العودة لصفحة البداية

العودة لفهرس المواضيع

 ( شرعية البكاء والجزع على الميت )

الشبهة

 

- يقول سبحانه وتعالى : { وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ @ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ @ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ ۖ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ ( البقرة : 155 - 156 - 157 ) } ويقول عز وجل : { وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ ( البقرة : 177 ) }.

 

- وذكر في ( نهج البلاغة ) : ( وقال علي (ر) بعد وفاة النبي (ص) مخاطبا اياه (ص) : لولا أنك نهيت عن الجزع وأمرت بالصبر لأنفدنا عليك ماء الشؤون ).

 

- وذكر أيضا : ( أن عليا (ع) ، قال : من ضرب يده عند مصيبة على فخذه فقد حبط عمله ) ، راجع : ( الخصال للصدوق - رقم الصفحة : ( 621 ) ، ووسائل الشيعة - الجزء : ( 3 ) - رقم الصفحة : ( 270 ).

 

- وقد قال الحسين لأخته زينب في كربلاء كما نقله صاحب ( منتهى الآمال ) بالفارسية وترجمته بالعربية : ( يا أختي ، أحلفك بالله عليك أن تحافظي على هذا الحلف ، إذا قتلت فلا تشقي علي الجيب ، ولا تخمشي وجهك بأظفارك ، ولا تنادي بالويل والثبور على شهادتي ).

 

- ونقل أبو جعفر القمي أن أمير المؤمنين (ع) ، قال فيما علم به أصحابه : ( لا تلبسوا سوادا فانه لباس فرعون ).

 

- وقد ورد في ( تفسير الصافي ) في تفسير آية { وَلَا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ ( الممتحنة : 12 ) } ( أن النبي (ص) بايع النساء على أن لا يسودن ثوبا ولا يشققن جيبا وأن لا ينادين بالويل ).

 

- وفي ( فروع الكافي ) للكليني أنه (ص) وصى فاطمة (ر) ، فقال : ( إذا أنا مت فلا تخمشي وجها ، ولا ترخي علي شعرا ، ولا تنادي بالويل ، ولا تقيمي علي نائحة ).

 

- وهذا شيخ الشيعة محمد بن الحسين بن بابويه القمي الملقب عندهم بالصدوق يقول : من الفاظ رسول الله (ص) التي لم يسبقاليها : ( النياحة من عمل الجاهلية ).

 

- كما يروي علماؤهم المجلسي والنوري والبروجردي عن رسول الله (ص) أنه قال : ( صوتان ملعونان يبغضهما الله : اعوال عند مصيبة ، وصوت عند نغمة ، يعني النوح والغناء ).

 

والسؤال بعد كل هذه الروايات : لماذا يخالف الشيعة ما جاء فيها من حق ، ومن نصدق : الرسول (ص) وأهل البيت أم الملالي.

 


 

الرد على الشبهة

 

أولا : عندنا أدلة بجواز واستحباب الجزع على الحسين (ع) ، وهذا تخصيص لجواز الجزع عليه :

 

- وبسند صحيح الصدوق في أماليه : ( محمد بن الحسن الطوسي في الأمالي عن أبيه ، عن المفيد ، عن ابن قولويه ، عن أبيه ، عن سعد ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسن بن محبوب ، عن أبي محمد الأنصاري ، عن معاوية بن وهب ، عن أبي عبد الله (ع) في حديث ، قال : كل الجزع والبكاء مكروه ، إلا الجزع والبكاء لقتل الحسين (ع).

 

- وجعفر بن محمد بن قولويه في المزار عن أبيه ، عن سعد ، عن الجاموراني ، عن الحسن بن علي بن أبي حمزة ، عن أبيه ، عن أبي عبد الله (ع) ، قال : إن البكاء والجزع مكروه للعبد في كل ما جزع ما خلا البكاء على الحسين بن علي (ع) فانه فيه مأجور ) ، راجع : ( الفصول المهمة في معرفة احوال الائمة في أصول الأئمة - الحر العاملي - الجزء : ( 3 ) - رقم الصفحة : ( 413 ).

 

ثانيا : نحن في عزائنا لم نبكي ولم نجزع اعتراضا على أمر الله عز وجل ، نعم لو كان جزعا واعتراضا على أمر الله فهذا يكون من المحرم ، إنما نحن نحيي ذكرى أحياء استشهاد الحسين (ع) ، وبهذه الشعائر نعيد موالاتنا للحسين (ع) ونقول للحسين (ع) نحن مع هذه الثورة ونتعاطف مع استشهاد الامام الحسين (ع) ، ونجدد ولائنا لهذه الثورة ونجدد ولائنا للحسين (ع) ، ونظهر تعاطفنا معه ولا نشق الجيوب ولا نخمش الوجوه ولا نعترض على أمر الله عز وجل واللطم عى الصدر من اللطم المحبب فقط.

 

- أخرج عدة من الحفاظ منهم أبي يعلى في مسنده والامام أحمد في مسنده ، قال : ( حدثنا : عبد الله ، حدثني : أبي ، ثنا : يعقوب ، قال : ثنا : أبي ، عن بن اسحاق ، قال : حدثني : يحيى بن عباد بن عبد الله ابن الزبير ، عن أبيه عباد ، قال : سمعت عائشة ، تقول : مات رسول الله (ص) بين سحري ونحري وفي دولتي لم أظلم فيه أحدا فمن سفهي وحداثة سني أن رسول الله (ص) قبض وهو في حجري ، ثم وضعت رأسه على وسادة وقمت التدم ( اللطم وضرب الوجوه في الماتم - راجع لسان العرب - الجزء : ( 12 ) - رقم الصفحة : ( 539 ) ، مع النساء واضرب وجهي ) ، راجع : ( مسند أحمد بن حنبل - الجزء : ( 6 ) - رقم الصفحة : ( 274 ).

 

- وقال السهيلي في : ( الروض الأنف في شرح السيرة النبوية لابن هشام - الجزء : ( 1 ) - رقم الصفحة : ( 431 ) : ( وقول عائشة (ر) : فمن سفهي وحداثة سني أنه قبض في حجري فوضعت رأسه على الوسادة وقمت التدم مع النساء ، ( الالتدام : ضرب الخد باليد ولم يدخل هذا في التحريم لأن التحريم إنما وقع على الصراخ والنواح ولعنت الخارقة والحالقة والصالقة وهي الرافعة لصوتها ولم يذكر اللدم لكنه وإن لم يذكره فانه مكروه في حال المصيبة وتركه أحمد الا على أحمد (ص) فالصبر يحمد في المصائب كلها ... الا عليك فانه مذموم ).

 

- وأخرج الامام أحمد في فضائل الصحابة بسند صحيح ، قال : حدثنا : أحمد بن اسرائيل ، قال : رأيت في كتاب أحمد بن محمد بن حنبل رحمه الله بخط يده : نا : أسود بن عامر أبو عبد الرحمن ، قثنا : الربيع بن منذر ، عن أبيه ، قال : ( كان حسين بن علي ، يقول : من دمعتا عيناه فينا دمعة ، أو قطرت عيناه فينا قطرة ، أثواه الله عز وجل الجنة ) ، المصادر : ( فضائل الصحابة للامام أحمد - الجزء : ( 3 ) - رقم الصفحة : ( 132 ) ، ذخائر العقبى في مناقب ذوي القربى - رقم الصفحة : ( 19 ).  

 

- رواة السند المذكور :

 

1 - أحمد بن اسرائيل : ( تذكرة الحفاظ ج3 ص869 ، رقم 838 ) : النجاد الامام الحافظ الفقيه شيخ العلماء ببغداد أبو بكر أحمد بن سلمان بن الحسن بن اسرائيل البغدادي ، قال الخطيب : كان صدوقا عارفا صنف كتابا كبيرا في السنن.

 

2 - أسود بن عامر : ( الجرح والتعديل ج2 ص294 رقم 1079 ) : الأسود بن عامر أبو عبد الرحمن ولقبه شاذان روى عن سفيان وشعبة وشريك روى عنه أحمد بن محمد بن حنبل وعبد الله وعثمان ابنا محمد بن أبي شيبة سمعت أبي : يقول ذلك ويقول هو صدوق صالح ، حدثنا : عبد الرحمن ، حدثني : أبي ، قال : قال علي بن المديني الأسود بن عامر ثقة ، حدثنا : عبد الرحمن ، أنا : يعقوب بن اسحاق الهروي فيما كتب إلى ، ثنا : عثمان بن سعيد ، قال : سألت يحيى بن معين ، عن الأسود بن عامر شاذان ، فقال : لا بأس به.

 

3 - الربيع بن منذر : ( الثقات للعجلي ج1 ص356 رقم 461 ) ، كوفي ثقة.

 

4 - منذر الثوري أبي يعلى : ( تهذيب التهذيب ج10 ص270 رقم 532  ) : روى عن الستة ( البخاري - مسلم - أبو داود - الترمذي - النسائي - ابن ماجه ) ، ذكره بن سعد في الطبقة الثالثة من أهل الكوفة ، وقال : كان ثقة قليل الحديث ، وقال ابن معين والعجلي وابن خراش : ثقة وذكره بن حبان في الثقات .

 

- وهذا السند لا اشكال في صحته ، وقد نقل مثله الشيخ المفيد في أماليه ، قال : ( أخبرني : أبو عمرو عثمان بن أحمد الدقاق اجازة ، قال : أخبرنا : جعفر بن محمد بن مالك ، قال : حدثنا : أحمد بن يحيى الأودي ، قال : حدثنا : مخول ابن ابراهيم ، عن الربيع بن المنذر ، عن أبيه ، عن الحسين بن علي (ع) ، قال : ما من عبد قطرت عيناه فينا قطرة ، أو دمعت عيناه فينا دمعة إلا بوأه الله بها في الجنة حقبا ، قال أحمد بن يحيى الأودي : فرأيت الحسين بن علي (ع) في المنام ، فقلت : حدثني : مخول بن ابراهيم ، عن الربيع بن المنذر ، عن أبيه ، عنك أنك قلت : ما من عبد قطرت عيناه فينا قطرة ، أو دمعت عيناه فينا دمعة إلا بوأه الله بها في الجنة حقبا ، قال : نعم ، قلت : سقط الاسناد بيني وبينك ) ، راجع : (  الأمالي - الشيخ المفيد - رقم الصفحة : ( 340 / 341 ).

 

ونحن كذلك نرى مكانة الحسين بن علي (ع) من مكانة رسول الله (ص) ونرى هذا اللطم من اللطم المحمود لأنه على الحسين (ع) ، وقد كان رسول الله (ص) يخبر الأمة أن الحسين (ع) سيقتل بكربلاء وكان يبكي عليه.

 

- أخرج الحاكم أيضا في المستدرك على الصحيحين بسنده : ( عن أم سلمة (ر) : أن رسول الله (ص) اضطجع ذات ليلة للنوم فاستيقظ وهو حائر ، ثم اضطجع فرقد ، ثم استيقظ وهو حائر دون ما رأيت به المرة الأولى ، ثم اضطجع فاستيقظ وفي يده تربة حمراء يقبلها ، فقلت : ما هذه التربة يا رسول الله (ص) ، قال (ص) : أخبرني جبريل عليه الصلاة والسلام أن هذا يقتل بأرض العراق للحسين (ع) ، فقلت لجبريل : أرني تربة الأرض التي يقتل بها ، فهذه تربتها ) ، قال الحاكم : هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ، ولم يخرجاه ، وأقره الذهبي في التلخيص ، راجع : ( المستدرك علي الصحيحين ج4 ص 398 ط1 ، وج4 ص 440 ح 8202 من الطبعة الحديثة ).

 

- قال الهيثمي في مجمع الزوائد ومنبع الفوائد : ( وعن أم سلمة ، قالت : كان رسول الله (ص) جالسا ذات يوم في بيتي ، قال : لا يدخل علي أحد ، فانتظرت ، فدخل الحسين (ع) ، فسمعت نشيج ( النشِيج الصوت والنشِيج أشدُ البُكاء راجع لسان العرب ج2 ص377 ) رسول الله (ص) يبكي ، فاطلعت فإذا حسين (ص) في حجره ، والنبي (ص) يمسح جبينه وهو يبكي ، فقلت : والله ما علمت حين دخل ، فقال (ص) : ان جبريل (ع) كان معنا في البيت ، قال : أتحبه ، قلت : أما في الدنيا فنعم ، قال : ان أمتك ستقتل هذا بأرض يقال لها كربلاء ، فتناول جبريل من تربتها فأراها النبي (ص) فلما أحيط بحسين (ص) حين قتل ، قال : ما إسم هذه الأرض ، قالوا : كربلاء ، فقال : صدق الله ورسوله (ص) وبلاء ، وفي رواية : صدق رسول الله (ص) ، أرض كرب وبلاء ) ، قال الهيثمي : رواه الطبراني بأسانيد ورجال أحدها ثقات ، راجع : ( مجمع الزوائد ومنبع الفوائد - الجزء : ( 9 ) - رقم الصفحة : ( 188 / 189 ).

 

وبعد هذه الروايات الصحيحة السند بالبكاء على الحسين (ع) وفضل البكاء على الحسين (ع) يدل أن البكاء عليه سنة مؤكدة فعلها رسول الله (ص) ونحن نفعلها قدوة برسول الله .

 

والقرآن الكريم ينقل لنا ليس كل نواح ولطم محرم بل هناك ما هو مباح ، وأما اللطم والنواح وشق الجيوب هو ما كان اعتراض على أمر الله عز وجل فقد ، قال تعالى : { فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ فِي صَرَّةٍ فَصَكَّتْ وَجْهَهَا وَقَالَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ  ( الذاريات : 29 ) }.

 

- وقال المناوي في ( فتح القدير - الجزء : ( 5 ) - رقم الصفحة : ( 126 ) : ( وقد أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : { فِي صَرَّةٍ ( الذاريات : 29 ) } قال : في صيحة { فَصَكَّتْ وَجْهَهَا ( الذاريات : 29 ) } قال : لطمت ، ولم نرى اعتراض وتوبيخ من الله عز وجل لسارة (ع).

 

- وقال حلال الدين السيوطي في تفسير الجلالين : { فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ ( الذاريات : 29 ) } سارة : { فِي صَرَّةٍ ( الذاريات : 29 ) } صيحة حال أي جاءت صائحة : { فَصَكَّتْ وَجْهَهَا ( الذاريات : 29 ) } لطمته : { وَقَالَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ  ( الذاريات : 29 ) } لم تلد قط وعمرها تسع وتسعون سنة وعمر إبراهيم مائة سنة أو عمره مائة وعشرون سنة وعمرها تسع وتسعون سنة ، فلم نرى اعتراض من الله عز وجل أو خطاب عتاب للسيدة سارة ، فقد كانت تاتي وهي صائحة فهل تجاهل الكاتب القرآن الكريم وذهب إلى الأخذ بظواهر الالفاظ ليلبس على الناس وهل الناس تهتدي بالتلبيس عليهم : { وَلَا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ ( البقرة : 42 ) }.

 

وعندنا أدلة كثيرة باستحباب اقامة العزاء والبكاء على الحسين (ع) من أئمة أهل البيت (ع).

 

أما بالنسبة للبس السواد فغاية ما تدل عليه الروايات الكراهة وهذا ما أفتى به المتقدمون من علمائنا ، وهناك استثناء في لبس السواد وهو الخف والعمامة والكساء كما جاء مرفوعة أحمد بن أبي عبد الله ، قال : ( كان النبي (ص) يكره السواد الا في ثلاثة الخف والعمامة والكساء ) ، راجع : ( المعتبر - الجزء : ( 2 ) - رقم الصفحة : ( 92 ).

 

ولو تم السند فقد يستفاد من الدلالة على المنع أنه يحمل دلالة أو سمع احتمال أن ارادة المنع ليست ذاتية إنما الكراهة منها لأجل التشبيه بأعداء الله ورسوله وأولياءه ، فإذا ارتفع التشبيه أو القيد يرتفع بارتفاع المقيد ، وقد اختلف الأصحاب (ر) بهذه القاعدة هل هي قاعدة تسامحية في أدلة السنن والكراهة.

 

وقد يستثني من هذه القاعدة لبس السواد في مأتم الامام الحسين (ع) لاستفادة الأخبار الدالة عى شعائر الحزن على الامام الحسين (ع) ويندرج تحت : { ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ الله فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ ( الحج : 32 ) }.

 

أي يستفاد من الأخبار الواردة في استحباب الحزن على الامام الحسين (ع) بعدم كراهية لبس السواد ويؤيد ما أوردناه رواية العلامة المجلسي بالبحار عن البرقي عن عمر بن زين العابدين (ع) أنه قال : ( لما قتل جدي الحسين (ع) لبسن نساء بني هاشم في مأتمه ثياب السواد ولم يغيرنها في حر ولا برد وكان أبي علي بن الحسين (ع) يعمل لهما الطعام في المأتم ) ، راجع : ( المحاسن - الجزء : ( 2 ) - رقم الصفحة : ( 402 ).

 

ووجه الدلالة هو استحباب لبسهن للسواد في محضر الامام زين العابدين (ع) ولم يردهن ، وهذا تقرير منه ويمكن أن يستفاد من هذا التقرير على الاستحباب ، وكذلك لبس الصديقة الصغرى زينب (ع) وهي عالمة بتعاليم الامام الحسين (ع) للسواد في مأتم الامام الحسين (ع) يستفاد منه استحباب لبس السواد لخصوص مأتم الامام الحسين (ع) ، فإذن خرج استحباب لبس السواد في مأتم الامام الحسين (ع) من العموم ، ويكون لبس السواد نوع من أنواع تعظيم شعائر الله عز وجل ، وقد وردت أخبار كثيرة بالحث على أحياء مصاب الامام الحسين (ع) :

 

- في روي عن الامام الرضا (ع) ، قال : ( إن المحرم شهر كان أهل الجاهلية يحرمون فيه القتال ، فاستحلت فيه دماؤنا ، وهتكت فيه حرمتنا ، وسبيت فيه ذرارينا ونساؤنا ، وأضرمت فيه النار في مضاربنا ، وانتهب ما فيها من ثقلنا ، ولم ترع لرسول الله (ص) حرمة في أمرنا ، إن يوم الحسين أقرح جفوننا ، وأسبل دموعنا ، وأذل عزيزنا [ بأرض كرب وبلاء ، وأورثنا الكرب والبلاء إلى يوم الانقضاء ، ] فعلى مثل الحسين فليبك الباكون ، فإن البكاء عليه يحط الذنوب العظام . ثم قال (ع) : كان أبي إذا دخل شهر المحرم لا يرى ضاحكا ، وكانت الكآبة تغلب عليه [ حتى تمضي عشرة أيام منه ] فإذا كان يوم العاشر كان ذلك اليوم يوم مصيبته وحزنه وبكائه ، [ ويقول : هو اليوم الذي قتل فيه الحسين (ع) ] وقال (ع) : من تذكر مصابنا وبكى لما ارتكب منا كان معنا في درجتنا يوم القيامة ، ومن ذكر مصابنا فبكى وأبكى ، لم تبك عينه يوم تبكي العيون ، ومن جلس مجلسا يحيى فيه أمرنا لم يمت قلبه يوم تموت القلوب ) ، راجع : ( تفسير علي بن ابراهيم القمي -  ج2 ص291 ، كامل الزيارات ج1 ص100 ، ثواب الاعمال ج1 ص108 ).

 

- وقد نقل الشيخ الصدوق في ( أماليه - رقم الصفحة : ( 131 ) ، قال : ( حدثنا : محمد بن ابراهيم بن اسحاق ( رحمه الله ) ، قال : أخبرنا : أحمد بن محمد الهمداني ، عن علي بن الحسن بن علي بن فضال ، عن أبيه ، قال : قال الرضا (ع) : من تذكر مصابنا وبكى لما ارتكب منا كان معنا في درجتنا يوم القيامة ، ومن ذكر بمصابنا فبكى وأبكى لم تبك عينه يوم تبكي العيون ، ومن جلس مجلسا يحيى فيه أمرنا لم يمت قلبه يوم تموت القلوب ).

 

ولذلك نرى ن الأدلة الدالة على استحباب لبس السواد لمصاب الامام الحسين وتندرج تحت عموم واطلاقات ومن يعظم شعائر الله فانها من تبقوي القلوي.

 

العودة لصفحة البداية

العودة لفهرس المواضيع