العودة لصفحة البداية

العودة لفهرس المواضيع

 

( مبيت الامام علي (ع) بفراش النبي (ص) )

 

الشبهة

 

- اصطحب رسول الله (ص) الصديق أبا بكر في هجرته واستبقاه حيا ، وبالمقابل عرض علي بن أبي طالب (ر) للموت والهلاك على فراشه ... فلو كان علي اماما وصيا وخليفة منصوبا فهل يعرض للهلاك ويستبقى أبو بكر ، وهو لو مات فلا ضرر على الإمامة ولا سلسلة الإمامة من موته .... وهنا السؤال : أيهما أولى أن يبقى حيا لا تمسه شوكة أو يطرح على فراش الموت والهلاك ... ، وإن قلتم : أنه ـ أي علي ـ يعلم الغيب ، فأي فضل له في المبيت ، الموضوع المتعلق قد أجبنا عليه في السؤال السادس ، ويبدوا أن الكاتب من هواة اكثار الورقات بالتكرار.

 


 

الرد على الشبهة

 

أولا : الرسول الأكرم (ص) لم يصحب أبو بكر معه بالغار ، ولا أحد يعرف بهذه المسيرة غير أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) ، إنما أبو بكر لحق بالنبي فالتقى به بالطريق :

 

- فقد ذكر أبو العباس بن تيمية في ( منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية - ج4 - ص158 ) قال : ( يقول والله لليلة من أبي بكر ويوم خير من عمر وال عمر فهل لك أن أحدثك بليلته ويومه ، قلت : نعم يا أمير المؤمنين ، قال : أما الليلة فأن رسول الله (ص) لما خرج من مكة هاربا من المشركين خرج ليلا فتبعه أبو بكر فجعل يمشي مرة أمامه ومرة خلفه ومرة عن يمينه ومرة عن يساره ، فقال له رسول الله (ص) : ما هذا يا أبا بكر ما أعرف هذا من فعلك ، فقال : يا رسول الله اذكر الرصد فأكون أمامك واذكر الطلب فأكون خلفك ، ومرة عن يمينك ومرة عن يسارك ... ).

 

- وقد نقل عدة من الحفاظ بسند صحيح ، منهم الحاكم بالمستدرك وابن عبد البر في الاستيعاب ( قال ابن عبد البر في الاستيعاب : هذا اسناد لا مطعن فيه لصحة وثقة ، نقلته تهذيب التهذيب ج7 ص295 ) ، وأحمد في مسنده ( قال أحمد شاكر محقق مسند أحمد بن حنبل : اسناده صحيح رقم 3026 ) ، وابن أبي عاصم في السنة وأحمد في الفضائل والطحاوي في شرح مشكل الآثار واللفظ للحاكم ، قال : ( ... قال ابن عباس : وكان المشركون يرمون رسول الله (ص) فجاء أبو بكر (ر) وعلي نائم ، قال : وأبو بكر يحسب أنه رسول الله (ص) ، قال : فقال يا نبي الله ، فقال له علي : إن نبي الله (ص) قد انطلق نحو بئر ميمون فأدركه ، قال : فانطلق أبو بكر فدخل معه الغار ، قال : وجعل علي (ر) يرمي بالحجارة كما كان رمي نبي الله (ص) وهو يتضور ، وقد لف رأسه في الثوب لا يخرجه حتى أصبح ثم كشف عن رأسه ، فقالوا : إنك للئيم وكان صاحبك لا يتضور ... ) ، راجع : ( المستدرك على الصحيحين ج3 ص143ح4652 ، الاستيعاب ج3 ص1092 ، مسند أحمد ج1 ص330 مسند ابن عباس ، المعجم الكبير للطبراني ج12 ص97 - 98 ، السنة لابن أبي عاصم ج2 ص602 - 603 ، فضائل الصحابة ج2 ص682 - 685 ، شرح مشكل الآثار ج10 ص102 رواها الطحاوي بثلاث طرق ، خصائص الكبرى للنسائي ص49 ، السنن الكبرى للنسائي ج5 ص112 - 114 ) ، قال الحاكم : هذا حديث صحيح الاسناد ، ولم يخرجاه بهذه السياقة ، قال الذهبي في التلخيص : صحيح ، راجع : ( المستدرك على الصحيحين ج3 ص143 ح4652 ) ، لاحظ في هذه الرواية أبو بكر لا يعلم بخروج النبي (ص) إلى الغار ، ولا يعلم بالخروج إلا الامام علي (ع).

 

بالنسبة لمبيته بالفراش :

 

أولا : الوصية والإمامة تكون لخدمة الإسلام والامام علي (ع) اختبره الله عز وجل لهذا الأمر العظيم فنجح بالاختبار ، ولا أحد يستحق هذا الأمر العظيم إلا الامام عليه (ع).

 

ثانيا : هذا الموقف حصل لسيدنا إسماعيل (ع) عندما راى أمر الله عز وجل أن يذبحه ، وكان وصي إبراهيم وستستمر النبوة فيه ، فلا يصح أن نقول : كيف هو الوصي وأراد ابراهيم أن يذبحه ، وهذا أمر الله يجريه كما يريد ، وبعد أن نجح إبراهيم (ع) في هذا الاختبار كان إبراهيم (ع) نبيا فشرف نبوته بالإمامة ورفع مقامها كما يقول الله عز وجل : { وَإِذِ ابْتَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ ۖ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا ۖ قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي ۖ قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ ( البقرة : 124 ) } أي جعله اماما وجعل الإمامة في ذريته إلى يوم القيامة ، فهذا حال أمير المؤمنين (ع) فهو المستحق بأن يفدي بنفسه من أجل الله والرسالة ، ولذلك لم يناط لأحد غيره فهو الأحق بالإمامة.

 

ثالثا : يقول الكاتب : " فهل يعرض للهلاك " كان يفترض من الكاتب أن يكون مؤدبا مع أمير المؤمنين (ع) فلا يقال هلاك إنما يقال الشهادة لأنها هذه الدرجة العالية لم يستحقها إلا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) ، ولذلك هذه الفضيلة العظيمة لم تكن من مقامات أبو بكر ولم يكن يستحقها ، وإنها احدى العضميين أما النصر أو الشهادة ، فكانت من نصيب أمير المؤمنين (ع) فلو مات أمير المؤمنين (ع) يكون شهيدا أفضل من وجود أبو بكر على الحياة ، ولذلك استحق الامام علي (ع) الشهادة لأنه أهلا لها ، فأعطاه الله اياها ولم تتأثر الإمامة فانتقلت : من الامام علي (ع) إلى الامام الحسن (ع) ثم من بعده الحسين (ع) ، فلم تنقطع الإمامة بموت أمير المؤمنين (ع) ، حتى هارون كان وصي موسى (ع) وخليفته ومات قبل موسى (ع) ولم يقل أحد أن خلافة هارون انتفت.