب ثلثاه ، وإن أسكر كل ذلك ، فهو عنده حلال ، ولا حد فيه ما لم يشرب منه القدر الذي يسكر ، وإن سكر من شيء من ذلك فعليه الحد ، وإن شرب نبيذ تين مسكر ، أو نقيع عسل مسكر ، أو عصير تفاح مسكر ، أو شراب قمح أو شعير أو ذرة مسكر ، فسكر من كل ذلك أولم يسكر ، فلا حد في ذلك أصلا ، راجع : ( المحلى بالآثار ج12 ص378 مسألة2300 ).

 

- ويقول علاء الدين الكاساني الحنفي : وأما الأشربة التي تتخذ من الأطعمة كالحنطة والشعير والدخن والذرة والعسل والتين والسكر ونحوها فلا يجب الحد بشربها ، لإن شربها حلال عندهما ( يعني أبو حنيفة وأبو يوسف القاضي ) ، وعند محمد ( هو محمد بن الحسن الشيباني أحد أبرز تلاميذ أبي حنيفة وفقهاء المذهب الحنفي ) ، وإن كان حراما لكن هي حرمة محل الاجتهاد فلم يكن شربها جناية محضة فلا تتعلق بها عقوبة محضة ، ولا بالسكر منها ... ، راجع : ( بدائع الصانع ج7 ص40 ، وراجع أيضا : حلية العلماء للقفال الشاشي ج8 ص94 ).

 

- قال ابن حزم في مناقشة أصحاب هذا القول : فنقول لهم أين وجدتم هذا التقسيم ، أفي قرآن ، أم في سنة صحيحة ، أو سقيمة ، أو موضوعة ، أو في اجماع ، أو دليل اجماع ، أم في قول صاحب ، أم في قول أحد قبلكم ، أم في قياس ، أم في رأي يصح ، فلا سبيل لهم إلى وجود ذلك في شيء مما ذكر ، راجع : ( المحلى بالآثار ج12 ص379 مسألة2300 ).

 

- وقال الحافظ الفقيه أبو جعفر الطحاوي الحنفي المتوفى سنة (321هـ) في شرح معاني الآثار في سياق كلامه عن الأشربة المحللة والمحرمة بعد أن خصص الخمر بما كان متخذا من العنب فقط ، مخالفا في ذلك امام مذهبه أبي حنيفة الذي أضاف التمر والزبيب : ونحن نشهد على الله عزوجل أنه حرم عصير العنب إذا حدث فيه صفات الخمر ، ولا نشهد عليه أنه حرم ماسوى ذلك إذا حدث فيه مثل هذه الصفة ، فالذي نشهد على الله بتحريمه الذي آمنا بتأويلها من حيث آمنا بتنزيلها ، فما كان من خمر ، فقليله وكثيره حرام ، وما كان سوى ذلك من الأشربة ، فالسكر منها حرام ، وما سوى ذلك مباح ، هذا هو النظر عندنا ، وهو قول أبي حنيفة ، وأبي يوسف ، ومحمد رحمهم الله ، غير نقيع الزبيب والتمر خاصة ، فانهم كرهوا ... ، راجع : ( شرح معاني الآثار ج4 ص215 ).

 

- وقال ابن حزم في المحلى : وقال أبو يوسف : ما أسكر كثيره مما عدا الخمر أكرهه ولا أحرمه ، فإن صلى انسان وفي ثوبه منه أكثر من قدر الدرهم البغلي بطلت صلاته وأعادها أبدا ، راجع : ( المحلى بالآثار ج6 ص194 مسألة1099 ).

 

- وقال الحافظ ابن عبد البر الأندلسي بعد أن ذكر اتفاق الفقهاء على حرمة نبيذ العنب المسكر : واختلف الفقهاء في سائر الأنبذة المسكرة ، فقال العراقيون : إنما الحرام منها المسكر ، وهو فعل الشارب ، وأما النبيذ في نفسه ، فليس بحرام ، ولا نجس ، لأن الخمر العنب ... ، راجع : (  التمهيد في شرح الموطأ ج1 ص245 ).

 

- يقول ابن حزم الأندلسي الظاهري في المحلى : فقالت طائفة : من تزوج أمه أو ابنته أوحريمته ( أي من تكون محرما عليه ) ، أو زنى بواحد منهن ، فكل ذلك سواء ، وهو كله زنى ، والزواج كله زواج إذا كان عالما بالتحريم ، وعليه حد الزنى كاملا ، ولا يلحق الولد في العقد ، إلى أن قال : وقال أبو حنيفة : لا حد عليه في ذلك كله ، ولا حد على من تزوج أمه التي ولدته ، وابنته ، وأخته ، وجدته ، وعمته ، وخالته ، وبنت أخيه ، وبنت أخته ، عالما بقرابتهن منه ، عالما بتحريمهن عليه ، ووطئهن كلهن ، فالولد لاحق به ، والمهر واجب لهن عليه ، وليس عليه إلا التعزير دون الأربعين فقط ، وهو قول سفيان الثوري ، قالا : فإن وطئهن بغير عقد نكاح فهو زنى عليه ما على الزاني من الحد ، راجع : ( المحلى بالآثار ج12 ص200 ، 201 مسألة2220 ).

 

- وقال أبو جعفر الطحاوي بعد أن أورد بعض الروايات الدالة على حرمة التزويج من امرأة الأب : فذهب قوم إلى إن من تزوج ذات محرم منه ، وهو عالم بحرمتها عليه ، فدخل بها أن حكمه حكم الزاني ، وأنه يقام عليه حد الزنا ، الرجم أو الجلد ، واحتجوا في ذلك بهذه الآثار ، وممن ، قال بهذا القول أبو يوسف ومحمد رحمها الله ، وخالفهم في ذلك آخرون ، فقالوا : لا يجب في هذا حد الزنا ، ولكن يجب فيه التعزير والعقوبة البليغة ، وممن ، قال بذلك أبو حنيفة وسفيان الثوري رحمها الله ، هذا نموذج بسيط جدا من الاختلافات في مقام الحكم الشرعي بعد أن الاستنباط.

 

- وقال ابن الصلاح في فتاويه : وقال الامام أبو المعالي بن الجويني ما ذهب إليه ذوو التحقيق إنا لا نعد منكري القياس من علماء الأمة وحملة الشريعة فانهم أولا باقون على عنادهم فيما ثبت استفاضة وتواترا ، وأيضا فإن معظم الشريعة صادرة عن الاجتهاد والنصوص لا تفي بالعشر من أعشار الشريعة ، فهؤلاء ملتحقون بالعوام وكيف يدعون مجتهدين ، ولا اجتهاد عندهم وهذا منه نوع افراط ، راجع : ( فتاوى ابن الصلاح ج1 ص206 ).

 

العودة لصفحة البداية

العودة لفهرس المواضيع