العودة لصفحة البداية

العودة لفهرس المواضيع

 

بحث في الشورى

>:

حوار هادئ بين موالي ومخالف

 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

- الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين المنتجبين ، لقد كان الكلام في ما مضى يدور حول النظريات المطروحة بين الأمة في اختيار الخليفة ، وقلت : فيما مضى أن النظريات الأساسية ثلاث نظريات وإن كان هناك أقوال أخرى كالقول بالغلبة والقهر وغيرها ولكن ما يهمني الآن النظريات الثلاث ولقد تم الكلام عن النظرية الأولى ، وقلت بأنها جيدة ومطلوبة ولكن عيبها أننا لا يمكن أن نعرف الأفضل وإن كان في مثل علي بن أبي طالب (ع) واضحة ولكن في غيره قد تناقش المسألة ومع ذلك ثبت لنا أفضلية الامام علي (ع) على غيره في كل المجالات.

 


 

المخالف : والآن إلى أين سوف يتجه البحث وهل من موضوع جديد أم سوف تكمل ما بدأت به من النظريات الثلاث ؟.

 

الموالي : سوف أكمل البحث في النظريات الثلاث وسوف يكون الكلام عن الشورى.

 


 

المخالف : وهل عندك شك في أن الشورى هي احدى الطرق لمنصوص عليها من الشريعة المقدسة والقرآن خير شاهد على ذلك لأن القرآن قد ذكر الشورى في آيتين من القرآن ؟.

 

الموالي : سبحان الله وهل كل شي ذكره القرآن يحق لكم بأن تعتبروه دليل فلقد ذكر البقرة والحمار والنمل وغير ذلك ، فهل هو دليل وكذلك ذكر الوصية فهل تقولون بالوصية أم لا ، أخي الفاضل المستشكل أقول لك : لابد لنا من أن نبحث في هاتين الآيتين لنعرف ما هو المقصود منهما وما هو مدلوليهما وبعد ذلك نعطي الحكم فالتسرع غير صحيح أبدا ، ومن هنا سوف نبتدئ أولا بأقوال المفسرين للآيتين ومن ثم نعلق أو أننا سوف نعلق في الاثناء إن كان يحتاج تعليق وسوف أبتدئ بقوله تعالى : { وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ ( الشورى : 38 ) } لنرى ماذا يقول أهل التفسير في ذلك :

 

- قال الفخر الرازي : وأما قوله تعالى : { وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ ( الشورى : 38 ) } فقيل : كان إذا وقعت بينهم واقعة اجتمعوا وتشاوروا فأثنى الله عليهم أي لا ينفردون برأي بل ما لم يجتمعوا عليه لا يقدمون عليه ، وعن الحسن ما تشاور قوم الا هدوا لأرشد أمرهم والشورى مصدر كالفتيا بمعنى التشاور ومعنى قوله : { وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ ( الشورى : 38 ) } أي ذو شورى ، ( التفسير الكبير للرازي ج27ص152 ).

 

- وفي الدر المنثور في التفسير بالمأثور : وأخرج الخطيب في رواة مالك ، عن أبي هريرة (ر) - مرفوعا ، استرشدوا العاقل ترشدوا ولا تعصوه فتندموا ، المصدر ( السيوطي - الدر المنثور في التفسير بالمأثور - الجزء : ( 6 ) - رقم الصفحة : ( 10 ) ).

 

- وأخرج البيهقي في شعب الإيمان ، عن ابن عمر (ر) ، عن النبي (ص) ، قال : من أراد أمرا فشاور فيه وقضى اهتدى لأرشد الأمور ، ( السيوطي - الدر المنثور في التفسير بالمأثور - الجزء : ( 6 ) - رقم الصفحة : ( 10 ) ).

 

- وأخرج البيهقي ، عن يحيى بن أبي كثير (ر) ، قال : قال سليمان بن داود (ع) لابنه يا بني عليك بخشية الله فانها غاية كل شيء يا بني لا تقطع أمرا حتى تؤمر مرشدا ، فإنك إذا فعلت ذلك رشدت عليه يا بني عليك بالحبيب الأول فإن الأخير لا يعدله ، المصدر ( السيوطي - الدر المنثور في التفسير بالمأثور - الجزء : ( 7 ) - رقم الصفحة : ( 357 ) ).

 

- وقال البغوي : { وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ ( الشورى : 38 ) } يتشاورون فيما يبدو لهم ولا يعجلون ، المصدر (  تفسير البغوي ج4ص129 ).

 

- وقال صاحب تفسير البيضاوي : { وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ ( الشورى : 38 ) } ذو شورى بينهم لا ينفردون برأي حتى يتشاوروا ويجتمعوا عليه وذلك من فرط تدبرهم وتيقظهم في الأمور وهي مصدر كالفتيا بمعنى التشاور ، المصدر ( تفسير البيضاوي ج5ص133).

 

- وقال ابن الجوزي : { وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ ( الشورى : 38 ) } قال ابن قتيبه أي يتشاورون فيه بينهم ، وقال الزجاج المعنى أنهم لا ينفردون برأي حتى يجتمعوا عليه ، المصدر ( زاد المسير في علم التفسير - ابن الجوزي ج:7 ص:291 ).

 

- وعن الحسن : ما تشاور قوم الا هدوا لأرشد أمرهم والشورى ، مصدر كالفتيا بمعنى التشاور ومعنى قوله : { وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ ( الشورى : 38 ) } أي ذو شورى وكذلك قولهم ترك رسول الله (ص) وعمر بن الخطاب (ر) لخلافة شورى ، المصدر ( الكشاف للزمخشري ج4ص233 ) ، هذه هي كلمات المفسرين فحتى لا يطول الكلام ويثقل على القارئ الكريم سوف اكتفي بهذه النقولات فقط.

 


 

المخالف : ولكن لم تقل لي ألم ترى بأن هذه الآية تمتدح أصحاب الشورى والذين لا يفعلون أمر الا بعد المشورة ؟.

 

الموالي : نعم عرفت ذلك وهذا أمر مستحسن وأمر جميل ولا خلاف بيني وبينك في أن الاستشارة خير في كل عمل يخص من استشار ولا نزاع في ذلك.

 


 

المخالف : هل سلمت الآن بأن الشريعة قدمت للأمة هذا الأمر كطريقة لاختيار ولي أمرهم أم لا ؟.

 

الموالي : كلامك هذا مرفوض من جهتين الأولى إنك اشتبهت ، وقلت بأن الشريعة شرعت أوقدمت للأمة وهذا خطأ واضح فالشورى المذكورة هنا في هذه الآية لم تكن مشروع جديد ، وإنما هو امتداح من الشريعة لمجموعة من المسلمين كانوا يتعاملون بهذا المبدأ في حياتهم فأقرتهم على هذا العمل وامتدحتهم.

 


 

المخالف : ومن هم هؤلاء الذين كانوا يتعاملون بالشورى ؟.

 

الموالي : سؤال جميل جدا لنعود لأقوال المفسرين من جديد لنبحث عن من هم الذين نزل فيهم هذا المدح.

 

- قال الزمخشري : { وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ ( الشورى : 38 ) } نزلت في الأنصار دعاهم الله عز وجل للإيمان به وطاعته فاستجابوا له بأن أمنوا به وأطاعوه وأقاموا الصلواة وأتموا الصلوات الخمس ، وكانوا قبل الإسلام وقبل مقدم رسول الله (ص) المدينة إذا كان بهم أمر اجتمعوا وتشاوروا فأثنى الله عليهم أي لا ينفردون برأي حتى يجتمعوا عليه ، المصدر ( الكشاف للزمخشري ج4ص233 ).

 

- وقال السمعاني : وقوله : { وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ ( الشورى : 38 ) } ذكر النقاش أن هذا في الأنصار وكانوا يتشاورون في الأمر بينهم فمدحهم الله على ذلك وذلك دليل على اتفاق الكلمة وترك الاستبداد بالرأي والرجوع إلى الرأي عند نزول الحادثة ، وقيل : إن الأنصار تشاوروا فيما بينهم حين دعاهم النبي (ص) إلى الإيمان ثم أجابوا إلى الإيمان ، المصدر ( تفسير السمعاني ج:5 ص:81 ).

 

- وقال الآلوسي : { وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ ( الشورى : 38 ) } للإيمان به وطاعته سبحانه قيل نزلت في الأنصار دعاهم الله تعالى على لسان رسوله فاستجابوا له فأثنى عليهم جل وعلا بما أثنى وعليه ، فهو من ذكر الخاص بعد العام لبيان شرفه لإيمانهم دون تردد وتلعثم ، والآية إن كانت مدنية فالأمر ظاهر وإذا كانت مكية فالمراد بالأنصار من آمن بالمدينة قبل الهجرة أو المراد بهم أصحاب العقبة ، المصدر ( روح المعاني - الألوسي ج:25 ص:46 ).

 

- وقال الشوكاني : { وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ ( الشورى : 38 ) } أي أجابوه إلى ما دعاهم إليه وأقاموا ما أوجبه عليهم من فريضة الصلاة ، قال ابن زيد : هم الأنصار بالمدينة استجابوا إلى الإيمان بالرسول حين انفذ اليهم أثنى عشر نقيبا منهم قبل الهجرة وأقاموا الصلاة لمواقيتها بشروطها وهيئاتها ( وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ ) ( الشورى : 38 ) أي يتشاورون فيما بينهم ولا يعجلون ولا ينفردون بالرأي ، المصدر ( فتح القدير - الشوكاني ج:4 ص:540 ).

 


 

المخالف : وما هي الفائدة من سرد هذه الأقوال في أسباب نزول هذه الآية وخاصة كونها في الأنصار ؟.

 

الموالي : أنت سألت وأنا أجبت ولي في ذلك غرض آخر من هذا الطرح والبيان وهو أني أريد أن أبين لك بأن هذه الآية لم تشرع مسألة الشورى ، وإنما أتت مادحة للأنصار لأنهم يتعاملون في شؤون حياتهم بهذا المبدأ وليس للحاكمية أي ذكر ، وعليه فالآية تتكلم عن أمر آخر غير ما استشهد به المخالف ولا دليل أبدا على ما قالوه بأن الآية تدور حول اختيار الخليفة أبدا.

 


 

المخالف : وما هي إذا موارد استخدام الشورى بينهم وفي أي أمر من أمورهم إذا لم نقل بأنها حول الخلافة والحاكمية ؟.

 

الموالي : قال ابن كثير : { وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ ( الشورى : 38 ) } أي لا يبرمون أمرا حتى يتشاوروا فيه ليتساعدوا بآرائهم في مثل الحروب وما جرى مجراها ، كما قال : تبارك وتعالى : { وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ ( آل عمران : 159 ) } الآية ، ولهذا كان يشاورهم في الحروب ونحوها ليطيب بذلك قلوبهم ، المصدر ( تفسير ابن كثير ج:4 ص:119 ).

 

- قال الآلوسي : { وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ ( الشورى : 38 ) } وقد كانت الشورى بين النبي وأصحابه فيما يتعلق بمصالح الحروب وكذا بين الصحابة (ر) بعده عليه الصلاة والسلام وكانت بينهم أيضا في الأحكام ، كقتال أهل الردة وميراث الجد وعدد حد الخمر وغير ذلك والمراد بالأحكام ما لم يكن لهم فيه نص شرعي والا فالشورى لا معنى لها ، وكيف يليق بالمسلم العدول عن حكم الله عز وجل إلى آراء الرجال والله سبحانه هو الحكيم الخبير ، المصدر ( روح المعاني - الألوسي ج:25 ص:46 ).

 

- وقال صاحب الدر المنثور في التفسير بالمأثور : الآية 38 - أخرج عبد بن حميد والبخاري في الأدب وابن المنذر ، عن الحسن (ر) - قال : ما تشاور قوم قط الا هدوا وأرشد أمرهم ، ثم تلا : { وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ ( الشورى : 38 ) } المصدر ( الدر المنثور في التفسير بالمأثور - السيوطي ج:7 ص:357 ).

 

- وأخرج الخطيب في رواة مالك ، عن علي (ر) ، قال : قلت يا رسول الله الأمر ينزل بنا بعدك لم ينزل فيه قرآن ولم يسمع منك فيه شيء ، قال : أجمعوا له العابد من أمتي واجعلوه بينكم شورى ولا تقضوه برأي واحد ، المصدر ( الدر المنثور في التفسير بالمأثور - السيوطي ج:7 ص:357 ).

 

وعلى هذا الكلام ثبت لنا بأن موارد الشورى كانت في الحرب ومواقع الحرب وما شاكل ذلك من الأمور ، وأما الأمور التي ثبت النص فيها فلا يجوز الشورى فيها ، وكذلك أن الشورى في ما يخصهم وليس فيما يخص الله وأحكامه والإمامة من الواجبات مثلها مثل الصوم والصلاة وغيرها من الواجبات.

 


 

المخالف : ولكن وردت هناك بعض التفاسير تقول بأن عمر استند للآية وجعلها شورى اليس بصحيح ؟.

 

الموالي : أقول جزاك الله خير الجزاء على هذه الكلمات ، وأقول لعلك تريد أن تنقل لنا مثل هذه الأقوال :

 

- كما قال الأندلسي : وقد جعل عمر بن الخطاب الخلافة وهي أعظم النوازل شورى ، وقال الحسن : والله ما تشاور قوم بينهم الا هداهم الله لأفضل ما بحضرتهم ، المصدر ( المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز - الأندلسي ج:1 ص: 534 ).

 

- وقال ابن كثير : وهكذا لما حضرت عمر بن الخطاب (ر) الوفاة حين طعن جعل الأمر بعده شورى في ستة نفر وهم عثمان وعلي وطلحة والزبير وسعد وعبد الرحمن بن عوف (ر) فاجتمع رأي الصحابة كلهم (ر) على تقديم عثمان عليهم (ر) ، المصدر ( تفسير ابن كثير ج:4 ص:119 ).

 

أخي الفاضل أقول لك : بأن هذه الكلمات هي استحسانات من المؤلف فأراد أن يبرر بعض المواقف المخالفة ، والا سوف يأتيك في المستقبل القريب أن الخليفة عمر لا يعترف بالشورى أصلا وقد وصلت إليه الخلافة بالنص لا بالشورى ، فلو كانت الشورى شرط فكيف جاز له أن يتقبل الخلافة من دون شورى وبهذا أكون قد انتهيت من الآية الأولى ، وسوف ننتقل للآية الثانية وهي قوله تعالى وشاورهم في الأمر.

 


 

المخالف : قلت بأن الآية الثانية هي : { وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ ( آل عمران : 159 ) } ماذا سوف تبحث في هذه الآية أم أن البحث هو كما مر في الآية السابقة ؟.

 

الموالي : البحث هو سوف يكون مثل البحث في الآية السابقة لنفس الدواعي والأسباب ، أولا : سوف أنقل أقوال المفسرين :

 

- قال الرازي : المسألة الأولى : يقال شاورهم مشاورة وشوارا ومشورة والقوم شورى وهي مصدر سمي القوم بها كقوله : { وَإِذْ هُمْ نَجْوَى ( الإسراء : 47 ) } قيل المشاورة مأخوذة من قولهم شرت العسل أشوره إذا أخذته من موضعه واستخرجته ، وقيل مأخوذة من قولهم شرت الدابة شورا إذا عرضتها والمكان الذي يعرض فيه الدواب يسمى مشوارا ، كأنه بالعرض يعلم خيره وشره فكذلك بالمشاورة يعلم خير الأمور وشرها المصدر ( التفسير الكبير - الرازي ج:9 ص:54 ).

 

- وقال السيوطي : وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر وابن أبي حاتم و البيهقي في سننه ، عن الحسن في قوله : { وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ ( آل عمران : 159 ) } قال : قد علم الله أنه ما به اليهم من حاجة ولكن أراد أن يستن به من بعده المصدر ( الدر المنثور في التفسير بالمأثور - السيوطي ج:2 ص:358 ).

 

- وقال الزمخشري : وشاورهم في الأمر يعني في أمر الحرب ونحوه مما لم ينزل عليك فيه وحي لتستظهر برأيهم ولما فيه من تطييب نفوسهم والرفع من أقدارهم ، وعن الحسن (ر) قد علم الله إنه ما به اليهم حاجة ولكنه أراد أن يستن به من بعده وعن النبي (ص) 215 ( ما تشاور قوم قط الا هدوا لأرشد أمرهم ) ، ( الكشاف - الزمخشري ج:1 ص:459 ).

 

- وقال أيضا : وعن أبي هريرة (ر) : ما رأيت أحدا أكثر مشاورة من أصحاب الرسول (ص) ، وقيل : كان سادات العرب إذا لم يشاوروا في الأمر شق عليهم فأمر الله رسوله (ص) بمشاورة أصحابه لئلا يثقل عليهم استبداده بالرأي دونهم وقرء : { وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ ( آل عمران : 159 ) } المصدر ، ( الكشاف - الزمخشري ج:1 ص:459 ).

 

- وقال البغوي : { وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ ( آل عمران : 159 ) } أي استخرج آراءهم وأعلم ما عندهم من قول العرب شرت الدابة وشورتها إذا استخرجت جريها وشرت العسل وأشرته إذا أخذته من موضعه واستخرجته ، المصدر ( تفسير البغوي ج:1 ص:365 ).

 

- وقال الطبري قوله : { وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ ( آل عمران : 159 ) } قال : ما أمر الله عز وجل نبيه (ص) بالمشورة الا لما علم فيها من الفضل ، حدثنا : القاسم ، قال : ثنا : الحسين ، قال : ثنا : معتمر بن سليمان ، عن إياس بن دغفل ، عن الحسن ما شاور قوم قط الا هدوا لأرشد أمورهم ، وقال آخرون إنما أمره الله بمشاورة أصحابه فيما أمره بمشاورتهم فيه مع اغنائه بتقويمه اياه وتدبيره أسبابه عن آرائهم ليتبعه المؤمنون من بعده فيما حزبهم من أمر دينهم ويستنوا بسنته في ذلك ويحتذوا المثال الذي رأوه يفعله في حياته من مشاورته في أموره مع المنزلة التي هو بها من الله أصحابه و أتباعه في الأمر ينزل بهم من أمر دينهم ودنياهم فيتشاوروا بينهم ثم يصدروا عما اجتمع عليه ملؤهم لأن المؤمنين إذا تشاوروا في أمور دينهم متبعين الحق في ذلك لم يخلهم الله عز وجل من لطفه وتوفيقه للصواب من الرأي والقول فيه ، قالوا : وذلك نظير قوله عز وجل الذي مدح به أهل الإيمان وأمرهم شورى ، المصدر ( تفسير الطبري ج:4 ص:152).

 

- وقال القرطبي : قوله تعالى : { فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ ( آل عمران : 159 ) } فيه ، ثمان مسائل الأولى ، قال : العلماء أمر الله تعالى نبيه (ص) بهذه الأوامر التي هي بتدريج بليغ وذلك أنه أمره بأن يعفو عنهم ماله في خاصته عليهم من تبعة فلما صاروا في هذه الدرجة أمره أن يستغفر فيما لله عليهم من تبعة أيضا فإذا صاروا في هذه الدرجة صاروا أهلا للاستشارة في الأمور ، قال : أهل اللغة الاستشارة مأخوذة من قول العرب شرت الدابة وشورتها إذا علمت خبرها يجزى أو غيره ، ويقال : للموضع الذي تركض فيه مشوار وقد يكون من قولهم شرت العسل واشترته فهو مشور ومشتار إذا أخذته من موضعه ، قال : عدي بن زيد في سماع يأذن الشيخ له ، ثم وحديث مثل ماذى مشار الثانية ، قال ابن عطية : والشورى من قواعد الشريعة وعزائم الأحكام من لا يستشير أهل فعزله واجب هذا مالا خلاف فيه وقد مدح الله المؤمنين بقوله وأمرهم شورى بينهم ، قال أعرابي : ما غبنت قط حتى يغبن قومي قيل ، المصدر ( تفسير القرطبي ج: 4 ص: 250 ) ، وعلى هذا وباختصار عرفت أهم الأقوال في الآية وعليه ننتقل للأسئلة الأهم في الآية الكريمة.

 


 

المخالف : هنا هو لماذا شاور النبي أصحابه ما هو الهدف من مشاورته لهم ؟.

 

الموالي : في هذه الأقوال لكبار المفسرين من اخوتنا أبناء المذهب السني :

 

- قال الفخر الرازي : المسألة الثانية الفائدة في أنه تعالى أمر الرسول بمشاورتهم وجوه :

 

الأول : أن مشاورة الرسول (ص) اياهم توجب علو شأنهم ورفعة درجتهم ، وذلك يقتضي شدة محبتهم له وخلوصهم في طاعته ولو لم يفعل ذلك لكان ذلك اهانة بهم فيحصل سوء الخلق والفظاظة.

 

الثاني : أنه (ع) وإن كان أكمل الناس عقلا إلا أن علوم الخلق متناهية فلا يبعد أن يخطر ببال انسان من وجوه المصالح ما لا يخطر بباله لا سيما فيما يفعل من أمور الدنيا فانه (ع) ، قال : أنتم أعرف بأمور دنياكم وأنا أعرف بأمور دينكم ، ولهذا السبب ، وقال (ع) : ما تشاور قوم قط الا هدوا لأرشد أمرهم.

 

الثالث : قال الحسن وسفيان بن عيينة : إنما أمر بذلك ليقتدي به غيره في المشاورة ويصير سنة في أمته.

 

الرابع : أنه (ع) شاورهم في واقعة أحد فأشاروا عليه بالخروج وكان ميله إلى أن يخرج فلما خرج وقع ما وقع ، فلو ترك مشاورتهم بعد ذلك لكان ذلك يدل على أنه بقي في قلبه منهم بسبب مشاورتهم بقية أثر ، فأمره الله تعالى بعد تلك الواقعة بأن يشاورهم ليدل على أنه لم يبق في قلبه أثر من تلك الواقعة.

 

الخامس : وشاورهم في الأمر لا لتستفيد منهم رأيا وعلما لكن لكي تعلم مقادير عقولهم وافهامهم ومقادير حبهم لك واخلاصهم في طاعتك ، فحينئذ يتميز عندك الفاضل من المفضول فبين لهم على قدر منازلهم.

 

السادس : وشاورهم في الأمر لا لأنك محتاج اليها ولكن لأجل أنك إذا شاورتهم في الأمر اجتهد كل واحد منهم في استخراج الوجه الأصلح في تلك الواقعة فتصير الأرواح متطابقة متوافقة على تحصيل أصلح الوجوه فيها وتطابق الأرواح الطاهرة على الشيء الواحد مما يعين على حصوله وهذا هو السر عند الاجتماع في الصلوات وهو السر في أن صلاة الجماعة أفضل من صلاة المنفرد.

 

السابع : لما أمر الله محمدا (ع) بمشاورتهم ذل ذلك على أن لهم عند الله قدرا وقيمة فهذا يفيد أن لهم قدرا عند الله وقدرا عند الرسول وقدرا عند الخلق.

 

الثامن : الملك العظيم لا يشاور في المهمات العظيمة الا خواصه والمقربين عنده فهؤلاء لما أذنبوا عفا الله عنهم فربما خطر ببالهم أن الله تعالى : وإن عفا عنا بفضله الا أنه ما بقيت لنا تلك الدرجة العظيمة فبين الله تعالى : إن تلك الدرجة ما انتقصت بعد التوبة بل أنا أزيد فيها وذلك أن قبل هذه الواقعة ما أمرت رسولي بمشاورتكم وبعد هذه الواقعة أمرته بمشاورتكم لتعلموا انكم الآن أعظم حالا مما كنتم قبل ذلك والسبب فيه انكم قبل هذه الواقعة كنتم تعولون على أعمالكم وطاعتكم والآن تعولون على فضلي وعفوي فيجب أن تصير درجتكم ومنزلتكم الآن أعظم مما كان قبل ذلك لتعلموا أن عفوي أعظم من عملكم وكرمي أكثر من طاعتكم والوجوه الثلاثة الأولى مذكورة والبقية مما خطر ببالي عند هذا الموضع والله أعلم بمراده وأسرار كتابه ، المصدر ( التفسير الكبير - الرازي ج:9 ص:54 ).

 

- وقال ابن كثير : { فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ ( آل عمران : 159 ) } ولذلك كان رسول الله (ص) يشاور أصحابه في الأمر إذا حدث تطييبا لقلوبهم ليكون أنشط لهم فيما يفعلونه ، المصدر ( تفسير ابن كثير ج:1 ص:421 ).

 

- وقال السيوطي : وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في سننه ، عن الحسن في قوله : { وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ ( آل عمران : 159 ) } قال : قد علم الله أنه ما به اليهم من حاجة ولكن أراد أن يستن به من بعده ، المصدر ( الدر المنثور في التفسير بالمأثور - السيوطي ج:2 ص:358 ).

 

- وقال : وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم ، عن قتادة في قوله : { وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ ( آل عمران : 159 ) } قال : أمر الله نبيه أن يشاور أصحابه في الأمور وهو يأتيه وحي السماء لأنه أطيب لأنفس القوم وإن القوم إذا شاور بعضهم بعضا وأرادوا بذلك وجه الله عزم لهم على رشده ، المصدر ( الدر المنثور في التفسير بالمأثور - السيوطي ج:2 ص:358 ).

 

- وقال الزمخشري : وشاورهم في الأمر يعني في أمر الحرب ونحوه مما لم ينزل عليك فيه وحي لتستظهر برأيهم ولما فيه من تطييب نفوسهم والرفع من أقدارهم وعن الحسن (ر) قد علم الله أنه ما به اليهم حاجة ولكنه أراد أن يستن به من بعده وعن النبي (ص) 215 ( ما تشاور قوم قط الا هدوا لأرشد أمرهم ) ، المصدر ( الكشاف - الزمخشري ج:1 ص:459 ).

 

- وقال أيضا : وعن أبي هريرة (ر) : ما رأيت أحدا أكثر مشاورة من أصحاب الرسول (ص) وقيل : كان سادات العرب إذا لم يشاوروا في الأمر شق عليهم فأمر الله رسوله (ص) بمشاورة أصحابه لئلا يثقل عليهم استبداده بالرأي دونهم وقرء : { وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ ( آل عمران : 159 ) } المصدر ( الكشاف - الزمخشري ج:1 ص:459 ).

 

- وقال البغوي : وقال مقاتل وقتادة أمر الله تعالى بمشاورتهم تطييبا لقلوبهم فإن ذلك أعطف لهم عليه وأذهب لأضغانهم فإن سادات العرب كانوا إذا لم يشاروا في الأمر شق ذلك عليهم ، وقال الحسن : قد علم الله عز وجل أنه ما به إلى مشاورتهم حاجة ولكنه أراد أن يستن به من بعده ، أخبرنا : أبو طاهر المطهر بن علي بن عبيد الله الفارسي ، قال : أخبرنا : أبو ذر محمد بن ابراهيم بن علي الصالحاني ، أخبرنا : عبد الله بن محمد بن جعفر ، المصدر ( تفسير البغوي ج:1 ص:365 ).

 

- وقال البيضاوي : { وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ ( آل عمران : 159 ) } أي في أمر الحرب إذ الكلام فيه أو فيما يصح أن يشاور فيه استظهارا برأيهم وتطييبا لنفوسهم وتمهيدا لسنة المشاورة للأمة ، المصدر ( تفسير البيضاوي ج:2 ص:108 ).

 

- وقال الطبري : بقوله وشاورهم في الأمر بمشاورة أصحابه في مكايد الحرب وعند لقاء العدو تطييبا منه بذلك أنفسهم ، وتألفا لهم على دينهم وليروا أنه يسمع منهم ويستعين بهم وإن كان الله عز وجل قد أغناه بتدبيره له أموره وسياسته اياه وتقويمه أسبابه عنهم.

 

ذكر من قال ذلك ، حدثنا : بشر ، قال : ثنا : يزيد ، قال : ثنا : سعيد ، عن قتادة قوله وشاورهم في الأمر فإذا عزمت فتوكل على الله إن الله يحب المتوكلين أمر الله عز وجل نبيه (ص) أن يشاور أصحابه في الأمور وهو يأتيه وحي السماء لأنه أطيب لأنفس القوم ، وإن القوم إذا شاور بعضهم بعضا وأرادوا بذلك وجه الله عزم لهم على أرشده ، المصدر ( تفسير الطبري ج:4 ص:152 ).

 

- وقال : حدثت ، عن عمار ، قال : ثنا : ابن أبي جعفر ، عن أبيه ، عن الربيع وشاورهم في الأمر ، قال : أمر الله نبيه (ص) أن يشاور أصحابه في الأمور وهو يأتيه الوحي من السماء لأنه أطيب لأنفسهم ، حدثنا : بن حميد ، قال : ثنا : سلمة ، عن ابن اسحاق : { وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ ( آل عمران : 159 ) } أي لتريهم أنك تسمع منهم وتستعين بهم وإن كنت عنهم غنيا تؤلفهم بذلك على دينهم ، وقال آخرون بل أمره بذلك في ذلك وإن كان له الرأي وأصوب الأمور في التدبير لما علم في المشورة تعالى ذكره من الفضل ذكر من قال ذلك ، حدثنا : بن وكيع ، قال : ثنا : أبي ، عن سلمة بن نبيط ، عن الضحاك بن مزاحم قوله : { وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ ( آل عمران : 159 ) } قال : ما أمر الله عز وجل نبيه (ص) بالمشورة الا لما علم فيها من الفضل ، حدثنا : القاسم ، قال : ثنا : الحسين ، قال : ثنا : معتمر بن سليمان ، عن إياس بن دغفل ، عن الحسن ما شاور قوم قط الا هدوا لأرشد أمورهم ، المصدر ( تفسير الطبري ج:4 ص:152 ) ، لقد وضح لك أخي العزيز السبب الذي من أجله كان النبي يستشير أصحابه لكي يطيب خاطرهم فقط ووضح أنه غير محتاج لرأيهم فكيف نتمسك بهذه الشورى كدليل أنها شرط في اختيار الحاكم.

 


 

المخالف : ممكن سؤال وهو هل أن النبي (ص) ملزم باتباع رأيهم أم لا ؟.

 

الموالي : طبعا لا .. لأن رأيه هو الأكمل والأصوب والرجوع اليهم فقط للأخذ بخواطرهم لا أكثر من ذلك.

 


 

المخالف : ما هو الدليل على هذا الكلام ؟.

 

الموالي : إليك الدليل من أقوال المفسرين :

 

- قال السيوطي : وأخرج ابن جرير وابن المنذر ، عن قتادة في قوله : { فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ ( آل عمران : 159 ) } قال : أمر الله نبيه (ص) إذا عزم على أمر أن يمضي فيه ويستقيم على أمر الله ويتوكل على الله ، المصدر ( الدر المنثور في التفسير بالمأثور - السيوطي ج:2 ص:359 ).

 

- وقال الزمخشري : { فَإِذَا عَزَمْتَ ( آل عمران : 159 ) } فإذا قطعت الرأي على شيء بعد الشورى فتوكل على الله في امضاء أمرك على الأرشد الأصلح فإن ما هو أصلح لك لا يعلمه الا الله لا أنت ولا من تشاور وقرء { فَإِذَا عَزَمْتَ ( آل عمران : 159 ) } بضم التاء بمعنى فإذا عزمت لك على شيء وأرشدتك إليه فتوكل علي ولا تشاور بعد ذلك أحدا ( آل عمران : 160 - 162 ) ، المصدر ( الكشاف - الزمخشري ج:1 ص:459 ).

 

- وقال البيضاوي : { فَإِذَا عَزَمْتَ ( آل عمران : 159 ) } فإذا وطنت نفسك على شيء بعد الشورى { فَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ ( آل عمران : 159 ) } في امضاء أمرك على ما هو ، المصدر ( تفسير البيضاوي ج:2 ص:108 ).

 

- وقال القرطبي : والله تعالى يقول : { وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ ( آل عمران : 159 ) } فإذا عزمت فالمشاورة وما كان في معناها هو الحزم والعرب تقول قد أحزم لو أعزم ، وقرأ جعفر الصادق وجابر ابن زيد فإذا عزمت بضم التاء نسب العزم إلى نفسه سبحانه إذ هو بهدايته وتوفيقه ، كما قال تعالى : { وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللهَ رَمَى ( الأنفال : 17 ) } ومعنى الكلام أي عزمت لك ووفقتك وأرشدتك فتوكل على الله والباقون بفتح التاء ، قال : المهلب وامتثل هذا النبي (ص) من أمر ربه ، فقال : لا ينبغي لنبي يلبس لأمته أن يضعها حتى يحكم الله أي ليس ينبغي له إذا عزم أن ينصرف لأنه نقض للتوكل الذي شرطه الله عز وجل مع العزيمة فلبسه لأمته (ص) حين أشار عليه بالخروج يوم أحد من أكرمه الله بالشهادة فيه وهم صلحاء المؤمنين ممن كان ، فأتته بدر يا رسول الله أخرج بنا إلى عدونا دال على العزيمة ، المصدر ( تفسير القرطبي ج: 4 ص: 253 ).

 

- وقال الطبري : ذكر من قال ذلك ، حدثنا : بشر ، قال : ثنا : يزيد ، قال : ثنا : سعيد ، عن قتادة قوله : { وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ ( آل عمران : 159 ) } أمر الله عز وجل نبيه (ص) أن يشاور أصحابه في الأمور وهو يأتيه وحي السماء لأنه أطيب لأنفس القوم وإن القوم إذا شاور بعضهم بعضا وأرادوا بذلك وجه الله عزم لهم على أرشده ، حدثت ،عن عمار ، قال : ثنا : ابن أبي جعفر ، عن أبيه ، عن الربيع وشاورهم في الأمر ، قال : أمر الله نبيه (ص) أن يشاور أصحابه في الأمور وهو يأتيه الوحي من السماء لأنه أطيب لأنفسهم  ، المصدر ( تفسير الطبري ج:4 ص:152 ) ، وبهذا الاختصار تبين لنا بأن النبي غير ملزم بأقوالهم وإنما الأمر يعود لله وله ، ورأيهم إنما هو للاستئناس لا أكثر ولا أقل من ذلك هذه هي أقوال أهل التفسير.

 


 

المخالف : سؤال أخير ما هي موارد الاستشارة التي كان النبي يستشير فيها أصحابه ؟.

 

الموالي : جيد ، هذا سؤال جميل جدا وسوف أعود أيضا لأقوال أهل التفسير لعلي أجد عندهم الجواب ، فلقد ، قالوا : بأن المشورة كانت في الحرب وما شاكله واليكم بعضا من كلماتهم :

 

- قال الزمخشري : { وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ ( آل عمران : 159 ) } يعني في أمر الحرب ونحوه مما لم ينزل عليك فيه وحي لتستظهر برأيهم ولما فيه من تطييب نفوسهم والرفع من أقدارهم ، المصدر ( الكشاف - الزمخشري ج:1 ص:459 ).

 

- وقال ابن كثير : { وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ ( آل عمران : 159 ) } أي في أمر الحرب إذ هو المعهود أوفيه ، وفي أمثاله مما تجرى فيه المشاورة عادة استظهارا بآرائهم وتطييبا لقلوبهم وتمهيدا لسنة المشاورة للأمة وقرئ وشاورهم في بعض الأمر ، المصدر ( تفسير ابن كثير يشاورهم في الحروب ج:1 ص:421 ).

 

- { وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ ( الشورى : 38 ) } أي لا يبرمون أمرا حتى يتشاوروا فيه ليتساعدوا بآرائهم في مثل الحروب وما جرى مجراها ، كما قال تبارك وتعالى : { وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ ( آل عمران : 159 ) } ولهذا كان (ص) يشاورهم في الحروب ونحوها ليطيب بذلك قلوبهم وهكذا لما حضرت عمر بن الخطاب (ر) الوفاة حين طعن جعل الأمر بعده شورى في ستة نفر وهم عثمان وعلي وطلحة والزبير وسعد وعبد الرحمن بن عوف (ر) فاجتمع رأي الصحابة كلهم (ر) على تقديم عثمان عليهم (ر) ( تفسير ابن كثير - ابن كثير ج 4 ص 127 ).

 

- وقال البغوي : واختلفوا في المعنى الذي لأجله أمر الله نبيه (ص) بالمشاورة مع كمال عقله وجزالة رأيه ونزول الوحي عليه ووجوب طاعته على الخلق فيما أحبوا أو كرهوا ، فقال بعضهم : هو خاص في المعنى أي وشاورهم فيما ليس عندك فيه من الله تعالى عهد ، وقال الكلبي : يعني ناظرهم في لقاء العدو ومكايد الحرب عند الغـزو ، المصدر ( تفسير البغوي ج:1 ص:365 ).

 

- وقال البيضاوي : { وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ ( آل عمران : 159 ) } أي في أمر الحرب إذ الكلام فيه أو فيما يصح أن يشاور فيه استظهارا برأيهم وتطييبا لنفوسهم وتمهيدا لسنة المشاورة للأمة { فَإِذَا عَزَمْتَ ( آل عمران : 159 ) } فإذا وطنت نفسك على شيء بعد الشورى { فَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ ( آل عمران : 159 ) } في امضاء أمرك على ما هو المصدر ( تفسير البيضاوي ج:2 ص:108 ).

 

وإلى هنا أعتقد بأنه تم البحث عن الآيتين ولم نجد فيهما أي قول يشير إلى الخلافة والشورى في الخلافة ، نعم من باب الأمانة أقول وردت بعض الاشارات من أقوال أهل التفسير إلى تصرف عمر وأن عمر طبق الآيتين على الخلافة ، ولكن أقول سوف اثبت لكم بأن عمر لم يقل ذلك وإنما الجماعة تبرعوا له ، كما إن موقف عمر واضح في أنه لا يعتقد بالشورى وسوف يتبين لكم ذلك إن شاء الله تعالى ، سأكمل الكلام حول الشورى.

 


 

المخالف : وأين سوف يكون الكلام الآن وفي أي مبحث بعد الكلام عن القرآن ؟.

 

الموالي : أنا في أتم الحيرة الآن فالمفروض أن أبحث عن أقوال النبي (ص) إن وجدت في هذا الموضوع.

 


 

المخالف : وهل يعني كلامك عدم وجود روايات في هذه القضية المهمة ؟.

 

الموالي : نعم الروايات قليلة جدا وسوف أحاول أن أبحث عن الموجود و أقدمه للقارئ الكريم وهذه الروايات التي اطلعت عليها هي :

 

- في كتاب الترغيب والترهيب : 3949 - وروي عن أبي هريرة (ر) ، قال : قال رسول الله (ص) إذا كان أمراؤكم خياركم وأغنياؤكم سمحاءكم وأموركم شورى بينكم فظهر الأرض خير لكم من بطنها ، وإذا كانت أمراؤكم شراركم وأغنياؤكم بخلاءكم وأموركم إلى نسائكم فبطن الأرض خير لكم من ظهرها رواه الترمذي ، وقال : حديث حسن غريب ،  المصدر ( الترغيب والترهيب ج3ص259 ).

 

- وفي البيان والتعريف : 167 - إذا كانت أمراؤكم خياركم وأغنياؤكم سمحاءكم وأموركم شورى بينكم فظهر الأرض خير لكم من بطنها وإذا كانت أمراؤكم أشراركم وأغنياؤكم بخلاءكم وأموركم إلى نسائكم فبطن الأرض خير لكم من ظهرها أخرجه الترمذي ، عن أبي هريرة (ر) ، وقال : غريب لا نعرفه الا من حديث صالح المزي ، قال الهيثمي : صالح المزي ، المصدر ( البيان والتعريف ج1ص76 ).

 

- وفي الأحكام : كتب إلى يوسف بن عبد الله بن عبد البر النمري ، قال : ثنا : عبد الوارث بن سفيان ، ثنا : قاسم بن أصبغ ، ثنا : محمد بن عبد السلام الخشني ، قال : ثنا : إبراهيم بن أبي الفياض البرقي الشيخ الصالح ، ثنا : سليمان بن بزيغ الاسكندراني ، ثنا : مالك بن أنس ، عن يحيى بن سعيد الأنصاري ، عن سعيد بن المسيب ، عن علي بن أبي طالب ، قال : قلت يا رسول الله الأمر ينزل بنا لم ينزل فيه قرآن ولم يمض فيه منك سنة ، قال : أجمعوا له العالمين ، أو قال : العابدين من المؤمنين فاجعلوه شورى بينكم ولا تقضوا فيه برأي واحد  ، المصدر ( الإحكام في أصول الأحكام ج6ص201 ).

 

- وفي مجمع الزوائد ومنبع الفوائد ، قال علي : يا رسول الله أرئيت إن عرض لنا أمر لم ينزل فيه قرآن ولم تمض فيه سنة منك ، قال : تجعلونه شورى بين العابدين من المؤمنين ولا تقضونه برأي خاصة فلو كنت مستخلفا أحدا لم يكن أحق منك لقدمك في الإسلام وقرابتك من رسول الله (ص) وعندك سيدة نساء المؤمنين ، وقبل ذلك ما كان من بلاء أبي طالب إياي ونزل القرآن وأنا حريص على أن أدعي له في ولده ، رواه الطبراني في الكبير وفيه عبد الله بن كيسان ، قال البخاري : منكر الحديث ، المصدر ( مجمع الزوائد ومنبع الفوائد ج1ص180 ).

 

- وأيضا في مجمع الزوائد ومنبع الفوائد : وعن ابن عباس ، قال : قلت يا رسول الله أرئيت أن عرض لنا أمر لم ينزل فيه قرآن ولم تمض فيه سنة منك ، قال : تجعلونه شورى بين العابدين من المؤمنين ولا تقضونه برأي خاصة فذكر الحديث وهو بتمامه في باب القياس ، رواه الطبراني في الكبير وفيه عبد الله بن كيسان ، قال البخاري : منكر الحديث ، وعن علي ، قال : قلت يا رسول الله : إن نزل بنا أمر ليس فيه بيان أمر ولا نهي فما تأمرني ، قال : شاوروا فيه الفقهاء والعابدين ولا تمضوا فيه رأي خاصة رواه الطبراني في الأوسط ، ورجاله موثقون من أهل الصحيح باب الاجتهاد ، المصدر ( مجمع الزوائد ومنبع الفوائد ج1ص178 ).

 

- وأيضا : وعن معاذ بن جبل : أن رسول الله (ص) لما أراد أن يسرح معاذ إلى اليمن فاستشار ناسا من أصحابه فيهم أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وطلحة والزبير وأسيد بن حضير فاستشارهم ، فقال أبو بكر : لولا أنك استشرتنا ما تكلمنا ، فقال : إني فيما لم يوح إلي كأحدكم ، قال : فتكلم القوم فتكلم كل انسان برأيه ، فقال : ما ترى يا معاذ ، فقلت أرى ما قال أبو بكر ، فقال رسول الله (ص) : إن الله يكره فوق سمائه أن يخطيء أبو بكر رواه الطبراني في الكبير وفيه أبو العطوف لم أر من ترجمه يروي عن الوضين بن عطاء وبقية رجاله موثقون ، وعن ابن عباس ، قال : كان رسول الله (ص) يطوف في النخل بالمدينة فجعل الناس ، يقولون فيها وسق ، فقال رسول الله (ص) فيها كذا وكذا ، فقال : صدق الله ورسوله ، فقال رسول الله إنما أنا بشر مثلكم فما حدثتكم عن الله فهو حق وما قلت : فيه من قبل نفسي فإنما أنا بشر أصيب وأخطئ رواه البزار ، واسناده حسن إلا أن إسماعيل بن عبد الله الأصبهاني شيخ البزار ، المصدر ( مجمع الزوائد ومنبع الفوائد ج1ص178 ) ، هذا ما وجدته من أقوال النبي (ص) في الشورى ولم أجد في أي واحد من هذه الأخبار ما يدل على أن الشورى مبدأ من المبادئ في اختيار الخليفة ولا أدري كيف استدل على الشورى وبماذا.

 

وهناك نقولات أخرى ليس نص من النبي (ص) ولكنها مواقف مذكورة للنبي منها مثلا :

 

- ما ذكره البخاري : وشاور النبي (ص) أصحابه يوم أحد في المقام والخروج فرأوا له الخروج فلما لبس لأمته وعزم ، قالوا : أقم فلم يمل اليهم بعد العزم ، وقال : لا ينبغي لنبي يلبس لأمته فيضعها حتى يحكم الله.

 

- وشاور عليا وأسامة فيما رمى به أهل الافك عائشة فسمع منهما حتى نزل القرآن فجلد الرامين ولم يلتفت إلي تنازعهم ولكن حكم بما أمره الله ، وكانت الأئمة بعد النبي (ص) يستشيرون الأمناء من أهل العلم في الأمور المباحة ليأخذوا بأسهلها فإذا وضح الكتاب أو السنة لم يتعدوه إلى غيره اقتداء بالنبي (ص).

 

6935 - حدثنا : الأويسي ، حدثنا : إبراهيم بن سعد ، عن صالح ، عن ابن شهاب ، حدثني : عروة وبن المسيب وعلقمة بن وقاص وعبيد الله ، عن عائشة (ر) حين ، قال لها أهل الافك ما قالوا : قالت : ودعا رسول الله (ص) علي بن أبي طالب وأسامة بن زيد (ر) حين استلبث الوحي يسألهما وهو يستشيرهما في فراق أهله فأما أسامة فأشار بالذي يعلم من براءة أهله ، وأما علي ، فقال : لم يضيق الله عليك والنساء سواها كثير وسل الجارية تصدقك ، فقال : هل رأيت من شيء يريبك ، قالت : ما رأيت أمرا أكثر من أنها جارية حديثة السن تنام عن عجين أهلها فتأتي الداجن فتأكله فقام على المنبر ، فقال : يا معشر المسلمين من يعذرني من رجل بلغني أذاه في أهلي والله ما علمت على أهلي الا خيرا فذكر براءة عائشة ، المصدر ( صحيح البخاري ج:6 ص:2682 ).

 

لا أطيل عليكم المنقولات ولكن لو تأملتم معي هذه الأخبار كلها لوجدتموها تتكلم عن الشورى بشكل ضيق وتتعلق بالأمور التي لا تخص الأمور الإلهية والواجبات الشرعية وكذلك تتكلم عن الأمور التي لا نص فيها ، وأما الأمور التي فيها نصوص فلا يصح لأحد أن يشاور فيها أحد على الاطلاق بل وجدت أن هناك بعض الآيات والروايات لا تسمح لأي انسان بأن يختار بعد أمر الله.

 


 

المخالف : وما هي تلك الآيات ممكن أن تبينها لنا بارك الله فيك ؟.

 

الموالي : أقول سوف أتعرض لآيتين وهما :

 

- قال تعالى : { وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاء وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحَانَ اللهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ ( القصص : 68 ) }.

 

- وقال تعالى : { وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالا مُّبِينًا ( الأحزاب : 36 ) }.

 

- فقد ، قال الشنقيطي : وقوله : { وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ ( الأحزاب : 36 ) } فجعل أمره وأمر رسوله (ص) : مانعا من الاختيار موجبا للامتثال ، المصدر ( أضواء البيان في ايضاح القرآن بالقرآن - الشنقيطي ج:4 ص: 91 ).

 

- وأضاف : قالوا : وقد قال تعالى : { وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ ( الأحزاب : 36 ) } فإنما منعهم من الخيرة عند حكمه وحكم رسوله لا عند آراء الرجال وأقيستهم وظنونهم وقد أمر سبحانه رسوله باتباع ما أوحاه إليه خاصة ، وقال : { إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيَّ ( يونس : 15 ) } وقال : وأن أحكم بينهم بما أنزل الله ( المائدة : 48 ) وقال تعالى : { أَمْ لَهُمْ شُرَكَاء شَرَعُوا لَهُم مِّنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَن بِهِ اللهُ ( الشورى : 21 ) } قالوا : فدل هذا النص على أن ما لم يأذن به الله من الدين فهو شرع غيره بالباطل ، قالوا : وقد أخبر النبي (ص) ، عن ربه تبارك وتعالى : إن كل ما سكت عن ايجابه أو تحريمه ، فهو عفو عفا عنه لعباده مباح اباحة العفو فلا يجوز تحريمه ولا ايجابه ، المصدر ( أضواء البيان في ايضاح القرآن بالقرآن - الشنقيطي ج:4 ص:204 )

 

- وقال صاحب جامع العلوم والحكم : وأما معنى الحديث من الأوامر والنواهي وغيرها فيحب ما أمر به ويكره ما نهى عنه وقد ورد القرآن بمثل هذا في غير موضع ، قال تعالى : { فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا ( النساء : 65 ) } وقال تعالى : { وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ ( الأحزاب : 36 ) } وذم سبحانه من كره ما أحبه الله وأحب ما كرهه الله ، قال الله تعالى ذلك : بأنهم كرهوا ما أنزل الله فأحبط أعمالهم ( محمد : 9 ) وقال تعالى : { ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ ( محمد : 28 ) } فالواجب على كل مؤمن أن يحب ما أحبه اللهم حبة توجب له الاتيان بما وجب عليه منه ، فإن زادت المحبة حتى أتي بما ندب إليه منه كان ذلك فضلا وإن يكره ما كرهه الله تعالى كراهة توجب له الكف عما حرم عليه منه فإن زادت الكراهة حتى أوجبت ، المصدر ( جامع العلوم والحكم ج:1 ص:388 ).

 

- وقال الهيثمي ، عن زينب بنت جحش ، قالت : خطبني عدة من قريش فأرسلت أختي حمنة إلى رسول الله (ص) أستشيره ، فقال لها رسول الله (ص) : أين هي ممن يعلمها كتاب ربها وسنة نبيها ، قالت : ومن هو يا رسول الله ، قال زيد بن حارثة ، قال : فغضبت حمنة غضبا شديدا ، وقالت : يا رسول الله تزوج بنت عمك مولاك ، قالت : وجاءتني فأعلمتني فغضبت أشد من غضبها ، وقلت أشد من قولها فأنزل الله تعالى : { وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ ( الأحزاب : 36 ) } المصدر ( مجمع الزوائد ومنبع الفوائد ج:9 ص:246 ).

 

- وقال صاحب كتاب الأحكام : فصح أن البيان كله موقوف على كلام الله تعالى وكلام نبيه (ص) ، وقال عز وجل : { وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالا مُّبِينًا ( الأحزاب : 36 ) } قال علي هذه الآية كافية من عند رب العالمين في أنه ليس لنا اختيار عند ورود أمر الله تعالى وأمر رسوله (ص) وأنه من خير نفسه في التزام أو ترك أو في الرجوع إلى قول قائل دون رسول الله (ص) فقد عصى الله بنص هذه الآية : { فَقَدْ ضَلَّ ضَلالا مُّبِينًا ( الأحزاب : 36 ) } وأن المقيم على أمر سماه الله ضلالا لمخذول ، وقال تعالى : { وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللهِ وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُواْ أَنفُسَهُمْ جَاؤُوكَ فَاسْتَغْفَرُواْ اللهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُواْ اللهَ تَوَّابًا رَّحِيمًا ( النساء : 64 ) } وقال تعالى : { مَّا أَفَاء اللهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الأَغْنِيَاء مِنكُمْ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ( الحشر : 7 ) } المصدر ( الأحكام ج:1 ص:97 ).

 

- وقال صاحب التسهيل : وربك يخلق ما يشاء ويختار قيل سببها استغراب قريش لاختصاص سيدنا محمد (ص) بالنبوة ، فالمعنى أن الله يخلق ما يشاء ويختار لرسالته من يشاء من عباده ، ولفظها أعم من ذلك والأحسن حمله على عمومه أي يختار ما يشاء من الأمور على الاطلاق ويفعل ما يريد ما كان لهم الخيرة ما نافية ، والمعنى ما كان للعباد اختيار إنما الاختيار والارادة لله وحده فالوقف على قوله ويختار ، المصدر ( التسهيل لعلوم التنزيل - الكلبي ج:3 ص:110 ).

 

- وقال الفخر الرازي : وأعلم أن القوم كانوا يذكرون شبهة أخرى ويقولون : { وَقَالُوا لَوْلا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِّنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ ( الزخرف : 31 ) } يعنون الوليد بن المغيرة أو أبا مسعود الثقفي فأجاب الله تعالى عنه بقوله : { وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاء وَيَخْتَارُ ( القصص : 68 ) } والمراد أنه المالك المطلق وهو منزه عن النفع والضر فله أن يخص من شاء بما شاء لا اعتراض عليه البتة وعلى طريقة المعتزلة لما ثبت أنه حكيم مطلق علم أنه كل ما فعله كان حكمة وصوابا ، فليس لأحد أن يعترض عليه وقوله : ما كان لهم الخيرة والخيرة إسم من الاختيار قام مقام المصدر والخيرة أيضا إسم للمختار يقال محمد خيرة الله في خلقه إذا عرفت هذا فنقول في الآية وجهان الأول وهو الأحسن أن يكون تمام الوقف على قوله ويختار ويكون ما نفيا والمعنى وربك يخلق ما يشاء ويختار ليس لهم الخيرة إذ ليس لهم أن يختاروا على الله أن يفعل والثاني أن يكون ما بمعنى الذي فيكون الوقف عند قوله : { وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاء ( القصص : 68 ) } ثم يقول ويختار ما كان لهم الخيرة  ، المصدر ( التفسير الكبير - الرازي ج:25 ص:9 ).

 

- وفي الدر المنثور في التفسير بالمأثور : قوله تعالى : { وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالا مُّبِينًا ( الأحزاب : 36 ) } أخرج ابن جرير وابن مردويه ، عن ابن عباس (ر) ، قال : ان رسول الله (ص) : انطلق ليخطب على فتاة زيد بن حارثة فدخل على زينب بنت جحش الأسدية فخطبها ، قالت : لست بناكحته ، قال : بلى فانكحيه ، قالت : يا رسول الله أوامر في نفسي فبينما هما يتحدثان أنزل الله هذه الآية على رسول الله (ص) : { وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ ( الأحزاب : 36 ) } قالت : قد رضيته لي يا رسول الله منكحا ، قال : نعم ، قالت : إذن لا أعصي رسول الله قد أنكحته نفسي ، المصدر ( الدر المنثور في التفسير بالمأثور - السيوطي ج:6 ص:609 ).

 

وعلى هذا ثبت لدينا أنه لا يجوز لأي شخص أن يخالف الله والرسول وإنما يجب على الأمة الامتثال والانصياع للحكم الرباني ولا يحق لأي انسان أن يختار في قبالة أمر الله ورسوله ، وعلى هذا انتهت أدلة القوم من الكتاب والسنة فلا دليل بقي لديهم الا عمل الصحابة كما يدعى وهو ليس بحجة علينا ، وأن كنا سوف نبحث ذلك لنجد هل الخلفاء الذين وصلوا للحكم يؤمنون بالشورى أم لا.

 


 

المخالف : أقول قبل أن تصل لهذه النتيجة لابد لك من اثبات أمرين : الأمر الأول : أن الإمامة من الواجبات الإلهية حتى يكون الكلام السابق صحيح وأنه لا يحق لنا بأن نعمل بالشورى في الواجبات الإلهية ، والأمر الثاني : أن تثبتوا بأن الشريعة المقدسة لها حكم ونص في المسألة فإذا ثبت ذلك فعند ذلك لا يحق لنا العمل بالشورى لأن مجال الشورى في غير هذين المجالين ؟.

 

الموالي : كلام جميل جدا وسوف أحاول أن اثبت الأمر الأول هنا ، والأمر الثاني في البحوث اللاحقة إن شاء الله تعالى.

 


 

المخالف : وكيف ذلك وبأي طريقة سوف تثبتون الوجوب وبأي وجوب واجب ، بالوجوب العقلي أم السمعي وهل تعيين الامام واجب على الله أم على الأمة ؟.

 

الموالي : لقد اجتمعت كلمتهم على أن التعيين واجب ولكنه واجب سمعي على الأمة وجعل الاختيار للأمة هي التي تختار لنفسها ضمن مقاييس ، ثم قالوا : وبعد الاختيار فانه يجب علينا الطاعة لمن يتم اختياره لأن الله ، قال : { أَطِيعُواْ اللهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنكُمْ ( النساء : 59 ) }.

 

الاشكال الأول : أقول صحيح بأن الله طلب منا طاعة ولي الأمر ولكن نهانا عن طاعة الظالم والكذاب وذلك بقوله تعالى : { وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ ( الأحزاب : 36 ) } وقوله : { فَلا تُطِعِ الْمُكَذِّبِينَ ( القلم : 8 ) } وقوله : { وَلا تُطِيعُوا أَمْرَ الْمُسْرِفِينَ @ الَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ وَلا يُصْلِحُونَ ( الشعراء : 151 - 152 ) } وقوله : { وَلاَ تَرْكَنُواْ إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ ( هود : 113 ) } فإذا كان الاختيار بأيدينا نحن البشر فلن نختار شخص لا توجد فيه هذه الصفات وعليه من نختاره لا يجوز لنا طاعته ، فماذا نفعل هل نطيعه لأنه ولي أمر أو نعصيه لأنه ظالم وكذاب ومفسد وغافل عن ذكر الله ، فيحصل التعارض بين الطاعة وعدمها فلا نستطيع أن نطيعه ولا نستطيع أن نرفضه ، ولكن لو جعلنا الاختيار لله فهو أعلم بالصالح من الطالح والمؤمن من الفاسق فإذا اختار لنا شخص ، وأمرنا باتباعه نعلم بأن طاعته واجبة ونعلم بأنه غير فاسد هذا الاشكال الأول على مسالة الاختيار للأمة.

 

الاشكال الثاني : ما هي الضابطة لاختيار الخليفة وكيف يعين لأن ما ذكروه من الأساليب لاختيار الخليفة فانه سوف يدمر الأمة ويقودها للفرقة والانحدار والدمار.

 


 

المخالف : وكيف ذلك يا ترى ؟.

 

الموالي : تفضل وأقرا ما يقولون :

 

- يقول الآيجي في المواقف ص400 : وإذا ثبت حصول الإمامة بالاختيار والبيعة ، فاعلم أن ذلك لا يفتقر إلى الاجماع ، إذ لم يقم عليه دليل من العقل أو السمع ، بل الواحد والاثنان من الحل والعقد كاف ويبرر ذلك ببيعة عمر لأبي بكر وعبد الرحمن لعثمان ، فسبحان الله أي أمر هذا وأي كارثة على الأمة عندما نعطي الصلاحية لواحد أو اثنين ليختاروا شخصا ومن ثم نقول يجب طاعته على الأمة ، أي أساءة أعظم من هذه الاساءة للأمة وجعلوا الدليل عمل فلان وفلان من الصحابة ، بل إنهم زادوا على ذلك ، وقالوا : بأنه من غلب على أمور المسلمين بالقوة وأصبح اماما أو خليفة فيجب على الأمة أن تطيعه ، راجع في ذلك : ( حاشية الباجوري على شرح القزي ج2ص259 ) ، وعلى هذا يثبت لنا بأن قولهم بأن تعيين الامام واجب على الأمة أنه فيه اعتراف منهم بالوجوب ، ولكنهم أخطئوا في التطبيق لأن الاختيار للأمة يقودها للكوارث وهذا ما حصل بالفعل.

 


 

المخالف : هل تريد أن تقول بأن الشورى التي قام بها الصحابة أمر غير شرعي ؟.

 

الموالي : أقول بأنه لم يثبت لنا بأن أحد من الخلفاء كان يعتقد بالشورى من أبي بكر وعمر وعثمان وعلي (ع) ، وسوف أبين لك الآن بالدليل بأن أبا بكر لا يعتقد بالشورى على الاطلاق ، وخير دليل على ذلك بأنه قد عين عمر بعده فإن كان يعتقد بالشورى وإنها دليل شرعي مفترض علينا ، فلماذا خالفه وعين عمر ونص عليه فهو يعتقد بماذا ، بالنص أم بالشورى.

 


 

المخالف : وما حدث في السقيفة اليس هي الشورى التي أمرنا بها ؟.

 

الموالي : لا .. لأن ما حصل في السقيفة تهديد ووعيد بالقتل وغير ذلك بل هو انقلاب مخطط له باحكام جدا وضمن خطوات إليك بعضا منها :

 

الخطوة الأولى : منع النبي من كتابة الكتاب في رزية الخميس وهي كما يلي :

 

- ففي البخاري : 4168 - حدثنا : قتيبه ، حدثنا : سفيان ، عن سليمان الأحول ، عن سعيد ابن جبير ، قال : قال ابن عباس يوم الخميس وما يوم الخميس اشتد برسول الله (ص) وجعه ، فقال : ائتوني أكتب لكم كتابا لن تضلوا بعده أبدا فتنازعوا ولا ينبغي عند نبي تنازع ، فقالوا : ما شأنه أهجر استفهموه فذهبوا يردون عليه ، فقال : دعوني فالذي أنا فيه خير مما تدعونني إليه وأوصاهم بثلاث ، قال : أخرجوا المشركين من جزيرة العرب وأجيزوا الوفد بنحو ما كنت أجيزهم وسكت عن الثالثة ، أو قال : فنسيتها.

 

4169 - حدثنا : علي بن عبد الله ، حدثنا : عبد الرزاق ، أخبرنا : معمر ، عن الزهري ، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة ، عن ابن عباس (ر) ، قال : لما حضر رسول الله (ص) وفي البيت رجال ، فقال النبي (ص) : هلموا أكتب لكم كتابا لا تضلون بعده ، فقال بعضهم أن رسول الله (ص) قد غلبه الوجع وعندكم القرآن حسبنا كتاب الله ، فاختلف أهل البيت واختصموا فمنهم من يقول : قربوا يكتب لكم كتابا لا تضلون بعده ، ومنهم من يقول غير ذلك فلما أكثروا اللغو والاختلاف ، قال رسول الله (ص) : قوموا ، قال عبيد الله : فكان يقول بن عباس : إن الرزية كل الرزية ما حال بين رسول الله (ص) وبين أن يكتب لهم ذلك الكتاب لاختلافهم ولغطهم.

 

4170 - حدثنا : يسرة بن صفوان بن جميل اللخمي ، حدثنا : إبراهيم بن سعد ، عن أبيه ، عن عروة ، عن عائشة (ر) ، قالت : دعا النبي (ص) فاطمة عليها السلام في شكواه الذي قبض فيه فسارها بشيء فبكت ، ثم دعاها فسارها بشيء فضحكت فسألناها عن ذلك ، فقالت سارني النبي (ص) إنه يقبض في وجعه الذي توفي فيه فبكيت ، ثم سارني فأخبرني أني أول أهل بيته يتبعه فضحكت.

 

4171 - حدثني : محمد بن بشار ، حدثنا : غندر ، حدثنا : شعبة ، عن سعد ، عن عروة ، عن عائشة ، قالت : كنت أسمع أنه لا يموت نبي حتى يخير بين الدنيا والآخرة ، فسمعت النبي (ص) ، يقول في مرضه الذي مات فيه وأخذته بحة ، يقول : { مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِم ( النساء : 69 ) } فظننت أنه خير ، المصدر ( صحيح البخاري ج:4 ص:1612 ).

 

5345 - حدثنا : إبراهيم بن موسى ، حدثنا : هشام ، عن معمر ، وحدثني : عبد الله بن محمد ، حدثنا : عبد الرزاق ، أخبرنا : معمر ، عن الزهري ، عن عبيد الله بن عبد الله ، عن ابن عباس (ر) ، قال : لما حضر رسول الله (ص) وفي البيت رجال فيهم عمر بن الخطاب ، قال النبي (ص) : هلم أكتب لكم كتابا لا تضلوا بعده ، فقال عمر : أن النبي (ص) قد غلب عليه الوجع وعندكم القرآن حسبنا كتاب الله ، فاختلف أهل البيت فاختصموا ، منهم من يقول : قربوا يكتب لكم النبي (ص) كتابا لن تضلوا بعده ، ومنهم من يقول ما قال عمر ، فلما أكثروا اللغو والاختلاف عند النبي (ص) ، قال رسول الله (ص) : قوموا ، قال عبيد الله : فكان ابن عباس ، يقول : إن الرزية كل الرزية ما حال بين رسول الله (ص) وبين أن يكتب لهم ذلك الكتاب من اختلافهم ولغطهم ، المصدر ( صحيح البخاري ج:5 ص:2146 ).

 

6932 - حدثنا : إبراهيم بن موسى ، أخبرنا : هشام ، عن معمر ، عن الزهري ، عن عبيد الله بن عبد الله ، عن ابن عباس ، قال : لما حضر النبي (ص) ، قال : وفي البيت رجال فيهم عمر بن الخطاب ، قال : هلم أكتب لكم كتابا لن تضلوا بعده ، قال عمر : أن النبي (ص) غلبه الوجع وعندكم القرآن فحسبنا كتاب الله ، واختلف أهل البيت اختصموا ، فمنهم من يقول : قربوا يكتب لكم رسول الله (ص) كتابا لن تضلوا بعده ، ومنهم من يقول ما قال عمر ، فلما أكثروا اللغط والاختلاف عند النبي (ص) ، قال : قوموا عني ، قال عبيد الله فكان ابن عباس ، يقول : إن الرزية كل الرزية ما حال بين رسول الله (ص) وبين أن يكتب لهم ذلك الكتاب من اختلافهم ولغطهم ، المصدر ( صحيح البخاري ج:6 ص:2680 ).

 

- وقال مسلم في صحيحه : 1637 - حدثنا : سعيد بن منصور ، وقتيبه بن سعيد ، وأبو بكر بن أبي شيبة ، وعمرو الناقد واللفظ لسعيد ، قالوا : حدثنا : سفيان ، عن سليمان الأحول ، عن سعيد ابن جبير ، قال : قال ابن عباس يوم الخميس وما يوم الخميس ثم بكى حتى بل دمعه الحصى ، فقلت : يا بن عباس وما يوم الخميس ، قال : اشتد برسول الله (ص) وجعه ، فقال : ائتوني أكتب لكم كتابا لا تضلوا بعدي فتنازعوا وما ينبغي عند نبي تنازع ، وقالوا : ما شأنه أهجر استفهموه ، قال : دعوني فالذي أنا فيه خير أوصيكم بثلاث : أخرجوا المشركين من جزيرة العرب ، وأجيزوا الوفد بنحو ما كنت أجيزهم ، قال : وسكت عن الثالثة ، أو قالها فأنسيتها ، قال أبو إسحاق إبراهيم ، حدثنا : الحسن بن بشر ، قال : حدثنا : سفيان بهذا الحديث ، المصدر ( صحيح مسلم ج:3 ص:1258 ).

 

1637 - حدثنا : إسحاق بن ابراهيم ، أخبرنا : وكيع ، عن مالك بن مغول ، عن طلحة بن مصرف ، عن سعيد ابن جبير ، عن ابن عباس أنه قال : يوم الخميس وما يوم الخميس ثم جعل تسيل دموعه حتى رأيت على خديه كأنها نظام اللؤلؤ ، قال : قال رسول الله (ص) ائتوني بالكتف والدواة أو اللوح والدواة أكتب لكم كتابا لن تضلوا بعده أبدا ، فقالوا : أن رسول الله (ص) يهجر.

 

1637 - وحدثني : محمد بن رافع ، وعبد بن حميد ، قال : عبد ، أخبرنا : وقال ابن رافع ، حدثنا : عبد الرزاق ، أخبرنا : معمر ، عن الزهري ، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة ، عن ابن عباس ، قال : لما حضر رسول الله (ص) وفي البيت رجال فيهم عمر بن الخطاب ، فقال النبي (ص) : هلم أكتب لكم كتابا لا تضلون بعده ، فقال عمر : أن رسول الله (ص) قد غلب عليه الوجع وعندكم القرآن حسبنا كتاب الله ، فاختلف أهل البيت فاختصموا ، فمنهم من يقول : قربوا يكتب لكم رسول الله (ص) كتابا لن تضلوا بعده ، ومنهم من يقول ما قال عمر ، فلما أكثروا اللغو والاختلاف عند رسول الله (ص) ، قال رسول الله (ص) : قوموا ، قال عبيد الله : فكان ابن عباس ، يقول : إن الرزية كل الرزية ما حال بين رسول الله (ص) وبين أن يكتب لهم ذلك الكتاب من اختلافهم ولغطهم ، المصدر ( صحيح مسلم ج:3 ص:1259 ).

 

الا يحق لنا أن نسأل القوم لماذا يقف عمر هذا الموقف من النبي الأكرم (ص) ويتجرأ على مقام الرسالة ويرد أوامر النبي (ص) ويتهمه بهذه الاتهامات التي لا تقال لرجل عادي في بيته وعلى فراش الموت وماذا يضير ابن الخطاب أن يكتب النبي (ص) الكتاب إن لم يكن قد خطط للمسألة التخطيط الكامل لمنع النبي من أي يكتب ما يريد وكان عمر يعرف ماذا يريد النبي (ص).

 

قال ابن عباس : دخلت على عمر في أول خلافته ، وقد القي له صاع من تمر على خصفة ، فدعاني إلى الأكل ، فأكلت تمرة واحدة ، وأقبل يأكل حتى أتى عليه ، ثم شرب من جر كان عنده ، واستلقى على مرفق له ، وطفق يحمد الله ، يكرر ذلك ، ثم قال : من أين جئت يا عبد الله ، قلت : من المسجد ، قال : كيف خلفت ابن عمك ، فظننته يعني عبد الله بن جعفر ، قلت : خلفته يلعب مع أترابه ، قال : لم أعن ذلك ، إنما عنيت عظيمكم أهل البيت ، قلت : خلفته يمتح بالغرب على نخيلات من فلان ، وهو يقرأ القرآن ، قال عبد الله ، عليك دماء البدن إن كتمتنيها ، هل بقي في نفسه شيء من أمر الخلافة ، قلت : نعم ، قال : أيزعم أن رسول الله (ص) نص عليه ، قلت : نعم وأزيدك ، سألت أبي عما يدعيه ، فقال صدق ، فقال عمر : لقد كان من رسول الله (ص) في أمره ذرو من قول لا يثبت حجة ، ولا يقطع عذرا ، ولقد كان يربع في أمره وقتا ما ولقد أراد في مرضه أن يصرح باسمه فمنعت من ذلك اشفاقا وحيطة على الإسلام لا ورب هذه البنية لا تجتمع عليه قريش أبدا ، ولو وليها لأنتقضت عليه العرب من أقطارها ، فعلم رسول الله (ص) إني علمت ما في نفسه ، فأمسك ، وأبى الله إلا امضاء ما حتم ، المصدر ( شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج12ص20و21 ) ، إذا هذه النقطة الأولى من المخطط وسوف تأتي النقاط تباعا إن شاء الله.

 


 

المخالف : وما هي النقطة الثانية التي تبين بأن ما حدث هو انقلاب وليس بشورى ؟.

 

الموالي : أقول النقطة الثانية لاثبات هذه المسألة هي التآمر على بعث جيش أسامة وعدم الانصياع لأوامر النبي (ص) والقصة هي كما يلي :

 

- فمن كتاب السقيفة لأحمد بن عبد العزيز الجوهري ، قال : حدثنا : أحمد بن اسحاق بن صالح ، عن أحمد بن سيار ، عن سعيد بن كثير الأنصاري ، عن رجاله ، عن عبد الله بن عبد الرحمن : أن رسول الله (ص) في مرض موته أمر أسامة بن زيد بن الحارثة على جيش فيه جله من المهاجرين والأنصار منهم أبو بكر وعمر ، وأبو عبيده بن الجراح ، وعبد الرحمن بن عوف ، وطلحه ، والزبير ـ وأمره أن يغير على حيث قتل أبوه زيد بن الحارثة وأن يغزوا وادي فلسطين فتثاقل أسامه وتثاقل الجيش بتثاقله وجعل رسول الله (ص) في مرضه يثقل ويخف ويؤكد القول في تنفيذ ذلك البعث ، حتى قال له أسامة : بأبي أنت وأمي أتأذن لي أن أمكث أياما حتى يشفيك الله تعالى ، فقال (ص) : أخرج وسر على بركة الله ، فقال : يا رسول إن أنا خرجت وأنت على هذه الحالة ، خرجت وفي قلبي قرحة ، فقال : (ص) سر على النصر والعافية ، فقال : يا رسول الله إني أكره أسائل عنك الركبان ، فقال : (ص) انفذ لما أمرتك به ، ثم أغمى على رسول الله (ص) وقام أسامه فتجهز للخروج ، فلما أفاق رسول الله (ص) سأل عن أسامه والبعث فأخبر أنهم يتجهزون فجعل ، يقول : انفذوا بعث أسامه لعن الله من تخلف عنه وكرر ذلك ، فخرج أسامه واللواء على رأسه والصحابة بين يديه حتى إذا كان بالجرف نزل ومعه أبو بكر وعمر وأكثر المهاجرين ومن الأنصار أسيد بن حضير وبشير بن سعد وغيرهم من الوجوه ، فجاءه رسول أم أيمن ، يقول له : ادخل فأن رسول الله يموت ، فقام من فوره فدخل المدينة واللواء معه ، فجاء به حتى ركزه بباب الرسول (ص) ورسول الله قد مات في تلك الساعة.

 

وهنا نقاط : الأولى : أن أبا بكر وعمر كان في من كان في تلك السرية ، وللاطلاع على مصادر الرواية الرجاء الانتقال لهذا الرابط: http://www.kingoflinks.net/Seerah/4JO.htm

 

وعلى هذا نسأل من الكل لماذا النبي (ص) اختار هذا الوقت بالذات لكي يرسل هذا البعث ويخرج أكثر الصحابة وأكابرهم وهو (ص) يعلم بأنه سوف يموت الا تلتمسون وتحسون معي بأن النبي (ص) كان يريد أن يبعد الجماعة عن المدينة لأنه (ص) علم بما يخططون ، وأيضا الا تدركوا معي بأن عمر ومن معه قد عرفوا هدف النبي (ص) ولذلك تمردوا على أوامر النبي (ص) وهم يعلمون علم اليقين بأن مخالفة أوامر النبي فسق واضح ورد على الله لأن الله ، يقول : { أَطِيعُواْ اللهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ ( النساء : 59 ) } ... فلماذا لم يطيعوا الله يا ترى ، نترك الأمر لكم أيها المتابعون للموضوع وبينوا لي لماذا لم يمتثلوا لأوامره (ص) ، لا تقولوا لأنهم خافوا عليه أن يموت وغير ذلك لأن هذا الأمر بينه أسامة للنبي ولم يوافقه النبي على ذلك ، ولي وقفة مع نقطة أخرى إن شاء الله.

 


 

المخالف : وما هي النقطة الآتية إن وجدت ؟.

 

الموالي : النقطة الآتية المسرحية العمرية مقولة عمر بأن النبي (ص) لم يمت وإنما هو حي يرزق وأنه رفع للسماء وسوف يعود مرة أخرى وغير ذلك من الأقوال ، لماذا فعل ذلك ، وماهي مصلحته ، وهل فعلا يعتقد عمر بهذه العقيدة ، وهل فعلا صدم عمر بالخبر ، أسئلة لم أجد لها حل ولعل القارئ الكريم يساعدني ، ولكن أولا سوف أورد موقف عمر ونبحث بعد ذلك عن هذه الأسئلة إن شاء الله تعالى ، اليكم ما ذكره القوم :

 

- قال في البدء والتاريخ : قالوا : وارتجت المدينة بالصراخ والبكاء واقتحم الناس ، يقولون مات رسول الله محمد مات محمد فجاء عمر بن الخطاب (ر) فقام على الباب ، وقال : إن المنافقين يزعمون أن محمدا قد مات وأن رسول الله لم يمت ولكنه ذهب إلى ربه كما ذهب موسى بن عمران فقد غاب عن قومه أربعين ليلة ، ثم عاد اليهم بعد أن قيل قد مات ، وليرجعن رسول الله كما رجع موسى فليقطعن أيدي رجال وأرجلهم يزعمون أن رسول الله قد مات ، وقال عمر نظن أن رسول الله (ص) لا يموت حتى يفتح الأرض لوعد الله فلذلك ، قال : ما قال : وبلغ الخبر أبا بكر فأقبل مسرعا على فرس عمر يكلم الناس فلم يلتفت إليه حتى دخل بيت عائشة فإذا رسول الله (ص) مسجى عليه برد حبرة فكشف عن وجهه وقبله ، وقال : بأبي أنت وأمي أما الموتة التي كتب الله عليك فقد ذقتها فلا تذوق بعدها أبدا ، ثم خرج إلى الناس وعمر يكلمهم ، فقال : على رسلك يا عمر انصت فأبى إلا أن يتكلم فلما رآه أبو بكر لا ينصت إليه أقبل على الناس فلما سمع الناس كلام أبي بكر تركوا عمر وأقبلوا عليه فحمد الله وأثنى عليه وصلى على النبي (ص) ، ثم قال : يا أيها الناس إن الله قد نعى نبيكم إلى نفسه وهو حي بين أظهركم ونعاكم إلى أنفسكم ، فقال : { إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ ( الزمر : 30 ) } فعلم الناس حينئذ أن رسول الله قد مات وروي عن عمر : أنه قال : فما هو إلا أن سمعتها من أبي بكر فعقرت حتى وقعت على الأرض ما نقلني رجلاي ، ثم تلا أبو بكر : { وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىَ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللهُ الشَّاكِرِينَ ( آل عمران : 144 ) } ثم قال : يا أيها الناس من كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت ومن كان يعبد محمدا أو يراه إلها فأن محمدا قد مات ووعظ الناس وحضهم على التبقوي ونزل عن المنبر ، المصدر ( البدء والتاريخ ج:5 ص62- 64 ).

 

- وقال في الكامل في التاريخ : ولما توفي كان أبو بكر بمنزله بالسنح وعمر حاضر فلما توفي قام عمر ، فقال : إن رجالا من المنافقين يزعمون أن رسول الله توفي وإنه والله ما مات ولكنه ذهب إلى ربه كما ذهب موسى بن عمران والله ليرجعن رسول الله فليقطعن أيدي رجال وأرجلهم زعموا إنه مات ، وأقبل أبو بكر وعمر يكلم الناس ولم يلتفت إلي شيء حتى دخل على رسول الله وهو مسجى في ناحية البيت عليه بردة حبرة فكشف عن وجهه ، ثم قبله ، وقال : بابي أنت وأمي طيب حيا وميتا أما الموتة التي كتب الله عليك فقد متها ، ثم رد الثوب على وجهه ، ثم خرج وعمر يكلم الناس فأمره بالسكوت فأبى إلا أن يتكلم فلما رآه أبو بكر لا ينصت أقبل على الناس فلما سمع الناس كلامه أقبلوا عليه وتركوا عمر فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال : أيها الناس من كان يعبد محمدا فأن محمدا قد مات ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت ، ثم تلا هذه الآية : { وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىَ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللهُ الشَّاكِرِينَ ( آل عمران : 144 ) } قال : فوالله لكان الناس ما سمعوها غلا منه ، قال عمر : فوالله ما هو الا إذا سمعتها فعقرت حتى وقعت على الأرض ما تحملني رجلاي وقد علمت أن رسول الله قد مات ، المصدر ( الكامل في التاريخ ج:2 ص:187 ).

 

- وقال في تاريخ الطبري ، قال أبو جعفر توفي رسول الله وأبو بكر بالسنح وعمر حاضر ، فحدثنا : ابن حميد ، قال : حدثنا : سلمة ، عن ابن اسحاق ، عن الزهري ، عن سعيد بن المسيب ، عن أبي هريرة ، قال : لما توفي رسول الله قام عمر بن الخطاب ، فقال : إن رجالا من المنافقين يزعمون أن رسول الله توفي وأن رسول الله والله ما مات ولكنه ذهب إلى ربه كما ذهب موسى بن عمران فغاب عن قومه أربعين ليلة ، ثم رجع بعد أن قيل قد مات ، والله ليرجعن رسول الله فليقطعن أيدي رجال وأرجلهم يزعمون أن رسول الله مات ، قال : وأقبل أبو بكر حتى نزل على باب المسجد حين بلغه الخبر وعمر يكلم الناس فلم يلتفت إلي شيء حتى دخل على رسول الله في بيت عائشة ورسول اللهم سجى في ناحية البيت عليه برد حبرة فأقبل حتى كشف عن وجهه ، ثم أقبل عليه فقبله ، ثم قال : بأبي أنت وأمي أما الموتة التي كتب الله عليك فقد ذقتها ، ثم لن يصيبك بعدها موتة أبدا ثم رد الثوب على وجهه ، ثم خرج وعمر يكلم الناس ، فقال : على رسلك يا عمر فأنصت فأبى إلا أن يتكلم فلما رآه أبو بكر لا ينصت أقبل على الناس فلما سمع الناس كلامه أقبلوا عليه وتركوا عمر فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال : أيها الناس إنه من كان يعبد محمدا فأن محمدا قد مات ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت ، ثم تلا هذه الآية : { وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ ( آل عمران : 144 ) } قال : فوالله لكان الناس لم يعلموا أن هذه الآية نزلت على رسول الله حتى تلاها أبو بكر يومئذ ، قال : وأخذها الناس عن أبي بكر فإنما هي في أفواههم ، قال أبو هريرة ، قال عمر : والله ما هو إلا أن سمعت أبا بكر يتلوها فعقرت حتى وقعت إلى الأرض ما تحملني رجلاي وعرفت أن رسول الله قد مات.

 

- حدثنا : ابن حميد ، قال : حدثنا : جرير ، عن مغيرة ، عن أبي معشر زياد بن كليب ، عن أبي أيوب ، عن إبراهيم ، قال : لما قبض النبي كان أبو بكر غائبا فجاء بعد ثلاث ولم يجترئ أحد أن يكشف عن وجهه حتى اربد بطنه فكشف عن وجهه وقبل بين عينيه ، ثم قال : بأبي أنت وأمي طبت حيا وطبت ميتا ثم خرج أبو بكر فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال : من كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت ومن كان يعبد محمدا فأن محمدا قد مات ، ثم قرأ : { وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىَ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللهُ الشَّاكِرِينَ ( آل عمران : 144 ) } المصدر ( تاريخ الطبري ج:2 ص 232 - 233 ).

 

- وقال في الطبقات الكبرى : أخبرنا : محمد بن عمر ، حدثني : مسلمة بن عبد الله بن عروة ، عن زيد بن أبي عتاب ، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن ، قال : اقتحم الناس على النبي (ص) في بيت عائشة ينظرون إليه ، فقالوا : كيف يموت وهو شهيد علينا ونحن شهداء على الناس فيموت ولم يظهر على الناس لا والله ما مات ولكنه رفع كما رفع عيسى بن مريم (ع) وليرجعن وتوعدوا من ، قال : إنه مات ونادوا في حجرة عائشة وعلى الباب لا تدفنوه فأن رسول الله (ص) لم يمت ، أخبرنا : محمد بن عمر ، حدثني : هشام بن سعد ، عن زيد بن أسلم ، قال : لما قبض رسول الله (ص) خرج العباس بن عبد المطلب ، فقال : هل عند أحد منكم عهد من رسول الله (ص) في وفاته فيحدثانه ، فقالوا : لا ، قال : هل عندك يا عمر من ذلك ، قال : لا ، قال : العباس اشهدوا أن أحدا لا يشهد على نبي الله (ص) بعهد إليه بعد وفاته الا كذاب ، والله الذي لا إله الا هو لقد ذاق رسول الله (ص) الموت ، أخبرنا : محمد بن عمر ، حدثني : القاسم بن اسحاق ، عن أمه ، عن أبيها القاسم بن محمد بن أبي بكر ، أو عن أم معاوية أنه لما شك في موت النبي (ص) ، قال : بعضهم قد مات ، وقال بعضهم : لم يمت وضعت أسماء بنت عميس يدها بين كتفيه ، وقالت : قد توفي رسول الله (ص) قد رفع الخاتم من بين كتفيه ، المصدر ( الطبقات الكبرى ج:2 ص:271 ).

 

- وقال أيضا : عن عائشة ، قالت : لما توفي رسول الله (ص) استأذن عمر والمغيرة بن شعبة فدخلا عليه فكشفا الثوب عن وجهه ، فقال عمر : واغشيا ما أشد غشي رسول الله (ص) ، ثم قاما فلما إنتهيا إلى الباب ، قال المغيرة : يا عمر مات والله رسول الله (ص) ، فقال عمر كذبت ما مات رسول الله (ص) ولكنك رجل تحوشك فتنة ولن يموت رسول الله (ص) حتى يفني المنافقين ، ثم جاء أبو بكر وعمر يخطب الناس ، فقال له أبو بكر : اسكت فسكت فصعد أبو بكر فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قرأ : { إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ ( الزمر : 30 ) } ثم قرأ : { وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ ( آل عمران : 144 ) } حتى فرغ من الآية ، ثم قال : من كان يعبد محمدا فأن محمدا قد مات ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت ، قال : فقال عمر هذا في كتاب الله ، قال : نعم ، فقال : أيها الناس هذا أبو بكر وذو شيبة المسلمين فبايعوه فبايعه الناس ، أخبرنا : أبو بكر بن عبد ، المصدر ( الطبقات الكبرى ج:2 ص:267 ) ، والمصادر كثيرة وهي من المسائل المجمع عليها فراجعوها في ( سيرة ابن هشام وتفسير القرطبي وتفسير الزمخشري وأنساب الأشراف والملل والنحل ومسند أحمد وغيرها من المصادر ).

 

فنعود ونسأل هل عمر لم يطلع على هذه الروايات والآيات وهي كثيرة جدا تخبر بموت النبي (ص) من مثل قوله تعالى : { وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ ( آل عمران : 144 ) } وقوله تعالى : { كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ) ( العنكبوت : 57 ) } وقوله تعالى : { إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ ( الزمر : 30 ) } أفلم يطلع عليها عمر كلها أمر محتمل بأن عمر لم يطلع عليها لأنها ليست من سورة البقرة التي اطلع عليها عمر بن الخطاب ، ولكن ألم يكن عمر في حجة الوداع موجود أم لا ، وقد سمع النبي يردد كلمات الوداع وهو يقول لعلي : لا أراكم بعد عامي هذا ، واليكم بعضا من تلك الأقوال كما ينقلها القوم :

 

- قال مسلم في صحيحه : 1297 - حدثنا : إسحاق بن ابراهيم وعلي بن خشرم جميعا ، عن عيسى بن يونس ، قال ابن خشرم ، أخبرنا : عيسى ، عن ابن جريج ، أخبرني : أبو الزبير أنه سمع جابرا يقول : رأيت النبي (ص) يرمى على راحلته يوم النحر ، ويقول : لتأخذوا مناسككم فإني لا أدري لعلي لا أحج بعد حجتي هذه ، المصدر ( صحيح مسلم ج:2 ص:943 ).

 

- وقال ابن حجر العسقلاني في المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية : 1275 - 1 وقال أبي يعلى ، حدثنا : عمرو بن الضحاك بن مخلد ، ثنا : أبي ، ثنا : ربيعة بن عبد الرحمن بن حصين الغنوي ، حدثتني : جدتي السرى بنت نبهان بن عمرو وكانت ربة بيت في الجاهلية ، قالت : سمعت رسول الله في حجة الوداع ، يقول : أتدرون أي يوم هذا ، قالوا : الله ورسوله أعلم ، قال : هذا أوسط أيام التشريق ، قال : تدرون أي بلد هذا ، قالوا : الله ورسوله أعلم ، قال : هذا المشعر الحرام ، قال : إني لا أدري لعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا إلا أن دماءكم وأموالكم وأعراضكم بينكم حرام بعضكم على بعض كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا حتى تلقوا الله عز وجل فيسألكم عن أعمالكم ألا فليبلغ أدناكم أقصاكم ، قال : ثم أتبعها اللهم هل بلغت اللهم هل بلغت فتوفي حين بلغ المدينة ، المصدر ( المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية ج:7 ص:75 ).

 

- وقال صاحب جامع العلوم والحكم : فقلنا يا رسول الله كأنها موعظة مودعة فأوصنا يدل على أنه كان (ص) قد أبلغ في تلك الموعظة ما لم يبلغ في غيرها ، فلذلك فهموا أنها موعظة مودع فإن المودع يستقصي ما لم يستقص غيره في القول والفعل ولذلك أمر النبي (ص) إن يصلي صلاة مودع لأنه من استشعر أنه مودع بصلاته أتقنها على أكمل وجوهها وربما كان قد وقع منه (ص) تعريض في تلك الخطبة بالتوديع كما عرض بذلك في خطبته في حجة الوداع ، وقال : لا أدري لعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا وطفق يودع الناس ، فقالوا : هذه حجة الوداع ، المصدر ( جامع العلوم والحكم ج:1 ص:261 ).

 

- وقال في مجمع الزوائد ومنبع الفوائد : وعن سراء بنت نبهان وكانت ربة بيت في الجاهلية ، قالت : سمعت رسول الله (ص) ، يقول في حجة الوداع هل تدرون أي يوم هذا وهو الذي تدعون يوم الروس ، قالوا : الله ورسوله أعلم ، قال : إن هذا أوسط أيام التشريق ، قال : هل تدرون أي بلد هذا ، قالوا : الله ورسوله أعلم ، قال : هذا مشعر الحرام ثم قال : إني لعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا ألا وإن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا حتى تلقون ربكم فيسألكم عن أعمالكم ألا فليبلغ أقصاكم أدناكم ألا هل بلغت ، المصدر ( مجمع الزوائد ومنبع الفوائد ج:3 ص:273 ).

 

- وقال في الأحكام : إلى حجة الوداع التي ، قال فيها : خذوا عني مناسككم لعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا ، المصدر ( الأحكام ج:3 ص:313 ).

 

فعلمنا بأن عمر كان يعلم بأن النبي سوف يموت بلا اشكال في ذلك لوضوح الأمر ولكنه اخترع هذه المسرحية لغرض في نفسه ، وهو انتظار الشريك العزيز أبو بكر بن أبي قحافة لأن الرجل غير موجود والخوف بأن يتم الاختيار فتذهب اللعبة على الفاضي ومن هنا نسأل من جديد من الذي بعث في طلب ابن قحافة بهذه السرعة ، ونسأل أيضا من الكل لماذا بعد أن عرف عمر الواقعة الحقيقية بأن النبي (ص) قد مات لم يدخل إليه ويقوم بمهام التجهيز وإنما تحرك من فوره وساعته للسقيفة والصراع على الرئاسة ، المصدوم لا يتصرف بهذه التصرفات وكذلك المحب فانه يبقى بجانب الحبيب الا عمر ترك النبي من أجل الخلافة فسبحان الله وللكلام بقية.

 


 

المخالف : وما هي النقطة الأخرى يا ترى ، وهل بقي من النقاط شيء أم لا ؟.

 

الموالي : عندي نقطة أخرى تساعدنا على الوصول للاحتمال الذي فرضناه وهو أنه لم يكن هناك اختيار ومشورة وإنما هي حرب وانقلاب وعند الكلام عن السقيفة سوف يتبين ذلك أكثر ، ولكن الكلام هنا عن أمر حدث بعد السقيفة مباشرة ، وهو قدم قبيلة أسلم وهي قبيلة ليست من قبائل المدينة وإنما من خارج المدينة وهي القبيلة التي أراحت قلب الخليفة عمر وضمنت البيعة للخليفة أبي بكر.

 

- فلقد ، قال الطبري ، قال هشام ، قال أبو مخنف : فحدثني أبو بكر بن محمد الخزاعي أن أسلم أقبلت بجماعتها حتى تضايق بهم السكك فبايعوا أبا بكر فكان عمر ، يقول : ما هو إلا أن رأيت أسلم فأيقنت بالنصر ، ( تاريخ الطبري ج:2 ص:244 ).

 

- وقال في الكامل في التاريخ : فقوموا فبايعوا أبا بكر فقاموا إليه فبايعوه فانكسر على سعد والخزرج ما أجمعوا عليه وأقبل الناس يبايعون أبا بكر من كل جانب ثم تحول سعد بن عبادة إلى داره ، فبقي أياما وأرسل إليه أن أقبل فبايعه فإن الناس قد بايعوا ، فقال : لا والله حتى أرميكم بما في كنانتي من نبلي وأخضب سنان رمحي وأضربكم بسيفي ما ملكته يدي وأقاتلكم بأهل بيتي ومن أطاعني ولو اجتمع معكم الجن والانس ما بايعتكم حتى أعرض على ربي ، فقال عمر : لا تدعه حتى يبايع ، فقال بشير بن سعد : إنه قد لج وأبى ولا يبايعكم حتى يقتل وليس بمقتول حتى يقتل معه أهله وطائفة من عشيرته فاتركوه ولا يضركم تركه وإنما هو رجل واحد فتركوه وجاءت أسلم فبايعت فقوي أبو بكر بهم وبايع الناس بعد ، قيل : إن عمرو بن حريث ، قال لسعيد بن زيد : متى بويع أبو بكر ، قال يوم مات رسول الله كرهوا أن يبقوا بعض يوم وليسوا في جماعة ، قال الزهري : بقي علي وبنو هاشم والزبير ستة أشهر لم يبايعوا أبا بكر حتى ماتت فاطمة (ر) فبايعوه فلما كان الغد من بيعة أبي بكر جلس على المنبر وبايعه الناس بيعة عامة ، ثم تكلم فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال : أيها الناس قد وليت عليكم ولست بخيركم فإن أحسنت فأعينوني وإن أسأت فقوموني الصدق أمانة والكذب خيانة والضعيف فيكم ، ( الكامل في التاريخ ج:2 ص:194 ).

 

السؤال المطروح هنا : هل كان عمر داخل في حرب وخلاف حتى يقول مقولته هذه ما أيقنت بالنصر حتى رأيت أسلم يعني على أمل النصر لإني قد أعددت له عدته وهيأت الأمور ولكن خفت أن يحصل خلل في التنفيذ ولكن لما رأيت أسلم في المدينة أيقنت بالنتيجة المخطط لها جيدا قبل وفاة النبي (ص) ، والا فكيف أتت هذه القبيلة في هذه السرعة لحفظ إلا من للقيادة الجديدة ومن الذي أرسل اليها ومن الذي رسل لا نعرف هل هي الصدفة ، أمر محتمل أن تأتي هذه القبيلة وتصتك بهم سكك المدينة ، ولكن أيضا كان صدفة مقولة عمر : ما أيقنت بالنصر حتى رأيت أسلم فمن الذي أخبره : أن أسلم جاءت لتكون معاه وليس ضده ، لأن هناك انقسام فمن أخبر عمر بأن أسلم كلها معكم وليس مع المعارضين يمكن الإلهام وليس التخطيط المسبق.

 

ولكن ألا تتأملوا معي بأن ثلاثة أشخاص فقط من المهاجرين كانوا يتكلمون بقوة وبلغة الواثق امام أهل الدار وأهل البلد ، أعتقد أمر غير ممكن أن يقوم غريب بتهديد أهل البلد لو لم يعد العدة لذلك من قبل ، وفعلا هذا الذي حصل فبمجرد أن قدمت أسلم بايعت لأبي بكر فقوي بهم وقويت شوكتهم فتبين بأن التهديد والوعيد مدعوم بحركة مسبقة معد لها اعداد محكم جدا.

 


 

المخالف : إلى أين سوف تتوجه بالبحث الآن وهل انتهت النقاط الانقلابيه أم لا ؟.

 

الموالي : تقربا شبه انتهت وسوف أتوجه إلى السقيفة لأعرف كيف كانت الشورى هناك هل بالحجج أو بالأصوات أو بالقوة والتهديد أو بماذا وأي أسلوب استخدم للوصول لتلك النتيجة التي وصل فيها أبو بكر للخلافة ، ولكن لدي سؤال قبل أن أتوجه للسقيفة وهو سؤال عادي جدا وربما ساذج ولكن يبقى سؤال مهما كان شكله وهو لماذا ترك النبي (ص) مسجى وذهب القوم للسقيفة ، اليس تجهيز النبي (ص) أمر مهم لهذه الدرجة لأن كرامة الميت في التعجيل به ودفنه فلماذا تركوه وانصرفوا للسقيفة ، قد يقال : لأنهم ذهبوا لاختيار قائد للأمة ومن الخطر الفادح أن تبقى الأمة من غير قائد وهذا أمر مهم لدفع الخطر المتوجه للأمة ، أقول سبحان الله أبو بكر وعمر وأبو عبيدة أحسوا بهذا الخطر ولم يحس به النبي (ص) وكان بامكانه أن يقيم للناس من يرجعون إليه ويدفع هذا الخطر عن الأمة ، إلا أن يقال : بأن حرص الثلاثة على الأمة أكثر من حرص النبي (ص) عليها وهذا أمر جدا محتمل ووارد بلا اشكال في ذلك لدرجة أن عمر أمر بقتل أهل الشورى إذ لم يعينوا أحدا خلال ثلاثة أيام وهم من أهل الجنة ، كما يقال : كان مهتما بالأمة أكثر من النبي (ص) وقبله كان أبو بكر لم يشأ أن يترك الأمة من دون قيادة فعين لهم شخص من حرصه على الأمة والنبي (ص) لم يحس بذلك ولم يفعل شي للأمة ، الأمر لله الواحد القهار من هكذا أساءة للنبي الأكرم (ص) ، على العموم ارجع لجواب القوم لماذا تركوا النبي (ص) لاجل اختيار الخليفة آسف قصدي خليفة للأمة ، ولكن هل هناك شرط أن يكون الخليفة هو أبو بكر .

 

قد تقول لماذا هذا السؤال ، أقول لأن الأنصار قد قاموا بالأمر وهم صحابة وعدول وسوف يختاروا للأمة من يقودها وأعتقد بأن الأنصار هم أكثر حرصا على الأمة من المهاجرين ولقد نصروا الإسلام في بدايته ، فإذا هذه الحجة مندفعة إذا كان الهدف هو تعيين من يقود الأمة إلا أن يراد اختيار من يقود الأمة وهو أبو بكر دون غيره فهذا أمر آخر لا جواب عندي عليه ، ولكن يخطر ببالي سؤال آخر لماذا ترك النبي (ص) ثلاثة أيام متواليه ، وهل كانوا يتوقعوا قدوم الحكام ووسائل الاعلام لتغطية الحدث ، أم هناك أمر قد حصل في العاصمة الإسلاميه مما يسمى في هذه الأيام بفرض حضر تجول وفرض الأحكام العرفية على الأمة ، والا لماذا لم يدفن بعد اختيار الخليفة مباشرة ، لم أجد جواب لسؤالي هذا أترك أهل العلم لكي يجيبوني اجابة شافية وهم أهل لذلك ، نتوجه الآن للسقيفة ونقول لماذا لم يذهب من المهاجرين الا هؤلاء النفر ولم يخبر بقية الصحابة لكي تكون شورى متكاملة ، لا أعلم لعله لأمر سري اقتضته المصلحة الإسلامية العلم عند الله ومن لهم مصلحة في الأمر ، وصل الجماعة للسقيفة وماذا جرى فيها.

 


 

المخالف : هل سوف تسرد لنا الآن القصة الكاملة للسقيفة واحداثها ؟.

 

الموالي : لا لأني لم أقصد من الأساس هذا الكلام وإنما كلامي متوجه للشورى فقط وحجية الشورى ، ولذلك سوف أتناول جزئيات لبعض ما حدث وأطبق مبادئ الشورى عليه.

 


 

المخالف : وماذا سوف تختار لنا من السقيفة وما جرى فيها وبعدها يا ترى ؟.

 

الموالي : سوف اختار أولا تزوير عمر لأعرف ماذا زور ، وماذا حصل منه لدعم السقيفة ، قد تسألني وتقول أي تزوير هذا أقول أذهب للتاريخ ، فأنا سوف أنقل من التاريخ وأترك لكم وللتاريخ الحكم ، لن أحكم بنفسي عليه أبدا ، وهذه بعض ما توصلت إليه من كلمات التاريخ أنقلها لكم واليكم الحكم.

 

- قال في البداية والنهاية : فلما سكت أردت أن أتكلم وكنت قد زورت مقالة أعجبتني أردت أن أقولها بين يدي أبي بكر وكنت أداري منه بعض الحد وهو كان أحكم مني وأوقر ، والله ما ترك من كلمة أعجبتني في تزويري الا قالها في بدهته حتى سكت ( البداية والنهاية ج:5 ص:246 ).

 

- وقال في المنتظم : فلما سكت أردت أن أتكلم وكنت قد زورت مقالة أعجبتني أردت أن أقولها بين يدي أبي بكر (ر) وقد كنت أداري منه بعض الحد وهو كان أحلم مني وأوقر ، فقال أبو بكر (ر) على رسلك فكرهت أن أغضبه وكان أحلم مني وأوقر والله ما ترك كلمة أعجبتني في تزويري الا قالها في بديهته وأفضل حتى سكت ( المنتظم ج:4 ص:65 ).

 

- وقال في سمط النجوم العوالي : فلما سكت أردت أن أتكلم وقد كنت زورت مقالة أعجبتني أردت أن أقولها بين يدي أبي بكر ، فقال لي أبو بكر على رسلك فكرهت أن أعصيه وكان أعلم مني ، ثم تكلم فوالله ما ترك من كلمة أعجبتني في تزويري الا قالها في بديهته وأفضل ( سمط النجوم العوالي ج:2 ص:330 ).

 

- وقال في تاريخ الخلفاء : فلما سكت أردت أن أتكلم وقد كنت زورت مقالة أعجبتني أردت أن أقولها بين يدي أبي بكر ، وقد كنت أداري منه بعض الحد وهو كان أحلم مني وأوقر ، فقال أبو بكر : على رسلك ، فكرهت أن أغضبه وكان أعلم مني والله ما ترك من كلمة أعجبتني في تزويري الا قال في بداهته ( مثلها ) وأفضل منها ، حتى سكت ( تاريخ الخلفاء ج:1 ص:68 ).

 

- وقال في تاريخ دمشق : قال عمر فإذا هم يريدون أن يختزلونا من أصلنا ويحصنونا من الأمر فلما قضى مقالته أردت أن أتكلم ، قال : وكنت قد زورت مقالة أعجبتني أريد أن أقوم بها بين يدي أبي بكر ، وكنت أداري منه بعض الحدة فلما أردت أن أتكلم ، قال أبو بكر على رسلك فكرهت أن أغضبه فتكلم أبو بكر وهو كان أحلم مني وأوقر والله ما ترك من كلمة أعجبتني في تزويري الا تكلم بمثلها أو أفضل في بديهته حتى سكت ، فتشهد أبو بكر وأثنى على الله بما هو أهله ، ثم قال : أما بعد أيها الأنصار فما ذكرتم فيكم من خير فأنتم أهله ولن تعرف العرب هذا الأمر الا لهذا الحي من قريش هم أوسط العرب نسبا ودارا وقد رضيت لكم هذين ( تاريخ دمشق ج:30 ص:282 ).

 

- وقال في الكامل في التاريخ : فلما سكت وكنت قد زورت في نفسي مقالة أقولها بين يدي أبي بكر فلما أردت أن أتكلم ، قال أبو بكر على رسلك ، فكرهت أن أعصيه فقام فحمد الله وما ترك شيئا كنت زورت في نفسي الا جاء به أو بأحسن منه ، ( الكامل في التاريخ ج:2 ص:191 ).

 

- وقال في البداية والنهاية : وقام عمر فتكلم قبل أبي بكر فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله ، ثم قال : أيها الناس إني قد كنت ، قلت لكم بالأمس مقالة ما كانت وما وجدتها في كتاب الله ولا كانت عهدا عهدها الي رسول الله ، ولكني كنت أرى أن رسول الله سيدبر أمرنا ، يقول : يكون آخرنا وأن الله قد أبقى فيكم كتابه الذي هدى به رسول الله فإن اعتصمتم به هداكم الله لما كان هداه الله له ( البداية والنهاية ج:5 ص:248 ).

 

- وقال أيضا : وكان الغد جلس أبو بكر فقام عمر فتكلم قبل أبي بكر فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله ، ثم قال : أيها الناس إني قد قلت لكم بالأمس مقالة ما كانت وما وجدتها في كتاب الله ولا كانت عهدا عهده إلي رسول الله ، ولكني قد كنت أرى أن رسول الله سيدبر أمرنا ، يقول : يكون آخرنا وإن الله قد أبقى فيكم الذي به هدى رسول الله فإن اعتصمتم به هداكم الله لما كان هداه الله ( البداية والنهاية ج:6 ص:301 ).

 

- وقال في تاريخ الطبري : فقام عمر فتكلم قبل أبي بكر فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله ، ثم قال : أيها الناس إني قد كنت ، قلت لكم بالأمس مقالة ما كانت الا عن رأيي وما وجدتها في كتاب الله ولا كانت عهدا عهده إلي رسول الله ، ولكني قد كنت أرى أن رسول الله سيدبر أمرنا حتى يكون آخرنا وإن الله قد أبقى فيكم كتابه الذي هدى به رسول الله فإن اعتصمتم به هداكم الله لما كان هداه له ( تاريخ الطبري ج:2 ص:237 ).

 

- وقال في البدء والتاريخ : فقام عمر فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال : أيها الناس إني كنت ، قلت لكم بالأمس مقالة ما وجدتها في كتاب الله ولا كانت عهدا عهده إلي رسول الله ، ولكني كنت أرى أن رسول الله سيدبر أمرنا ويكون آخرنا فإن الله عز وجل قد أبقى فيكم كتابه الذي هدى به رسوله فمن اعتصم به هداه كما كان هداه له ( البدء والتاريخ ج:5 ص:66 ).

 

يا سبحان الله إذا هنا تزوير من أحدهما فهمه الثاني واكتشفه لا أعرف بواسطة الغيب أو الإلهام أو الاتفاق المسبق أو بماذا ، المهم أنهما كلاهما زور على الأنصار ، وأن الكلام المعسول الذي قاله أبو بكر هو كلام مزور وليس بصحيح ، أما كذب أو أنه محسن ومعدل وليس هو ما يعتقدانه اتجاه الأنصار وإنما الظروف والحاجة دعت أبا بكر ، يقوله وعمر يزوره.

 


 

المخالف : ماذا ، قال أبو بكــر ياترى .

 

الموالي : اقرأ ما قال :

 

- قال في البدء والتاريخ : فقال أبو بكر : أما ما ذكرتم فيكم من خير فأنتم له أهل ولن تعرف العرب هذا الأمر الا لهذا الحي من قريش أوسط العرب نسبا ودارا وقد رضيت لكم أحد هذين الرجلين فبايعوا أيهما شئتم وأخذ بيد عمر وأبي عبيدة بن الجراح ، فقال الحباب بن المنذر أنا جذيلها المحكك وعذيقها المرجب منا أمير ومنكم أمير ، فكثر اللغط وارتفعت الأصوات حتى خيف الاختلاف ، فقال عمر لأبي بكر : ابسط يدك أبايعك فبسط يده فبايعه ، ( البدء والتاريخ ج:5 ص:65 ).

 

هنا التزوير محتمل في نقاط من هذه الكلمات ، منها تصديقه لكلمات الأنصار فأنا أعتقد أنه لم يصدقهم في الواقع ولكن استرضاهم بالتصديق ، ومنها مقولته لن ترضى لكم العرب بهذا الأمر يعني لا يعتقد بأن الشريعة لا ترضى وإنما العرب لن يرضوا لهم بذلك ، فأقول العرب لم ترضى للرسول (ص) ولكنها دانت غصبا عنها بسبب الأنصار وبني هاشم عندما كانت العرب وقريش يعبدون الأصنام فهذا كلام مزور أيضا ، فلو لم يكن مزور لكان الواجب عليهم أن يقدموا بني هاشم لأنهم الأشرف والأكمل والأفضل علي كل الأصعدة ، وخاصة إن الأنصار دعت إلى بيعة الامام (ع) كما سوف يأتي فخاف القوم أن يخرج الأمر منهم فعجلوا بالبيعة لأبي بكر.

 

ومنها مقولته : وقد رضيت لكم أحد هذين الرجلين فبايعوا أيهما شئتم وأخذ بيد عمر وأبي عبيدة بن الجراح فهذا كلام مزور ، قاله لكي لا يقول الناس أنه قدم نفسه وباتفاق مسبق هو يقدم أحد الرجلين وهما يقدمانه فتصبح المسرحية مخرجة اخراجا محكما اليس كذلك ، فأبو بكر لا يقبل بعمر فلقد ، قال عنه ماهو بخير له أن يلي أمة محمد (ص) راجع كتاب : ( الثقاة لابن حبان ج2ص192 ) ، فكيف يتقدم حفار القبور ابن الجراح ، والجاهل الجبان عمر على سعد بن عبادة الذي حمى الإسلام وجاهد هو وعشيرته من أجله وحفظه أنها السياسة ياقوم ، فهذا هو الكلام المزور فلو القاه عمر لما استطاع أن يوصله للناس لأنه أحمق وجلف لا يحسن الحنكة والتصرف فأناب صاحبه لقي يلقيه نيابة عنه.

 


 

المخالف : هذا التزوير الأول عرفناه ، وهل هناك من تزوير آخر ؟.

 

الموالي : نعم هناك تزوير آخر لم نعرفه أبدا ، وهل هو نفس هذا التزوير أم أنه تزوير آخر لم يصل الينا وما أكثر الأشياء التي لم تصل ، نعم وصل الينا الاعتراف بهذا التزوير فقط ولم تصلنا مادته والفاظه وحيثياته واليكم الاعتراف من السيد عمر بن الخطاب :

 

- فلقد ، قال : في البداية والنهاية : وقام عمر فتكلم قبل أبي بكر فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله ، ثم قال : أيها الناس إني قد كنت ، قلت لكم بالأمس مقالة ما كانت وما وجدتها في كتاب الله ولا كانت عهدا عهدها الي رسول الله ، ( البداية والنهاية ج:5 ص:248 ).

 

- وقال أيضا : وكان الغد جلس أبو بكر فقام عمر فتكلم قبل أبي بكر فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله ، ثم قال : أيها الناس إني قد قلت لكم بالأمس مقالة ما كانت وما وجدتها في كتاب الله ولا كانت عهدا عهده إلي رسول الله ، ( البداية والنهاية ج:6 ص:301 ).

 

- وقال الطبري في تاريخه : فقام عمر فتكلم قبل أبي بكر فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله ، ثم قال : أيها الناس إني قد كنت ، قلت لكم بالأمس مقالة ما كانت الا عن رأيي وما وجدتها في كتاب الله ولا كانت عهدا عهده إلي رسول الله ، ( تاريخ الطبري ج:2 ص:237 ).

 

- وقال في البدء والتاريخ : فقام عمر فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال : أيها الناس إني كنت ، قلت لكم بالأمس مقالة ما وجدتها في كتاب الله ولا كانت عهدا عهده إلي رسول الله ، ( البدء والتاريخ ج:5 ص:66 ).

 

أي مقالة كنت زورتها وكذبت على الأمة بها يا سيدنا عمر ، هل هي مقولتك كفانا كتاب الله عند طلب النبي (ص) لكي يكتب الكتاب ، أم أنك تقصد التمثيلية التي اخترعتها عن عدم موت النبي (ص) ، ولماذا كذبت ياترى عليهم من أجل الخلافة يا ابن الخطاب ، وهل الخلافة عندك بهذا المستوى حتى تختلق وتزور لأجلها الله يا دنيا والله يا كرسي تستحق كل هذا من عمر النقطة الأخرى في البحث.

 


 

المخالف : وماهي النقطة الأخرى وهل أيضا مهمة لكي تذكر ؟.

 

الموالي : أترك الحكم في أهميتها للقارئ الكريم وليس لي ، والنقطة هي : لماذا تم الاستعجال في اتخاذ القرار بالبيعة لأبي بكر ولم يكملوا النقاش وطرح الأفكار وتداولها هل هل طرح أحد قول ما خوف الجماعة ، لا أعلم ولكن أنقل لكم الخوف الذي حصل عند عمر بن الخطاب الراعي الرسمي لهذه القضية :

 

- قال : في البداية والنهاية ، قال : فكثر اللغط وارتفعت الأصوات حتى خشينا الاختلاف ، فقلت : ابسط يدك يا أبا بكر فبسط يده فبايعته وبايعه المهاجرون ثم بايعه الأنصار ونزونا على سعد بن عبادة ، فقال قائل منهم : قتلتم سعدا ، فقلت : قتل الله سعدا ، قال عمر : أما والله ما وجدنا فيما حضرنا أمرا هو أرفق من مبايعة أبي بكر خشينا إن فارقنا القوم ولم تكن بيعة أن يحدثوا بعدنا بيعة ، فأما نبايعهم على مالا نرضى وإما أن نخالفهم فيكون فساد ، ( البداية والنهاية ج:5 ص:246 ).

 

- وقال في الكامل في التاريخ : فلما قضى أبو بكر كلامه قام منهم رجل ، فقال : أنا جذيلها المحكك وعذيقها المرجب منا أمير ومنكم أمير وارتفعت الأصوات وكثر اللغط فلما خفت الاختلاف ، قلت لأبي بكر ابسط يدك أبايعك فبسط يده فبايعته وبايعه الناس ، ثم نزونا على سعد بن عبادة ، فقال قائلهم قتلتم سعدا ، فقلت : قتل الله سعدا وإنا والله ما وجدنا أمرا هو أبقوي من بيعة أبي بكر خشيت إن فارقت القوم ولم تكن بيعة أن يحدثوا بعدنا بيعة فإما أن نتابعهم على ما لا نرضى به وإما أن نخالفهم فيكون فسادا ، ( الكامل في التاريخ ج:2 ص:191 ).

 

- وقال في تاريخ الطبري : فلما قضى أبو بكر كلامه قام منهم رجل ، فقال : أنا جذيلها المحكك وعذيقها المرجب منا أمير ومنكم أمير يا معشر قريش ، قال : فارتفعت الأصوات وكثر اللغط فلما أشفقت الاختلاف ، قلت لأبي بكر : ابسط يدك أبايعك فبسط يده فبايعته وبايعه المهاجرون وبايعه الأنصار ، ثم نزونا على سعد حتى قال قائلهم قتلتم سعد بن عبادة ، فقلت : قتل الله سعدا ، وإنا والله ما وجدنا أمرا هو أبقوي من مبايعة أبي بكر خشينا إن فارقنا القوم ولم تكن بيعة أن يحدثوا بعدنا بيعة فإما أن نتابعهم على ما نرضى أو نخالفهم فيكون فساد ، ( تاريخ الطبري ج:2 ص:235 ).

 

- وقال في تاريخ الخلفاء : فقال قائل من الأنصار أنا جذيلها المحكك وعذيقها المرجب منا أمير ومنكم أمير يا معشر قريش وكثر اللغط وارتفعت الأصوات حتى خشيت الاختلاف ، فقلت : ابسط يدك يا أبا بكر فبسط يده فبايعته وبايعه المهاجرون ثم بايعه الأنصار أما والله ما وجدنا فيما حضرنا أمرا هو أوفق من مبايعة أبي بكر ، خشينا إن فارقنا القوم ولم تكن بيعة أن يحدثوا بعدنا بيعة فإما أن نبايعهم على ما لا نرضى وإما أن نخلفهم فيكون فيه فساد ، ( تاريخ الخلفاء ج:1 ص:68 ).

 

- وقال في تاريخ دمشق : فلما قضى أبو بكر مقالته ، قال قائل من الأنصار أنا جذيلها المحكك وعذيقها المرجب منا أمير ومنكم أمير يا معشر قريش ، قال عمر فكثر اللغط وارتفعت الأصوات حتى أشفقت الاختلاف ، قلت ابسط يدك يا أبا بكر فبسط أبو بكر يده فبايعته وبايعه المهاجرون والأنصار فنزونا على سعد بن عبادة ، فقال قائل من الأنصار قتلتم سعدا ، قال عمر : فقلت : وأنا مغضب قتل الله سعدا فانه صاحب فتنة وشر وإنا والله ما رأينا فيما حضر من أمرنا أمر أبقوي من بيعة أبي بكر خشينا أن فارقنا القوم قبل أن تكون بيعة أن يحدثوا بعدنا بيعة ، فإما أن نبايعهم على ما لا نرضى وإما أن نخالفهم فيكون فسادا فلا يغترن امرؤ أن يقول : إن بيعة أبا بكر كانت فلتة فتمت فقد كانت فلتة ولكن الله ، وقال : شرها ألا وإنه ليس فيكم اليوم مثل أبي بكر ، ( تاريخ دمشق ج:30 ص:283 ).

 

- وقال أيضا : فقام الحباب بن المنذر السلمي ، فقال : أنا جذيلها المحكك وعذيقها المرجب ، منا أمير ومنكم أمير ، يا معشر قريش إن شئتم أعدنا الحرب جذعة فارتفعت الأصوات وكثر اللغط حتى خشيت الاختلاف ، فقلت : يا أبا بكر ابسط يدك فبسطها فبايعته وبايعه أبا عبيدة بن الجراح وبايعه المهاجرون ثم بايعه الأنصار ونزونا على سعد ، فقال قائل الأنصار قتلتم سعدا ، فقلت : قتل الله سعدا إنا والله ما وجدنا فيما حضرنا من أمرنا أبقوي من مبايعة أبي بكر خفنا إن فارقنا القوم أن يحدثوا بعدنا بيعة فإما بايعناهم على ما نكره أو نخالفهم فيكون فسادا ولا نعرف أمرا أن يقول : إن بيعة أبي بكر كانت فلتة الا أنها كانت فلتة ولكن الله ، وقال : شرها ، ( تاريخ دمشق ج:30 ص:285 ).

 

ملاحظـة : انتبهوا للأخطاء حتى بايعه المهاجرون والأنصار فانه لا يوجد أحد من الأنصار الا عمر وابن الجراح ويحتمل سالم فمن أين أتى بهم الطبري وغيره ، وأما الأنصار فسوف يتبين لك موقفهم ، أقول جميل جدا ياعمر : إنك خفت الفتنة وتعجلت الأمر.

 

- وصدقت سيدتي ومولاتي الزهراء (ع) حيث تقول روحي لها الفداء : فلما اختار الله لنبيه (ص) دار أنبيائه ، ومحل أصفيائه ، ظهرت حسيكة النفاق ، وانسمل جلباب الدين ، وأخلق عهده ، وانتقض عقده ، ونطق كاظم ، ونبغ خامل ، وهدر فنيق الباطل : يخطر في عرصاتكم ، واطلع الشيطان رأسه من مغرزه ، صارخا بكم ، فألفاكم لدعوته مصيخين ( أو مستجيبين ) وللغرة ملاحظين ، واستنهضكم فوجدكم خفافا ، وأحمشكم فألفكم غضابا ، فخطمتم ( فوستم ) غير إبلكم ، وأوردتموها غير شربكم ، بدارا زعمتم خوف الفتنة { أَلاَ فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُواْ وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ ( التوبة : 49 ) } هذا مقطع من خطبة الزهراء كما نقلها ( ابن الأثير في منال الطالب في شرح طوال الغرائب ص501 الى ص507 نقلا عن كتاب محنة فاطمة للشيخ عبد الله الناصر ).

 

إذا استعجل عمر خوف الفتنة وعقب بقوله : خفت أن يعقدوا بيعة وماذا فيها يا عمر بايعهم يقول : لا لأننا لا نقبل بتلك البيعة التي سوف يعقدوها بغض النظر عن من هو الذي سوف تعقد إليه البيعة ، عمر لا يقبل بهذه البيعة ، لا أعرف لماذا لا يقبل ، اليس الهم الذي شغل قلب عمر هو اختيار قيادة للأمة ياعمر ، فلماذا لا تقبل بالقائد الذي تختاره الأمة أو من يمثلها في الأمر سر واحساس خطير على عمر ومن عمر إذا المسالة ليست شورى واختيار وإنما هو فرض على الأمة أمر لا تريده.

 


 

المخالف : وما هو الأمر الذي خوف عمر ؟.

 

الموالي : سوف نعود لأقوال الأنصار التي خوفت عمر لعلنا نجد بصيص أمل في المعرفة لذلك الأمر المخوف والذي هز كيان عمر وأرعبه ، لعله الدعوة لمنافس أبقوي من أبي بكر وغيره ومن قريش التي دعا اليها أبو بكر فتكون الحجة قوية وملزمة لعمر ولغيره.

 

- قال في الكامل في التاريخ : ثم قال أبو بكر : قد رضيت لكم أحد هذين الرجلين عمر وأبا عبيدة أمين هذه الأمة ، فقال عمر : أيكم يطيب نفسا أن يخلف قدمين قدمهما النبي فبايعه عمر وبايعه الناس ، فقالت الأنصار أو بعض الأنصار لا نبايع الا عليا ، قال : وتخلف علي وبنو هاشم والزبير وطلحة عن البيعة ، وقال الزبير : لا أغمد سيفا حتى يبايع علي ، فقال عمر : خذوا سيفه واضربوا به الحجر ، ثم أتاهم عمر فأخذهم للبيعة ، ( الكامل في التاريخ ج:2 ص:189 ).

 

- وقال الطبري في تاريخه : ثم قال أبو بكر : إني قد رضيت لكم أحد هذين الرجلين عمر أو أبا عبيدة أن النبي جاءه قوم ، فقالوا ابعث معنا أمينا ، فقال : لأبعثن معكم أمينا حق أمين فبعث معهم أبا عبيدة بن الجراح وأنا أرضى لكم أبا عبيدة فقام عمر ، فقال : أيكم تطيب نفسه أن يخلف قدمين قدمهما النبي فبايعه عمر وبايعه الناس ، فقالت الأنصار أو بعض الأنصار لا نبايع الا عليا ، حدثنا : ابن حميد ، قال : حدثنا : جرير ، عن مغيرة ، عن زياد بن كليب ، قال : أتى عمر بن الخطاب منزل علي وفيه طلحة والزبير ورجال من المهاجرين ، فقال : والله لأحرقن عليكم أو لتخرجن إلى البيعة فخرج عليه الزبير مصلتا السيف فعثر فسقط السيف من يده فوثبوا عليه فأخذوه ، ( تاريخ الطبري ج:2 ص:233 ).

 

- وقال في تاريخ اليعقوبي : ثم نادى أبو عبيدة : يا معشر الأنصار انكم كنتم أول من نصر فلا تكونوا أول من غير وبدل وقام عبد الرحمن بن عوف فتكلم ، فقال : يا معشر الأنصار انكم وإن كنتم على فضل فليس فيكم مثل أبي بكر وعمر وعلي ، وقام المنذر بن أرقم ، فقال : ما ندفع فضل من ذكرت وإن فيهم لرجلا لو طلب هذا الأمر لم ينازعه فيه أحد يعني علي بن أبي طالب ، ( تاريخ اليعقوبي ج:2 ص:123 ).

 

- وقال أيضا : وجاء البراء بن عازب فضرب الباب علي بني هاشم ، وقال : يا معشر بني هاشم بويع أبو بكر ، فقال بعضهم : ما كان المسلمون يحدثون حدثا نغيب عنه ونحن أولى بمحمد ، فقال العباس : فعلوها ورب الكعبة وكان المهاجرون والأنصار لا يشكون في علي ، فلما خرجوا من الدار قام الفضل بن العباس وكان لسان قريش ، فقال : يا معشر قريش إنه ما حقت لكم الخلافة بالتمويه ونحن أهلها دونكم وصاحبنا أولى بها منكم ، وقام عتبة بن أبي لهب ، فقال : ما كنت أحسب أن الأمر منصرف عن هاشم ثم منها ، عن أبي الحسن ، عن أول الناس إيمانا وسابقة وأعلم الناس بالقرآن والسنن وآخر الناس عهدا بالنبي ومن جبريل عون له في الغسل والكفن من فيه ما فيهم لا يمترون به وليس في القوم ما فيه من الحسن ، فبعث إليه علي فنهاه ( تاريخ اليعقوبي ج:2 ص:124 ).

 

عرفتم الآن أي عنصر دخل وغير الموازين ، إنها الدعوة لمبايعة علي بن أبي طالب (ع) ، وحيث أن كل الشروط متوفرة فيه فلا مجاللهم لرفضه والوقوف في وجهه فاستعجل عمر الأمر وقرر انهاء القضية والبيعة لأبي بكر بن أبي قحافة ، هذه هي الشورى ياقوم ، صراخ وتهديد بالقتل وتهديد وتوعيد ، فهل هذه هي الشورى المطلوبة لاختيار الخليفة وهل كانت ضمن المقاييس الشرعية ، لا أجد جوابا ، ولكن عمر بن الخطاب لديه الجواب.

 


 

المخالف : وما هو جواب عمر ؟.

 

الموالي : إليك جواب عمر كما نقله وبينه التاريخ.

 

- قال في البدء والتاريخ : وقال : إن بيعة أبي بكر كانت فلتة وقى الله شرها K فمن عاد إلى مثلها من غير مشورة فأقتلوه ( البدء والتاريخ ج:5 ص:190 ).

 

- وقال في البداية والنهاية : وقد بلغني أن قائلا منكم يقول : لو قد مات عمر بايعت فلانا فلا يغترن امروء أن يقول : إن بيعة أبي بكر كانت فلتة فتمت ألا وإنها كانت كذلك إلا أن الله وقى شرها ( البداية والنهاية ج:5 ص:245 ).

 

- وقال في الكامل في التاريخ : إنه بلغني أن قائلا منكم يقول : لو مات أمير المؤمنين بايعت فلانا فلا يغرن امرءا أن يقول : إن بيعة أبي بكر كانت فلتة فقد كانت كذلك ولك الله وقى شرها ( الكامل في التاريخ ج:2 ص:190 ).

 

- وقال الطبري في تاريخه : ثم إنه بلغني أن قائلا منكم يقول : لو قد مات أمير المؤمنين بايعت فلانا ، فلا يغرن أمرا أن يقول : إن بيعة أبي بكر كانت فلتة فقد كانت كذلك غير أن الله وقى شرها ( تاريخ الطبري ج:2 ص:235 ).

 

- وقال في تاريخ دمشق : ثم إنه بلغني أن فلانا منكم يقول : والله لو قد مات عمر لقد بايعت فلانا فلا يغترن امرؤ أن يقول : إن بيعة أبي بكر كانت فلتة فتمت فانها قد كانت كذلك ألا وإن الله عز وجل وقا شرها ( تاريخ دمشق ج:30 ص:281 ).

 

- وقال أيضا : فنزونا على سعد بن عبادة ، فقال قائل من الأنصار قتلتم سعدا ، قال عمر : فقلت : وأنا مغضب قتل الله سعدا فانه صاحب فتنة وشر ، وإنا والله ما رأينا فيما حضر من أمرنا أمر أبقوي من بيعة أبي بكر خشينا أن فارقنا القوم قبل أن تكون بيعة أن يحدثوا بعدنا بيعة فإما أن نبايعهم على ما لا نرضى وإما أن نخالفهم فيكون فسادا ، فلا يغترن امرؤ أن يقول : إن بيعة أبا بكر كانت فلتة فتمت فقد كانت فلتة ولكن الله ، وقال : شرها ( تاريخ دمشق ج:30 ص:283 ).

 

- وقال الزمخشري في الفائق : فلت خطب (ر) الناس ، فقال : إن بيعة أبي بكر كانت فلتة وقى الله شرها إنه لا بيعة ، الا عن مشورة وأيما رجل بايع من غير مشورة فانه لا يؤمر واحد منهما تغرة أن يقتلا ( الفائق للزمخشري ج:3 ص:139 ).

 

نعم هذا هو جواب عمر ، جوزها لأبي بكر ونهى الناس عنها لماذا ياعمر لا أجد جوابا ، بقي الكلام أخوتي وأخواتي في النقطة الأخيرة ، هل أحد من الخلفاء يعتقد بان الشورى هي مبدأ شرعي لاختيار الخليفة ، اعتقد لا لأن الخليفة الأول عين عمر بعد وفاته ، فلو كان يعتقد بأنها شورى فيكون قد خالف الدليل الشرعي بالتنصيص والتعيين لمن بعده ، فتبين لي بذلك أن الخليفه طبق الاثنين الشورى والتنصيص فإذا هو اجتهاد من الخليفة يختار الاسلوب الأمثل في اختيار الخليفة ، وأما عمر فانه استلم الخلافة من أبي بكر بالنص ، فإذا كان يعتقد بأنها شورى لماذا استلم الخلافة منه وهو يعلم بأن هذا الأمر مخالف للشريعة المقدسة وقد ثبت عن عمر : أنه قال : إن استخلف فقد استخلف من هو خير مني يعني أبا بكر وإن أترك فقد ترك من هو خير مني يعني رسول الله ، واليك نقولات الأعلام :

 

- ففي البداية والنهاية : ثبت في الصحيحين من حديث هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن ابن عمر : إن عمر بن الخطاب لما طعن قيل له ألا تستخلف يا أمير المؤمنين ، فقال : إن استخلف فقد استخلف من هو خير مني يعني أبا بكر وإن أترك فقد ترك من هو خير مني يعني رسول الله ، قال ابن عمر فعرفت حين ذكر رسول الله أنه غير مستخلف ، وقال سفيان الثوري ، عن عمرو بن قيس ، عن عمرو بن سفيان ، قال : لما ظهر علي على الناس ، قال : يا أيها الناس أن رسول الله لم يعهد إلينا في هذه الإمارة شيئا حتى رأينا من الرأي أن يستخلف أبا بكر فأقام واستقام حتى مضى لسبيله ، ثم إن أبا بكر رأى من الرأي أن يستخلف عمر فأقام واستقام حتى مضى لسبيله أو قال : حتى ضرب ، ( البداية والنهاية ج:5 ص:250 ).

 

- وفي تاريخ دمشق : أخبرنا : أبو عبد الله محمد بن أحمد بن ابراهيم ، ثم أخبرنا : أبو محمد عبد الرحمن بن أبي الحسن ، أنا : سهل بن بشر ، قالا : أنا : أبو الحسن محمد بن الحسين بن محمد بن الطفال ، أنا : القاضي أبو طاهر محمد بن أحمد بن عبد الله ، نا : أبو أحمد محمد بن عبدوس بن كامل ، نا : محمد بن الصباح الجرجاني ، نا : عبد العزيز بن محمد الدراوردي ، عن عمر مولى غفرة ، عن محمد بن كعب القرظي ، عن ابن عمر ، قال : قال عمر لأصحاب الشورى لله درهم إن ولوها الأصلع كيف يحملهم على الحق وإن حملا على عنقه بالسيف ، قال : فقلت أتعلم ذلك منه ولا توله ، فقال : إن استخلف فقد استخلف من هو خير مني وإن أترك فقد ترك من هو خير مني (ص) ( تاريخ دمشق ج:42 ص:428 ).

 

- وفي مقتل الشهيد عثمان : وروى سيف بن عمر (ر) عن عبد الملك بن جريح ، عن نافع ، عن ابن عمر (ر) ، قال : قلت لعمر استخلف ما تقول لربك إذا قدمت عليه وقد تركت أمة محمد (ص) لا راعي لها ، فقال : إن أستخلف فقد ستخلف من هو خير مني وأن أترك فقد ترك من هو خير مني ، فقلت : أرئيت لو أن راعيك أتاك وترك غنمك ما كنت قائلا له فعند ذلك جعلها شورى ، وعند ذلك ، قال : إني لأعلم أنهم لا يعدلون بهذين الرجلين ( مقتل الشهيد عثمان ج:1 ص:28 ).

 

- وقال في الطبقات الكبرى : قال : أخبرنا : عارم بن الفضل ، قال : أخبرنا : حماد بن زيد ، قال : أخبرنا : أيوب ، عن عبد الله بن أبي مليكة : أن بن عمر ، قال لعمر بن الخطاب : لو استخلفت ، قال : من ، قال : تجتهد فإنك لست لهم برب تجتهد أرئيت لو إنك بعثت إلى قيم أرضك ألم تكن تحب أن يستخلف مكانه حتى يرجع إلى الأرض ، قال : بلى ، قال : أرئيت لو بعثت إلى راعي غنمك ألم تكن تحب أن يستخلف رجلا حتى يرجع ، قال حماد : فسمعت رجلا يحدث أيوب أنه قال : إن أستخلف فقد استخلف من هو خير مني وإن أترك فقد ترك من هو خير مني فلما عرض بهذا ظننت أنه ليس بمستخلف ( الطبقات الكبرى ج:3 ص:343 ).

 

- وقال في سير أعلام النبلاء : أخبرنا : علي بن محمد الحافظ ، وإسماعيل بن مكتوم ، وعيسى بن أبي محمد ، وأحمد بن أبي طالب ، وأبو العز بن عساكر ، قالوا : أخبرنا : عبد الله بن عمر ، أخبرنا : أبو الوقت ، أخبرنا : الداودي ، أخبرنا : ابن حمويه ، أخبرنا : إبراهيم بن خزيم ، حدثنا : عبد بن حميد ، حدثنا : محمد بن بشر ، عن هشام ابن عروة ، عن أبيه ، عن ابن عمر ، قال : قيل لعمر ألا تستخلف ، قال : إن أترك فقد ترك من هو خير مني رسول الله (ص) ، وإن أستخلف فقد أستخلف من هو خير مني أبو بكر (ر) ، متفق عليه من حديث هشام ( سير أعلام النبلاء ج:9 ص:267 ).

 

- وقال في الكامل في التاريخ : أما لقد جهدت نفسي وحرمت أهلي وإن نجوت كفافا لا وزر ولا أجرا إني لسعيد انظر ، فإن استخلف فقد استخلف من هو خير مني وإن أترك فقد ترك من هو خير مني ولن يضيع الله دينه ( الكامل في التاريخ ج:2 ص:459 ).

 

- وقال الطبري في تاريخه : وانظر فإن استخلفت فقد استخلف من هو خير مني ، وإن أترك فقد ترك من هو خير مني ولن يضيع الله دينه ( تاريخ الطبري ج:2 ص:580 ).

 

إذا تبين لكم أعزائي بأن الخليفة عمر لا يقول بالشورى ولا بالنص وهو المنظر للشورى ، فمن أين لكم بدليل الشورى وقد وضح لكم موقف عمر بن الخطاب جليا واضحا ، بل أقول بأن عمر كان يريد أن يعين ولكنه لم يجد الرجل الكفؤ ، ومن هنا ، قال : هذه الكلمات الطيبه لو كان سالم حيا ما تخالجني فيه شك ، واليكم هذه الأقوال من التاريخ :

 

- فقد ذكر في تاويل مختلف الحديث : فذكر سالما ، فقال : لو كان حيا ما تخالجني فيه الشك ، وذكر الجارود العبدي ، فقال : لو كان أعيمش بني عبد القيس حيا لقدمته ( تأويل مختلف الحديث ج:1 ص:123 ).

 


 

المخالف : قد يقول لكم قائل أراد أن يقدمه للصلاة وليس للقيادة والخلافة ؟.

 

الموالي : نعم ولقد دافع بعضهم بهذا الدفاع وإليك أقوالهم.

 

- وقال في تاويل مختلف الحديث : قال عمر (ر) عند وفاته لو كان سالم حيا ما تخالجني فيه الشك يريد لقدمته للصلاة بالناس إلى أن يتفق أصحاب الشورى على تقديم رجل منهم ثم قدم صهيبا ( تأويل مختلف الحديث ج:1 ص:306 ).

 

- وأضاف أيضا : ثم رويتم ، عن عمر (ر) : أنه قال : عند موته لو كان سالم مولى أبي حذيفة حيا ما تخالجني فيه الشك ، وسالم ليس مولى لأبي حذيفة وإنما هو مولى لامرأة من الأنصار وهي اعتقته وربته ونسب إلى أبي حذيفة بحلف فجعلتم الإمامة تصلح لموالي الأنصار ولو كان مولى لقريش لأمكن أن تحتجوا بأن مولى القوم منهم ومن أنفسهم ، قالوا : وهذا تناقض واختلاف.

 

قال أبو محمد : ونحن نقول إنه ليس في هذا القول تناقض وإنما كان يكون تناقضا ، لو قال عمر : لو كان سالم حيا ما تخالجني الشك في توليته عليكم أو في تأميره ، فأما قوله : ما تخالجني الشك فيه فقد يحتمل غير ما ذهبوا إليه وكيف يظن بعمر (ر) : أنه يقف في خيار المهاجرين والذين شهد لهم رسول الله (ص) بالجنة فلا يختار منهم ويجعل الأمر ( تأويل مختلف الحديث ج:1 ص:122 ).

 

ولكن هذا الدفاع لا يصمد امام النقاش لمخالفته للصريح من قول عمر فانه قد نص على الإمارة وليس الصلاة ، وهذه أقواله في حق سالم وأبي عبيدة :

 

- ففي الطبقات الكبرى : ثم قال : لو أدركني أحد رجلين فجعلت هذا الأمر إليه لوثقت به سالم مولى أبي حذيفة وأبي عبيدة بن الجراح ، قال : أخبرنا : وكيع بن الجراح ، عن الأعمش ، عن إبراهيم ، قال : قال عمر من أستخلف لو كان أبو عبيدة بن الجراح ، فقال له رجل : يا أمير المؤمنين فأين أنت من عبد الله بن عمر ، فقال : قاتلك الله والله ما أردت الله بهذا أستخلف رجلا ليس يحسن يطلق امرأته ، ( الطبقات الكبرى ج:3 ص:343 ).

 

- وقال في تهذيب الأسماء : وكان عمر بن الخطاب (ر) يثني عليه كثيرا حتى قال : حين أوصى قبل وفاته لو كان سالم حيا ما جعلته شورى ، قال أبو عمر بن عبد البر رحمه الله معناه أنه كان يصدر عن رأيه فيمن ينجز له تولية الخلافة ( تهذيب الأسماء ج:1 ص:202 ).

 

- وقال في البداية والنهاية : وروى ، عن عمر : أنه قال : لما احتضر لو كان سالم حيا لما جعلتها شورى ، قال أبو عمر بن عبد البر : معناه أنه كان يصدر عن رأيه فيمن ( البداية والنهاية ج:6 ص:336 ).

 

- وقال في الوافي بالوفيات : وروي عن عمر : أنه قال : لو كان سالم حيا ما جعلتها شورى وذلك بعد أن طعن ( الوافي بالوفيات ج:15 ص:58 ).

 

- وقال في المعين في طبقات المحدثين بأصبهان والواردين عليها : وقال صفوان بن عمرو ، عن شريح بن عبيد وراشد بن سعد وغيرهما قالوا : لما بلغ عمر سرغ وحدث أن بالشام الوباء ، فقال : إن أدركني أجلي وأبو عبيدة حي أستخلفته ( المعين في طبقات المحدثين بأصبهان والواردين عليها ج:1 ص:18 ).

 

وعلى هذا أكون قد وصلت لنهاية البحث فأرجوا المسامحة من الكل وأرجو من الله القبول والتوفيق ومن أهل البيت الرعاية والشفاعة.

 

انتهيت في تاريخ 21-7-2004 م الموافق 4-6-1425هجري

مع تحيات أبو حسام خليفه الكلباني العماني

 

العودة لصفحة البداية

العودة لفهرس المواضيع