العودة لصفحة البداية

العودة لفهرس المواضيع

 

من هو الأفضل بعد النبي (ص) ؟!

>/

حوار هادئ بين موالي ومخالف

 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين وبالخصوص مولانا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) وكرم الله وجهه ، من الأسئلة المثارة في الساحة الإسلامية مسألة الأفضلية لمن من بعد الرسول الأكرم (ص) ، وعلى هذا قررت أن أقدم هذا البحث للجواب على السؤال لنعرف من هو الأفضل من بعد الرسول (ص).

 


 

المخالف : لماذا تقولون بالنص على الإمامة وهل هذه فكرة إسلامية أم دخيلة من الديانات الأخرى ؟.

 

الموالي : قبل أن أجاوب عن السؤال فلابد من أن يتقدمه مجموعة أسئلة لكي نمهد للموضوع المراد طرحه حول الإمامة.

 


 

المخالف : ما هي النظريات والآراء المطروحة في الأمة أو بين فرق المسلمين حول اختيار الامام أو الخليفة بعد النبي (ص) أو بعد الامام الذي قبله ؟.

 

الموالي : حسب علمي الناقص اعتقد أن هناك ثلاث نظريات وهى :

 

الأولى : الأفضلية أي اختيار أفضل أبناء الأمة من جميع الصفات ، فلا يتقدم الناقص على الأكمل منه وفاقد صفات التكامل على ذي الصفات.

الثانية : نظرية الشورى فمن وقع عليه الاختيار فهو الامام أو الخليفة ، حتى ولو كان من الجهال والجبناء بل وصلت المسألة لأكثر من ذلك.

الثالثة : النص من النبي (ص) أو من الامام الذي قبله عليه فليس للأمة دخل في الموضوع ، وإنما الأمر يعود للمشرع فهو الذي يعين من يريد من أفراد الأمة الإسلامية.

 


 

المخالف : وأي النظريات الثلاث المختارة يا ترى ؟.

 

الموالي : أما نظرية الأفضلية فهي نظرية صحيحة وتوافق العقل والمنطق والتشريع لأن أساس نظرية القول بالنص تقول بأفضلية الامام على غيره من البشر المتواجدين في زمانه ولكن تصادفها عقبة واحدة أو اشكال واحد ومحصله أن هذا الكلام جميل جدا ولكن كيف يمكن لنا أن نعرف من هو الأفضل ، لأن الكثير من الصفات لا يمكن التوصل اليها ومعرفتها فلعلنا نختار منافق ونسلمه مقاليد الأمة الإسلامية ، وكما تعرفون بأن النفاق أمر خفي جدا لا يتسني للبشر أن يعرفوا كل المنافقين ولذلك يقول : سبحانه وتعالى : { وَمِمَّنْ حَوْلَكُم مِّنَ الأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُواْ عَلَى النِّفَاقِ لاَ تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُم مَّرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ ( التوبة : 101 ) } فهذا الخطاب للنبي (ص) فكيف بنا نحن وأنا لنا ذلك أي معرفة الصالح من الطالح ولكن لو أرجعنا الأمر للشارع المقدس لبين لنا من هو الأفضل من أبناء الأمة.

 

- ولكن لو أردنا أن نتبنى هذا الرأي فمن هو الشخص الذي يكون مؤهلا لمنصب الخليفة ، ما هي الصفات التي سوف تبحثها لتثبت بها من هو الأفضل ، فسوف نبحث في الصفات التالية :

 

1 - السبق الى الإسلام.

2 - الإيمان.

3 - الجهاد.

4 - العلم.

5 - النسب.

 


 

 السبق إلى الإسلام

 

المخالف : من هو السابق الى فضيلة الإسلام من المسلمين ؟.

 

الموالي :  أولا : أتوقع أنه لا خلاف في أن الامام علي بن أبي طالب (ع) هو الأسبق ولنبحث في الأخبار :

 

- قال (ص) : أولكم وأرد - ورودا - علي الحوض أولكم إسلاما علي بن أبي طالب ، المصادر : ( نقلا عن الغدير ج3 ص 220 و ج2 ص 314. أخرجه الحاكم في المستدرك ج 3 ص 136 وصححه ، والخطيب البغدادي في تاريخه ج 2 ص 81 ويوجد في الاستيعاب ج 2 ص 457 وشرح ابن أبي الحديد ج 3 ص 258 ).

 

- وفي لفظ آخر : أول هذه الأمة ورودا علي الحوض أولها إسلاما علي بن أبي طالب ، المصدر ( السيرة الحلبية ج1 ص 285 وسيرة زيني دحلان ج1 ص 188 وهامش الحلبية ).

 

- وقال (ص) لفاطمة (ع) : زوجتك خير أمتي أعلمهم علما وأفضلهم حلما وأولهم سلما ، المصدر ( أخرجه الخطيب في المتفق والسيوطي في جامع الجوامع ج 6 ص 398 ).

 

- وقال (ص) أيضا لفاطمة (ع) : أنه لأول أصحابي إسلاما ، أو أقدم أمتي سلما ، وأكثرهم علما ، وأعظمهم حلما ، المصدر ( مسند أحمد ج5 ص26 والاستيعاب ج3 ص 36 والرياض النضرة ج 2 ص 194 ، ومجمع الزوائد ومنبع الفوائد ج 9 ص 101 و 114 بطريقيين صحح أحدهما ووثق رجال الأخر والمرقاة في شرح المشكاة ج 5 ص 569 وكنز العمال في سنن الأقوال والأفعال ج6 ص 153 والسيرة الحلبية ج 1 ص 285 وسيرة زيني دحلان ج 1 ص 188 هامش الحلبية ).

 

- وقال الامام علي (ع) : أنا عبد الله ، وأخو رسول الله وأنا الصديق الأكبر لا يقولها بعدي الا كاذب مفتري ، ولقد صليت مع رسول الله قبل الناس بسبع سنين ، وأنا أول من صلى معه  ، المصدر ( أخرجه ابن أبي شيبه بسند صحيح والنسائي في الخصائص ص 3 بسند رجاله ثقات.وابن أبي عاصم في السنة والحاكم في المستدرك ج3 ص 112 وصححه وأبو نعيم في المعرفة ، وابن ماجه في سننه ج1 ص 57 بسند صحيح والطبري في تاريخه ج2 ص 213 بإسناد صحيح والعقيلي والخلعي وابن الأثير في الكامل ج2 ص 22 وابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة ج3 ص 257 ومحب الدين الطبري في الذخائر ص 60 والرياض ج 2 ص 155 و158 و 167 والحموميني في ألفرائد في الباب التاسع والأربعون والسيوطي في الجمع كما في ترتيبه ج 6 ص 394 وفي طبقات الشعراني ج 2 ص 55 ).

 

- قال علي (ر) : أنا الصديق الأكبر لا يقولها بعدي الا كاذب وعن معاذة ، قالت : سمعت عليا وهو يخطب على منبر البصرة ، يقول : أنا الصديق الأكبر آمنت قبل أن يؤمن أبو بكر وأسلمت قبل أن يسلم أبو بكر ، المصدر ( أخرجه أبن قتيبه في المعارف ص 73 وابن أيوب والعقيلي ومحب الدين الطبري في الذخائر ص 58 والرياض ج 2 ص 155 و 157 وذكره ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة ج 3 ص 251 و 257 والسيوطي في جمع الجوامع كما في ترتيبه ).

 

ثانيا : لقد صرحت بعض الأخبار بأن الامام رجل بالغ منها : قال الامام علي (ع) : أنا أول رجل أسلم مع النبي (ص) ، أخرجه أبو داود بإسناده الصحيح كما في ، المصدر ( شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج 3 ص 258 ) ، وعن خباب بن الأرت ، قال : رأيت عليا يصلي قبل الناس مع النبي (ص) وهو يومئذ بالغ.

 


 

المخالف : لكن من المعروف أن عليا هو أول من أسلم من الصبيان وأبو بكر من الرجال وزيد من العبيد وخديجة من النساء ؟ز

 

الموالي : على العموم لا خلاف بين الأمة في أن أول من أسلم هو علي بن أبي طالب ، ولكن حصل أمر آخر فبعد أن أغلقت الطرق والمنافذ على مبغضي الأمير (ع) فلم يستطيعوا أن يصرفوا هذه المنقبة من الامام علي (ع) إلى غيره فأخترعوا تقسيم جديد لم يسمع به من قبل على الاطلاق ، فقالوا : نعم علي هو أول من أسلم من الصبيان وأبو بكر من الرجال وزيد من الغلمان وخديجة من النساء. 

 


 

المخالف : اليس هذا هو الصحيح ولقد تعلمناه ونحن صغار ؟.

 

الموالي : أقول لا غير صحيح من جميع الجهات :

 

أولا : هذا التقسيم غير شرعي أي أنه لا أصل له في الشريعة المقدسة ولم يرد به أي دليل من الكتاب أو السنة وإنما هو أمر مبتدع.

 

ثانيا : علي بن أبي طالب أسلم بدعوة من النبي (ص) فلو كان غير مكلف لما دعاه النبي (ص) للإسلام ولأجل هذا لم يثبت أن دعاء النبي (ص) أي صبي على الاطلاق فكيف خص علي (ع ) من دونهم إلا أن يثبت أنه مكلف شرعا ، ومن هنا نجد أن النبي (ص) قد أعطى الامام علي (ع) مسئولية كبرى في نفس الفترة الزمنية تقريبا ، وذلك عند نزول قوله سبحانه وتعالى : { وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ ( الشعراء : 214 ) } فقد دعاء النبي (ص) قرابته وكانوا قريب من أربعين رجلا ، وبعد كلام بينه وبينهم ، قال لهم : يا بني عبد المطلب إني والله ما أعلم شابا في العرب جاء قومه بأفضل مما جئتكم به ، جئتكم بخير الدنيا والآخرة ، وقد أمرني الله أن أدعوكم إليه ، فأيكم يؤازرني على أمري هذا على أن يكون أخي ووصي وخليفتي فيكم ، فأحجم القوم عنها غير علي (ع) وكان أصغرهم إذ قام ، فقال : أنا يا نبي الله أكون وزيرك عليه ، فأخذ رسول الله (ص) برقبته ، وقال : إن هذا أخي ووصيي وخليفتي فيكم ، فاسمعوا له وأطيعوا ، فقام القوم يضحكون ويقولون لأبي طالب قد أمرك أن تسمع لابنك وتطيع.

 

ثالثا : لو تأملنا هذه القضية وعلمنا بأن وقتها كان في بداية الدعوة ، وقبل أن يعلن النبي (ص) بالدعوة وإنما كانت في أولية وقتها فنتساءل كيف جاز له (ص) أي يعطي طفل لم يكلف بعد هذه المسئولية العظيمة ونرى بأن المجتمعين لم ينبهوا النبي (ص) إلى أن عليا ما زال طفلا غير صالح وهذا رد واضح وصريح على من أدعى طفولة الامام (ع) عند الدعوة ، وأما المصادر لهذه الواقعة فكثيرة نأخذ بعضا منها : ( تاريخ الطبري ج 2 ص 319 - 321 ط المعارف بمصر ، والكامل في التاريخ لابن الأثير ج 2 ص 62 و 63 ط دار صادر بيروت والسيرة الحلبية للحلبي الشافعي ج 1 ص 311 البهية بمصر وشواهد التنزيل لقواعد التفضيل‏ للحسكاني ج 1 ص 371 حديث514و 580 ط بيروت وشرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج 13 ص 210 و 244 وصححه ، ط مصر بتحقيق محمد أبو الفضل وكنز العمال في سنن الأقوال والأفعال ج 15 ص 115 حديث 334 ط 2 بحيدر آباد وتاريخ دمشق لابن عساكر ترجمة الامام علي ج 1 ص 85 ح 139 و 140 و 141 ط بيروت وتفسير الخازن ج 3 ص 371 و 390 ط مصر وكفاية الطالب للكنجي الشافعي ص 205 ط الحيدرية وخصائص أمير المؤمنين للنسائي ص 30 ط بيروت ومسند أحمد ج2 ).

 

- وفي نهج البلاغه : صرح بأن الامام من ابناء أربع عشرة سنة قائم يصلي مع النبي (ص) ليلا ونهارا وقريش يومئذ تسافه رسول الله (ص) ما يذب عنه الا علي ، المصدر ( شرح نهج البلاغة لابن الحديد ج3 ص 260 ).

 

 وهناك روايات كثيرة ، عن عمره (ع) حيث أسلم وهو كبير ، ذكرها ابن عساكر في موسعته القيمة ، المصدر ( تاريخ ابن عساكر ترجمة الامام علي (ع).

 

رابعا : نجد بأن النبي (ص) يصرح في أكثر من موقع وبروايات صحيحة بأن علي هو أول المسلمين منها ما مر عليك كقوله (ص) : أولكم ورودا على الحوض أولكم إسلاما علي بن أبي طالب (ع) وقد تقدم توثيقه ، وأنت ترى هذا الخطاب خطاب من النبي (ص) موجه للصحابة بأجمعهم من صغير وكبير ولم يكن موجه للأطفال والصغار فالنبي (ص) يخاطب الكل ، بقوله أولكم ورودا علي الحوض أولكم إسلاما علي بن أبي طالب وأي كلام يخالف قول النبي (ص) فهو مردود وغير مقبول على الاطلاق لأنه اجتهاد في قبال النص.

 

خامسا : لقد صرح النبي (ص) لعلي (ع) بالسيادة لعلي (ع) على كل المسلمين بما فيهم الصحابة ومنهم أبو بكر وعمر : إن كانوا من المسلمين فالتعميم يشملهم ، وصرح أيضا (ص) بامرته (ع) على كل المؤمنين صحابة وغيرهم وهذه بعض كلماته  (ص) أوحي إلى في علي ثلاث : أنه سيد المسلمين ، وامام المتقين ، وقائد الغر المحجلين ، المصادر : ( المعجم الصغير للطبراني ج 2 ص 88 ومناقب علي بن أبي طالب لابن المغازلي الشافعي ص 65 ح 93 وص 104 ح 146 و 147 الفصول الأمهمة لابن الصباغ المالكي ص 107 ومجمع الزوائد ومنبع الفوائد ج 9 ص 121 وأسد الغابة ج 1 ص 169 و ج 3 ص 116. والمناقب للخوارزمي ص 235 وتاريخ دمشق لابن عساكر ترجمة الامام علي (ع) ج 2 ص 257 ح 773 و 774 ونظم درر السمطين للزرندي ص 144 وقريب منه راجع الرياض النضرة ج 2 ص 234 ط الثانية وذخائر العقبى في مناقب ذوي القربى ص 70 ومنتخب كنز العمال في سنن الأقوال والأفعال بهامش مسند أحمد ج 5 ص 34 وحلية الأولياء وطبقات الأصفياء لابن نعيم ج1 ص 66 وشرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج 9 ص 170 ط مصر بتحقيق محمد أبو الفضل وينابيع المودة لذوي القربى للقندوزي ص 213 ط إسلامبول. ومطالب السؤول لابن طلحة ج 1 ص 46 - 60 وميزان الاعتدال في نقد الرجال للذهبي ج 1 ص 64 ).

 


 

المخالف : لقد قلت بأن هذا التقسيم غير شرعي وأن الشريعة لم تأت به ولكننا وجدنا ما يدل على ذلك مثل : ما ورد في ( المستدرك للحاكم ج 3 ص 69 ) ، عن عمرو بن عبسة (ر) ، قال : أتيت النبي رسول الله (ص) في أول ما بعث وهو بمكة وهو حينئذ مستخف ، فقلت : ما أنت ، قال : أنا نبي ، قلت : وما النبي، قال : رسول الله ، قلت : الله أرسلك ، قال : نعم ، قلت : فيم أرسلك ، قال : أن تعبد الله ، وتكسر الأصنام وأن تصل الأرحام ، قلت : نعم ما أرسلك به فمن أتبعك على هذا ، قال : ( عبد وحر ) يعني أبا بكر وبلالا .... الخ.

 

الموالي : على هذا التقسيم المشار إليه فهو باطل ومن عدة جهات :

 

أولا :  النبي (ص) أكرم من أن يعرض ببلال وبغيره حيث يقول حر وعبد فليس هذا من أخلاقه أن يفرق بين الحر والعبد ، فأخلاقه أسمى من ذلك.

ثانيا : هذا الكلام غريب جدا عن تقسيمكم لأنكم أجمعتم على قول أول من أسلم من الرجال أبو بكر ، ومن الغلمان أو العبيد زيد والتقسيم هنا يذكر بلال.

ثالثا : نجد أن النبي (ص) أغفل أو نسي ذكر المرأة والصبي لأنه من المفروض أن يكونوا أربعة.

رابعا : ثبت بالأدلة القطعية تقدم إسلام زيد على بلال وهو أمر متفق عليه.

خامسا : لقد أسلم قبل عمرو بن عبسة مجموعة من الناس فعلى هذا كله ، تسقط هذه الرواية مضافا إلى أن القائل أبو بكر وبلال هو المؤلف بتوجيه واجتهاد من الراوي ووجدنا هذا التوجيه يصطدم مع التاريخ والواقع مع امكان الحصول على توجيه سالم من العيوب تقريبا حيث تفسير عبد وحر بعلي وزيد.

 


 

المخالف : قد يقال بأن هناك بعض النقولات التاريخية تقول بأن أبا بكر هو أول من أسلم ومن دون تقسيم ؟.

 

الموالي : هذه النقولات أوضحها لكم في التالي :

 

أولا : لم تنسب للقرآن أو النبي (ص) حيث أن الصحيح الثابت عن النبي (ص) قوله : أولكم إسلاما علي بن أبي طالب فأي قول يخالف فهو مردود مردود.

 

ثانيا : لقد ذكر ( الطبري في تاريخه ج1 ص 450 ) ، حدثنا : ابن حميد ، قال : حدثنا : كنانة بن جبلة ، عن إبراهيم بن طهمان ، عن الحجاج بن الحجاج ، عن قتادة ، عن سالم بن أبي الجعد ، عن محمد بن سعد ، قال : قلت لأبي أكان أبو بكر أولكم إسلاما ، فقال : لا ولقد أسلم قبله خمسين ولكن كان أفضلنا إسلاما ، قوله : أفضلنا إسلاما اجتهاد في قبال النص لأن النبي (ص) ، يقول عن علي (ع) أنه سيد المسلمين ولا يمكن أن يكون سيدهم الا إذا كان أفضلهم.  

 

ثالثا : لقد ورد في بعض المصادر المبينة لكيفية إسلام أبو بكر ما يلي ، قال : يونس ، عن أبي إسحاق : ثم إن أبا بكر الصديق لقي رسول الله (ص) ، فقال : أحقا ما تقول قريش يا محمد ، من تركك آلهتنا ، وتسفيهك عقولنا ، وتكفيرك آبائنا ، فقال رسول الله (ص) : بلى أني رسول الله ونبيه ، بعثني لابلغ رسالته وأدعوك إلى الله بالحق ، فوالله إنه للحق ، أدعوك يا أبا بكر إلى الله وحده لا شريك له ، ولا تعبد غيره ، والموالاة على طاعته وقرآ عليه القرآن ، فلم يقر ولم ينكر ، فأسلم وكفر بالأصنام وخلع الأنداد وأقر بحق الإسلام ورجع أبو بكر وهو مؤمن مصدق ، المصدر ( البداية والنهاية ج 3 ص 38 ) ، وشاهدنا من هذا النص التاريخي هو إن أبا بكر قد علم بالأمر بعد شيوعه بين الناس وانتشاره لأنه سأل النبي (ص) بقوله أحق ما تقول قريش ، فالخبر إذا كان مشهورا ومعلنا وهذا يؤيد ما سبق بأن إسلام أبو بكر جاء بعد الدعوة السرية فيكون صحيحا بعد خمسين شخصا.

 

رابعا : المتتبع للمنقولات التاريخية يجدها ترتب الداخلين للإسلام كالأتي :

 

أول من أسلم : الامام علي ، وهو أمر مجمع عليه وقد ( ذكرت مصادره فيما مضى ).

ثاني من أسلم : زيد بن حارثة ، المصدر ( المعجم الكبير للطبراني ومجمع الزوائد ومنبع الفوائد للهيثمي ج 9 ص 447 كتاب المناقب باب فضل زيد بن حارثه ).

ثالث من أسلم : سعد بن أبي وقاص ، المصادر : ( صحيح البخاري ج2 كتاب فضائل الصحابة باب مناقب سعد بن أبي وقاص الزهري وبنو زهرة ).

رابع وخامس من أسلم هما : أبو ذر الغفاري أو عمرو بن عبسة ، المصادر : ( المستدرك للحاكم المجلد الثالث كتاب معرفة الصحابة (ر) ذكر مناقب أبي ذر الغفاري وص 69 ) ، فلم نجد إسم لأبي بكر.

 


 

 الإيمان

 

المخالف : ما هو الدليل على إيمان الامام علي (ع) ؟ز

 

الموالي : لقد ذكر مجموعة من العلماء مجموعة من الروايات في إيمان الامام على منها :

 

- ما أخرجه المتقي الهندي في المصدر ( منتخب كنز العمال في سنن الأقوال والأفعال ج 6 ص 393 طبع حيدر آباد الدكن ) ، عن عبد الله بن عباس ، قال : سمعت عمر بن الخطاب ، يقول : كفوا عن ذكر علي بن أبي طالب ، فلقد رأيت رسول الله (ص) ، يقول فيه خصال لأن تكون واحدة منهن في آل الخطاب أحب إلى مما طلعت عليه الشمس ، كنت أنا وأبو بكر وأبو عبيدة في نفر من أصحاب رسول الله (ص) إلى باب أم سلمة وعلي قائم على الباب ، فقلنا : أردنا رسول الله (ص) ، فقال : يخرج اليكم فخرج رسول الله (ص) فصرنا إليه فأتكا على علي بن أبي طالب ثم ضرب بيده على منكبه ، ثم قال : أنك مخاصم تخاصم أنت أول المؤمنين إيمانا وأعلمهم بأيام الله وأوفاهم بعهده وأقسمهم بالسوية وأرأفهم بالرعية وأعظمهم رزية وأنت عاضدي وغاسلي ودافني والمتقدم إلى كل شديدة وكريهة ولن ترجع بعدي كافرا وأنت تتقدمني بلواء الحمد وتذود عن حوضي .... الخ.

 

- وفي ( ينابيع المودة لذوي القربى للقندوزي ص 86 ط إسلامبول ) ، أن النبي (ص) ، قال لعائشة أم المؤمنين (ر) : هذا علي أول الناس إيمانا وآخرهم بي عهدا وأول الناس قيامة في القيامة.

 

- وفي ( كتاب الفردوس لأبي شجاع يشير به الديلمي الهمداني المتوفي في سنة 519 ) ، عن عمر بن الخطاب ، قال : قال رسول الله (ص) : يا علي أنت أول المسلمين إسلاما وأنت أول المؤمنين إيمانا وأنت مني بمنزلة هارون من موسى.

 

- وفي كتاب ( المناقب للخوارزمي ص 32 ط تبريز ) ، عن عبد الله بن عباس ، قال : سمعت عمر بن الخطاب وعنده جماعة فتذاكروا السابقين إلى الإسلام ، فقال عمر : أما علي (ع) فسمعت رسول الله (ص) ، يقول فيه ثلاث خصال لوددت أن لي واحدة منهن فكان أحب إلى مما طلعت عليه الشمس ، كنت أنا وأبو عبيدة وأبو بكر وجماعة من أصحابه إذ ضرب النبي (ص) بيده على منكب علي (ع) ، فقال : يا علي أنت أول المؤمنين إيمانا وأول المسلمين إسلاما ، وأنت مني بمنزلة هارون من موسى ، وهذا الحديث مروي في ( كتاب الرياض النضرة لمحب الدين الطبري ج 2 ص 157 ط محمد امين الخانجي بمصر ورواه الطبري في ذخائر العقبى في مناقب ذوي القربى ص 58 ط مكتبة القدسي بمصر والمير محمد صالح في المناقب الرضويه ص74ط الهند والمتقي الهندي في كنز العمال في سنن الأقوال والأفعال ج 6 ص 395 ط حيدرآباد الدكن وزاد فيه قوله : (ص) وكذب علي من زعم أنه يحبني ويبغضك وفي المناقب للخوارزمي ص 66 ط تبريز ).

 

- وعن جابر ، قال : كنا عند النبي (ص) فأقبل علي بن أبي طالب (ع) ، فقال رسول الله (ص) : قد أتاكم أخي ، ثم التفت إلى الكعبة فضربها بيده ، ثم قال : والذي نفسي بيده إن هذا وشيعته هم الفائزون يوم القيامة ، ثم قال : أنه أولكم إيمانا معي وأوفاكم بعهد الله .... الخ.

 

- وفي كتاب ( أسد الغابة ج 5 ص 543 ط مصر للعلامة ابن الأثير ) ، أن النبي (ص) ، قال لعائشة : هذا علي بن أبي طالب أول الناس إيمانا .... إلخ ، المصدر ( وأخرجه ابن حجر العسقلاني في الاصابة ج 4 ص 389 ط دار الكتب المصرية بمصر / وذكر ابن عساكر في كتابه تاريخ دمشق ترجمة الامام علي ج 1 ط 117 ط بيروت ).

 

- عن معاذ بن جبل ، قال : قال رسول الله (ص) يا علي أخصمك بالنبوة ولا نبوة بعدي ، وتخصم الناس بسبع ولا يحاجك فيه أحد من قريش امامهم أنت ، أولهم إيمانا بالله وأوفاهم بعد الله وأقومهم بأمر الله وأقسمهم بالسوية وأعدلهم في الرعية وأبصرهم بالقضية وأعظمهم عند الله مزية ، ولقد نقل هذا الحديث ( العلامة توفيق أبو علم في كتابه ( أهل البيت ) ص 216 ط سنة 1390ه ).

 

- وفي كتاب ( آل محمد ص 505 ( نسخة مكتبة السيد الأشكوري ) للشيخ حسام الدين المردي الحنفي ) قال : قال رسول الله (ص) : هذا علي أول الناس إسلاما وآخرهم في عهدا ، وأول الناس قياما يوم القيامة.

 

- وفي كتاب ( مختصر تاريخ دمشق ج 17 ص 119 لجمال الدين محمد بن مكرم الأنصاري ) ، عن ابن عباس ، قال : ستكون فتنة فأن أدركها أحد منكم فعليه بخصلتين كتاب الله وعلي بن أبي طالب ، فإني سمعت رسول الله (ص) ، يقول وهو آخذ بيد علي : هذا أول من آمن بي وأول من يصافحني في يوم القيامة ، وهو فاروق هذه الأمة يفرق بين الحق والباطل ، وهو يعسوب المؤمن والمال يعسوب الظالمين وهو الصديق الأكبر ، وهو بأبي الذي أوتى منه ، وهو خليفتي بعدي.

 

- ثم أن الرسول (ص) لم يكتف من علي بأن شهد له بأولية الإيمان وإنما أعطاه وسلمه أمرة المؤمنين ، فقال عنه أنه أمير المؤمنين - فقد ذكر : ( أبو نعيم الأصبهاني في حلية الأولياء وطبقات الأصفياء ج 1 ص 63 ط السعادة بمصر ) ، عن أنس ، قال : قال رسول الله (ص) يا أنس اسكب لي وضوءا ثم قام فصلى ركعتين ، ثم قال : يا أنس أول من يدخل عليك من هذا الباب أمير المؤمنين وسيد المسلمين وقائد الغر المحجلين وخاتم الوصيين ، قال : قلت اللهم اجعله رجلا من الأنصار وكتمته إذ جاء علي ، فقال : من هذا يا أنس ، فقلت : علي ، فقام مستبشرا فاعتنقه ، ثم جعل يمسح عرق وجهه بوجهه ويمسح عرق وجه علي بوجهه ، قال علي : يا رسول الله لقد رأيتك صنعت بي شيئا ما صنعت بي من قبل ، قال : وما يمنعني وأنت تؤدي عني وتسمعهم صوتي وتبين لهم ما اختلفوا فيه من بعدي ، وقد أخرج هذا الكلام والقول : ( الخوارزمي في المناقب ص 51 ط تبريز وكمال الدين محمد بن طلحه الشافعي في مطالب السؤول في مناقب آل الرسول ص 21 ط طهران ، وعز الدين عبدالحميد بن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة ج1 ص 4 ط القاهرة وإبراهيم الحمويني في فرائد السمطين ).

 

- ولقد ذكر في كتاب فرائد السمطين للحمويني ، عن ابن عباس : قال رسول الله (ص) لأم سلمه : هذا علي بن أبي طالب لحمه لحمي ودمه دمي وهو مني بمنزلة هارون من موسى ، الا أنه لا نبي بعدي ، يا أم سلمه هذا علي أمير المؤمنين ، وسيد المسلمين ، ووصي وعيبة علمي وبابي الذي أوتي منه ، أخي في الدنيا والأخرة ومعي في السنام الأعلى يقتل القاسطين والمارقين والناكثين ، المصدر ( وذكره الخوارزمي في المناقب ص 85 ط تبريز ).

 

- وفي كتاب ( المناقب الرضوية ص 102 ط بمبي للمولى محمد صالح الكشفي الحنفي الترمذي ) ، قال : قال النبي (ص) : ولو يعلم الناس متى سمي علي أمير المؤمنين ما انكروا فضله ، سمي بذلك وآدم بين الروح والجسد ، قال الله الست بربكم، قالوا : بلى ، فقال تعالى ، أنا ربكم ومحمد نبيكم وعلي أميركم.

 

- وقد ذكر هذا صاحب كتاب : ( در بحر المناقب ص 18 الشيخ جمال الدين محمد بن أحمد المعروف يابن حسنوية وكذلك أبو شجاع شيرويه الديلمي في كتابه الفردوس ويروي صاحب كتاب در بحر المناقب ص 78 الشيخ جمال بن محمد المعروف يابن حسنوية ) ، روي بالاسناد إلى أبي ذر (ر) ، قال : أمرنا رسول الله (ص) أن نسلم على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ، وقال : سلموا على أخي ووارثي وخليفتي في قومي وولي كل مؤمن من بعدي ، سلموا عليه بأمرة المؤمنين وأنه ولي كل من تسكن ( ولعله من يسكن ) الأرض إلى يوم العرض ، ولو قدمتموه لأخرجت لكم الأرض بركاتها فأنه أكرم من عليها من أهلها ، قال أبو ذر : فرأيته وقد تغير لونه ، وقال : أحق من الله يا رسول الله ، قال حق من الله أمرني به وبذلك أمرتك ، فقام وسلم عليه بأمرة المؤمنين ، ثم أقبل على أصحابه ، وقال : ما قاله ، ونقل هذا الكلام ( شمس الدين محمود بن عبد الرحمن الأصفهاني في كتاب تتشييد القواعد في شرح العقائد المعروف بالشرح القديم ص 249 ).

 

- ويروي الشيخ ( سليمان القندوزي في كتابه ينابيع المودة لذوي القربى ص 495 ط إسلامبول ) قال : وعن ياسر الخادم ، عن علي الرضا ، عن أبيه ، عن آبائه ، عن رسول الله (ص) ، قال : يا علي أنت حجة الله ، وأنت باب الله ، وأنت الطريق إلى الله ، وأنت النبأ العظيم ، وأنت الصراط المستقيم ، وأنت المثل الأعلى ، وأنت امام المسلمين وأمير المؤمنين و خير الوصيين وسيد الصديقين ، يا علي أنت الفاروق الأعظم ، وأنت الصديق الأكبر ، وأن حزبك حزبي وحزبي حزب الله ، وأن حزب أعدائك حزب الشيطان. 

 

- وذكر ( الذهبي في ميزان الاعتدال في نقد الرجال ج 1 ص 30 ط القاهرة ).. ، عن أنس : أن النبي (ص) ، قال لي : أول من يدخل عليك من هذا الباب أمير المؤمنين وسيد المسلمين ، وقائد الغر المحجلين وخاتم الوصيين.

 

- وأما حول لقب سيد المؤمنين فننقل بعض من تلك المصادر منها :

 

- ما أخرجه ( أبو نعيم الأصفهاني في كتاب تاريخ أصبهان = أخبار أصبهان ج2 ص 229 ط لين ) قال رسول الله (ص) : إن الله أوحى اليً في علي ثلاثة أشياء ليلة أسرى بي ، أنه سيد المؤمنين ، وامام المتقين وقائد الغر المحجلين.

 

- وذكر أيضا الشيخ ( إبراهيم الحمويني في فرائد السمطين وجمال الدين الزرندي في نظم درر السمطين ص 114 ط مطبعة القضاء ونور الدين الهيثمي في مجمع الزوائد ومنبع الفوائد ج 9 ص 121 ط مكتبة القدسي بالقاهرة ، وابن الصباغ المالكي في الفصول المهمة في معرفة احوال الائمة ص 105 والمير حسين بن معين الدين الميبدي اليزدي في شرح اليوان ص 176 وذكر شهاب الدين ابن حجر العسقلاني العسقلاني في لسان الميزان ج1 ص 440 ط حيدر آباد الدكن ) ، عن أنس (ر) مرفوعا : إذا كان يوم القيامة وضع لي منبر طوله ثلاثون ميلا ثم يدعى بعلي فيجلس دونه بمرقاة ، فيعلم الخلائق أن محمدا سيد المرسلين ، وأن عليا سيد المؤمنين ، فذكر الحديث ولو أردنا أن نواصل الحديث في نقل الروايات المتكلمة عن إسلام وإيمان الامام علي (ع) لاحتجنا إلى مجلد وليس إلى صفحات لأن هدفنا هو اثبات صفة الإيمان لأمير المؤمنين ، وقد ثبت ذلك وثبتت سيادته على المؤمنين فهو أمير وسيد للمؤمنين كل المؤمنين لا فرق بين صحابي وغيره ولكن أبى الدهر إلا أن يقال فلان أمير المؤمنين هذه خيانة الدنيا وحقارتها على العموم والآن جاء دور من يريد أن يثبت إيمان الخلفاء الذين تقدموه فهل هم من المؤمنين أنا أقول لا ولا يمكن لأي شخص أن يثبت إيمان من تقدم علي أمير المؤمنين (ع).

 


 

المخالف : وما هو الدليل على عدم إيمان من تقدم على الامام ؟.

 

الموالي : أقول لقد ذكرت في ما مضى أن معنى الإيمان هو التسليم المطلق ، ولكن لو رجعنا إلى سيرة الجماعة فأننا نجد بأنهم لم يمتثلوا لأوامر النبي (ص) في مواقف كثيرة ومتعددة وخالفوه صراحة وحتى لا يمل القارئ نذكر بعضا من تلك المواقف ومن أراد الاطلاع أكثر فعليه بالرجوع للكتب المطولة :

 

- فمن هذه الموارد رزية الخميس : فقد أخرجها أصحاب الصحاح كالبخاري ومسلم فقد نص البخاري بسنده إلى عبيد الله ابن عتبة بن مسعود ، عن ابن عباس ، قال : لما حضر رسول الله (ص) وفي البيت رجال فيهم عمر بن الخطاب ، قال النبي (ص) : هلم أكتب لكم كتابا لا تضلوا بعده ، فقال عمر : أن النبي (ص) قد غلب عليه الوجع وعندكم القرآن حسبنا كتاب الله ، فاختلف أهل البيت فاختصموا منهم من يقول : قربوا يكتب لكم النبي (ص) كتابا لا تضلوا بعده ، ومنهم من يقول ما قال عمر فلما أكثروا اللغو والاختلاف عند النبي (ص) ، قال لهم رسول الله (ص) : قوموا عني فكان ابن عباس : يقول : إن الرزية كل الرزية ما حال بين رسول الله (ص) وبين أن يكتب لهم ذلك الكتاب من اختلافهم ولغطهم ، المصدر ( البخاري في باب قول المريض قوموا عني من كتاب المرضى وهذه هي الرواية بالنص ).

 

5345 - حدثنا : إبراهيم بن موسى ، حدثنا : هشام ، عن معمر وحدثني : عبد الله بن محمد ، حدثنا : عبد الرزاق ، أخبرنا : معمر ، عن الزهري ، عن عبيد الله بن عبد الله ، عن ابن عباس (ر) ، قال : لما حضر رسول الله (ص) وفي البيت رجال فيهم عمر بن الخطاب ، قال النبي (ص) : هلم أكتب لكم كتابا لا تضلوا بعده ، فقال عمر : أن النبي (ص) قد غلب عليه الوجع وعندكم القرآن حسبنا كتاب الله ، فاختلف أهل البيت فاختصموا منهم من يقول : قربوا يكتب لكم النبي (ص)  كتابا لن تضلوا بعده ، ومنهم من يقول ما قال عمر ، فلما أكثروا اللغو والاختلاف عند النبي (ص) قال رسول الله (ص) : قوموا ، قال عبيد الله فكان ابن عباس ، يقول : إن الرزية كل الرزية ما حال بين رسول الله (ص) وبين أن يكتب لهم ذلك الكتاب من اختلافهم ولغطهم ، المصادر التالية : ( البخاري في باب قول المريض قوموا عني من كتاب المرضى ج7ص9 افست دار الفكر على ط إستانبول وج7ص156 ط محمد علي صبيح وصحيح مسلم في آخر كتاب الوصية ج5ص75 ط محمد علي صبيح وج2ص16 ط عيسى الحلبي وج11 ص95 ط مصر بشرح النووي  ومسند أحمد بن حنبل ج4ص356 حديث 2992 بسند صحيح ط دار المعارف بمصر ).

 


 

المخالف : لعل قول عمر صحيح وأنه لم يقصد الرد ولكن المصلحة أقتضت ذلك ؟ز

 

الموالي : أقول سبحان الله لماذا أنتم لا تقولون بأن عمر قد أخطأ ولم يكن مصيبا بدلا من أن تبرروا له الموقف فهذا القرآن يقول : { وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا ( الحشر : 7 ) } وقوله تعالى : { إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ @ ذِي قُوَّةٍ عِندَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ @ مُّطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ @ وَمَا صَاحِبُكُم بِمَجْنُونٍ ( التكوير : 21 - 22 - 23 - 24 ) } وقوله تعالى : { مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَىٰ @ وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَىٰ @ إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَىٰ @ عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَىٰ ( النجم : 2 - 3 - 4 - 5 ) }  فهذه الآيات وغيرها دليل واضح على أن كل شيء يقوله النبي (ص) فهو من الله سبحانه وتعالى فلماذا لم يمتثل عمر وشك في أقواله (ص).

 


 

المخالف : لماذا ترك النبي (ص) الكتابة ولم يصر على موقفه هذا من الأمر بالكتابة ؟.

 

الموالي : لأن كلمتهم تلك التي فاجئوه بها اضطرته إلى العدول ، إذ لم يبق بعدها أثر لكتابة الكتاب سوى الفتنة والاختلاف من بعده (ص) في أنه هجر فيما كتبه ولم يكن بوعيه التام ، ولهذا اقتضت حكمته البالغة أن يترك الكتابة وأيضا حتى لا يفتح باب للمنافقين للطعن في أصول النبوة.

 


 

المخالف : قد يقال بأن عمر فهم من النبي (ص) إنه يريد بهذا الكلام أن يختبر قدرات الصحابة وانهم هل وصلوا للنضج أم لا ؟.

 

الموالي : أقول هذا الكلام مردود بقوله : (ص) ( لن تضلوا ) فلابد من أن المراد مقصود فعلا أي أن هذه الصيغة تدل بوضوح تام على أن المراد التنفيذ ، وليس الاختبار ولهذا الأمر أغراض كبيرة جدا وهي حفظ الأمة عن الاختلاف.

 


 

المخالف : قد يقال : أن الأمر هنا ليس واجب وعزيمة وإنما هو مجرد مشورة من النبي ؟.

 

الموالي : بأن هذا الكلام غير صحيح لأن النبي (ص) بين الهدف من وراء الكتابة وهو حفظ الكيان الإسلامي والأمة الإسلامية من الافتراق ، وأن الكتابة الوسيلة لحفظ الأمة من التشرذم قد يقال : لو عزيمة لما تركه النبي (ص).

 


 

المخالف : إذا كان الأمر عزيمة فلماذا تركه (ص) ؟،

 

الموالي : لقد مر عليك بأن المصلحة اقتضت الآن عدم الكتابة فيكون الواجب هنا مقيد بالطاعة والامتثال أي : يا محمد اكتب الكتاب إذا أطاعوك فإذا لم يطيعوا فلا تكتب ، وعلى هذا فلا مجال لاثبات إيمان عمر هنا لمخالفته الصريحة لأوامر النبي (ص).

 


 

المخالف : وما هي المخالفة الثانية إن وجدت ؟.

 

الموالي : المخالفة الثانية : مخالفتهم في عدم امتثال أوامر النبي (ص) بقتل المنافق المارق فعن ( الامام أحمد بن حنبل في مسنده الجزء الثالث ص 15 ) من حديث أبي سعيد الخدري ، قال : أن أبا بكر جاء إلى رسول الله (ص) ، فقال : يا رسول الله إني مررت بوادي كذا وكذا ، فإذا رجل متخشع حسن الهيئة يصلي ، فقال له النبي (ص) : اذهب إليه فاقتله ، قال : فذهب إليه أبو بكر فلما رآه على تلك الحال ، كره أن يقتله فرجع إلى رسول الله (ص) ، فقال النبي (ص) لعمر : أذهب فاقتله ، فذهب عمر فرآه على تلك الحال التي رآه أبو بكر عليها ، قال : فكره أن يقتله ، قال : فرجع ، فقال : يا رسول الله أني رأيته يصلى متخشعا فكرهت أن اقتله ، قال : يا علي اذهب فاقتله ، قال : فذهب علي : فلم يرآه فرجع علي ، فقال : يا رسول الله إني لم أره ، قال : فقال النبي (ص) : إن هذا وأصحابه يقرآون القرآن لا يتجاوز تراقيهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية ، ثم لا يعودون فيه حتى يعود السهم في فوقه ، فأقتلوهم هم شر البرية.

 


 

المخالف : وما هو الدليل هنا على عدم إيمان أبي بكر وعمر بن الخطاب فأنهما تركا قتله للحالة التي عليها من العبادة ؟.

 

الموالي : الأولى : أقول : هل أن أمر الرسول (ص) لهما هو أمر من عنده أو أنه من الله فإن ، قلت : من عنده فهو مردود بقوله تعالى : { وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَىٰ ( النجم : 3 ) } وإن قلت : من الله وهو الصحيح ففيه مسألتان الأولى لماذا لم يمتثلا الأمر وهو أمر من الله والرسول وأين قوله تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ ( النساء : 59 ) } وهنا لم يطيعا الله ولا الرسول (ص) ولم يسلما الأمر لله وللرسول وأن ما اجتهدا في قبال الأمر الإلهي والإيمان كما مر مشروط بالتسليم والاذعان المطلق.

 

والثانية : هل يعلم الله بأن أبا بكر وعمر سيمتثلان للأوامر أم لا ، فإن ، قلت : لا يعلم كفر ، وإن قلت : يعلم ، فأقول : لماذا كلفهم بذلك ، فلابد أن يكون الجواب هو لاثبات مخالفتهم لله والرسول (ص).

 

الثالثة : وهناك قضية أخرى فلقد أخرج أبو يعلى في مسنده كما في ترجمة ذي الثدية من إصابة ابن حجر العسقلاني ، عن أنس ، قال : كان في عهد رسول الله (ص) رجل يعجبنا تعبده واجتهاده ، وقد ذكرنا ذلك لرسول الله (ص) باسمه فلم يعرفه ، فوصفناه بصفته فلم يعرفه ، فبينما نحن نذكره إذ طلع الرجل ، قلنا : هو ذا : قال : انكم لتخبروني عن رجل إن في وجهه لسفعة من الشيطان ، فأقبل حتى وقف عليهم ولم يسلم ، فقال له رسول الله (ص) : أنشدك بالله هل ، قلت حين وقفت على المجلس ما في القوم أحد أفضل مني أو خير مني ، قال : اللهم نعم ، ثم دخل يصلي ، فقال رسول الله (ص) : من يقتل الرجل ، فقال أبو بكر : أنا فدخل عليه فوجده يصلي ، فقال : سبحان الله ، أقتل رجلا يصلي ، فخرج ، فقال رسول الله (ص) : ما فعلت ، قال : كرهت أن أقتله وهو يصلي ، وأنت قد نهيت عن قتل المصلين ، قال : من يقتل الرجل ، قال عمر : أنا فدخل فوجده واضعا جبهته ، فقال عمر : أبو بكر أفضل مني ، فخرج ، فقال له النبي (ص) : مهيم ، قال : وجدته واضعا جبهته لله ، فكرهت أن اقتله ، فقال : من يقتل الرجل ، فقال علي : أنا ، فقال : أنت إن أدركته ، فدخل عليه فوجده خرج ، فرجع إلى رسول الله (ص) ، فقال : مهيم ، قال : وجدته قد خرج ، قال : لو قتل ما اختلف من أمتي رجلان ، المصادر : ( الاصابة لابن حجر العسقلاني ج 1 ص 484 ، العقد الفريد لابن عبد ربه ج2 ص 403 / 404 ).

 


 

المخالف : هل هناك من مخالفات أخرى أم فقط هذه التي ذكرتها ؟.

 

الموالي : هناك مخالفات كثيرة وكثيرة جدا ، وسوف تأتي تباعا في الأعداد القادمة إن شاء الله تعالى ، وفي هذا العدد سوف أتناول بعضا منها فقط ، ولقد مرت عليك ثلاث مخالفات وسوف أذكر مخالفتين هنا ومخالفات أخرى في صفة الجهاد وصفة العلم.

 


 

المخالف : وما هي تلك المخالفات اذكرها لنا لنعرف هل هي مخالفة لله والرسول أم لا ؟.

 

الموالي : لقد ذكرت لك ثلاث مخالفات وإليك :

 

المخالفة الرابعة : صلح الحديبية ، ذلك الصلح الذي أبرمه النبي (ص) مع أهل مكة ولكن عمر أبى أن يمتثل لأوامر النبي (ص) وهذا هو موقفه ، كما أخرجه ( مسلم في صحيحه ج2 باب صلح الحديبية ) : أنه ( أي عمر ) قال لرسول الله : السنا على الحق وهم على الباطل ، قال رسول الله : بلى ، قال : اليس قتلانا في الجنة وقتلاهم في النار ، قال : بلى ، قال : ففيم نعطي الدنية في ديننا ونرجع ولما يحكم الله بينا وبينهم ، فقال (ص) : يا بن الخطاب إني رسول الله ولن يضيعني الله أبدا ، قال : فانطلق عمر فلم يصبر متغيظا فأتى أبا بكر ، فقال : يا أبا بكر السنا على الحق وهم على الباطل ، قال : بلى ، قال : اليس قتلانا في الجنة وقتلاهم في النار ، قال : بلى ، قال : فعلام نعطي الدنية في ديننا ونرجع ولما يحكم الله بيننا وبينهم ، فقال : يا ابن الخطاب أنه رسول الله (ص) ولن يضيعه أبدا ، المصادر : ( صحيح مسلم كتاب الجهاد والسير باب 34 ج 3 ص 1412 حديث 1785 والبخاري كتاب التفسير سورة الفتح ج 6 ص 170 طبع مطابع الشعب وتفسير الطرطبي ج 16 ص 277 ) ، وغيرها من المصادر.

 

- ولعل في بعضها احتجاج واضح من عمر على النبي (ص) مثال قوله للنبي (ص) أو ليس كنت تحدثنا أنا سنأتي البيت فنطوف به ، قال النبي (ص) بلى ، أفأخبرتك إنا نأتيه العام ، قال عمر قلت : لا ، فقال (ص) : فإنك آتيه ومطوف به .... الحديث طويل فراجعه في : ( صحيح البخاري كتاب الشروط باب الشروط في الجهاد ج 2 ص 122 ط دار الكتب العربية بحاشية السندي و ج 3 ص 256 ط مطابع الشعب ومسند أحمد ج 4 ص 330 ط الأولى ).

 

المخالفة الخامسة :

 

- أمر سرية زيد بن الحارثة فمن كتاب السقيفة لأحمد بن عبد العزيز الجوهري ، قال : حدثنا : أحمد بن اسحاق بن صالح ، عن أحمد بن سيار ، عن سعيد بن كثير الأنصاري ، عن رجاله ، عن عبد الله بن عبد الرحمن : أن رسول الله (ص) في مرض موته أمر أسامة بن زيد بن الحارثة على جيش فيه جله من المهاجرين والأنصار منهم أبو بكر ، وعمر ، وأبو عبيده بن الجراح ، وعبد الرحمن بن عوف ، وطلحة ، والزبير ـ وأمره أن يغير على حيث قتل أبوه زيد بن الحارثة وأن يغزو وادي فلسطين فتثاقل أسامه وتثاقل الجيش بتثاقله وجعل رسول الله (ص) في مرضه يثقل ويخف ويؤكد القول في تنفيذ ذلك البعث حتى قال له أسامة : بأبي أنت وأمي أتأذن لي أن أمكث أياما حتى يشفيك الله تعالى ، فقال (ص) : أخرج وسر على بركة الله ، فقال : يا رسول إن أنا خرجت وأنت على هذه الحالة ، خرجت وفي قلبي قرحة ، فقال (ص) سر على النصر والعافية ، فقال : يا رسول الله إني أكره أسائل عنك الركبان ، فقال (ص) : انفذ لما أمرتك به ، ثم أغمي على رسول الله (ص) وقام أسامة فتجهز للخروج فلما أفاق رسول الله (ص) سأل عن أسامة والبعث فأخبر أنهم يتجهزون فجعل يقول : انفذوا بعث أسامه لعن الله من تخلف عنه وكرر ذلك ، فخرج أسامة واللواء على رأسه والصحابة بين يديه حتى إذا كان بالجرف نزل ومعه أبو بكر وعمر وأكثر المهاجرين ومن الأنصار أسيد بن حضير وبشير بن سعد وغيرهم من الوجوه ، فجاءه رسول أم أيمن ، يقول له : ادخل فأن رسول الله يموت ، فقال : من فوره فدخل المدينة واللواء معه ، فجاء به حتى ركزه بباب الرسول (ص) ورسول الله قد مات في تلك الساعة ، وهنا نقاط :

 

الأولى : أن أبا بكر وعمر كان في من كان في تلك السرية ، المصدر ( الطبقات الكبرى لابن سعد ج 2 ص 190 وتاريخ اليعقوبي ج 2 ص 93 والكامل لابن الأثير ج2 ص 317 شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج 1 ص 53 ، وج 2 ص 21 ، أوفست على الطبعة الأولي بمصر ، وسمط النجوم العوالي لعبدالملك العاصمي المكي ج2 ص 224 ، والسيرة الحلبيه للحلبي الشافعي ج 3 ص 207 ، والسيرة النبوية لزين دحلان بهامش السيرة الحلبية ج 3 ص 339 ، وكنز العمال في سنن الأقوال والأفعال ج 5 ص 312 ، ومنتخب كنز العمال في سنن الأقوال والأفعال بهامش مسند أحمد ج 4 ص 180 ، وأنساب الأشراف ج1 ص 474 ، وتهذيب ابن عساكر ج 2 ص 391 بترجمة إسامه ) ، فإذا ثبت كونهما في الجيش فلماذا تخلفا عن الجيش ومن الذي أجاز لهما ذلك أولم تكن هذه مخالفة لأوامر النبي (ص) وقد دافع البعض عنهم بأنهم رأوا المصلحة في حفظ الإسلام وهذا يكفينا في أنهم خالفوا النص ولأن النبي (ص) أعلم بالمصلحة منهم وخاصة إذا قلنا : أن أمره هو أمر الله سبحانه وتعالى.

 

الثانية : بأنهم تثاقلوا في الاسراع والخروج في هذا الجيش بعذر أنهم ما كانوا ليخرجوا والنبي بتلك الحالة وانهم لا يريدون أن يسألوا عنه الركبان كما اعتذر لهم البعض ، وهذا العذر غير مقبول لأن النبي (ص) لم يسمح لأسامة بالبقاء وأمر بالتعجيل رغم أن أسامة بين للنبي (ص) لماذا أراد التأخير فهذه مخالفة للنبي فلا نعذرهم فيها لأن النبي (ص) لم يعذر أسامة بسببها فكيف نعذرهم.

 

الثالثة : أنهم طعنوا في قيادة إسامة ونسوا أو تناسوا بأن أمرته بأمر من النبي (ص) وليس لهم رأي مع رأي النبي (ص) وكونهم من الكبار والكهول والطبع لا يقبل بتولي صغير عليهم فهو مردود بأن الأمر من النبي (ص) والله ، يقول : { فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ( النساء : 65 ) } و { وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا ( الحشر : 7 ) } المصادر : ( الاحتجاج على أمرة أسامة شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج 1 ص 53 أو فست على الطبعة الأولى بمصر والمغازي للواقدي ج 2 ص 1119 السيرة الحلبية ج3 ص 207 والسيرة النبوية بهامش السيرة الحلبية ج 2 ص 339 ، والطبقات لابن سعد ج 2 ص 190 ).

 


 

المخالف : ومن المحتج هنا على الأوامر الصادرة من النبي وما هو الاحتجاج ؟.

 

الموالي : أقول .. الاحتجاج صادر من كبار الصحابة وعلى رأسهم عمر فإليك الاحتجاج ولقد ، قال النبي (ص) : أيها الناس ما مقالة بلغتني عن بعضكم في تأميري أسامه ، ولئن طعنتم في تأميري أسامة لقد طعنتم في تأميري أباه من قبله ، وأيم الله إن كان لخليقا بالإمارة ، وأن ابنه من بعده لخليق بها ، المصدر ( الواقدي في المغازي ج3ص1119والطبقات الكبرى لابن سعد ج2ص190وشرح نهج البلاغه لابن أبي الحديد والسيرة الحلبية ج3ص207والسيرة النبوية لزين دحلان بهامش الحلبيه ج2ص 339 والمتتبع للتاريخ يجد إن من المحتجين على ذلك عمر ولذلك نجده بعد وفاة النبي(ص) يذهب لأبي بكر ويطلب منه أن يعزل أسامة ويولي غيره ، فقال له أبو بكر ثكلتك أمك وعدمتك يا ابن الخطاب ، استعمله رسول الله (ص) وتأمرني أن أنزعه راجع في ذلك تاريخ الطبري ج3ص226والكامل في التاريخ ج2صص335والسيرة الحلبية ج3صص209والسيرة النبوية بهامش الحلبية ).

 


 

المخالف : هل اللعن من النبي (ص) هنا صحيح ؟.

 

الموالي : لا يهمني صحة اللعن هنا وعدمه لأن كلامي يدور حول مخالفتهم للنص واجتهادهم في قبالة ، وأما اللعن فقد نص عليه في بعض المصادر منها : ( الملل والنحل للشهرستاني الشافعي ج 1 ص 23 وص 20 بهامش الفصل لابن حسن وشرح نهج البلاغة ج 2 ص 21 بالاضافة لكتاب السقيفة للجوهري ).

 


 

المخالف : لماذا تتكلم فقط عن الاثنين ولا تتكلم عن عثمان اليس هو الثالث ؟.

 

الموالي : أقول لأن المسألة في عثمان واضحة ولا تحتاج إلى استدلال وموقف السيدة عائشة منه خير دليل حيث أطلقت عليه اسم نعثل وهو رجل يهودي ، وكذلك انقلاب الأمة الإسلامية عليه بسبب انحرافه عن الطريق الصحيح وسوف يأتيك في صفة الجهاد هروبه في كل المواقع فأين الإيمان ، وبهذا يتبين لنا مخالفة القوم لأوامر النبي (ص) وعدم الامتثال وهذا يدل على عدم إيمانهم لأن الإيمان هو التسليم المطلق والامتثال للأوامر الصادرة منه (ص) فما دام لم يمتثلوا لتلك الأوامر فنحكم عليهم بأنهم لم يصلوا إلى مرحلة الإيمان.

 


 

 الجهاد

 

المخالف : من فضلك ، تفضل علي الرحب والسعة ؟.

 

الموالي : بعد أن انتهيت من الإيمان ، وقلت : سوف تتكلم عن فضيلة الجهاد من أين سوف تبتدئ في الكلام ، أقول على الله الاعتماد والاتكال سوف أبتدئ مع أمير المؤمنين (ع) أولا كالعادة ، ومن ثم أتحول لغيره أن وجدت لهم موقف جهادي.

 


 

المخالف : هل سوف تبتدئ من واقعة بدر باعتبارها المعركة الأولى للأمة الإسلامية ضد المشركين اليس كذلك ؟.

 

الموالي : لا .. لن أبتدئ من تلك الواقعة ، ولكن سوف أبتدئ من مكة المكرمة إن شاء الله تعالى.

 


 

المخالف : وهل كان في مكة المكرمة قتال وجهاد حتى تثبت به شجاعة لأحد ؟.

 

الموالي : نعم .. فمن مكة بدأت رحلة الامام علي الجهادية.

 


 

المخالف : وكيف ذلك حيرتني ؟.

 

الموالي : لقد اتفقت كلمة أهل مكة على قتل النبي (ص) بتخطيط ذكي وخبيث ، وذلك بأن يؤخذ من كل بيت أو قبيلة شخص فيهاجموا الرسول دفعة واحده فيتفرق الدم الطاهر بين البيوتات والقبائل وتم الاتفاق على ذلك ويقول : المؤرخون : أن أولئك القوم الذين انتدبتهم قريش ، اجتمعوا على باب النبي (ص) وهم الحكم بن أبي العاص ، وعقبة بن أبي معيط ، والنضر بن الحارث ، وأمية بن خلف ، وزمعة بن الأسود وأبو لهب ، وأبو جهل ، وأبو الغيطلة ، وطعمة بن عدي ، وأبي بن خلف ، وخالد بن الوليد وعتبة ، وشيبة ، وحكيم بن حزام ، ونبيه بن الحجاج ، ومنبه بن الحجاج : كما في بعض المصادر واختلف في عددهم بين العشرة والأكثر من ذلك فأخبر الوحي رسول الله (ص) بالخطة المدبرة فأمر (ص) عليا (ع) بالمبيت على فراشه ، بعد أن أخبره بمكر قريش ، فقال علي (ع) : وتسلم بمبيتي هناك يا نبي الله ، قال : نعم فتبسم علي ضاحكا وأهوى إلى الأرض ساجدا ، شكرا لله ، فنام على فراش النبي (ص) واشتمل ببرده (ص) الحضرمي ، ثم خرج النبي (ص) في فحمة العشاء ، والرصد من قريش قد أطافوا بداره ينتظرون فخرج (ص) وهو يقرأ هذه الآية : { وَجَعَلْنَا مِن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ ( يس : 9 ) } وبقي الامام علي فاديا بروحه رسول الله (ص) غير مكترث بالموت على الاطلاق وها هو الفداء الأعظم والشجاعة المطلقة التي قدمها أمير المؤمنين (ع) وكما يقول : ( العلامة السيد هاشم معروف الحسني في سيرة المصطفى ص250 ) ، وهنا تبدأ قصة من أروع ما عرفه تاريخ الفداء والتضحية ، فالشجعان والابطال يثبتون في المعارك في وجه أعدائهم ، يدافعون بما لديهم من سلاح وعتاد مع أنصارهم وأعوانهم ، وقد تضطرهم المعارك إلى أن يثبتوا في مقابل العدو ، لا منفردين ، أما ان يخرج الانسان إلى الموت طائعا مطمئنا بدون سلاح ولا عتاد ، وكأنه يخرج ليعانق غادة حسناء ، فينام على فراش تحف به المخاطر والأهوال أعزل من كل شيء الا من إيمانه ، وثقته بربه ، وحرصه على سلامة القائد ، كما حدث لعلي (ع) حينما عرض عليه ابن عمه محمد (ص) أمر المبيت على فراشه ، ليتمكن هو من الفرار ، والتخلص من مؤامرة قريش ، فهذا ما لم يحدث في تاريخ البطولات ، وما لم يعرف من أحد في تاريخ المغامرات ، في سبيل المبدأ والعقيدة ، انتهى وهذه الحادثة لا تحتاج إلى مصادر لاثباتها فكل من كتب عن السيرة والهجرة تناول الموضوع فهل هناك موقف ينم عن شجاعة انسان أوضح من هذا الموقف البطولي العظيم إنه علي بن أبي طالب (ع).

 


 

المخالف : بعد ذكر هذه الحادثة الواضحة والدالة فعلا على شجاعة مطلقه لفاعلها فما هو الموقف الآخر وأتمنى أن يكون واضحا غير مبالغ فيه أو مختلق ؟.

 

الموالي : الموقف الثاني أخي الفاضل هو الموقف الأول للمسلمين ذلك الموقف الذي هز كيان الكفار وأوجد الرعب في قلوبهم فقرروا بعده أن يقوموا بعمليه انتحارية فأما القضاء عليهم أو القضاء على النبي (ص) ، وأتباعه كما سوف يأتي عن أحد واقصد بهذا الكلام واقعة بدر الكبرى ولن أنقل التاريخ هنا ولكن سوف اكتفي بالمواقف للأمير (ع) ، فلقد ذكر الواقدي ، فقال : جميع من أحصي قتله تسعة وأربعون رجلا منهم من قتله أمير المؤمنين علي (ع ) وأشرك في قتل اثنان وعشرون رجلا ، المصدر ( مغازي الواقدي ج1ص152 ).

 

- ومن الذين قتلهم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب  (ع) في بدر كان : نوفل بن خويلد ، وعمير بن عثمان التميمي ، وعبد الله بن المنذر المخزومي ، والعاص بن منبه بن الحجاج ، وأبو العاص بن قيس السهمي ، المصدر ( تاريخ ابن الوردي ج1ص110 ).

 

- وأبو مسافع الأشعري ، وأبو قيس بن الفاكة بن المغيرة ، ومعاوية بن عامر ، المصدر ( سيرة ابن هشام ج2ص374 ).

 

- وحنظلة بن أبي سفيان ، والعاص بن سعيد ، وعامر بن عبد الله ، وعقيل بن الأسود بن المطلب ، والنضر بن الحارث بن كلدة ، وزيد بن مليص ، وعمير بن عثمان بن تميم ، ويزيد بن تميم ، وأبو قيس بن الوليد ، ومسعود بن أبي أمية ، وعبد الله بن أبي رفاعة ، وحاجز بن السائب ، وأوس بن المعير ، ونبيه بن الحجاج ، المصدر ( مغازي الواقدي ج1ص152 ).

 

- والحارث بن زمعة ، وعثمان ومالك ابنا عبيد الله ، أخوا طلحة بن عبد الله ، فهل تريد من طلحة أن يحب علي ، وحذيفة بن أبي حذيفة بن المغيرة ، وعمرو بن مخزوم ، ومنبه بن الحجاج السهمي ، وعلقمة بن كلدة وهشام بن أبي أمية بن المغيرة ، المصدر ( الرشاد للشيخ المفيد ج1ص72 ).

 

- وعبيدة بن سعيد بن العاص ، المصدر ( تاريخ أبي الفداء ج1ص 189 ).

 

وعلى هذا نثبت للجميع أن لعلي بن أبي طالب الدور الأكبر في حسم المعركة وكان في سيفه العزة للدين الحنيف ، فهذا علي بن أبي طالب (ع) في بدر لم يحتمي في عريش ولا غيره على الاطلاق وإنما كان في طلائع القوة الإسلامية الضاربة.

 


 

المخالف : بعد الكلام عن واقعة بدر إلى أين سوف نتجه إن شاء الله ؟.

 

الموالي : قطعا .. سوف نتجه إلى معركة أحد تلك المعركة التي انهزم فيها المسلمون والابطال المزعومين فلم تنفعهم بطولتهم المزعومة.

 


 

المخالف : ومن هم يا ترى ؟.

 

الموالي : ليس هذا هو مكان ذكرهم ولكن إذا تعرضنا لهم سوف نذكر بعضا من ذلك ، والآن أنقل فقط مواقف الامام علي في هذه المعركة لأجل الاختصار التام وعدم الاطالة :

 

- لقد ، قال الطبري : لما قتل علي بن أبي طالب أصحاب الألوية ، أبصر رسول الله (ص) جماعة من مشركي قريش ، فقال لعلي : احمل عليهم ، فحمل عليهم ففرق جمعهم وقتل عمرو بن عبد الله الجمحي ، قال : ثم أبصر رسول الله (ص) جماعة من مشركي قريش ، فقال لعلي : احمل عليهم ، فحمل عليهم ففرق جماعتهم ، وقتل شيبة بن مالك أحد بني عامر بن لوي ، فقال جبريل : يا رسول الله أن هذه المواساة ، فقال رسول الله (ص) : إنه مني وأنا منه ، فقال جبريل : وأنا منكما قال : فسمعوا صوتا ينادي لا سيف الا ذو الفقار ولا فتى الا علي ) ، المصدر ( راجع الطبري ج2ص197 والكامل لابن الأثير ج2ص154والبداية والنهاية لابن كثير ج4ص54 ) ولكن حذف إسم جبريل والامام علي في الأخير.

 

- وقد ذكر الذهبي المعركة والهزيمة ، فقال : انهزم الناس عن رسول الله (ص) يوم أحد فبقي معه أحد عشر رجلا ، وقال : ان رسول الله (ص) أفرد يوم أحد في سبعة من الأنصار ورجلين من قريش ، المصدر ( تاريخ الإسلام للذهبي المغازي ص191 ودلائل النبوة للبيهقي ج3ص234 ، والرجلان هما علي  بن أبي طالب وأبو دجانة : راجع شرح نهج البلاغه ج13ص293 والعثمانيه ص239 ).

 

- ولقد قتل الامام علي حملة اللواء وهم : طلحة بن أبي طلحة وأخوه عثمان بن أبي طلحة وأخوهما أبو سعد ، ثم مسافع ثم كلاب بن طلحة بن أبي طلحة ، ثم أخوه الجلاس ثم أرطاة بن شرحبيل وصواب وشريح بن قانط وسقط اللواء فحملته عمرة بنت علقمة الحارثية فتراجعوا ، فقال حسان : ولولا لواء الحارثية أصبحوا يباعون في الأسواق بالثمن البخس ، المصدر ( تاريخ الخميس ج1ص427 ولمعرفة عدد آخر من الذين قتلهم الأمير : راجع مغازي الواقدي ج1ص307 وتاريخ الطبري ج2ص 197 ) ، فهذا هو علي في أحد ولنا لقاء مع الأمير في الخندق إن شاء الله.

 


 

المخالف : والآن أين سوف نصل وفي أي معركة سوف نتوقف ؟.

 

الموالي : التوقف سوف يكون في معركة عظيمة بالمقياس القرآني لأن القرآن أعطى هذه المعركة صفة خاصة بقوله تعالى : { إِذْ جَاءُوكُم مِّن فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللهِ الظُّنُونَا @ هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا @ وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ مَّا وَعَدَنَا اللهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا @ وَإِذْ قَالَت طَّائِفَةٌ مِّنْهُمْ يَا أَهْلَ يَثْرِبَ لَا مُقَامَ لَكُمْ فَارْجِعُوا ۚ وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِّنْهُمُ النَّبِيَّ يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ ۖ إِن يُرِيدُونَ إِلَّا فِرَارًا @ وَلَوْ دُخِلَتْ عَلَيْهِم مِّنْ أَقْطَارِهَا ثُمَّ سُئِلُوا الْفِتْنَةَ لَآتَوْهَا وَمَا تَلَبَّثُوا بِهَا إِلَّا يَسِيرًا @ وَلَقَدْ كَانُوا عَاهَدُوا اللهَ مِن قَبْلُ لَا يُوَلُّونَ الْأَدْبَارَ ۚ وَكَانَ عَهْدُ اللهِ مَسْئُولًا ( الأحزاب : 10 - 11 - 12 - 13 - 14 - 15 ) } إنه وصف دقيق للوضع الذي عاشه الأصحاب عندما اقتحم عمرو بن عبد الود العامري الخندق هو ومن معه فبانت الحقائق في القرآن ولم يذكرها وللأسف التاريخ ، على العموم أنا لا أريد نقل القصة كاملة وإنما سوف أنقل ما يهمني هنا وهو موقف الامام (ع ).

 

- فقد نقل التاريخ إلينا حيث قال : من نقل الحادث : إنه خرج عمرو بن عبد ود ، وهو مقنع بالحديد فنادى من يبارز ، فقام علي بن أبي طالب ، فقال : أنا له يا نبي الله ، فقال : إنه عمرو ، اجلس ، ثم نادى عمرو : ألا رجل يبرز ، فجعل يؤنبهم ، ويقول : ابن جنتكم التي تزعمون إنه من قتل منكم دخلها أفلا تبرزون إلي رجلا ، فقام علي ، فقال : أنا يا رسول الله ، فقال : اجلس ، ثم نادى الثالثة ، فقال :

 

ولقد بححت من النداء  *  بجمعكم هل من مبارز

ووقفت إذ جبن المشيع  *  موقف القرن المناجز      

    ولذاك أني لم أزل  *  متسرعا قبل الهزاهز

أن الشجاعة في ألفتى  *  والجود من خير الغرائز    

 

قال : فقام علي (ع) ، فقال : يا رسول الله أنا ، فقال : إنه عمرو ، فقال : وأن كان عمرا ، فأذن له رسول الله (ص) فمشى إليه حتى أتى وهو يقول :

 

لا تعجلن فقد أتاك  *  مجيب صوتك غير عاجز     

في نية وبصيرة  *  والصدق منجي كل فائز

إني لأرجوا أن أقيم  *  عليك نائحة الجنائز           

 من ضربة نجلاء  *  يبقى ذكرها عند الهزائز 

 

فقال له عمرو : من أنت ، قال : أنا علي ، قال :  ابن عبد مناف ، قال : علي بن أبي طالب ، قال : يا ابن أخي من أعمامك من هو أسن منك فإني أكره أن أهريق دمك ، فقال له علي : لكني والله لا أكره أن أهريق دمك ، فغضب وسل سيفه كأنه شعلة نار ، ثم أقبل نحو علي مغضبا واستقبله علي بدرقته ، فضربه عمرو في درقته فقدها ، وأثبت فيها السيف ، وأصاب رأسه فشجه ، وضربه علي على حبل عاتقه فسقط ، وثار العجاج وسمع رسول الله (ص) التكبير ، فعرفنا أن عليا قد قتله ، وعرضت قريش شراء جيفة عمرو بن عبد ود بعشرة الآف ، فقال (ص) : لا نأكل ثمن الموتى ، فكان علي بن أبي طالب (ع) قد سد الثغرة التي عبر منها ابطال قريش ، وقتل عمرو ، وابنه حسل ، ونوفل بن عبد الله المخزومي ، ولولا ذلك لعبر جيش الأحزاب إلى قلب المدينة.

 

- وكان علي (ع) قد ، قال : عند عبور فوارس قريش الخندق  : أعلي تقتحم الفوارس هكذا عني وعنهم أخروا أصحابي ، المصادر ، بتفاوت بينهما : ( البداية والنهاية ج4ص122 ودلائل النبوة للبيهقي ج3ص438والسيرة النبوية لابن كثير ج3ص 203 ).

 

- وبعد مبارزة علي لعمرو وقتله ، قال رسول الله (ص) : قتل علي لعمرو بن عبد ود أفضل من عبادة الثقلين ، المصدر ( السيرة الحلبية ج2ص320 ).

 

وبهذا ثبت لنا موقف الامام ولولاه لهتكت المدينة المنورة ، ولكن بفضل الله والامام علي (ع) تم درء الطغاة المارقين .... لقد انتهيت في الفقرة الماضية من معركة الخندق وعرفنا موقف أمير المؤمنين هناك ، وما هو الموقف الذي وقفه صلوات الله وسلامه عليه.

 


 

المخالف : والآن إلى أين سوف يتجه بنا الكلام يا ترى ؟.

 

الموالي : سوف أتوجه إلى معركة أخرى لا تقل عن المعارك السابقة ، وهي معركة خيبر تلك المعركة التي أرسل النبي (ص) ثلاث رايات انهزمت اثنتان وفتح الله على الثالثة.

 


 

المخالف : وهل ستتعرض للواقعة ولتلك الرايات كلها أم ماذا ؟.

 

الموالي : لن أتعرض الا للراية الأخيرة وهي راية أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ر) وما بالنسبة للرايتين فإذا تعرضت في البحث عن شجاعة الخلفاء فسوف أتعرض لذلك إن شاء الله ، وإلا فلن أتعرض لها ولا لغيرها ومن هنا سوف أنقل موقف أمير المؤمنين في خيبر فقط الآن وأبتدئ بهذه المقالة وهذا النقل التاريخي :

 

- فقد ذكر أن النبي (ص) ، قال : لأعطين الراية غدا رجلا يحبه الله ورسوله ، يفتح الله على يديه ، ليس بفرار ، فلما أصبح أرسل إلى علي بن أبي طالب (ع) وهو أرمد ، فقال (ع) : ما أبصر سهلا ولا جبلا ، فقال (ص) : افتح عينيك ، ففتحهما ، فتفل فيهما قال علي (ع) : فما رمدت حتى الساعة ، ثم دفع إليه اللواء ، ودعا له ومن معه من أصحابه بالنصر ، فكان أول من خرج اليهم الحارث أخو مرحب في عاديته ، فانكشف المسلمون وثبت علي (ع) فاضطربا فقتله علي ( ع) ورجع أصحاب الحارث إلى الحصن فدخلوه وأغلقوا عليهم وخرج مرحب وهو يقول :

 

قد علمت خيبر أني مرحب * شاكي السلاح بطل مجرب * أطعن أحيانا وأحيانا أضرب

 

فقال علي (ع) :

 

أنا الذي سمتني أمي حيدرة * أكيلكم بالسيف كيل السندرة * ليث غابات شديدا قسورة

 

فاختلفا ضربتين فبدره علي (ع) فضربه ، فقد الحجر والمغفر ورأسه ، حتى وقع في الأضراس ، وقد قتل علي (ع) الأخوة الثلاثة مرحبا والحارث ويأسر الذين طلبوا المبارزة على التوالي ، المصادر مع اختلافات لا تضر على أصل المطلب : ( مغازي الواقدي ج2ص654وتاريخ الطبري ج2 ص  300 والسيرة الحلبية ج3ص37 وسيرة ابن هشام ج3ص349 ).

 

- وفي نقل آخر ، فقال رسول الله (ص) : لأدفعن لوائي غدا إلى رجل يحب الله ورسوله ، ويحبه الله ورسوله ، لن يرجع حتى يفتح له ، فدعا علي بن أبي طالب وهو يشتكي عينه ، قال : فمسحها ، ثم دفع اليه اللواء ، وقال بريدة : إنه كان صاحب مرحب ، المصدر ( مختصر تاريخ دمشق لابن عساكر ج5ص180وصحيح البخاري ص64باب غزوة خيبر ومسلم في فضائل الصحابه والبيهقي في دلائل النبوة ج4ص204والحاكم في المستدرك ج3ص37 وابن سعد في الطبقات ج2ص112وتاريخ الذهبي المازي ص409 ).

 

- وذكر الذهبي رواية البكائي ، عن ابن اسحاق ، ورواية جابر ابن عبد الله الأنصاري : أن عليا حمل باب خيبر ، حتى صعد المسلمون عليه ، فافتتحوها ، وإنه جرب بعد ذلك فلم يحمله أربعون رجلا ، المصدر ( راجع تاريخ الذهبي المغازي ص412 ).

 

- وقيل حمل الباب علي ظهره حتى صعد المسلمون عليه ودخلوا الحصن ، وحصن ناعم هو أول حصن فتح من حصون النطاة على يد علي كرم الله وجهه ، وأخذ الرجل الذي قتل اخا محمد بن مسلمة فسلمه اليه فقتله ، ثم فتح علي كرم الله وجهه حصن القموص ، وكان منيعا حاصره المسلمون عشرين ليلة ، ومنه سبيت صفية ، ولقد تزوج (ص) بصفية في الصهباء المكان الذي ردت فيه الشمس لعلي بعدما غربت ، المصدر ( راجع السيرة الحلبية للحلبي الشافعي ج3ص39 و40 و41و44 ).

 

- ولقد ذكر البيهقي الرواية : وقتل علي لمرحب قائلا : فاختلفا ضربتين ، فبدره علي بضربة فقد الحجر والمغفر ورأسه ، ووقع في الأضراس ، المصدر ( دلائل النبوة للبيهقي ج4ص210الى 212والبداية والنهاية لابن كثير ج4ص213ومسلم في صحيحه كتاب الجهاد باب غزوة ذي

قرد 1439. )

 

وعلى هذا نتوصل بان القوات الإسلامية هزمت مرتين ثم تحرك الامام علي في المرة الثالثة فكان النصر والفتح على يديه الشريفتين وهذه من بطولاته وجهاده صلوات الله وسلامه عليه فأين غيره يا أصحاب العقول.

 

- وفي حنين لما انهزم المسلمون بقي علي  (ع) حول رسول الله (ص) مدافعا ، عن الرسالة وصاحب الرسالة ومعه بعض الهواشم ، المصدر ( تاريخ اليعقوبي ج2ص63 طبع لندن ).

 

فهذا هو علي (ع) الصامد المدافع حامل لواء النبي (ص) ومدافع عن العقيده والرساله وبعد هذا هل يحق لأحد أن يقدم أحد على علي في هذه الصفة صفة الجهاد الا إذا كان مكابرا مبغضا للامام علي (ع).

 


 

المخالف : لو تكرمت لقد ذكرت فضائل الامام على وجهاده وبطولاته ولكن رأيتك توقفت ولم تتعرض لشجاعة الخلفاء الثلاثه الذين سبقوه فلماذا هل من جواب ؟.

 

الموالي : اسمحلي بأن أقول لك أمرا وهو أني لم أكن قاصدا بأن أكتب المثالب وإنما كنت أريد أن أكتب الفضائل ، وبما أني لم أجد فضائل تدل على شجاعة من ذكرت من الخلفاء ، فتركت الكتابة عنهم وللمعلومية فإن بعض المنتديات لا تسمح بكتابة المثالب فكان توقفي لأجل ذاك ، سبحان الله لماذا هذا التجاهل التام لشجاعة الخليفة أبي بكر الصديق وعمر الفاروق أولم تطلع على هذه الرواية من علي بن أبي طالب (ع) يتكلم فيها عن شجاعة أبي بكر وهي :

 

- فقد ذكر : أن عليا ، قال : من أشجع الناس ، قالوا : أنت ، قال : أشجع الناس أبو بكر ، لما كان يوم بدر جعلنا لرسول الله (ص) عريشا ، فقلنا : من مع رسول الله (ص) أي من يكون معه لئلا يهوي إليه أحد من المشركين فوالله ما دنا منا أحد الا أبو بكر شاهرا بالسيف ، المصدر ( السيرة الحلبية ج2ص 156 ).

 

- وأما في عمر ، فلا ننسى دعاء النبي : (ص) فلقد أخرج الترمذي ، عن ابن عمر : أن النبي (ص) ، قال : اللهم أعز الإسلام بأحب هذين الرجلين إليك بعمر بن الخطاب ، أو بأبي جهل بن هشام ، المصدر ( تاريخ الخلفاء للسيوطي ).

 

- ونقل التاريخ : إنه بعد أن أسلم جاء إلى الكعبة وأعلن دعوته هناك وتقاتل مع المشركين إلى الليل ، المصدر ( الكامل في التاريخ لابن الأثير ).

 

فلماذا لا تذكر هذه المواقف البطولية ، الجواب : أقول ما كنت أريد أن ادخل في هذه المطبات التاريخية ، لأن الدخول سوف يجر لبحث كثير فمجرد الادعاء بمثل هذه البطولات فلابد من دقة أكثر للوصول للغرض هذا الذي أوقفني عن مثل هذه النقولات وإلا فأنا مطلع عليها جيدا.

 


 

المخالف : وضح لو سمحت أكثر ماذا تقصد من البحث الكثير وهل هذا كذب يا ترى أم ماذا ؟.

 

الموالي : نعم .. كذب واضح ولندع الآن أبا بكر والعريش لحين الوصول إلى بدر إن شاء الله فسوف نتبين الموقف هناك ونسأل عن العريش المذكور ، ولكن الآن سوف نقف مع بطولة عمر واعزاز الإسلام به وقتاله للمشركين بجنب الكعبة فهنا مواقف ينبغي أن نقف فيها للوصول للحقيقة وهي كالتالي :

 

أولا : ماهو التحول الذي حصل للمسلمين بعد إسلام عمر هل كان للأفضل أم للأردء فضاهر الموقف إنه إنه للأردء فمثلا بعد إسلام عمر ازداد الضغط والحصار على المسلمين فقد حصر النبي وأهله في الشعب حتى كاد النبي وأهله وقبيلته أن يموتوا من الجوع فأين ذهب عمر ولماذا لا يفك عنهم الحصار وهو قادر أن يقاتل المشركين لوحده حتى المساء فلماذا جبن هنا ، هل لأنه يريد للنبي أن يهلك مثلا ، أم أن الشجاعة عند عمر في أوقات معينة.

 

ثانيا : اتفقت كلمتهم على أن الأذى ازداد على المسلمين بعد أن جهر عمر بإسلامه فراجع كتب السيرة والتاريخ ومنهم ( عبد الرزاق صاحب المصنف في ج5ص328 ).

 

ثالثا : لقد ذكر البعض : ومنهم ( البخاري في صحيحه ج4ص242باب مالقي النبي (ص) من المشركين بمكة طبع دار الفكر بيروت طبع بالأوفست ، عن طبعة دار الطباعة العامرة بإستانبول ومقدمة فتح الباري في شرح صحيح البخاري لابن حجر العسقلاني ص367الطبعة الثانية مطبعة دار المعرفة للطباعة والنشر بيروت وعيون الأثر في المغازي والسير لابن سيد الناس ج1ص163طبع سنة 1406المطبعة مؤسسة عز الدين، وسبل الهدى الرشاد للصالحي الشامي ج2ص374 بتحقيق عادل أحمد عبد الموجود الطبعة الأولى ) ، واللفظ للبخاري ، قال : عن عبد الله بن عمر ، عن أبيه ، قال : بينما هو في الدار خائفا إذ جاءه العاص بن وائل السهمي أبو عمرو وعليه حلة حبرة وقميص مكفوف بحرير وهو من بني سهم وهم حلفاؤنا في الجاهلية ، فقال : ما بالك ، قال : زعم قومك أنهم سيقتلوني إن أسلمت ، قال : لا سبيل إليك بعد أن ، قالها أمنت فخرج العاص فلقي الناس .... الخ ، فأين البطولة المزعومة وكيف قاتل الناس.

 

رابعا : لقد صرح عمر بأنه كان ذليل فاعزه الإسلام ، حيث قال : كنا أذل قوم فاعزنا الله بالإسلام ، المصدر ( الحاكم النيسابوري ج1 ص 6 1 وتلخيص المستدرك المستدرك للذهبي بهامش المستدرك وصححه ) ، ولا يمكن أن عمر يقصد العرب أو قريش ، لأن قريش عزيزة ، ولم تكن ذليلة ، فأين البطولة المدعاة إذا ، ولنا لقاء مع المعارك وبطولة الخلفاء إن شاء الله.

 


 

المخالف : وهل سوف تواصل الكلام عن الغزوات و المعارك الإسلامية أوإنك سوف تقف ؟.

 

الموالي : بما أنك أقحمتني في شجاعة الخلفاء فلابد من الاستمرار ، فربما نجد موقف ما يخدم الجماعة ويثبت لهم موقف بطولي.

 


 

المخالف : ومن أين سوف تكون الانطلاقة يا ترى ؟.

 

الموالي : البداية سوف تكون بمعركة بدر الكبرى لنبحث عن مواقع الخلفاء الثلاثة وما هو موقفهم فسوف نبتدئ معهم من قبل المعركة أي من الاستعداد للمعركة ، وما هي مواقف الصحابة منها فاننا سوف نجد هذا الموقف الغير مسؤول من الخلافة الراشدة ، فقد استشار النبي (ص) أصحابه قبل المعركة فماذا حدث لقد تكلم أبو بكر ، ثم عمر ، ماذا ، قال النقال لهذه الحادثة :

 

- فنجد مثلا ( ابن كثير في السيرة النبويه ج2ص391 ) ، يقول : فقال أبو بكر : فأحسن ، وقال : عمر فأحسن ، ولكن سوف نبحث عن نص آخر ماذا ، قالا ، وهل هو كلام حسن أم لا ، فننقل نقل آخر ومن مصادر أخرى :

 

- ففي ( صحيح مسلم باب غزوة بدر ج5ص170 ومسند أحمد ج3ص219والبداية والنهاية ج3ص263والسيرة النبوية لابن كثير ج2ص394 ) فتكلم أبو بكر فأعرض عنه ، ثم تكلم عمر فأعرض عنه ، فلماذا يا ترى أعرض النبي عنهما وهل ، قالا : قولا غير جيد ، نبحث لنعرف أن ما قالاه هل هو حسن أم غير حسن.

 

- لنستمع لقول عمر وبما أن قول هو نفس قول أبي بكر ، فلقد ، قال عمر : يا رسول الله إنها قريش وعزها والله ما ذلت منذ عزت ولا آمنت منذ كفرت والله لتقاتلنك فتأهب لذلك وأعدد له عدته ، كلام جميل فيه تخويف للجيش الإسلامي من قريش ولماذا يا عمر ، أن كنت جبان فلماذا تتكلم ، اسكت أفضل إليك من الكلام أعرفتوا الآن ماذا ، قال ، المصدر ( راجع هذا الكلام في الدر المنثور في التفسير بالمأثور ج3ص166الطبعة الأولى 1365دار المعرفة وذكره ابن سيد الناس في عيون الأثر في المغازي والسير ج1ص327طبع مؤسسة عز الدين والصالحي الشامي في سبيل الهدى والرشاد ج2ص26 ).

 

والآن ندخل المعركة لنبحث عن الخلفاء أين هم وفي أي موقع يا ترى في القلب أو الميمنة أو الميسرة في أي مكان ، لم أجدهم فساعدوني للبحث عن الابطال الثلاثة وجدنا عثمان إنه خارج المعركة لم يحضر لماذا ، اختلفت الأقوال في الرجل ، لماذا تخلف فبعضهم ، قال : أن النبي خلفه لكي يمرض رقيه ( الدكتور عثمان ) ، وقال بعض آخر : إنه تخلف لأنه كان مريضا بالجدري ، وهنا قول : بأنه تخلف خوفا من المشاركة.

 

- فاننا نجد عبد الرحمن بن عوف يعير عثمان بتخلفه عن بدر ، المصدر ( مسند أحمد ج1ص68والدر المنثور في التفسير بالمأثور ج2ص89 والبداية والنهاية ج7ص207 ) فلو أن تخلفه بأمر من النبي لما عيره عبد الرحمن.

 

- وكذلك نجد الصحابي الكبير ابن مسعود قد عير عثمان ببدر وتخلفه عنها ، المصدر ( راجع راجع أنساب الأشراف ج5ص36 ).

 

لا يهمنا كثير ولا يهمنا سبب التخلف المهم أنه لم يشارك ، نعود للبحث عن الخليفتين أبو بكر وعمر أنهما في العريش أخيرا وجدناهما أنهما يقومان بحماية النبي (ص) في العريش ، ولي هنا أكثر من تساؤل :

 

الأول : لماذا النبي (ص) يعمل له عريش في هذه المعركة الوحيدة ، ولم يكررها في معاركه الأخرى ، ومن أين أتى بالسعف لكي يبني العريش.

ثانيا : هل كان من عادة النبي (ص) الفرار حتى يستعد للهرب لو انهزمت قواته وهو الذي كان في وسط المعارك كلها.

ثالثا : لو انهزمت القوة الإسلامية فهل سوف يسلم العريش ، وهل سوف تترك قريش النبي لكي يهرب هو من معه.

رابعا : ألم يقل النبي (ص) اللهم إن تهلك هذه العصابة لا تعبد .... فما هي الفائدة من هروبه بعد ذلك.

خامسا : لقد رووا أن النبي كان في المعركة فلا أدري أكان الحراس معه ، أم بقوا في العريش فلا أجد جوابا لقصة العريش ، فمن عنده جواب فيقدمه لي وله الشكر والتقدير ، واعتقد أن السبب الأساسي إنه لم يذكر لهذين البطلين دور في الساحة وسوف نسأل عنهما أين هما فيقال لنا : أنهما في العريش.

 


 

المخالف : وهل سوف تتكلم عن واقعة أحد أم لا ؟.

 

الموالي : لابد من الكلام عن أحد وكل المعارك إلى حنين إن شاء الله تعالى وسوف أمر بسرعة على مواقف الخلفاء الثلاثة مرورا سريعا وسوف أبتدئ بقول أبي القاسم البلخي حيث قال : إنه لم يبق مع النبي (ص)  يوم أحد الا ثلاثة عشر نفسا خمسة من المهاجرين : أبو بكر وعلي وطلحة وعبد الرحمن وسعد بن أبي وقاص والباقون من الأنصار ، ثم يقول : وأما سائر المنهزمين فقد اجتمعوا على الجبل ، وعمر بن الخطاب كان من هذا الصنف ، كما في خبر ابن جرير ، المصدر ( تفسير روح المعاني للآلوسى ج4ص99 ).

 

- وذكر الفخر الرازي : ومن المنهزمين عمر الا أنه لم يكن في أوائل المنهزمين ، ولم يبعد بل ثبت على الجبل إلى أن صعد النبي (ص) ومنهم : أيضا عثمان انهزم مع رجلين من الأنصار ، يقال لهما : سعد وعقبة ، انهزموا حتى بلغوا موضعا بعيدا ، ثم رجعوا بعد ثلاثة أيام  ، المصدر ( راجع مفاتيح الغيب ج9ص52وتفسير الفخر الرازي ج3ص398 والسيرة الحلبية ج2ص227 ).

 

- وذكر النسفي : { إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُواْ ( آل عمران : 155 ) } بتركهم المركز الذي أمرهم رسول الله (ص) بالثبات فيه وكان أصحاب محمد (ع) تولوا عنه يوم أحد الا ثلاثة عشر رجلا منهم : أبو بكر وعلي وطلحة وابن عوف وسعد ابن أبي وقاص والباقون من الأنصار ، المصدر ( أنساب الأشراف ، عن هامش كتاب المغازي ج1ص18 ).

 

- ولقد جاءت امرأة لعمر أيام خلافته تطلب بردا من برود كانت بين يديه ، وجاءت معها بنت لعمر ، فأعطى المرأة ورد ابنته ، فقيل له في ذلك ، فقال : إن أب هذه ثبت في يوم أحد ، وأب هذه فر يوم أحد ، ولم يثبت - وهذا اعتراف صريح من عمر ، المصدر ( شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج15ص 22 ).

 

- وقال السيوطي : قال عمر : لما كان يوم أحد هزمنا ، ففررت حتى صعدت الجبل ، فلقد رأيتني أنزو كأنني أروى ، المصدر ( حياة الصحابة ج3ص497 وكنز العمال في سنن الأقوال والأفعال ج2ص242 وتفسير ابن كثير ).

 

- وقال النيسابوري ، قال القفال : الذي تدل عليه الأخبار في الجملة ، أن نفرا قليلا تولوا وأبعدوا ، فمنهم من دخل المدينة ، ومنهم من ذهب إلى سائر الجوانب ومن المنهزمين عمر ، المصدر ( تفسير غرائب القرآن ج4ص112و113 بهامش تفسير الطبري ).

 

- وحدث ابن أبي سبرة : لقد كان خالد بن الوليد يحدث وهو بالشام ، يقول : الحمد لله الذي هداني للإسلام ، لقد رأيتني ورأيت عمر بن الخطاب رحمه الله حين جالوا وانهزموا يوم أحد ، وما معه أحد ، وأني لفي كتيبة خشناء ، فما عرفه منهم أحد غيري ، فنكبت عنه ، وخشيت أن أغريت به من معي أن يصمدوا له ، فنظرت إليه موجها إلى الشعب ، المصدر ( مغازي الواقدي ج2ص237 وحياة محمد (ص) لهيكل ص254 ).

 

- وعن أنس بن مالك : أنتهى أنس بن النضر عم أنس بن مالك إلى عمر بن الخطاب وطلحة بن عبيد الله في رجال من المهاجرين والأنصار ، وقد ألقوا بأيديهم ، فقال : ما يجلسكم ، قالوا : قتل محمد رسول الله (ص) ، قال : فما تصنعون بالحياة بعده ، قوموا فموتوا على ما مات عليه رسول الله (ص) ، ثم استقبل القوم يقاتل حتى قتل ، المصدر ( راجع تاريخ الطبري ج2ص201و197والكامل في التاريخ ج3ص156 ومغازي الواقدي ج1ص280 وتفسير ابن كثير ج1ص649 والسيرة النبوية لابن كثير ج3ص68 ).

 

- وذكر البعض : أن الهزيمة انتهت بجماعة من المسلمين فيهم عثمان بن عفان وغيره إلى الأعوص فأقاموا به ثلاثا ، ثم أتوا النبي (ص) ، فقال لهم (ص) حين رآهم : لقد ذهبتم فيها عريضة ، المصدر ( الكامل في التاريخ لابن الأثير ج2ص158 والبداية والنهاية لابن كثير ج4ص32 وتاريخ الطبري ج2ص203 ).

 

وبهذا ثبت لنا جليا فرار البطل المغوار عمر بن الخطاب ، وكذلك ذي النورين عثمان بن عفان ولكن بقي أن نتأكد هل أن أبا بكر ثبت أم أنه من المنهزمين لعل بعض الأدلة تشير إلى ذلك منها :

 

- فعن السيدة عائشة : كان أبو بكر إذا ذكر يوم أحد بكى ، ثم قال : ذاك كان يوم طلحة .... ثم أنشأ يحدث ، قال : كنت أول من فاء يوم أحد ، فرأيت رجلا يقاتل مع رسول الله (ص) ، فقلت : كن طلحة ، حيث فاتني ما فاتني  ، يكون رجلا من قومي ، المصدر ( منحة المعبود في تهذيب مسند الطياليسي ج2ص99 ووطبقات ابن سعد ج3ص155والسيرة النبوية لابن كثير ج3ص58 وتاريخ الخميس ج1ص431 والبداية والنهاية ج4ص29 وكنز العمال في سنن الأقوال والأفعال ج10ص268و269 وحياة الصحابة ج1ص272 ).

 

- وعن عائشة : إن أبا بكر ، قال : لما جال الناس عن رسول الله (ص) يوم أحد كنت أول من فاء إلى رسول الله (ص) فبصرت به من بعد ، فإذا برجل قد اعتنقني من خلفي مثل الطير ، يريد رسول الله (ص) فإذا هو أبو عبيدة ، قال الحاكم : صحيح الاسناد ، المصدر ( راجع الحاكم النيسابوري ج3ص27 وتلخيص المستدرك بهامش المسدرك نفس الصفحة ومجمع الزوائد ومنبع الفوائد ج6ص112 ).

 

- وقال الأمير إسامة بن منقذ لما دون عمر الدواوين : جاء طلحة بنفر من بني تميم يستفرض لهم ، وجاء أنصاري بغلام مصفر سقيم ، فسأل عنه عمر ، فأخبر أنه البراء بن أنس بن النضر ، ففرض له أربعة الآف ، وفرض لأصحاب طلحة في ست مئة ، فأعترض طلحة ، فأجابه عمر : إني رأيت أبا هذا جاء يوم أحد ، وأنا وأبو بكر قد تحدثنا : أن رسول الله قتل ، فقال : يا أبا بكر ، ويا عمر ، مالي أراكما جالسين ، أن كان رسول الله (ص) قتل ، فإن الله حي لا يموت الخ  ، المصدر ( راجع لباب الآداب ص179 وحياة محمد (ص) لهيكل ص265  ) نكتفي بهذا القدر ومن أراد الزيادة فعليه بالبحث وهناك الكثير من الموارد أعرضت عنها خوف الأطالة ولي لقاء مع معركة أخرى.

 


 

المخالف : والآن هل سنواصل البحث في بقية المعارك أم سوف ينتهي الكلام هنا ؟.

 

الموالي : الظاهر بأن الكلام سوف ينتهي هنا لأنه ثبت حتى الآن عدم ثبوت الخلفاء ، فلا مجال للبحث في بقية المعارك الأخرى.

 


 

المخالف : ولماذا هذا التغير لأنك قد وعدت أن تتكلم عن المعارك كلها ولكن نراك وقفت هنا لماذا ؟.

 

الموالي : لسببين : الأول : ضيق الوقت والثاني لعدم وجود موقف من الخلفاء يستحق الوقوف عنده ، ولكن أحاول أمر مرورا سريعا بواقعة الخندق وخيبر أما في الخندق ، فلقد أخبرنا : القرآن بان الأبصار زاغت والقلوب بلغت الحناجر وأساءوا الظن بالله ، وأخبرنا التاريخ كما مر عليك عند الكلام عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) بأن عمرو بن عبد ود وبخ الجيش الإسلامي بأكمله ولم يتصد له أحد ثلاث مرات الامام علي (ع) يقوم والرسول (ص) ، يقول له أجلس لربما يقوم المعز للإسلام عمر بن الخطاب ، ولكن من دون فائدة وكأنما فعل الرسول ذلك خوفا من أن يات شخص ما فيقول بأن الرسول قدم ابن عمه علي مباشرة فالرسول (ص) لم يلب الطلب الا بعد أن رأى الموقف من الصحابة وعدم تفاعلهم مع الموقف ، وأما في خيبر فأيضا لا جديد فلقد علمنا فيما مضى بأن الرسول لم يلتحم بجيشه مع اليهود وإنما جهز لهم حملات ثلاث انكسرت اثنتين وانتصرت الثالث وهي التي كانت بقيادة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع).

 


 

المخالف : ومن هما قادة الحملتين السابقتين هل لنا بمعرفتهما أم لا ؟.

 

الموالي : باختصار سوف أبحث عنهما فلعلي أجد وأعرف من هما فلقد ذكر ( ابن كثير في البداية والنهاية ج4ص212 ) ما يلي : فقال : ان رسول الله (ص) أخذ الراية وهزها ، ثم قال : من يأخذها بحقها ، فجاء فلان ( هذا إسم صحابي وهو فلان بن فلاني الفلاني ) فقال : أنا ، فقال : امض ، ثم جاء رجل آخر (هذا إسم صحابي آخر وهو رجل بن رجل من قبيلة بني رجال) فقال : امض ، ثم قال النبي (ص) : والذي كرم وجه محمد لأعطينها رجلا لايفر ( لايفر لايفر لايفر ) فقال : هاك ياعلي ، فانطلق حتى فتح الله عليه خيبر وفدك وجاء بعجوتها وقديدها فعرفنا هنا أن الاثنين الأولين انكسرا وأن الرسول عيرهما ، وقال : للثالث بأنه لا يفر ولكن من هما الرجلان الأولان .

 

نعود للبحث مرة ثانيه لعلنا نجد تصريح الحمد لله وجدنا تصريح وهو من نفس المؤلف ( ابن كثير وفي البداية والنهاية أيضا ج4ص212 ) ، فيقول : بعث النبي (ص) أبا بكر إلى بعض حصون خيبر ، فقاتل ثم رجع ، ولم يكن فتح وقد جهد ، ثم بعث عمر ، فقاتل ثم رجع ولم يكن فتح ، فقال رسول الله (ص) : لأعطين الراية غدا رجلا يحبه الله ورسوله ويحب الله ورسوله يفتح الله على يديه وليس بفرار ، لطيف هنا تبينت بعض النقاط وعرفنا من هما ولكن أيضا مع اضافه وهي أنهما قاتلا ولم يصرح أنهما فرا ، ولكن في الآخر لمح لذلك بقول النبي (ص) وليس بفرار ، وهذا يعني إن الذين سبقاه فرا ونبحث في نقل آخر لعلنا نتبين الموضوع عن قرب أكثر مما مضى فلقد ذكر بريدة بن الحصيب : لما كان يوم خيبر أخذ اللواء أبو بكر ، فرجع ولم يفتح له ، فلما كان الغد أخذه عمر ، فرجع ولم يفتح له ، وقتل محمود بن مسلمة فرجع الناس ، فقال رسول الله (ص) : لأدفعن لوائي غدا إلى رجل يحب الله ورسوله ، ويحبه الله ورسوله لن يرجع حتى يفتح له .... فدعا علي بن أبي طالب ، وهو يشتكي عينه ، قال : فمسحها ، ثم دفع اليه اللواء ، وقال بريدة : إنه كان صاحب مرحب ، المصدر ( راجع :مختصر تاريخ دمشق لابن عساكر ج5ص180 وصحيح البخاري ص64 كتاب المغازي باب غزوة خيبر ومسلم في 44 باب فضائل الصحابه ودلائل النبوة للبيهقي ج4ص204 والمستدرك للحاكم ج3ص37 وطبقات ابن سعد ج2ص112 وتاريخ الذهبي المغازي ص409 ).

 

- فإذا هنا لم نرى أثر لتلك المقاله فقاتل وإنما فقط لم يفتح له نواصل أكثر فلعلنا نجد أمر آخر مروي يصرح بالهزيمة والفرار نجد هذا التصريح ، ولقد ذكر بريدة الأسلمي : أن رسول الله)ص) أعطى اللواء عمر بن الخطاب ونهض معه شيء من الناس فلقوا أهل خيبر ، فانكشف عمر وأصحابه فرجعوا إلى رسول الله (ص) يجبنه أصحابه ويجبنهم ، قال رسول الله (ص) : لأعطين اللواء غدا رجلا يحب الله ورسوله ، ويحبه الله ورسوله ، فلما كان الغد تصادر لها أبو بكر وعمر ، فدعا عليا وهو أرمد ، فتفل في عينه ، وأعطاه اللواء ، المصدر ( راجع مختصر تاريخ دمشق لابن عساكر ج10ص328 ).

 

- وفي نص آخر ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى : إذ سألوا عليا (ع) : أو ما شهدت معنا خيبر ، قال : بلى ، قال : فما رأيت رسول الله (ص) حيث دعا أبا بكر فعقد له وبعثه إلى القوم فانطلق فلقي القوم فقاتلهم ثم رجع وقد هزم ، فقال رسول الله (ص) عند ذلك : لأعطين الراية رجلا يحبه الله ورسوله ، ويحب الله ورسوله ، يفتح الله عليه غير فرار، فدعاني فأعطاني الراية ، ثم قال (ص) : اللهم اكفه الحر والبرد ، فما وجدت بعد ذلك حرا ولا بردا ، المصدر ( راجع تاريخ الإسلام للذهبي ج2ص412 ).

 

- وكذلك حدث في حنين وهزموا فعلى هذا لا يحق لأحد أن يساوي بين علي وهؤلاء في الشجاعة فالفرق كما هو بين السماء والأرض فأين الثرى وأين الثريا أو أين الثريا من الثرى ، وبهذا أكون قد انهيت الصفة الثالثة ، وبعد الحج سوف أكمل الصفة الرابعة وهي العلم وأعمل مقارنه بين علم الامام علي والخلفاء ، ولقد اعتمدت كثيرا في صفة الجهاد على العلامة نجاح الطائي في كتابه نظريات الخليفتين ، وكذلك على المحقق الكبير السيد جعفر مرتضى العاملى وكتابه الصحيح من سيرة الرسول أعود اليكم أيها الأخوة الأفاضل من جديد لكي أكمل هذا العدد ولقد طال كثيرا ولأن العدد القادم ذو أهمية باعتبار إنه يناقش الطرح الثاني حول اختيار أو تعيين الخليفة في الأمة الإسلامية وهي نظرية الشورى ، ولكن ينبغي علي أن أكمل هذا العدد أولا حيث إنه بقي لدي الصفة الرابعة وهي صفة العلم ولكن لي توقف وتساؤل لقد استوقفتني في صفة الجهاد مجموعة من المواقف لم أعرف لها جواب ولهذا سوف أطرحها على من هم أفضل مني علما وعقلا لعلهم يساعدوني على ذلك.

 

مواقف تحتاج إلى جواب :

 

الموقف الأول : في بدر حيث إننا وجدنا أن رد الخليفتين ردا سلبيا للغاية ، ولم أعلم لماذا كان ذلك الرد الذي كان فيه تهويل وتعظيم لقوة قريش وتخويف للجيش الإسلامي فهل كان الدافع هو الحفاظ على القوات الإسلامية ، أم أن الدافع هو الحفاظ على سمعة قريش وهيبتها.

 

الموقف الثاني : في أحد فلقد ذكر خالد بن الوليد وهو بالشام يقول لقد رايتني ، ورايت عمر بن الخطاب حين جالوا وانهزموا يوم أحد وما معه أحد ، وأني لفي كتيبة خشناء فما عرفه منهم أحد غيري فنكبت عنه وخشيت إن أغريت به من معي أن يصمدوا له فنظرت إليه موجها إلى الشعب ، المصادر : ( مغازي الواقدي ج2ص237 وحياة محمد (ص) لهيكل ص254 ).

 

السؤال : هو لماذا تركه خالد ولماذا خاف عليه من القتل اليس عمر من المسلمين وخالد من الكفار فلماذا لم يقتله وهل له استثناء خاص لا أدري.

 

والسؤال الثاني : أيضا يتعلق بمعركة أحد حيث ورد عن أنس بن النضر : أنه سمع نفر من المسلمين يقولون لما سمعوا أن النبي قتل : ليت لنا من يأتي عبد الله بن أبي بن سلول ليأخذ لنا أمانا من أبي سفيان قبل أن يقتلونا ، المصادر : ( تاريخ الطبري ج2ص197 والكامل في التاريخ ج3ص156 ومغازي الواقدي ج1ص280 وتفسير ابن كثير ج1ص649 والسيرة النبوية لابن كثير ج3ص68 ).

 

سؤالي : لماذا يريدون التوسط عن طريق زعيم المنافقين فهل هناك رابط يا ترى بينهم وبين ابن أبي وهو بدوره عنده مكانه عند أبي سفيان لم أعرف لماذا ابن أبي هو الوسيط وهناك سؤال آخر في الخندق فقد ذكر : أن ضرار بن الخطاب تمكن من عمر وحمل عليه ليطعنه بالرمح ثم أمسك عنه ، وقال له : يا عمر هذه نعمة مشكورة أثبتها عليك ويد لي عندك غير مجزي بها فاحفظها وكذلك في أحد شد عليه بالرمح ثم تركه ، المصدر ( السيرة الحلبية للحلبي ج2ص321 ).

 

السؤال : لماذا لم يقتله لم أعرف السبب وأترك من يعرف أن يجيب التساؤل الأخير ذلك الموقف العنيف والبطولي من عمر بن الخطاب في صلح الحديبية فكان الرجل مستميت في محاولة افشال الصلح مع القريش وهو الجبان في المعارك الأخرى يا ترى لماذا ، هل لأنه سمع بأن هذا الصلح له فوائد كبيرة على الأمة وأراد عمر افشال الصلح هذا احتمال ولكن أترك الجواب للغير أعود اليكم اخوتي من جديد ، وأقول بعد أن انتهيت من فضيلة الجهاد وثبت للقارئ أفضلية الامام علي وتقدمه على القوم في هذه الفضيلة فسوف انتقل الآن لفضيلة أخرى وهي فضيلة العلم فالعلم هو من أكمل الصفات بعد الإيمان ولايتم الإيمان بلا علم.

 


 

 العلم

 

المخالف : من فضلك لماذا تريد البحث عن هذه الفضيله ؟.

 

الموالي : أريد البحث عن هذه الفضيلة لأهميتها في ادارة الدولة فالحاكم المتصدي للقيادة ينبغي أن يكون على درجة عالية من العلم ، وأما إذا كان جاهلا فكيف يجوز له أن يتصدى لأمر خطير مثل الحاكمية وغيرها.

 


 

المخالف : وهل سوف تبحث في علم علي وتقارنه ببقية الصحابة أم ماذا ؟.

 

الموالي : لا .. وإنما سوف أبحث في علوم الخلفاء الأربعة أمير المؤمنين (ع) وأبي بكر وعمر وعثمان لأنهم هم الذين تصدوا تقدموا على الامام علي (ع) ، فلابد أن يكون البحث متعلق بهم فقط كما فعلت فيما مضى.

 


 

المخالف : وكيف سوف يكون البحث يا ترى ؟.

 

الموالي : سوف يكون البحث أولا في أمير المؤمنين علي (ع) وأقوال النبي (ص) فيه ، ومن ثم أقوال الصحابة ومن ثم المواقف العملية وهكذا في بقية الثلاثة.

 


 

المخالف : ولماذا البحث في المواقف العملية إذا وجدت رواية في الأمر ؟.

 

الموالي : لابد من ذلك لأنه تبين لي في ما مضى أن هناك مختلقات ، كما روي في شجاعة عمر ولكن لما نزلنا لأرض الواقع وجدنا بأن الواقع يثبت عدم شجاعة عمر وأنه فرار غير كرار وكذلك صاحبه الأول.

 


 

المخالف : ومن أين سوف تبتدئ ولماذا يا ترى ؟.

 

الموالي : سوف أبتدئ بأقوال النبي (ص) في علي (ع) وسوف أبتدئ بحديث أنا مدينة العلم وعلي بابها والسبب في ذلك بان هذه الرواية تعطينا وتبين لنا المكانة العلمية لأمير المؤمنين (ع) وأيضا تعطينا مفاهيم آخر ومن أهم هذه المفاهيم أن أي علم خالف علم علي (ع) ليس بحجة ومردود ، لأن ما يخرج من الباب أحق أن يتبع من ذلك العلم الذي قد يكون مسروق أو مزيف وهذا ليس كلامي وإنما كلام النبي (ص) كما بينته في العدد الرابع أن النبي (ص) ، قال لعلي : أنت المبين لأمتي ما اختلفوا فيه من بعدي وعلى هذا إذا تم الاتفاق فلا اشكال وأن اختلف فنأخذ بأقوال الامام علي (ع) مرجحين له على أقوال الغير واليكم الآن الحديث الأول في علم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) بالفاظه المختلفة فقد ، قال (ص) : إن الله خلقني وعليا من شجرة أنا أصلها وعلي فرعها والحسن والحسين ، ثمرتها والشيعة ورقها فهل يخرج من الطيب الا الطيب.

 

- وأنا مدينة العلم وعلي بابها فمن أراد المدينة فليأتها من بابها ، وفي لفظ آخر ، قال (ص) : أنا مدينة العلم وعلي بابها ولا تؤتى البيوت الا من أبوابها ، وفي لفظ آخر ، قال (ص) : أنا مدينة العلم وأنت بابها كذب من زعم أنه يصل إلى المدينة الا من قبل الباب وفي لفظ آخر ، قال (ص) : أنا مدينة العلم وأنت بابها كذب من زعم إنه يدخل المدينة بغير الباب ، قال الله عز وجل : { وَأْتُواْ الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا ( البقرة : 189 ) } وفي قول آخر ، قال (ص) : أنا مدينة العلم وعلي بابها فمن أراد العلم فليأت بابه (الباب) ، وفي لفظ آخر ، قال (ص) : يا علي أنا مدينة العلم وأنت بابها ولن تؤتى المدينة الا من قبل الباب ، وفي لفظ آخر ، عن جابر ، قال : سمعت رسول الله يوم الحديبية وهو آخذ بيد علي ، يقول : هذا أمير البررة وقاتل الفجرة منصور من نصره مخذول من خذله ، ثم مد بها صوته ، فقال : أنا مدينة العلم وعلي بابها فمن أراد البيت فليأتي الباب ، المصادر : ( ترجمة الامام علي من تاريخ دمشق لابن عساكر الشافعي ج2 ص 464 حديث 984 و 985 و986 و987 و988 و989 وما فوق شواهد التنزيل لقواعد التفضيل‏ للحسكاني الحنفي ج1 ص 334 حديث 459 المستدرك للحاكم ج3 ص 126 و 127 وصححه ، وأسد الغابة ج 4 ص 22 ومناقب علي بن أبي طالب لابن المغازلي الشافعي ص 80 حديث 120 و121 .... الخ ، كفاية الطالب للكنجي الشافعي ص 220 و221 الطبعة الحيدرية المناقب للخوارزمي الحنفي ص 40 نظم درر السمطين للزرندي الحنفي ص 113 ، تاريخ الخلفاء للسيوطي ص 170 ، اسعاف الراغبين بهامش نور الأبصار ص 140 ط العثمانية ، تذكرت الخواص للسبط ابن الجوزي الحنفي ص 47 و 48 ، فيض القدير للشوكاني ج3 ص 46 ، الاستيعاب بهامش الاصابة ج3 ص 38 ، الميزان للذهبي ج1 ص415 والجزء 2 ص 251 وغيرها من المصادر وهي كثيرة جدا ولقد نقل صاحب الغدير أسماء من خرجه من الحفاظ وأئمة الحديث فبلغ عددهم مئه وثلاثة واربعين حافظ وامام من أئمة الحديث وحفاظه منهم عبد الرزاق الصنعاني والحافظ يحيى بن معين والهروي أحد مشايخ مسلم وأحمد بن حنبل والرواجني الأسدي أحد مشايخ البخاري والترمذي والبزار والحاكم وابن مردويه الأصبهاني وأبو نعيم الأصبهاني وأبو بكر البيهقي والخطيب البغدادي وابن عبد البر القرطبي والسمعاني والديلمي ) وغيرهم الكثير.

 

وقد نص على صحته كل من :

 

أولا : الحافظ أبو زكريا يحيى بن معين البغدادي نص على صحته كما ذكره الخطيب وأبو الحجاج المزي وابن حجر العسقلاني.

ثانيا : أبو جعفر محمد بن جرير الطبري صححه في تهذيب الآثار.

ثالثا :  الحاكم النيسابوري صححه في المستدرك.

رابعا : الخطيب البغدادي عده ممن صححه المولوي حسن زمان في القول المستحسن.

خامسا : الحافظ أبو محمد الحسن السمرقندي في بحر الأسانيد.

سادسا : مجد الدين الفيروز آبادي صححه في النقد الصحيح.

سابعا : الحافظ السيوطي صححه في جمع الجوامع.

ثامنا : السيد محمد البخاري نص على صحته في تذكرة الأبرار.

تاسعا : الأمير محمد اليماني الصنعاني صرح بصحته في ( الروضة الندية وغيرهم فراج الغدير الجزء السادس من ص61الى ص81 ).

 

- وهناك أقوال آخر للنبي (ص) في علم علي (ع) نأخذ بعضها خوف الاطاله ، فقد ، قال (ص) لفاطمة (ع) : أما ترضين أني زوجتك أول المسلمين إسلاما وأعلمهم علما ، المصدر ( المستدرك للحاكم وكنز العمال في سنن الأقوال والأفعال ج 6ص13 ).

 

- وقال (ص) لها أيضا : زوجتك خير أمتي أعلمهم علما وأفضلهم حلما وأولهم سلما ، المصدر ( أخرجه الخطيب في المتفق والسيوطي في جمع الجوامع كما في ترتيبه ج6ص398 ).

 

- وقوله : (ص) للزهراء (ع) : إنه لأول أصحابي إسلاما أو أقدم أمتي سلما وأكثرهم علما وأعظمهم حلما ، المصدر ( المصادر مسند أحمد ج5ص26 والاستيعاب ج3ص36 والرياض النضرة ج2ص194 ومجمع الزوائد ومنبع الفوائد ج9ص101و104 والمرقاة في شرح المشكاة ج5ص569 وكنز العمال في سنن الأقوال والأفعال ج6ص153 والسيرة الحلبية ج1ص285 وسيرة زيني دحلان بهامش السيرة الحلبية ج1ص188 ).

 

وهناك أحاديث آخر منها أعلم أمتي من بعدي علي بن أبي طالب أقضى أمتي علي وحديث أقضاكم علي وغيرها بعد أن نقلت بعضا من أقوال النبي (ص) في أمير المؤمنين (ع) فإني سوف أنقل الآن بعضا من أقوال أمير المؤمنين.

 


 

المخالف : لو تكرمت لماذا تريد أن تنقل أقوال علي بن أبي طالب هنا ؟.

 

الموالي : على ذلك أقول الهدف من نقل أقوال الامام علي (ع) هو لأجل أن أدفع اشكال يثيره البعض حول جهل الخليفة عمر وكثرة رجوعه للغير ، فيقولوا : سؤاله هو من باب التواضع وأنه لا يريد أن يفتخر بما لديه من العلم فأقول لماذا أمير المؤمنين بين ما عنده هل لأنه غير متواضع مثلا أو ماذا أرجو الجواب.

 


 

المخالف : ولكن اسألك أولم يكن عمر في حال التواضع قد رجع للآخرين ؟.

 

الموالي : أقول مضافا إلى ما ذكرت لك بأن أمير علي بن أبي طالب وغيره من الصحابة قد ذكروا ما لديهم فهل غير متواضعين أقول سوف يتضح لك عند البحث في مواقف عمر وعلمه فإن رجوعه للغير كان بعد الخطأ في الفتوى أو الحكم فيأتي البعض فيصحح له فيعترف بخطئه فأين التواضع فالتواضع لا يكون بعد الخطأ ، وإنما هو يبادر للغير من دون أن يتصدى للفتوى أو الحكم على العموم الآن سوف أمر على بعض من أقوال أمير المؤمنين (ع) وباختصار تام أيضا ، فلقد ، قال الامام (ع) :

 

- أن رسول الله (ص) علمني الف باب كل باب فيها يفتح الف باب ، فذلك الف الف باب  حتى علمت ما كان وما يكون إلى يوم القيامة ، وعلمت علم المنايا والبلايا وفصل الخطاب ، المصدر ( ينابيع المودة لذوي القربى للقندوزي ص77 وأرجح المطالب ص413 والهروي في الأربعين حديثا وفتح الملك العلي بصحة حديث باب مدينة العلم علي ص19 ).

 

- وقال الامام (ع) : سلوني ، فوالله لا تسألوني عن شيء الا أخبرتكم ، سلوني عن كتاب الله ، فوالله ما من آية الا وأنا أعلم ، ابليل نزلت أم بنهار ، أم سهل أم في جبل ، المصدر ( الاستيعاب ج2ص634 وجامع بيان العلم ص58 والمستدرك للحاكم ج2ص466 والرياض النضرة ج2ص1198 وتفسير ابن كثير والصواعق المحرقه وتاريخ الخلفاء للسيوطي ص71 والاصابة ).

 

- وقال (ع) : والله ما نزلت آية الا وقد علمت فيما نزلت ، وأين نزلت ، وعلى من نزلت ، أن ربي وهب لي قلبا عقولا ولسانا ناطقا ، المصادر : ( طبقات إبن ج3ص338 وحلية الأولياء وطبقات الأصفياء ج1ص67 والمناقب لأخطب خوارزم ص 54 وتاريخ الخلفاء للسيوطي ص71 والصواعق المحرقه ص76 وينابيع المودة لذوي القربى ص287 والشرف المؤبد للنبهاني ص112 واسعاف الراغبين بهامش نور الأبصار ) وغيرها من المصادر.

 

- وقال (ع) : القلوب أوعية ، وخيرها أوعاها ، ثم يقول : هاه هاه أن هاهنا -وأشار بيده إلي صدره - علما لو أصبت له حملة وفي رواية لو وجدت له حملة ، المصادر : ( أعلام الموقعين ج1ص21والطبقات الكبرى لعبد الوهاب الشعراني ج1ص18 وينابيع المودة لذوي القربى ص26 ولطائف المنن لعبد الوهاب المصري ج2ص89 والفائق للزمخشري ج3ص188 ولسان العرب ج13ص390 ).

 

- وروي عنه (ع) أنه قال : أما والله لو طرحت لي وسادة لقضيت لأهل التوراة بتوراتهم ولأهل الإنجيل بانجيلهم ولأهل القرآن بقرآنهم ، المصادر : ( شرح المقاصد للتفتازاني ج2ص220 ومطالب السؤول ص26 والتذكرة لابن الجوزي ص20 وينابيع الموده ص70 220 وأرجح المطالب لعبد الله الحنفي ص111 ).

 


 

المخالف : والآن ماذا سوف تنقل لنا بعد نقل أقوال علي بن أبي طالب ؟.

 

الموالي : أقول بعد أن ذكرت أقوال أمير المؤمنين (ع) فسوف أقل بعض الأقوال لمجموعه من الصحابة في علم أمير المؤمنين (ع) وسوف أكون مختصرا قدر الامكان ، وأول من سوف أنقل عنه ، السيدة عائشة ومن ثم عمر ومن بعده حبر الأمة ابن عباس وغيرهم فقد ، قالت :

 

- علي أعلم الناس بالسنة ، المصادر : ( الاستيعاب ج3ص40هامش الاصابة والرياض النضرة ج2ص93ومناقب الخوارزمي ص54 والصواعق المحرقة ص76 وتاريخ الخلفاء للسيوطي ص115 ).

 

- وعن ابن عباس (ر) وقد سأله الناس ، فقالوا : أي رجل كان عليا ، قال : كان ممتلئا جوفه حكما وعلما وبأسا ونجدة مع قرابته من رسول الله (ص) ، المصادر : ( الرياض النضرة ج2صص194 ).

 

- وكذلك ذكره أحمد في المناقب ، وقال ابن عباس أيضا : قسم علم الناس خمسة أجزاء فكان لعلي منها أربعة أجزاء ، ولسائر الناس جزء شاركهم علي فيه فكان أعلمهم فيه ، المصادر : ( الكامل لابن الأثير ج3ص200 ، والاستيعاب ج3ص463 ، والبيان والتبين للجاحظ ج3ص247 ).

 

- وقال أيضا : والله لقد أعطي علي بن أبي طالب تسعة أعشار العلم ، وأيم الله لقد شارككم في العشر العاشر ، المصادر : ( الاستيعاب ج3ص40 ومطالب السؤول ص30 ).

 

- وأما كلمات الخليفة عمر بن الخطاب فأشهر من أن تخفى على أحد منها :

 

- قوله : لولا علي لهلك عمر ، وقوله : لا أبقاني الله بأرض لست فيها أبا الحسن ، وقوله : لا أبقاني الله بعدك يا علي ، وقوله : اللهم لا تبقني لمعضلة ليس لها ابن أبي طالب ، وقوله : أقضانا علي أو علي أقضانا في لفظ آخر وكلمات آخر ، المصادر : ( حلية الأولياء وطبقات الأصفياء ج1ص65 وطبقات ابن سعد ص 459و460 والاستيعاب ج4ص38و39 هامش الاصابة والرياض النضرة ج2ص198 وتاريخ ابن كثير ج7ص359 وتاريخ ابن عساكر ج2ص325ومطالب السؤول ص30 ) ، وسوف يتبين أكثر في المستقبل.

 

- وما أقوال ابن مسعود فإليك بعضا منها حيث يقول : قسمت الحكمة عشرة أجزاء فأعطي علي تسعة أجزاء والناس جزءا وعلي أعلمهم بالواحد منها ، وقال : أعلم أهل المدينة بالفرائض علي بن أبي طالب ، وقال : كنا نتحدث أن أقضى أهل المدينة وأقضاها علي ، وقال : إن القرآن أنزل على سبعة أحرف ما منها حرف الا وله ظهر وبطن وأن علي بن أبي طالب عنده منه الظاهر والباطن ، المصدر ( كنز العمال في سنن الأقوال والأفعال ج5ص156و401 والاستيعاب ج3ص41والرياض ج2ص194والحاكم النيسابوري واسني المطالب للجزري ص14والصواعق ص76وتاريخ الخلفاء للسيوطي ص 115و ومفتاح السعادة ج1ص400 ).

 

- وأما أقوال العلماء أنقل قولين أو ثلاثة فقط ، فلقد ، قال النووي كما في ( الأسماء واللغات ج1ص246 ) يقول : وسؤال كبار الصحابة له ، ورجوعهم إلى فتاويه وأقواله في المواطن الكثيرة ، والمسائل المعضلة ، مشهور ، وقال ابن كثير في أسد الغابة : ولو ذكرنا ما سأله الصحابة به من مثل عمر وغيره (ر) لأطلنا.

 

- وفي ( الاستيعاب ج3ص40والرياض النضرة ج2ص194 والفتوحات الإسلاميه ج2ص337 ) ، نقلوا ، عن عطاء أنه قال : عندما سئل أكان في أصحاب محمد أحد أعلم من علي ، قال : لا والله ما أعلمه ، وبعد هذا العرض السريع اتضح مكان أمير المؤمنين من العلم وما هي درجته العلمية وبقي نقطة واحدة تأتي إن شاء الله.

 


 

المخالف : وماهي النقطة الباقية في مبحث علم الامام علي كرم الله وجهه ؟.

 

الموالي : أقول .. النقطة الباقية هي المواقف العملية.

 


 

المخالف : وماذا تقصد بالمواقف العملية ؟.

 

الموالي : أقصد بالمواقف العملية هي العلم العملي الذي طبقه الامام في القضايا الخارجية ، فهناك مواقف عملية وقفها الامام (ع) بينت القيمة العلمية التي يحملها الامام (ع).

 


 

المخالف : ولماذا تذكر هذه النقطة وقد بينت فيما مضى أحاديث النبي والصحابة وأقوال الامام فهل لنقل هذه النقطة وهذه المواقف أمر جديد تقصده أم لا ؟.

 

الموالي : نعم .. هناك أمر مهم بل هو أهم من كل النقاط السابقة ، قد تقول : لماذا أقول لك لقد ثبت على مر العصور الكثير من الدعاوئي والافتراءات ولكن لم تدعم بمواقف عملية مشهودة تثبت تلك الدعاوى ومن هنا لابد وأن اذكر مجموعه من مواقف أمير المؤمنين (ع) لكي أبرهن على صحة ما قيل في علمه (ع) وسوف أحاول الاختصار بقدر الامكان لكثرة المواقف والآن هلموا لنقل بعضا من تلك المواقف :

 

الموقف الأول : فعن أنس بن مالك ، قال : أقبل يهودي بعد وفاة رسول الله (ص) فأشار القوم إلى أبي بكر فوقف عليه ، فقال : أريد أن أسألك عن أشياء لايعلمها الا نبي أو وصي نبي ، قال أبو بكر : سل عن ما بدا لك ، قال اليهودي : أخبرني : عما ليس لله وعما ليس عند الله وعما لايعلمه الله ، فقال أبو بكر : هذه مسائل الزنادقة يا يهودي ، وهم أبو بكر والمسلمون (ر) باليهودي ، فقال ابن عباس (ر) : ما انصفتم الرجل ، فقال أبو بكر : أما سمعت ما تكلم به ، فقال ابن عباس : إن كان عندكم جوابه والا فأذهبوا به إلى علي (ع) يجيبه فإني سمعت رسول الله (ص) ، يقول لعلي بن أبي طالب : الله أهدي قلبه وثبت لسأنه قال : قام أبو بكر ومن حضره حتى أتو علي بن أبي طالب فاستأذنوا عليه ، فقال أبو بكر : يا أبا الحسن أن هذا اليهودي سألني مسائل الزنادقة ، فقال علي : ماتقول يا يهودي ، قال : أسألك عن أشياء لا يعلمها الا نبي أو وصي نبي ، فقال له : قل ، فرد اليهودي المسائل ، فقال علي (ع) : أما لا يعلمه الله فذلك قولكم يا معشر اليهود إن العزير ابن الله والله لا يعلم أن له ولدا.

 

وأما قولك : أخبرني : بما ليس عند الله ، فليس عنده ظلم للعباد ، وأما قولك : أخبرني بما ليس لله ، فليس له شريك ، فقال اليهودي : اشهد أن لا إله الا الله ، وأن محمدا رسول الله ، وإنك وصي رسول الله (ص) ، فقال أبو بكر : والمسلمون لعلي (ع) : يا مفجر الكرب ، المصدر ( المجتني لابن دريد ص 35 ).

 

الموقف الثاني : أخرج الحافظ العاصمي ، عن سلمان الفارسي (ر) ، قال : لما قبض النبي (ص) اجتمعت النصارى إلى قيصر ملك الروم ، فقالوا له : أيها الملك إنا وجدنا في الإنجيل رسول يخرج من بعد عيسى أسمه أحمد ، وقد رمقنا خروجه وجاءنا نعته فأشر علينا فإنا قد رضيناك لديننا ودنيانا ، قال : فجمع قيصر من نصارى بلاده مائة رجل وأخذ عليهم المواثيق أن لا يغدروا ولا يخفوا عليه من أمورهم شيئا ، وقال : انطلقوا إلى هذا الوصي الذي من بعد نبيهم فسلوه عما سئل عن الأنبياء (ع) وعما أتاهم به من قبل والدلائل التي عرفت بها الأنبياء ، فإن أخبركم فآمنوا به وبوصيه وأكتبوا بذلك الي ، وإن لم يخبركم فأعلوا أنه رجل مطاع في قومه ، يأخذ الكلام بمعانيه ويرده على مواليه ، وتعرفوا خروج هذا النبي ، قال : فسارا القوم حتى دخلوا بيت المقدس واجتمعت اليهود إلى رأس جالوت ، فقالوا له مثل مقالة النصارى لقيصر ، فجمع رأس جالوت من اليهود مائة رجل ، قال سلمان : فاغتنمت صحبة القوم فسرنا حتى دخلنا المدينة وذلك يوم عروب ( أي يوم الجمعة ) وأبو بكر قاعد في المسجد يفتي الناس فدخلت عليه فأخبرته بالذي قدم له النصارى واليهود فأذن لهم بالدخول إليه فدخل عليه رأس جالوت ، فقال : يا أبا بكر إنا قوم من النصارى واليهود جئناكم لنسألكم عن فضل دينكم فأن كان دينكم أفضل من ديننا قبلناه وإلا فديننا أفضل الأديان ، قال أبو بكر : سل عما تشاء أجبك إن شاء الله ، قال : ما أنا وأنت عند الله ، قال أبو بكر : أما أنا فقد كنت عند الله مؤمنا وكذلك عند نفسي إلى الساعة ولا أدري ما يكون من بعد ، فقال اليهودي : فصف لي صفة مكانك في الجنة وصفة مكاني في النار ، لأرغب في مكانك وأزهد عن مكاني ، قال : فأقبل أبو بكر ينظر إلى معاذ مرة وإلى ابن مسعود مرة ، وأقبل رأس جالوت يقول لأصحابه بلغة أمته : ماكان هذا نبيا ، قال سلمان : فنظر إلى القوم ، قلت لهم : أيها القوم أبعثوا إلى رجل لو ثنيتم الوسادة لقضى لأهل التوراة بتوراتهم ، وأهل الإنجيل بانجيلهم ولأهل الزبور بزبورهم ، ولأهل القرآن بقرآنهم ، ويعرف ظاهر الآية من باطنها ، وباطنها من ظاهرها ، قال معاذ : فقمت فدعوت علي بن أبي طالب فأخبرته بالذي قدمت له اليهود والنصارى فأقبل حتى جلس في مسجد رسول الله (ص) ، قال ابن مسعود : وكان علينا ثوب ذل فلما جاء علي بن أبي طالب كشفه الله عنا ، قال علي : سلني عما تشاء أخبرك إن شاء الله ، قال اليهودي : ما أنا وأنت عند الله ، قال : أما أنا فقد كنت عند الله وعند نفسي مؤمنا إلى الساعة فلا أدري ما يكون بعد ، وأما أنت فقد كنت عند الله وعند نفسي إلى الساعة كافر ولا أدري ما يكون بعد ، قال : رأس جالوت فصف لي صفة مكانك في الجنة وصفة مكاني في النار فأرغب في مكانك وأزهد عن مكاني ، قال علي : يا يهودي لم أرى ثواب الجنة ولا عذاب النار فأعرف ذلك ، ولكن كذلك أعد الله للمؤمنين الجنة وللكافرين النار ، فإن شككت في شيء من ذلك فقد خالفت النبي (ص) ولست في شيء من الإسلام ، قال : صدقت رحمك الله فأن الأنبياء يوقنون على ماجاؤا به فأن صدقوا آمنوا ، وأن خولفوا كفروا ، قال : فأخبرني أعرفت الله بمحمد أم محمد بالله ، قال علي : يا يهودي ما عرفت الله بمحمد ولكن عرفت محمدا بالله لأن محمدا محدود مخلوق وعبد من عباد الله اصطفاه الله واختاره لخلقه وألهم الله نبيه كما ألهم الملائكة الطاعة وعرفهم نفسه بلا كيف ولا شبه ، قال : صدقت ، قال : فأخبرني الرب في الدنيا أم في الآخرة ، فقال علي : أن في وعاء فمتى ماكان بفي كان محدودا ولكنه يعلم ما في الدنيا والآخرة وعرشه في هواء الآخرة وهو محيط بالدنيا والآخرة بمنزلة القنديل في وسطه أن خليت يكسر ، وأن أخرجته لم يستقم مكانه هناك فكذلك الدنيا وسط الآخرة ، قال : صدقت ، قال : فأخبرني الرب يحمل أو يحمل ، قال علي بن أبي طالب : يحمل ، قال : رأس جالوت : فكيف ، وإنا نجد في التوراة مكتوبا ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية ، قال علي : يا يهودي إن الملائكة تحمل العرش ، والثرى يحمل الهواء ، والثرى موضوع على القدرة وذلك قوله تعالى :{ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَمَا تَحْتَ الثَّرَى ( طه : 6 ) } قال اليهودي : صدقت رحمك الله الحديث ، المصدر ( زين الفتى في شرح سورة هل أتى للحافظ العاصمي ).

 

- ولقد أخرج الحافظان العقيلي وابن السمان ، عن أبي حزم بن الأسود : أن عمر أراد رجم المرأة التي ولدت لستة أشهر ، فقال علي : إن الله تعالى يقول : { وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا ( الأحقاف : 15 ) } وقال تعالى : { وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ ( لقمان : 14 ) } فالحمل ستة أشهر والفصال في عامين ، فترك عمر رجمها ، وقال : لولا علي لهلك عمر ، المصادر : ( السنن الكبرى ج7ص442 ، ومختصر جامع العلم ً150 والرياض النضرة ج2ص194، ذخائر العقبى في مناقب ذوي القربى ص82،وتفسير الرازي ج7ص484، وأربعين الرازي ص466، وتفسير النيسابوري في سورة الأحقاف ، وكفاية الكنجي ص105، والمناقب الخوارزمي ص57، وتذكرة السبط ابن الجوزي ص87، والدر المنثور في التفسير بالمأثور ج 1 ص 288، ج6ص40،نقلا عن جمع من الحفاظ ، وكنز العمال في سنن الأقوال والأفعال ج3ص96، وج3ص22 ).

 

- ولقد أخرج الحفاظ ، عن بعجة بن عبد الله الجهني ، قال : تزوج رجل منا امرأة من جهينة فولدت له تماما لستة أشهر فانطلق زوجها إلى عثمان فأمر بها أن ترجم فبلغ ذلك عليا (ع) فأتاه ، فقال : ما تصنع ، ليس ذلك عليها ، قال الله تبارك وتعالى : { وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا ( الأحقاف : 15 ) } وقال : { وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ ( البقرة : 233 ) } فالرضاعة أربعة وعشرون شهرا والحمل ستة أشهر ، وقال عثمان : والله مافطنت لهذا ، فأمر بها عثمان أن ترد فوجدت قد رجمت ، وكان من قولها لأختها : يا أخية لا تحزني فوالله ما كشف فرجي أحد قط غيره ، قال : فشب الغلام بعد فاعترف الرجل به وكان أشبه الناس به ، قال : فرأيت الرجل بعد ويتساقط عضوا عضوا على فراشه ، المصدر ( أخرجه مالك في الموطأ ج2ص176 والبيهقي في السنن الكبرى ج7ص442وأبو عمرفي العلم ص150 وابن كثير في تفسيره ج4ص157 وصاحب تيسير الوصول ج2ص9 والعيني في عمدة القاري شرح صحيح البخاري ج9ص642 والسيوطي في الدر المنثور في التفسير بالمأثور ج6ص40 ).

 

- ولقد مر علي بمجنونة بني فلان قد زنت وهي وترجم ، فقال علي لعمر : يا أمير المؤمنين أمرت برجم فلانة ، فقال : نعم ، قال : أما تذكر قول رسول الله (ص) رفع القلم عن ثلاثة : عن النائم حتى يستيقظ وعن الصبي حتى يحتلم وعن المجنون حتى يفيق ، قال : نعم ، فأمر بها فخلى عنها ، المصدر ( أخرجه أبو داود بعدة طرق ج2ص227 وابن ماجه في سننه ج2ص227 والحاكم في المستدرك ج2ص59 وج4ص389وصححه والبيهقي في السنن الكبرى ج8ص264وغيرهم ).

 

- وعن أبي سعيد الخدري ، قال : حججنا مع عمر بن الخطاب فلما دخل الطواف استقبل الحجر ، فقال : إني أعلم إنك حجر لا تضر ولا تنفع ولولا إني رأيت رسول الله (ص) يقبلك ما قبلتك فقبله ، فقال علي بن أبي طالب (ع) : بل يا أمير المؤمنين يضر وينفع ولو علمت ذلك من تأويل كتاب الله لعلمت أنه كما أقول ، قال : قال الله تعالى : { وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ ( الأعراف : 172 ) } فلما أقروا أنه الرب عز وجل وانهم العبيد كتب ميثاقهم في رق وألقمه في هذا الحجر وأنه يبعث يوم القيامة وله عينان ولسان وشفتان ويشهد لمن وافى بالموافاة وهو أمين الله في هذا الكتاب ، فقال له عمر : لا أبقاني الله بأرض لست فيها يا أبا الحسن ، وفي لفظ : أعوذ بالله أن أعيش في قوم لست فيهم يا أبا الحسن ، ( راجع الحاكم في المستدرك ج1ص 457 وابن الجوزي في سيرة عمر ص106 والأزرقي في تاريخ مكة كما في العمدة والقسطلاني في ارشاد الساري ج3ص195 والعيني في عمدة القاري شرح صحيح البخاري ج4ص606 بلفظيه والسيوطي في الجامع الكبير كما في ترتيبه ج3ص35 ) وغيرهم.

 

- ولقد ذكر محمد بن الزبير ، قال : دخلت مسجد دمشق فإذا أنا بشيخ قد التوت ترقوتاه من الكبر ، فقلت : ياشيخ من أدركت ، قال عمر قلت : فما غزوت ، قال : اليرموك ، قلت : حدثني : بشي سمعته ، قال : خرجنا مع قتيبه حجاجا فأصبنا بيض النعام وقد أحرمنا فلما قضينا نسكنا ذكرنا ذلك لأمير المؤمنين عمر فأدبر ، وقال : اتبعوني حتى أنتهي إلى حجر رسول الله (ص) فضرب حجرة منها فأجابته امرأة ، فقال : أثم أبو الحسن ، قالت : لا فمر في المقتاة فأدبر ، وقال : اتبعوني حتى أنتهي إليه وهو يسوي التراب بيده ، فقال : مرحبا يا أمير المؤمنين ، فقال : أن هؤلاء أصابوا بيض نعام وهم محرمون ، قال : الا أرسلت الي ، قال : أنا أحق باتيانك ، قال : يضربون الفحل قلائص أبكارا بعدد البيض فما أنتج منها أهدوه ، قال عمر : فأن الابل تخدج ، قال علي : والبيض يمرض فلما أدبر ، قال عمر : اللهم لا تنزل بي شديدة الا وأبو الحسن إلى جنبي ، المصدر ( راجع الرياض النضرة ج2ص50و154 وكفاية الشنقيطي ص57 ).

 

- ولقد ذكر محمد بن عبد الله بن أبي رافع ، عن أبيه ، قال : خاصم غلام من الأنصار أمه إلى عمر بن الخطاب فجحدته فسأله البينة فلم تكن عنده وجاءت المرأة بنفر فشهدوا أنها لم تزوج وأن الغلام كاذب عليها وقد قذفها ، فأمر عمر بضربه فلقيه علي (ع) فسأل عن أمرهم فدعاهم ثم قعد في مسجد النبي (ص) وسأل المرأة فجحدت ، فقال للغلام : اجحدها كما جحدتك ، فقال : يا ابن عم رسول الله أنها أمي ، قال : أجحدها وأنا أبوك والحسن والحسين أخواك ، قال : قد جحدتها وأنكرتها ، فقال علي لأولياء المرأة : أمري في هذه المرأة جائز ، فقالوا : نعم ، وفينا أيضا ، فقال علي : اشهد من حضر إني قد زوجت هذا الغلام من هذه المرأة الغريبة منه يا قنبر اتني بطينة فيها دراهم فأتاه بها فعد أربعمئة وثمانين درهما وقذفها مهرا لها ، وقال للغلام : خذ بيد امرأتك ولا تاتينا الا وعليك أثر العرس فلما ولى ، قالت المرأة : يا أبا الحسن الله الله هو النار هو والله ابني ، قال : كيف ذلك ، قالت : أن أباه كان زنجيا وأن أخوتي زوجوني منه فحملت بهذا الغلام وخرج الرجل غازيا فقتل وبعثت بهذا إلى حي بني فلان فنشأ فيهم وأنفت أن يكون ابني ، فقال علي : أنا أبو الحسن والحقه وثبت نسبه ، المصدر ( ابن القيم الجوزيه في الطرق الحكميه ص 45 ).

 

- ولقد ذكر : أن علي دخل على عمر فإذا امرأة حبلى تقاد لترجم ، فقال : ما شان هذه ، قالت : يذهبون بي ليرجموني ، فقال : يا أمير المؤمنين لأي شيء ترجم أن كان لك سلطان عليها فمالك سلطان على ما في بطنها ، فقال عمر : كل أحد أفقه مني - ثلاث مرات - فضمنها علي (ع) حتى وضعت غلاما ثم ذهب بها اليه فرجمها ، المصدر ( أخرجه الحافظ محب الدين الطبري في الرياض النضرة ج2ص 196 وذخاير العقبى ص81 والكنج في الكفاية ص105 ).

 

- وأخرج ابن المبارك ، قال : حدثنا : أشعث ، عن الشعبي ، عن مسروق ، قال : بلغ عمر : إن امرأة من قريش تزوجها رجل من ثقيف في عدتها فأرسل اليهما ففرق بينهما وعاقبهما ، وقال : لاينكحها أبدا وجعل الصداق في بيت المال وفشى ذلك بين الناس فبلغ عليا (ع) ، فقال : رحم الله أمير المؤمنين ما بال الصداق وبيت المال أنهما جهلا فينبغي للامام أن يردهما إلى السنة قيل : فما تقول أنت فيها ، قال : لها الصداق بما استحل من فرجها ويفرق بينهما ولا يجلد عليهما وتكمل عدتها من الأول ثم تكمل العدة من الآخر ، ثم يكون خاطبا فبلغ ذلك عمر ، فقال : يا أيها الناس ردوا الجهالات إلى السنة ، وروى ابن زائدة ، عن أشعث مثله ، وقال فيه فرجع عمر إلى قول علي (ع) ، المصدر ( راجع احكام القرآن للجصاص ج1ص504 ).

 

- وذكر : أن عمر استدعى امرأة ليسألها عن أمر وكانت حاملا فلشدة هيبته ألقت ما في بطنها فأجهضت به جنينا ميتا فاستفتى عمر أكابر الصحابة في ذلك ، فقالوا : لاشيء عليك أنما أنت مؤدب ، فقال له علي (ع) : إن كانوا راقبوك فقد غشوك وإن كان هذا جهد رأيهم فقد أخطأوا عليك غرة يعني عتق رقبة فرجع عمر والصحابة إلى قوله ، المصدر ( راجع ابن الجوزي في سيرة عمر ص117وأبوعمر في العلم ص146والسيوطي في جمع الجوامع كما في ترتيبه ج7ص300 ).

 

- وعن عبد الرحمن السلمي ، قال : أتي عمر بامرأة أجهدها العطش فمرت على راعي فاستسقته فأبى أن يسقيها الا تمكنه من نفسها ففعلت فشاور الناس في رجمها ، فقال علي (ع) : هذه مضطرة أرى أن يخلى سبيلها ففعل ، المصدر ( سنن البيهقي ج8ص236والرياض النضرة ج2ص196وذخاير العقبى ص81 والطرق الحكمية ص53 ) ، وبهذا أكون قد ذكرت بعضا من مواقف الامام علي (ع) الدالة على علمه فمن يريد المزيد فعليه بالمراجعه للكتب المختصة.

 


 

المخالف : لماذا لم تنقل لنا الأخبار والأقوال عن علم الخليفتين أبي بكر وعمر ؟.

 

الموالي : سوف أنقل بعضا منها من باب الأمانة العلميه ولكن لن أعتمد عليها ، وسوف أطالبكم بأثبات المواقف العملية لكي يثبت لي أنهما فعلا يحملان علما وما مضى حتى الآن وضح منه عدم المامهما بأي علم وسو ف يأتي مزيدا من ذلك.

 


 

المخالف : لماذا لا تعتمد على هذه الروايات في حقهما ؟.

 

الموالي : ذلك لسببين ، الأول : بعد أن أنقل بعضا من تلك الأقوال سوف أنقل أقوال مجموعه من الأعلام الذين ضعفوا هذه الأقوال ،

                                 وثانيا : بأن المواقف العمليه تناقض هذه الروايات والأقوال.

 


 

المخالف : ممكن أن تنقل لنا الآن بعضا من تلك الأقوال والأخبار لنرى ؟

 

الموالي : نعم .. فمن هذه الأخبار والأقوال قول ( أبن تيميه في منهاج السنة ج3ص128 ) لم يكن أبو بكر وعمر وغيرهما من أكابر الصحابة يخصان عليا بسؤال ، والمعروف أن عليا أخذ العلم عن أبي بكر ومنها قول ( ابن حجر العسقلاني في الصواعق ص19 ) أن أبا بكر من أكابر المجتهدين بل هو أعلم الصحابة على الاطلاق.

 

- ومنها قول ( ابن حزم في الفصل ج4ص136 ) علم كل ذي حظ من العلم أن الذي كان عند أبي بكر من العلم أضعاف ما كان عند علي منه ، وغيرها من الأقوال ولقد اعتمدوا على مجموعه من الروايات نسبت إلى النبي(ص) منها قوله : (ص) رأيت كأني أعطيت عسا مملوءا لبنا فشربت منه حتى امتلأت ، فرأيتها تجري في عروقي بين الجلد واللحم ففضلت منها فضلة فأعطيتها أبا بكر ، قالوا : يا رسول الله هذا علم أعطاكه الله حتى إذا امتلأت ففضلت فضلة فأعطيتها أبا بكر ، قال : (ص) قد أصبتم وفي خبر آخر نسب إليه (ص) أنه قال : ما صب الله في صدري شيئا الا وصبه في صدر أبي بكر وغيرها من الأقوال والأخبار ولكن وبمراجعة سريعة فأننا نجد بأن هناك من العلماء من تكلم في هذه الفضائل والمعطيات.

 

- منهم ( العجلوني في كتابه كشف الخفا ص419الى 424 ) فقد عد مئة باب من أبواب الفقه وغيره ، فقال : لم يصح فيه حديث أو ليس فيه حديث صحيح ، ومن ، ثم قال : في ص419 فضائل أبي بكر الصديق (ر) أشهر المشهورات من الموضوعات  كحديث إن الله يتجلى للناس عامة ولأبي بكر خاصة.

 

- وقال : ( السيوطي في اللئالي المصنوعة ج1ص186الى 302 ) ثلاثين حديثا من أشهر فضائل أبي بكر مما اتخذه المؤلفون في القرون الأخيرة من المتسالم عليه ، وأرسلوه ارسال المسلمات بلا أي سند أو أي مبالاة وزيفها وحكم فيها بالوضع وذكر رأي الحفاظ فيها ، وكذلك الفيروز آبادي في خاتمة كتابه سفر السعادة ، قال عن هذه الأحاديث وليس منها شي صحيح ولم يثبت منها عند جهابذة علماء الحديث شيء ثم عد أبواب إلى أن قال : باب فضائل أبي بكر الصديق (ر) أشهر المشهورات من الموضوعات أن الله يتجلى للناس عامة ولأبي بكر خاصة ، وحديث : ما صب الله في صدري شيئا الا وصبه في صدر أبي بكر وحديث كان (ص) إذا اشتاق الجنة قبل شيبة أبي بكر .... إلى أن قال : وأمثال هذا من المفتريات المعلوم بطلانها ببديهة العقل وعلى هذا الكلام لابد من أن ننقل مواقف الخليفتين حتى نتبين صدق هذه المدعيات ، وهل لها واقع أم أن الواقع ضدها وبعكسها تماما :

 

المصداق الأول : أخرج الامام مسلم في صحيحه في باب التيمم ، عن عبد الرحمن بن ابزي : أن رجلا أتى عمر ، فقال : إني أجنبت فلم أجد ماء ، فقال عمر : لا تصل ، فقال عمار : أما تذكر يا أمير المؤمنين إذ أنا وأنت في سرية فأجنبنا فلم نجد ماء فأما أنت فلم تصل وأما أنا فتمعكت في التراب وصليت ، فقال النبي (ص) : إنما كان يكفيك أن تضرب بيديك الأرض ثم تنفخ ثم تمسح بهما وجهك وكفيك ، فقال عمر : اتق الله يا عمار ، قال : إن شئت لم أحدث به ، ، المصدر ( وراجعه في المصادر التالية بشتى الفاظه :سنن أبي داود ج1ص53وسنن ابن ماجه ج1ص200ومسند أحمد ج4ص265وسنن النسائي ج1ص59 وص61وسنن البيهقي ج1ص209 ) ، فعجبا لعلم الخليفة وكأنه لم يقرا القرآن : ( { فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا ( النساء : 43 ) } أهذا هو علم الخليفة في الأوليات من المسائل الشرعية.

 

المصداق الثاني : لعلم الخليفة : أخرج ( الامام أحمد في مسنده ج1ص192 ) بإسناده ، عن مكحول أن رسول الله (ص) ، قال : إذا صلى أحدكم فشك في صلاته فإن شك في الواحدة والثنتين فليجعلها واحدة ، وأن شك في الثنتين والثلاث فليجعلها اثنتين ، وأن شك في الثلاث والأربع فليجعلها ثلاثا ، يكون الوهم في الزيادة ، ثم يسجد سجدتين قبل أن يسلم ثم يسلم ، قال محمد بن اسحاق : وقال لي حسين بن عبد الله : هل أسنده لك ، فقلت : لا ، فقال : لكنه ، حدثني : أن كريبا مولى ابن عباس حدثه ، عن ابن عباس ، قال : جلست إلى عمر بن الخطاب ، فقال : يا ابن عباس إذا اشتبه على الرجل في صلاته فلم يدر أزاد أم نقص ، قلت : يا أمير المؤمنين ما أدري ما سمعت في ذلك شيئا ، فقال عمر : والله ما أدري ، وفي لفظ البيهقي : لا والله ما سمعت منه (ص) فيه شيئا ولا سألت عنه فبينما نحن على ذلك إذ جاء عبد الرحمن بن عوف ، فقال : ما هذا الذي تذكران ، فقال له عمر : ذكرنا الرجل يشك في صلاته كيف يصنع ، فقال : سمعت رسول الله (ص) ، يقول : هذا الحديث ....

 

- وقد مر ذكر الحديث وفي موقع آخر من : ( المسند ج1ص190و195وسنن البيهقي ج2ص332 ) ، عن كريب ، عن ابن عباس ، أنه قال له عمر : يا غلام هل سمعت من رسول الله (ص) أو من أحد من أصحابه إذا شك الرجل في صلاته ماذا يصنع ، قال : فبينما هو كذلك إذ أقبل عبد الرحمن بن عوف ، فقال : فيما أنتما ، فقال عمر : سألت هذا الغلام هل سمعت من رسول الله (ص) أو أحد من أصحابه إذا شك الرجل في صلاته ماذا يصنع ، فقال عبد الرحمن : سمعت رسول الله (ص) ، يقول : إذا شك أحدكم الحديث .... وقد مر ذكره فعجبا لهذا العالم والخليفة الذي لا يحسن أحكام الشك وهي محل ابتلاء فماذا يصنع بما هو أصعب ويقل الابتلاء به.

 

المصداق الثالث : لعلم عمر : قام عمر خطيبا ، فقال : أيها الناس لا تغالوا بصداق النساء فلو كانت مكرمة في الدنيا أو تبقوي عند الله لكان أولاكم بها رسول الله (ص) : ما أصدق امرأة من نسائه أكثر من اثني عشر أوقية ، فقامت إليه امرأة ، فقالت له : يا أمير المؤمنين لم تمنعنا حقا جعله الله لنا ، والله ، يقول : { وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا ( النساء : 20 ) } فقال عمر : كل أحد أعلم من عمر ، ثم قال لأصحابه : تسمعونني أقول مثل القول فلا تنكرونه علي حتى ترد علي امرأة ليست من أعلم النساء ، المصدر ( راجع تفسير الكشاف ج1ص357 وشرح صحيح البخاري للقسطلأني ج8ص57 وله مصادر أخرى والفاظ أخرى فراجع ابن الجوزي في سيرة عمر ص129وأبن كثير في تفسيره ج1ص467عن أبي يعلى ، وقال : اسناده جيد قوي والهيثمي في مجمع الزوائد ومنبع الفوائد ج4ص284 والسيوطي في الدر المنثور في التفسير بالمأثور ج2ص133 وفي جمع الجوامع كما في ترتيبه ج8ص298 والدرر النتثرة ص243 نقلا عن سبة من الحفاظ منهم أحمد وابن حبان والطبراني والشوكاني في فتح القدير ج1ص407والعجلوني في كشف الخفاء ومزيل الالباس ج1ص269 نقلا عن أبي يعلىوقال : سنده جيد ).

 

- وأخرج ( البيهقي بهذا النص في السنن الكبرى ج7ص233 ) ، عن الشعبي ، قال : خطب عمر بن الخطاب (ر) الناس فحمد الله وأثنى عليه ، وقال : الا تغالوا في صداق النساء فانه لا يبلغني عن أحد ساق أكثر من شيء ساقه رسول الله (ص) أو سبق إليه الا جعلت فضل ذلك في بيت المال ثم نزل ، عرضت له امرأة من قريش ، فقالت : يا أمير المؤمنين أكتاب الله تعالى أحق أن يتبع أو قولك ، قال : بل كتاب الله تعالى ، فما ذاك، قالت : نهيت الناس آنفا أن يغالوا في صداق النساء والله تعالى يقول في كتابه : { وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا ( النساء : 20 ) } فقال عمر (ر) : كل أحد أفقه من عمر ، مرتين أو ثلاثا وذكره ( السيوطي في جمع الجوامع كما في الكنز ج8ص298 نقلا عن سنن سعيد بن منصور والبيهقي ورواه السندي في حاشية السنن لابن ماجه ج1ص583 والعجلوني في كشف الخفاء ومزيل الالباس ج1ص269وج2ص118 ).

 

- وفي لفظ آخر ، قال عمر (ر) على المنبر : لا تغالوا بصدقات النساء ، فقالت امرأة : أنتبع قولك أم قول الله : { وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا ( النساء : 20 ) } فقال عمر : كل أحد أعلم من عمر ، تزوجوا على ما شئتم ( تفسير النسفي هامش تفسير الخازن ج1ص353 وكشف الخفاء ومزيل الالباس ج1ص388 ) وغيرها وقد وضح إلى هنا الاعتراف الصريح من عمر بأن كل الناس أعلم من عمر فأين علم الخليفة المدعى.

 

المصداق الرابع : لعلم عمر ، عن أنس بن مالك ، قال : إن عمر قرأ على المنبر : فأنبتنا فيها حبا وعنبا وقضبا وزيتونا ونخلا وحدائق غلبا وفاكهة وأباّ ( سورة عبس ) ، قال : كل هذا عرفناه فما الأب ثم رفض عصا كانت في يده ، فقال : هذا لعمر الله هو التكلف فما عليك أن لا تدري ما الأب اتبعوا مابين لكم هداه من الكتاب فاعملوا به وما لم تعرفوه فكلوه إلى ربه ولهذه القصة نقولات والفاظ متعددة إليك ، المصادر فتابعها لتعرف علم عمر هذه الأحاديث : ( أخرجها سعيد بن منصور في سننه وأبو نعيم في المستخرج وابن الإيمان وابن جرير في تفسيره ج30 ص38 والحاكم في المستدرك ج2ص514وصححه هو واقره الذهبي في تلخيصه والخطيب في تاريخه ج11ص468 والزمخشري في الكشاف ج2ص 253ومحب الدين الطبري في الرياض النضرة ج2ص49نقلا عن البخاري والبغوي والمخلص والذهبي والشاطبي في الموافقات ج1ص21وص25وابن الجوزي في سيرة عمر ص120 وابن الأثير في النهايه ج1ص10وأبن تيميه في مقدمة أصول التفسير ص30 وابن كثير في تفسيره ج4ص473وصححه والخازن في تفسيره ج4ص37  ).

 

المصداق الخامس : عن مسعود الثقفي ، قال : شهدت عمر بن الخطاب أشرك الأخوة من الأب والأم ومع الأخوة من الأم في الثلث ، فقال له رجل : قضيت في هذا عام أول بغير هذا ، قال : كيف قضيت ، جعلته للأخوة من الأم ولم تجعل للأخوة من الأب والأم شيئا ، قال : تلك على ما قضينا وهذا على ما قضينا ، وفي لفظ : تلك على ما قضينا يومئذ ، وهذه ما قضينا اليوم ، المصدر ( البيهقي في السنن الكبرى ج6ص255 بعدة طرق والدارمي في سننه ص154 وأبو عمر في العلم ص139 ).

 

فأقول سبحان الله لهذا القائد الذي في كل يوم له حكم شرعي :

 

المصداق الأول : من علم الخليفة الأول : لقد سال الخليفة سائل عن قوله تعالى : { وَفَاكِهَةً وَأَبًّا ( عبس : 31 ) } فقال : أية سماء تظلني أو أية أرض تقلني أم أين أذهب ، أم كيف أصنع إذا قلت في كتاب الله بما لم أعلم ، أما الفاكهة فأعرفها وأما الأب فالله أعلم فبلغ ذلك أمير المؤمنين عليا (ع) ، فقال : إن الأب هو الكلأ والمرعى ،  المصدر ( الزمخشري في الكشاف ج3ص253والقرطبي في تفسيره ج1ص29 وابن تيميه في مقدمة أصول التفسير ص30وابن كثير في تفسيره ج1ص5 وصححه وابن القيم ص158وض159 وأبو نعيم الأصفهاني في حلية الأولياء وطبقات الأصفياء والبيهقي في أعلام الموقعين ص29وصححه والخازن في تفسيره ج4ص274والنسفي في تفسيره هامش الرازي ج8ص389 والسيوطي في الدر المنثور في التفسير بالمأثور ج6ص317وابن حجر العسقلاني في فتح الباري ج13ص230 ).

 

المصداق الثاني : فعن قبيصة بن ذويب ، قال : جاءت الجدة إلى أبي بكر الصديق (عتيق) تسأله عن ميراثها ، فقال لها أبو بكر : مالك في كتاب الله شيء ( نحن معاشر الجدود لا نورث ، هذه زيادة مني للتوضيح ) وما علمت لك في سنة رسول الله (ص) شيئا فارجعي حتى أسال الناس ، فقال المغيرة بن شعبة : حضرت رسول الله (ص) أعطاها السدس ، فقال أبو بكر : هل معك غيرك ، فقام محمد مسلمه الأنصاي ، فقال : مثل ما قال : المغيرة فأنفذه لها أبو بكر ، المصدر ( موطا مالك ج1ص 335وسنن الدارمي ج2ص351 وسنن أبي داود ج2ص17وسنن ابن ماجه ج2ص163 ومسند أحمد ج4ص224وسنن البيهقي ج6ص234وبداية المجتهد ج2ص244 ومصابيح السنه ج2ص  22 ).

 

المصداق الثالث : أخرج أئمة الحديث بإسناد صحيح رجاله ثقات ، عن الشعبي ، قال : سئل أبو بكر عن الكلالة ، فقال : أني سأقول فيها برأيي فإن يك صوابا فمن الله وإن يك خطأ فمني ومن الشيطان ، والله ورسوله بريئان منه ، أراه ما خلا الولد والوالد ، المصدر ( الدارمي في سننه ج2ص365 والطبري في تفسيره ج6ص30 والبيهقي في سننه الكبرى ج6ص223 والسيوطي في الجامع الكبير كما في ترتيبه ج6ص20 وابن كثير في تفسيره ج1ص260 ) وغيرهم.

 

فسبحان الله منه ومن الشيطان ، ثم يمشيه على الأمة ولماذا لم يرجع فيه للعلماء فمثل هؤلاء يحق أن يقال بأنهم من العلماء وهم يجهلون أوضح الواضحات ومن أراد المزيد فعليه بالبحث فإن هناك الكثير من هذه المسائل ، ولكن أخذت بعضا منها لاثبات واقع الجهل الذي يعيشه هؤلاء الافراد ، والآن قد أوشكنا أن ننتهي من هذا العدد بقيت نقطة أخيره وهي الأفضلية في النسب أيهم الأفضل .

 


 

 النسب

 

المخالف : وما فائدة هذه المسألة والإسلام نهانا أن نتكلم في هذه النقطة ونتكلم في الأنساب فلماذا تثير أنت هذا الاشكال ؟.

 

الموالي : أخي الفاضل أقول نعم .. كما قلت أنت : أن الإسلام نهانا عن الخوض في هذه المسألة حيث قال تعالى : { إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللهِ أَتْقَاكُمْ ( الحجرات : 13 ) } وبحثي لأجل نقطة أخرى وهي قول النبي (ص) في المصادر الصحيحة : أن الخلفاء من قريش ، وعليه فقد ورد في بعض المصادر خدشة في نسب بعض من أولائك الأشخاص وعليه سوف أذكر هذه النقطة وسوف أمر بها بسرعة ولا أقف فيها.

 

- من هو علي بن أبي طالب : هو علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بعد لا أزيد على هذا لأنه وصل إلى النبي (ص) والذي يريد أن يبحث في نسبه فعليه أن يبحث في نسب النبي (ص) : لاتحاد النسبين فاكتفي بذلك.

 

- من هو أبو بكر : قيل هو عبد الله بن أبي قحافة عثمان بن عامر بن عمرو بن كعب بن سعد بت تيم بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب القرشي ، التيمي ، يلتقي مع رسول الله (ص) في مرة ، المصدر ( تاريخ الخلفاء للسيوطي ص21ثم يواصل ، فيقول ، قال النووي في تهذيبه (ي تهذيب الأسماء واللغات للنووي ج2ص181 ) ، وما ذكرناه من إسم أبي بكر الصديق عبد الله هو الصحيح المشهور ، وقيل : اسمه عتيق ، والصواب الذي عليه كافة العلماء أن عتيقا لقب له لا إسم ، ولقب عتيق العتقه من النار ، كما ورد في حديث رواه الترمذي ، وقيل لعتاقتة وجهه - أي حسنه وجماله - قاله مصعب بن الزبير ، والليث بن سعد ، وجماعة ، وقيل لأنه لم يكن في نسبه شيء يعاب انتهى كلامه وهنا شك يثار في نسب الرجل.

 


 

المخالف : وهل تشك في نسبه هذا ؟.

 

الموالي : احتمل أن في الأمر شيئا مخفي ولعل مما يثير الشكوك هذه الترجمة كما في ( تاريخ الخلفاء للسيوطي ص22 ) ، فيقول :

 

قال ابن كثير : اتفقوا على أن اسمه عبد الله بن عثمان الا ما روى ابن سعد ، عن ابن سيرين : أن اسمه عتيق والصحيح إنه لقبه ، ثم اختلف في وقت تلقيبه به وفي سببه ، فقيل : لعتاقة وجهه أي لجماله ، قاله الليث بن سعد وأحمد بن حنبل وابن معين وغيرهم.

 

- وقال أبو نعيم الفضل بن دكين : لقدمه في الخير ، وقيل : لعتاقة نسبه أي طهارته إذ لم يكن في نسبه شيء يعاب به ، وقيل : سمي به أولا ثم سمي بعبد الله.

 

- وروى الطبراني ، عن القاسم بن محمد أنه سأل عائشة ، عن إسم أبي بكر ، فقالت : عبد الله ، فقال : أن الناس ، يقولون عتيق ، قالت : إن أبا قجافة كان له ثلاثة أولاد سماهم : عتيقا ومعتقا ومعيتقا.

 

- وأخرج ابن منده ، وابن عساكر ، عن موسى بن طلحة ، قال : قلت لأبي طلحة : لم سمي أبو بكر عتيقا ، قال : كانت أمه لايعيش لها ولد فلما ولدته استقبلت به البيت ، ثم قالت : اللهم أن هذا عتيق من الموت فهبه لي.

 

- وأخرج الطبراني ، عن ابن عباس ، قال : إنما سمي عتيقا لحسن وجهه.

 

- وأخرج ابن عساكر ، عن عائشة ، قالت : إسم أبي بكر الذي سماه به أهله عبد الله ولكن غلب عليه اسم عتيق ، وفي لفظ : ولكن النبي (ص) سماه عتيقا.

 

- وأخرج أبو يعلى في مسنده ، وابن سعد ، والحاكم وصححه ، عن عائشة ، قالت : والله إني لفي بيتي ذات يوم ورسول الله (ص) وأصحابه في ألفناء والستر بيني وبينهم إذ أقبل أبو بكر ، فقال النبي (ص) : من سره أن ينظر إلى عتيق من النار فلينظر إلى أبي بكر وأن أسمه الذي سماه أهله عبد الله فغلب عليه اسم عتيق.

 

- وأخرج الترمذي ، والحاكم ، عن عائشة : أن أبا بكر دخل على رسول الله (ص) ، فقال : يا أبا بكر أنت عتيق الله من النار فمن يومئذ سمي عتيقا ، وأخرج البزار والطبراني بسند جيد ، عن عبد الله ابن الزبير : قال : كان إسم أبي بكر عبد الله ، فقال له رسول الله (ص) : أنت عتيق الله من النار فسمي عتيقا.

 


 

المخالف : وماذا في هذه الترجمة يا ترى من الاشكال ؟.

 

الموالي : أتركه للقاري ولكن مسألة عتيق ومحاولة ايجاد الأسباب اليها وسبب اطلاقها وتولد الكثير من الشكوك ومن أجل ذلك وللايضاح أكثر سوف أنقل هنا للقاري الكريم ما ذكره المحقق الشيخ ( نجاح الطائي في كتابه نساء النبي وبناته ص83 ).

 

- فقد ذكر مايلي والعهدة عليه : وكان أبو بكر وأبوه أبو قحافة من عبيد الحبشة وأسم أبي بكر عتيق وكان أسود اللون فقد ذكروه في جملة السودان ، فقال ابن الجوزي في عيون الأثر في المغازي والسير : أن السودان أسامة بن زيد وأبو بكر وسالم مولى أبي حذيفة وبلال بن رباح ( راجع عيون الأثر في المغازي والسير لابن سيد الناس ص449 وقد حذف الناشرون ذلك في الطبعات الجديدة ).

 

- وسمي عتيق لأنه اعتق من العبودية فجاء : قال جبير بن مطعم بن عدي لعبده وحشي : أن أنت قتلت حمزة عم محمد بعمي طعيمة بن عدي فأنت طليق ( راجع :السيرة الحلبية ج2ص217 ).

 

- فعتيق هو كل من يعتق وكان أولاد أبي قحافه هم : عتيق وعتيق ومعتق وهذه أسماء المعتقين من العبودية ، وأعترف الشاعر عمير بن الأهلب الضبي المشارك في جيش عائشة في معركة الجمل بعبودية أبي بكر قائلا :

 

أطعنا بني تيم ابن مرة شقوة * وهل تيم الا أعبد وإماء

( راجع : تاريخ الطبري ج3ص 531 ) ،

 

- لذلك ، قال أبو سفيان ، عن حكم أبي بكر : ما بال هذا الأمر في أقل قريش مكانة وأذلها ذلة أي أذلاء بالعبودية : ( الحاكم وصححه الذهبي تاريخ الخلفاء للسيوطي ص66 ).

 

- وقال قيس بن سعد بن عبادة لأبي بكر : ليس عندك حسب كريم : (  البحار ج29ص167 ).

 

- وقال عمر لأبي بكر : والهفاه على ضئيل بني تيم ، والضئيل هو العبد ( شرح نهج البلاغه للمعتزلي ج2ص31الى 34 ).

 

- وكان أبو قحافة من عبيد عبد الله بن جدعان التيمي وعمله النداء على طعامه فجاء في حق أبن جدعان من الشعر : له داع بمكة مشمعل وآخر فوق دارته ينادي ، فالمشمعل هو سفيان بن عبد الأسد والآخر هو أبو قحافة والأثنان من عبيد عبد الله بن جدعان ، قال هشام بن الكلبي : كانت أم سفيان بن عبد الأسد أمة لابن جدعان ( مثالب العرب لهشام بن الكلبي ص139ط دار الهدى للتراث بيروت ومعجم البلدان للحموي ج2ص424وج5ص185والسيرة النبوية لابن كثير ج1ص117 ) ، فأم سفيان وأم عتيق من عبيد عبد الله بن جدعان انتهى كلام المحقق الشيخ الطائي وأنا أخرجت هذه الترجمة كاملة وأترك للقارئي أن يتأمل ويحكم بنفسه على نسب الرجل وهل هناك احتمال على أنه ليس بقرشي أم لا ، وهل أنه كان من العبيد أم لا ، ولن أتدخل هنا لأنه لا يهمني كثيرا.

 

****

- وأما من هو عمر بن الخطاب فهو : عمر بن الخطاب بن نفيل بن عبد العزى بن رياح بن قرط بن رزاح بن عدي بن كعب بن لؤي أمير المؤمنين أبو حفص القرشي العدوي الفاروق ، ولا أريد أن اقف كثيرا أيضا : عند نسب عمر ولكن أقول : بأن هذا التعريف عليه ما عليه من مثل الفاروق ، وقد مر إنه لقب خاص بامير المؤمنين علي بن أبي طالب وكذلك لقب أمير المؤمنين ، ولكن أقف وقفة أخرى مع ذات النسب فلقد ذكر المحقق الشيخ نجاح الطائي مايلي في كتابه نساء النبي وبناته ما يلي لقد غير الرواة الأمويون والقصاصون كل ما استطاعوا تغييره ومن ذلك لون الصحابة وأصلهم وعبوديتهم ، فقد كان عمر بن الخطاب عبدا حبشيا أسود اللون من عبيد الوليد بن المغيرة المخزومي فجعلوه حرا ومن ولد إسماعيل (ع) وأبيض اللون وهذا الزيف المتعمد يفقد القارئ الثقة بأولئك الكتاب والرواة ، وكانت صهاك جدة عمر زنجية وكان نفيل جده زنجيا من الحبشة وكانا من عبيد عبد المطلب بن هاشم وكانت حنتمة أم عمر ممن عثر عليها هشام بن المغيرة المخزومي ورباها ، المصدر ( شرح نهج البلاغة للمعتزلي ج3ص102وتهذيب اللغة ج8ص122وتاج العروس للزبيدي ج13ص188 ، والنهاية في غريب الحديث والأثر والأثر لابن الأثير ج 338ومثالب العرب للكلبي ص103 ).

 

- فأصبح عمرا عبدا للوليد بن المغيرة المخزومي ، فقد جاء أن عمر بن الخطاب كان عسيفا أي عبدا للوليد بن المغيرة المخزومي ، المصدر ( أقرب الموارد مادة عسف ).

 

- وقال ابن حجر العسقلاني ، عن عمر بن الخطاب : كان أعسر يسرا طويلا أدم شديدا الأدمه ، أي أسود اللون ، المصدر ( تهذيب التهذيب لابن حجر العسقلاني ج7ص386 ).

 

- وقال سفيان الثوري : كان عمر رجلا أدم ، المصدر ( المصدر السابق ).

 

- وأقر ( الواقدي ) بزنجينته قائلا : أن سمرته أنما جاءت من أكل الزيت عام الرمادة  ( راجع نفس المصدر  ) انتهى كلام الشيخ الطائي من كتابه المذكور ( ص82وص83  ) ، وأترك الحكم للقاري المفضل يحكم بنفسه ومن دون تعليق من قبلي وأقول والعلم لله تعالى لعل النبي (ص) عندما ركز على كون الخلفاء من قريش يريد أن يشير إلى هذه النقطة الخفيه والله هو وحده العالم.

 

وبهذا أكون قد انتهيت من العدد الخامس على أن التقي معاكم في العدد القادم حول الشورى والحمد لله على التوفيق وله الحمد والشكر.

 

أبو حسام خليفة عبيد الكلباني العماني

تم البحث في 18/3/2004م الموافق 26/1/1425هجري.

 

العودة لصفحة البداية

العودة لفهرس المواضيع