العودة لصفحة البداية

العودة لفهرس المواضيع

 

الشيعة والقرآن

>:

حوار هادئ بين موالي ومخالف

 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسوله ومصطفاه ، وعلى إله الطيبين الطاهرين وأصحابه المنتجبين إلى الأخ الفاضل : أرجو التأمل في هذه الأسئلة والاجابة عنها قبل قراءة الورقات التالية ( هذا نص ما ذكر المستشكل ).

 


 

المخالف : ماهو رأيك في هذا القرآن الذي في أيدي المسلمين ، والذي جمعه الصحابة (ر) هل هو كتاب الله حقا ، وكما أنزله الله ؟.

الموالي : نعم ليس فيه زيادة ولا نقيصة.

 


 

المخالف : ما هو فهمك في سورة : { إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ) ( الحجر : 9 ) } وسورة : { وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ @ لَّا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ ۖ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ ( فصلت : 41 - 42 ) }.

 

الموالي : إن ما ذكر في الآيات واضح وصريح في عدم تحريف القرآن الكريم وهو الرأي المعمول به عند كافة المسلمين.

 


 

المخالف : إذا ، قال لك يهودي : وإذا تعيبون علينا تحريف التوراة فقرآنكم محرف وإذا ، قال لك نصراني : وإذا  تعيبون علينا تحريف الإنجيل فقرآنكم محرف : فكيف سيكون جوابك ؟.

 

الموالي : أقول له أنه لم يثبت لدينا هذا التحريف المزعوم ، وإنما هناك روايات ضعيفة فإن كان عندك نسخة ثانية من القرآن فقدمها لنا ولك الشكر والا فلا تدعي ما ليس لك به علم.

 


 

المخالف : ما حكم من يقول : إن هذا القرآن الذي بين أيدينا فيه آيات ناقصة غير موجودة ، وآيات محرفة وليس هو كما أنزله الله وأن الله لم يستطع حفظه ، ما حكمه في نظرك هل هو كافر أم مسلم ؟.

 

الموالي : هل القائل لهذا القول متعمد عارف ، أم جاهل لشبهة ، قال : هذا القول ، أم عنادا .. فإن كان جاهلا يعلم وإن كان عالما متعمدا متجريا علي الله والرسول فهو زنديق مرتد ، وإما أن كان لشبهة مثل الصحابي الجليل ابن مسعود ، وعمر بن الخطاب ، والسيدة عائشة ومن سار على نهجهم فيبين له فإن ارتفعت الشبهة وأصر فهو مرتد والا فلا.

 


 

المخالف : إذا قلت : إنه كافر وليس بمسلم ، فهل يجوز لك أن تأخذ دينك عنه ؟.

 

الموالي : متوقف على جواب السؤال السابق إن جاهلا أو متعمدا فنعم و لا ، واليك ما يقارب العشرين من علماء الشيعة ، زعم أنهم يعتقدون بالتحريف ، ولكن بعد التتبع في الأمر وجدت أن بعضهم ذكروا في كتبهم أخبارا توحي بالتحريف ولم يصرحوا في أي موقع بأنهم يعتقدون وإنما ما نسب اليهم ظلما وجورا من مثل الشيخ الكليني والنعماني وغيرهما ، وهذه المقولة باطلة لأسباب لعل من أهمها إن من ذكر من العلماء يعتقدون ويعملون بأخبار العرض وهي :

 

- من مثل : قول الامام الصادق (ع) : خطب النبي (ص) بمنى ، فقال : أيها الناس ما جاءكم عني يوافق كتاب الله تعالى فأنا ، قلته ، وما جاءكم يخالف كتاب الله فلم أقله ، ( وسائل الشيعة للحر العاملي ج 18 ص 79 ، عن الكافي ) ، فهذا الكليني ينقل هذه الرواية ويعتبرها مقاسا فإذن كل رواية تخالف هذه الرواية مردودة.

 

- ومنها : قول الامام الرضا (ع) : فما ورد عليكم من خبرين مختلفين فاعرضوهما على كتاب الله ، فما كان في كتاب الله موجودا حلالا أو حراما فأتبعوا ما وافق الكتاب ، وما لم يكن في الكتاب فاعرضوه على سنن النبي (ص) ، ( عيون أخبار الرضا للشيخ الصدوق ج 2 ص 20 ).

 

- ومنها قول الامام الصادق (ع) ، عن أبيه ، عن جده علي (ع) : إن على كل حق حقيقة ، وعلى كل صواب نورا ، فما وافق كتاب الله فخذوه وما خالف كتاب الله فدعوه ، ( الأمالي للشيخ الصدوق ج 2 ص 20 ) ، فهذه واضحة في أن كل رواية تعارض الكتاب ( القرآن ) فيجب ردها.

 

- ومنها ( أي الأخبار المردودة ) : أخبار التحريف إن صح سندها ولم يمكن تأويلها فانها ترد ولا يعمل بها ، فمن هنا فإن روايات الشيعة كلها محكومة تحت هذا الحكم فكل رواية تخالف الكتاب فلا يؤخذ بها مهما كان القائل لها ومكانته العلمية.

 

وعلى العموم الشيعة لا يقولون بذلك للأدلة : العقلية والشرعية المتمثلة في الكتاب والسنة النبوية ، وكذلك الاجماع ، أما العقل فهو الأساس فلابد للعقل من أن يحكم بصحة أن هذا الموجود هو كتاب منزل من الله عز وجل على يد رسوله محمد (ص) وأنه هو المرجع للأمة وأنه غير قابل للتحريف والا سقط الانتفاع به.

 

- وأما الدليل من الكتاب فهو متعدد ومنه :

 

قوله تعالى : { إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ) ( الحجر : 9 ) }.

وقوله تعالى : { وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ @ لَّا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ ۖ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ ) ( فصلت : 41 - 42 ) }.

وقوله تعالى : { إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ @ فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ @ ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ ( القيامة : 17 - 18 - 19 ) }.

 

- ففي الخبر عن ابن عباس وغيره أن المعنى : { إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ ( القيامة : 17 ) } عليك حتى تحفظه ويمكنك تلاوته فلا تخف فوت شيء منه ، أما السنة فمنها قد مر في أحاديث العرض على الكتاب فلو أن الكتاب محرف فلا فائدة من العرض ، وكذلك حديث الثقلين الكتاب والعترة حيث أنه يدل على أن القرآن كان موجودا مجموعا في عهد النبي (ص) والا لما سماه كتاب.

 

وكذلك الأحاديث المصرحة بأن ما في أيدي الناس هو القرآن النازل من عند الله منها : فعن الريان بن الصلت ، قال : قلت للرضا (ع) يا ابن رسول الله ما تقول في القرآن ، فقال (ع) كلام الله ، لا تتجاوزوه ولا تطلبوا الهدى في غيره فتضلوا ) ( عيون أخبار الرضا للشيخ الصدوق ج 2 ص 57  ).

 

- وجاء فيما كتبه الامام الرضا (ع) للمامون في محض الإسلام وشرائع الدين : وإن جميع ما جاء به محمد بن عبد الله (ص) هو الحق المبين ، والتصديق به وبجميع من مضى قبله من رسل الله وأنبيائه وحججه ، والتصديق بكتابه الصادق العزيز الذي : { لَّا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ ۖ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ ( فصلت : 42 ) } وإنه المهيمن علي الكتب كلها وإنه حق من فاتحته إلى خاتمته نومن بمحكمة ومتشابهه ، وخاصه وعامة ، ووعده ووعيده ، وناسخه ومنسوخة ، وقصصه وأخباره ، لا يقدر أحد من المخلوقين أن يأتي بمثله ( عيون أخبار الرضا ج 2 ص 130 ).

 

- وعن علي بن سالم ، عن أبيه ، قال : سألت جعفر بن محمد الصادق (ع) ، فقلت له : يا ابن رسول الله ما تقول في القرآن ، فقال : هو كلام الله وقول الله وكتاب الله ووحي الله وتنزيله وهو الكتاب العزيز الذي : { لَّا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ ۖ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ ( فصلت : 42 ) } ( الأمالى ص 545 وللعياشي في بداية تفسيره ) رواية بهذا المعنى ، وعليه فالسنة تثبت عدم التحريف.

 

- وأما الاجماع : فقد ثبت نقله عن مجموعة من العلماء منهم العلامة الحلي ، راجع نهاية الأصول مبحث التواتر ( قال :) واتفقوا على أن ما نقل إلينا متواترا من القرآن فهو حجة ....

 

- و ( السيد العاملي في مفتاح الكرامة ج 2 ص 390 ) ، قال : والعادة تقضي بالتواتر في تفاصيل القرآن من أجزائه والفاظه وحركاته وسكناته ووضعه في محله ، لتوفر الدواعي على نقله من المقر لكونه أصلا لجميع الأحكام ، والمنكر لابطاله لكونه معجزا ، فلا يعبأ بخلاف من خالف أو شك في المقام.

 

- ومنهم ( الشيخ البلاغي في ألاء الرحمن الفصل الثالث من المقدمة ) ، قال : ومن أجل تواتر القرآن الكريم بين عامة المسلمين جيلا بعد جيل ، استمرت مادته وصورته وقرأته المتداولة على نحو واحد ، فلم يؤثر شيئا على مادته وصورته ما يروي عن بعض الناس من الخلاف في قرأته من القراء السبع المعروفين وغيرهم.

 

- ومنهم ( المحقق الكلباسي كما في البيان في تفسير القرآن ص 234 ) ، قال : أن الروايات الدالة على التحريف مخالفة لاجماع الأمة الا من لا اعتداد به.

 

- ومنهم ( الشيخ جعفر كاشف الغطاء في كشف الغطاء ص 298 ) ، قال : جميع ما بين الدفتين مما يتلى كلام الله تعالى ، بالضرورة من المذهب ، بل الدين واجماع المسلمين ، وأخبار النبي (ص) والأئمة (ع) وأن خالف بعض من لا يعتد به.

 

ومن أجل خوف الاطالة اقتصر على هذه الأسماء وقد وضح لك أن المذهب الحق وأتباعه ، يقولون بالاجماع بعدم تحريف القرآن الكريم والشاذ لا عبرة بقوله : إن وجد لأن الأدلة كلها ضده العقلية والنقلية وبهذا يتم ما لدينا من الأدلة على عدم صحة القول بالتحريف ، وبما أن المستشكل قد ذكر مجموعة من الأسماء وقد ذكرت في ما سبق أن بعضا منهم لم يصرح وإنما ذكر أخبارا يشم منها ذلك ، فأنه كذلك قد ذكر أخبارا أخرى تنفى التحريف مثل أخبار العرض كما مر عليك وقدر رواها صاحب الكافي والعياشي وغيرهم ، بل أن الكليني الذي ينسب إليه القول بالتحريف بسبب تلك الأخبار فانه أيضا قد ذكر أخبارا أخرى مثل : ما جاء في رسالة أبي جعفر الامام محمد بن علي الباقر (ع) إلى سعد الخير ، وكان من نبذهم الكتاب أن أقاموا حروفه وحرفوا حدوده ( روضة الكافي ج 8 ص 53 برقم 16 ) ، وهذه الرواية واضحة في المحافظة على النص وأن حرف المعنى.

 

- ومن تلك الأخبار ما صح عن أبي بصير ، قال : سألت أبا عبد الله الامام جعفر بن محمد الصادق (ع) عن قوله تعالى : { أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ ( النساء : 59 ) } وما يقوله الناس : ما باله لم يسم عليا وأهل بيته ، قال : ان رسول الله (ص) نزلت عليه الصلاة ولم يسم لهم ثلاثا ولا أربعا حتى كان رسول الله (ص) هو الذي فسر لهم ذلك .... ( أصول الكافي ج 1 ص 286 ) ، فهذا الكليني نراه يورد هذه الرواية الصحيحة السند ينفي فيها ذكر إسم أمير المؤمنين (ع) ولكنه ذكر روايات أخرى يتبين منها إن إسم الامام علي (ع) مذكور في القرآن فكيف حكم الحاكم على الكليني بالقول بالتحريف.

 

- ومن هنا سوف أذكر للقارئ الكريم أسماء مجموعة من فطاحل علماء الطائفة وشيوخ مشايخ الطائفة المحقة الذي عليهم وبهم تثبت الأقوال للطائفة لأهميتهم ومقامهم :

 

الأول : شيخ الطائفة والمحدثين : ( أبو جعفر بن محمد بن علي بن الحسين الصدوق ) المتوفي في 318 ، قال : في رسالته التي وضعها لبيان معتقدات الشيعة الإمامية حسب ما وصل إليه من النظر والتمحيص ( اعتقادنا أن القرآن الذي أنزله الله تعالى على نبيه محمد (ص) هو مابين الدفتين ، وهو ما في أيدي الناس ليس بأكثر من ذلك وعدد سوره على المعروف ( 114 ) سورة وعندنا تعد ( الضحى ) و ( ألم نشرح ) سورة واحدة وكذا ( لإيلاف ) و ( ألم تر كيف ) ، قال : ( ومن نسب إلينا إنا نقول أنه أكثر من ذلك فهو كاذب ) ثم أخذ يستدل على عدم التحريف ويرد الأخبار المصدر ( كتاب اعتقادات الامامية المطبوع مع شرح الباب الحادي عشر ص 93 - 94 ).

 

الثاني : شيخ الطائفة وعميدها : ( محمد بن محمد بن النعمان المفيد ) المتوفي في 413 - قال : في أوائل المقالات التي بترها المستشكل الأمين فقد ، قال الشيخ المفيد وقد قال : جماعه من أهل الإمامة : أنه لم ينقص من كلمة ولا من آية ولا من سورة ، ولكن حذف ما كان مثبتا في مصحف أمير المؤمنين (ع) من تأويله وتفسير معانية على حقيقة تنزيله ، وذلك كان مثبتا منزلا وإن لم يكن من جملة كلام الله تعالى الذي هو القرآن المعجز ، وقد يسمى تأويل القرآن قرآنا .... ، قال : وعندي أن هذا القول أشبه من مقال من أدعى نقصان كلم من نفس القرآن على الحقيقة دون التأويل وإليه أميل ، قال : وأما الزيادة فيه فمقطوع على فسادها - أن أريد بالزيادة زيادة سورة على حد يلتبس على الفصحاء فانه متناف مع تحدي القرآن بذلك - وأن أريد زيادة كلمة أو كلمتين أو حرف أو حرفين ولست أقطع على كون ذلك ، بل أميل إلى عدمه وسلامة القرآن عنه ، قال : ومعي بذلك حديث ، عن الصادق جعفر بن محمد (ع) المصدر ( أوائل المقالات ص 54 - 56 ).

 

- وقال في أجوبة المسائل السرورية : فإن ، قال قائل : كيف يصح القول بأن الذي بين الدفتين هو كلام الله تعالى على الحقيقة من غير زيادة ولا نقصان ، وأنتم ترون ، عن الأئمة (ع) أنهم قروا ( كنتم خير أئمة أخرجت للناس ) وكذلك ( جعلناكم أئمة وسطا ) وقروا ( يسألونك الأنفال ) وهذا بخلاف ما في المصحف الذي في أيدي الناس، قيل له  قد مضى الجواب عن هذا ، وهو إن الأخبار التي  جاءت بذلك أخبار آحاد لا يقطع على الله تعالى بصحتها فلذلك ، وقفنا فيها ولم نعدل عما في المصحف الظاهر ، وعلى ما أمرنا به حسب ما بيناه ، مع أنه لا ينكر أن تأتي القراءة على وجهين منزلين أحدهما ما تضمنه المصحف ، والثاني ما جاء به الخبر ، كما يعترف به مخالفونا من نزول القرآن على وجوه شتى ، ( بحار الأنوار كتاب القرآن ج92 ص 75 ) ، فهذا تصريح واضح منه بعدم التحريف فكيف ينسب أنه ، يقول بالتحريف.

 

الثالث : شريف الطائفة وسيدها ( المرتضى علي بن الحسين علم الهدى ) المتوفي في 436 ، قال : في رسالته الجوابية الأولى عن المسائل الطرابلسيات : إن العلم بصحة نقل القرآن كالعلم بالبلدان والحوادث الكبار والوقائع العظام والكتب المشهورة وأشعار العرب المسطورة ، فإن العناية اشتدت والدواعي توفرت على نقله وحراسته ، وبلغت إلى حد لم يبلغه فيما ذكرناه ، لأن القرآن معجزة النبوة ومأخذ العلوم الشرعية والأحكام الدينية ، وعلماء المسلمين قد بلغوا في حفظه وحمايته الغاية ، حتى عرفوا كل شيء أختلف فيه من أعرابه وقرائته وحروفه وآياته ، فكيف يجوز أن يكون مغيرا ومنقوصا ، مع العناية الصادقة والضبط الشديد  إلى أن يقول : إن من خالف في ذلك من الامامية والحشوية لا يعتد بخلافهم ، فإن الخلاف في ذلك مضاف إلى قوم من أصحاب الحديث نقلوا أخبارا ضعيفة ظنوا صحتها ، لا يرجع بمثلها عن المعلوم المقطوع على صحته ، ( مجمع البيان ج1 ص 15 ) وهذا قول صريح واضح.

 

الرابع : شيخ الطائفة ( أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي ) المتوفي في 460 - يقول في مقدمة تفسيره ( البيان ) : وأما الكلام في زيادته ونقصانه فمما لا يليق بهذا الكتاب المقصود منه العلم بمعاني القرآن لأن الزيادة منه مجمع على بطلانها ، والنقصان منه ، فالظاهر أيضا من مذهب المسلمين خلافه ، وهو الأليق بالصحيح من مذهبنا ، وهو الذي نصره المرتضى ، وهو الظاهر في الروايات ، غير أنه رويت روايات كثيرة من جهة الخاصة والعامة بنقصان كثير من آي القرآن ونقل شيء منه من موضع إلى موضع ، طريقها آحاد التي لا توجب علما ولا عملا والأولى الاعراض عنها وترك التشاغل بها ، لأنه يمكن تأويلها .... ( التبيان ج1 ص 3 ط النجف ) ونفى التحريف واضح من هذا العلم.

 

الخامس : ( أبو علي الفضل بن الحسن الطبرسي ) المتوفي 548 - في مقدمة التفسير ، قال : والكلام في زيادة القرآن ونقصانه ، مما لا يليق بالتفسير ، أما الزيادة فيه فجمع علي بطلانه ، وأما النقصان منه فقد روي جماعة من أصحابنا وقوم من حشوية العامة أن في القرآن تغيير أو نقصان ، والصحيح من مذهب أصحابنا خلافه وهو الذي نصره المرتضى واستوفي الكلام فيه غاية الاستيفاء ، ( مجمع البيان ج1 ص 15 ) ، فأننا نرى بأن هذا الشخص قد نسب من نسب إليه القول بالتحريف وهذا قوله واضح فيه التصريح منه بعدم التحريف.

 

السادس : المحقق ( محمد بن المحسن المشتهر بالفيض الكاشاني ) المتوفي في 1090 ، وقد قال : المقدمة السادسة من التفسير بعد ( أن نقل روايات توهم وقوع التحريف في كتاب الله ) ، قال :  أقول ويرد على هذا كله اشكال وهو أنه على هذا التقدير لم يبق لنا اعتماد على شيء من القرآن إذ على هذا يحتمل كل آية منه أن يكون محرفا ومغيرا ويكون على خلاف ما أنزل الله فلم يبق لنا في القرآن حجة أصلا فتنتفي فائدته وفائدة الأمر باتباعه والوصية بالتمسك به إلى غير ذلك ، وأيضا ، قال الله عز وجل : { وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ @ لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ ( فصلت : 41 - 42 ) } وقال : { إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ( الحجر : 9 ) } فكيف يتطرق إليه التحريف والتغيير ، وأيضا قد استفاض عن النبي (ص) والأئمة (ع) حديث عرض الخبر المروي على كتاب الله ليعلم صحته بموافقته له وفساده بمخالفته فإذا كان القرآن الذي بأيدينا محرفا فما فائدة العرض مع أن خبر التحريف مخالف لكتاب اللهم كذب له فيجب رده والحكم بفساده أو تأويله ( الصافي ج 1 ص 33،34 المقدمة السادسة والوافي ج2 ص 273 ، 274 ).

 

ولكن للأسف فأن المستشكل الأمين قد اختار من كلام الشيخ الروايات القائلة بالتحريف ولم يذكر موقف الشيخ فتأمل ، وأما الآن فسوف أنقل أسماء مجموعه من العلماء مع المصدر فمن شاء فعليه البحث والمراجعه : لقد مر ذكر ستة من الفطاحل :

 

السابع : ( الشيخ المجلسي صاحب البحار ) المتوفي في 1111 في ( البحار ج 92 ص 75 ) ، فقال : فإن ، قال قائل : كيف تصح القول بأن الذي بين الدفتين هو كلام الله تعالى على الحقيقة من غير زيادة ولا نقصان ، وأنتم تروون عن الأئمة (ع) أنهم قرؤا ( كنتم خير أئمة أخرجت للناس ) و ( وكذلك جعلناكم أئمة وسطا ) وقرؤا ( يسئلونك الأنفال ) وهذا بخلاف ما في المصحف الذي في أيدي الناس.

 

قيل له : قد مضى الجواب عن هذا ، وهو إن الأخبار التي جائت بذلك أخبار آحاد لا يقطع على الله تعالى بصحتها ، فلذلك وقفنا فيها ، ولم نعدل عما في المصحف الظاهر على ما أمرنا به حسب ما بيناه ، مع أنه لا ينكر أن تاتي القراءة على وجهين منزلين أحدهما ما تضمنه المصحف والثاني ما جاء به الخبر كما يعترف مخالفونا به من نزول القرآن على وجوه شتى .... الخ.

 

الثامن : ( جمال الدين أبو منصور الحسن بن يوسف العلامة الحلي ) المتوفي في 726 في ( أجوبة المسائل المهناوية المسأله 13 ص 121 ).

 

التاسع : ( الشيخ جعفر الكبير كاشف الغطاء ) المتوفي في 1228 في كشف الغطاء كتاب ( القرآن من كتاب الصلاة المبحث السابع والثامن ص 298 ، 299 ).

 

العاشر : ( الشيخ محمد الحسين كاشف الغطاء ) المتوفي سنة 1373 في ( أصل الشيعة وأصولها ص133 ).

 

أحدى عشر : ( الشيخ محمد بن الحسين الحارثي العاملي ) المتوفي سنة 1031 في ( آلاء الرحمن ج1 ص 26 ).

 

الثاني عشر : ( الشيخ محمد بن الحسن بن علي الحر العاملي ) صاحب الوسائل المتوفي سنة  1104 ، ( الفصول المهمة في معرفة احوال الائمة للسيد شرف الدين ص 166 ).

 

الثالث عشر : ( المحقق التبريزي ) المتوفي سنة 1307 في ( أوثق الوسائل بشرح الرسائل ص 91 ).

 

الرابع عشر : ( المحقق الاشتياني ) في ( بحر الفوائد في شرح الفوائد ص 99 ).

 

الخامس عشر : ( السيد حسين الكوهكمري ) ( البرهان ص 122 ).

 

السادس عشر : ( البلاغي ) في ( تفسير آلالا ج 1 ص 25 - 27 ).

 

السابع عشر : ( المحقق المولى عبد الله بن محمد الفاضل التوني ) في ( رساله الوافيه في الأصول كما في البرهان ص 113 ).

 

الثامن عشر : ( السيد محسن الأعرج ) في ( شرح الوافية باب حجيه الكتاب من أبواب الحجج في الأصول ).

 

التاسع عشر : ( الشيخ الكلباسي الأصفهاني ) صاحب التحقيق و ( المحقق ابن القاسم الجيلاني ) و ( الشيخ التستري ) و ( السيد عبد الحسين شرف الدين ) و ( السيد الميلاني محمد هادي ) و ( السيد الكولبايكاني ) و ( السيد ميرزا مهدي الشيرازي ) و ( السيد الخوئي ) في تفسيره و ( الامام الخميني ) : فقد ، قال : أن الواقف على عناية المسلمين بجمع الكتاب وحفظه وضبطه ، قراءة وكتابه ، يقف على بطلان تلك المزعومة وما ورد فيه من أخبار حسبما تمسكوا - أما ضعيف لا يصلح للاستدلال به ، أو مجعول تلوح عليه أمارات الجعل ، أو غريب يقضي بالعجب ، أما الصحيح منها فيرمي إلى مسألة التأويل والتفسير ، وأن التحريف أنما حصل في ذلك لا في لفظه وعبارته وتفصيل ذلك يحتاج إلى تأليف كتاب حافل ببيان تاريخ القرآن والمراحل التي قضاها طيلة القرون ، ويتلخص في أن الكتاب العزيز هو عين ما بين الدفتين ، لا زيادة ولا نقصان .... إلى آخره ، ( تهذيب الأصول ج2 ص 165 بقلم السبحاني ).  

 

- وأما الآن فسوف أنقل أسماء من الف في عدم تحريف القرآن من الطائفة المحقة :

 

- ( شيخ علي بن عبد العالي الكركي ) المتوفي سنة 938 هـ صنف في نفي النقيصة رسالة مستقلة جاء فيها : إن ما دل على الروايات من النقيصة لابد من تأويلها أو طرحها فأن الحدث إذا جاء على خلاف الدليل من الكتاب والسنة المتواترة والاجماع ولم يمكن تأويله ولا حمله على بعض الوجوه وجب طرحه ، ( آلاء الرحمن في تفسير القرآن : ج1 ص 26 ).

 

- ( الشيخ محمد بن الحسن الحر العاملي ) مؤلف كتاب وسائل الشيعه - المتوفي سنة 1104 هـ له رسالة في اثبات عدم التحريف جاء فيها : ومن له تتبع في التاريخ يعلم علما يقينا بأن القرآن ثبت بغاية التواتر ، وبنقل الف من الصحابة ، وأن القرآن كان مجموعا في عهد رسول الله (ص) ، ( اكذوبة تحريف القرآن ص 58 ).

 

- ( السيد حامد حسين ) - صاحب كتاب عبقات الأنوار المتوفى سنة 1306 هـ  له موسوعة في عشرة مجلدات ( استفتاء الأحكام ) ( إستقصى فيها البحث في عدم التحريف وأتي فيها بما لا مزيد عليه ).

 

- ( الميرزاء محمود بن أبي القاسم الطهراني ) من أعلام القرن الرابع - له كتاب ( كشف الارتياب عن تحريف كتاب رب الأرباب ) رد فيه على الزاعمين بالتحريف ، أعيان الشيعة ترجمة المذكور أعلاه.

 

- ( الشيخ رسول جعفريان ) له كتاب ( اكذوبة تحريف القرآن ) طبع سنة 1406 هـ.

 

- ( الميرزاء مهدي البروجردي ) له كتاب ( كتابات ورسالات حول اثبات عدم التحريف ) طبع في ايران.

 

- ( السيد هبه الدين الشهرستاني ) له كتاب ( التنزيه في اثبات صيانة المصحف الشريف من النسخ والنقص والتحريف ) ، ( معجم ريان الفكر في النجف الأشرف ج2 ص 762 ).

 

- ( محمد علي بن السيد محمد صادق الأصفهاني ) له ( عدم التحريف في الكتاب ) ، ( المصدر السابق ج2 ص 789 ).

 

- ( علي محمد الآصفي ) له ( فصل الخطاب في نفي تحريف الكتاب ) ، ( المصدر السابق ج1ص 46 ).

 

- ( السيد محمد حسين الجلالي ) له ( نفي التحريف والتصحيف ) ، ( المصدر السابق ج1 ص 357 ).

 

- ( السيد مرتضى الرضوي ) له ( البرهان على عدم تحريف القرآن ) طبع في بيروت.

 

- ( العلامة الشعراني ) رد على الكتاب المؤلف في التحريف ونقضه فصلا فصلا ، طبع ضمن كتاب ( ثمان رسائل عربي ).

 

- ( العلامة حسن الآملي ) له كتاب ( فصل الخطاب في عدم تحريف كتاب رب الأرباب ) طبع ضمن كتاب ( ثمان رسائل عربي ).

 

- ( السيد علي الميلاني ) له كتاب ( التحقيق في نفي التحريف عن القرآن الشريف ) طبع في ايران وهو متداول.

 

- ( الشيخ محمد هادي ) معرفه له كتاب ( صيانة القرآن من التحريف ) طبع في ايران وهو متداول.

 

- ( السيد أمير محمد القزويني ) له كتاب ( القائلون بتحريف القرآن ) جاء فيه : أما الشيعة فقد أثبتوا من عصر نزول القرآن الكريم على النبي (ص) وحتى قيام الساعة أنهم يتبرؤون أشد البراءة ممن يقول بتحريفه.

 

- ( المرجع الديني الكبير السيد صدر الدين الصدر ) له ( رسالة في اثبات عدم التحريف ) ، ( علماء ثغور الإسلام ج2 ص 535 ).

 

- ( الشيخ آغابزرك الطهراني ) له ( النقد اللطيف في نفي التحريف ) ، ( الذريعة 16 ص 232 ).

 

- ( مؤسسة سلسلة المعارف الإسلامية ) ( سلامة القرآن من التحريف ) اصدار مركز الرسالة ايران.

 

- ( السيد علاء الدين السيد أمير محمد القزويني ) له كتاب ( شبهة القول بتحريف القرآن عند أهل السنة ) طبع في بيروت.

 

وأما الآن فننقل بعضا من الروايات المتواجدة عند غير الشيعة :

 

الأول البخاري : روى ، عن عمر بن الخطاب أنه قال وهو على المنبر : إن الله بعث محمد بالحق نبيا وأنزل عليه الكتاب ، فكان مما أنزل آية الرجم ، فقرأناها وعقلناها ووعيناها ، رجم رسول الله (ص) ورجمنا بعده فأخشى إن طال بالناس زمان أن يقول قائل : ما نجد آية الرجم في كتاب الله فيضل بترك فريضة أنزلها الله ، والرجم في كتاب الله حق على من زنى إذا أحصن من الرجال والنساء ، ثم كنا نقرأ فيما نقرأ من كتاب الله : أن لا ترغبوا عن آبائكم فانه كفر بكم أن ترغبوا عن آبائكم ) ، ( صحيح البخاري ج8 ص 586 ).

 

لعل قائل يقول : بأنها نسخت نسخ تلاوة ، أقول هذا غير ممكن لأنه ورد لأنه ورد في ( تنوير الحوالك للسيوطي ج 3 ص 42 وفتح الباري لابن حجر العسقلاني ج2 ص 127  وفي مالك بن أنس - موطأ مالك ) : ما يلي - وفي خطب عمر بن الخطاب ، عند منصرفه من الحج ، وقال : أياكم أن تهلكوا عن آية الرجم يقول قائل : لا نجد حدين في كتاب الله ، فقد رجم رسول الله (ص) ورجمنا ، والذي نفسي بيده ، لولا أن يقول الناس زاد عمر بن الخطاب في كتاب الله تعالى لكتبتها : ( الشيخ والشيخه - إذا زنيا - فأرجموهما البته ).

 

وفي ( الاتقان ج 1 ص 58 ) أن عمر جاء بآية الرجم عند الجمع الأول على عهد أبي بكر ، فلم تقبل منه ، وطلب زيد بن ثابت منه شاهدين يشهدان بأنها آية من كتاب الله ، فلم يستطع عمر من اقامتها.

 

إذا لو استطاع عمر : إن يأتي بالشهادة لكتبت ومن غير المعقول إن عمر لم يعلم بنسخها ، وكذلك زيد ويروي ( مسلم في صحيحه ج4 ص 167 ةج 5 ص 116 و مسند أحمد ) في أكثر من موقع ففي (  ج1 ص23 وج 5 ص 132 و183 ، والغريبة أن أحمد رواها في مسنده عن الامام علي (ع) وهذا نصه : عن علي بن أبي طالب (ع) ، قال : إن الرجم سنة من رسول الله (ص) وقد كانت نزلت آية الرجم فهلك من كان يقرؤها وآيا من القرآن ، فأين النسخ.

 

- وفي البخاري أن آية : { وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالأُنثَى ( الليل : 3 ) } هي والذكر والأنثى ( البخاري ج5 ص 25 ).

 

الثاني صحيح مسلم : عن سعيد ابن جبير ، قال : قلت لابن عباس ، سورة التوبة ، قال : التوبة ، قال : بل هي الفاضحة ، ما زالت تنزل ومنهم حتى ظنوا أن لا يبقى أحد الا ذكر فيها ، ( صحيح مسلم ج4 ص 2322 ) ، والكلام عن سورة براءة وما بقى منها ليس من كلام مسلم ومروياته ولكن هنالك أيضا غيره منهم :

 

- ( السيوطي في الاتقان ج1 ص 184 طبعة حديثة ) قال مالك : إن أولها لما سقط سقط معه البسملة ، فقد ثبت أنها كانت تعدل البقرة لطولها.

 

- وكذلك ( الحاكم النيسابوري في الجزء 2 ص 330 ) ، قال : عن حذيفه بن اليمان الصحابي الجليل أنه قال : ما تقرأون ربعها ( يعني ربع برءاة ) وأنكم تسمونها سورة التوبة وهي سورة العذاب ، وقال : المستدرك أنه سند صحيح ، ولمسلم رواية أخرى وهي ، عن عائشة أنها ، قالت : كان فيما أنزل من القرآن عشر رضعات معلومات يحرمن ، ثم نسخن بخمس معلومات ، فتوفي رسول الله (ص) وهن فيما يقرأن من القرآن ( ج2 ص 1075 باب التحريم بخمس رضعات ) ، وهنا لا مجال للنسخ لأن النبي (ص) توفى وهن مما يقرأ من القرآن فمتى نسخن.

 

- ولمسلم رواية ثالثة وهي ، عن أبي الأسود ، عن أبيه ، قال : بعث أبو موسى الأشعري إلى قراء أهل البصرة فدخل عليه ثلاثمائة رجل قد قرأوا القرآن ، فقال : أنتم خيار أهل البصرة وقراوهم ، ولا يطولن عليكم الأمد فتقسوا قلوبكم كما قست قلوب من كان قبلكم ، وإنا كنا نقرأ سورة كنا نشبهها في الطول والشدة ببراءة فأنسيتها ، غير إني قد حفظت منها ( لو كان لابن آدم واديان من مال لابتغى واديا ثالثا ولا يملأ جوف ابن آدم الا التراب ) ، وكنا نقرأ سورة كنا نشبهها بأحدى المسبحات ، فأنسيتها غير أني حفظت منها : ( يأيها الذين آمنوا لم تقولون مالا تفعلون ) فتكتب شهادة في أعناقكم فتسألون عنها يوم القيامة ، ( ج 2 ص 726 باب كراهة الحرص على الدنيا ) ولمسلم روايات آخر منها أن قوله تعالى : ( والليل إذا يغشى والذكر والأنثى ) وفي القرآن الآن وما خلق الذكر.

 

الثالث : مسند الامام أحمد بن حنبل : عن أبي بن كعب ، قال : ان رسول الله (ص) ، قال : إن الله أمرني أن اقرأ عليك القرآن ، قال : فقرأ : ( لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب ) فقرأ فيها : لو أن أين آدم سأل واديا من مال فأعطيه لسأل ثانيا ، فلو سأل فأعطيه لسأل ثالثا ، ولا يملأ جوف ابن آدم الا التراب ويتوب الله على من تاب وأن ذلك الدين القيم عند الله الحنيفية غير المشركة ولا اليهودية ولا النصرانية ومن يفعل خيرا فلن يكفره ) ، ( المسند ج5 ص 131 ) فأين ذهبت هذه الآيات.

 

- وله رواية أخرى عن زر بن جيش ، عن أبي بن كعب ، قال : ( كم تقرءون من سورة الأحزاب ، قال : بضعا وسبعين آية ، قال : لقد قرأتها مع رسول الله (ص) مثل البقرة أو أكثر منها وإن فيها آية الرجم ) ، ( المسند ج5 ص132 ).

 

- ولا يقول قائل إنها نسخت لأن ( صاحب الاتقان في ج2 ص25 والطبعة الحديثة ج3 ص 72 ) يقول وفي حديث عروة ، عن خالته عائشة ، قالت : كانت سورة الأحزاب تقرأ زمن النبي (ص) : 200 آية ، فلما كتب عثمان المصاحف ، لم نقدر منها الا على ما هو الآن ، إذا النقص بعد كتابة القرآن من قبل عثمان فمتى نسخ.

 

- وروى ( الامام أحمد في مسنده ج 6 ص 73 ) ، عن أبي يونس مولى عائشة ، قال : أمرتني عائشة أن أكتب لها مصحفا ، قالت : إذا بلغت إلى هذه الآية : { حَافِظُواْ عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى ( البقرة : 238 ) } فأذني فلما بلغتها آذنتها ، فأملت على ( حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وصلاة العصر وقوموا لله قانتين ) ، قالت : سمعتها من رسول الله (ص) ، فأين هذه الزيادة وكيف نسخت نسخ تلاوة والسيدة قد أثبتتها في مصحفها بعد وفاة الرسول (ص).

 

- وينقل ( الامام أحمد في مسنده ج 5 ص 132 ) ، عن زر بن حبيش ، عن أبي بن كعب هذه الأية ( إن الدين عند الله الحنيفيه غير المشركة ولا اليهودية ولا النصرانية ومن يفعل خيرا فلن يكفره ، قال : شعبه ، ثم قرأ آيات بعدها ، ثم قرأ : لو أن لابن آدم واديان من مال ، فأين هذه الآيات المزعومة.

 

الرابع : ( الحاكم في المستدرك ، مع تلخيص الحافظ الذهبي ، ففي ج 2 ص 415 تفسير الأحزاب ) ، عن زر ، عن أبي بن كعب ، قال : ( كانت سورة الأحزاب توازي سورة البقرة وكان فيها الشيخ والشيخه إذا زنيا فأرجموهما البتة ) قال : حديث صحيح ولم يخرجاه وكذلك صححه الذهبي في التلخيص ، وقد مر عليك أن النقص وقع عند جمع عثمان للقرآن.

 

- وذكر في ( ج 2 ص 331 ) ، عن حذيفه (ر) ، قال : ما تقرءون ربعها يعني براءة ، انكم تسمونها سورة التوبة وهي سورة العذاب ، قال عنه حديث صحيح وكذلك ، قال الذهبي : فأين ذهبت ( لعله ذهب بذهاب حملته يوم اليمامة فقد قيل : بلغنا أنه كان أنزل قرآن كثير ، فقتل علماؤه يوم اليمامة ، الذين وعوه ، ولم يعلم بعدهم ولم يكتب ( منتخب كنز العمال في سنن الأقوال والأفعال بهامش مسند أحمد ج 2 ص 50 ).

 

- ورواية نقص سورة براءة يؤكدها ( السيوطي في الاتقان ج1 ص 184 ط حديثه ) ، حيث قال : قال مالك بن أنس : أن أولها لما سقط سقط معه البسملة فقد ثبت أنها كانت تعدل البقرة لطولها.

 

- وذكر ( الحاكم أيضا في ج2 ص 305 ) ، عن أبي نضره ، قال : قرأت على ابن عباس : { فَمَا اسْتَمْتَعْتُم بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً ( النساء : 24 ) } فقال ابن عباس : فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى ، قال أبو نضره : فقلت : لا تقرؤها كذلك ، فقال ابن عباس : والله لأنها كذلك فأين هي الآن وإذا كانت منسوخة كيف تسني لابن عباس قرأتها وعدم علمه بنسخها.

 

- وذكر أيضا في ( ج2 ص 276 ) وعن أبي بن كعب أنه كان يقرأ : فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام متتابعات ، قال عنه هو والذهبي : أنه حديث صحيح ، ولا وجود لكلمة متتابعات في القرآن ، وذكر في (  ج2 ص 249  ) ، إني أنا الرزاق ذو القوة المتين - وفي القرآن إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين ، وقال عنه هو والذهبي : أنه حديث صحيح.

 

- وذكر في (  ج 2 ص 534  ) في تفسير سورة العصر ، عن علي (ر) : أنه قرأ : والعصر ونوائب الدهر أن الانسان لفي خسر ، حديث صحيح الاسناد وصححه الذهبي ، فأين ذهبت ونوائب الدهر.

 

الخامس : ( ابن ماجه في سننه ج1 ص 626 حديث 1944 باب رضاع الكبير ) ، عن عائشة ، قالت : لقد نزلت آية الرجم ، ورضاعة الكبير عشرا ، ولقد كان في صحيفة تحت سريري ، فلما مات رسول الله (ص) وتشاغلنا بموته ، دخل داجن فأكلها ، فأين النسخ يا قوم وهذه الرواية ينقلها ( الدار مي في سننه ج2 ص 157 باب كم رضعة تحرم ) ، عن عائشة ، قالت : نزل القرآن بعشر رضعات معلومات يحرمن ، ثم نسخن بخمس معلومات ، فتوفي رسول الله (ص) وهن مما يقرأ من القرآن ، استمع جيدا توفي النبي (ص) وهن مما يقرأ من القرآن.

 

وأما الآن فسوف أمر مرورا سريعا ببعض الآيات المدعى زيادتها :

 

-  آية الرجم : الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموها البتة ، ( الحاكم النيسابوري ج2 ص 415 ) و ( البخاري ج8 ص 208 باب رجم الحبلي ) و ( مسلم ج4 ص 217 وج 5 ص 116 ) و ( مسند أحمد ج 1 ص 23 وج5 ص 132 وص 183 ) و ( أبو داود كتاب الحدود ص 23 ) و ( الترمذي الحدود ص 7 ).

 

- آية الرغبة : أن لا ترغبوا عن آباءكم فأنه كفر بكم أن ترغبوا عن آباءكم ، ( البخاري ج 8 ص 209 إلى 211 ) و ( مسلم ج 4 ص 167 وج 5 ص 116 ) و ( الدر المنثور في التفسير بالمأثور ج 1 ص 106 ).

 

- آية الجهاد : أن جاهدوا كما جاهدتم أول مرة ، ( منتخب كنز العمال في سنن الأقوال والأفعال ج2 ص 42 ) و ( الدر المنثور في التفسير بالمأثور ج1 ص 106 ).

 

- آية الفراش : الولد للفراش وللعاهر الحجر ، ( الدر المنثور في التفسير بالمأثور ج6 ص 199 ).

 

- آية في سورة الليل : والليل إذا يغشى والنهار إذا تجلى والذكر والأنثى ، ( البخاري ج 6 ص 561 ) وفي القرآن : { وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالأُنثَى ( الليل : 3 ) } فأين الناقص.

 

- آية الرضا : بلغوا قومنا فقد لقينا ربنا فرضي عنا ورضينا عنه ، ( البخاري ج 5 ص 107 ) ، فأين ذهبت.

 

- آية التبليغ : يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك أن عليا مولى المؤمنين وإن لم تفعل فما بلغت رسالته ، ( الدر المنثور في التفسير بالمأثور ج 2 ص 528 ).

 

- آية الأنذار : وأنذر عشريتك الأقربين ورهطك منهم المخلصين ، ( الدر المنثور في التفسير بالمأثور ج 5 ص 182 ).

 

- آية المحافظة على الصلوات : حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وصلاة العصر وقوموا لله قانتين ، ( صحيح مسلم ج 1 ص 437 ).

 

- آية ولاية النبي (ص) : النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم وهو أب لهم ، ( منتخب كنز العمال في سنن الأقوال والأفعال ج 2 ص 43 ).

 

- آية الحمية : أنجعل الذين كفروا في قلوبهم الحمية الجاهلية ولو حميتم كما حموا لفسد المسجد الحرام ، فأنزل الله سكينته على رسوله ، ( الدر المنثور في التفسير بالمأثور ج 6 ص 77 ).

                                                                                                 

- آية الصلاة على النبي (ص) : إن الله وملائكته إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا  تسليما وعلى الذين يصلون في الصفوف الأولى ، ( الاتقان ج 2 ص 188 ) ، وقالت حميدة : راوية الرواية وهى حميدة بنت أبي يونس مولى عائشة ، قالت : قرأه على أبي وهو ابن ثمانين سنة ، في مصحف عائشة ( الآية المزعومة ) ، ثم قالت : قبل أن يغير عثمان المصاحف. ( في طبعة ج 3 ص 73 ).

 

- آية الرضاع : عن عائشة : أنها ، قالت : كان فيما نزل في القرآن عشر رضعات معلومات يحرمن ، ثم نسخن بخمس معلومات ، فتوفي النبي (ص) وهن فيما يقرأ من القرآن ، ( صحيح مسلم ج 2 ص 1075 ).

 

- آية القتال : وكفى الله المؤمنين القتال بعلي بن أبي طالب ، ( الدر المنثور في التفسير بالمأثور ج 5 ص 368 ).

 

- القرآن أكثر من مليون حرف : فقد أخرج الطبراني بإسناده - عن عمر بن الخطاب أنه قال : القرآن الف الف وسبعة وعشرون الف حرف ، فمن قرأه صابرا ومحتسبا ، كان له بكل حرف زوجة من حور العين ، ( الاتقان طبعة حديثه ج 1 ص 198 ) ، فهذا يساوي ثلاثة أضعاف القرآن الموجود فأين ذهب الباقي.

 

- فقدان سورة بأكملها : فقد أخرج مسلم في صحيحة بإسناده ، عن أبي الأسود ، قال : بعث أبو موسى الأشعري إلى قراء أهل البصرة ، فدخل عليه ثلاثمائة رجل قد قرأوا القرآن ، فقال : أنتم خيار أهل البصرة وقراؤهم ، فاتلوه ولا يطولن عليكم الأمد فتقسو قلوبكم كما قست قلوب من كان قبلكم .. قال : وإنا كنا تقرأ سورة كما نشبهها في الطول والشدة ببراءة فأنسيتها ، غير أني قد حفظت منها : لو كان لابن آدم واديان من مال لابتغى واديا ثالثا ، ولا يملاء جوف ابن أدم الا التراب ، وكنا نقرأ سورة كنا نشبهها باحدى المسبحات فأنسيتها غير إني حفظت منها : يأيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون ، فتكتب شهادة في أعناقهم فتسألون عنها يوم القيامة ، ( المصدر صحيح مسلم ج 3 ص 100 ).

 

- وأنت خبير بأن هذا الطلب من قبل أبي موسى انكار وتألم على ما حصل من تركهم القرآن وتلاوته وبالنتيجة قست قلوبهم فنسوا جزا كبيرا من القرآن والا ما هو الدافع لذكر آيات قد نسخت على دعوى النسخ.

 

- وهناك الكثير من مثل هذه الآيات والسور المزعومة وعندما تناقشهم يقولوا لك أنها نسخت نسخ تلاوة فأقول : إن نسخ التلاوة لا يصمد لأسباب منها :

 

أولا : إن الذين نقلوا وقوع النقص في القرآن كانوا موجودين حين نزوله على النبي (ص) فلم يدعى أحدهم أن النقص هذا بسبب النسخ ، فكيف علمنا نحن أنه من باب نسخ التلاوة.

 

ثانيا : من ، قال بالنسخ لم يبين لنا الآيات المنسوخة حتى لا تختلط بغير المنسوخ أولا تسبب لنا ارباك وشك ، فإذا علمنا ما هو المنسوخ انتهت المشكلة فلماذا لم ينقل لنا عن النبي (ص) ذلك حتى يعلم.

 

ثالثا : إن الهدف الأساسي من انزال القرآن هو الاعجاز فلا نعلم إن يشال من القرآن هذا الكم الكبير هل لأنه ما كان فيه اعجاز فلم يعلم به الله ألا بعد انزاله فقرر تغييره بما هو أبلغ منه وخاصة ذلك الذي رفع رسمه وبقى حكمه كآية الرجم والرضاع وصلاة العصر.

 

رابعاَ : أن النقص المزعوم موقوف على الناقلين له ولم ينسب للنبي (ص) فإذا معلومية كونه قرآن غير ثابت لأنه خبر آحاد وكونه منسوخ لم يعلم ذلك من النبي (ص) ، فلعله كذب من الناقل على فرض صحة النسبة للراوي.

 

خامسا : وجدنا القرآن قد سجل الكثير من الآيات الناسخة لبعض الأحكام مع المنسوخ فكيف جاز هنا رفع هذه الآيات ، ولم يثبت الناسخ لها على أقل تقدير وبقى الحكم قائما ، فلماذا نسخت وما هو الناسخ يا ترى ، وما هى المصلحة.

 

سادسا : إن الله سبحانه وتعالى أمر نبيه بأن يقرأ على الناس جميع ما أوحي إليه من ربه ولم يستثني منه شيئا : { اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ ) ( العنكبوت :  45 ) } و { وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لأُنذِرَكُم بِهِ وَمَن بَلَغَ ( الأنعام : 19 ) } و { وَأَنْ أَتْلُوَ الْقُرْآنَ فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَن ضَلَّ فَقُلْ إِنَّمَا أَنَا مِنَ الْمُنذِرِينَ ) ( النمل : 92 ) }.

 

- وأهم الوجوه لنسخ التلاوة - إن كثيرا من علماء غير الشيعة أنكروا ما يسمى ( نسخ التلاوة ) :

 

- فقد ، قال السيوطي في اتقانه : حكى القاضي أبو بكر في الانتصار عن قوم انكار لهذا الضرب من النسخ ، لأن الأخبار فيه أخبار آحاد ، ولا يجوز القطع على انزال قرآن ونسخه بأخبار آحاد لا حجة فيه ) ( السيوطي في كتاب الاتقان في علوم القرآن د2 ص 721 ) فإذا هذا أحد كبار علماء اخوتنا السنة ينكر مثل هذا النسخ.

 

- وقال : ( الشوكاني : في ارشاد الفحول : ص 189 : 190 ) ، منع قوم من نسخ اللفظ مع بقاء حكمه ، وبه جزم شمس الدين السرخسي ، لأنه الحكم لا يثبت بدون دليله.

 

- وحكى ( الزرقاني في مناهل العرفان ، ج2 ص 112 ) ، عن جماعة في منسوخ التلاوة دون الحكم أنه مستحيل عقلا ، وحكي عن آخرين أنهم منعوا وقوعه شرعا.

 

- ونكر ( ابن ظفر في كتابه الينبوع ) : نسخ التلاوة دون الحكم ، وقال : ( لأن خبر الواحد لا يثبت القرآن ).

 

- وممن قد أنكر مثل هذا النسخ ( أبو إسحاق الشيرازي في كتابه التوضيح ) وأنكره أيضا من المتأخرين والمعاصرين :

 

- الشيخ ( علي حسن العريض في كتابه فتح المنان في نسخ القرآن ص 224 وص 226 ).

 

- والشيخ ( محمد الخضري في كتابه تاريخ التشريع الإسلامي ).

 

- والدكتور ( صبحي الصالح في كتابه مباحث في علوم القرآن ص 265 ).

 

- والاستاذ ( مصطفى زيد في كتاب النسخ في القرآن ج 1 ص 283 ).

 

- ( وابن الخطيب في كتابه الفرقان ) وغيرهم.

 

- فإذا كانت هذه النظرية لا يمكن أن تصمد امام الاعتراضات المثارة عليها وهي منتقدة من غير الشيعة كما مر عليك سابقا فإذا لا حل لهذه الأخبار ، ولكن وعلى فرض لو سلمنا بأن هذه القاعدة تامة رغم ما فيها وما عليها من اشكال فهل هى قادره على حل المشكلة اعتقد لا لماذا ، لوجود مجموعه من الأخبار لا يمكن أن نحلها بهذه القاعدة وسوف أورد بعضا منها هنا :

 

أولا : ففي حديث عروة ، عن خالته عائشة ، قالت : كانت سورة الأحزاب تقرأ زمن النبيص مأتي آية فلما كتب عثمان المصاحف ، لم نقدر منها الا على ما هو الآن ( الاتقان في علوم القرآن للسيوطي طبعة قديمة ج2 ص 25 والطبعة الحديثة ج 3 ص 72 ) ، ومما سقط منها آية الرجم ( الشيخ والشيخة فأرجموهما البتة بما قضيا من اللذة ) وهذه الآية مروية في صحاح أهل السنة ، ووضح لك من الرواية أنها سقطت في أثناء جمع عثمان للمصاحف وليس في عهد النبي ، وحسب رواية ( ابن ماجه في السنن ج1 ص 625 ح 1944 ) أنها موجودة بعد وفاة النبي عن عائشة.

 

ثانيا : آية الرضاع : فعن عائشة : أنها ، قالت : ( كان فيما أنزل من القرآن عشر رضعات معلومات يحرمن ، ثم نسخن بخمس معلومات فتوفي رسول الله (ص) وهن فيما يقرأ من القرآن ) المصدر ، ( صحيح مسلم ج2 ص 1075 ) وغيره وقد مرت عليك فهذا اقرار من السيدة : أن النبي (ص) قد توفى وهن مما يقرأ فمتى حدث النسخ على فرض صحته.

 

ثالثا : آية الرغبة : وعن جماعه من الأصحاب أنه كان من القرآن وقد أسقط فيما أسقط آية ( لا ترغبوا عن آبائكم فانه كفربكم أن ترغبوا عن آبائكم ) ، ( صحيح البخاري ج 8 ص 208  ) ، فالاسقاط لا يناسب النسخ على الاطلاق ، وراجعها أيضا في ( الاتقان في علوم القرآن ج 2 ص 43 وج 3 ص 83 ).

 

رابعا : ( آية لو كان لابن آدم واديان من مال لأبتغى واديا ثالثا ولا يملأ جوف ابن آدم الا التراب ) ، ( صحيح مسلم ج 2 ص 726 ح 1050 والدر المنثور في التفسير بالمأثور والاتقان ج 30 ص 83 والدر المنثور في التفسير بالمأثور ج 6 ص 378 ) ، وقد نص في بعض الأخبار أنها قرآءة أبي ، وقال الراغب الأصفهاني في محاضرات الأبرار : أنها ثابته في مصحف ابن مسعود ، فمتى تم النسخ إذا.

 

خامسا : آية الجهاد ، قال عمر لعبد الرحمن بن عوف : ألم تجد فيما أنزل علينا ( أن جاهدوا كما جاهدتم أو مرة ) فأنا لا أجدها ، قال : أسقطت فيما أسقط من القرآن ( الاتقان في علوم القرآن ج 3 ص 84  ) ووجدنا التعبير بأنها أسقطت ولم تنسخ.

 

سادسا : آية الصلاة على النبي (ص) : روى الحافظ السيوطي ، عن حميدة بنت أبي يونس ، قالت : قرأ علي أبي - وهو ابن ثمانين سنة في مصحف عائشة ( أن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما وعلى الذين يصلون الصفوف الأول ) ، قالت : قبل أن يغير عثمان المصاحف ( الاتقان في علوم القرآن ج 3 ص 82 ) ، وهذه كيف تم نسخها في عهد عثمان تفكر جيدا ثامنا آية ولاية النبي (ص).

 

- قال الحافظ السيوطي : أخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور ، وإسحاق بن راهويه وابن المنذر والبيهقي ، عن مجالد ، قال : مر عمر بن الخطاب بغلام وهو يقرأ في المصحف ( النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم وهو آب لهم ) ، فقال : يا غلام حكها ، فقال : هذا مصحف أبي بن  كعب ، فذهب إليه فسأله ، فقال : إنه كان يلهين القرآن ، ويلهيك الصفق بالأسواق ( الدر المنثور في التفسير بالمأثور ج 5 ص 183 ) ، فنجد أن أبي قد صحح الموقف لعمر بأنه كان يهتم بالقرآن وأن عمر مهتم بالأسواق ، وقد رواها السيوطي ، عن مجموعه من الحفاظ منهم : الصنعاني وسعيد بن منصور صاحب السنن وابن راهويه شيخ البخاري والحاكم صاحب المستدرك والبيهقي صحاب السنن والقريابي شيخ أحمد والبخاري.

 

سابعا : آية كفى الله المؤمنين القتال بعلي : روى الحافظ السيوطي في تفسيره قوله تعالى : { وَكَفَى اللهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ ( الأحزاب : 25 ) } عن ابن أبي حاتم وابن مردويه وابن عساكر ، عن ابن مسعود : أنه كان يقرأ الآية هكذا : كفى الله المؤمنين القتال بعلي بن أبي طالب ( الدر المنثور في التفسير بالمأثور ج 5 ص 192 ) فهل هذا عن بعض مرويات الشيعه وإذا علمنا أن هذه الآية في مصحف ابن مسعود فمتى تم النسخ.

 

ثامنا : آية المحافظة على الصلاة الوسطى : ذكر ابن حجر العسقلاني أنه روى مسلم بن الحجاج وأحمد بن حنبل من طريق أبي يونس ، عن عائشة : إنها أمرته أن يكتب لها مصحفا فلما بلغت : ( حافظا على الصلوات ) قال : فأملت علي : ( حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وصلاة ( العصر ) ) قالت : سمعتها من رسول الله (ص) ، ( فتح الباري في شرح صحيح البخاري ج 8 ص 158 والموطا ج 1 ص 138 ) ، وقد رواها مالك ، عن عمرو بن نافع ، قال : كتب مصحفا لحفصه ، فقالت : إذا أتيت هذه الآية فآذني ، فأملت على : ( حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وصلاة العصر ) ، ( الموطا ج1 ص 139 ) ، فلماذا كل هذا الاصرار من السيدتين ولو أن هذه الآية منسوخة لعلمتا بذلك لأنهما في بيت النبي (ص) ولأخبر هما النبي (ص) بذلك.

 

تاسعا : آية البلاغ : قال السيوطي : أخرج ابن مردويه ، عن ابن مسعود ، قال : كنا نقرأ على عهد رسول الله (ص) ( يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك إن عليا مولى المؤمنين وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس ) ، ( الدر المنثور في التفسير بالمأثور ج 2 ص 298 ).

 

- وأخرج الثعلبي في تفسيره بسنده ، عن أبي وائل ، قال : ( قرأت في مصحف عبد الله بن مسعود : إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران وآل محمد على العالمين ) ، وهناك الكثير من هذه النماذج لا يمكن ولا يقدر أي شخص على حملها على النسخ مثل زيادة المعوذتين كما ورد في مصحف ابن مسعود أو تغيير بعض الالفاظ ومن الأمثله على ذلك في سورة الليل والذكر والأنثى بنقصان ( وما خلق ) ( صحيح البخاري ج 6 ص 561  ) ، وروي : أن ابن مسعود كان يحك المعوذتين من المصحف ويقول بزيادتها ( الدر المنثور في التفسير بالمأثور ج 6 ص 77 ).

 

- وعن عروة ، قال : سألت عائشة عن لحن القرآن ( إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئون ) و ( والمقيمين الصلاة والمؤتون الزكاة ) و ( إن هذان لساحران ) ، فقالت : يابن أختي هذا عمل الكتاب أخطوا في الكتابة ، ( الدر المنثور في التفسير بالمأثور ج 2 ص 435 ) ، وفي سورة الفاتحة ( صراط من أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم وغير الصالحين ) ، ( الدر المنثور في التفسير بالمأثور ج 1 ص 41 وص 42  ) ، وآية الاحسان ( ووصى ربك الا تعبدوا الا اياه ) ( الدر المنثور في التفسير بالمأثور ج 4 ص 309 )، فراجع لترى أيها السائل بأم عينك ماذا موجود لديكم.

 

- وسوف أضيف اليكم موقف الشيعة في نسخ التلاوة ، وسوف أنقل لكم قول أحد الأعلام في المذهب حول نسخ التلاوة وهو المرحوم آية الله العظمى السيد أبو القاسم الخوئي كما في كتابه ( البيان في تفسير القرآن ص277 ).

 

يقول السيد المعنى اللغوي والاصطلاحي للنسخ  ، امكان النسخ ، وقوعه في التوراة ، وقوعه في الشريعة الإسلامية ، أقسام النسخ ثلاثة ، الآيات المدعي نسخها واثبات أنها محكمة ، آية المتعة ودلالتها على جواز نكاح المتعة ، الرجم على المتعة ، فتوى أبي حنيفة  باسقاط حد الزنا بالمحارم إذا عقد عليها ، فتواه بسقوط  الحد إذا استأجر امرأة فزنى بها ، نسبة هذه الفتوى إلى عمر ، مزاعم حول المتعة ، تعصب مكشوف حول ترك الصحابة العمل بآية النجوى ، كلام الرازي والرد عليه.

                                                                                      

- في كتب التفسير وغيرها آيات كثيرة أدعى نسخها ، وقد جمعها ( أبو بكر النحاس في كتابه  الناسخ والمنسوخ ) فبلغت  138 آية ، وقد عقدنا هذا البحث لنستعرض جملة من تلك الآيات المدعى نسخها ولنتبين فيها أنه ليست - في واقع الأمر ، واحدة منها منسوخة ، فضلا عن جميعها  ، وقد اقتصرنا على ( 36 ) آية منها ، وهي التي أستدعت المناقشة والتوضيح لجلاء الحق فيها ، وأما سائر الآيات فالمسألة فيها أوضح من أن يستدل على عدم وجود نسخ فيها.

 

النسخ في اللغة :

 

- هو الاستكتاب ، كالاستنساخ والانتساخ ، وبمعنى النقل والتحويل ، ومنه تناسخ المواريث والدهور ، وبمعنى الازالة ، ومنه نسخت الشمس الظل ، وقد كثر استعماله في هذا المعنى في السنة الصحابة والتابعين فكانوا يطلقون على المخصص والمقيد لفظ الناسخ.

 

النسخ في الاسطلاح :

 

- هو رفع أمر ثابت في الشريعة المقدسة بارتفاع أمده وزمانه ، سواء أكان ذلك الأمر المرتفع من الأحكام التكليفيه أم الوضعيه ، وسواء أكان من المناصب الإلهيه أم من غيرها من الأمور التي ترجع إلى الله تعالى بما أنه شارع ، وهذا الأخير كما في نسخ القرآن من حيث التلاوة فقط ، وإنما قيدنا الرفع بالأمر الثابت في الشريعة ليخرج به ارتفاع الحكم بسبب ارتفاع موضوعه خارجا ، كارتفاع وجوب الصوم بانتهاء شهر رمضان ، وارتفاع وجوب الصلاة بخرج وقتها ، وارتفاع ما لكية شخص لماله بسبب موته ، فأن هذا النوع من ارتفاع الأحكام لا يسمى نسخا ، ولا اشكال في امكانه ووقوعه ، ولا خلاف فيه من أحد.

 

ولتوضيح ذلك نقول : أن الحكم المجعول في الشريعة المقدسة له نحوان من الثبوت :

 

أحدهما : ثبوت ذلك الحكم في عالم التشريع والانشاء ، والحكم في هذه المرحلة يكون مجعولا على نحو القضية الحقيقية ، ولا فرق في ثبوتها بين وجدود الموضوع في الخارج وعدمه ، وإنما يكون قوام الحكم بفرض وجود الموضوع ،

فإذا ، قال الشارع : شرب الخمر حرام - مثلا - فليس معناه أن هنا خمرا في الخارج ، وأن هذا الخمر محكوم بالحرمة ، بل معناه أن الخمر متى ما فرض وجوده في الخارج فهو محكوم بالحرمة في الشريعة سواء أكان في الخارج خمر بالفعل أم لم يكن ، ورفع هذا الحكم في هذه المرحلة لا يكون الا بالنسخ.

 

وثانيهما : ثبوت ذلك الحكم في الخارج بمعنى أن الحكم في الخارج بمعنى أن الحكم يعود فعليا بسبب فعلية موضوعه خارجا ، كما إذا تحقق وجود الخمر في الخارج ، فإن الحرمة المجعولة في الشريعة للخمر تكون ثابتة له بالفعل ، وهذه الحرمة تستمر باستمرار موضوعها ، فإذا انقلب خلا فلا ريب في ارتفاع تلك الحرمة الفعلية التي ثبتت له في حال خمريته ، ولكن ارتفاع هذا الحكم ليس من النسخ في شيء ، ولا كلام لأحد في جواز ذلك ولا في وقوعه ، وإنما الكلام في القسم الأول ، وهو رفع الحكم ، عن موضوعه في عالم التشريع والانشاء.

 

امكان النسخ :

 

- المعروف بين العقلاء من المسلمين وغيرهم جواز النسخ بالمعنى المتنازع فيه رفع الحكم ، عن موضوعه في عالم التشريع والانشاء وخالف في ذلك اليهود والنصارى فأدعوا استحالة النسخ ، واستندوا في ذلك إلى شبهة هي أوهن من بيت العنكبوت.

 

وملخص هذه الشبهة :

 

- أن النسخ يستلزم عدم حكمة الناسخ ، أو جهله بوجه الحكمة ، وكلا هذين اللازمين مستحيل في حقه تعالى ، وذلك لأن تشريع الحكم من الحكيم المطلق لابد وإن يكون على طبق مصلحة تقتضيه ، لأن الحكم الجزافي ينافي حكمة جاعله ، وعلى ذلك فرفع هذا الحكم الثابت لموضوعه إما أن يكون مع بقاء الحال على ماهو عليه من وجه المصلحة وعلم ناسخه بها ، وكشف الخلاف على ما هو الغالب في الأحكام والقوانين العرفية ، وهو يستلزم الجهل منه تعالى ، وعلى ذلك فيكون وقوع النسخ في الشريعة محالا لأنه يستلزم المحال.

 

والجواب : أن الحكم المجعول من قبل الحكيم قد لا يراد منه البعث ، أو الزجر الحقيقيين كالأوامر التي يقصد بها الأمتان ، وهذا النوع من الأحكام يمكن اثباته أولا ثم رفعه ، ولا مانع من ذلك ، فإن كلا من الاثبات والرفع في وقته قد نشأ عن مصلحة وحكمة ، وهذا النسخ لا يلزم منه خلاف الحكمة ، ولا ينشأ من البداء الذي يستحيل في حقه تعالى.

 

وقد يكون الحكم المجعول حكما حقيقيا ، ومع ذلك ينسخ بعد زمان ، لا بمعنى أن الحكم بعد ثبوته يرفع في الواقع ونفس الأمر ، كي يكون مستحيلا على الحكيم العالم بالواقعيات ، بل هو بمعنى أن يكون الحكم المجعول مقيدا بزمان خاص معلوم عند الله ، مجهول عند الناس ، ويكون ارتفاعه بعد انتهاء ذلك الزمان ، لانتهاء أمده الذي قيد به ، وحلول غايته الواقعية التي أنيط بها.

 

والنسخ بهذا المعنى ممكن قطعا ، بداهة : أن دخل خصوصيات الزمان في مناطات الأحكام مما لا يشك في عاقل ، فأن يوم السبت ، مثلا في شريعة موسى (ع) قد أشتمل على خصوصية تقتضي جعله عيدا لأهل تلك الشريعة دون بقية الأيام ، ومثله يوم الجمعة في الإسلام ، وهكذا الحال في أوقات الصلاة والصيام والحج ، وإذا تصورنا وقوع مثل هذا في الشرائع فلنتصور أن تكون للزمان خصوصية من جهة استمرار الحكم وعدم استمراره ، فيكون الفعل ذا مصلحة في مدة معينة ، ثم لا تترتب عليه تلك المصلحة بعد انتهاء تلك المدة ، وقد يكون الأمر بالعكس.

 

وجملة القول : إذا كان من الممكن أن يكون للساعة المعينة ، أو اليوم المعين أو الاسبوع المعين ، أو الشهر المعين تأثير في مصلحة الفعل أو مفسدته أمكن دخل السنة في ذلك أيضا ، فيكون الفعل مشتملا على مصلحة في سنين معينة ، ثم لا تترتب عليه تلك المصلحة بعد انتهاء تلك السنين ، وكما يمكن أن يقيد اطلاق الحكم من غير جهة الزمان بدليل منفصل ، فكذلك يمكن أن يقيد اطلاقه من جهة الزمان أيضا بدليل منفصل ، فكذلك يمكن أن يقيد اطلاقه من جهة الزمان أيضا بدليل منفصل ، فإن المصلحة قد تقتضي بيان الحكم على جهة العموم أو أتعرض ،  مع أن المراد الواقعي هو الخاص أو المقيد ، ويكون بيان التخصيص أو التقييد بدليل منفصل.

 

فالنسخ في الحقيقة تقييد لاطلاق الحكم من حيث الزمان ولا تلزم منه مخالفة الحكمة ولا البداء بالمعنى المستحيل في حقه تعالى ، وهذا كله بناء على أن جعل الأحكام وتشريعها مسبب عن مصالح أو مفاسد تكون في نفس العمل ، وأما على مذهب من يرى تبعية الأحكام لمصالح في الأحكام أنفسها فإن الأمر أوضح ، لأن الحكم الحقيقي على هذا الرأي يكون شأنه شأن الأحكام الامتحانية.

 

النسخ في الشريعة الإسلامية :

 

- لا خلاف بين المسلمين في وقوع النسخ ، فإن كثيرا من أحكام الشرائع  السابقة قد نسخت بأحكام الشريعة الإسلامية ، وأن جملة من أحكام هذه الشريعة قد نسخت بأحكام أخرى من هذه الشريعة نفسها ، فقد صرح القرآن الكريم بنسخ حكم التوجه في الصلاة إلى القبلة الأولى ، وهذا مما لا ريب فيه ، وإنما الكلام في أن يكون شيء من أحكام القرآن منسوخا بالقرآن ، أو بالسنة القطعية ، أو بالاجماع ، أو بالعقل ، وقبل الخوض في البحث عن هذه الجهة يحسن بنا أن نتكلم على أقسام النسخ ، فقد قسموا النسخ في القرآن إلى ثلاثة أقسام :

 

1 - نسخ التلاوة دون الحكم : وقد مثلوا لذلك بآية الرجم ، فقالوا : إن هذه الآية كانت من القرآن ثم نسخت تلاوتها وبقي حكمها ، وقد قدمنا لك في بحث التحريف أن القول بنسخ التلاوة هو نفس القول بالتحريف ، وأوضحنا أن مستند هذا القول أخبار آحاد وأن أخبار الآحاد لا أثر لها في أمثال هذا المقام ، فقد اجمع المسلمون على أن النسخ لا يثبت بخبر الواحد كما إن القرآن لا يثبت به ، والوجه في ذلك - مضافا إلى الاجماع - أن الأمور المهمة التي جرت العادة بشيوعها بين الناس ، وانتشار الخبر عنها على فرض وجودها لا تثبت بخبر الواحد فإن اختصاص نقلها ببعض دون بعض بنفسه دليل على كذب الراوي أو خطئه وعلى هذا فكيف يثبت بخبر الواحد أن آية الرجم من القرآن ، وإنها قد نسخت تلاوتها ، وبقي حكمها ، نعم قد تقدم أن عمر أتى بآية الرجم وادعى أنها من القرآن فلم يقبل قوله المسلمون ، لأن نقل هذه الآية كان منحصرا به ، ولم يثبتوها في المصاحف ، فالتزم المتأخرون بأنها آية منسوخة التلاوة باقية الحكم.

 

2 - نسخ التلاوة والحكم : ومثلوا لنسخ التلاوة والحكم معا بما تقدم نقله عن عائشة في الرواية العاشرة من نسخ التلاوة في بحث التحريف ، والكلام في هذا القسم كالكلام على القسم الأول بعينه.

 

3 - نسخ الحكم دون التلاوة : وهذا القسم هو المشهور بين العلماء والمفسرين ، وقد الف فيه جماعة من العلماء كتبا مستقلة ، وذكروا فيها الناسخ والمنسوخ ، منهم العالم الشهير أبو جعفر النحاس ، لحافظ المظفر الفارسي ، وخالفهم في ذلك بعض المحققين ، فأنكروا وجود المنسوخ في القرآن ، وقد اتفق الجميع على امكان ذلك ، وعلي وجود آيات من القرآن ناسخة لأحكام ثابتة في الشرائع السابقة ، ولأحكام ثابتة في صدر الإسلام ، ولتوضيح ما هو الصحيح في هذا المقام نقول : إن نسخ الحكم الثابت في القرآن يمكن أن يكون على أقسام ثلاثة :

 

1 - إن الحكم الثابت بالقرآن ينسخ بالسنة المتواترة ، أو بالاجماع القطعي الكاشف عن صدور النسخ عن المعصوم (ع) وهذا القسم من النسخ لا اشكال فيه عقلا ونقلا ، فإن ثبت في مورد فهو المتبع ، والا فلا يلتزم بالنسخ ، وقد عرفت أن النسخ لا يثبت بخبر الواحد.

 

2 - إن الحكم الثابت بالقرآن ينسخ بآية أخرى منه ناظرة إلى الحكم المنسوخ ، ومبينة لرفعه ، وهذا القسم أيضا لا اشكال فيه ، وقد مثلوا لذلك بآية النجوى سيأتي الكلام عليها إن شاء الله تعالى.

 

3 - إن الحكم الثابت بالقرآن ينسخ بآية أخرى غير ناظرة إلى الحكم السابق ، ولا مبينة لرفعه ، وإنما يلتزم بالنسخ لمجرد التنافي بينهما فيلتزم بأن الآية المتأخرة ناسخة لحكم الآية المتقدمة.

 

والتحقيق : أن هذا القسم من النسخ غير واقع في القرآن ، كيف وقد قال الله عز وجل : { أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلافًا كَثِيرًا ( النساء : 82 ) }.

 

ولكن كثيرا من المفسرين وغيرهم لم يتأملوا حق التأمل في معاني الآيات الكريمة ، فتوهموا وقوع التنافي بين كثير من الآيات ، والتزموا لأجله بأن الآية المتأخرة ناسخة لحكم الآية المتقدمة ، وحتى أن جملة منهم جعلوا من التنافي ما إذا كانت احدى الآيتين قرينة عرفية على بيان المراد من الآية الأخرى ، كالخاص بالنسبة إلى العام ، وكالمقيد بالاضافة إلى المطلق ، والتزموا بالنسخ في هذه الموارد وما يشبهها ، ومنشأ هذا قلة التدبر ، أو التسامح في اطلاق لفظ النسخ بمناسبة معناه اللغوي ، واستعماله في ذلك وإن كان شائعا قبل تحقق المعنى المصطلح عليه ، ولكن اطلاقه - بعد ذلك - مبني على التسامح لا محالة.

 

وأما الآن فسوف أنقل بعض أقوال من يقولون بالتحريف عند غير الشيعة من علماء أهل السنة :

 

- قال : ( الرافعي في اعجاز القرآن ص 41 ) فذهب جماعه ، عن أهل الكلام - ممن لا صناعة لهم الا الظن والتأويل واستخراج الأساليب الجدلية من كل حكم وكل قول - إلى جواز أن يكون قد سقط عنهم من القرآن شيء ، حملا على ما وصفوا من كيفية جمعه.

 

- وقال : ( القرطبي في الجامع لأحكام القرآن ج 1 ص 84 ) ، قال أبو عبيد : وقد حدثت ، عن يزيد بن زريع ، عن عمران بن جرير ، عن أبي مجلز ، قال : قوم على عثمان رحمة الله بحقهم - جمع القرآن ، ثم قرأوا بما نسخ.

 

وقال : ( القرطبي أيضا في الجامع لأحكام القرآن ج 1 ص 81 - 82 ) ، قال الامام أبو بكر محمد بن القاسم بن بشار بن محمد الأنباري : ولم يزل أهل الفضل والعقل يعرفون من شرف القرآن وعلو منزلته ما يوجبه الحق والانصاف والديانة ، وينفون عنه قول المبطلين وتمويه الملحدين وتحريف الزائغين ، حتى نبغ في زماننا هذا زائغ زاغ عن الملة وهجم على الأمة بما يحاول به ابطال الشريعة التي لا يزال الله يؤيدها ويثبت أسها وينمى فرعها ويحرسها عن معايب أولي الجنف والجور ومكائد أهل العداوة والكفر ، فزعم أن المصحف الذي جمعه عثمان (ر) باتفاق أصحاب رسول الله (ص) على تصويبه فيما فعل لا يشتمل على جميع القرآن ، إذ كان سقط منه خمسمائه حرف ، قد قرأت ببعضها وسأقرأ ببقيتها.

 

- فمنها ( والعصر ونوائب الدهر ) فقد سقط من القرآن على جماعة المسلمين ( ونوائب الدهر ).

 

- ومنها ( حتى إذا أخذت الأرض زخرفها وإزينت وظن أهلها إنهم قادرون عليها أتاها أمرنا ليلا أو نهارا فجعلناها حصيدا كان لم تغني بالأمس وما كان الله ليهلكها الا بذنوب أهلها ) فادعى هذا الانسان أنه سقط عن أهل الإسلام من القرآن ( وما كان الله ليهلكها الا بذنوب أهلها ) وذكر مما يدعى حروفا كثيرة.

 

- وقال : ( الشعراني في كتابه الكبريت الأحمر المطبوع على هامش اليواقيت والجواهر ص 143 ) ولولا ما يسبق للقلوب الضعيفة ووضع الحكمة في غير أهلها لبينت جميع ما سقط من مصحف عثمان.

 

- وذكر ( الزرقاني مناهل العرفان ج 1 ص244  ) ، بيان الأقوال في معنى حديث نزول القرآن على سبعة أحرف ، فراجع تجد ما ينبهك من غفلتك واتهام الآخرين وهناك أقوال كثيرة لا تناسب هذه الرسالة المختصرة.

 

بقى أن نشير إلى بعض المرويات في كتب الشيعة ولقد أشار السائل إلى مجموعه من الكتب والروايات ولمعلومية السائل فقط أقول بأنه نحن لا يهمنا الكتاب والراوي كثير في مسألة التحريف لأن القاعدة التي نعتمد عليها وهى كل ما خالف كتاب الله مرفوض ، ومع ذلك أمر على ما ذكر مرورا سريعا ، قال : أقوال بعض علمائهم.

 

1 - قال : ( علي بن ابراهيم القمي في مقدمة تفسيره ج1 ص 36 ، 37 ) ، وأما ما هو على خلال ما انزل فهو قوله : { كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللهِ ( آل عمران : 110 ) } فقال أبو عبد الله لقارئي هذه الآية : خير أمه يقتلون أمير المؤمنين ، والحسن والحسين ، فقيل له : وكيف نزلت يا بن رسول الله (ص) ، فقال : إنما نزلت ( كنتم خير أئمة أخرجت للناس ) أقول : نعم ورد ذلك مسندا في تفسير القمي ومرسلا في تفسير العياشي - وهذا يحتمل أمرين :

 

الأول : أنها القراءة الصحيحة ، ففي مرسلة العياشي  : أنها قراءة علي (ع) كذا ، وعلى هذا الأخير في الاختلاف في القراءة وليست هي من التحريف في شيء.

 

الثاني :  أن يكون من باب التفسير والايضاح أي أن المراد هو من الآية أئمة الأمة وقادتها ، وقد أشارت بعض الأخبار إلى الأمر الثاني منها :

 

- ما رواه الكليني في الكافي بإسناده ، عن الامام الصادق (ع) وقد سئل عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، أواجب هو على الأمة جميعا ، قال : لا ، قيل ولما .. قال : أنما هو على القوي المطاع ، العالم بالمعروف والمنكر لا على الضعيف الذي لا يهتدي سبيلا إلى أي من أي ، يقول : من الحق إلى الباطل ، وقال (ع) والدليل على ذلك كتاب الله عز وجل قوله : { وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ ( آل عمران : 104 ) } قال : فهذا خاص غير عام : كما قال الله عز وجل : { وَمِن قَوْمِ مُوسَى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ ( الأعراف : 159 ) } ولم يقل على أمة موسى ولا على كل قومه ، وهم يومئذ أمم مختلفة ، والأمة واحد فصاعدا ، كما قال الله عز وجل : { إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ ( النحل : 120 ) } يقول : مطيعا لله عز وجل ... إلخ ، ( تفسير البرهان ج1 ص 307 - 309 ) ، وفي تفسير العياشي بعض الأخبار المثيرة إلى ذلك مع ملاحظه سريعة وهى أن مقدمة تفسير القمي لم يعلم أنها فعلا له لجهالة الراوي ، عن أبي الفضل العباسي بن محمد العلوي حيث يقول ، حدثني : أبو الفضل فمن هو هذا كما إن أبا الفضل مجهول.

 


 

المخالف : قال : نعمة الله الجزائري في ( الأنوار النعمانية ج1 ص 79 ) ، ( ولا تعجب من مكثرة الأخبار الموضوعة فأنهم بعد النبي (ص)  قد غيروا في الدين ما هو أعظم من هذا كتغييرهم القرآن وتحريف كلماته ، وحذف ما فيه من مدائح آل الرسول (ص) والأئمة الطاهرين ).

 

الموالي : أقول كتاب الأنوار النعمانية كتاب قصص لا يحتج به نعم هناك مرويات صحيحة وردت في الكافي يشير ضامرها إلى سقوط إسم أمير المؤمنين علي (ع) من بعض الآيات ولكن لو وضعنا الأخبار بعضها إلى بعض لبين منها أن المراد هو التفسير والتوضيح للمراد من تلك الآيات والدليل على هذا القول : هذه الرواية فقد روى ( الكليني في الكافي ج 1 ص 286 ) ، عن أبي بصير ، قال : سألت أبا عبد الله (ع) عن قوله تعالى : { أَطِيعُواْ اللهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنكُمْ ( النساء : 59 ) } قال : نزلت في علي والحسن والحسين (ع) ، قلت : أن الناس ، يقولون : فما باله لم يسم عليا وأهل بيته في كتاب الله ، قال : فقولوا لهم : أن رسول الله (ص) نزلت عليه الصرة ولم يسمِ لهم ثلاثا ولا أربعا حتى كان رسول الله (ص) هو الذي فسر لهم ذلك فتأمل أخي.

 

أقول : إن المرويات الأخرى الواردة عنه (ص) يقصد بها غير التفسير لقال للسائل لقد ورد ذكرهم في القرآن ولكن حرف من قبل القوم ، ثم أشار السائل إلى كثير من هذه المرويات رددت عليها في ما مضى ولكن بقيت الروايات التي تقول بأنه لم يجمع القرآن كما نزل الا الأئمة (ع) فهل في مثل هذه الروايات أي تحريف ، وهل أنت وأنا وغيرنا يعتقد أن القرآن الذي بين أيدينا جمع كما نزل ، فالمفروض أن يكون المكي كله قبل المدني والمنسوخ قبل الناسخ وهكذا.

 

بقى أن أشير إلى هذه الرواية التي وردت في الكافي وأحدثت ضجة كبيرة وهى : عن أبي عبد الله (ع) ، قال : أن القرآن الذي جاء به جبرئيل إلى محمد (ص) سبعة عشر الف آية ) ( أصول الكافي ج2 ص 634 رقم 28 ) ولكن بتتبع كلمات الشراح والمعلقين على هذه الرواية ينتهي الاستغراب فقد جزم ( المولى أبو الحسن الشعراني في تعليقته على شرح الكافي للمولى صالح المازندراني في هامش شرح الأصول للمازندراني ج 11 ص 76  ) بأن لفظة ( عشر ) من زيادة النساخ أو الرواة ، والأصل هى سبعة الآف عددا تقريبا ينطبق مع الواقع بالتقريب ) ويؤيده أن صاحب الوافي المولى محسن الفيض نقل الحديث عن الكافي بلفظ ( سبعة الآف آية ) من غير ترديد .... ) راجع ( هامش الوافي المجلد الثاني الجزء الخامس ص 232 - 234 - تعليقة الشعراني على الوافي ).

 

- كيفية جمع القرآن كما يدعيه القوم : كلام القوم في كيفية جمع القرآن والتناقض الواضح والذي يدل على أن القرآن غير متواتر بل لعله ناقص والعياذ بالله وهذا الأمر استغل من قبل غير المسلمين للطعن في القرآن وكل من يطلع على هذه الروايات فانه سوف يطعن في القرآن وهذه نبذة من أقوالهم ومروياتهم في كيفية ، جمع القرآن الكريم :

 

- الجمع في زمن أبي بكر :

 

ففي البخاري : ( 3 باب جمع القرآن ) ، 4701 - حدثنا : موسى بن اسماعيل ، عن إبراهيم بن سعد ، حدثنا : بن شهاب ، عن عبيد بن السباق أن زيد بن ثابت (ر) ، قال : أرسل إلي أبو بكر مقتل أهل اليمامة فإذا عمر بن الخطاب ، عنده ، قال أبو بكر (ر) : أن عمر آتاني ، فقال : إن القتل قد استحر يوم اليمامة بقراء القرآن وإني أخشى أن يستحر القتل بالقراء بالمواطن فيذهب كثير من القرآن وإني أرى أن تأمر بجمع القرآن ، قلت لعمر كيف تفعل شيئا لم يفعله رسول الله (ص) ، قال عمر هذا والله خير فلم يزل عمر يراجعني حتى شرح الله صدري لذلك ورأيت في ذلك الذي رأى عمر ، قال زيد ، قال أبو بكر إنك رجل شاب عاقل لا نتهمك وقد كنت تكتب الوحي لرسول الله (ص) فتتبع القرآن فاجمعه فوالله لو كلفوني نقل جبل من الجبال ما كان أثقل علي مما أمرني به من جمع القرآن ، قلت : كيف تفعلون شيئا لم يفعله رسول الله ، قال : هو والله خير فلم يزل أبو بكر يراجعني حتى شرح الله صدري للذي شرح له صدر أبي بكر وعمر (ر) فتتبعت القرأن أجمعه من العسب واللخاف وصدور الرجال حتى وجدت آخر سورة التوبة مع أبي خزيمة الأنصاري لم أجدها مع أحد غيره { لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ ( التوبة : 128 ) } حتى خاتمة براءة فكانت الصحف عند أبي بكر حتى توفاه الله ، ثم عند عمر حياته ، ثم عند حفصة بنت عمر (ر) المصدر ، ( صحيح البخاري ج:4 ص:1907 ).

 

4703 - حدثنا : يحيى بن بكير ، حدثنا : الليث ، عن يونس ، عن ابن شهاب : أن بن السباق ، قال : إن زيد بن ثابت ، قال : أرسل إلي أبو بكر (ر) ، قال : إنك كنت تكتب الوحي لرسول الله (ص) فاتبع القرآن فتتبعت حتى وجدت آخر سورة التوبة آيتين مع أبي خزيمة الأنصاري لم أجدهما مع أحد غيره { لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ ( التوبة : 128 ) } المصدر ( صحيح البخاري ج:4 ص:1908 ).

 

6768  - حدثنا : محمد بن عبيد الله أبو ثابت ، حدثنا : إبراهيم بن سعد ، عن ابن شهاب ، عن عبيد بن السباق ، عن زيد بن ثابت ، قال : بعث إلي أبو بكر مقتل أهل اليمامة وعنده عمر ، فقال أبو بكر إن عمر آتاني ، فقال : إن القتل قد استحر يوم اليمامة بقراء القرآن وإني أخشى أن يستحر القتل بقراء القرآن في المواطن كلها فيذهب قرآن كثير وأني أرى أن تأمر بجمع القرآن ، قلت : كيف أفعل شيئا لم يفعله رسول الله ، فقال عمر هو والله خير فلم يزل عمر يراجعني في ذلك حتى شرح الله صدري للذي شرح له صدر عمر ورأيت في ذلك الذي رأى عمر ، قال زيد ، قال أبو بكر وإنك رجل شاب عاقل لا نتهمك قد كنت تكتب الوحي لرسول الله ، فتتبع القرآن فأجمعه ، قال زيد فوالله لو كلفني نقل جبل من الجبال ما كان بأثقل علي مما كلفني من جمع القرآن ، قلت : كيف تفعلان شيئا لم يفعله رسول الله ، قال أبو بكر هو والله خير فلم يزل يحث مراجعتي حتى شرح الله صدري للذي شرح الله له صدر أبي بكر وعمر ورأيت في ذلك الذي رأيا فتتبعت القرأن أجمعه من العسب والرقاع واللخاف وصدور الرجال فوجدت في آخر سورة التوبة : { لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ ( التوبة : 128 ) } مع خزيمة أو أبي خزيمة فالحقتها في سورتها فكانت الصحف عند أبي بكر حياته حتى توفاه الله عز وجل ، ثم عند عمر حياته حتى توفاه الله ، ثم عند حفصة بنت عمر ، قال محمد بن عبيد الله اللخاف يعني الخزف المصدر ( صحيح البخاري ج:6 ص:2629 ) ، ( صحيح ابن حبان ج:10 ص:360 ) و ( السنن الكبرى ج:5 ص:7  ) و ( سنن البيهقي الكبرى ج:2 ص:40  ) و ( مسند أبي بكر ج:1 ص:98 ) و ( مسند أبي يعلى ج:1 ص:91 ).

 

- وفي الاتقان : 756 - وأخرج ابن أبي داود أيضا من طريق هشام بن عروة ، عن أبيه : أن أبا بكر ، قال : لعمر ولزيد اقعدا على باب المسجد فمن جاءكما بشاهدين على شيء من كتاب الله فاكتباه ، رجاله ثقات مع انقطاعه المصدر ( الاتقان في علوم القرآن - السيوطي ج:1 ص:162 ).

 

- وفي فتح الباري : وعند بن أبي داود أيضا من طريق هشام بن عروة ، عن أبيه : أن أبا بكر ، قال : لعمر ولزيد اقعدا على باب المسجد فمن جاءكما بشاهدين على شيء من كتاب الله فاكتباه ورجاله ثقات مع انقطاعه وكان المراد بالشاهدين الحفظ المصدر ( فتح الباري ج:9 ص:14 ).

 

- وفي تحفة الأحوذي : وعند بن أبي داود أيضا من طريق هشام بن عروة ، عن أبيه : أن أبا بكر ، قال : لعمر ولزيد اقعدا على باب المسجد فمن جاءكما بشاهدين على شيء من كتاب الله فاكتباه ورجاله ثقات مع انقطاعه المصدر ( تحفة الأحوذي ج:8 ص:408 ).

 

- وفي الاتقان : 761 - وقد أخرج ابن اشته في المصاحف ، عن الليث بن سعد ، قال : أول من جمع القرآن أبو بكر وكتبه زيد وكان الناس يأتون زيد بن ثابت فكان لا يكتب آية الا بشاهدي عدل ، وأن آخر سورة براءة لم توجد الا مع خزيمة بن ثابت ، فقال : أكتبوها فأن رسول الله ، جعل شهادته بشهادة رجلين فكتب وإن عمر أتي بآية الرجم فلم يكتبها لأنه كان وحده المصدر ( الاتقان في علوم القرآن - السيوطي ج:1 ص:163 ).

 

- وفي الدر المنثور في التفسير بالمأثور : وأخرج ابن الأنباري في المصاحف من طريق سليمان بن أرقم ، عن الحسن وابن سيرين وابن شهاب الزهري وكان الزهري أشبعهم حديثا ، قالوا : لما أسرع في قتل قراء القرآن يوم اليمامة قتل معهم يومئذ أربعمائة رجل لقي زيد بن ثابت عمر بن الخطاب ، فقال له : إن هذا القرآن هو الجامع لديننا فإن ذهب القرآن ذهب ديننا وقد عزمت على أن أجمع القرآن في كتاب ، فقال له : أنتظر حتى نسأل أبا بكر فمضيا إلى أبي بكر فأخبراه بذلك ، فقال : لا تعجل حتى أشاور المسلمين ، ثم قام خطيبا في الناس فأخبرهم بذلك ، فقالوا أصبت ، فجمعوا القرآن وأمر أبو بكر مناديا فنادى في الناس من كان عنده من القرآن شيء فليجيء به ، قالت : حفصة إذا انتهيتم إلى هذه الآية فأخبروني { حَافِظُواْ عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى ( البقرة : 238 ) } فلما بلغوا اليها ، قالت : اكتبوا ( والصلاة الوسطى وهي صلاة العصر ) ، فقال لها عمر : ألك بهذا بينة ، قالت : لا ، قال : فوالله لا ندخل في القرآن ما تشهد به امرأة بلا اقامة بينة المصدر ( الدر المنثور في التفسير بالمأثور ج:1 ص:722 ).

 

- الجمع زمن عمر :

 

- ففي فتح الباري : وعند ابن أبي داود أيضا في المصاحف من طريق يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب ، قال : قام عمر ، فقال : من كان تلقى من رسول الله شيئا من القرآن فليأت به وكانوا يكتبون ذلك في الصحف والألواح والعسب ، قال : وكان لا يقبل من أحد شيئا حتى يشهد شاهدان وهذا يدل على أن زيدا كان لا يكتفي بمجرد وجدانه مكتوبا حتى يشهد به من تلقاه سماعا مع كون زيد كان يحفظه وكان يفعل ذلك مبالغة في الاحتياط المصدر ، ( فتح الباري ج:9 ص:14 ).

 

- وفي تحفة الأحوذي : وعند بن أبي داود في المصاحف من طريق يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب ، قال : قام عمر ، فقال : من كان تلقى من رسول الله شيئا من القرآن فليأت به وكانوا يكتبون ذلك في الصحف والألواح والعسب ، قال : وكان لا يقبل من أحد شيئا حتى يشهد شاهدان ، وهذا يدل على أن زيدا كان لا يكتفي بمجرد وجدانه مكتوبا حتى يشهد به من تلقاه سماعا مع كون زيد كان يحفظه وكان يفعل ذلك مبالغة في الاحتياط المصدر ، ( تحفة الأحوذي ج:8 ص:408 ).

 

- وفي تاريخ دمشق : أخبرنا : أبو بكر محمد بن عبدالباقي ، أنا : الحسن بن علي ، أنا : أبو عمر بن حيوية ، أنا : أحمد بن معروف ، أنا : الحسين بن الفهم ، نا : محمد بن سعد ، أنا : عارم بن الفضل ، نا : حماد بن زيد ، عن أيوب وهشام ، عن محمد بن سيرين ، قال : قتل عمر ولم يجمع القرآن المصدر ، ( تاريخ دمشق ج:44 ص:376 ).

 

- وفي الطبقات الكبرى : قال : أخبرنا : عارم بن الفضل ، قال : أخبرنا : حماد بن زيد ، عن أيوب وهشام ، عن محمد بن سيرين ، قال : قتل عمر ولم يجمع القرآن المصدر ، ( الطبقات الكبرى ج:3 ص:294 ).

 

- وفي ( أخبار المدينة : 1165 ) - حدثنا : إبراهيم بن المنذر ، قال : حدثنا : عبد الله ابن وهب ، قال : أخبرني : عمر بن طلحة الليثي ، عن محمد بن عمرو بن علقمة ، عن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب ، قال : أراد عمر (ر) : أن يجمع القرآن فقام في الناس ، فقال : من كان تلقى من رسول الله شيئا من القرآن فليأتنا به وكان كتبوا ذلك في الصحف والألواح والعسب وكان لا يقبل من أحد شيئا حتى يشهد شهيدان فقتل عمر (ر) قبل أن يجمع ذلك إليه.

 

1165 - حدثنا : إبراهيم بن المنذر ، قال : حدثنا : عبد الله ابن وهب ، قال : أخبرني : عمر بن طلحة الليثي ، عن محمد بن عمرو بن علقمة ، عن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب ، قال : أراد عمر (ر) : أن يجمع القرآن فقام في الناس ، فقال : من كان تلقى من رسول الله شيئا من القرآن فليأتنا به وكان كتبوا ذلك في الصحف والألواح والعسب وكان لا يقبل من أحد شيئا حتى يشهد شهيدان فقتل عمر (ر) قبل أن يجمع ذلك إليه المصدر ( أخبار المدينة ج:1 ص:374 ).

 

1166 - حدثنا : هارون بن عمر الدمشقي ، قال : حدثنا : ضمرة بن ربيعة ، عن إسماعيل بن عياش ، عن عمر بن محمد ، عن أبيه ، قال : جاءت الأنصار إلى عمر (ر) ، فقالوا نجمع القرآن في مصحف واحد ، فقال : انكم أقوام في السنتكم لحن وإني أكره أن تحدثوا في القرآن لحنا فأبى عليهم المصدر ( أخبار المدينة ج:1 ص:374 ).

 

- وفي تاريخ دمشق : يحيى بن جعدة ، قال : كان عمر لا يقبل آية من كتاب الله عز وجل حتى يشهد عليها شاهدان فجاء رجل من الأنصار بآيتين ، فقال عمر : لا أسألك عليهما شاهدا غيرك { لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ ( التوبة : 128 ) }.

 

- أخبرنا : أبو بكر بن المزرفي ، أنا : أبو جعفر بن المسلمة ، أنا : أبو عمر وعثمان بن محمد بن القاسم الأدمي ، نا : أبو بكر عبد الله بن سليمان بن الأشعث ، نا : أبو الطاهر ، أنا : ابن وهب ، أخبرني : عمرو بن محمد بن طلحة الليثي ، عن محمد بن عمرو بن علقمة ، عن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب ، قال : أراد عمر بن الخطاب أن يجمع القرآن فقام في الناس ، فقال : من ، كان تلقى من رسول الله ، شيئا من القرآن فليأتنا به وكانوا كتبوا ذلك في الصحف والألواح والعسب وكان لا يقبل من أحد شيئا حتى يشهد شهيدان فقتل وهو يجمع ذلك فقام عثمان بن عفان ، فقال : من كان عنده من كتاب الله عز وجل شيء فليأتنا به وكان لا يقبل من ذلك شيئا حتى يشهد عليه شهيدان فجاء خزيمة بن ثابت ، فقال : إني قد رأيتكم تركتم آيتين لم تكتبوهما قال : ما هما قال : تلقيت من رسول الله { لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ ( التوبة : 128 ) } قال عثمان : وأنا اشهد أنهما من عند الله فأين ترى أن تجعلهما قال : أختم بهما آخر ما نزل من القرآن فختمت بهما براءة المصدر ( تاريخ دمشق ج:16 ص:365 ).

 

- وفي فتح الباري : ووقع عند ابن أبي داود أيضا بيان السبب في اشارة عمر بن الخطاب بذلك فأخرج من طريق الحسن أن عمر سأل عن آية من كتاب الله ، فقيل : كانت مع فلان فقتل يوم اليمامة ، فقال : إنا لله وأمر بجمع القرآن فكان أول من جمعه في المصحف المصدر ( فتح الباري ج:9 ص:13 ).

 

- وفي تحفة الأحوذي : ووقع عند ابن أبي داود أيضا بيان السبب في اشارة عمر بن الخطاب بذلك ، فأخرج من طريق الحسن أن عمر سأل عن آية من كتاب الله ، فقيل : كانت مع فلان فقتل يوم اليمامة ، فقال : إنا لله وأمر بجمع القرآن فكان أول من جمعه في المصحف ، المصدر ( تحفة الأحوذي ج:8 ص:407 ).

 

- وفي الاتقان : 753 - وأخرج ابن أبي داود من طريق الحسن : أن عمر سأل عن آية من كتاب الله ، فقيل : كانت مع فلان قتل يوم اليمامة ، فقال : إنا لله وأمر بجمع القرآن فكان أول من جمعه في المصحف ، المصدر ( الاتقان في علوم القرآن - السيوطي ج:1 ص:162).

 

755 - وأخرج ابن أبي داود من طريق يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب ، قال : قدم عمر ، فقال : من كان تلقى من رسول الله ، شيئا من القرآن فليأت به وكانوا يكتبون ذلك في الصحف والألواح والعسب وكان لا يقبل من أحد شيئا حتى يشهد شهيدان وهذا يدل على أن زيدا كان لا يكتفي لمجرد وجدانه مكتوبا حتى يشهد به من تلقاه سماعا ، مع كون زيد كان يحفظ فكان يفعل ذلك مبالغة في الاحتياط ، المصدر ( الاتقان في علوم القرآن - السيوطي ج:1 ص:162).

 

- وفي الدر المنثور في التفسير بالمأثور : وأخرج ابن جرير وابن المنذر وأبو الشيخ ، عن عبيد بن عمير ، قال : كان عمر لا يثبت آية في المصحف حتى يشهد رجلان فجاء رجل من الأنصار بهاتين الآيتين : { لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ ( التوبة : 128 ) } فقال عمر : لا أسألك عليها بينة أبدا كذلك كان رسول الله المصدر ( الدر المنثور في التفسير بالمأثور ج:4 ص:332 ).

 

- زمن عثمان :

 

- ففي فتح الباري : وفى رواية مصعب بن سعد ، فقال عثمان من أكتب الناس ، قالوا : كاتب رسول الله ، زيد بن ثابت ، قال : فأى الناس أعرب وفى رواية أفصح ، قالوا : سعيد بن العاص ، قال عثمان فليمل سعيد وليكتب زيد ، المصدر ( فتح الباري ج:9 ص:19 ).

 

- وفي تاريخ دمشق : أخبرنا : أبو بكر محمد بن الحسين ، أنا : محمد بن أحمد بن محمد ، أنا : عثمان بن محمد بن القاسم ، نا : عبد الله بن سليمان بن الأشعث ، نا : عمي ، نا : ابن رجاء ، أنا : إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن مصعب بن سعد ، قال : قام عثمان فخطب الناس ، فقال : أيها الناس عهدكم بنبيكم ، منذ ثلاث عشرة ، وأنتم تمترون في القرآن وتقولون قراءة أبي وقراءة عبد الله ، يقول الرجل : والله ما تقيم قراءتك فأعزم على كل رجل منكم ما كان معه من كتاب الله شيء لما جاء به فكان الرجل يجيء بالورقة والأديم فيه القرآن حتى جمع من ذلك كثرة ، ثم دخل عثمان فدعاهم رجلا رجلا فناشدهم لسمعت رسول الله ، وهو أمله عليك ، فيقول نعم فلما فرغ من ذلك عثمان ، قال : من أكتب الناس ، قالوا : كاتب رسول الله ، زيد بن ثابت ، قال : فأي الناس أعرب ، قالوا : سعيد بن العاص ، قال عثمان فليمل سعيد وليكتب زيد فكتب زيد فكتب مصاحف ففرقها في الناس فسمعت بعض أصحاب محمد ، يقول قد أحسن المصدر ( تاريخ دمشق ج:39 ص:243 ).

 

- وفي الدر المنثور في التفسير بالمأثور : وأخرج ابن أبي داود في المصاحف ، عن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب ، قال : أراد عمر بن الخطاب أن يجمع القرآن فقام في الناس ، فقال : من كان تلقى من رسول الله ، شيئا من القرآن فليأتنا به وكانوا كتبوا ذلك في الصحف والألواح والعسب وكان لا يقبل من أحد شيئا حتى يشهد شهيدان فقتل وهو يجمع ذلك إليه فقام عثمان بن عفان ، فقال : من كان عنده شيء من كتاب الله فليأتنا به وكان لا يقبل من أحد شيئا حتى يشهد به شاهدان فجاء خزيمة بن ثابت ، فقال : إني رأيتكم تركتم آيتين لم تكتبوهما ، فقالوا : ما هما قال : تلقيت من رسول الله : { لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ ( التوبة : 128 ) } فقال عثمان وأنا اشهد بهما من عند الله فأين ترى أن نجعلهما قال : أختم بهما آخر ما نزلت من القرآن فختمت بهما براءة المصدر ( الدر المنثور في التفسير بالمأثور - السيوطي ج:4 ص:332 ).

 

- وفي تاريخ دمشق : أخبرنا : أبو بكر بن المزرفي ، أنا : أبو جعفر بن المسلمة ، أنا : أبو عمر وعثمان بن محمد بن القاسم الأدمي ، نا : أبو بكر عبد الله بن سليمان بن الأشعث ، نا : أبو الطاهر ، أنا : ابن وهب أخبرني : عمرو بن محمد بن طلحة الليثي ، عن محمد بن عمرو بن علقمة ، عن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب ، قال : أراد عمر بن الخطاب أن يجمع القرآن فقام في الناس ، فقال : من كان تلقى من رسول الله ، شيئا من القرآن فليأتنا به وكانوا كتبوا ذلك في الصحف والألواح والعسب وكان لا يقبل من أحد شيئا حتى يشهد شهيدان فقتل وهو يجمع ذلك فقام عثمان بن عفان ، فقال : من كان عنده من كتاب الله عز وجل شيء فليأتنا به وكان لا يقبل من ذلك شيئا حتى يشهد عليه شهيدان فجاء خزيمة بن ثابت ، فقال : إني قد رأيتكم تركتم آيتين لم تكتبوهما قال : ما هما قال : تلقيت من رسول الله : { لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ ( التوبة : 128 ) } إلى آخر السورة ، قال عثمان وأنا اشهد أنهما من عند الله فأين ترى أن تجعلهما قال : أختم بهما آخر ما نزل من القرآن فختمت بهما براءة المصدر ( تاريخ دمشق ج:16 ص:365 ).

 

- وفي أخبار المدينة : 1726 - حدثنا : قال ابن وهب ، أخبرني : عمر بن طلحة الليثي ، عن محمد بن عمرو بن علقمة ، عن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب ، قال : قام عثمان بن عفان (ر) ، فقال : من كان عنده من كتاب الله شيء فليأتنا به وكان لا يقبل من ذلك شيئا حتى يشهد عليه شاهدان فجاء خزيمة بن ثابت ، فقال : إني قد رأيتكم تركتم آيتين من كتاب الله لم تكتبوهما قال : وما هما قال : تلقيت من رسول الله : { لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ ( التوبة : 128 ) } قال عثمان وأنا اشهد أنهما من عند الله فأين ترى أن نجعلهما قال : اختم بهما قال : فختم بهما المصدر ( أخبار المدينة ج:2 ص:121 ).

 

- وفي صحيح البخاري : 4702 - حدثنا : موسى ، حدثنا : إبراهيم ، حدثنا : بن شهاب : أن أنس بن مالك حدثه أن حذيفة بن اليمان قدم على عثمان وكان يغازي أهل الشام في فتح إرمينية وأذربيجان مع أهل العراق فأفزع حذيفة اختلافهم في القراءة ، فقال حذيفة لعثمان : يا أمير المؤمنين أدرك هذه الأمة قبل أن يختلفوا في الكتاب اختلاف اليهود والنصارى فأرسل عثمان إلى حفصة أن أرسلي إلينا بالصحف ننسخها في المصاحف ثم نردها إليك فأرسلت بها حفصة إلى عثمان فأمر زيد بن ثابت وعبد الله ابن الزبير وسعيد بن العاص وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام فنسخوها في المصاحف ، وقال عثمان للرهط القرشيين الثلاثة إذا اختلفتم أنتم وزيد بن ثابت في شيء من القرآن فاكتبوه بلسان قريش فإنما نزل بلسانهم ففعلوا حتى إذا نسخوا الصحف في المصاحف رد عثمان الصحف إلى حفصة وأرسل إلى كل أفق بمصحف مما نسخوا وأمر بما سواه من القرآن في كل صحيفة أو مصحف أن يحرق ، قال ابن شهاب وأخبرني : خارجة بن زيد بن ثابت سمع زيد بن ثابت ، قال : فقدت آية من الأحزاب حين نسخنا المصحف قد كنت أسمع رسول الله ، يقرأ بها فالتمسناها فوجدناها مع خزيمة بن ثابت الأنصاري ( من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه ) فالحقناها في سورتها في المصحف ، المصدر ( صحيح البخاري ج:4 ص:1908 ) و ( الدر المنثور في التفسير بالمأثور ج:1 ص:756  ) و ( السنن الكبرى ج:5 ص:6 ) و ( سنن الترمذي ج:5 ص:284 ).

 

- وفي الاستذكار : والذي أقول به إن جمع عثمان (ر) في جماعة الصحابة (ر) القرآن على حرف واحد بكتابة زيد بن ثابت إنما حملهم على ذلك ما اختلف فيه أهل العراق وأهل الشام حين اجتمعوا في بعض المغازي فخطأت كل طائفة منهم الأخرى فيما خالفتها فيه من قراءتها وصوبت ما تعلم من ذلك وكان أهل العراق قد أخذوا عن بن مسعود وأهل الشام قد أخذوا عن غيره من الصحابة فخاف الصحابة ( رحمهم الله ) من ذلك الاختلاف لما كان عندهم من رسول الله ، من النهي عن الاختلاف في القرآن وأن المراء فيه كفر وقد كانت عامة أهل العراق وعامة أهل الشام هموا بأن يكفر بعضهم بعضا تصويبا لما عنده وانكارا لما عند غيره فاتفق رأي الصحابة وعثمان (ر) على أن يجمع لهم القرآن على حرف واحد من تلك السبعة الأحرف إذ صح عندهم عن رسول الله ، أنه قال : كلها شاف كاف فاكتفوا ( رحمهم الله ) بحرف واحد منها فأمر عثمان زيد بن ثابت ذلك فأملاه على من كتبه ممن أمره عثمان بذلك على ما هو مذكور في غير موضع.

 

وأخبار جمع عثمان المصحف كثيرة وقد ذكرنا في التمهيد منها طرفا.

 

- وأما جمع أبي بكر للقرآن فهو أول من جمع ما بين اللوحين ، وجمع علي بن أبي طالب للقرآن أيضا : عند موت النبي وولاية أبي بكر فإنما كل ذلك على حسب الحروف السبعة لا كجمع عثمان على حرف واحد حرف زيد بن ثابت وهو الذي بأيدي الناس بين لوحي المصحف اليوم ، المصدر ( الاستذكار ج:2 ص484وص:485 ).

 

- وفي معتصر المختصر : وكان أبو بكر عند جمعه للقرآن سأل زيد بن ثابت النظر في ذلك فأبى عليه حتى استعان عليه بعمر بن الخطاب ففعل فكانت تلك الكتب عند أبي بكر حتى توفي ، ثم كانت عند حفصة فأرسل اليها عثمان فأبت أن تدفعها إليه حتى عاهدها ليردنها اليها فبعثت بها فنسخها عثمان في هذه المصاحف ثم ردها اليها فلم تزل عندها حتى أرسل مروان بن الحكم فأخذها فحرقها ، المصدر ( معتصر المختصر ج:2 ص:129 ) ، ( فتح الباري ج:9 ص:20 ) و ( التمهيد ج:8 ص:300 ).

 

- وفي الدر المنثور في التفسير بالمأثور : وأخرج مالك وأبو عبيد وعبد بن حميد وأبو يعلي وابن جرير وابن الأنباري في المصاحف والبيهقي في سننه ، عن عمرو بن رافع ، قال : كنت أكتب مصحفا لحفصة زوج النبي ، فقالت إذا بلغت هذه الآية فآذني { حَافِظُواْ عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى ( البقرة : 238 ) } فلما بلغتها آذنتها فأملت علي ( حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وصلاة العصر وقوموا لله قانتين ) ، وقالت : اشهد أني سمعتها من رسول الله.

 

- وأخرج عبد الرزاق ، عن نافع ، أن حفصة دفعت مصحفا إلى مولى لها يكتبه ، وقالت : إذا بلغت هذه الآية : { حَافِظُواْ عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى ( البقرة : 238 ) } فآذني فلما بلغها جاءها فكتبت بيدها ( حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وصلاة العصر ).

 

- وأخرج مالك وأحمد وعبد بن حميد ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن جرير وابن أبي داود وابن الأنباري في المصاحف والبيهقي في سنه ، عن أبي يونس مولى عائشة ، قال : أمرتني عائشه أن أكتب لها مصحفا ، وقالت : إذا بلغت هذه الآية فآدني { حَافِظُواْ عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى ( البقرة : 238 ) } فلما بلغتها آذنتها فأملت علي ( حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وصلاة العصر وقوموا لله قانتين ) ، وقالت عائشة سمعتها من رسول الله ، المصدر ( الدر المنثور في التفسير بالمأثور ج:1 ص:722 ).

 

الدليل على أن القرآن كان مجموع في عهد النبي (ص) :

 

أولا : اهتمام النبي والصحابة بحفظ القرآن وتعليمه وقراءته وتلاوته وكان عدد كبير موجود من الحفاظ فهذا يدل على أنه كان مجموع لأن من لوازم الاهتمام به هو كتابته حتى لا يفقد.

 

22818 - حدثنا : عبد الله ، حدثني : أبي ، ثنا : أبو المغيرة ، ثنا : بشر بن عبد الله يعني بن يسار السلمي ، قال : حدثني : عبادة بن نسي ، عن جنادة بن أبي أمية ، عن عبادة بن الصامت ، قال : كان رسول الله ، يشغل فإذا قدم رجل مهاجر على رسول الله ، دفعه إلى رجل منا يعلمه القرآن فدفع إلى رسول الله ، رجلا وكان معي في البيت أعشيه عشاء أهل البيت فكنت أقرئه القرآن فانصرف انصرافة إلى أهله فرآى أن عليه حقا فأهدى إلي قوسا لم أر أجود منها عودا ولا أحسن منها عطفا فأتيت رسول الله ، فقلت : ما ترى يا رسول الله فيها ، قال : جمرة بين كتفيك تقلدتها أو تعلقتها المصدر ( مسند الامام أحمد بن حنبل ج:5 ص:324 ) و ( تاريخ دمشق ج:10 ص:237 ) و ( نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية ج:4 ص:137 ) و ( عمدة القاري شرح صحيح البخاري ج:12 ص:96 ) و ( تهذيب الكمال في أسماء الرجال ج:4 ص:134 ) و ( الأحاديث المختارة ج:8 ص:266 ) و ( الأحاديث المختارة ج:8 ص:267 ) و ( مسند الشاميين ج:3 ص:271 ) ، وحسبك الروايات المتقدمة والتي تقول بأنه قتل في حرب اليمامة عدد كبير من القراء.

 

ثانيا : لقد ثبت في بعض المرويات أن مجموعة من الصحابة كانوا قد جمعوا القرآن في عهد النبي وهذه بعضها :

 

- ففي البرهان في علوم القرآن : وذكر الحافظ شمس الدين الذهبى فى كتاب معرفة القراء ما يبين ذلك وأن هذا العدد هم الذين عرضوه على النبي ، واتصلت بنا أسانيدهم وأما من جمعه منهم ولم يتصل بنا فكثير ، فقال : ذكر الذين عرضوا على النبي (ص) القرآن وهم سبعة عثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب ، وقال الشعبي : لم يجمع القرآن أحد من الخلفاء الأربعة الا عثمان ثم رد على الشعبي قوله : بأن عاصما قرأ على أبي عبد الرحمن السلمي ، عن علي وأبي بن كعب وهو أقرأ من أبي بكر ، وقد قال يوم القوم أقرؤهم لكتاب الله وهو مشكل وعبد الله بن مسعود وأبي وزيد بن ثابت وأبو موسى الأشعري وأبو الدرداء ، قال : وقد جمع القرآن غيرهم من الصحابة كمعاذ بن جبل وأبي زيد وسالم مولى أبي حذيفة وعبد الله بن عمر وعقبة بن عامر ولكن لم تتصل بنا قراءتهم ، المصدر ( البرهان في علوم القرآن - الزركشي ج:1 ص242 ص:243 ).

 

ثالثا : لقد كان عند النبي مجموعة من الكتاب وقد كتبوا القرآن في زمانه :

 

- ففي المستدرك : 4217 - حدثنا : أبو سهل أحمد بن محمد بن زياد النحوي ، حدثنا : ابن أبي طالب ، حدثنا : وهب بن جرير بن حازم ، حدثنا : أبي ، قال : سمعت يحيى بن أيوب يحدث ، عن يزيد بن أبي حبيب ، عن عبد الرحمن بن شماسة ، عن زيد بن ثابت (ر) ، قال : كنا عند رسول الله ، نؤلف القرآن من الرقاع ، هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ، ولم يخرجاه ، وفيه الدليل الواضح أن القرآن إنما جمع في عهد رسول الله ، المصدر ( المستدرك على الصحيحين ج:2 ص:668 ).

 

- وفي صحيح ابن حبان : 114 - أخبرنا : أبي يعلى ، حدثنا : عبد الأعلى ، حدثنا : وهب بن جرير ، حدثني : أبي ، قال : سمعت يحيى بن أيوب يحدث ، عن يزيد بن أبي حبيب ، عن عبد الرحمن بن شماسة ، عن زيد بن ثابت ، قال : كنا عند رسول الله ، نؤلف القرآن من الرقاع ، المصدر ( صحيح ابن حبان ج:1 ص:320 ).

 

- وفي سنن الترمذي : 3954 - حدثنا : محمد بن بشار ، حدثنا : وهب بن جرير ، حدثنا : أبي ، قال : سمعت يحيى بن أيوب يحدث ، عن يزيد بن أبي حبيب ، عن عبد الرحمن بن شماسة ، عن زيد بن ثابت ، قال : كنا عند رسول الله ، نؤلف القرآن من الرقاع ، فقال رسول الله ، طوبى للشام ، فقلنا : لأي ذلك يا رسول الله ، قال : لأن ملائكة الرحمن باسطة أجنحتها عليها ، قال : هذا حديث حسن غريب إنما نعرفه من حديث يحيى بن أيوب 3972 المصدر ( سنن الترمذي ج:5 ص:734 ) و ( مصنف ابن أبي شيبة ج:4 ص:218 ) و ( مصنف ابن أبي شيبة ج:6 ص:409 ) و ( المعجم الكبير ج:5 ص:158 ) و ( مسند الامام أحمد بن حنبل ج:5 ص:184 ) و ( شعب الإيمان ج:1 ص:197 ) و ( شعب الإيمان ج:2 ص:432 ) و ( البيان والتعريف ج:2 ص:94 ) و ( تحفة الأحوذي ج:10 ص:315 ).

 

- قال : في المعجم الأوسط : 3758 - حدثنا : علي بن عبد العزيز ، قال : نا : عارم أبو النعمان ، قال : نا : حماد بن ابراهيم بن مسعود اليشكري ، قال : حدثتني : أم كلثوم بنت ، ثمامة الحبطي أن أخاها المخارق بن ثمامة الحبطي ، قال لها ادخلي على أم المؤمنين عائشة فأقرئيها السلام مني فدخلت عليها ، فقلت : إن بعض بنيك يقرئك السلام ، قالت : وعليه ورحمة الله ، قلت : ويسألك أن تحدثيه ، عن عثمان بن عفان فإن الناس قد أكثروا فيه عندنا حين قتل ، قالت : أما أنا فاشهد أن عثمان بن عفان في هذا البيت ونبي الله ، وجبريل يوحي جاء إلى النبي ، في ليلة قائظة وكان إذا نزل عليه الوحي نزلت عليه ثقلة ، يقول الله جل ذكره : { إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلا ثَقِيلا ( المزمل : 5 ) } ونبي الله ، يضرب كتف عثمان ، ويقول : اكتب عثمان فما كان الله ينزل تلك المنزلة من نبيه الا رجلا كريما فمن سب عثمان فعليه لعنة الله ، المصدر ( المعجم الأوسط ج:4 ص:117 إلى 118).

 

- وقال أيضا : 1913 - حدثنا : أحمد بن محمد بن نافع ، قال : حدثنا : أبو الطاهر بن السرح ، قال : وجدت في كتاب خالي ، حدثني : عقيل بن خالد ، عن ابن شهاب ، قال : حدثني : سعيد بن سليمان ، عن أبيه سليمان بن زيد بن ثابت ، عن جده زيد بن ثابت ، قال : كنت اكتب الوحي لرسول الله وكان إذا نزل عليه أخذته برحاء شديدة وعرق عرقا شديدا مثل الجمان ، ثم سري عنه فكنت ادخل عليه بقطعة الكتف أو كسرة فاكتب وهو يملي علي فما أفرغ حتى تكاد رجلي تنكسر من ثقل القرآن وحتى أقول لا أمشي على رجلي أبدا فإذا فرغت ، قال : أقرأه فاقرأه فإن كان فيه سقط أقامة ، ثم أخرج به إلى الناس المصدر ( المعجم الأوسط ج:2 ص:257 ).

 

- وقال في المعجم الكبير : 4888 - حدثنا : جعفر بن محمد الفريابي ، ثنا : عبد الرحمن بن ابراهيم دحيم ، ثنا : عبد الله بن يحيى المعافري ، عن نافع بن يزيد ، عن عقيل بن خالد ، عن الزهري ، عن بن سليمان بن زيد بن ثابت ، عن أبيه ، عن جده زيد بن ثابت ، قال : كنت اكتب الوحي عند رسول الله ، وكان يشتد نفسه ويعرق عرقا شديدا مثل الجمان ثم يسري عنه فاكتب وهو يملي علي فما أفرغ حتى يثقل فإذا فرغت ، قال : اقرأ فأقرؤه فإن كان فيه سقط أقامه ، المصدر ( المعجم الكبير ج:5 ص:142 ).

 

4889 - حدثنا : أحمد بن محمد بن نافع الطحان المصري ، ثنا : أبو الطاهر بن السرح ، قال : وجدت في كتاب خالي عبد الحميد ، حدثني : عقيل ، حدثني : سعيد بن سليمان أخبره ، عن أبيه سليمان بن زيد ، عن زيد بن ثابت ، قال : كنت اكتب الوحي لرسول الله ، وكان إذا نزل عليه أخذته برحاء شديدة وعرق عرقا شديدا مثل الجمان ثم سري عنه فكنت ادخل عليه بقطعة القتب أو كسرة فاكتب وهو يملي علي فما أفرغ حتى تكاد رجلي تنكسر من ثقل القرآن ، حتى أقول لا أمشي على رجلي أبدا فإذا فرغت ، قال : أقرأه فإن كان فيه سقط أقامه ، ثم أخرج به إلى الناس المصدر ( المعجم الكبير ج:5 ص:142 ).

 

- وقال في مجمع الزوائد ومنبع الفوائد : عن زيد بن ثابت ، قال : كنت اكتب الوحي لرسول الله ، وكان إذا نزل عليه الوحي أخذته برحاء شديدة وعرق عرقا شديدا مثل الجمان ثم سرى عنه فكنت ادخل عليه بقطعة الكتف أو كسرة فاكتب وهو يملي علي فما أفرغ حتى تكاد رجلي تنكسر من ثقل القرآن ، حتى أقول لا أمشي على رجلي أبدا فإذا فرغت ، قال : اقرأ فاقرأه فإن كان فيه سقط أقامه ، ثم أخرج به إلى الناس ، رواه الطبراني في الأوسط ، ورجاله موثقون إلا أن فيه وجدت في كتاب خالي فهو وجادة باب عرض الكتاب على من أمر به المصدر ( مجمع الزوائد ومنبع الفوائد ج:1 ص:152 ).

 

- وعن زيد بن ثابت ، قال : كنت اكتب الوحي لرسول الله ، وكان إذا نزل عليه أخذته برحاء شديدة وعرق عرقا شديدا مثل الجمان ثم سري عنه فكنت أدخل بقطعة العسب أو كسره فاكتب وهو يملي علي فما أفرغ حتى تكاد رجلي تنكسر من ثقل القرآن حتى أقول لا أمشي على رجلي أبدا فإذا فرغت ، قال : أقرأه فاقرأه فإن كان فيه سقط أقامه ، ثم أخرج به إلى الناس ، رواه الطبراني بإسنادين ورجال أحدهما ثقات المصدر ( مجمع الزوائد ومنبع الفوائد ج:8 ص:257 ) و ( أدب الاملاء والاستملاء ج:1 ص:77 ) و ( تدريب الراوي ج:2 ص:77 ) و ( فتح المغيث ج:2 ص:186 ) و ( الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع ج:2 ص:133 ) و ( المعرفة والتاريخ ج:1 ص:189 ).

 

- وقال في تفسير الطبري : حدثني : المثنى ، قال : ثنا : محمد بن عبد الله النفيلي ، قال : ثنا : زهير بن معاوية ، قال : ثنا : أبو إسحاق ، عن البراء ، قال : كنت عند رسول الله ، فقال : ادع لي زيدا وقل له : يأتي أو يجيء بالكتف والدواة أو اللوح والدواة الشك من زهير اكتب ( لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر والمجاهدون في سبيل الله ) فقال ابن أم مكتوم :ح يا رسول الله : إن بعيني ضررا فنزلت قبل أن يبرح غير أولي الضرر الضرر ، المصدر ( تفسير الطبري ج:5 ص:230 ).

 

- أخبرنا : عبيد الله بن محمد بن اسحاق بن حبابة ، نا : عبد الله بن محمد بن عبد العزيز ، نا : ابن الجعد ، أنا : زهير ، عن أبي إسحاق ، عن البراء ، عن النبي ، أنه قال : ادع لي زيدا وقل له يجيء بالكتف والدواة واللوح ، فقال : اكتب ( لا يستوي القاعدون من المؤمنين ) أحسبه ، قال : والمجاهدون ، قال : فقال ابن أم مكتوم : يا رسول الله بعيني ضرر فنزل قبل أن يبرح ( غير أولي الضرر ) ح ، المصدر ( تاريخ دمشق ج:19 ص:306 ) و ( سير أعلام النبلاء ج:2 ص:430 ) و ( مسند ابن الجعد ج:1 ص:365 ).

 

- وقال في المستدرك : 2875 - حدثنا : أبو جعفر محمد بن صالح بن هانيء ، حدثنا : الحسن بن الفضل ، حدثنا : هوذة بن خليفة ، حدثنا : عوف بن أبي جميلة ، حدثنا : يزيد الفارسي ، قال : قال لنا بن عباس (ر) قلت لعثمان بن عفان (ر) : ما حملكم على أن عمدتم إلى الأنفال وهي من المثاني وإلى البراءة وهي من المئين فقرنتم بينهما ولم تكتبوا بينهما سطر بسم الله الرحمن الرحيم ووضعتموها في السبع الطوال ما حملكم على ذلك ، فقال عثمان (ر) : أن رسول الله ، كان يأتي عليه الزمان تنزل عليه السور ذوات عدد فكان إذا نزل عليه الشيء يدعو بعض من كان يكتبه ، فيقول : ضعوا هذه في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا وتنزل عليه الآية فيقول : ضعوا هذه في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا فكانت الأنفال من أوائل ما نزل بالمدينة وبراءة من آخر القرآن فكانت قصتها شبيهة بقصتها فقبض رسول الله ، ولم يبين لنا أنها منها فمن ثم قرنت بينهما ولم اكتب بينهما سطر بسم الله الرحمن الرحيم ، هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ، ولم يخرجاه ، المصدر :( المستدرك على الصحيحين ج:2 ص:241 ).

 

- وقال أيضا : 3272 - حدثنا : أبو بكر أحمد بن كامل القاضي ، حدثنا : محمد بن سعد العوفي ، حدثنا : روح بن عبادة ، حدثنا : عوف بن أبي جميلة ، عن يزيد الفارسي ، قال : حدثنا : بن عباس ، قال : قلت لعثمان بن عفان ما حملكم على أن عمدتم إلى الأنفال وهي من المثاني وإلى براءة وهي من المئين فقرنتم بينهما ولم تكتبوا بسم الله الرحمن الرحيم ووضعتموها في السبع الطوال فما حملكم على ذلك ، فقال عثمان : كان رسول الله ،  مما يأتي عليه الزمان وهو ينزل عليه من السور ذوات العدد ، قال : وكان إذا نزل عليه الشيء دعا بعض من يكتب له ، فيقول : ضعوا هذه في السورة التي فيها كذا وكذا وكانت الأنفال من أوائل ما نزلت بالمدينة وكانت براءة من آخر القرآن وكانت قصتها شبيهة بقصتها فظننت أنها منها فقبض رسول الله ، ولم يبين لنا أنها منها فلم أكتب بينهما سطر بسم الله الرحمن الرحيم ، هذا حديث صحيح الاسناد ، ولم يخرجاه ، المصدر ( المستدرك على الصحيحين ج:2 ص:360 ) و ( الأحاديث المختارة ج:1 ص:495 ) و ( الدر المنثور في التفسير بالمأثور ج:4 ص:119 ) و ( تفسير ابن كثير ج:2 ص:332 ) و ( تهذيب الكمال في أسماء الرجال ج:32 ص:288 ) و ( السنن الكبرى ج:5 ص:10 ) و ( سنن الترمذي ج:5 ص:272 قال عنه حديث حسن صحيح ) و ( معتصر المختصر ج:2 ص:284 ) و ( فضائل القرآن ج:1 ص:84 ) و ( فتح الباري ج:9 ص:22 ) و ( فتح الباري ج:9 ص:42 ) و ( تحفة الأحوذي ج:8 ص:380 ) و ( أخبار المدينة ج:2 ص:130 ) و ( تخريج الأحاديث والآثار الواقعة في تفسير الكشاف للزمخشري ج:2 ص:47 ) ، فهذا يدل على أن السور كانت مكتوبة والا فكيف يضعوها فيها فهل يعقل أن يضعوها في حفظهم وفي صدورهم .

 

ثالثا : هذه الروايات والتي توضح لنا بأن هناك من الصحابة من جمع القرآن على عهد الرسول (ص) وقد مر بعضها ، قال : في معرفة القراء الكبار :

 

1 - عثمان بن عفان : ابن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي بن كلاب أمير المؤمنين أبو عمرو وأبو عبد الله القرشي الأموي ذو النورين (ر) ، أحد السابقين الأولين وأحد من جمع القرآن على عهد رسول الله ، المصدر ( معرفة القراء الكبار - الذهبي ج:1 ص:24 ).

 

2 - علي بن أبي طالب : ابن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب أمير المؤمنين أبو الحسن الهاشمي (ر) .... إلى أن يقول : وكان قد جمع القرآن بعد وفاة النبي ، وقال الشعبي : لم يجمع القرآن أحد من الخلفاء الأربعة الا عثمان ، وقال أبو بكر بن عياش ، عن عاصم ، قال : ما أقرأني أحد حرفا الا أبو عبد الرحمن السلمي وكان قد قرأ على علي (ر) فكنت ارجع من عنده فأعرض على زر وكان زر قد قرأ علي ابن مسعود ، فقلت لعاصم : لقد استوثقت ، قلت : هذا يرد على الشعبي قوله : وقال علي بن رباح : جمع القرآن في حياة رسول الله ،  أربعة علي وعثمان وأبي بن كعب وعبد الله بن مسعود المصدر ( معرفة القراء الكبار - الذهبي ج:1 ص25ص:27 ).

 

3 - أبي بن كعب : ابن قيس بن عبيد بن زيد بن معاوية بن عمرو بن مالك بن النجار أبو المنذر الأنصاري (ر) أقرأ الأمة عرض القرآن على النبي ، أخذ عنه القراءة ابن عباس وأبو هريرة وعبد الله بن السائب وعبد الله بن عياش بن أبي ربيعة وأبو عبد الرحمن السلمي ، المصدر ( معرفة القراء الكبار - الذهبي ج:1 ص:28 ).

 

4 - عبد الله بن مسعود : ابن غافل بن حبيب بن شمخ بن قار بن مخزوم بن صاهلة بن كاهل بن الحارث بن تميم بن سعد بن هذيل بن مدركة بن الياس بن مضر بن نزار أبو عبد الرحمن الهذلي المكي حليف بني زهرة (ر) ، كان من السابقين الأولين ومن مهاجرة الحبشة شهد بدرا واحتز رأس أبي جهل فأتي به النبي ، كان أحد من جمع القرآن على عهد رسول الله ، المصدر ( معرفة القراء الكبار - الذهبي ج:1 ص:32 ).

 

5 - زيد بن ثابت بن الضحاك : ابن زيد بن لوذان بن عمرو بن عبد عوف ابن غنم بن مالك بن النجار أبو سعيد وأبو خارجة الأنصاري الخزرجي النجاري المقريء الفرضي كاتب النبي ، وأمينه على الوحي (ر) كان أسن من أنس بسنة وكان شابا ذكيا ثقفا جمع القرآن على عهد رسول الله ، وجمعه في صحف لأبي بكر الصديق (ر) ثم تولى كتابة مصحف عثمان (ر) الذي بعث به عثمان نسخا إلى الأمصار ، المصدر ( معرفة القراء الكبار - الذهبي ج:1 ص:36 ).

 

6 - أبو موسى الأشعري : عبد الله بن قيس بن سليم بن حضار الأشعري اليماني (ر) هاجر إلى النبي ، فقدم عليه عند فتح خيبر وحفظ القرآن والعلم ولئن قصرت مدة صحبته ، فلقد كان من نجباء الصحابة وكان من أطيب الناس صوتا سمع النبي قراءته ، فقال : لقد أوتي هذا مزمارا من مزامير آل داود ، المصدر ( معرفة القراء الكبار - الذهبي ج:1 ص:39 ).

 

7 - أبو الدرداء : عويمر بن زيد ، ويقال ابن عبد الله ، ويقال ابن ثعلبة الأنصاري الخزرجي (ر) حكيم هذه الأمة قرأ القرآن في عهد النبي ، المصدر ( معرفة القراء الكبار - الذهبي ج:1 ص:40 ).

 

ثم قال الذهبي بعد ذلك : فهؤلاء الذين بلغنا أنهم حفظوا القرآن في حياة النبي (ص) وأخذ عنهم عرضا وعليهم دارت أسانيد قراءة الأئمة العشرة ، وقد جمع القرآن غيرهم من الصحابة كمعاذ بن جبل وأبي زيد وسالم مولى أبي حذيفة وعبد الله بن عمر ، وعتبة بن عامر ولكن لم تتصل بنا قراءتهم فلهذا اقتصرت على هؤلاء السبعة (ر) واختصرت أخبارهم فلو سقتها كلها لبلغت خمسين كراسا ، المصدر ( معرفة القراء الكبار - الذهبي ج:1 ص:42 ) ، وأكثر من ذلك وأوضح بأن هناك روايات صرحت بأن النبي (ص) كان عنده مصحفا وهذه الروايات :

 

- فقال في الآحاد والمثاني : 1528 - حدثنا : هدبة بن خالد ، ثنا : مبارك بن فضالة ، نا : أبو محيرز ، عن عثمان بن أبي العاص (ر) ، يقول وفدت إلى رسول الله ، في أناس من ثقيف ، فقالوا لي : أحفظ لنا متاعنا وركابنا ، فقلت : على أنكم إذا فرغتم انتظرتموني حتى أدخل على رسول الله ، فدخلوا على رسول الله ، فسألوه حوائجهم ثم خرجوا فدخلت على رسول الله ، فسألته مصحفا كان عنده فأعطانيه ، قال أبو بكر بن أبي عاصم : هذا مما يحتج أن القرآن جمع في المصاحف على عهد رسول الله ، وبما روى بن عمر (ر) عن النبي ، لا تسافروا بالمصاحف إلى أرض العدو ودل على أنه كان مجموعا في المصاحف ، المصدر ( الآحاد والمثاني ج:3 ص:191 ).

 

- وقال في المعجم الكبير : 8393 - حدثنا : أحمد بن عمرو البزار ، ثنا : هدبة بن خالد ، ثنا : مبارك بن فضالة ، عن أبي محرز أن عثمان بن أبي العاص وفد إلى رسول الله ، مع ناس من ثقيف فدخلوا على النبي ، فقالوا له أحفظ علينا متاعنا أو ركابنا ، فقال علي : انكم إذا خرجتم انتظرتموني حتى أخرج من عند رسول الله ، قال : فدخلت على رسول الله ، فسألته مصحفا كان عنده فأعطانيه واستعملني عليهم وجعلني امامهم وأنا أصغرهم : المصدر ( المعجم الكبير ج:9 ص:61 ).

 

- وقال في مجمع الزوائد ومنبع الفوائد : عن عثمان بن أبي العاص ، قال : قدمت في وفد ثقيف حين قدموا على رسول الله ، فلبسنا حللنا بباب النبي ، فقالوا : من يمسك لنا رواحلنا فكل القوم أحب الدخول على النبي ، وكره التخلف عنه ، قال عثمان وكنت أصغرهم ، فقلت : إن شئتم أمسكت لكم على أن عليكم عهد الله لتمسكن لي إذا خرجتم ، قالوا : فذلك لك فدخلوا عليه ، ثم خرجوا ، فقالوا : انطلق بنا ، قلت : أين ، قالوا : إلى أهلك ، فقلت : خرجت من أهلي حتى إذا حللت بباب النبي ، ارجع ولا ادخل عليه وقد أعطيتموني ما قد علمتم ، قالوا : فاعجل فإنا قد كفيناك المسئلة فلم ندع شيئا الا سألناه فدخلت ، فقلت : يا رسول الله ادع الله أن يفقهني في الدين ويعلمني ، قال : ماذا قلت ، فأعدت عليه القول ، فقال : لقد سألتني عن شيء ما سألني عنه أحد من أصحابك أذهب فأنت أمير عليهم وعلى من يقدم عليك من قومك فذكر الحديث ، رواه الطبراني ، ورجاله رجال الصحيح غير حكيم بن حكيم بن عياد وقد وثق وفي رواية أخرى مختصرة ، قال : فيها فدخلت على رسول الله ، فسألته مصحفا كان عنده فأعطانيه المصدر ( مجمع الزوائد ومنبع الفوائد ج:9 ص:370 وص371 ).

 

رابعا : الروايات المصرحة بأفضلية القراءة في المصحف ومنها :

 

- قال : في مجمع الزوائد ومنبع الفوائد : عن عثمان بن عبد الله بن أوس الثقفي ، عن جده ، قال : قال رسول الله ، قراءة الرجل في غير المصحف الف درجة وقراءته في المصحف تضاعف على ذلك الفي درجة رواه الطبراني وفيه أبو سعيد بن عون وثقه ابن معبد في رواية وضعفه في أخرى وبقية رجاله ثقات ، المصدر ( مجمع الزوائد ومنبع الفوائد ج:7 ص:165 ).

 

- وقال في الكامل في الضعفاء : 2203 - أبو سعيد بن عوذ مكي ، حدثنا : علان ، قال : ثنا : ابن أبي مريم ، قال : سمعت يحيى بن معين ، يقول أبو سعيد ليس به باس ، حدثنا : الوليد بن حماد الرملي ، ثنا : سليمان بن عبد الرحمن ، قال : ثنا : مروان هو الفزاري ، حدثنا : أبو سعيد المكتب عن عثمان بن عبد الله بن أوس الثقفي ، عن جده ، قال : قال رسول الله ، من قرا القرآن في المصحف كتب له الف الف حسنة ومن قرا في غير المصحف فالفا حسنة ، أخبرناه : عبد الله بن محمد بن سلم ، قال : ثنا : دحيم ، ثنا : مروان ، قال : ثنا : أبو سعيد بن عوذ المعلم المكي ، عن عثمان بن عبد الله بن أوس الثقفي ، عن جده ، قال : قال رسول الله ، قراءة الرجل القرآن في غير المصحف الف درجة وقراءته في المصحف بضعف ذلك الفي درجة المصدر ( الكامل في ضعفاء الرجال ج:7 ص:299 ).

 

- وقال في الاتقان في علوم القرآن : 1415 - قلت ومن أدلة القراءة في المصحف ما أخرجه الطبراني والبيهقي في الشعب من حديث أوس الثقفي مرفوعا قراءة الرجل في غير المصحف الف درجة ، وقراءته في المصحف تضاعف الفي درجة ، المصدر ( الاتقان في علوم القرآن - السيوطي ج:1 ص:287 ).

 

- وقال في المعجم الكبير : 601 - حدثنا : إبراهيم بن دحيم الدمشقي ، ثنا : أبي ح ، وحدثنا : عبدان بن أحمد ، ثنا : دحيم الدمشقي ، ثنا : مروان بن معاوية ، ثنا : أبو سعيد بن عون المكي ، عن عثمان بن عبد الله بن أوس الثقفي ، عن جده ، قال : قال رسول الله ، قراءة الرجل القرآن في غير المصحف الف درجة وقراءته في المصحف يضاعف على ذلك إلى الفي درجة ، المصدر ( المعجم الكبير ج:1 ص:221 ).

 

- وقال في شعب الإيمان : 2217 - أخبرنا : أبو سعد الماليني ، أنا : أبو أحمد بن عدي ، ثنا : الوليد بن حماد الرملي ، ثنا : سليمان بن عبد الرحمن ح ، وأخبرنا : علي بن أحمد بن عبدان ، أنا : أحمد بن عبيد الصفار ، قال : ثنا : إسماعيل بن الفضل ، ثنا : سليمان بن عبد الرحمن ، عن عبد الرحمن بن بنت شرحبيل ، ثنا : مروان بن معاوية ، ثنا : أبو سعيد المكتب عن عثمان بن عبد الله بن أوس الثقفي ، عن جده ، قال : قال رسول الله ، من قرأ القرآن في المصحف كتب له الفا حسنة ومن قرأه في غير المصحف أظنه قال : فألف حسنة.

 

2218 - أخبرنا : أبو سعد الماليني ، ثنا : أبو أحمد بن عدي ، أنبأ : عبد الله بن محمد بن مسلم ، ثنا : دحيم ، ثنا : مروان أبو سعيد بن عوذ المعلم المكي ، عن عثمان بن عبد الله بن أوس الثقفي ، عن جده ، قال : قال رسول الله ، قراءة القرآن في غير المصحف الف درجة وقراءته في المصحف تضعف على ذلك الفي درجة ، المصدر ( شعب الإيمان ج:2 ص:407 ) و ( فيض القدير ج:4 ص:513 ) و ( ميزان الاعتدال في نقد الرجال ج:7 ص:373 ) و ( لسان الميزان ج:7 ص:52 ).

 

- وقال أيضا : 2239 - أخبرنا : أبو عبد الله الحافظ ، أنا : أبو الطيب محمد بن عبد الله الشعيري ، ثنا : أبو الخطيب عبد الله بن محمد القاضي ، ثنا : محمد بن حميد ، قال : رمدت فشكوت ذلك إلى جرير ، فقال : أدم النظر في المصحف فإني رمدت فشكوت ذلك إلى المغيرة ، فقال لي : أدم النظر في المصحف فإني رمدت فشكوت ذلك إلى إبراهيم ، فقال لي : أدم النظر في المصحف فإني رمدت فشكوت ذلك إلى علقمة ، فقال لي : أدم النظر في المصحف فإني رمدت فشكوت ذلك إلى عبد الله بن مسعود ، فقال : أدم النظر في المصحف فإني رمدت فشكوت ذلك إلى رسول الله ، فقال لي : أدم النظر في المصحف ، المصدر ( شعب الإيمان ج:2 ص:411 ).

 

- وقال أيضا : 2222 - أخبرنا : أبو الحسين بن بشران ، أنا : الحسين بن صفوان ، ثنا : أبو بكر بن أبي الدنيا ، ثنا : عبد الأعلي بن واصل الأسدي ، حدثني : أحمد بن عاصم العباداني ، ثنا : حفص بن عمر بن ميمون ، عن عنبسة بن عبد الرحمن الكوفي ، عن بن أسلم ، عن عطاء بن يسار ، عن أبي سعيد الخدري ، قال : قال رسول الله : عطوا أعينكم حظها من العبادة ، قيل : يا رسول الله وما حظها من العبادة ، قال : النظر في المصحف والتفكر فيه والاعتبار عند عجائبه ، المصدر ( شعب الإيمان ج:2 ص:408 ).

 

- وقال في فتح الباري : ومن طريق بن مسعود موقوفا ، أديموا النظر في المصحف واسناده صحيح ، ومن حيث المعنى أن القراءة في المصحف أسلم من الغلط لكن القراءة عن ظهر قلب ، المصدر ( فتح الباري ج:9 ص:78 ).

 

- وقال في عمدة القاري شرح صحيح البخاري : ومن طريق ابن مسعود موقوفا ، أديموا النظر في المصحف واسناده صحيح ، المصدر ( عمدة القاري شرح صحيح البخاري ج:20 ص:47 ).

 

- وقال في التدوين في أخبار قزوين : حدث محمد بن الحسن البزاز ، عن أبي عمرو الأنصاري هذا ، ثنا : محمد بن أحمد بن منصور الفقيه ، ثنا : أحمد بن علي المثنى ، ثنا : عمار المستملي ، ثنا : سعيد بن زيد ، ثنا : محمد بن جحادة ، عن طلحة بن مصرف ، عن إبراهيم ، عن علقمة ، عن عبد الله بن مسعود (ر) ، قال : النظر إلى الوالدين عبادة ، والنظر إلى الكعبة عبادة ، والنظر في المصحف عبادة ، والنظر إلى أخيك حبا له في الله تعالى عبادة ، المصدر ( التدوين في أخبار قزوين ج:3 ص:297 ).

 

- وقال في شعب الإيمان : 7860 - أخبرنا : أبو عبد الله الحافظ ، أخبرني : أبو علي الحافظ ، أنا : أبي يعلى أحمد بن علي الموصلي ، نا : أبو ياسر عمار المستملي ، نا : سعيد بن زيد ، عن محمد بن حجادة ، عن طلحة بن مصرف ، عن إبراهيم ، عن علقمة ، عن عبد الله ، قال : النظر إلى الوالد عبادة ، والنظر إلى الكعبة عبادة ، والنظر في المصحف عبادة ، والنظر إلى أخيك حبا له في الله عبادة ، المصدر ( شعب الإيمان ج:6 ص:187 ) و ( الفوائد ج:1 ص:131 ).

 

وهذا الكلام فيه وضوح تام على أن المصحف كان موجود في عهد النبي (ص) ولذلك النبي ، قال : من قرأ في المصحف ومن نظر في المصحف والنظر إليه عبادة.

 

وخامسا : وأخيرا أقول : بأن حديث الثقلين أيضا دال على ذلك لأن النبي (ص) ، يقول تارك فيكم ثقلين فلو أن الكتاب غير موجود في الخارج ، فكيف يقول : إني تارك فيكم واليكم روايات الثقلين :

 

قال النبي (ص) أما بعد ، ألا أيها الناس ، فإنما أنا بشر ، يوشك أن يأتي رسول ربي فأجيب ، وأنا تارك فيكم ثقلين أولهما كتاب الله فيه الهدى والنور ، فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به ، فحث على كتاب الله ورغب فيه ، ثم قال : وأهل بيتي ، أذكركم الله في أهل بيتي ، أذكركم الله في أهل بيتي المصدر ( صحيح مسلم ج4 ص 1873 كتاب فضائل علي بن أبي طالب ).

 

- وفي خبر آخر ، عنه (ص) أنه قال : يا أيها الناس ، إني قد تركت فيكم ما إن أخذتم به لن تضلوا كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، المصدر ( سنن الترمذي ج5 ص 622 كتاب المناقب ، باب مناقب أهل بيت النبي ) ورواه ( صاحب مشكاة المصابيح ج3 ص1735 ) و ( الألباني في سلسة الأحاديث الصحيحة ج4 ص356 ) ،وقال عنه الحديث صحيح وهو مروي عن جابر ابن عبد الله.

 

- وفي لفظ آخر مروي ، عن زيد بن أرقم وأبي سعيد ، قالا : قال رسول الله (ص) : إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي ، أحدهما أعظم من الآخر ، كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض ، وعترتي أهل بيتي ، ولن يفترقا حتى يردا على الحوض ، فانظروا كيف تخلفوني فيهما ، المصدر ( سنن الترمذي ج5 ص 663 ) و ( الطحاوي في مشكاة المصابيح ج3 ص 1735 ) و ( الألباني في صحيح الجامع الصغير ج1 س 482 حديث 2458 وصححه ).

 

- وفي لفظ آخر ، عن علي (ع) ، عن النبي (ص) .... قال : وقد تركت ما إن أخذتم به لن تضلوا كتاب الله ، سببه بيده ، وسببه بأيديكم ، وأهل بيتي ، المصدر ( المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية لابن حجر العسقلاني ج 4 ص65 ) ، وقال عنه هذا اسناد صحيح ، والبوصيري في مختصر اتحاف السادة المهره حيث قال : رواه إسحاق بسند صحيح.

 

- ونقله البوصيري ، عن زيد بن ثابت ، قال : قال رسول الله (ص) إني تارك معكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا كتاب الله وعترتي ، وأنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض ، المصدر ( البوصيري في مختصر اتحاف السادة المهره ج8 ص 461 ) ، وقال : رواه أبو بكر بن أبي شيبه وعبد بن حميد ورواته ثقات.

 

- وعن أبي سعيد الخدري ، عن النبي (ص) ، قال : إني أوشك أدعي فأجيب ، وإني تارك فيكم الثقلين ، كتاب الله عز وجل وعترتي ، كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض ، وعترتي أهل بيتي ، وأن اللطيف الخبير أنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض فأنظروني بم تخلفون فيهما ، المصدر ( مسند أحمد بن حنبل ج3ص 17 ) و ( ابن سعد في الطبقات الكبرى ج2 ص 194 )، وقال عنه ( الألباني وهو اسناد حسن في الشواهد كما في سلسلة الأحاديث الصحيحة ج4 ص 357 ).

 

- وعن زيد بن أرقم ، قال : قال رسول الله (ص) إني تارك فيكم خليفتين كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، وأنهما لن يتفرقا حتى يردا علي الحوض ، ( مسند أحمد ج5 ص 181 ) وما بعدها ( والهيثمي في مجمع الزوائد ومنبع الفوائد ج9 ص 162 ) و ( الألباني في صحيح الجامع الصغير ج1 ص 482 حديث 2457 وصححه ).

 

- وعن زيد بن أرقم ـ قال : نزل رسول الله (ص) بين مكة والمدينة عند شجرات خمس دوحات عظام ، فكنس الناس ما تحت الشجرات ، ثم راح رسول الله (ص) عشية فصلى ، ثم قام خطيبا ، فحمد الله وأثنى عليه وذكر ووعظ ما شاء الله أن يقول ، ثم قال : أيها الناس ، إني تارك فيكم أمرين لن تضلوا إن اتبعتموهما ، وهما كتاب الله وأهل بيتي عترتي ، المصدر ( المستدرك على الصحيحين للحاكم ج3 ص 109 ).

 

- وعن زيد بن أرقم أيضا ، قال : لما رجع رسول الله (ص) من حجة الوداع ونزل غدير خم ، أمر بدوحات فقممن ، فقال : كأني دعيت فأجبت : إني قد تركت فيكم الثقلين ، أحدهما أكبر من الآخر كتاب الله وعترتي ، فانظروا كيف تخلفوني فيهما ، فأنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض ، ( مسند أحمد ج3 ص14 ) وما بعدها و ( الحاكم في المستدرك ج3 ص 109 ) ، ولقد ، قال عنه الحاكم هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ، ولم يخرجاه بطوله ، شاهده حديث سلمه بن كهيل ، عن أبي الطفيل ، وهو أيضا صحيح على شرطهما ( أي البخاري ومسلم ) ووافقه ( الذهبي على التصحيح ) و ( ابن أبي عاصم في كتاب السنة ج ص630 ) و ( البداية والنهاية لابن كثير ج 5 ص 184 ) ، وهذا الحديث ثابت مصحح ولقد صححه مجموعه من الأعلام منهم الحاكم ، حيث قال : ( السيوطي في الخصائص الكبرى ج2 ص 266 ) وأخرج الترمذي وحسنه والحاكم وصححه ، عن زيد بن أرقم : أن النبي (ص) ، قال : إني تارك فيكم الثقلين ، كتاب الله وأهل بيتي انتهى ، وصححه ( الذهبي كما في تلخيص المستدرك ج3 ص 533 ) وصححه ( الألباني كما في صحيح الجامع الصغير ص 367 ) فالرواية لا اشكال فيها من ناحية السند.

 

- وقال ابن حجر العسقلاني ومن ثم صح أنه (ص) ، قال : إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا ، كتاب الله وعترتي الصواعق المحرقة ص 145 ، وقال المناوي ، قال الهيثمي : ( رجاله موثقون ) ، ورواه أبو يعلي بسند لا بأس به ووهم من زعم وضعه ، المصدر ( كابن الجوزي النهاية في غريب الحديث والأثر ج 9 ص 162 ).

 

- وقد ذكر الألباني هذا الحديث سلسلته الصحيحة ، وخرج بعض طرقه وأسانيده والصحيحة والحسنة وذكر بعض شواهده وحسنها فوصف من ضعف هذا الحديث بأنه حديث عهد بصناعة الحديث وأنه قصر تقصيرا فاحشا في تحقيق الكلام عليه وأنه فاته كثيرُ من الطرق والأسانيد التي هي بذاتها صحيحة أو حسنة ، فضلا عن الشواهد والمتابعات وأنه لم يلتفت إلي أقوال المصححين للحديث من العلماء إذ اقتصر في تخريجه على بعض المصادر المطبوعة المتداولة دون غيرها فوقه في هذا الخطأ الفادح في تضعيف الحديث الصحيح ، المصدر ( سلسلة الأحاديث الصحيحة ج4 ص 355 حديث 1761 ).

 

سوف أختم هذا البحث بهذا الفصل المختص بالفراءات السبع وقد نقلته بأكمله من كتاب البيان في تفسير القرآن للسيد أبي القاسم الخوئي قدس سره لما فيه من الفائدة فقد ، قال : ( قدس الله سره ) :

 

تمهيد : لقد اختلفت الآراء حول القراءات السبع المشهورة بين الناس ، فذهب جمع من علماء أهل السنة إلى تواترها عن النبي (ص) وربما ينسب هذا القول إلى المشهور بينهم.

 

- ونقل عن السبكي القول بتواتر القراءات العشر ( مناهل العرفان للزرقاني ص 433 ) ، وأفرط بعضهم فزعم إن من ، قال : إن القراءات السبع لا يلزم فيها التواتر ، فقوله كفر ونسب هذا الرأي إلى مفتي البلاد الأندلسية أبي سعيد فرج ابن لب ( نفس المصدر ص428 ).

 

والمعروف عند الشيعة أنها غير متواترة ، بل القراءات بين ما هو اجتهاد من القارئ وبين ما هو منقول بخبر الواحد ، واختار هذا القول جماعة من المحققين من علماء أهل السنة ، وغير بعيد أن يكون هذا هو المشهور بينهم - كما ستعرف ذلك - وهذا القول هو الصحيح ، ولتحقيق هذه النتيجة لابد لنا من ذكر أمرين :

 

الأول : قد أطبق المسلمون بجميع نحلهم ومذاهبهم على أن ثبوت القرآن ينحصر طريقه بالتواتر ، واستدل كثير من علماء السنة والشيعة على ذلك : بأن القرآن تتوافر الدواعي لنقله ، لأنه الاساس للدين الإسلامي ، والمعجز الإلهي لدعوة نبي المسلمين ، وكل شيء تتوفر الدواعي لنقله لابد وإن يكون متواترا ، وعلى ذلك فما كان نقله بطريق الآحاد لا يكون من القرآن قطعا.

 

نعم ذكر السيوطي : أن القاضي أبا بكر ، قال في الانتصار : ذهب قوم من الفقهاء والمتكلمين إلى اثبات قرآن حكما لا علما بخبر الواحد دون الاستفاضة وكره ذلك أهل الحق ، وامتنعوا منه ( الاتقان في النوع 22 - 27 ج 1 ص 243 الطبعة الثالثة ) ، وهذا القول الذي نقله القاضي واضح الفساد - لنفس الدليل المتقدم - وهو إن توفر الدواعي للنقل دليل قطعي على كذب الخبر إذا اختص نقله بواحد أو اثنين.

 

فإذا أخبرنا : شخص أو شخصان بدخول ملك عظيم إلى بلد ، وكان دخول ذلك الملك إلى ذلك البلد مما يمتنع في العادة أن يخفى على الناس ، فإنا لا نشك في كذب هذا الخبر إذا لم ينقله غير ذلك الشخص أو الشخصين ، ومع العلم بكذبه كيف يكون موجبا لاثبات الآثار التي تترتب على دخول الملك ذلك البلد ، وعلى ذلك ، فإذا نقل القرآن بخبر الواحد ، كان ذلك دليلا قطعيا علي عدم كون هذا المنقول كلاما الهيا ، وإذا علم بكذبه ، فكيف يمكن التعبد بالحكم الذي يشتمل عليه ، وعلى كل حال فلم يختلف المسلمون في أن القرآن ينحصر طريق ثبوته والحكم بأنه كلام الهي بالخبر المتواتر ، وبهذا يتضح أنه ليست بين تواتر القرآن ، وبين عدم تواتر القراءات آية ملازمة ، لأن أدلة تواتر القرآن وضرورته لا تثبت - بحال من الأحوال - تواتر قراءاته ، كما إن أدلة نفي تواتر القراءات لا تتسرب إلى تواتر القرآن بأي وجه وسيأتي بيان ذلك - في بحث نظرة في القراءات - على وجه التفصيل.

 


 

الثاني : أن الطريق الأفضل إلى اثبات عدم تواتر القراءات هو معرفة القراء أنفسهم ، وطرق رواتهم ، وهم سبعة قراء ، وهناك ثلاثة آخرون تتم بهم العشرة ، نذكرهم عقيب هؤلاء وإليك تراجمهم ، واستقراء أحوالهم واحدا بعد واحد : أضواء على القراء :

 

( 1 ) - عبد الله بن عامر الدمشقي :

 

- هو أبو عمران اليحصبي ، قرأ القرآن على المغيرة بن أبي شهاب.

 

- قال الهيثم بن عمران : كان عبد الله بن عامر رئيس أهل المسجد زمان الوليد بن عبد الملك ، وكان يزعم أنه من حمير ، وكان يغمز في نسبه ، وقال العجلي والنسائي : ثقة.

 

- وقال أبو عمرو والداني : ولي قضاء دمشق بعد بلال بن أبي الدرداء ... اتخذه أهل الشام اماما في قراءته واختياره ( تهذيب التهذيب ج 5 ص 274 ) ، وقال ابن الجزري : وقد ورد في اسناده تسعة أقوال أصحها أنه قرأ على المغيرة.

 

- ونقل عن بعض أنه قال : لا يدري على من قرأ ، ولد سنة ثمان من الهجرة ، وتوفي سنة 118 ( طبقات القراء ج 1 ص 404 ) ، ولعبد الله راويان رويا قراءته - بوسائط - وهما : هشام ، وابن ذكوان ، أما هشام : فهو ابن عمار بن نصير بن ميسرة ، أخذ القراءة عرضا ، عن أيوب ابن تميم ، قال يحيى بن معين : ثقة ، وقال النسائي : لا بأس به ، وقال الدارقطني : صدوق كبير المحل ، ولد سنة 153 وتوفي سنة 245 ( طبقات القراء ج 2 ص 354 - 356 ).

 

- وقال الآجري ، عن أبي داود : إن أبا أيوب - يعني سليمان بن عبد الرحمن - خير منه ، حدث هشام بأربعمائة حديث مسند ليس لها أصل.

 

- وقال ابن وارة : عزمت زمانا أن أمسك عن حديث هشام ، لأنه كان يبيع الحديث.

 

- وقال صالح بن محمد : كان يأخذ علي الحديث ، ولا يحدث ما لم يأخذ ...

 

- قال المروزي : ذكر أحمد هشاما ، فقال : طياش خفيف وذكر له قصة في اللفظ بالقرآن أنكر عليه أحمد حتى أنه قال : إن صلوا خلفه ، فليعيدوا الصلاة ( تهذيب التهذيب ج 11 ص 52 - 54 ).

 

- أقول : فيمن روى القراءة عنه خلاف ، فليراجع كتاب الطبقات وغيره ، وأما ابن ذكوان : فهو عبد الله بن أحمد بن بشير ، ويقال : بشير ابن ذكوان ، أخذ القراءة عرضا ، عن أيوب بن تميم.

 

- قال أبو عمرو الحافظ : وقرأ على الكسائي حين قدم الشام ، ولد يوم عاشوراء سنة 173 ، وتوفي سنة 242 ، ( طبقات القراء ج 1 ص 403 ) ، أقول : والحال في من روى القراءة عنه كما تقدم.

 


 

( 2 ) - ابن كثير المكي :

 

- هو عبد الله بن كثير بن عمرو بن عبد الله بن زاذان بن فيروزان بن هرمز المكي الداري ، فارسي الأصل ، أخذ القراءة عرضا - على ما في كتاب التيسير - عن عبد الله بن السائب فيما قطع به الحافظ أبو عمرو الداني وغيره ، وضعف الحافظ - أبو العلاء الهمداني - هذا القول ، وقال : إنه ليس بمشهور عندنا وعرض أيضا على مجاهد بن جبر ، ودرباس عبد الله بن عباس ، ولد بمكة سنة 45 وتوفي سنة 120 ( نفس المصدر ص 443 - 445 ).

                

- قال علي بن المديني : كان ثقة ، وقال ابن سعد : ثقة.

 

- وذكر أو عمرو الداني أنه : أخذ القراءة ، عن عبد الله بن السائب المخزومي ، والمعروف أنه إنما أخذها عن مجاهد ( تهذيب التهذيب ج 5 ص 37 ) ، ولعبد الله بن كثير راويان - بوسائط - هما : البزي ، وقنبل ، أما البزي : فهو أحمد بن محمد بن عبد الله بن القاسم بن نافع بن أبي بزة ، اسمه بشار ، فارسي من أهل همدان ، أسلم على يد السائب بن أبي السائب المخزومي.

 

- قال ابن الجزري : أستاذ محقق ضابط متقن ، ولد سنة 170 وتوفي 250 ( طبقات القراء ج 1 ص 119 ) ، قرأ البزي على أبي الحسن أحمد بن محمد بن علقمة المعروف بالقواس ، وعلى أبي الأخريط وهب بن واضح المكي ، وعلى عبد الله ابن زياد بن عبد الله بن يسار المكي ( النشر في القراءات العشر ج1ص120 )..

 

- قال العقيلي منكر الحديث.

 

- وقال أبو حاتم : ضعيف الحديث ، لا أحدث عنه ( لسان الميزان ج 1 ص 283 ) ، أقول : الكلام في من أخذ القراءة عنه كما تقدم.

 

- وأما قنبل : فهو محمد بن عبد الرحمن بن خالد بن محمد أبو عمرو المخزومي مولاهم المكي ، أخذ القراءة عرضا عن أحمد بن محمد بن عون النبال ، وهو الذي خلفه بالقيام بها بمكة ، وروى القراءة ، عن البزي ، انتهت إلى قنبل رئاسة الاقراء بالحجاز ... وكان على الشرطة بمكة ، ولد سنة 195 وتوفي 291 ( طبقات القراء ج 2 ص 205 ) ، ولي الشرطة فخربت سيرته ، وكبر سنه وهرم ، وتغير تغيرا شديدا ، فقطع الاقراء قبل موته بسبع سنين ( لسان الميزان ج5 ص 249 ) ، أقول : الكلام في رواة قراءته كما تقدم.

 


 

( 3 ) - عاصم بن بهدلة الكوفي :

 

- هو ابن أبي النجود أبو بكر الأسدي مولاهم الكوفي ، أخذ القراءة عرضا ، عن زر بن حبيش ، وأبي عبد الرحمن السلمي ، وأبي عمرو الشيباني.

 

- قال أبو بكر بن عياش : قال لي عاصم : ما أقرأني أحد حرفا الا أبو عبد الرحمن السلمي ، وكنت أرجع من عنده فأعرض على زر.

 

- وقال حفص : قال لي عاصم : ما كان من القراءة التي أقرأتك بها فهي القراءة التي قرأت بها على أبي عبد الرحمن السلمي ، عن علي ، وما كان من القراءة التي أقرأتها أبا بكر بن عياش فهي القراءة التي كنت أعرضها على زر بن حبيش ، عن ابن مسعود ( طبقات القراء ج 1 ص 348 )

 

- قال ابن سعد : كان ثقة الا أنه كان كثير الخطأ في حديثه.

- وقال عبد الله بن أحمد ، عن أبيه : كان خيرا ثقة ، والأعمش أحفظ منه.

- وقال العجلي : كان صاحب سنة وقراءة ، وكان ثقة رأسا في القراءة ... وكان عثمانيا.

- وقال يعقوب بن سفيان : في حديثه اضطراب وهو ثقة.

- وقد تكلم فيه ابن علية ، فقال : كان كل من اسمه عاصم سئ الحفظ.

- وقال النسائي : ليس به بأس.

- وقال ابن خراش : في حديثه نكرة.

- وقال العقيلي : لم يكن فيه الا سوء الحفظ ، وقال : الدارقطني : في حفظه شيء.

- وقال حماد بن سلمة : خلط عاصم في آخر عمره ، مات سنة 127 أو سنة 128 ( تهذيب التهذيب ج 5 ص 39 ).       

- ولعاصم ابن بهدلة راويان بغير واسطة هما : حفص ، وأبو بكر : أما حفص : فهو ابن سليمان الأسدي ، كان ربيب عاصم ، قال الذهبي : أما القراءة فثقة ثبت ضابط لها ، بخلاف حاله في الحديث.

- وذكر حفص : أنه لم يخالف عاصما في شيء من قراءته الا في حرف .. الروم سورة 3 آية 54 : الله الذي خلقكم من ضعف ، قرأه بالضم وقرأ عاصم بالفتح ولد سنة 90 وتوفي سنة 180 ( طبقات القراء ج1ص254 ).

- وقال ابن أبي حاتم ، عن عبد الله ، عن أبيه : متروك الحديث.

- وقال عثمان الدارمي وغيره ، عن ابن معين : ليس بثقة.

- وقال ابن المديني : ضعيف الحديث ، وتركته على عمد.

- وقال البخاري : تركوه.

- وقال مسلم : متروك.

- وقال النسائي : ليس بثقة ، ولا يكتب حديثه.

- وقال صالح ابن محمد : لا يكتب حديثه وأحاديثه كلها مناكير.

- وقال ابن خراش : كذاب متروك يضع الحديث.

- وقال ابن حبان : كان يقلب الأسانيد ، ويرفع المراسيل.

- وحكى ابن الجوزي في الموضوعات ، عن عبد لرحمن بن مهدي ، قال : والله ما تحل الرواية عنه.

- وقال الدارقطني : ضعيف

- وقال الساجي : حفص ممن ذهب حديثه ، عنده مناكير ( تهذيب التهذيب ج2 ص401 ).

 

أقول : الحال فيمن روى القراءة عنه كما تقدم ، وأما أبو بكر : فهو شعبة بن عياش بن سالم الحناط الأسدي الكوفي ، قال ابن الجزري : عرض القرآن على عاصم ثلاث مرات ، وعلى عطاء ابن السائب ، وأسلم المنقري ، وعمر دهرا الا أنه قطع الاقراء قبل موته بسبع سنين ، وقيل بأكثر ، وكان اماما كبيرا عالما عاملا ، وكان يقول : أنا نصف الإسلام ، وكان من أئمة السنة ، ولما حضرته الوفاة بكت أخته ، فقال لها : ما يبكيك ، انظري إلى تلك الزاوية فقد ختمت فيها ، ثمان عشرة الف ختمة ، ولد سنة 95 وتوفي سنة 193 ، وقيل 194 ( طبقات القراء ج 1 ص 325 - 327 ).

 

- قال عبد الله ابن أحمد ، عن أبيه : ثقة وربما غلط.

- وقال عثمان الدارمي : وليس بذاك في الحديث.

- وقال ابن أبي حاتم : سألت أبي ، عن أبي بكر بن عياش ، وأبي الأحوص ، فقال : ما أقربهما.

- وقال ابن سعد : كان ثقة صدوقا عارفا بالحديث والعلم ، الا أنه كثير الغلط.

- وقال يعقوب ابن شيبة : في حديثه اضطراب.

- وقال أبو نعيم : لم يكن في شيوخنا أحد أكثر غلطا منه.

- وقال البزار : لم يكن بالحافظ ( تهذيب التهذيب ج 12 ص 35 - 37 ).

  


 

( 4 ) - أبو عمرو البصيري :

 

- هو زبان بن العلاء بن عمار المازني البصري ، قيل : إنه من فارس ، توجه مع أبيه لما هرب من الحجاج ، فقرأ بمكة والمدينة ، وقرأ أيضا بالكوفة والبصرة على جماعة كثيرة ، فليس في القراء السبعة أكثر شيوخا منه ، ولقد كانت الشام تقرأ بحرف ابن عامر إلى حدود الخمسمائة فتركوا ذلك ، لأن شخصا قدم من أهل العراق ، وكان يلقن الناس بالجامع الأموي على قراءة أبي عمرو ، فاجتمع عليه خلق ، واشتهرت هذه القراءة عنه ، قال الأصمعي : سمعت أبا عمرو ، يقول : ما رأيت أحدا قبلي أعلم مني ، ولد سنة 68 ، قال غير واحد : مات سنة 154 ( طبقات القراء ج 1 ص 288 - 292 ).

 

- قال الدوري ، عن ابن معين : ثقة.

- وقال أبو خيثمة : كان أبو عمرو بن العلاء رجلا لا بأس به ولكنه لم يحفظ.

- وقال نصر بن علي الجهضمي ، عن أبيه : قال لي شعبة : انظر ما يقرأ به أبو عمرو ، فما يختاره لنفسه فاكتبه ، فانه سيصير للناس أستاذا.

- وقال أبو معاوية الأزهري في التهذيب : كان من أعلم الناس بوجوه القراءات ، والفاظ العرب ، ونوادر كلامهم ، وفصيح أشعارهم ( تهذيب التهذيب ج 12 ص 178 - 180 ).

 

- ولقراءة أبي عمرو راويان بواسطة يحيى بن المبارك اليزيدي ، هما : الدوري ، والسوسي ، أما يحيى بن المبارك : فقال ابن الجزري : نحوي مقرئ ، ثقة علامة كبير ، نزل بغداد وعرف باليزيدي لصحبته يزيد بن منصور الحميري خال المهدي ، فكان يؤدب ولده ، أخذ القراءة عرضا ، عن أبي عمرو ، وهو الذي خلفه بالقيام بها ، وأخذ أيضا : عن حمزة.

 

- روى القراءة عنه أبو عمرو الدوري ، وأبو شعيب السوسي ، وله اختيار خالف فيه أبا عمرو في حروف يسيرة ، قال ابن مجاهد : وإنما عولنا على اليزيدي - وإن كان سائر أصحاب أبي عمرو أجل منه - لأجل أنه انتصب للرواية عنه ، وتجرد لها ، ولم يشتغل بغيرها ، وهو أضبطهم ، توفي سنة 202 بمرو ، وله أربع وسبعون سنة ، وقيل : بل جاوز التسعين ، وقارب المائة ( طبقات القراء ج 2 ص 375 - 377 ).

 

- وأما الدوري : فهو حفص بن عمرو بن عبد العزيز الدوري الأزدي البغدادي ، قال ابن الجزري : ثقة ثبت كبير ضابط أول من جمع القراءات ، توفي في شوال سنة 246 ( نفس المصدر ج 2 ص 255 ).

 

- قال الدارقطني : ضعيف.

- وقال العقيلي : ثقة ( تهذيب التهذيب ج 2 ص 408 ).

 

أقول : الكلام فيمن أخذ القراءة عنه كما تقدم ، وأما السوسي : فهو أبو شعيب صالح بن زياد بن عبد الله ، قال ابن الجزري : ضابط محرر ثقة ، أخذ القراءة عرضا وسماعا ، عن أبي محمد اليزيدي ، وهو من أجل أصحابه ، مات أول سنة 261 ، وقد قارب السبعين ( طبقات القراء ج ص 332 ).

 

- قال أبو حاتم : صدوق.

- وقال النسائي : ثقة.

- وذكره ابن حبان في الثقات.

- وذكر أبو عمرو الداني : أن النسائي روى عنه القراءات ، وضعفه مسلم بن قاسم الأندلسي بلا مستند ( تهذيب التهذيب ج 4 ص 392 ).

 

أقول : الكلام فيمن أخذ القراءة عنه كما تقدم.

 


 

( 5 ) - حمزة الكوفي :

 

- هو ابن حبيب بن عمارة بن اسماعيل أبو عمارة الكوفي التميمي ، أدرك الصحابة بالسن ، أخذ القراءة عرضا ، عن سليمان الأعمش ، وحمران بن أعين.

 

- وفي كتاب الكفاية الكبرى والتيسير ، عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، وطلحة بن مصرف ، وفي كتاب التيسير ، عن مغيرة بن مقسم ومنصور وليث ابن أبي سليم.

- وفي كتاب التيسير والمستنير ، عن جعفر بن محمد الصادق (ع) ، قالوا : استفتح حمزة القرآن من حمران ، وعرض على الأعمش وأبي إسحاق وابن أبي ليلى ، وإليه صارت الإمامة في القراءة بعد عاصم والأعمش ، وكان اماما حجة ثقة ثبتا عديم النظير.

 

- قال عبد الله العجلي ، قال أبو حنيفة لحمزة : شيئان غلبتنا عليهما لسنا ننازعك فيهما : القرآن والفرائض.

- وقال سفيان الثوري : غلب حمزة الناس على القرآن والفرائض.

- وقال عبد الله بن موسى : وكان شيخه الأعمش إذا رآه قد أقبل يقول : هذا حبر القرآن ولد سنة 80 وتوفي سنة 156 ( طبقات القراء ج 1 ص 261 ).

- قال ابن معين : ثقة.

- وقال النسائي : ليس به بأس ، وقال العجلي : ثقة رجل صالح.

- وقال ابن سعد : كان رجلا صالحا عنده أحاديث وكان صدوقا صاحب سنة.

- وقال الساجي : صدوق سيئ الحفظ ليس بمتقن في الحديث ، وقد ذمه جماعة من أهل الحديث في القراءة ، وأبطل بعضهم الصلاة باختياره من القراءة ، وقال الساجي أيضا والأزدي : يتكلمون في قراءته وينسبونه إلى حالة مذمومة فيه.

- وقال الساجي أيضا : سمعت سلمة بن شبيب يقول : كان أحمد يكره أن يصلي خلف من يصلي بقراءة حمزة.

- وقال الآجري ، عن أحمد بن سنان : كان يزيد - يعني ابن هرون - يكره قراءة حمزة كراهية شديدة.

- قال أحمد بن سنان : سمعت ابن مهدي ، يقول : لو كان لي سلطان على من يقرأ قراءة حمزة لاوجعت ظهره وبطنه.

- وقال أبو بكر بن عياش : قراءة حمزة عندنا بدعة.

- وقال ابن دريد : إني لأشتهي أن يخرج من الكوفة قراءة حمزة ( تهذيب التهذيب ج 3 ص 27 ) ، ولقراءة حمزة راويان بواسطة ، هما : خلف بن هشام ، وخلاد بن خالد : أما خلف : فهو أبو محمد الأسدي بن هشام بن ثعلب البزار البغدادي.

- قال ابن الجزري : أحد القراء العشرة ، وأحد الرواة ، عن سليم ، عن حمزة ، حفظ القرآن وهو ابن عشر سنين ، وابتدأ في الطلب وهو ابن ثلاث عشر ، وكان ثقة كبيرا زاهدا عابدا عالما ، قال ابن أشته : كان خلف يأخذ بمذهب حمزة الا أنه خالفه في مائة وعشرين حرفا ، ولد سنة 150 ، ومات سنة 229 ( طبقات القراء ج 1 ص 272 ).

- قال اللالكائي : سئل عباس الدوري ، عن حكاية ، عن أحمد بن حنبل في خلف ابن هشام ، فقال : لم أسمعها ولكن ، حدثني : أصحابنا أنهم ذكروه عند أحمد ، فقيل : إنه يشرب ، فقال : انتهى الينا علم هذا ، ولكنه - والله - عندنا الثقة الأمين.

- وقال النسائي : بغدادي ثقة.

- وقال الدارقطني : كان عابدا  فاضلا ، قال : أعدت صلاة أربعين سنة كنت أتناول فيها الشراب على مذهب الكوفيين.

- وحكى الخطيب في تاريخه ، عن محمد بن حاتم الكندي ، قال : سألت يحيى بن معين ، عن خلف البزار ، فقال : لم يكن يدري أيش الحديث ( تهذيب التهذيب ج 3 ص 156 ).

 

أقول : وسيجيء الكلام فيمن روى قراءته ، وأما خلاد بن خالد : فهو أبو عيسى الشيباني الكوفي.

 

- قال ابن الجزري : امام في القراءة ثقة عارف محقق أستاذ ، أخذ القراءة عرضا ، عن سليم ، وهو من أضبط أصحابه وأجلهم ، توفي سنة 220 ( طبقات القراء ج 1 ص 274 ).

 

أقول : والكلام في رواة قراءته كما تقدم.

 


 

( 6 ) - نافع المدني :

 

- هو نافع بن عبد الرحمن بن أبي نعيم ، قال ابن الجزري : أحد القراء السبعة والأعلام ثقة صالح ، أصله من أصبهان ، أخذ القراءة عرضا ، عن جماعة من تابعي أهل المدينة.

 

- قال سعيد بن منصور : سمعت مالك بن أنس ، يقول : قراءة أهل المدينة سنة ، قيل له : قراءة نافع ، قال : نعم.

- وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل : سألت أبي أي القراءة أحب اليك ، قال : قراءة أهل المدينة ، قلت : فإن لم يكن ، قال : عاصم ، مات سنة 169 ( طبقات القراء ج 2 ص 330 ).

- قال أبو طالب ، عن أحمد : كان يؤخذ عنه القرآن ، وليس في الحديث بشيء.

- وقال الدوري ، عن ابن معين : ثقة.

- وقال النسائي : ليس به بأس.

- وذكر ابن حبان في الثقات ، وقال الساجي : صدوق ... اختلف فيه أحمد ويحيى ، فقال أحمد : منكر الحديث ، وقال يحيى : ثقة ( تهذيب التهذيب ج 10 ص 407 ).

 

- ولقراءة نافع راويان بلا واسطة ، هما قالون ، وورش : أما قالون فهو عيسى بن ميناء بن وردان أبو موسى ، مولى بني زهرة ، يقال : إنه ربيب نافع ، وهو الذي سماه ، قالون لجودة قراءته ، فإن ، قالون باللغة الرومية جيد ، قال عبد الله بن علي : إنما يكلمه بذلك لأن ، قالون أصله من الروم كان جد جده عبد الله بن سبي الروم ، أخذ القراءة عرضا ، عن نافع.

- قال ابن أبي حاتم : كان أصم ، يقرئ القرآن ويفهم خطأهم ولحنهم بالشفة ، ولد سنة 120 ، وتوفي سنة 220 ( طبقات القراء ج 1 ص 615 ).

- قال ابن حجر العسقلاني : أما في القراءة فثبت ، وأما في الحديث فيكتب حديثه في الجملة ، سئل أحمد بن صالح المصري ، عن حديثه فضحك ، وقال : تكتبون عن كل أحد ( لسان الميزان ج 4 ص 408 ).

 

أقول : والكلام فيمن روى القراءة عنه كما تقدم.

 

- وأما ورش : فهو عثمان بن سعيد ، قال ابن الجزري : انتهت إليه رئاسة الاقراء في الديار المصرية في زمانه ، وله اختيار خالف فيه نافعا ، وكان ثقة حجة في القراءة ، ولد سنة 110 بمصر ، وتوفي فيها سنة 197 ( طبقات القراء ج 1 ص 502 ).

 

أقول الكلام في رواة قراءته كما تقدم.

  


 

( 7 ) - الكسائي الكوفي :

 

- هو علي بن حمزة بن عبد الله بن بهمن بن فيروز الأسدي ، مولاهم من أولاد الفرس ، قال ابن الجزري : الامام الذي انتهت إليه رئاسة الاقراء بالكوفة بعد حمزة الزيات ، أخذ القراءة عرضا ، عن حمزة أربع مرات وعليه اعتماده.

 

- وقال أبو عبيد في كتاب القراءات : كان الكسائي : يتخير القراءات فأخذ من قراءة حمزة ببعض وترك بعضا واختلف في تاريخ موته ، فالصحيح الذي أرخه غير واحد من العلماء والحفاظ سنة 189 ( طبقات القراء ج 1 ص 535 ).

 

- أخذ القراءة ، عن حمزة الزيات مذاكرة ، وعن محمد بن عبد الرحمن ابن أبي ليلى ، وعيسى بن عمرو الأعمش ، وأبي بكر بن عياش ، وسمع منهم الحديث ، ومن سليمان بن أرقم ، وجعفر الصادق (ع) والعزرمي ، وابن عيينة ... وعلم الرشيد ، ثم علم ولده الأمين ( تهذيب التهذيب ج 7 ص 313 ).

 

- وحدث المرزباني فيما رفعه إلى ابن الأعرابي ، قال : كان الكسائي أعلم الناس على رهق فيه ، كان يديم شرب النبيذ ، ويجاهر ب‍ه ... الا أنه كان ضابطا قارئا علما بالعربية صدوقا ( معجم الادباء ج 5 ص 185 ).

 

- وللكسائي راويان بغير واسطة ، هما الليث بن خالد ، وحفص بن عمر ، أما الليث : فهو أبو الحارث بن خالد البغدادي ، قال ابن الجزري : ثقة معروف حاذق ضابط ، عرض على الكسائي وهو من أجلة أصحابه مات سنة 240 ( طبقات القراء ج 2 ص 34 ).

 

أقول : الكلام في رواة قراءته كما تقدم.

 

- وأما حفص بن عمر الدوري فقد تقدمت ترجمته عند ترجمة عاصم ، هذا ما أردنا نقله من ترجمة القراء السبعة ، ورواة قراءاتهم ، وقد نظم أسماءهم ، وأسماء رواتهم القاسم بن فيره في قصيدته اللامية المعروفة بالشاطبية ، وأما الثلاثة المتممة للعشرة فهم : خلف ، ويعقوب ، ويزيد بن القعقاع.

 


 

 ( 8 ) - خلف بن هشام البزار :

 

تقدمت ترجمته عند ترجمة حمزة ، ولقراءته راويان ، هما : إسحاق ، وإدريس ، أما إسحاق فقال فيه ابن الجزري : إسحاق بن ابراهيم بن عثمان بن عبد الله أبو يعقوب المروزي ، ثم البغدادي ، وراق خلف ، وراوي اختياره عنه ، ثقة ، توفي سنة 286 ( طبقات القراء ج 1 ص 155 ).

 

أقول : الكلام فيمن قرأ عليه كما تقدم.

 

- وأما إدريس : فقال فيه ابن الجزري : إدريس بن عبد الكريم الحداد أبو الحسن البغدادي ، امام ضابط ، متقن ثقة ، قرأ على خلف بن هشام ، سئل عنه الدارقطني ، فقال : ثقة وفوق الثقة بدرجة ، توفي سنة 292 ( نفس المصدر ص 154 ).

 

أقول : الكلام فيمن روى القراءة عنه كما تقدم.

 


 

( 9 ) - يعقوب بن اسحاق :

 

- هو يعقوب بن اسحاق بن زيد بن عبد الله أبو محمد الحضرمي ، مولاهم البصري.

 

- قال ابن الجزري : أحد القراء العشرة ، قال يعقوب : قرأت على سلام في سنة ونصف ، وقرأت على شهاب بن شرنفة المجاشعي في خمسة أيام ، وقرأ شهاب على مسلمة بن محارب المحاربي في تسعة أيام ، وقرأ مسلمة على أبي الأسود الدؤلي على علي (ع) ، مات في ذي الحجة سنة 205 ، وله ، ثمان وثمانون سنة ( طبقات القراء ج 2 ص 38 ).

 

- قال أحمد وأبو حاتم : صدوق ، وذكره ابن حبان في الثقات ، وقال ابن سعد : ليس هو عندهم بذاك الثبت ( تهذيب التهذيب ج 11 ص 382 ) ، وليعقوب راويان ، هما : رويس ، وروح ، أما رويس : فهو محمد بن المتوكل أبو عبد الله اللؤلؤي البصري.

 

- قال ابن الجزري : مقرئ حاذق ضابط مشهور أخذ القراءة عرضا ، عن يعقوب الحضرمي ، قال الداني : وهو من أحذق أصحابه ، روى القراءة عنه عرضا محمد بن هارون التمار ، والامام أبو عبد الله الزبير بن أحمد الزبيري الشافعي ، توفي سنة 338 ( طبقات القراء ج 2 ص 234 ) ، وأما روح : فهو أبو الحسن بن عبد المؤمن الهذلي ، مولاهم البصري النحوي.

 

- قال ابن الجزري : مقرئ جليل ثقة ضابط مشهور ، عرض على يعقوب الحضرمي ، وهو من أجلة أصحابه ، توفي سنة 235 أو 234 ( نفس المصدر ج 1 ص 285 ) ، أقول : الكلام فيمن عرض القراءة عليه كما تقدم.

  


 

( 10 ) - يزيد بن القعقاع :

 

- قال ابن الجزري : يزيد بن القعقاع الامام أبو جعفر المخزومي المدني القارئ ، أحد القراء العشرة تابعي مشهور كبير القدر ، عرض القرآن على مولاه عبد الله بن عياش بن أبي ربيعة ، وعبد الله بن عباس ، وأبي هريرة ، قال يحيى بن معين : كان امام أهل المدينة في القراءة فسمي القارئ بذلك ، وكان ثقة قليل الحديث.

 

- وقال ابن أبي حاتم : سألت أبي عنه ، فقال : صالح الحديث ، مات بالمدينة سنة 130 ( طبقات القراء ج 2 ص 382 ) ، ولأبي جعفر راويان ، هما : عيسى ، وابن جماز ، أما عيسى : فهو أبو الحارث عيسى بن وردان المدني الحذاء.

 

- قال ابن الجزري : امام مقرئ حاذق ، وراو محقق ضابط ، عرض على أبي جعفر وشيبة ، ثم عرض على نافع ، قال الداني : هو من أجلة أصحاب نافع وقد مائهم ، وقد شاركه في الاسناد ، مات - فيما أحسبب - في حدود سنة 160 ( نفس المصدر ج 1 ص 616 ).

 

- أقول : الكلام فيمن عرض عليه كما تقدم.

- وأما ابن جماز : فهو سليمان بن مسلم بن جماز أبو الربيع الزهري مولاهم المدني.

- قال ابن الجزري : مقرئ جليل ضابط ، عرض على أبي جعفر ، وشيبة على ما في كتابي الكامل والمستنير ، ثم عرض على نافع على ما في الكامل ، مات بعد سنة 170 فيما أحسب ( طبقات القراء ج1 ص315 ).

 

إن من ذكرناهم من رواة القراء العشرة هم المعروفون بين أهل التراجم ، وأما القراءة المروية بغير ما ذكرناه من الطرق فغير مضبوطة ، وقد وقع الخلاف بين المترجمين في رواة أخرى لهم ، وقد أشرنا إلى هذا - فيما تقدم - ولذلك لم نتعرض - هنا - لذكرهم.

 

نظرة في القراءات : قد أسلفنا في التمهيد من بحث أضواء على القراء بعض الآراء حول تواتر القراءات وعدمه وأشرنا إلى ما ذهب إليه المحققون من نفي تواتر القراءات ، مع أن المسلمين قد أطبقوا على تواتر القرآن نفسه ، والآن نبدأ بالاستدلال على ما اخترناه من عدم تواترها بأمور :

 

الأول : إن استقراء حال الرواة يورث القطع بأن القراءات نقلت الينا بأخبار الآحاد ، وقد اتضح ذلك فيما أسلفناه في تراجمهم فكيف تصح دعوى القطع بتواترها عن القراء ، على أن بعض هؤلاء الرواة لم تثبت وثاقته.

 

الثاني : إن التأمل في الطرق التي أخذ عنها القراء ، يدلنا دلالة قطعية على أن هذه القراءات إنما نقلت اليهم بطريق الآحاد.

 

الثالث : اتصال أسانيد القراءات بالقراء أنفسهم يقطع تواتر الأسانيد حتى لو كانت رواتها في جميع الطبقات ممن يمتنع تواطؤهم على الكذب ، فإن كل قارئ إنما ينقل قراءته بنفسه.

 

الرابع : احتجاج كل قارئ من هؤلاء على صحة قراءته ، واحتجاج تابعيه على ذلك أيضا ، واعراضه ، عن قراة غيره دليل قطعي على أن القراءات تستند إلى اجتهاد القراء وآرائهم ، لأنها لو كانت متواترة عن النبي (ص) لم يحتج في اثبات صحتها إلى الاستدلال والاحتجاج.

 

الخامس : أن في انكار جملة من أعلام المحققين على جملة من القراءات دلالة واضحة على عدم تواترها ، إذ لو كانت متواترة لما صح هذا الانكار فهذا الطبري أنكر قراءة ابن عامر ، وطعن في كثير من المواضع في بعض القراءات المذكورة في السبع ، وطعن بعضهم على قراءة حمزة ، وبعضهم على قراءة أبي عمرو ، وبعضهم على قراءة ابن كثير ، وأن كثيرا من العلماء أنكروا تواتر ما لا يظهر وجهه في اللغة العربية ، وحكموا بوقوع الخطأ فيه من بعض القراء ( التبيان ص 106 للمعتصم بالله طاهر بن صالح بن أحمد الجزائري ، طبع في مطبعة النار سنة 1334 ).

 

وقد تقدم في ترجمة حمزة انكار قراءته من امام الحنابلة أحمد ، ومن يزيد بن هارون ، ومن ابن مهدي : هو عبد الرحمن بن مهدي ، قال : في ( تهذيب التهذيب ج 6 ص 280 ) ، قال أحمد بن سنان : سمعت علي بن المديني ، يقول : كان عبد الرحمن بن مهدي أعلم الناس ، قالها مرارا ، وقال : الخليلي : هو امام بلا مدافعة ، وقال الشافعي : لا أعرف له نظيرا في الدنيا ، ومن أبي بكر بن عياش ، ومن ابن دريد.

 

قال الزركشي : بعدما اختار أن القراءات توقيفية خلافا لجماعة منهم الزمخشري ، حيث ظنوا أنها اختيارية ، تدور مع اختيار الفصحاء ، واجتهاد البلغاء ، ورد على حمزة قراءة والأرحام بالخفض ، ومثل ما حكي ، عن أبي زيد ، والأصمعي ، ويعقوب الحضرمي أنهم خطأوا حمزة في قراءته وما أنتم بمصر خي بكسر الياء المشددة ، وكذلك أنكروا على أبي عمرو ادغامه الراء في السلام في يغفر لكم ، وقال الزجاج : إنه غلط فاحش ( التبيان ص 87 ).

 

تصريحات نفاة تواتر القراءات :

 

- وقد رأينا من المناسب أن نذكر من كلمات خبراء الفن ممن صرح بعدم تواتر القراءات ليظهر الحق في المسألة بأجلى صوره : 

 

( 1 ) - قال ابن الجزري : كل قراءة وافقت العربية ولو بوجه ، ووافقت أحد المصاحف العثمانية ولو احتمال ، وصح سندها فهي القراءة الصحيحة التي لا يجوز ردها ، ولا يحل انكارها ، بل هي من الأحرف السبعة التي نزل بها القرآن ، ووجب على الناس قبولها سواء كانت ، عن الأئمة السبعة أم عن العشرة ، أم عن غيرهم من الأئمة المقبولين ، ومتى اختل ركن من هذه الأركان الثلاثة أطلق عليها ضعيفة ، أو شاذة ، أو باطلة سواء كانت من السبعة أم عمن هو أكبر منهم ، هذا هو الصحيح عند أئمة التحقيق من السلف والخلف ، صرح بذلك الامام الحافظ أبو عمر وعثمان بن سعيد الداني ، ونص عليه في غير موضع الامام أبو محمد مكي بن أبي طالب ، وكذلك الامام أبو العباس أحمد بن عمار المهدوي ، وحققه الامام الحافظ أبو القاسم عبد الرحمن بن اسماعيل المعروف بأبي شامة وهو مذهب السلف الذي لا يعرف عن أحد منهم خلافه.

 

( 2 ) - وقال أبو شامة في كتابه المرشد الوجيز : فلا ينبغي أن يغتر بكل قراءة تعزى إلى واحد من هؤلاء الأئمة السبعة ويطلق عليها لفظ الصحة ، وإنها هكذا أنزلت ، الا إذا دخلت في ذلك الضابط ، وحينئذ لا يتفرد بنقلها مصنف عن غيره ، ولا يختص ذلك بنقلها عن غيرهم من القراء فذلك لا يخرجها عن الصحة ، فإن الاعتماد على استجماع تلك الأوصاف لا على من تنسب إليه ، فإن القراءات المنسوبة إلى كل قارئ من السبعة وغيرهم منقسمة إلى المجمع عليه والشاذ ، غير أن هؤلاء السبعة لشهرتهم ، وكثرة الصحيح المجمع عليه في قراءتهم : تركتن النفس إلى ما نقل عنهم فوق ما ينقل عن غيرهم ( النشر في القراءات العشر ج 1 ص9 ).

 

( 3 ) - وقال ابن الجزري أيضا : وقد شرط بعض المتأخرين التواتر في هذا الركن ولم يكتف فيه بصحة السند ، وزعم أن القرآن لا يثبت الا بالتواتر ، وأن ما جاء مجئ الآحاد لا يثبت به قرآن ، هذا مما لا يخفى ما فيه ، فإن التواتر إذا ثبت لا يحتاج فيه إلى الركنين الاخيرين من الرسم وغيره ، إذ ما ثبت من أحرف الخلاف متواترا عن النبي (ص) وجب قبوله ، وقطع بكونه قرآنا سواء وافق الرسم أم خالفه ، وإذا اشترطنا التواتر في كل حرف من حروف الخلاف انتفى كثير من أحرف الخلاف ، الثابت عن هؤلاء الأئمة السبعة وغيرهم ، ولقد كنت - قبل - أجنح إلى هذا القول ، ثم ظهر فساده وموافقة أئمة السلف والخلف.

 

( 4 ) - وقال الامام الكبير أبو شامة في مرشده : وقد شاع على السنة جماعة من المقرئين المتأخرين ، وغيرهم من المقلدين أن القراءات السبع كلها متواترة أي كل فردفرد ما روي عن هؤلاء السبعة ، قالوا : والقطع بأنها منزلة من عند الله واجب ، ونحن بهذا نقول ، ولكن فيما اجتمعت على نقله عنهم الطرق ، واتفقت عليه الفرق ، من غير نكير له مع أنه شاع واشتهر واستفاض ، فلا أقل من اشتراط ذلك إذا لم يتفق التواتر في بعضها ( النشر في القراءات العشر ج 1 ص 13 ).

 

( 5 ) - وقال السيوطي : وأحسن من تكلم في هذا النوع امام القراء في زمانه شيخ شيوخنا أبو الخير ابن الجزري ، قال : في أول كتابه - النشر - كل قراءة وافقت العربية ... فنقل كلام ابن الجزري بطوله الذي نقلنا جملة منه آنفا ، ثم قال : قلت : أتقن الامام ابن الجزري هذا الفصل جدا ( الاتقان النوع 22 - 27 ج 1 ص 129).

 

( 6 ) - وقال أبو شامة في كتاب البسملة : إنا لسنا ممن يلتزم بالتواتر في الكلمات المختلف فيها بين القراء ، بل القراءات كلها منقسمة إلى متواتر وغير متواتر ، وذلك بين لمن أنصف وعرف ، وتصفح القراءات وطرقها ( التبيان ص 102).

 

( 7 ) - وذكر بعضهم : إنه لم يقع لأحد من الأئمة الأصوليين تصريح بتواتر القراءات ، وقد صرح بعضهم بأن التحقيق أن القراءات السبع متواترة عن الأئمة السبعة بهذه القراءات السبع موجود في كتب القراءات ، وهي نقل الواحد عن الواحد ( نفس المصدر ص 105).

 

( 8 ) - وقال بعض المتأخرين من علماء الأثر : ادعى بعض أهل الأصول تواتر كل واحد من القراءات السبع ، وادعى بعضهم تواتر القراءات العشر وليس على ذلك اثارة من علم ... وقد نقل جماعة من القراء الاجماع على أن في هذه القراءات ما هو متواتر ، وفيها ما هو آحاد ، ولم يقل أحد منهم بتواتر كل واحد من السبع فضلا عن العشر ، وإنما هو قول ، قاله بعض أهل الأصول ، وأهل الفن أخبر بفنهم ( التبيان ص 106).

 

( 9 ) - وقال : مكي في جملة ما قال : وربما جعلوا الاعتبار بما اتفق عليه عاصم ونافع فإن قراءة هذين الامامين أولى القراءات ، وأصحها سندا ، وأفصحها في العربية ( نفس المصدر ص 90 ).

 

( 10 ) - وممن اعترف بعدم التواتر حتى في القراءات السبع : الشيخ محمد سعيد العريان في تعليقاته ، حيث قال : لا تخلوا احدى القراءات من شواذ فيها حتى السبع المشهورة فإن فيها من ذلك أشياء ، وقال أيضا : وعندهم أن أصح القراءات من جهة توثيق سندها نافع وعاصم ، وأكثرها توخيا للوجوه التي هي أفصح أبو عمرو ، والكسائي ( اعجاز القرآن للرافعي ، الطبعة الرابعة ص 52 ، 53 ).

 

- ولقد اقتصرنا في نقل الكلمات على المقدار اللازم ، وستقف على بعضها الآخر أيضا بعيد ذلك ، تأمل بربك ، هل تبقى قيمة لدعوى التواتر في القراءات بعد شهادة هؤلاء الأعلام كلهم بعدمه ، وهل يمكن اثبات التواتر بالتقليد ، وباتباع بعض من ذهب إلى تحققه من غير أن يطالب بدليل ، ولا سيما إذا كانت دعوى التواتر مما يكذبها الوجدان .

 

وأعجب من جميع ذلك أن يحكم مفتي الديار الأندلسية أبو سعيد بكفر من أنكر تواترها ، لنفرض أن القراءات متواترة عند الجميع ، فهل يكفر من أنكر تواترها إذا لم تكن من ضروريات الدين ، ثم لنفرض أنها بهذا التواتر الموهوم أصبحت من ضروريات الدين ، فهل يكفر كل أحد بانكارها حتى من لم يثبت عنده ذلك ، اللهم إن هذه الدعوى جرأة عليك ، وتعد لحدودك ، وتفريق لكلمة أهل دينك.

 

أدلة تواتر القراءات : وأما القائلون بتواتر القراءات السبع فقد استدلوا على رأيهم بوجوه :

 

الأول : دعوى قيام الاجماع عليه من السلف إلى الخلف ، وقد وضح للقارئ فساد هذه الدعوى ، على أن الاجماع لا يتحقق باتفاق أهل مذهب واحد عند مخالفة الآخرين ، وسنوضح ذلك في الموضع المناسب إن شاء الله تعالى.

 

الثاني : أن اهتمام الصحابة والتابعين بالقرآن يقضي بتواتر قراءته ، وإن ذلك واضح لمن أنصف نفسه وعدل.

 

الجواب : إن هذا الدليل إنما يثبت تواتر نفس القرآن ، لا تواتر كيفية قراءته ، وخصوصا مع كون القراءة عند جمع منهم مبتنية على الاجتهاد ، أو على السماع ولو من الواحد ، وقد عرفت ذلك مما تقدم ، ولولا ذلك لكان مقتضى هذا الدليل أن تكون جميع القراءات متواترة ، ولا وجه لتخصيص الحكم بالسبع أو العشر ، وسنوضح للقارئ أن حصر القراءات في السبع إنما حدث في القرن الثالث الهجري ، ولم يكن له قبل هذا الزمان عين ولا أثر ، ولازم ذلك أن نلتزم أما بتواتر الجميع من غير تفرقة بين القراءات ، وأما بعدم تواتر شيء منها في مورد الاختلاف ، والأول باطل قطعا فيكون الثاني هو المتعين.

 

الثالث : أن القراءات السبع لو لم تكن متواترة لم يكن القرآن متواترا والتالي باطل بالضرورة فالمقدم مثله : ووجه التلازم أن القرآن إنما وصل الينا بتوسط حفاظه ، والقراء المعروفين ، فإن كانت قراءاتهم متواترة فالقرآن متواتر ، والا فلا ، وإذن فلا محيص من القول بتواتر القراءات.

 

الجواب :

 

 1 - أن تواتر القرآن لا يستلزم تواتر القراءات ، لأن الاختلاف في كيفية الكلمة لا ينافي الاتفاق على أصلها ، ولهذا نجد أن اختلاف الرواة في بعض الفاظ قصائد المتنبي - مثلا - لا يصادم تواتر القصيدة عنه وثبوتها له ، وأن اختلاف الرواة في خصوصيات هجرة النبي لا ينافي تواتر الهجرة نفسها.

 

 2 - أن الواصل الينا بتوسط القراء إنما هو خصوصيات قراءاتهم ، وأما أصل القرآن فهو واصل الينا بالتواتر بين المسلمين ، وبنقل الخلف عن السلف. وتحفظهم على ذلك في صدورهم وفي كتاباتهم ، ولا دخل للقراء في ذلك أصلا ، ولذلك فإن القرآن ثابت التواتر حتى لو فرضنا أن هؤلاء القراء السبعة أو العشرة لم يكونوا موجودين أصلا ، وعظمة القرآن أرقي من أن تتوقف على نقل أولئك النفر المحصورين.

 

الرابع : أن القراءات لو لم تكن متواترة لكان بعض القرآن غير متواتر مثل ملك ومالك ونحوهما ، فإن تخصيص أحدهما تحكم باطل ، وهذا الدليل ذكره ابن الحاجب وتبعه جماعة من بعده.

 

الجواب :

 

 1 - أن مقتضى هذا الدليل الحكم بتواتر جميع القراءات ، وتخصيصه بالسبع أيضا تحكم باطل ، ولا سيما إن في غير القراء السبعة من هو أعظم منهم وأوثق ، كما اعترف به بعضهم ، وستعرف ذلك ، ولو سلمنا أن القراء السبعة أوثق من غيرهم ، وأعرف بوجوه القراءات ، فلا يكون هذا سببا لتخصيص التواتر بقراءاتهم دون غيرهم ، نعم ذلك يوجب ترجيح قراءاتهم على غيرها في مقام العمل ، وبين الأمرين بعد المشرقين ، والحكم بتواتر جميع القراءات باطل بالضرورة.

 

 2 - أن الاختلاف في القراءة إنما يكون سببا لالتباس ما هو القرآن بغيره ، وعدم تميزه من حيث الهيئة أو من حيث الاعراب ، وهذا لا ينافي تواتر أصل القرآن ، فالمادة متواترة وإن اختلف في هيئتها أو في اعرابها ، واحدى الكيفيتين أو الكيفيات من القرآن قطعا وإن لم تعلم بخصوصها.

 

تعقيب : ومن الحق إن تواتر القرآن لا يستلزم تواتر القراءات ، وقد اعترف بذلك الزرقاني حيث قال : يبالغ بعضهم في الاشادة بالقراءات السبع ، ويقول : من زعم أن القراءات السبع لا يلزم فيها التواتر فقوله كفر ، لأنه يؤدي إلى عدم تواتر القرآن جملة ، ويعزى هذا الرأي إلى مفتي البلاد الأندلسية الأستاذ أبي سعيد فرج ابن لب ، وقد تحيس لرأيه كثيرا وألف رسالة كبيرة في تأييد مذهبه ، والرد على من رد عليه ، ولكن دليلة الذي استند إليه لا يسلم ، فإن القول بعدم تواتر القراءات السبع لا يستلزم القول بعدم تواتر القرآن ، كيف وهناك فرق بين القرآن والقراءات السبع ، بحيث يصح أن يكون القرآن ، متواترا في غير القراءات السبع ، أو في القدر الذي اتفق عليه القراء جميعا ، أو في القدر الذي اتفق عليه عدد يؤمن تواطؤهم على الكذب قراء كانوا أو غير قراء ( مناهل العرفان ص 248 ).

 

- وذكر بعضهم : أن تواتر القرآن لا يستلزم تواتر القراءات ، وإنه لم يقع لأحد من أئمة الأصوليين تصريح بتواتر القراءات وتوقف تواتر القرآن على تواترها ، كما وقع لابن الحاجب ( التبيان ص 105).

 

- قال الزركشي في البرهان : للقرآن والقراءات حقيقتان متغايرتان ، فالقرآن هو الوحي المنزل على محمد (ص) للبيان والاعجاز ، والقراءات اختلاف الفاظ الوحي المذكور في الحروف ، وكيفيتها من تخفيف وتشديد غيرهما ، والقراءات السبع متواترة عند الجمهور ، وقيل بل هي مشهورة.

 

- وقال أيضا : والتحقيق أنها متواترة عن الأئمة السبعة ، أما تواترها عن النبي (ص) ففيه نظر ، فإن اسنادهم بهذه القراءات السبع موجود في كتب القراءات ، وهي نقل الواحد عن الواحد ( الاتقان النوع 22 - 27 ج 1 ص 138).

 

القراءات والأحرف السبعة :

 

- قد يتخيل إن الأحرف السبعة التي نزل بها القرآن هي القراءات السبع ، فيتمسك لاثبات كونها من القرآن بالروايات التي دلت على أن القرآن نزل على سبعة أحرف ، فلابد لنا أن ننبه على هذا الغلط ، وأن ذلك شيء لم يتوهمه أحد من العلماء المحققين ، هذا إذا سلمنا ورود هذه الروايات ، ولم نتعرض لها بقليل ولا كثير.

 

وسيأتي الكلام على هذه الناحية ، والأولى أن نذكر كلام الجزائري في هذا الموضع ، قال : لم تكن القراءات السبع متميزة عن غيرها ، حتى قام الامام أبو بكر أحمد ابن موسى بن العباس بن مجاهد - وكان على رأس الثلاثمائة ببغداد - فجمع قراءات سبعة من مشهوري أئمة الحرمين والعراقين والشام ، وهم : نافع ، وعبد الله ابن كثير ، وأبو عمرو بن العلاء ، وعبد الله بن عامر ، وعاصم وحمزة ، وعلي الكسائي ، وقد توهم بعض الناس أن القراءات السبعة هي الأحرف السبعة ، وليس الأمر كذلك .... وقد لأم كثير من العلماء ابن مجاهد على اختياره عدد السبعة ، لما فيه من الايهام ...

 

- قال أحمد ابن عمار المهدوي : لقد فعل مسبع هذه السبعة ما لا ينبغي له ، وأشكل الأمر على العامة بايهامه كل من قل نظره أن هذه القراءات هي المذكورة في الخبر ، وليته إذ اقتصر نقص عن السبعة أو زاد ليزيل الشبهة ....

 

- وقال : الأستاذ إسماعيل بن ابراهيم بن محمد القراب في الشافي : التمسك بقراءة سبعة من القراء دون غيرهم ليس فيه أثر ولا سنة ، وإنما هو من جمع بعض المتأخرين ، لم يكن قرأ بأكثر من السبع ، فصنف كتابا ، وسماه كتاب السبعة ، فانتشر ذلك في العامة ....

 

وقال الامام أبو محمد مكي : قد ذكر الناس من الأئمة في كتبهم أكثر من سبعين ممن هو أعلى رتبة ، وأجل قدرا من هؤلاء السبعة ... فكيف يجوز أن يظن ظان أن هؤلاء السبعة المتأخرين ، قراءة كل واحد منهم أحد الحروف السبعة المنصوص عليها - هذا تخلف عظيم - أكان ذلك بنص من النبي (ص) أم كيف ذلك وكيف يكون ذلك ، والكسائي إنما الحق بالسبعة بالأمس في أيام المأمون وغيره - وكان السابع يعقوب الحضرمي - فأثبت ابن مجاهد في سنة ثلاثمائة ونحوها الكسائي موضع يعقوب ( التبيان ص 82 ).

 

- وقال الشرف المرسي : وقد ظن كثير من العوام أن المراد بها - الأحرف السبعة - القراءات السبع ، وهو جهل قبيح ، ( نفس المصدر ص 61 ).

 

وقال القرطبي ، قال : كثير من علمائنا كالداودي ، وابن أبي سفرة وغيرهما : هذه القراءات السبع ، التي تنسب لهؤلاء القراء السبعة ليست هي الأحرف السبعة التي اتسعت الصحابة في القراءة بها ، وإنما هي راجعة إلى حرف واحد من تلك السبعة ، وهو الذي جمع عليه عثمان المصحف.

 

- ذكره ابن النحاس وغيره وهذه القراءات المشهورة هي اختيارات أولئك الأئمة القراء ( تفسير القرطبي ج 1 ص 46 ).

 

وتعرض ابن الجزري لابطال توهم من زعم أن الأحرف السبعة ، التي نزل بها القرآن مستمرة إلى اليوم ، فقال : وأنت ترى ما في هذا القول ، فإن القراءات المشهورة اليوم ، عن السبعة والعشرة ، والثلاثة عشر بالنسبة إلى ما كان مشهورا في الاعصار الأول ، قل من كثر ، ونزر من بحر ، فإن من له اطلاع على ذلك يعرف علمه العلم اليقين ، وذلك أن القراء الذين أخذوا عن أولئك الأئمة المتقدمين من السبعة ، وغيرهم كانوا أمما لا تحصى ، وطوائف لا تستقصى ، والذين أخذوا عنهم.

 

أيضا أكثر وهلم جرا ، فلما كانت المائة الثالثة ، واتسع الخرق وقل الضبط ، وكان علم الكتاب والسنة أوفر ما كان في ذلك العصر ، تصدى بعض الأئمة لضبط ما رواه من القراءات ، فكان أول امام معتبر جمع القراءات في كتاب أبو عبيد القاسم بن سلام ، وجعلهم - فيما أحسب - خمسة وعشرين قارئا مع هؤلاء السبعة وتوفي سنة 224 وكان بعده أحمد بن جبير بن محمد الكوفي نزيل أنطاكية ، جمع كتابا في قراءات الخمسة ، من كل مصر واحد ، وتوفي سنة 258 وكان بعده القاضي إسماعيل بن اسحاق المالكي صاحب ، قالون ، الف كتابا في القراءات جمع فيه قراءة عشرين اماما ، منهم هؤلاء السبعة ، توفي سنة 282 وكان بعده الامام أبو جعفر محمد بن جرير الطبري ، جمع كتابا سماه الجامع فيه نيف وعشرون قراءة ، توفي سنة 310.

 

وكان بعيده أبو بكر محمد بن أحمد بن عمر الداجوني ، جمع كتابا في القراءات ، وأدخل معهم أبا جعفر أحد العشرة ، وتوفي سنة 324 ، وكان في اثره أبو بكر أحمد بن موسى بن العباس بن مجاهد ، أول من اقتصر على قراءات هؤلاء السبعة فقط ، وروى فيه ، عن هذا الداجوني ، وعن ابن جرير أيضا ، وتوفي سنة 324.

 

- ثم ذكر ابن الجزري جماعة ممن كتب في القراءة ، فقال : وإنما أطلنا هذا الفصل ، لما بلغنا عن بعض من لا علم له أن القراءات الصحيحة هي التي عن هؤلاء السبعة ، أو أن الأحرف السبعة التي أشار اليها النبي (ص) هي قراءة هؤلاء السبعة ، بل غلب على كثير من الجهال أن القراءات الصحيحة هي التي في الشاطبية والتيسير ، وإنها هي المشار اليها بقوله : (ص) انزل القرآن على سبعة أحرف ، حتى أن بعضهم يطلق على ما لم يكن في هذين الكتابين أنه شاذ ، وكثير منهم يطلق على ما لم يكن عن هؤلاء السبعة شاذا ، وربما كان كثير مما لم يكن في الشاطبية والتيسير ، وعن غير هؤلاء السبعة أصح من كثير مما فيهما ، وإنما أوقع هؤلاء في الشبهة كونهم سمعوا أنزل القرآن على سبعة أحرف وسمعوا قراءات السبعة فظنوا أن هذه السبعة هي تلك المشار اليها ، ولذلك كره كثير من الأئمة المتقدمين اقتصار ابن مجاهد على سبعة من القراء ، وخطأوه في ذلك ، وقالوا : الا اقتصر على دون هذا العدد أو زاده ، أو بين مراده ليخلص من لا يعلم من هذه الشبهة ، ثم نقل ابن الجزري - بعد ذلك - عن ابن عمار المهدوي ، وأبي محمد مكي ما تقدم نقله عنهما آنفا ( النشر في القراءات العشر ج 1 ص 33 - 37 ).

  

- قال أبو شامة : ظن قوم أن القراءات السبع الموجودة الآن هي التي أريدت في الحديث ، وهو خلاف اجماع أهل العلم قاطبة ، وإنما يظن ذلك بعض أهل الجهل ( الاتقان النوع 22 - 27 ج 1 ص 138).

 

وبهذا الاستعراض قد استبان للقارئ ، وظهر له ظهورا تاما إن القراءات ليست متواترة عن النبي (ص) ولا عن القراء أنفسهم ، من غير فرق بين السبع وغيرها ، ولو سلمنا تواترها عن القراء فهي ليست متواترة عن النبي (ص) قطعا ، فالقراءات إما أن تكون منقولة بالآحاد ، وإما أن تكون اجتهادات من القراء أنفسهم ، فلابد لنا من البحث في موردين :

 

1 - حجية القراءات :

 

ذهب جماعة إلى حجية هذه القراءات ، فجوزوا أن يستدل بها على الحكم الشرعي ، كما استدل على حرمة وطئ الحائض بعد نقائها من الحيض وقبل أن تغتسل ، بقراءة الكوفيين - غير حفص - قوله تعالى : ولا تقربوهن حتى يطهرن بالتشديد.

 

الجواب : ولكن الحق عدم حجية هذه القراءات ، فلا يستدل بها على الحكم الشرعي ، والدليل على ذلك أن كل واحد من هؤلاء القراء يحتمل فيه الغلط والاشتباه ، ولم يرد دليل من العقل ، ولا من الشرع علي وجوب اتباع قارئ منهم بالخصوص ، وقد استقل العقل ، وحكم الشرع بالمنع ، عن اتباع غير العلم ، وسيأتي توضيح ذلك إن شاء الله تعالى ، ولعل أحدا يحاول أن يقول : إن القراءات - وإن لم تكن متواترة - الا أنها منقولة عن النبي (ص) فتشملها الأدلة القطعية التي أثبتت حجية الخبر الواحد ، وإذا شملتها هذه الأدلة القطعية خرج الاستناد اليها عن العمل بالظن بالورود ، أو الحكومة ، أو التخصيص ( وقد أوضحنا الفرق بين هذه المعاني في مبحث التعادل والترجيح في محاضراتنا الأصولية المنتشرة ).

 

الجواب :

 

أولا : أن القراءات لم يتضح كونها رواية ، لتشملها هذه الأدلة ، فلعلها اجتهادات من القراء ، ويؤيد هذا الاحتمال ما تقدم من تصريح بعض الأعلام بذلك ، بل إذا لاحظنا السبب الذي من أجله اختلف القراء في قراءاتهم - وهو خلو المصاحف المرسلة إلى الجهات من النقط والشكل - يبقوي هذا الاحتمال جدا.

 

قال ابن أبي هاشم : إن السبب في اختلاف القراءات السبع وغيرها ، أن الجهات التي وجهت اليها المصاحف كان بها من الصحابة من حمل عنه أهل تلك الجهة وكانت المصاحف خالية من النقط والشكل ، قال : فثبت أهل كل ناحية على ما كانوا تلقوه سماعا عن الصحابة ، بشرط موافقة الخط ، وتركوا ما يخالف الخط .... فمن ثم نشأ الاختلاف بين قراء الأمصار ( التبيان ص 86 ).

 

- وقال الزرقاني : كان العلماء في الصدر الأول يرون كراهة نقط المصحف وشكله ، مبالغة منهم في المحافظة على أداء القرآن كما رسمه المصحف ، وخوفا من أن يؤدي ذلك إلى التغيير فيه .... ولكن الزمان تغير - كما علمت - فاضطر المسلمون إلى اعجام المصحف وشكله : لنفس ذلك السبب ، أي للمحافظة على أداء القرآن كما رسمه المصحف ، وخوفا من أن يؤدي تجرده من النقط والشكل إلى التغيير فيه ( مناهل العرفان ص 402 الطبعة الثانية ).

 

ثانيا : أن رواة كل قراءة من هذه القراءات ، لم تثبت وثاقتهم أجمع ، فلا تشمل أدلة حجية خبر الثقة روايتهم ، ويظهر ذلك مما قدمناه في ترجمة أحوال القراء ورواتهم.

 

ثالثا : إنا لو سلمنا أن القراءات كلها تستند إلى الرواية ، وأن جميع رواتها ثقات ، الا أنا نعلم علما اجماليا أن بعض هذه القراءات لم تصدر عن النبي قطعا ، ومن الواضح أن مثل هذا العلم يوجب التعارض بين تلك الروايات وتكون كل واحدة منها مكذبة للأخرى ، فتسقط جميعها عن الحجية ، فإن تخصيص بعضها بالاعتبار ترجيح بلا مرجح ، فلابد من الرجوع إلى مرجحات باب المعارضة ، وبدونه لا يجوز الاحتجاج على الحكم الشرعي بواحدة من تلك القراءات ، وهذه النتيجة حاصلة أيضا إذا قلنا بتواتر القراءات ، فإن تواتر القراءتين المختلفتين عن النبي (ص) يورث القطع بأن كلا من القراءتين قرآن منزل من الله ، فلا يكون بينهما تعارض بحسب السند ، بل يكون التعارض بينهما بحسب الدلالة.

 

فإذا علمنا اجمالا إن أحد الظاهرين غير مراد في الواقع فلابد من القول بتساقطهما ، والرجوع إلى الأصل اللفظي أو العملي ، لأن أدلة الترجيح ، أو التخيير تختص بالادلة التي يكون سندها ظنيا ، فلا تعم ما يكون صدوره قطعيا ، وتفصيل ذلك كله في بحث التعادل والترجيح من علم الأصول.

 

2 - جواز القراءة بها في الصلاة :

 

ذهب الجمهور من علماء الفريقين إلى جواز القراءة بكل واحدة من القراءات السبع في الصلاة ، بل ادعي على ذلك الاجماع في كلمات غير واحد منهم وجوز بعضهم القراءة بكل واحدة من العشر ، وقال بعضهم بجواز القراءة بكل قراءة وافقت العربية ولو بوجه ، ووافقت أحد المصاحف العثمانية ولو احتمالا ، وصح سندها ، ولم يحصرها في عدد معين.

 

والحق : أن الذي تقتضيه القاعدة الأولية ، هو عدم جواز القراءة في الصلاة بكل قراءة لم تثبت القراءة بها من النبي الاكرم (ص) أو من أحد أوصيائه المعصومين (ع) لأن الواجب في الصلاة هو قراءة القرآن فلا يكفي قراءة شيء لم يحرز كونه قرآنا ، وقد استقل العقل بوجوب احراز الفراغ اليقيني بعد العلم باشتغال الذمة ، وعلى ذلك فلابد من تكرار الصلاة بعد القراءات المختلفة أو تكرار مورد الاختلاف في الصلاة الواحدة ، لاحراز الامتثال القطعي ، ففي سورة الفاتحة يجب الجمع بين قراءة مالك ، وقراءة ملك ، أما السورة التامة التي تجب قراءتها بعد الحمد - بناء على الأظهر - فيجب لها أما اختيار سورة ليس فيها اختلاف في القراءة ، وأما التكرار على النحو المتقدم ، وأما بالنظر إلى ما ثبت قطعيا من تقرير المعصومين (ع) شيعتهم على القراءة ، بأية واحدة من القراءات المعروفة في زمانهم ، فلا شك في كفاية كل واحدة منها.

 

فقد كانت هذه القراءات معروفة في زمانهم ، ولم يرد عنهم أنهم ردعوا عن بعضها ، ولو ثبت الردع لوصل الينا بالتواتر ، ولا أقل من نقله بالآحاد ، بل ورد عنهم (ع) امضاء هذه القراءات بقولهم : اقرأ كما يقرأ الناس ، اقرءوا كما علمتم ( الكافي : باب النوادر كتاب فضل القرآن ) ، وعلى ذلك فلا معنى لتخصيص الجواز بالقراءات السبع أو العشر ، نعم يعتبر في الجواز أن لا تكون القراءة شاذة ، غير ثابتة بنقل الثقات عند علماء أهل السنة ، ولا موضوعة ، أما الشاذة فمثالها قراءة ملك يوم الدين بصيغة الماضي ونصب يوم ، وأما الموضوعة فمثالها قراءة إنما يخشى الله من عباده العلماء برفع كلمة الله ونصب كلمة العلماء على قراءة الخزاعي ، عن أبي حنيفة ، وصفوة القول : أنه تجوز القراءة في الصلاة بكل قراءة كانت متعارفة في زمان أهل البيت (ع).

 


 

المخالف : هل نزل القرآن على سبعة أحرف ؟.

 

الموالي : لقد ورد في روايات أهل السنة : إن القرآن أنزل على سبعة أحرف ، فيحسن بنا أن نتعرض إلى التحقيق في ذلك بعد ذكر هذه الروايات :

 

1 - أخرج الطبري ، عن يونس وأبي كريب ، بإسنادهما ، عن ابن شهاب ، بإسناده ، عن ابن عباس ، حدثه أن رسول الله (ص) ، قال : أقر أني جبرئيل على حرف فراجعته ، فلم أزل أستزيده فيزيدني حتى انتهى إلى سبعة أحرف ، ورواها مسلم ، عن حرملة ، عن ابن وهب ، عن يونس المصدر ( صحيح مسلم باب أن القرآن أنزل على سبعة أحرف ج 2 ص 202 طبعة محمد علي صبيح بمصر ) ورواها البخاري بسند آخر ( صحيح البخاري باب أنزل القرآن على سبعة أحرف ج 6 ص 100 طبعة دار الخلافة. المطبعة العامرة ) وروى مضمونها ، عن ابن البرقي ، بإسناده ، عن ابن عباس.

 

2 - وأخرج عن أبي كريب ، بإسناده ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، عن جده ، عن أبي بن كعب ، قال : كنت في المسجد فدخل رجل يصلي فقرأ قراءة أنكرتها عليه ، ثم دخل رجل آخر فقرأ قراءة غير قراءة صاحبه ، فدخلنا جميعا على رسول الله (ص) ، قال : فقلت : يا رسول الله : إن هذا قرأ قراءة أنكرتها عليه ، ثم دخل هذا فقرأ قراءة غير قراءة صاحبه ، فأمرهما رسول الله (ص) فقرءا ، فحسن رسول الله (ص) شأنهما ، فوقع في نفسي من التكذيب ، ولا إذ كنت في الجاهلية فلما رأى رسول الله (ص) : ما غشيني ضرب في صدري ، ففضت عرقا كأنما انظر إلى الله فرقا ، فقال لي : يا أبي أرسل إلي أن اقرأ القرآن على حرف ، فرددت عليه أن هون على أمتي ، فرد علي في الثانية أن اقرأ القرآن على حرف ( هكذا في النسخة ، وفي صحيح مسلم : على حرفين ).

 

فرددت عليه أن هون على أمتي ، فرد علي في الثالثة أن أقرأه على سبعة أحرف ، ولك بكل ردة رددتها مسألة تسألنيها ، فقلت : اللهم اغفر لأمتي ، اللهم اغفر لأمتي ، وأخرت الثالثة ليوم يرغب فيه إلى الخلق كلهم حتى إبراهيم (ع) ، وهذه الرواية رواها مسلم أيضا بأدنى اختلاف ( صحيح مسلم ج 2 ص 203 ) ، وأخرجها الطبري ، عن أبي كريب بطرق اخرى باختلاف يسير أيضا ،  وروى ما يقرب من مضمونها ، عن طريق يونس بن عبد الأعلى ، وعن طريق محمد بن عبد الأعلى الصنعاني ، عن أبي.

 

3 - وأخرج عن أبي كريب ، بإسناده ، عن سليمان بن صرد ، عن أبي ابن كعب ، قال : رحت إلى المسجد فسمعت رجلا يقرأ ، فقلت : من أقرأك ، فقال رسول الله (ص) فانطلقت به إلى رسول الله (ص) ، فقلت : استقرئ هذا ، فقرأ ، فقال : أحسنت ، قال : فقلت : إنك أقرأتني كذا وكذا ، فقال : وأنت قد أحسنت ، قال : فقلت : قد أحسنت قد أحسنت ، قال : فضرت بيده على صدري ، ثم قال : اللهم أذهب ، عن أبي الشك ، قال : ففضت عرقا وامتلأ جوفي فرقا ، ثم قال (ص) إن الملكين أتياني ، فقال أحدهما : اقرأ القرآن على حرف ، وقال الآخر : زده ، قال : فقلت زدني ، قال : أقرأه على حرفين حتى بلغ سبعة أحرف ، فقال : اقرأ على سبعة أحرف.

 

4 - وأخرج عن أبي كريب ، بإسناده ، عن عبد الرحمن بن أبي بكرة ، عن أبيه ، قال : قال رسول الله (ص) ، قال : جبرئيل : اقرأ القرآن على حرف ، فقال : ميكائيل : استزده ، فقال علي حرفين ، حتى بلغ ستة أو سبعة أحرف - والشك من أبي كريب - فقال : كلها شاف كاف ، ما لم تختم آية عذاب برحمة ، أو آية رحمة بعذاب كقولك : هلم وتعال.

 

5 - وأخرج عن أحمد بن منصور ، بإسناده ، عن عبد الله بن أبي طلحة ، عن أبيه ، عن جده ، قال : قرأ رجل عند عمر بن الخطاب فغير عليه ، فقال : لقد قرأت على رسول الله (ص) فلم يغير علي ، قال : فاختصما عند النبي (ص) ، فقال : يا رسول الله ألم تقرئني آية كذا وكذا ، قال : بلى ، فوقع في صدر عمر شيء فعرف النبي (ص) ذلك في وجهه ، قال : فضرب صدره ، وقال : أبعد شيطانا ، قالها ثلاثا ، ثم قال : يا عمر : إن القرآن كله سواء ، ما لم تجعل رحمة عذابا وعذابا رحمة ، وأخرج عن يونس بن عبد الأعلى ، بإسناده ، عن عمر بن الخطاب قضية مع هشام بن حكيم تشبه هذه القصة ، وروى البخاري ومسلم والترمذي قصة عمر مع هشام بإسناد غير ذلك ، واختلاف في الفاظ الحديث المصدر ( صحيح مسلم ج 2 ص 202 ، وصحيح البخاري ج 3 ص 90 ، وج 6 ص 100 ، 111 ، وج 8 ص 53 ، 215 ، وصحيح الترمذي بشرح ابن العربي باب ما جاء أنزل القرآن على سبعة أحرف ج 11 ص 60 ).

 

6 - وأخرج عن محمد بن المثنى ، بإسناده ، عن ابن أبي ليلى ، عن أبي بن كعب أن النبي (ص) كان عند أضاءة بني غفار ، قال : فأتاه جبرئيل ، فقال : إن الله يأمرك أن تقرئ أمتك القرآن على حرف ، فقال : أسأل اللهم عافاته ومغفرته ، وإن أمتي لا تطيق ذلك ، قال : ثم أتاه الثانية ، فقال : إن الله يأمرك أن تقرئ أمتك القرآن على حرفين ، فقال : أسأل اللهم عافاته ومغفرته ، وإن أمتي لا تطيق ذلك ، ثم جاء الثالثة ، فقال : إن الله يأمرك أن تقرئ أمتك القرآن على ثلاثة أحرف ، فقال : أسأل اللهم عافاته ومغفرته ، وإن أمتي لا تطيق ذلك ، ثم جاء الرابعة ، فقال : إن الله يأمرك أن تقرئ أمتك القرآن على سبعة أحرف ، فأيما حرف قرأوا عليه فقد أصابوا ، ورواها مسلم أيضا في صحيحه ( صحيح مسلم ج 2 ص 203 ) ، وأخرج الطبري أيضا نحوها ، عن أبي كريب ، بإسناده ، عن ابن أبي ليلى ، عن أبي بن كعب ، وأخرج أيضا بعضها ، عن أحمد بن محمد الطوسي ، بإسناده ، عن ابن أبي ليلى ، عن أبي بن كعب باختلاف يسير. وأخرجها أيضا : عن محمد بن المثنى ، بإسناده ، عن أبي بن كعب.

 

7 - وأخرج عن أبي كريب بإسناده ، عن زر ، عن أبي ، قال : لقي رسول الله (ص) جبرئيل عند أحجار المراء ، فقال : إني بعثت إلى أمة أميين منهم الغلام والخادم ، وفيهم الشيخ الفاني والعجوز ، فقال جبرئيل : فليقرأوا القرآن على سبعة أحرف ( ورواها الترمذي أيضا بأدنى اختلاف ج 11 ص 62 ).

 

8 - وأخرج عن عمرو بن عثمان العثماني ، بإسناده ، عن المقبري ، عن أبي هريرة : أنه قال : قال رسول الله (ص) إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف ، فاقرأوا ولا حرج ، ولكن لا تختموا ذكر رحمة بعذاب ، ولا ذكر عذاب برحمة.

 

9 - وأخرج عن عبيد بن أسباط ، بإسناده ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة ، قال :  قال رسول الله (ص) : أنزل القرآن على سبعة أحرف : عليم ، حكيم ، غفور ، رحيم ، وأخرج عن أبي كريب ، بإسناده ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة مثله.

 

10 - وأخرج عن سعيد بن يحيى ، بإسناده ، عن عاصم ، عن زرعن عبد الله ابن مسعود ، قال : تمارينا في سورة من القرآن ، فقلنا : خمس وثلاثون ، أو ست وثلاثون آية ، قال : فانطلقنا إلى رسول الله (ص) فوجدنا عليا يناجيه ، قال : فقلنا إنما اختلفنا في القراءة ، قال : فاحمر وجه رسول الله (ص) ، وقال : إنما هلك من كان قبلكم باختلافهم بينهم ، قال : ثم أسر إلى علي شيئا ، فقال لنا علي : أن رسول الله يأمركم أن تقرأوا كما علمتم ( هذه الروايات كلها مذكورة في تفسير الطبري ج 1 ص 9 - 15 ).

 

11 - وأخرج القرطبي ، عن أبي داود ، عن أبي ، قال : قال رسول الله (ص) يا أبي إني قرأت القرآن ، فقيل لي : على حرف أو حرفين ، فقال الملك الذي معي : قل على حرفين ، فقيل لي : على حرفين أو ثلاثة ، فقال الملك الذي معي : قل على ثلاثة ، حتى بلغ سبعة أحرف ، ثم قال ليس منها الا شاف كاف ، إن ، قلت سميعا ، عليما ، عزيزا ، حكيما ، ما لم تخلط آية عذاب برحمة ، أو آية رحمة بعذاب ( تفسير القرطبي ج 1 ص 43 ).

 

هذه أهم الروايات التي رويت في هذا المعنى ، وكلها من طرق أهل السنة ، وهي مخالفة لصحيحة زرارة ، عن أبي جعفر (ع) ، قال : إن القرآن واحد نزل من عند واحد ، ولكن الاختلاف يجيء من قبل الرواة ( أصول الكافي كتاب فضل القرآن - باب النوادر ، الرواية : 12 ).

 

وقد سأل الفضيل بن يسار أبا عبد الله (ع) ، فقال : إن الناس ، يقولون : إن القرآن نزل على سبعة أحرف ، فقال أبو عبد الله (ع) : كذبوا - أعداء الله - ولكنه نزل على حرف واحد من عند الواحد ( أصول الكافي كتاب فضل القرآن - باب النوادر ، الرواية : 13 ).

 

وقد تقدم اجمالا إن المراجع بعد النبي (ص) في أمور الدين ، إنما هو كتاب الله وأهل البيت الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا وسيأتي توضيحه مفصلا بعد ذلك إن شاء الله تعالى ولا قيمة للروايات إذا كانت مخالفة لما يصح عنهم ، ولذلك لا يهمنا أن نتكلم عن أسانيد هذه الروايات ، وهذا أول شيء تسقط به الرواية عن الاعتبار والحجية ، ويضاف إلى ذلك ما بين هذه الروايات من التخالف والتناقض ، وما في بعضها من عدم التناسب بين السؤال والجواب.

 

تهافت الروايات :

 

فمن التناقض أن بعض الروايات دل على أن جبرئيل اقرأ النبي (ص) على حرف فاستزاده النبي (ص) فزاده ، حتى انتهى إلى سبعة أحرف ، وهذا يدل على أن الزيادة كانت على التدريج ، وفي بعضها أن الزيادة كانت مرة واحدة في المرة الثالثة ، وفي بعضها أن الله أمره في المرة الثالثة أن يقرأ القرآن على ثلاثة أحرف ، وكان الأمر بقراءة سبع في المرة الرابعة.

 

ومن التناقض أن بعض الروايات يدل على أن الزيادة كلها كانت في مجلس واحد ، وإن طلب النبي (ص) الزيادة كان بارشاد ميكائيل ، فزاده جبرئيل حتى بلغ سبعا ، وبعضها يدل على أن جبرئيل كان ينطلق ويعود مرة بعد مرة.

 

ومن التناقض أن بعض الروايات يقول : إن أبي دخل المسجد ، فرآى رجلا يقرأ على خلاف قراءته ، وفي بعضها أنه كان في المسجد ، فدخل رجلان وقرءا على خلاف قراءته.

 

وقد وقع فيها الاختلاف أيضا فيما قاله النبي (ص) لأبي .. إلى غير ذلك من الاختلاف ، ومن عدم التناسب بين السؤال والجواب ، ما في رواية ابن مسعود من قول علي (ع) أن رسول الله (ص) يأمركم أن تقرؤا كما علمتم.

 

فإن هذا الجواب لا يرتبط بما وقع فيه النزاع من الاختلاف في عدد الآيات ، أضف إلى جميع ذلك أنه لا يرجع نزول القرآن على سبعة أحرف إلى معنى معقول ، ولا يتحصل للناظر فيها معنى صحيح.

 

1 - وجوه الأحرف السبعة :

 

وقد ذكروا في توجيه نزول القرآن على سبعة أحرف وجوها كثيرة نتعرض للمهم منها مع مناقشتها وبيان فسادها :

 

( 1 ) - المعاني المتقاربة : إن المراد سبعة أوجه من المعاني المتقاربة بالفاظ مختلفة نحو عجل ، وأسرع ، واسع وكانت هذه الأحرف باقية إلى زمان عثمان فحصرها عثمان بحرف واحد ، وأمر باحراق بقية المصاحف التي كانت على غيره من الحروف الستة ، واختار هذا الوجه الطبري ( تفسير الطبري ج 1 ص 15 ) وجماعة ، وذكر القرطبي أنه مختار أكثر أهل العلم ( تفسير القرطبي ج 1 ص 42 ) ، وكذلك ، قال أبو عمرو بن عبد البر ( التبيان ص 39 ).

 

واستدلوا على ذلك برواية ابن أبي بكرة ، وأبي داود ، وغيرهما مما تقدم. وبرواية يونس بإسناده ، عن ابن شهاب ، قال : أخبرني : سعيد بن المسيب : أن الذي ذكر الله تعالى ذكره : { إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ ( النحل : 103 ) } إنما افتتن أنه كان يكتب الوحي ، فكان يملي عليه رسول الله (ص) سميع عليم ، أو عزيز حكيم ، وغير ذلك من خواتم الآي ، ثم يشتغل عنه رسول الله (ص) وهو على الوحي ، فيستفهم رسول الله (ص) ، فيقول : أعزيز حكيم ، أو سميع عليم ، أو عزيز عليم ، فيقول له رسول الله (ص) : أي ذلك كتبت فهو كذلك ، ففتنه ذلك ، فقال : أن محمدا أو كل ذلك إلي فاكتب ما شئت ، واستدلوا أيضا بقراءة أنس : إن ناشئة الليل هي أشد وطأ وأصوب قيلا ، فقال له بعض القوم : يا أبا حمزة إنما هي وأقوم ، فقال : أقوم ، وأصوب ، وأهدى واحد ، وبقراءة ابن مسعود إن كانت الا زقية واحدة ( تفسير الطبري ج 1 ص 18 ).

 

- وبما رواه الطبري ، عن محمد بن بشار ، وأبي السائب بإسنادهما ، عن همام : أن أبا الدرداء كان يقرئ رجلا : { إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ @ طَعَامُ الأَثِيمِ ( النحل : 43 - 44 ) } قال : فجعل الرجل يقول : إن شجرة الزقوم طعام اليتيم ، قال : فلما أكثر عليه أبو الدرداء فرآه لا يفهم ، قال : إن شجرة الزقوم طعام الفاجر ( تفسير الطبري ج 25 ص 78 ) عند تفسير الآية المباركة.

 

واستدلوا أيضا على ذلك بما تقدم من الروايات الدالة على التوسعة : ما لم تختم آية رحمة بعذاب ، أو آية عذاب برحمة ، فإن هذا التحديد لا معنى له إلا أن يراد بالسبعة أحرف جواز تبديل بعض الكلمات ببعض ، فاستثنى من ذلك ختم آية عذاب برحمة ، أو آية رحمة بعذاب ، وبمقتضى هذه الروايات لابد من حمل روايات السبعة أحرف على ذلك بعدد بحملها إلى مبينها ، إن جميع ما ذكر لها من المعاني أجنبي عن مورد الروايات - وستعرف ذلك - وعلى هذا فلابد من طرح الروايات ، لأن الالتزام بمفادها غير ممكن ، والدليل على ذلك :

 

أولا : أن هذا إنما يتم في بعض معاني القرآن ، التي يمكن أن يعبر عنها بالفاظ سبعة متقاربة ، ومن الضروري أن أكثر القرآن لا يتم فيه ذلك ، فكيف تتصور هذه الحروف السبعة التي نزل بها القرآن.

 

ثانيا : إن كان المراد من هذا الوجه أن النبي (ص) قد جوز تبديل كلمات القرآن الموجودة بكلمات أخرى تقاربها في المعنى - ويشهد لهذا بعض الروايات المتقدمة - فهذا الاحتمال يوجب هدم أساس القرآن ، المعجزة الأبدية ، والحجة على جميع البشر ، ولا يشك عاقل في أن ذلك يقتضي هجر القرآن المنزل ، وعدم الاعتناء بشأنه.

 

وهل يتوهم عاقل ترخيص النبي (ص) أن يقرأ القارئ يس ، والذكر العظيم ، إنك لمن الأنبياء ، على طريق سوي ، انزال الحميد الكريم ، لتخوف قوما ما خوف أسلافهم فهم ساهون فلتقر عيون المجوزين لذلك ، سبحانك اللهم إن هذا الا بهتان عظيم ، وقد قال الله تعالى : { قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِن تِلْقَاء نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيَّ ( يونس : 15 ) }.

 

وإذا لم يكن للنبي أن يبدل القرآن من تلقاء نفسه ، فكيف يجوز ذلك لغيره ، وأن رسول الله (ص) - علم براء بن عازب دعاء كان فيه : ونبيك الذي أرسلت فقرأ براء ورسولك الذي أرسلت فأمره (ص) أن لا يضع الرسول موضع النبي ( التبيان 58 ) ، فإذا كان هذا في الدعاء ، فماذا يكون الشأن في القرآن ، وإن كان المراد من الوجه المتقدم أن النبي (ص) قرأ على الحروف السبعة - ويشهد لهذا كثير من الروايات المتقدمة - فلابد للقائل بهذا أن يدل على هذه الحروف السبعة التي قرأ بها النبي (ص) ، لأن الله سبحانه قد وعد بحفظ ما انزله : { إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ( الحجر : 9 ) }.

 

ثالثا : أنه صرحت الروايات المتقدمة بأن الحكمة في نزول القرآن على سبعة أحرف هي التوسعة على الأمة ، لأنهم لا يستطيعون القراءة على حرف واحد ، وأن هذا هو الذي دعا النبي الاستزادة إلى سبعة أحرف ، وقد رأينا أن اختلاف القراءات أوجب أن يكفر بعض المسلمين بعضا ، حتى حصر عثمان القراءة بحرف واحد ، وأمر باحراق بقية المصاحف.

 

ويستنتج من ذلك أمور : إن الاختلاف في القراءة كان نقمة على الأمة ، وقد ظهر ذلك في عصر عثمان ، فكيف يصح أن يطلب النبي (ص) من الله ما فيه فساد الأمة ، وكيف يصح على الله أن يجيبه إلى ذلك ، وقد ورد في كثير من الروايات النهي عن الاختلاف ، وأن فيه هلاك الأمة ، وفي بعضها أن النبي (ص) تغير وجهه واحمر حين ذكر له الاختلاف في القراءة ، وقد تقدم جملة منها ، وسيجيء بعد هذا جملة أخرى.

 

( 2 ) - قد تضمنت الروايات المتقدمة أن النبي (ص) ، قال : إن أمتي لا تستطيع ذلك القراءة على حرف واحد وهذا كذب صريح ، لا يعقل نسبته إلى النبي (ص) : لأنا نجد الأمة بعد عثمان على اختلاف عناصرها ولغاتها قد استطاعت أن تقرأ القرآن على حرف واحد ، فكيف يكون من العسر عليها أن تجتمع علي حرف واحد في زمان النبي (ص) وقد كانت الأمة من العرب الفصحى.

 

( 3 ) - إن الاختلاف الذي أوجب لعثمان أن يحصر القراءة في حرف واحد قد اتفق في عصر النبي (ص) وقد أقر النبي (ص) كل قارئ على قراءته ، وأمر المسلمين بالتسليم لجميعها ، وأعلمهم بأن ذلك رحمة من الله لهم ، فكيف صح لعثمان ، ولتابعيه سد باب الرحمة ، مع نهي النبي (ص) ، عن المنع ، عن قراءة القرآن ، وكيف جاز للمسلمين رفض قول النبي (ص) وأخذ قول عثمان وامضاء عمله ، أفهل وجدوه أرأف بالأمة من نبيها أو أنه تنبه لشيء قد جهله النبي (ص) من قبل وحاشاه ، أو أن الوحي قد نزل على عثمان بنسخ تلك الحروف .

 

- وخلاصة الكلام : أن بشاعة هذا القول تغني عن التكلف عن رده ، وهذه هي العمدة في رفض المتأخرين من علماء أهل السنة لهذا القول ولأجل ذلك قد التجأ بعضهم كأبي جعفر محمد بن سعدان النحوي ، والحافظ السيوطي إلى القول بأن هذه الروايات من المشكل والمتشابه ، وليس يدري ما هو مفادها ( التبيان ص 61 ) مع أنك قد عرفت أن مفادها أمر ظاهر ، ولا يشك فيه الناظر اليها ، كما ذهب إليه واختاره أكثر العلماء.

 

2 - الأبواب السبعة :

 

- إن المراد بالاحرف السبعة هي الأبواب السبعة التي نزل منها القرآن وهي زجر ، وأمر ، وحلال ، وحرام ، ومحكم ، ومتشابه ، وأمثال ، واستدل عليه بما رواه يونس ، بإسناده ، عن ابن مسعود ، عن النبي (ص) أنه قال : كان الكتاب الأول نزل من باب واحد على حرف واحد ، ونزل القرآن من سبعة أبواب وعلى سبعة أحرف : زجر ، وأمر ، وحلال ، وحرام ، ومحكم ، ومتشابه ، وأمثال ، فأحلوا حلاله ، وحرموا حرامه ، وافعلوا ما أمرتم به ، وانتهوا عما نهيتم عنه ، واعتبروا بأمثاله ، واعملوا بمحكمه ، وآمنوا بمتشابهه ، وقولوا أمنا به كل من عند ربنا ( تفسير الطبري ج 1 ص 23 ).

 

ويرد على هذه الوجه :

 

 1 - أن ظاهر الرواية كون الأحرف السبعة التي نزل بها القرآن غير الأبواب السبعة التى نزل منها ، فلا يصح أن يجمل تفسيرا لها ، كما يريده أصحاب هذا القول.

 

 2 - أن هذه الرواية معارضة برواية أبي كريب ، بإسناده ، عن ابن مسعود ، قال : إن الله أنزل القرآن على خمسة أحرف : حلال ، وحرام ، ومحكم ، ومتشابه ، وأمثال ( تفسير الطبري 1 ص 24 ).

 

 3 - أن الرواية مضطربة في مفادها ، فإن الزجر والحرام بمعنى واحد ، فلا تكون الأبواب سبعة ، على أن في القرآن أشياء أخرى لا تدخل في هذه الأبواب السبعة ، كذكر المبدأ والمعاد ، والقصص ، والاحتجاجات والمعارف ، وغير ذلك ، وإذا أراد هذا القائل أن يدرج جميع هذه الأشياء في المحكم والمتشابه كان عليه أن يدرج الأبواب المذكورة في الرواية فيهما أيضا ، ويحصر القرآن في حرفين المحكم والمتشابه فإن جميع ما في القرآن لا يخلو من أحدهما.

 

 4 - أن اختلاف معاني القرآن على سبعة أحرف لا يناسب ما ذلت عليه الأحاديث المتقدمة من التوسعة على الأمة ، لأنها لا تتمكن من القراءة على حرف واحد.

 

 5 - أن في الروايات المتقدمة ما هو صرح في أن الحروف السبعة هي الحروف التي كانت تختلف فيها القراء ، وهذه الرواية إذا تمت دلالتها لا تصلح قرينة على خلافها.

 

 3 - الأبواب السبعة بمعنى آخر :

 

- إن الحروف السبعة هي : الأمر ، والزجر ، والترغيب ، والترهيب ، والجدل ، والقصص ، والمثل ، واستدل على ذلك برواية محمد بن بشار ، بإسناده ، عن أبي قلامة ، قال : بلغني أن النبي (ص) ، قال : أنزل القرآن على سبعة أحرف : أمر ، وزجر ، وترغيب ، وترهيب ، وجدل ، وقصص ، ومثل ( تفسير الطبري 1 ص 24 ) وجوابه يظهر مما قدمناه في الوجه الثاني.  

 

4 - اللغات الفصيحة :

 

إن الأحرف السبعة هي اللغات الفصيحة من لغات العرب ، وإنها متفرقة في القرآن فبعضه بلغة قريش ، وبعضه بلغة هذيل ، وبعضه بلغة هوازن ، وبعضه وبعضه بلغة اليمن ، وبعضه بلغة كنانة ، وبعضه بلغة تميم ، وبعضه بلغة ثقيف ، ونسب هذا القول إلى جماعة ، منهم : البيهقي ، والأبهري ، وصاحب القاموس ، ويرده :

 

 1 - أن الروايات المتقدمة قد عينت المراد من الأحرف السبعة ، فلا يمكن حملها على أمثال هذه المعاني التي لا تنطبق على موردها.

 

 2 - أن حمل الأحرف على اللغات ينافي ما روي عن عمر من قوله : نزل القرآن بلغة مضر ( التبيان ص 64 ) ، وإنه أنكر على ابن مسعود قراءته عتى حين أي حتى حين ، وكتب إليه أن القرآن لم ينزل بلغة هذيل ، فأقرئ الناس بلغة قريش ، ولا تقرئهم بلغة هذيل ( نفس المصدر ص 65  ).

 

- وما روي عن عثمان أنه قال : للرهط القرشيين الثلاثة ، إذا اختلفتم أنتم وزيد بن ثابت في شيء من القرآن فاكتبوه بلسان قريش ، فإنما نزل بلسانهم ( صحيح البخاري باب نزل القرآن بلسان قريش ص 156 ).

 

وما روى من : أن عمر وهشام بن حكيم اختلفا في قراءة سورة الفرقان ، فقرأ هشام قراءة ، فقال رسول الله (ص) هكذا أنزلت ، وقرأ عمر قراءة غير تلك القراءة ، فقال رسول الله (ص) هكذا أنزلت ، ثم قال رسول الله (ص) : إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف ( أشرنا إلى هذه الرواية في ما تقدم من هذا الكتاب ) فإن عمر وهشام كان كلاهما من قريش ، فلم يكن حينئذ ما يوجب اختلافهما في القراءة ، ويضاف إلى جميع ذلك أن حمل الأحرف على اللغات قول بغير علم ، وتحكم من غير دليل.

 

 3 - أن القائلين بهذا القول إن أرادوا أن القرآن اشتمل على لغات أخرى ، كانت لغة قريش خالية منها ، فهذا المعنى خلاف التسهيل على الأمة ، الذي هو الحكمة في نزول القرآن على سبعة أحرف ، على ما نطقت الروايات بذلك ، بل هو خلاف الواقع ، فإن لغة قريش هي المهيمنة على سائر لغات العرب ، وقد جمعت من هذه اللغات ما هو أفصحها ، ولذلك استحقت أن توزن بها العربية ، وأن يرجع اليها في قواعدها ، وإن أرادوا أن القرآن مشتمل على لغات أخرى ، ولكنها تتحد مع لغة قريش ، فلا وجه للحصر بلغات سبع ، فإن في القرآن ما يقرب من خمسين لغة ، فعن أبي بكر الواسطي : في القرآن من اللغات خمسون لغة ، وهي لغات قريش ، وهذيل ، وكنانة ، وخثعم ، والخزرج ، وأشعر ، ونمير .. راجع ( الاتقان ج 1 النوع 37 ص 230 ، 204 ).

 

 5 - لغات مضر :

 

- إن الأحرف السبعة هي سبع لغات من لغات مضر خاصة ، وإنها متفرقة في القرآن ، وهي لغات قريش ، وأسد ، وكنانة ، وهذيل ، وتميم ، وضبة ، وقيس ، ويرد عليه جميع ما أوردناه على الوجه الرابع.

 

 6 - الاختلاف في القراءات :

 

- إن الأحرف السبعة هي وجوه الاختلاف في القراءات ، قال بعضهم : إني تدبرت وجوه الاختلاف في القراءة فوجدتها سبعا.

فمنها ما تتغير حركته ولا يزول معناه ولا صورته مثل : هن أطهر لكم بضم أطهر وفتحه.

ومنها ما تتغير صورته ويتغير معناه بالاعراب مثل : ربنا باعد بين أسفارنا بصيغة الأمر والماضي.

ومنها ما تبقى صورته ويتغير معناه باختلاف الحروف مثل : كالعهن المنفوش وكالصوف المنفوش.

ومنها ما تتغير صورته ومعناه مثل : وطلح منضود وطلع منضود.

ومنها بالتقديم والتأخير مثل : وجاءت سكرة الموت بالحق ، وجاءت سكرة الحق بالموت.

ومنها بالزيادة والنقصان : تسع وتسعون نعجة انثى ، وأما الغلام فكان كافرا وكان أبواه مؤمنين.

فإن الله من بعد اكراههن لهن غفور رحيم ، ويرده :

 

1 - أن ذلك قول لا دليل عليه ، ولا سيما إن المخاطبين في تلك الرويات لم يكونوا يعرفون من ذلك شيئا.

 

2 - إن من وجوه الاختلاف المذكورة ما يتغير فيه المعنى وما لا يتغير ، ومن الواضع أن تغير المعنى وعدمه لا يوجب الانقسام إلى وجهين ، لأن حال اللفظ والقراءة لا تختلف بذلك ، ونسبة الاختلاف إلى اللفظ في ذلك من قبيل وصف الشيء بحال متعلقة ، ولذلك يكون الاختلاف في طلح منضود وكالعهن المنفوش قسما واحدا.

 

3 - إن من وجوه الاختلاف المذكور بقاء الصورز للفظ ، وعدم بقائها ، ومن الواضح أيضا أن ذلك لا يكون سببا للأنقسام ، لأن بقاء الصورة إنما هو في المكتوب لا في المقروء ، والقرآن إسم للمقروء لا للمكتوب والمنزل من السماء إنما كان لفظا لا كتابة ، وعلى هذا يكون الاختلاف في وطلح ، وننشزها وجها واحدا لا وجهين.

 

4 - أن صريح الروايات المتقدمة أن القرآن نزل في ابتداء الأمر على حرف واحد ، ومن البين أن المراد بهذا الحرف الواحد ليس هو أحد الاختلافات المذكورة ، فكيف يمكن أن يراد بالسبعة مجموعها.

 

5 - أن كثيرا من القرآن موضع اتفاق بين القراء ، وليس موردا للاختلاف ، فإذا أضفنا موضع الاتفاق الى موارد الاختلاف بلغ ثمانية ، ومعنى هذا أن القرآن نزل على ، ثمانية أحرف.
 

6 - أن مورد الروايات المتقدمة هو اختلاف القراء في الكلمات ، وقد ذكر ذلك في قصة عمر وغيرها ، وعلى ما تقدم فهذا الاختلاف حرف واحد من السبعة ، ولا يحتاج رسول الله (ص) في رفع خصومتهم إلى الاعتذار بأن القرآن نزل على الأحرف السبعة ، وهل يمكن أن يحمل نزول جبريل بحرف ، ثم بحرفين ، ثم بثلاثة ، ثم بسبعة على هذه الاختلافات ، وقد أنصف الجزائري في قوله : والأقوال في هذه المسألة كثيرة ، وغالبها بعيد عن الصواب ، وكان القائلين بذلك ذهلوا عن مورد حديث أنزل القرآن على سبعة أحرف ، فقالوا : ما قالوا : ( التبيان ص 59 ).

 

 7 - اختلاف القراءات بمعنى آخر :

 

إن الأحرف السبعة هي وجوه الاختلاف في القراءة ، ولكن بنحو آخر غير ما تقدم ، وهذا القول اختاره الزرقاني ، وحكاه ، عن أبي الفضل الرازي في اللوائح ، فقال : الكلام لا يخرج عن سبعة أحرف في الاختلاف :

 

الأول : اختلاف الأسماء من افراد ، وتثنية ، وجمع ، وتذكير ، وتأنيث.

الثاني : اختلاف تصريف الافعال من ماض ، ومضارع ، وأمر.

الثالث : اختلاف الوجوه في الاعراب.

الرابع : الاختلاف بالنقص والزيادة.

الخامس : الاختلاف بالتقديم والتأخير.

السادس : الاختلاف بالابدال.

السابع : اختلاف اللغات اللهجات كالفتح ، والامالة ، والترقيق ، والتفخيم ، والاظهار ، والادغام ، ونحو ذلك.

 

ويرد عليه : ما أوردناه على الوجه السادس في الاشكال الأول والرابع والخامس منه ، ويرده أيضا : أن الاختلاف في الأسماء يشترك مع الاختلاف في الافعال في كونهما اختلافا في الهيئة ، فلا معنى لجعله قسما آخر مقابلا له ، ولو راعينا الخصوصيات في هذا التقسيم لوجب علينا أن نعد كل واحد من الاختلاف في التثنية ، والجمع ، والتذكير ، والتأنيث ، والماضي ، والمضارع ، والأمر قسما مستقلا ، ويضاف إلى ذلك أن الاختلاف في الادغام ، والاظهار ، والروم ، والاشمام ، والتخفيف والتسهيل في اللفظ الواحد لا يخرجه ، عن كونه لفظا واحدا ، وقد صرح بذلك ابن قتيبه على ما حكاه الزرقاني عنه ( مناهل العرفان 154 ).

 

والصحيح أن وجوه الاختلاف في القراءة ترجع إلى ستة أقسام :

 

الأول : الاختلاف في هيئة الكلمة دون مادتها ، كالاختلاف في لفظة باعد بين صيغة الماضي والأمر ، وفي كلمة أمانتهم بنية الجمع والأفراد.

الثاني : الاختلاف في مادة الكلمة دون هيئتها ، كالاختلاف في لفظة ننشرها بين الراء والزي.

الثالث : الاختلاف في المادة والهيئة كالاختلاف في العهن والصوف.

الرابع : الاختلاف في هيئة الجملة بالاعراب ، كالاختلاف وأرجلكم بين النصب والجر.

الخامس : الاختلاف بالتقديم والتأخير ، وقد تقدم مثال ذلك.

السادس : الاختلاف بالزيادة والنقيصة ، وقد تقدم مثاله أيضا.

 

8 - الكثرة في الآحاد :

 

- أن لفظ السبعة يراد منه الكثرة في الآحاد ، كما يراد من لفظ السبعين والسبعمائة الكثرة في العشرات أو المئات ، ونسب هذا القول إلى القاضي عياض ومن تبعه.

 

ويرده : أن هذا خلاف ظاهر الروايات ، بل خلاف صريح بعضها ، على أن هذا لا يعد قولا مستقلا ، عن الوجوه الأخرى ، لأنه لم يعين معنى الحروف فيه ، فلابد وأن يراد من الحروف أحد المعاني المذكورة في الوجوه المتقدمة ويرد عليه ما يرد من الاشكال على تلك الوجوه.

 

 9 - سبع قراءات :

 

ومن تلك الوجوه أن الأحرف السبعة موضوعة البحث هي سبع قراءات ، ويرده : أن هذه القراءات السبع إن أريد بها السبع المشهورة ، فقد أوضحنا للقارئ بطلان هذا الاحتمال في البحث عن تواتر القراءات - وقد تقدم ذلك - في باب نظرة في القراءات ، وأن أريد بها قراءات سبع عى اطلاقها ، فمن الواضح أن عدد القراءات أكثر من ذلك بكثير ، ولا يمكن أن يوجه ذلك بأن غاية ما ينتهي إليه اختلاف القراءات أكثر من ذلك بكثير ، الواحدة هي السبع ، لأنه إن أريد أن الغالب في كلمات القرآن أن تقرأ على سبعة وجوه فهذا باطل ، لأن الكلمات التي تقرأ على سبعة وجوه قليلة جدا ، وإن أريد أن ذلك موجود في بعض الكلمات وعلى سبيل الايجاب الجزئي فمن الواضح أن في كلمات القرآن ما يقرأ بأكثر من ذلك فقد قرأت كلمة وعبد الطاغوت بأثنين وعشرين وجها ، وفي كلمة أف أكثر من ثلاثين وجها ، ويضاف إلى ما تقدم أن هذا القول لا ينطبق على مورد الروايات ، ومثله أكثر الأقوال في المسألة.

 

 10 - اللهجات المختلفة :

 

إن الأحرف السبع يراد بها اللهجات المختلفة في لفظ واحد ، اختاره الرافعي في كتابه ( اعجاز القرآن 70 ).

 

وتوضيح القول : أن لكل قوم من العرب لهجة خاصة في تأدية بعض الكلمات ، ولذلك نرى العرب يختلفون في تأدية الكلمة الواحدة حسب اختلاف لهجاتهم ، فالقاف في كلمة ، يقول : مثلا يبدلها العراقي بالكاف الفارسية ، ويبدلها الشامي بالهمزة ، وقد أنزل القرآن على جميع هذه اللهجات للتوسعة على الأمة ، لأن الالتزام بلهجة خاصة من هذه اللهجات فيه تضييق على القبائل الأخرى التي لم تألف هذه اللهجة ، والتعبير بالسبع إنما هو رمز إلى ما ألفوه من معنى الكمال في هذه اللفظة ، فلا ينافي ذلك كثرة اللهجات العربية ، وزيادتها على السبع.

 

الرد : وهذا الوجه - على أنه أحسن الوجوه التي قيلت في هذا المقام - غير تام أيضا :

 

 1 - لأنه ينافي ما ورد عن عمر وعثمان من أن القرآن نزل بلغة قريش ، وأن عمر منع ابن مسعود من قراءة حتى حي.

 2 - ولأنه ينافي مخاصمة عمر مع هشام بن حكيم في القراءة ، مع أن كليهما من قريش.

 3 - ولأنه ينافي مورد الروايات ، بل وصراحة بعضها في أن الاختلاف كان في جوهر اللفظ ، لا في كيفية أدائه ، وأن هذا من الأحرف التي نزل بها القرآن.

 4 - ولأن حمل لفظ السبع - على ما ذكره خلاف - ظاهر الروايات ، بل وخلاف صريح بعضها.

 5 - ولأن لازم هذا القول جواز القراءة فعلا باللهجات المتعددة ، وهو خلاف السيرة القطعية من جميع المسلمين ، ولا يمكن أن يدعي نسخ جواز القراءة بغير اللهجة الواحدة المتعارفة ، لأنه قول بغير دليل ، ولا يمكن لقائله أن يستدل على النسخ بالاجماع القطعي على ذلك ، لأن مدرك الاجماع إنما هو عدم ثبوت نزول القرآن على اللهجات المختلفة ، فإذا فرضنا ثبوت ذلك كما يقوله أصحاب هذا القول فكيف يمكن تحصيل الاجماع على ذلك ، مع أن اصرار النبي (ص) على نزول القرآن على سبعة أحرف إنما كان للتوسعة على الأمة ، فكيف يمكن أن يختص ذلك بزمان قليل بعد نزول القرآن ، وكيف يصح أن يقوم على ذلك اجماع أو غيره من الأدلة.

ومن الواضح أن الأمة - بعد ذلك - أكثر احتياجا إلى التوسعة ، لأن المعتنقين للإسلام في ذلك الزمان قليلون ، فيمكنهم أن يجتمعوا في قراءة القرآن على لهجة واحدة ، وهذا بخلاف المسلمين في الأزمنة المتأخرة ، ولنقتصر على ما ذكرنا من الأقوال فإن فيه كفاية عن ذكر البقية والتعرض لجوابها وردها.

 

وحاصل ما قدمناه : أن نزول القرآن على سبعة أحرف لا يرجع إلى معنى صحيح ، فلابد من طرح الروايات الدالة عليه ، ولا سيما بعد أن دلت أحاديث الصادقين (ع) على تكذيبها ، وأن القرآن إنما نزل على حرف واحد ، وأن الاختلاف قد جاء من قبل الرواة.

 

والحمد لله رب العالمين لقد تمت الأجوبة ، في يوم الأحد الموافق 20:7:2003 م بتاريخ 20 :5:1424هـ.

أبو حسام خليفة بن عبيد الكلباني العماني

 

العودة لصفحة البداية

العودة لفهرس المواضيع