العودة لصفحة البداية

العودة لفهرس المواضيع

 ( علاقة الشيخين بأهل البيت (ع) )

 

الشبهة

 

- عندما تولى علي (ر) لم نجده خالف الخلفاء الراشدين قبله ، فلم يخرج للناس قرآنا غير الذي عندهم ، ولم ينكر على أحد منهم شيئا ، بل تواتر قوله على المنبر : ( خير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر وعمر ) ولم يشرع المتعة ، ولم يرد فدك ، ولم يوجب المتعة في الحج على الناس ، ولا عمم قول ( حي على خير العمل ) في الأذان ، ولا حذف ( الصلاة خير من النوم ).

فلو كان أبو بكر وعمر (ر) كافرين ، قد غصبا الخلافة منه ـ كما تزعمون ـ فلماذا لم يبين ذلك ، والسلطة كانت بيده، بل نجده عكس ذلك ، امتدحهما وأثنى عليهما ، فليسعكم ما وسعه ، أو يلزمكم أن تقولوا بأنه خأن الأمة ولم يبين لهم الأمر ، وحاشاه من ذلك.

 


 

الرد على الشبهة

 

أولا : لم يقل أحد أن الامام علي (ع) عنده قرآن غير القرآن الذي بين الدفتين ، إنما قلنا : أن لا أحد يعرف تاويل القرآن إلا أهل البيت (ع) ، وعندنا الأدلة الكثيرة على ذلك ويمكن طرح بعضها ، وأين تواترت على لسان نبيها أن خير هذه الأمة أبو بكر وعمر ، ولا يوجد حتى خبر آحاد في كتبكم ، وفي كتبنا لا توجد أي رواية البتة ، ولكن لا بأس سأذكر بعض الأدلة من كتبكم على أفضلية الامام علي (ع) على الشيخين ، وحتى أفضلية الحسن والحسين (ع) على الشيخين ، بل أفضلية كل العترة على الشيخين ، فهناك أدلة لا تحصى في أفضلية الامام علي (ع) نذكر النذر اليسير  ، فالسيدة عائشة تعترف أن الامام علي (ع) أفضل من أبو بكر :

 

- فقد أخرج الهيثمي في ( مجمع الزوائد ومنبع الفوائد - الجزء : ( 9 ) - رقم الصفحة : ( 325 ) - رقم الحديث : ( 15194 ) ، قال الهيثمي : رواه أحمد ، ورجاله رجال الصحيح ، وأحمد في مسنده ، قال : ( حدثنا : عبد الله ، حدثني : أبي ، ثنا : أبو نعيم ، ثنا : يونس ، ثنا : العيزار بن حريث ، قال : قال النعمان بن بشير ، قال : استأذن أبو بكر على رسول الله (ص) فسمع صوت عائشة عاليا ، وهى تقول : والله لقد عرفت أن عليا أحب إليك من أبي ومنى مرتين أو ثلاثا فاستأذن أبو بكر فدخل فأهوى اليها ، فقال : يا بنت فلانة إلا أسمعك ترفعين صوتك على رسول الله (ص) ، ( تعليق شعيب الأرنؤوط : اسناده حسن من أجل يونس بن اسحاق ، وباقي رجاله ثقات رجال الصحيح ، راجع : ( مسند أحمد ج4ص373 ح18444 ).

 

هذا تصريح من السيدة عائشة على أفضلية الامام علي (ع) على الشيخين ، بل حتى الحسنين (ع) أفضل من الشيخين ، بل حتى الامام المهدي (ع) أفضل من الشيخين ، بل الأئمة الاثنى عشر (ع) أفضل من الشيخين ، وعندنا الأدلة الكثيرة والمتواترة ، ولكن هل عنده حديث واحد فقط عن رسول الله (ص) على أفضلية أبو بكر .

 

- فقد أخرج أكثر من أربعين من الحفاظ بأكثر من ثلاثين صحابي روى هذا الحديث ، وطرقه متواترة منهم مسلم في صحيحه والبخاري في صحيحه ( الجزء : ( 4 ) - رقم الصفحة : ( 1602 ) - رقم الحديث : ( 4154 ) ، قال : ( حدثنا : مسدد ، حدثنا : يحيى ، عن شعبة ، عن الحكم ، عن مصعب بن سعد ، عن أبيه : أن رسول الله (ص) خرج إلى تبوك واستخلف عليا ، فقال : أتخلفني في الصبيان والنساء ، قال : ألا ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى ، الا أنه ليس نبي بعدي ، وقال أبو داود : حدثنا : شعبة ، عن الحكم سمعت مصعبا ) ، من هو أفضل الأمة بعد موسى اليس هارون ، وهذا علي بن أبي طالب (ع) منزلته من رسول الله كمنزلة هارون من موسى.

 

- وقد أخرج عدة من الحفاظ بطرق متعددة ، واذكر طريق واحد فقط للاختصار بأن الرسول دعى أن يأتي إليه بأحب الخلق إليه فأتي علي بن أبي طالب (ع) ، اللفظ لابن عساكر بسند صحيح في ، ( تاريخ ابن عساكر - الجزء : ( 42 ) - رقم الصفحة : ( 254 ) - طبعة دار الفكر ) قال : ( أخبرنا : أبو غالب بن البناء ، أنبأنا : أبو الحسين بن الآبنوسي - الثقة - ، أنبأنا : أبو الحسن الدارقطني ، أنبأنا : محمد بن مخلد بن حفص الامام المفيد الثقة مسند بغداد - ، أنبأنا : حاتم بن الليث  - الثقة الثبت الحافظ - أنبأنا : عبيد الله بن موسى الثقة الثبت الحافظ ، عن عيسى بن عمر المقرئ  - الثقة ، عن السدي - ثقة واحتج به مسلم - قال : أنبأنا : أنس بن مالك ، قال : أهدي إلى رسول الله (ص) أطيارا ، فقسمها وترك طيرا ، فقال : اللهم ائتني بأحب خلقك إليك يأكل معي هذا الطير ، فجاء علي بن أبي طالب ، فدخل يأكل معه من ذلك الطير ).

 

رواة السند :

 

1 - أبو غالب البناء ، الثقة الحافظ صاحب مسند العراق ، وأشهر من أن نذكر ترجمته.

 

2 - أبو الحسين.

 

3 - أبو الحسن الدارقطني ، الحجة الحافظ صاحب التصانيف أشهر من أن نذكر ترجمته.

 

4 - محمد بن مخلد بن حفص ، الامام المفيد الثقة صاحب مسند بغداد أشهر من أن يترجم له.

 

5 - روى عنه الستة عبيد الله بن موسى بن أبي المختار واسمه باذام العبسي مولاهم الكوفي أبو محمد الحافظ  ، راجع : ( تهذيب التهذيب ج7 ص46 رقم 97 ).

 

6 - حاتم بن يونس ، الحافظ الجرجاني يعرف بابن أبي الليث الجوهري روى عن الحسين بن عيسى وإسماعيل بن سعيد الكسائي ويحيى بن عبد الحميد الحماني وغيرهم ، كان قد سافر وكتب الكثير ، راجع : ( تاريخ جرجان ج1 ص203 رقم297 ).

 

7 - عيسى بن عمر المقريء ، قال أحمد بن حنبل : عيسى بن عمر القارئ ليس به بأس ، وقال إسحاق بن منصور ، عن يحيى بن معين عيسى بن عمر القارئ : ثقة ، وكذلك ، قال النسائي ، وقال عباس الدوري ، عن يحيى بن معين عيسى بن عمر الكوفي : هو همداني وعيسى بن عمر النحوي بصري وصاحب الحروف الكوفي ، وقال أبو حاتم : ليس بحديثة بأس ، وقال أيضا : حدثنا : مقاتل بن محمد ، قال : حدثنا : وكيع عن عيسى بن عمر الهمداني وكان ثقة ، وقال أبو بكر الخطيب : كان ثقة ، وذكره بن حبان في كتاب الثقات ، راجع : ( تهذيب الكمال في أسماء الرجال ج23 ص12 رقم 4645 ).

 

8 - السدي.

 

- فقد أخرج عدة من الحفاظ ، منهم الحاكم في المستدرك : ( قال الحاكم : على شرط الشيخين ، وقال الذهبي على شرط مسلم والبخاري المستدرك ج2ص181 ح2705 ).

 

- والطويسي في المستخرج النسائي ، قال : أخبرنا : الحسين بن حريث ، قال : حدثنا : الفضل بن موسى ، عن الحسين بن واقد ، عن عبد الله بن بريدة عن أبيه ، قال : خطب أبو بكر وعمر (ر) فاطمة ، فقال رسول الله (ص) : إنها صغيرة فخطبها علي فزوجها منه ، قال الشيخ الألباني : صحيح الاسناد ، راجع : ( سنن النسائي ج6 ص63 ح3321 ) ، فالرسول (ص) ، يقول : ( من آتاكم للزواج من أصحاب الخلق والدين فزوجوه ) لو كان أبو بكر أو عمر أفضل من الامام علي (ع) لزوجه فاطمة.

 

- وقد أخرج أحمد في مسنده بسند صحيح ، قال : حدثنا : عبد الله ، حدثني : أبي ، ثنا : يحيى بن أبي بكير ، قال : ثنا : إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن عبد الله الجدلي ، قال : دخلت على أم سلمة ، فقالت لي : أيسب رسول الله (ص) فيكم ، قلت : معاذ الله أو سبحان الله أو كلمة نحوها ، قالت : سمعت رسول الله (ص) ، يقول : من سب عليا فقد سبني ) ، تعليق شعيب الأرنؤوط : اسناده صحيح ، راجع : ( مسند أحمد ج6ص323 ح26791 ) ، فقد قرن رسول الله (ص) سب علي (ع) بنفسه ولم يقرن هذا بأحد غيره .

 

- وعندما سب رجلا أبا بكر لم نرى رسول الله (ص) نهاه ، فقد أخرج عدة من الحفاظ منهم أحمد في مسنده ، قال : ( حدثنا : عبد الله ، حدثني : أبي ، ثنا : يحيى ، عن بن عجلان ، قال : ثنا : سعيد بن أبي سعيد ، عن أبي هريرة : أن رجلا شتم أبا بكر والنبي (ص) جالس فجعل النبي (ص) يعجب ويتبسم ، فلما أكثر رد عليه بعض قوله فغضب النبي (ص) وقام فلحقه أبو بكر ، فقال : يا رسول الله كان يشتمني وأنت جالس فلما رددت عليه بعض قوله غضبت وقمت ، قال : إنه كان معك ملك يرد عنك فلما رددت عليه بعض قوله وقع الشيطان فلم أكن لأقعد مع الشيطان ، ثم قال : يا أبا بكر ثلاث كلهن حق ما من عبد ظلم بمظلمة فيغضي عنها لله عز وجل إلا أعز الله بها نصره ، وما فتح رجل باب عطية يريد بها صلة إلا زاده الله بها كثرة ، وما فتح رجل باب مسألة يريد بها كثرة إلا زاده الله عز وجل بها قلة ) ، تعليق شعيب الأرنؤوط : حسن لغيره ، راجع : ( مسند أحمد ج2ص436 ح9622 ) ، قد صححه الألباني في السلسلة الصحيحة وابن كثير في تفسيره ، راجع : ( تفسير ابن كثير ج4 ص151 . السلسلة الصحيحة للالباني ج5 ص271 ح2231 ).

 

وهناك أدلة كثيرة كجعل الله عز وجل في الحديث المروي في صحيح مسلم أن : { وَأَنفُسَنَا ( آل عمران : 61 ) } في آية المباهلة هو الامام علي (ع) ، فقرن الرسول (ص) نفسه وجعلها نفس علي ، وعزل أبو بكر عن تبليغ سورة براءة وأعطائها لعلي (ع) ، ونزلت فيه آية التطهير ، وقال : ساعطين الراية لرجل يحبه الله ورسوله ويحب الله ورسوله وجعله عدل القرآن كما في حديث الثقلين والتمسك به هداية من الظلال ، وهناك فضائل لعلي (ع) لو أردنا أن نذكرها لاحتجنا إلى بحر من المجلدات ولا بأس نذكر ما قاله علماء السنة بهذا الخصوص :

 

- يقول الامام أحمد بن حنبل : ( لم يرو في فضائل أحد من الصحابة بالأسانيد الحسان ما روي في فضائل علي بن أبي طالب (ع) ، والى هذا ذهب النسائي وإسماعيل القاضي وأبو علي النيسابوي ، راجع : ( الاستيعاب في معرفة الأصحاب ج3 ص1115 رقم 1855 ، فتح الباري ج7 ص89 ذيل حديث 3707 ).

 

- وقال ابن حجر العسقلاني في الاصابة في ترجمة أمير المؤمنين (ع) : ( وتتبع النسائي ما خص به من دون الصحابة ، فجمع من ذلك شيئا كثيرا بأسانيد أكثرها جياد ) ، راجع : ( الإصابة في تمييز الصحابة ج4 ص269 رقم5682 ).

 

ثانيا : يقول تواترت أنه قال على المنبر : خير هذه الأمة أبو بكر وعمر ، من أين أتى بهذا التواتر بل أن الامام علي في كثير من أقواله كان يستنكف مقارنته بالشيخين ، بل أن الامام مسلم يخرج في صحيحه أن الامام علي (ع) كان يراهما غادرين آثمين خائنين ، وهذه تنقلها أصح الكتب عند السنة ، والتي تمثل عقيدة اخواننا أهل السنة.

 

- فقد أخرج عدة من الحفاظ البيهقي في سننه وأبو عوانة في مسنده والعسقلاني في فتح الباري في شرح حديث البخاري والامام مسلم في صحيحه ، قال : ( ... فجئتما تطلب ميراثك من بن أخيك ويطلب هذا ميراث امرأته من أبيها ، فقال أبو بكر : قال رسول الله (ص) ما نورث ما تركنا صدقة فرأيتماه كاذبا آثما غادرا خائنا والله يعلم إنه لصادق بار راشد تابع للحق ، ثم توفي أبو بكر وأنا ولي رسول الله (ص) وولي أبي بكر فرأيتماني كاذبا آثما غادرا خائنا ، والله يعلم إني لصادق بار راشد تابع للحق ... ) ، راجع : ( صحيح مسلم ج3 ص1378 ح1757 ، سنن البيهقي ج6 ص298 ، مسند أبو عوانة ج4 ص246 ، فتح الباري ج6 ص206 ).

 

ثالثا : يقول : أن الامام علي (ع) لم يشرع المتعة ، أقول متى كان الامام علي (ع) يشرع الأحكام ، فالمشرع هو رسول الله (ص) ، ولكن الكلام في حرمة أو جواز المتعة ولا بأس نتطرق لزواج المتعة حتى تتبين المسألة للقارئ ، ولكن للأسف الكاتب يريد أن يلبس على الناس بأن الامام على مشرع.

 

 القول في أصل ثبوت المتعة :

 

- ما أخرجه عدة من الحفاظ منهم عبد بن حميد والطبري وابن الأنباري وأبو بكر بن أبي داود والحاكم بالاسناد عن أبي نضرة ، يقول : قرأت على ابن عباس (ر) { فَمَا اسْتَمْتَعْتُم بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً ( النساء : 24 ) } قال ابن عباس : ( فما استمتعم به منهن إلى أجل مسمى ) ، قال أبو نضرة : فقلت مانقرأها كذلك ، فقال ابن عباس : والله لأنزلها الله كذلك ، راجع : ( المصاحف لابن أبي داود ص91، تفسير الطبري ج5 ص12، الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي ج2 ص250 ) ، قال الحاكم : هذا حديث صحيح على شرط مسلم ، ولم يخرجاه ، وقال الذهبي : على شرط مسلم ، راجع : ( المستدرك على الصحيحين ج2 ص334 ح3192 ).

 

- وقد روى الخبر ، عن ابن عباس عدة من التابعين ، منهم أبونضرة وعطاء وأبو ثابت بن دينار وعمير بن يريم وأبوهلال وأبو نوفل بن أبي عقرب وأبو إسحاق ، راجع ( تفسير الطبري ج5 ص12،13، المصاحف لابن أبي داود ص91 ).

 

- وروي ذلك عن أبي بن كعب ، قال أبو بكر بن أبي داود : حدثنا : نصر بن علي ، قال : أخبرني : أبو أحمد ، عن عيسى بن عمر ، عن عمرو بن مرة ، عن سعيد ابن جبير ( فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى ) وقال : هذه قراءة أبي بن كعب ، راجع : ( المصاحف 63 ).

 

- وقال الطبري : حدثنا : أبو كريب ، قال : حدثنا : يحيى بن عيسى ، قال : حدثنا : نصير بن أبي الأشعث ، قال : حدثني : حبيب بن أبي ثابت ، عن أبيه ، قال : أعطاني ابن عباس مصحفا ، فقال : هذا على قراءة أبي ، قال أبو بكر : قال يحي : فرأيت المصحف عند نصير فيه : ( فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى ) ، راجع : ( تفسير الطبري ج5 ص12 ).

 

- وقال الطبري في ( تفسير الطبري - الجزء : (5) - لاقم الصفحة : ( 13 ) ،  أيضا : حدثنا : ابن بشار ، قال : حدثنا : عبد الأعلى ، قال : حدثنا : سعيد ، عن قتادة ، قال : في قراءة أبي بن كعب ( فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى ).

 

- وأخرج الحافظ عبد الرزاق الصنعاني ، عن ابن جريج ، قال : أخبرني : عطاء أنه سمع ابن عباس يراها الآن حلالا ، وأخبرني أنه كان يقرأ ( فما استمتعتم به منهن إلى أجل فآتوهن أجورهن ) وقال : قال ابن عباس : في حرف إلى أجل ، قال عطاء : وأخبرني من شئت عن أبي سعيد الخدري ، قال : لقد كان أحدنا يستمتع بملء القدح سويقا ، وقال صفوان : هذا ابن عباس يفتي بالزنا ، فقال ابن عباس : إني لا أفتي بالزنا ، أفنسي صفوان أم أراكة ، فوالله أن ابنها لمن ذلك أفزنا هو ، قال : واستمتع بها رجل من بني جمح ) ، راجع : ( المصنف للصنعاني ج7 ص498 ح14022 ) ، وهذا الاسناد صحيح على شرط البخاري ومسلم وغيرهما ، وقد صرح ابن جريج بالسماع ، ولذا فكونه مدلسا لايضر فيما نحن فيه ، وصرح عطاء بسماعه عن ابن عباس.

 

- وقال الطبري في ( تفسير الطبري - الجزء : (5 ) - رقم الصفحة : ( 13 ) : حدثنا : محمد بن المثنى ، قال : حدثنا : محمد بن جعفر ، قال : حدثنا : شعبة ، عن الحكم ، قال : سألته عن هذه الآية : { وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ( النساء : 24 ) }  إلى هذا الموضع : { فَمَا اسْتَمْتَعْتُم بِهِ ( النساء : 24 ) } أمنسوخة هي ، قال : لا ، قال الحكم : وقال علي (ر) لولا أن عمر (ر) نهى عن المتعة ما زنى إلا شقي.

 

- وأخرجه ابن الجوزي في ( ناسخ القرآن ومنسوخه - رقم الصفحة : ( 328 ) ، حيث قال : أخبرنا : ابن ناصر ، قال : أنبأنا ابن أيوب ، قال : أنبأنا : أبو علي بن شاذان ، قال : حدثنا : أبو بكر النجاد ، قال : أنبأنا : أبو داود السجستاني ، قال : أنبأنا : محمد بن المثنى ، قال : أنبأنا : محمد بن جعفر ، قال : حدثنا : شعبة ، عن الحكم ، قال : سألته عن هذه الآية { فَمَا اسْتَمْتَعْتُم بِهِ ( النساء : 24 ) } أمنسوخة هي ، قال : لا ، قال الحكم : وقال علي (ر) : لولا أن عمر نهى عن المتعة فذكر شيئا.

 

سند الخبر المتقدم ، رجال الاسناد هم :

 

1 - محمد بن المثنى بن عبيد العنزي ، أبو موسى ، البصري ، المعروف بالزمن ، قال بشأنه ابن حجر العسقلاني : ثقة ، ثبت ، راجع : ( تقريب التهذيب ص505 ) ، وقال أبو بكر الخطيب : كان ثقة ، ثبتا ، احتج سائر الأئمة بحديثه ، راجع : ( تهذيب التهذيب ج9 ص378 رقم 698 ).

 

2 - محمد بن جعفر الهذلي ، البصري ، المعروف بـ ( غندر ) ، قال بشأنه ابن حجر العسقلاني : ثقة ، صحيح الكتاب ، إلا أن فيه غفلة ، راجع : ( تقريب التهذيب ص472 رقم 5787 ) ، وقال العجلي : ثقة ، وكان من أثبت الناس في شعبة ، راجع : ( تهذيب التهذيب ج9 ص86 رقم129 ).

 

3 - شعبة بن الحجاج ، وهو من كبار أئمة السنة ، تقدم الكلام عنه ، وأن سفيان الثوري كان يقول بشأنه أنه أمير المؤمنين في الحديث.

 

4 - الحكم بن عتيبة ، الكندي ، أبو محمد الكوفي ، وهو من كبار أئمة السنة وفقهائهم ، قال بشأنه ابن حجر العسقلاني : ثقة ، فقيه ، الا أنه ربما دلس ، راجع : ( تقريب التهذيب ص175 رقم 1453 ) ، وقال مجاهد بن رومي : رأيت الحكم في مسجد الخيف وعلماء الناس عيال عليه ، وقال ابن سعد : كان ثقة ثقة ، فقيها ، عالما ، رفيعا ، كثير الحديث ، وقال سفيان بن عيينة : ما كان بالكوفة بعد إبراهيم والشعبي مثل الحكم وحماد ،  وقال العجلي : كان الحكم ثقة ، ثبتا ، فقيها ، من كبار أصحاب إبراهيم ، وكان صاحب سنة واتباع راجع : ( سير أعلام النبلاء ج5 ص209 رقم83 ).

 

أقول : والحكم بن عتيبة ، مضافا لفقاهته ومكانته عند السنة ، ممن لقي بعض الصحابة ، وعددا كبير من كبار التابعين ، وهذا الخبر صحيح على شرط البخاري ومسلم وبقية أصحاب السنن.

 

وهذا واضح من اعتراض الامام علي (ع) على عمر حيث أنه حرم زواج المتعة وهذا التحريم لولاه لما زنى إلا شقي ، في أقوال بعض فقهاء الصحابة والتابعين ومن بعدهم باباحة زواج المتعة إلى يوم القيامة :

 

- قال ابن حزم الأندلسي في المحلى بشأن زواج المتعة : ( وثبت على تحليلها بعد رسول الله (ص) جماعة من السلف (ر) ، منهم من الصحابة (ر) أسماء بنت أبي بكر ، وجابر ابن عبد الله ، وابن مسعود ، وابن عباس ، ومعاوية بن أبي سفيان ، وعمرو بن حريث ، وأبو سعيد الخدري ، وسلمة ، ومعبد ابنا أمية بن خلف ) ، ورواه جابر ابن عبد الله عن جميع الصحابة مدة رسول الله (ص) ومدة أبي بكر وعمر إلى قرب آخر خلافة عمر ، واختلف في اباحتها عن ابن الزبير ، وعن علي (ع) فيها توقف ، وعن عمر بن الخطاب أنه إنما أنكرها إذا لم يشهد عليها عدلان وأباحها بشهادة عدلين ، ومن التابعين : طاووس ، وعطاء ، وسعيد ابن جبير وسائر فقهاء مكة أعزها الله.

 

وقد تقصينا الآثار المذكورة في كتابنا المسوم بالايصال ، وصح تحريمها ، عن ابن عمر ، وعن أبي عمرة الأنصاري واختلف فيها عن علي (ع) وعمر وابن عباس وابن الزبير ، راجع : ( المحلى بالآثار ج9 ص129 مسألة 1858 ).

 

هذا حاصل ماتوصل إليه ابن حزم من خلال تقصيه لمجموعة من الآثار ، ولا بأس بنقل بعض الآثار مع أسانيدها وهي كثيرة جدا ، ومنها :

 

- ما أخرجه الحافظ عبد الرزاق الصنعاني في المصنف ، عن ابن جريج ، قال : أخبرني : عبد الله بن عثمان بن خثيم ، قال : كانت بمكة امرأة عراقية تنسك جميلة لها ابن يقال له أبو أمية ، وكان سعيد ابن جبير يكثر الدخول عليها ، قلت : يا أبا عبد الله ، ما أكثر ماتدخل على هذه المرأة ، قال : إنا قد نكحناها ذلك النكاح للمتعة ، قال : وأخبرني أن سعيدا ، قال له : هي أحل من شرب للماء للمتعة ، راجع : ( المصنف للصنعاني ج7 ص496 ح14020، وراجع التمهيد في شرح الموطأ ج10 ص115 ) ، وهذا اسناد صحيح على شرط مسلم ، وتقدم بإسناد صحيح عن ابن جريج ، قال : أخبرني عطاء أنه سمع ابن عباس يراها الآن حلالا.

 

- وقال أبوجعفر الطحاوي : حدثنا : صالح بن عبد الرحمن ، قال : حدثنا : سعيد بن منصور ، قال : حدثنا : هشام ، قال : أخبرنا : أبو بشر ، عن سعيد ابن جبير ، قال : سمعت عبد الله ابن الزبير يخطب ، وهو يعرض بابن عباس ، يعيب عليه قوله في المتعة ، فقال ابن عباس : يسأل أمه إن كان صادقا ، فسألها ، فقالت : صدق ابن عباس ، قد كان ذلك ، فقال ابن عباس (ر) : لو شئت لسميت رجالا من قريش كانوا وولدوا فيها ، راجع : ( شرح معاني الآثار ج3 ص24 ).

 

- وأخرج عبد الرزاق الصنعاني في المصنف ، عن ابن جريج ، قال : أخبرني : عمرو بن دينار ، عن طاووس ، عن ابن عباس ، قال : ( لم يرع أمير المؤمنين إلا أم أراكة قد خرجت حبلى فسألها عن حملها ، فقالت : استمتع بي سلمة بن أمية بن خلف ، فلما أنكر صفوان على ابن عباس بعض ما يقول في ذلك ، قال : فسل عمك هل استمتع ) ، راجع : ( المصنف للصنعاني ج7 ص498 ح14024 ).

 

- وأخرج عبد الرزاق أيضا : عن ابن جريج ، عن عطاء ، قال : ( لأول من سمعت منه المتعة صفوان بن يعلى ، قال : أخبرني عن يعلى إن معاوية استمتع بامرأة من الطائف ، فأنكرت ذلك عليه ، فدخلنا على ابن عباس ، فذكر له بعضنا ، فقال له : نعم ، فلم يقر في نفسي حتى قدم جابر ابن عبد الله ، فجئنا في منزله ، فسأله القوم عن أشياء ، ثم ذكروا له المتعة ، فقال : نعم استمتعنا على عهد رسول الله (ص) وأبي بكر وعمر ، حتى إذا كان آخر خلافة عمر استمتع عمرو بن حريث بامرأة سماها جابر فنسيتها ، فحملت المرأة ، فبلغ ذلك عمر ، فدعاها فسألها ، فقالت : نعم ، قال : من اشهد ، قال عطاء : لا أدري ، قالت : أمي أ‎م وليها ، قال : فهلا غيرهما قال : خشي أن يكون دغلا الآخر ، قال عطاء : وسمعت ابن عباس ، يقول : رحم الله عمر ، ما كانت المتعة إلا رخصة من الله عزوجل رحم الله بها أمة محمد (ص) فلولا نهيه عنها ما احتاج إلى الزنا إلا شقي ، قال : كأني والله أسمع قوله إلا شقي [عطاء القائل] قال عطاء : فهي التي في سورة النساء ( فما استمتعتم به منهن  إلى كذا وكذا من الأجل ، ليس بتشاور ، قال : بدا لهما أن يتراضيا بعد الأجل فنعم ، وليس بنكاح ) ، راجع : ( المصنف للصنعاني ج7 ص497 ح14021 ) ، وهذا الخبر أخرجه ابن شاهين بالاسناد ، عن عبد الرزاق بتفاوت يسير في ( ناسخ الحديث ومنسوخه ص364 ح452 ).

 

- وأخرجه الطحاوي من غير طريق عبد الرزاق حيث قال : حدثنا : ربيع الجيزي ، قال ، حدثنا : سعيد بن كثير بن عضير ، قال : ، حدثنا : يحيى بن أيوب ، عن ابن جريج ، عن عطاء ، عن ابن عباس ، قال : ما كانت المتعة إلا رحمة رحم الله بها هذه الأمة ، ولولا نهي عمر بن الخطاب ، عنها مازنى إلا شقي ، قال عطاء : كأني أسمعها من ابن عباس : مازنى إلا شقي ، راجع : ( شرح معاني الآثار ج3 ص26 ).

 

- وأخرج عبد الرزاق أيضا : عن ابن جريج ، قال : أخبرني : ابن الزبير ، قال عبد الرزاق : قال أبو الزبير وسمعت طاووسا ، يقول : قال ابن صفوان : يفتي ابن عباس بالزنا ، قال : فعدد ابن عباس رجالا كانوا من أهل المتعة ، قال : فلا اذكر ممن عدد غير معبد بن أمية ، راجع : ( المصنف للصنعاني ج7 ص499 ح14027 ) ، وهذا الحديث صحيح على شرط البخاري ومسلم ، وقد صرح فيه ابن جريج بالسماع ، ولايخفى أن الاستشهاد عادة لايكون إلا بمن يعتد بهم لا بأراذل الناس.

 

- وأخرج عبد الرزاق أيضا : عن ابن جريج ، قال : أخبرني : أبو الزبير ، قال عبد الرزاق ، وقال أبو الزبير : وسمعت جابر ابن عبد الله ، يقول : استمتع معاوية ابن أبي سفيان مقدمه من الطائف على ثقيف بمولاة ابن الحضرمي يقال لها معانة ، قال جابر : ثم أدركت معانة خلافة معاوية حية ، فكان معاوية يرسل اليها بجائزة في كل عام حتى ماتت ، راجع : ( المصنف للصنعاني ج7 499 ح14026 ) ، وهذا الحديث كسابقه صحيح على شرط البخاري ومسلم وغيرهما.

 

- وقال الحافظ عمر بن شبة النميري في تاريخ المدينة المنورة : حدثنا : موسى بن اسماعيل ، قال : حدثنا : أبو هلال ، عن قتادة ، عن سعيد بن المسيب ، قال : رحم الله عمر (ر) ، لولا أن نهى عن المتعة لفشا الزنا ، قال : وقال ابن عباس (ر) : رحم الله عمر (ر) لولا نهى عن المتعة ما زنى أحد ، راجع : ( تاريخ المدينة المنورة ج2 ص720 ).

 

- قال الفاكهي في أخبار مكة : حدثني : أبو عبيدة محمد بن محمد المخزومي ، قال : حدثنا : زكريا بن المبارك مولى ابن المشمعل ، قال : حدثني داود بن شبل ، قال : كنت عند ابن جريج جالسا وهو قائم يصلي ، وأنا بين يديه ، فإذا امرأة قد مرت ، فقال : أدركها فسلها من هي ، أولها زوج ، قال : فأدركتها فكلمتها ، فقالت لي من بعثك ، الشيخ المفتول ( هكذا ورد في النسخة المطبوعة ولعله تصحيف والصحيح ( المفتون ) ، تقول لك أنا فارغة ، راجع : ( أخبار مكة للفاكهي ج3 ص14 ح1717 ).

 

- وقال الفاكهي في أخبار مكة أيضا : حدثنا : يعقوب بن حميد ، قال : حدثنا : عبد الله بن الحارث المخزومي ، قال : حدثني : غير واحد أن محمد بن هشام سأل عطاء ابن أبي رباح عن متعة النساء ، فحدثه فيها ولم ير بها بأسا ، قال : فقدم القاسم بن محمد ، قال : فأرسل إليه محمد بن هشام ، فقال : لاينبغي ، هي حرام ، قال ابن هشام : عطاء حدثني فيها وزعم أنه لا بأس بها ، فقال القاسم : سبحان الله ما أرى عطاءا يقول : هذا ، فأرسل إليه ابن هشام ، فلما جاءه ، قال : يا أبا محمد حدث القاسم الذي حدثتني في المتعة ، فقال : ما حدثتك فيها شيئا ، قال ابن هشام : بلى قد حدثتني ، فقال : ما فعلت ، فلما خرج القاسم ، قال له عطاء : صدقت ، أخبرتك ، ولكن كرهت أن أقولها بين يدي القاسم فيلعنني ، ويلعنيي أهل المدينة ، ( أخبار مكة ج3 ص15 ح1718 ).

 

- وقال الإمام الشافعي : استمتع ابن جريج بتسعين امرأة ، حتى إنه كان يحتقن في الليل بأوقية شيرج طلبا للجماع ، راجع : ( سير أعلام النبلاء ج6 ص 333 رقم138، تذكرة الحفاظ ج1 ص171 رقم164، تهذيب التهذيب ج6 ص499، رقم 758./ وقال جرير بن عبد الحميد: كان ابن جريج يرى المتعة، تزوج ستين امرأة، فلم أسمع منه / العقد الثمين في تاريخ البلد الأمين ج5 ص509 رقم1880، تاريخ الإسلام للذهبي، الجزء الذي فيه وفيات 141[الى] 160هـ ص211 ) ، ونلاحظ أن امام من الأئمة عندهم كان يمارس زواج المتعة ويكثر من هذا الزواج ، وقد تقدم القول بعدم نسخ زواج المتعة عن الحكم بن عتيبة بالسند الصحيح عنه وهو منا كبار فقهاء السنة ومن التابعين ، وتقدم مانقله ابن حزم في المحلى عن جميع فقهاء مكة أعزها الله من القول بجواز زواج المتعة.

 

ولابأس في ختام هذا المبحث بنقل ماورد من الشعر بشأن فتوى ابن عباس مما رواه عدة من الحفاظ ، منهم أبو بشر الدولابي حيث قال : أنبأنا : علي بن حسن ابن حرب ، حدثنا : زيد بن أخزم ، قال : حدثنا : أبو داود ، قال : أخبرنا : خويل ، قال : حدثنا : داود بن أبي هند ، عن سعيد ابن جبير ، قال : قلت لابن عباس : ما تقول في متعة النساء ، فقد أكثر الناس فيها حتى قال الشاعر ، قال : وما قال الشاعر ، قلت : قال الشاعر :

 

قد قلت للشيخ لما طـال محبسه * يا صاح هل لك في فتيا ابن عباس

هل لك في رخصة الأطراف آنسة *  تكون مثواك حتى يصدر الناس

 

قال : وقد قيل فيها الشعر ، قلت : نعم ، فكرهها ونهى عنها ، راجع : ( الكنى والأسماء للدولابي ج2 ص55، التصنيف الفقهي لأحاديث كتاب الكنى والأسماء ج1 ص383 ح684 ).

 

- وأخرج هذا الشعر عبد الرزاق والبيهقي والطبراني وابن المنذر وغيرهم ، راجع : ( المصنف للصنعاني ج3 ص503 ح14039، السنن الكبرى للبيهقي ج7 ص205، الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي ج2 ص252 ).

 

في بيان بعض الروايات ، عن النبي (ص) الواردة في تشريع زواج المتعة ، وقد وردت بشأن ذلك روايات كثيرة جدا ، ومنها :

 

- ما أخرجه الحافظ عبد الرزاق الصنعاني ، عن ابن جريج ، قال : أخبرني : أبو الزبير أنه سمع جابر ابن عبد الله ، يقول : قدم عمرو بن حريث من الكوفة فاستمتع بمولاة ، فأتي بها عمر وهي حبلى ، فسألها ، فقالت : استمتع بي عمرو بن حريث ، فسأله ، فأخبره بذلك أمرا ظاهرا ، قال : فهلا غيرها، فذلك حين نهى عنها ، قال ابن جريج : وأخبرني من أصدق أن عليا (ع) ، قال بالكوفة : لولا ماسبق من رأي عمر بن الخطاب - أو قال : من رأي ابن الخطاب - لأمرت بالمتعة ، ثم ما زنى إلا شقي ، راجع : ( المصنف للصنعاني ج7 ص500 ح14029 ) ، وهذا الحديث صحيح على شرط البخاري ومسلم ، ورجاله جميعهم من كبار الثقات عند السنة ، وقد تقدم كلام أمير المؤمنين (ع) المتضمن الاعتراض على منع عمر عن زواج المتعة فيما رواه الحكم بن عتيبة.

 

- وقال مسلم في صحيحه : حدثني محمد بن رافع ، حدثنا عبد الرزاق ، أخبرنا ابن جريج ، أخبرني أبو الزبير ، قال : سمعت جابر ابن عبد الله ، يقول : كنا نستمتع بالقبضة من التمر والدقيق الأيام على عهد رسول الله (ص) وأبي بكر ، حتى نهى عنه عمر في شأن عمرو بن حريث ، راجع : ( صحيح مسلم بتحقيق محمد فؤاد عبد الباقي ج2 ص1023 ح1405 ) ، وهذا الخبر أخرجه الحافظ عبد الرزاق في مصنفه بنفس الاسناد المتقدم ، راجع : ( المصنف للصنعاني ج7 ص500 ح14029 ).

 

- وأخرج عبد الرزاق أيضا : عن ابن جريج ، قال : أخبرني : أبو الزبير ، قال : سمعت جابر ابن عبد الله ، يقول : استمتعنا أصحاب النبي (ص) حتى نهي عمرو بن حريث ، قال : وقال جابر : إذا انقضى الأجل فبدا لهما أن يتعاودا فليمهرها مهرا آخر ، قال : وسأله بعضنا كم تعتد ، قال : حيضة واحدة كن يعتددن للمستمتع منهن ، راجع : ( المصنف للصنعاني ج7 ص499 ح14025 ) ، وهذا الخبر صحيح الاسناد على شرط البخاري ومسلم وغيرهما ، وأخرجه من طريق عبد الرزاق الحافظ أبو حفص بن شاهين في ناسخ الحديث ومنسوخه ، راجع : ( ناسخ الحديث ومنسوخه ل ابن شاهين ص367 ح457 ).

 

- وقد تقدم ما أخرجه عدة من الحفاظ بأسانيد متعددة صحيحة قول عمر بن الخطاب : ( متعتان كانتا على عهد رسول الله (ص) وأنا أحرمهما وأعاقب عليهما ) ، ( تقدم ذلك في الكلام في عمرة التمتع ).

 

- ومن الأسانيد التي وردت ولم نذكرها فيما تقدم ما أخرجه الحافظ ابن عبد البر الأندلسي في التمهيد حيث قال : وحدثنا : عبد الوارث ، قال : حدثنا : قاسم ، قال : حدثنا : أبو عبيدة ، قال : حدثنا : أبو خالد يزيد بن سنان البصري ، قال : حدثنا : مكي بن ابراهيم ، قال : حدثنا : مالك بن أنس ، عن نافع ، عن ابن عمر ، قال : قال عمر : ( متعتان كانتا على عهد رسول الله (ص) أنا أنهى عنهما وأعاقب عليهما ، متعة النساء ومتعة الحج ، راجع : ( التمهيد في شرح الموطأ ج10 ص112، 113 ).

 

- وقال النسائي في السنن الكبرى : أخبرنا : عمرو بن علي ، قال : حدثنا : أبو عاصم يعني النبيل ، قال : حدثنا : زكريا بن اسحاق ، قال : أنبأنا : عمرو بن دينار ، عن جابر ابن عبد الله ، قال : كنا نعمل بها ، يعني متعة النساء ، على عهد رسول الله (ص) وفي زمان أبي بكر وصدرا من خلافة عمر حتى نهانا عنها ، راجع : ( السنن الكبرى للنسائي ج3 ص326 ح5538 ) ، وهذا الحديث صحيح الاسناد على شرط البخاري ومسلم وغيرهما.

 

- وقال مسلم في صحيحه : وحدثنا : الحسن الحلواني ، حدثنا : عبد الرزاق ، أخبرنا : ابن جريج ، قال : قال عطاء : قدم جابر ابن عبد الله معتمرا فجئناه في منزله ، فسأله القوم عن أشياء ، ثم ذكروا المتعة ، فقال : نعم استمتعنا على عهد رسول الله (ص) وأبي بكر وعمر ، راجع : ( صحيح مسلم بتحقيق محمد فؤاد عبد الباقي ج2 ص1023 ح1405 ).

 

- وقال أبو جعفر الطحاوي : حدثنا : ثالح بن عبد الرحمن ، قال : حدثنا : سعيد ، قال : هشام ، أخبرنا : عبد الملك ، عن عطاء ، عن جابر : أنهم كانوا يتمتعون من النساء حتى نهاهم عمر ، راجع : ( شرح معاني الآثار ج3 ص26 ).

 

- وقال أحمد بن حنبل في المسند : حدثنا : أبو الوليد ، حدثنا : عبيد الله بن اياد بن لقيط ، حدثنا : اياد ، عن عبد الرحمن بن نعم ، أو نعيم الأعرجي [شك أبو الوليد] قال : سأل رجل ابن عمر عن المتعة ، وأنا عنده ، متعة النساء ، فقال : والله ما كنا على عهد رسول الله (ص) زانين ولا مسافحين ، ثم قال : والله لقد سمعت رسول الله (ص) ، يقول : ليكونن قبل يوم القيامة المسيح الدجال وكذابون ثلاثون أو أكثر.

 

- وقال أيضا : حدثنا : جعفر بن حميد ، حدثنا : عبيد الله بن اياد بن لقيط ، أخبرنا : إياد ، عن عبد الرحمن الأعرجي ، عن ابن عمر [ ولم يشك فيه] عن النبي (ص) مثله ، راجع : ( مسند أحمد بن حنبل ج2 ص409 ح5698 ) ، وهذا اسناد صحيح على شرط مسلم ، وعبد الرحمن الأعرجي هو البجلي ، وقد احتج به البخاري ومسلم وبقية أصحاب السنن.

 

- وأخرج عدة من الحفاظ منهم البخاري ومسلم وأبو بكر بن أبي شيبة والنسائي والبيهقي وابن أبي حاتم وأبو الشيخ الأصبهاني وابن مردويه والبزار والطحاوي وأبي يعلى الموصلي وأحمد بن حنبل وأبو بكر الحازمي وغيرهم بالاسناد عن عبد الله بن مسعود ، قال : كنا مع رسول الله (ص) ونحن شباب ، قال : فقلنا : يارسول الله (ص) إلا نستخصي ، قال : لا ، ثم رخص لنا أن ننكح المرأة بالثوب إلى الأجل ، ثم قرأ عبد الله { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ الله لَكُمْ ( المائدة : 87 ) } راجع : ( الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي ج2 ص544، المصنف لابن أبي شيبة ج3 ص552 ح17079، البحر الزخار ( المعروف بمسند البزار المنشور باسم البحر الزخار ) ج5 ص277 ح1891، صحيح مسلم بتحقيق محمد فؤاد عبد الباقي ج2 ص1022 ح1404، فتح الباري ج9 ص144 ح5071، وص146 ح5057، السنن الكبرى للبيهقي ج7 ص200، 201، ) ، وغير ذلك من المصادر الكثيرة.

 

- قال ابن حجر العسقلاني : وظاهر استشهاد ابن مسعود بهذه الآية يشعر بأنه كان يرى بجواز المتعة ، راجع : ( فتح الباري ج9 ص148، شرح حديث 5075 ).

 

- وقد أخرج عدة من الحفاظ منهم أبي داود في سننه ، قال : ( قال أبو داود كتب إلي حسين بن حريث المروزي ، ثنا : الفضل بن موسى ، عن الحسين بن واقد ، عن عمارة بن أبي حفصة ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، قال : جاء رجل إلى النبي (ص) ، فقال : إن امرأتي لا تمنع يد لامس ، قال غربها ، قال أخاف أن تتبعها نفسي ، قال : فاستمتع به ) ، راجع : ( سنن ابي داود ج1ص625 ح2049 ) ، قال الشيخ الألباني ( صحيح ) ، راجع : ( المصدر السابق ).

 

أقول : رسول الله (ص) كان يحصن الصحابة من الانحراف بالمتعة ، وهذا واضح من سؤال الصحابي وجواب الرسول (ص) له ، وهذه بعض الروايات لا على سبيل الحصر ، فهي كثيرة جدا في كتب الحديث ، وقد نتعرض لبعضها فيما يأتي إن شاء الله تعالى.

 

أما بالنسبة لمتعة الحج يقول الكاتب لم يوجبها الامام علي (ع) ، فأقول له ليس الامام علي (ع) هو الذي يوجب الأحكام أي ليس هو المشرع إنما (ع) يعمل بأحكام رسول الله (ص) ، ولكن أطبقت الشيعة الإمامية على وجوب متعة الحج وكل أئمة أهل البيت (ع) يرون متعة الحج بما فيهم الامام علي (ع) الذي حاول الكاتب أن يلبس على الناس ، فلا بأس أن نعرض المسألة بشكلها العلمي بعيدا عن التخبط والتلبيس كما يفعل الكاتب .

 

- فقد أخرج عدة من الحفاظ منهم مسلم في صحيحه وأبي داود في سننه والترمذي في سننه والنسائي في سننه والبخاري في صحيحه ، قال : حدثنا : يحيى بن بكير ، حدثنا : الليث ، عن عقيل ، عن ابن شهاب ، عن سالم ابن عبد الله أن ابن عمر (ر) ، قال : تمتع رسول الله (ص) في حجة الوداع بالعمرة إلى الحج وأهدى فساق معه الهدي من ذي الحليفة وبدأ رسول الله (ص) فأهل بالعمرة ، ثم أهل بالحج فتمتع الناس مع النبي (ص) بالعمرة إلى الحج فكان من الناس من أهدى فساق الهدي ومنهم من لم يهد فلما قدم النبي (ص) مكة ، قال للناس : ( من كان منكم أهدى فانه لا يحل لشيء حرم منه حتى يقضي حجه ومن لم يكن منكم أهدى فليطف بالبيت وبالصفا والمروة وليقصر وليحلل ثم ليهل بالحج فمن لم يجد هديا فليصم ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله ) ، فطاف حين قدم مكة واستلم الركن أول شيء ثم خب ثلاثة أطواف ومشى أربعا فركع حين قضى طوافه بالبيت عند المقام ركعتين ، ثم سلم فانصرف فأتى الصفا فطاف بالصفا والمروة سبعة أطواف ثم لم يحلل من شيء حرم منه حتى قضى حجه ونحر هديه يوم النحر وأفاض فطاف بالبيت ، ثم حل من كل شيء حرم منه وفعل مثل ما فعل رسول الله (ص) من أهدى وساق الهدي من الناس ، وعن عروة : أن عائشة (ر) أخبرته عن النبي (ص) في تمتعه بالعمرة إلى الحج فتمتع الناس معه بمثل الذي أخبرني سالم عن ابن عمر (ر) عن رسول الله (ص) ، راجع : ( صحيح البخاري ج2 ص607 ح1606 ، صحيح مسلم ج2 ص910 ، سنن ابي داود جذ ص561 ، سنن الترمذي ج3 ص184 ، سنن النسائي ج5 ص179 ).

 

- فقد أخرج النسائي في سننه ، قال : ( أخبرنا : هناد بن السري ، عن عبدة ، عن ابن أبي عروبة ، عن مالك بن دينار ، عن عطاء ، قال : قال سراقة : تمتع رسول الله (ص) وتمتعنا معه ، فقلنا : ألنا خاصة أم لأبد ، قال : بل لأبد ) ، راجع : ( سنن النسائي ج5 ص179 ح2807 ) ، قال الشيخ الألباني : صحيح الاسناد  ، راجع : ( المصدر السابق ).

 

- أخرجه الحافظ ابن عبد البر الأندلسي في التمهيد حيث قال : وحدثنا : عبد الوارث ، قال : حدثنا : قاسم ، قال : حدثنا : أبو عبيدة ، قال : حدثنا : أبو خالد يزيد بن سنان البصري ، قال : حدثنا : مكي بن ابراهيم ، قال : حدثنا : مالك بن أنس ، عن نافع ، عن ابن عمر ، قال : قال عمر : ( متعتان كانتا على عهد رسول الله (ص) أنا أنهى عنهما وأعاقب عليهما ، متعة النساء ومتعة الحج ، راجع : ( التمهيد في شرح الموطأ ج10 ص112، 113 ).

 

- وقال النووي في كتابه المجموع : ( أن النبي (ص) نهي أن يقرن بين الحج والعمرة رواه البيهقي بإسناد حسن ، وروى البيهقي حديث عمران بن الحصين ، قال : تمتعنا مع رسول الله (ص) ونزل فيه القرآن فليقل رجل برأيه ما شاء ، رواه البخاري ومسلم ، وحديث أبي موسى السابق في القرآن وأن أبا موسى ، قال : قلت أفتى الناس بالذي أمر به النبي (ص) من التمتع في حياة رسول الله (ص) وزمن أبي بكر وصدر خلافه عمر ) رواه البخاري ومسلم وفيه أن عمر كان ينهى عنها ، وفى رواية أن أبا موسي سأل عمر عن نهيه ، فقال عمر : قد علمت أن النبي (ص) قد فعله وأصحابه ولكن كرهت أن يظلوا معرسين بهن في الأراك ثم يروحون في الحج تقطر رؤوسهم ) ، رواه مسلم إلا قوله وأصحابه ) ، راجع : ( المجموع للامام النووي ج7 ص157 ).

 

- وقال الامام النووي في المجموع : ( ... سمع سعد بن أبي وقاص والضحاك بن قيس عام حج معاوية بن أبي سفيان وهما يذكران التمتع والعمرة إلى الحج ، فقال الضحاك : لا يصنع مثل هذا إلا من جهل أمر الله تعالى ، فقال سعد : بئس ما قلت : يا بن أخي ، قال الضحاك : فان عمر بن الخطاب نهى عن ذلك ، فقال سعد : قد صنعها رسول الله (ص) وصنعناها معه ) ، رواه الترمذي ، وقال : حديث صحيح ، وفى بعض النسخ حسن صحيح ورواه النسائي .

 

- وآخرون أيضا وعن أبي موسى الأشعري ، قال : ( بعثني النبي (ص) إلى قومي باليمن فجئت وهو منيخ بالبطحاء ، فقال : بم أهللت ، قلت : أهللت كاهلال النبي (ص) ، قال : هل معك من هدى ، قلت : لا فأمرني فطفت بالبيت والصفا والمروة ، ثم أمرني فأحللت فأتيت امرأة من قومي فمشطتني أو غسلت رأسي ) ، رواه البخاري ومسلم.

 

- وعن سالم بن عبد الله : ( أنه سمع رجلا من أهل الشام سأل ابن عمر عن التمتع بالعمرة إلى الحج ، فقال ابن عمر : هي حلال ، قال الشامي : أن أباك قد نهي عنها ، قال ابن عمر : أرأيت إن كان أبي نهي عنها وصنعها رسول الله (ص) ، فقال : لقد صنعها رسول الله (ص) ، رواه الترمذي بإسناد صحيح ، وقال حديث حسن وهو من رواية ليث بن أبي سليم وهو ضعيف ولهذا لم يقع في بعض نسخ الترمذي قوله حديث حسن.

 

- وعن عمران بن الحصين ، قال : ( تمتع النبي (ص) تمتعنا معه ) ، رواه مسلم بهذا اللفظ ورواه البخاري بمعناه ، قال : ( متعنا على عهد رسول الله (ص) ونزل القرآن ، قال رجل برايه ما شاء ).

 

- وعن أبي حمزة بالجيم ، قال : ( تمتعت فنهاني ناس عن ذلك فسألت ابن عباس فأمرني بها فرأيت في المنام كان رجلا يقول لي حج مبرور وعمرة متقبلة فأخبرت ابن عباس ، فقال : سنة النبي (ص) ، رواه البخاري ومسلم.

 

- ( وأما ) القرآن فجاءت فيه أحاديث ( منها ) حديث سعيد بن المسيب ، قال : ( اختلف على وعثمان وهما بعسفان فكان عثمان ينهى عن المتعة أو العمرة ، فقال : على ما تريد إلا أن تنهى عن أمر فعله رسول الله (ص) ، فقال عثمان : دعنا منك ، فقال إني لا أستطيع أن أدعك فلما رأى على ذلك أهل بهما جميعا ) ، رواه البخاري ومسلم ، راجع : ( المجموع محيى الدين النووي - ج 7 - ص 155 - 156 ).

 

وهنا واضح أن رأي عمر فوق ما شرعه رسول الله (ص) ، واجتهد أمام نص رسول الله (ص) ، فكان من المفترض للكاتب أن يعترض على عمر الذي نهى عن شرع ثابت لرسول الله ، وما دخل الامام علي (ع) في هذه المسألة وعجبي أنهم يقحمون الامام علي (ع) في كل مسألة كما فعل الكاتب حين اثار الشبهة في رزية الخميس كان الامام علي (ع) هو المخالف وهذا في أعلى درجات التلبيس ، وواضح يريد أن يلبس على الناس أن الامام علي لم يعترض هل هذه هي الأسئلة التي قادت الشيعة إلى الحق ، وهناك أدلة كثيرة جدا ولكن مراعاة لعدم الاطالة اختصرنا بهذا القدر البسيط .

 

رابعا : الكلام في حي على خير العمل هل عن رسول الله (ص) لا يحتاج إلى تعميم ، ولذلك إن أثبتنا إنها أصل ونحن اتبعنا الامام علي (ع) في هذا الأصل وهذا الملايين التي تتبع الامام علي (ع) هم على حق ، ولو أن الامام علي يراها أصل لما رأينا اليوم الماذن تنطق بحيى على خير العمل.

 

- فقد أخرج الصنعاني في مصنفه ، قال : ( عبد الرزاق ، عن ابن جريج ، عن نافع ، عن ابن عمر : أنه كان يقيم الصلاة في السفر ، يقولها مرتين أو ثلاثا يقول : حي على الصلاة حي على الصلاة حي على خير العمل ) ، راجع : ( مصنف عبد الرزواقالصنعاني ج8 ص156 ح1797 ).

 

- وأخرج ابن أبي شيبة في مصنفه ، قال : ( حدثنا : أبو أسامة ، قال : نا : عبيد الله ، عن نافع ، قال : كان بن عمر زاد في أذانه حي على خير العمل ) ، راجع : ( مصنف ابن أبي شيبة ج1 ص196 ح2241 ).

 

- حدثنا : أبو بكر ، قال : نا : حاتم بن اسماعيل ، عن جعفر ، عن أبيه ومسلم بن أبي مريم : أن علي بن حسين ( علي بن حسين بن علي بن ابي طالب الملقب بزين العابدين ) ، كان يؤذن فإذا بلغ حي على الفلاح ، قال : حي على خير العمل ويقول هو الأذان الأول ) ، راجع : ( مصنف بن أبي شيبة ج1 ص195 رقم 2239 باب من كان يقول في أذانه حي على خير العمل ).

 

خامسا : ما ورد بشأن فدك : يقول الكاتب لماذا لم يرد الامام علي (ع) فدك.

 

أقول للكاتب من أين عرفت أن الامام علي (ع) لم يرد فدك ، وفي خلافة الامام علي (ع) كانت الأمة الإسلامية تحت تصرفه فمن الطبيعي تكون فدك تحت تصرفه وهي ملكه ، ومع ذلك سأثبت من كتب اخواننا أهل السنة أن الامام علي (ع) أرجع فدك ولا بد أن نتطرق لفدك حتى تكون المسألة واضحة للقاريء :

 

- فقد روى عدة من الحفاظ منهم الحميدي في الجمع بين الصحيحين والبيهقي في سننه والقاضي عياض في مشارق الأنوار وابن حبان في صحيحه ، قال : ( ... ثم جئتماني جاءني هذا يعني العباس يبتغي ميراثه من بن أخيه ، وجاءني هذا يعني عليا يسألني ميراث امرأته ، فقلت لكما : إني سمعت رسول الله (ص) ، يقول : لا نورث ما تركنا صدقة ، ثم بدا لي أن أدفعه اليكما ، فأخذت عليكما عهد الله وميثاقه لتعملان فيها بما عمل فيها رسول الله (ص) وأبو بكر ، وأنا ما وليتها ، فقلتما : ادفعها إلينا على ذلك تريدان مني قضاء غير هذا والذي باذنه تقوم السماوات والأرض لا أقضي بينكما فيها بقضاء غير هذا إن كنتما عجزتما عنها فادفعاها إلي ، قال : فغلب علي عليها فكانت في يد علي ، ثم بيد حسن بن علي ، ثم بيد حسين بن علي ، ثم بيد علي بن حسين ثم بيد حسن بن حسن ثم بيد زيد بن حسن ، قال معمر : ثم كانت بيد عبد الله بن الحسن ) ، راجع : ( صحيح بن حبان ج14 ص577 ، الجمع بين الصحيحين ج1 ص115 ، سنن البيهقي ج6 ص300 ، مشارق الأنوار ج2 ص4040 ) ، فالحديث يدل على أن الامام علي (ع) أخذها ودفعها لأبنائه.

 

- وقد نقل عدة من الحفاظ لطلب فاطمة (ع) لحقها ، منهم مسلم في صحيحه وأبي داود في سننه وأحمد في مسنده والبيهقي في سننه والبخاري في صحيحه ، قال : ( حدثنا : عبد العزيز بن عبد الله ، حدثنا : إبراهيم بن سعد ، عن صالح ، عن ابن شهاب ، قال : أخبرني : عروة ابن الزبير أن عائشة أم المؤمنين (ر) أخبرته : أن فاطمة (ع) ابنة رسول الله (ص) سألت أبا بكر الصديق بعد وفاة رسول الله (ص) أن يقسم لها ميراثها ما ترك رسول الله (ص) مما أفاء الله عليه ، فقال أبو بكر : أن رسول الله (ص) ، قال : ( لا نورث ما تركنا صدقة ) ، فغضبت فاطمة بنت رسول الله (ص) فهجرت أبا بكر فلم تزل مهاجرته حتى توفيت ، وعاشت بعد رسول الله (ص) ستة أشهر ، قالت : وكانت فاطمة تسأل أبا بكر نصيبها مما ترك رسول الله (ص) من خيبر وفدك وصدقته بالمدينة فأبى أبو بكر عليها ذلك ، وقال : لست تاركا شيئا كان رسول الله (ص) يعمل به إلا عملت به فإني أخشى إن تركت شيئا من أمره أن أزيغ ، فأما صدقته بالمدينة فدفعها عمر إلى علي وعباس ، وأما خيبر وفدك فأمسكها عمر ، وقال : هما صدقة رسول الله (ص) كانتا لحقوقه التي تعروه ونوائبه وأمرهما إلى من ولي الأمر ، قال فهما على ذلك إلى اليوم ) ، راجع : ( صحيح البخاري ج3 ص1126 ح2926 ، صحيح مسلم ج3 ص1380 . سنن ابي داود ج2 ص158 ، مسند أحمد ج1 ص6 ، سنن البيهقي ج3 ص1126 ).

 

أقول : إذا كان أبو بكر محق بمنع السيدة الزهراء (ع) للزهراء وهي الوريث لرسول الله (ص) بحجة أنه لا يغير سنة الرسول (ص) فهناك أمرين :

 

الأول : أما عمر خالف قول رسول الله وغير سنة رسول الله حيث دفعها إلى الامام علي (ع) والعباس.

 

الثاني : أن أن أبو بكر خالف الرسول (ص) وبذلك قد ظلم الزهراء (ع) وهي قد ماتت وهي غاضبة على رسول الله (ص).

 

- وقد أخرج عدة من الحفاظ منهم مسلم في صحيحه ابن حبان في صحيحه النسائي في سننه وأبي داود في سننه والبخاري في صحيحه ، قال : ( حدثني : محمد بن رافع ، أخبرنا : حجين ، حدثنا : ليث ، عن عقيل ، عن ابن شهاب ، عن عروة ابن الزبير عن عائشة : أنها أخبرته : أن فاطمة بنت رسول الله (ص) أرسلت إلى أبي بكر الصديق تسأله ميراثها من رسول الله (ص) مما أفاء الله عليه بالمدينة وفدك وما بقي من خمس خيبر ، فقال أبو بكر : أن رسول الله (ص) ، قال : لا نورث ما تركنا صدقة إنما يأكل آل محمد (ص) في هذا المال ، وإني والله لا أغير شيئا من صدقة رسول الله (ص) عن حالها التي كانت عليها في عهد رسول الله (ص) ولأعملن فيها بما عمل به رسول الله (ص) ، فأبى أبو بكر أن يدفع إلى فاطمة شيئا فوجدت فاطمة على أبي بكر في ذلك ، قال : فهجرته فلم تكلمه حتى توفيت ، وعاشت بعد رسول الله (ص) ستة أشهر فلما توفيت دفنها زوجها علي بن أبي طالب ليلا ، ولم يؤذن بها أبا بكر وصلى عليها علي وكان لعلي من الناس وجهة حياة فاطمة فلما توفيت ... ) ، راجع : ( صحيح مسلم ج3 ص1380ح1759، صحيح البخاري ج3 ص1360 ، صحيح بن حبان ج14 ص573 ، سنن النسائي ج3 ص46 ، سنن ابي داود ج3 ص142 ).

 

هنا في هذه الرواية يمكن أن يستفاد منها عدة أمور :

 

الأول : أن فاطمة ماتت وهي غاضبة عليه ولم تكلمه حتى توفيت.

 

الثاني : لم تقبل قول أبو بكر في حديث : ( نحن معاشر الأنبياء لا نورث ما تركناه صدقة ).

 

الثالث : كانت تطلب خمس خيبر وفدك وما أفاء عليه بالمدينة والثالثة تكلمنا بها في الحديث السابق ، فأما خمس خيبر فنقول مطالبة الزهراء (ع) بها وهي عطية من الله وليس من الارث وهي حقها في زمن الرسول (ص) وهو حكم الهي حتى الرسول لا يمكن أن يغيره وخمس خيبر هي غنائم غزوة خيبر والله عز وجل يقول : { وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ إِن كُنتُمْ آمَنتُم بِالله وَمَا أَنزَلْنَا عَلَىٰ عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ ۗ وَالله عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ( الأنفال : 41 ) } والزهراء (ع) هي من قربي رسول الله (ص) ، فبأي حق يمنع الزهراء (ع) من حقها ثبت بحكم الهي ولا يندرج تحت حكم الارث.

 

- وقد أخرج البخاري في صحيحه ( الجزء : ( 4 ) - رقم الصفحة : ( 1545 ) - رقم الحديث : ( 3989 ) ، قال : ( حدثنا : يحيى بن بكير ، حدثنا : الليث ، عن : يونس ، عن : بن شهاب ، عن سعيد بن المسيب أن جبير بن مطعم أخبره ، قال : مشيت أنا وعثمان بن عفان إلى النبي (ص) ، فقلنا : أعطيت بني المطلب من خمس خيبر وتركتنا ونحن بمنزلة واحدة منك ، فقال : إنما بنو هاشم وبنو المطلب شيء واحد ، قال جبير : ولم يقسم النبي (ص) لبني عبد شمس وبني نوفل شيئا ) ، وواضح من هذا الحديث أن الخمس حكم الهي ، قد فعله رسول الله (ص) وهو خاص لبني هاشم وبني عبد المطلب ، أما فدك فقد رفضت السيدة الزهراء (ع) قول أبو بكر أنه سمع نحن معاشر الأنبياء لا نورث ما تركناه صدقة ، ولا بد أن نتطرق لعدة أمور متعلقة بهذه الجزئية .

 

- قال الحافظ السيوطي في الدر المنثور في التفسير بالمأثور : ( أخرج البزار وأبي يعلى وابن أبي حاتم وابن مردويه ، عن أبي سعيد الخدري (ر) ، قال : لما نزلت هذه الآية : { وَآتِ ذَا الْقُرْبَىٰ حَقَّهُ ( الإسراء : 26 ) } دعا رسول الله (ص) فاطمة فأعطاها فدك.

 

- وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس (ر) ، قال : لما نزلت : { وَآتِ ذَا الْقُرْبَىٰ حَقَّهُ ( الإسراء : 26 ) } أقطع رسول الله فاطمة فدكا ) ، راجع : ( الدر المنثور في التفسير بالمأثور ج5 ص273 ).

 

- وأخرج الحاكم الحسكاني في ( شواهد التنزيل لقواعد التفضيل‏ - الجزء : ( 1 ) - رقم الصفحة : ( 340 ) ، قال : ( عن أبي سعيد الخدري ، قال : لما نزلت على رسول الله (ص) { وَآتِ ذَا الْقُرْبَىٰ حَقَّهُ ( الإسراء : 26 ) } دعا فاطمة فأعطاها فدكا والعوالي ، وقال : هذا قسم قسمه الله لك (و) لعقبك ).

 

وهناك عدة ملاحظات لا بد من بيانها وهي :

 

الأول : كيف سمع هذا الحديث أبو بكر وحده ولم يسمعه الصحابة عن رسول الله (ص) ، ولماذا لم يسمعه أحد من أبو بكر في حياة رسول الله (ص) ، وهذا الخبر خبر آحاد وكان من الادلة التي تستشهد بها علماء السنة في حجية الخبر الواحد فيمكن مراجعة : ( مختصر ابن الحاجب : 2\59  ، والمحصول في علم الاصول : 2\85 للفخر الرازي ، والمستصفى : للامام الغزالي 2\121 ، والأحكام : للآمدي 2\75 و 348 ) ، وحتى المتكلمون من علماء السنة يقرون أن الخبر هو خبر واحد كالتفتزاني وهو من كبار المتكلمين من علماء السنة ، راجع : ( شرح المقاصد : 8\355 و 5\278 ).

 

ثانيا : كيف رسول الله (ص) يترك أصحاب الشأن كفاطمة وعلي والحسن والحسين (ع) لم يخبرهم ويخبر أبو بكر ، وكيف يترك العباس ولم يبلغه .

 

- والفخر الرازي وهو من أكابر علماء السنة يشير إلى هذه النقطة بشكل واضح في تفسيره الكبير ، يقول : ( وثانيها أن المحتاج إلى معرفة هذه المسألة ما كان إلا فاطمة وعلي والعباس وهؤلاء كانوا من أكابر الزهاد والعلماء وأهل الدين ، وأما أبو بكر فانه ما كان محتاجا إلى معرفة هذه المسألة البتة لأنه ما كان ممن يخطر بباله أنه يرث من الرسول (ص) فكيف يليق بالرسول (ص) أن يبلغ هذه المسألة إلى من لا حاجة به اليها ولا يبلغها إلى من له إلى معرفتها أشد الحاجة ) ، راجع ( تفسير الكبير من سورة النساء ج9 ص171 ).

 

ثالثا : لو لم يورث كما قال أبو بكر كيف يطلب عمر من عائشة : أن يدفن بجوار رسول الله (ص) : فقد أخرج عدة من الحفاظ منهم أحمد في مسنده والبيهقي في سننه والبخاري في صحيحه ، قال : ( حدثنا ‏: ‏إبراهيم بن المنذر ‏، ‏حدثنا :‏ ‏أنس بن عياض ،‏ ‏عن ‏ ‏عبيد الله ،‏ ‏عن ‏ ‏نافع ‏ ‏أن ‏ ‏عبد الله بن عمر ‏ ‏(ر) ‏، ‏أخبره : أن النبي ‏(ص) ‏عامل ‏ ‏خيبر ‏ ‏بشطر ما يخرج منها من ثمر أو زرع فكان يعطي أزواجه مائة ‏ ‏وسق ‏ ‏ثمانون ‏ ‏وسق ‏ ‏تمر وعشرون ‏ ‏وسق ‏ ‏شعير فقسم ‏ ‏عمر ‏ ‏خيبر ‏ ‏فخير أزواج النبي ‏ ‏(ص) ‏ ‏أن يقطع لهن من الماء والأرض أو يمضي لهن فمنهن من اختار الأرض ومنهن من اختار ‏ ‏الوسق ‏ ‏وكانت ‏ ‏عائشة ‏ ‏اختارت الأرض ) ، راجع : ( صحيح البخاري ج2 ص820 ح2203 ، سنن البيهقي ج5 ص115 ، مسند أحمد ج12 ص167 ) ، كيف رسول الله (ص) لم يورثها ومنعوها عن السيدة الزهراء (ع) وأعطاها عمر لزوجات النبي (ص) .

 

العودة لصفحة البداية

العودة لفهرس المواضيع