>/ حوار هادئ بين موالي ومخالف
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين المنتجبين ، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، أما بعد أعود لألتقي بكم مرة أخرى في العدد السابع مع بعض الأسئلة الموجهة للشيعة ، وذلك بعد أن انتهيت من العدد السادس وكان حول الشورى فعودتي اليكم الآن لأبتديء العدد السابع حول النص على الإمامة.
المخالف : ومن أي النصوص سوف يبتدئ البحث هذا إن كانت عندكم نصوص كما تدعون ؟.
الموالي : لن ادخل في هذا العدد في النص ونقل النصوص ، وإنما سوف أتناول أمر آخر اعتبره مقدمة ومدخل للنص الذي سوف أبحثه في العدد القادم.
المخالف : وما هو هذا الأمر الذي قدمته على النصوص وهل هو مهم لهذه الدرجة ؟.
الموالي : من وجهة نظري نعم والأمر هو مقولة القوم وادعائهم بأن أول من ، قال بالنص هو ابن سبأ اليهودي معتمدين على مقولة وجدت في رجال الكشي فلقد ذكر السيد الخوئي هذه المقالة وهي : كما في ( معجم رجال الحديث للسيد : الخوئي في ترجمة رقم 6878 - عبد الله بن سبأ ج 10 ص 192 ) ، قال الكشي : ذكر البعض أن عبد الله بن سبأ كان يهوديا فأسلم ووالى عليا (ع) وكان يقول وهو على يهوديته في يوشع بن نون وصي موسى بالغلو ، فقال في إسلامه بعد وفاة رسول الله (ص) في علي (ع) مثل ذلك ، وكان أول من شهر بالقول بفرض امامة علي ، وأظهر البراءة من أعدائه وكاشف مخالفيه وأكفرهم ، فمن ها هنا ، قال : من خالف الشيعة ، أصل التشيع والرفض مأخوذ من اليهودية.
المخالف : اليس هذا الكلام صحيح والكشي من رجالكم وأعلامكم ؟.
الموالي : أقول بغض النظر الآن عن من هو الكشي وهل الكتاب له أم لا ، ولكن لابد لنا من بحث مجموعة نقاط في هذه المسألة :
الأولى : أن ما نقله الكشي هو أمر مرسل لم نعرف من أين نقله ، وعن من قال ذلك ، وأن ما قال ذكر بعض فمن ذلك البعض .
الثانية : لو تتبعنا الروايات التي نقلها الشيعة فاننا لا نجد ما ذكر وإنما المذكور إنه ادعاء الألوهية لأمير المؤمنين أو الرسالة ، وهذه بعض من تلك الأخبار ومنها ، عن الكشي نفسه ، قال : السيد الخوئي في ( المعجم في ترجمة رقم 6878 - عبد الله بن سبأ ج 10 ص 192 )، الذي رجع إلى الكفر وأظهر الغلو من أصحاب علي (ع) رجال الشيخ (76) ، وقال الكشي (48) : حدثني : محمد بن قولويه القمي ، قال : حدثني : سعد بن عبد الله بن أبي خلف القمي ، قال : حدثني : محمد بن عثمان العبدي ، عن يونس بن عبد الرحمن ، عن عبد الله بن سنان ، قال : حدثني : أبي ، عن أبي جعفر (ع) : أن عبد الله بن سبأ كان يدعى النبوة ويزعم أن أمير المؤمنين(ع) هو الله تعالى عن ذلك علوا كبيرا فبلغ ذلك أمير المؤمنين (ع) فدعاه وسأله فأقر بذلك ، وقال : نعم أنت هو وقد كان القي في روعي أنك أنت الله وأني نبي ، فقال له أمير المؤمنين (ع) : ويلك قد سخر منك الشيطان فارجع عن هذا ثكلتك أمك وتب ، فأبي فحبسه واستتابه ثلاثة أيام فلم يتب فأحرقه بالنار.
- وأضاف السيد : الخوئي في ( نفس المصدر ص 193 ) والنقل عن الكشي ، حدثني : محمد بن قولويه ، قال : حدثني : سعد بن عبد الله ، قال : حدثنا : يعقوب بن يزيد ومحمد بن عيسى ، عن علي بن مهزيار ، عن فضالة بن أيوب الأزدي ، عن أبان بن عثمان ، قال : سمعت أبا عبد الله (ع) يقول : لعن الله عبد الله بن سبأ أنه أدعى الربوبية في أمير المؤمنين (ع) وكان والله أمير المؤمنين (ع) عبد الله طائعا ، الويل لمن كذب علينا وأن قوما يقولون فينا ما لا نقوله في أنفسنا ، نبرأ إلى الله منهم نبرأ إلى الله منهم.
- وبهذا الاسناد ، عن يعقوب بن يزيد ، عن ابن أبي عمير ، وأحمد بن محمد بن عيسى ، عن أبيه ، والحسين بن سعيد ، عن ابن عمير ( كذا في الأصل ) ، عن هشام بن سالم ، عن أبي حمزة الثمالي ، قال : قال علي بن الحسين صلوات الله عليهما : لعن الله من كذب علينا إني ذكرت عبد الله بن سبأ فقامت كل شعرة في جسدي ، لقد أدعى أمرا عظيما ما له لعنه الله ، كان علي (ع) والله عبد الله صالحا آخا رسول الله (ص) ، ما نال الكرامة من الله إلا بطاعته لله ولرسوله ، وما نال رسول الله (ص) الكرامة من الله الا بطاعته لله فهذه الروايات لا يوجد فيها اشارة إلى الوصية للامام علي (ع).
ثالثا : وهي النقطة التي سوف يكون الكلام فيها ويدور البحث حولها.
المخالف : وما هي هذه النقطة التي جعلت البحث كله حولها وإلى ماذا تهدف ؟.
الموالي : هذه النقطة هي : ينبغي علينا أن نرجع للتاريخ ونبحث في طياته فهل سوف نجد شخصيات متقدمة على هذا الرجل ( الأسطوري ) ، وقد قالت بالنص والوصية أم لا ، فإن وجد من ، قال بذلك قبل تاريخ ظهور هذا الرجل فعند ذلك تنتهي هذه الحكاية من أساسها وتبطل الدعوى المدعاة في المسألة ، وهي بأن ابن سبأ هو أول من ، قال بالنص أو بالوصية لثبوت من ، قال قبله بذلك فلابد لنا من الباحث عن قائل قبل ابن سبأ هذا ، وسوف اختار شخصيات لها وزنها في الإسلام وليس أي شخصية لأن الأمر في نقض على قوم ودفاع عن معتقد لقوم آخرين.
المخالف : ومن هي الشخصية الأولى التي سوف تستفتح بها في هذه المسألة وفي هذا الطرح ؟.
الموالي : إنها أعظم شخصية بعد رسول الله (ص) إنه علي بن أبي طالب (ع) سوف أبدي الكلام به (ع) واعتبره الشخصية الأولى التي ، قالت بذلك.
المخالف : وما هي أقوال الامام علي (ع) في هذا الأمر ؟.
الموالي : سوف أذكر بعضا من كلمات أمير المؤمنين (ع) وهي كالتالي :
- ففي مجمع الزوائد ومنبع الفوائد : عن رباح بن الحارث ، قال : جاء رهط إلى علي بالرحبة ، قالوا : السلام عليك يا مولانا ، فقال : كيف أكون مولاكم وأنتم قوم عرب ، قالوا : سمعنا رسول الله (ص) يوم غدير خم ، يقول : من كنت مولاه فهذا مولاه ، قال رباح : فلما مضوا تبعتهم ، فقلت : من هؤلاء ، قالوا : نفر من الأنصار فيهم أبو أيوب الأنصاري ، رواه أحمد والطبراني الا أنه قال : قالوا : سمعنا رسول الله (ص) ، يقول : من كنت مولاه فعلي مولاه ، اللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه ، وهذا أبو أيوب بيننا فحسر أبو أيوب العمامة عن وجهه ، ثم قال : سمعت رسول الله (ص) ، يقول : من كنت مولاه فعلي مولاه ، اللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه ، ورجال أحمد ثقات ، المصدر ( مجمع الزوائد ومنبع الفوائد ج:9 ص:104 ).
فتلاحظوا معي بان الامام علي (ع) وهو العربي الهاشمي ألم يتوجه إلى مقصدهم أكيد توجه لكن أراد أن ينبه القوم الذين كانوا معه إلى أن ولايته على الأمة كانت سابقه ودليلها سابق من عهد النبي (ص) وأن ولايته من يوم الغدير هذا الذي أراده (ع) من المناشدة والسؤال من القوم ويؤكد كلامي هذا ما قام به (ع) في الرحبة عندما جمع أصحابه وناشدهم وسألهم عن حديث الغدير ، لماذا سألهم يا ترى ، هل يريد منهم أن يعترفوا بمحبتهم له أم إنه يريد أن يذكرهم بأمر مهم وهو ولايته عليهم بأمر من النبي (ص) فاستمعوا الآن إلى المناشدة ومن ذكرها من العلماء والمحدثين.
- ففي مجمع الزوائد ومنبع الفوائد : وعن أبي الطفيل ، قال : جمع علي الناس في الرحبة ، ثم قال لهم : أنشد بالله كل امرئ مسلم سمع رسول الله (ص) ، يقول يوم غدير خم ما قال لما قام ، فقام إليه ثلاثون من الناس ، قال أبو نعيم : فقام ناس كثير فشهدوا حين أخذ بيده ، فقال : أتعلمون أني أولى بالمؤمنين من أنفسهم ، قالوا : بلى يا رسول الله ، قال : من كنت مولاه فهذا مولاه ، اللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه ، قال : فخرجت كان في نفسي شيئا فلقيت زيد بن أرقم ، فقلت له : إني سمعت عليا ، يقول : كذا وكذا ، قال : فما تنكر قد سمعت رسول الله (ص) ، يقول ذلك ، رواه أحمد ، ورجاله رجال الصحيح غير فطر بن خليفة وهو ثقة ، وعن سعيد بن وهب ، قال : نشد علي (ع) الناس فقام خمسة أو ستة من أصحاب النبي (ص) فشهدوا أن رسول الله (ص) ، قال : من كنت مولاه فعلي مولاه ، رواه أحمد ، ورجاله رجال الصحيح ، المصدر ( مجمع الزوائد ومنبع الفوائد ج:9 ص:104 ).
- وقال أيضا : وعن عمرو بن ذي مر وسعيد بن وهب ، وعن زيد بن بثيع ، قالوا : سمعنا عليا ، يقول : نشدت الله رجلا سمع رسول الله (ص) ، يقول يوم غدير خم لما قام ، فقام ثلاثة عشر رجلا فشهدوا أن رسول الله (ص) ، قال : الست أولى بالمؤمنين من أنفسهم ، قالوا : بلى يا رسول الله ، قال : فأخذ بيد علي ، فقال : من كنت مولاه فهذا مولاه ، اللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه ، وأحب من أحبه ، وأبغض من يبغضه وأنصر من نصره ، وأخذل من خذله ، رواه البزار ، ورجاله رجال الصحيح غير فطر بن خليفة وهو ثقة ، المصدر ( مجمع الزوائد ومنبع الفوائد ج:9 ص:105 ).
- وقال أيضا : وعن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، قال : شهدت عليا في الرحبة يناشد الناس أنشد الله من سمع رسول الله (ص) ، يقول في يوم غدير خم : من كنت مولاه فعلي مولاه لما قام فشهد ، قال عبد الرحمن : فقام اثنا عشر بدريا كأني أنظر إلى أحدهم عليه سراويل ، فقالوا : نشهد إنا سمعنا رسول الله (ص) ، يقول يوم غدير خم الست أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجي أمهاتهم ، قلنا : بلى يا رسول الله ، قال : فمن كنت مولاه فعلي مولاه ، اللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه ، رواه أبو يعلي ، ورجاله وثقوا وعبد الله بن أحمد ، المصدر ( مجمع الزوائد ومنبع الفوائد ج:9 ص:105 ).
- وأضاف أيضا : وعن زيد بن أرقم ، قال : نشد علي الناس أنشد الله رجلا سمع النبي (ص) ، يقول : من كنت مولاه فعلي مولاه ، اللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه ، فقام اثنا عشر بدريا فشهدوا بذلك وكنت فيمن كتم فذهب بصري ، رواه الطبراني في الكبير والأوسط خاليا من ذهاب البصر والكتمان ودعاء علي ، وفي رواية عنده وكان علي دعا على من كتم ، ورجال الأوسط ثقات ، المصدر ( مجمع الزوائد ومنبع الفوائد ج:9 ص:106 ).
- وقال أيضا : وعن سعيد بن وهب ، عن زيد بن بثيغ قال : نشد علي (ع) الناس في الرحبة من سمع رسول الله (ص) يقول يوم غدير خم لما قام ، قال : فقام من قبل سعيد ستة ومن قبل زيد سبعة فشهدوا أنهم سمعوا رسول الله (ص) ، يقول يوم غدير خم لعلي اليس أنا أولى بالمؤمنين ، قالوا : بلى ، قال : اللهم من كنت مولاه فعلي مولاه ، اللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه ، رواه عبد الله والبزار بنحوه أتم منه ، وقال : عن سعيد بن وهب ، لا عن زيد بن بثيغ كما هنا ، وقال عبد الله ، عن سعيد بن وهب ، عن زيد بن يثيغ والظاهر أن الواو سقطت والله أعلم ، واسنادهما حسن.
- وأضاف أيضا : وعن زيد بن أرقم ، قال : استشهد علي (ر) الناس ، فقال : أنشد الله عز وجل رجلا سمع النبي (ص) ، يقول : اللهم من كنت مولاه فعلي مولاه ، اللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه ، قال : فقام ستة عشر فشهدوا ، رواه أحمد وفيه أبو سليمان ولم أعرفه إلا أن يكون بشير بن سلمان فإن كان هو فهو ثقة وبقية رجاله ثقات ، المصدر ( مجمع الزوائد ومنبع الفوائد ج:9 ص:107 ).
المخالف : لماذا أتيت بالمناشدة هنا وما هو الدافع والسبب ؟.
الموالي : أتيت بهذه المناشدة لأمير المؤمنين (ع) لكي أبين لكم نظرة أمير المؤمنين للخلافة بعد الرسول (ص) ، وأنه يرى نفسه هو صاحب الحق بنص حديث الغدير ولذلك ناشدهم بذلك الحديث لكي يذكرهم بمكانته وأحقيته على الغير.
المخالف : ولكن هذا الاستدلال ليس فيه وضوح على أن الامام علي بن أبي طالب يقول بالنص عليه بعد الرسول (ص) ؟.
الموالي : أعتقد بأن الاحتجاج واضح أن الامام علي (ع) لا يريد أن يذكرهم بأمر آخر بهذه المناشدة وإنما يهدف فقط لأمر الخلافة والولاية ، والدليل على ذلك فلقد ، قال (ع) بعد أن تمت البيعة لأبي بكر أفسدت علينا أمورنا ، ولم تستشر ، ولم ترع لنا حقا ، فقال أبو بكر : بلى ولكني خشيت الفتنة ، المصدر ( مروج الذهب للمسعودي ج2ص307 ).
- فأسلكم أي حق هذا يطالب به الامام علي (ع) اليس هو حق الخلافة لأنه يعتبر نفسه صاحب الحق وصاحب الأمر بعد الرسول (ص) ، فتأملوا معي هذا الكلام ماذا يريد منه (ع) فقد ، قال : وقال (ع) : أنا عبد الله وأخو رسوله ، فقيل له : بايع أبا بكر ، فقال : أنا أحق بهذا الأمر منكم ، لا أبايعكم ، وأنتم أولى بالبيعة لي ، أخذتم هذا الأمر من الأنصار ، واحتججتم عليهم بالقرابة من النبي (ص) وتأخذونه منا أهل البيت غصبا ، الستم زعمتم للأنصار انكم أولى بهذا الأمر منهم لما كان محمد منكم ، فأعطوكم المقادة ، وسلموا اليكم الإمارة ، وأنا أحتج عليكم بمثل ما احتججتم به على الأنصار ، نحن أولى برسول الله (ص) حيا وميتا ، فانصفونا أن كنتم مؤمنين ، والا فبوؤوا بالظلم وأنتم تعلمون .... إلى أن يقول : (ع) الله الله يا معشر المهاجرين ، لا تخرجوا سلطان محمد في العرب عن داره وقعر بيته ، إلى دوركم وقعر بيوتكم ، ولا تدفعوا أهله عن مقامه في الناس وحقه ، فوالله : يا معشر المهاجرين لنحن أحق الناس به ، لأننا أهل البيت ، ونحن أحق بهذا الأمر منكم ، أما كان فينا القارئ لكتاب الله ، الفقيه في دين الله ، العالم بسنن رسول الله ، المضطلع بأمر الرعية ، المدافع عنهم الأمور السيئة ، القاسم بينهم بالسوية ، والله إنه لفينا ، فلا تتبعوا الهوى فتضلوا عن سبيل الله ، فتزدادوا من الحق بعدا ، المصدر ( راجع الإمامة والسياسة لابن قتيبه ج1ص18 و19 والسقيفة للجوهري ص60 وشرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج6ص11 ).
يا ترى ماذا يقصد بقوله : نحن أولى برسول الله (ص) إذا كان الأمر شورى فليس لأحد أوليه وإنما المسألة اختيار في اختيار ، ثم لما يتهمهم بالظلم الا إذا كان يعتقد أنهم قد غصبوا حقه منه ولا حق أخذ منه (ع) الا الخلافة ، فهو يرى بان الخلافة حق مشروع له بعد الرسول (ص) ، فمن أخذها فهو غاصب ، ثم ، وقال (ع) : نحن أحق الناس به ، لأنا أهل البيت ، وهذا اقتباس من حديث الثقلين لأن النبي جعلهم المرجع للأمة بعد وفاته (ص) فالولاية إذا لهم بأمر من النبي (ص) ، ثم عاد (ع) مرة أخرى لكي ، يقول لهم : فلا تتبعوا الهوى فتضلوا عن سبيل الله فأي ضلال هنا الا غصبهم للخلافة التي هي من حقه (ع).
ومن كلماته (ع) الواضحة في ذلك هذه الكلمات :
- فقد قال (ع) : اللهم إني أستعديك على قريش ومن أعانهم ، فأنهم قد قطعوا رحمي ، وأكفئوا انائي ، وأجمعوا على منازعتي حقا كنت أولى به من غيري ، فقالوا : إلا أن في الحق أن تأخذه وفي الحق أن تمنعه ، فأصبر مغموما ، أو مت متأسفا ، المصدر ( راجع شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج11ص109 ) فهل تأملتوا في قوله (ع) : وأجمعوا على منازعتي حقا كنت أولى به من غيري ، فأي أمر هذا الذي يدعيه الامام الا أمر الخلافة اليس كذلك .
- وقال (ع) : وقد قال قائل : إنك على هذا الأمر يابن أبي طالب لحريص ، فقلت : بل أنتم والله لأحرص وأبعد ، وأنا أخص وأقرب ، وإنما طلبت حقا لي ، وأنتم تحولون بيني وبينه ، وتضربون وجهي دونه ، فلما قرعته بالحجة في الملأ الحاضرين هب إنه بهت لا يدري ما يجيبني به ، المصدر ( شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج9ص305 والإمامة والسياسة لابن قتيبه ج1ص144 ط مصطفى محمد مصر ).
- فهنا الأمر واضح أن الامام (ع) لا يتكلم عن شورى وغير ذلك وإنما يقول : بأن أمر الخلافة هو حق لي أنا اطلب حقي ولا اطلب أمرا آخر فتأملوا جيدا ، ويزداد الأمر وضوحا في هذه الكلمات منه (ع) فقد ، قال (ع) : حتى إذا قبض الله رسوله (ص) رجع قوم على الأعقاب ، وغالتهم السبل ، واتكلوا على الولائج ، ووصلوا غير الرحم ، وهجروا السبب الذي أمروا بمودته ، ونقلوا البناء عن رص أساسه ، فبنوه في غير موضعه ، المصدر ( شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج9ص132 ).
- وهنا الامام يقترب أكثر وأكثر من التصريح بالوصية حيث قال (ع) : أين الذين زعموا أنهم الراسخون في العلم دوننا كذبا وبغيا علينا أن رفعنا الله ووضعهم ، وأعطانا وحرمهم ، وأدخلنا وأخرجهم ، بنا يستعطى الهدى ، ويستجلى العمى ، أن الأئمة من قريش غرسوا في هذا البطن من هاشم ، لا تصلح على سواهم ولا تصلح الولاة من غيرهم ، المصدر ( راجع شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج9ص84 ).
- ومن كلماته المصرحة بذلك تصريحا واضحا قوله : (ع) : لا يقاس بآل محمد (ص) من هذه الأمة أحد ، ولا يسوى بهم من جرت نعمتهم عليه أبدا ، هم أساس الدين ، وعماد اليقين ، اليهم يفيء الغالي ، وبهم يلحق التالي ، ولهم خصائص حق الولاية ، وفيهم الوصية والوراثة ، الآن إذ رجع الحق إلى أهله ، ونقل إلى منتقله ، المصدر ( شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج1ص138 ).
ومن كلماته (ع) : إن الله لما قبض نبيه ، استأثرت علينا قريش بالأمر ، ودفعتنا عن حق نحن أحق به من الناس كافة ، فرأيت أن الصبر على ذلك أفضل من تفريق كلمة المسلمين ، وسفك دمائهم ، والناس حديثوا عهد بالإسلام ، والدين يمخض مخض الوطب ، يفسده أدنى وهن ، ويعكسه أقل خلف ، المصدر ( شرح نهج البلاغه لابن أبي الحديد ج1ص308 ).
- وقال (ع) : كل حقد حقدته قريش على رسول الله (ص) أظهرته في وستظهره في ولدي من بعدي ، مالي ولقريش ، إنما وترتهم بأمر الله وأمر رسوله ، أفهذا جزاء من أطاع الله ورسوله إن كانوا مسلمين ، المصدر ( شرح نهج البلاغة لبن أبي الحديد ج20ص328 ).
وأختم بهذه الكلمات له (ع) وفيها الوضوح والاحتجاج على القوم حيث قال (ع) : فانه لما قبض الله نبيه (ص) ، قلنا : نحن أهله وورثته وعترته ، وأولياؤه دون الناس ، لا ينازعنا سلطانه أحد ، ولا يطمع في حقنا طامع ، إذ انبرى لنا قومنا فغصبونا سلطان نبينا ، فصارت الامرة لغيرنا وصرنا سوقه ، يطمع فينا الضعيف ، ويتعزز علينا الذليل ، فبكت الأعين منا لذلك ، وخشيت الصدور ، وجزعت النفوس ، وأيم الله لولا مخافة الفرقة بين المسلمين ، وأن يعود الكفر ، ويبور الدين ، لكنا على غير ما كنا لهم عليه ، المصدر ( شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج1ص307 ) ، وبهذا اختم احتجاج أمير المؤمنين وتصريحه الصريح بالوصية ولي لقاء مع الزهراء (ع).
المخالف : والآن سوف تذكر لنا من الشخصيات التي ، قالت : بالوصية على علي بعد الرسول ؟.
الموالي : سوف أتكلم عن السيدة الطاهرة أم الحسنين السيدة الطاهرة البتول أقصد مولاتي الزهراء (ع).
المخالف : وهل الزهراء ، قالت بذلك أم هو احتمال واختراع وابتداع من عندكم ؟.
الموالي : نعم .. لقد ، قالت الزهراء بالوصية عملا وقولا.
المخالف : وكيف ذلك لأننا عرفنا القول فما هو العمل الكاشف عن الاعتقاد بالوصية لعلي بعد الرسول (ص) ؟.
الموالي : أقول بان السيدة الزهراء (ع) اتخذت موقفين موقف عملي وموقف قولي لاثبات خلافة الامام علي (ع) وابطال خلافة الخليفة الأول ، أما الموقف العملي فانها رفضت البيعة لأبي بكر ، وماتت وهي غير مبايعه له وهذا يعني أنها غير معترفة بخلافته وهذا معناه إنه ليس بخليفة على الأمة.
المخالف : وأين التلازم بين موقفها هذا وبطلان خلافة أبو بكر ؟.
الموالي : سوف يكون في هذه المقدمة وهذه الكلمات :
أولا : كلنا يعلم بأن من مات بلا امام فميتته ميتة غير سليمة ولنسمع لهذه الأقوال والأخبار ، الجواب أقول : نعم أنه حديث من مات وليس في عنقه بيعة وما هو نص الحديث ، أقول الحديث له الفاظ متعددة ، منها : قوله (ص) : من مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة الجاهلية ، المصادر : ( صحيح مسلم الجزء الثالث ص 1478 كتاب الإمارة باب 13 والسنن الكبرى للبيهقي الجزء 8 ص 156 ومجمع الزوائد ومنبع الفوائد للهيثمي الجزء الخامس ص 218 ومشكاة المصابيح الجزء الثاني ص 1088 الحديث 3674 وسلسلة الأحاديث الصحيحة الجزء الثاني ص 715 للألباني ).
- ومنها قوله (ص) : من مات بغير امام مات ميتة جاهلية ، المصادر : ( مسند أحمد الجزء الرابع ص 96 ومجمع الزوائد ومنبع الفوائد للهيثمي الجزء الخامس ص 218 والاحسان بترتيب صحيح ابن حبان الجزء السابع ص 49 ومسند الطياليسي ص 259 وكنز العمال في سنن الأقوال والأفعال الجزء الأول ص 103 وكتاب السنة للألباني ص 489 حديث 1057 اسناده حسن ورجاله ثقة ).
وفي لفظ آخر ، قال (ص) : من مات وليس عليه امام مات ميتة جاهلية ، وفي آخر : من مات وليست عليه طاعة مات ميتة جاهلية ، المصادر : ( كنز العمال في سنن الأقوال والأفعال الجزء السادس ص 65 الحديث 14861 وكتاب السنة للشيباني ص 290 حديث 1058 ومسند أحمد الجزء الثالث ص 446 والمطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية لابن حجر العسقلاني الجزء الثاني ص 228 ) ، فبعد هذه الكلمات تبين لنا بأن من مات بغير امام تكون ميتته ميتة جاهلية اليس كذلك.
الأمر الثاني : ولقد عرفنا بان الزهراء (ع) ليست من أهل الجنة فقط ، وإنما هي سيدة نساء أهل الجنة واليكم هذه الأخبار :
- ففي مجمع الزوائد ومنبع الفوائد : وعن ابن عباس ، قال : خط رسول الله (ص) في الأرض أربعة خطوط ، فقال : أتدرون ما هذا ، فقالوا : الله ورسوله أعلم ، فقال رسول الله (ص) : أفضل نساء أهل الجنة خديجة بنت خويلد ، وفاطمة ابنة محمد (ص) ، ومريم ابنة عمران ، وآسية ابنة مزاحم امرأة فرعون ، المصادر : ( رواه أحمد وأبو يعلي والطبراني ، ورجالهم رجال الصحيح مجمع الزوائد ومنبع الفوائد ج:9 ص:223 ).
- وعن أبي هريرة : أن رسول الله (ص) ، قال : بحسبك من نساء العالمين أربع : فاطمة بنت محمد ، وخديجة بنت خويلد ، ومريم بنت عمران ، وآسية بنت مزاحم ، المصادر : ( رواه الطبراني في الأوسط مجمع الزوائد ومنبع الفوائد ج:9 ص:223 ).
- وعن ابن عباس ، قال : قال رسول الله (ص) : سيدات نساء أهل الجنة : مريم بنت عمران ثم فاطمة بنت محمد ، ثم خديجة ، ثم آسية امرأة فرعون ، المصادر : ( رواه الطبراني مجمع الزوائد ومنبع الفوائد ج:9 ص:223 ).
- وقال في البيان والتعريف : 316 - أفضل نساء أهل الجنة خديجة بنت خويلد وفاطمة بنت محمد ومريم بنت عمران وآسية بنت مزاحم امرأة فرعون ، أخرجه الامام أحمد والطبراني في الكبير ، عن ابن عباس (ر) ، قال الهيثمي : رجالهما رجال الصحيح ، وقال الحاكم : صحيح وأقره الذهبي وأخرجه النسائي بلفظ أفضل نساء أهل الجنة خديجة وفاطمة ومريم وآسية ، قال ابن حجر العسقلاني في الفتح : واسناده صحيح سببه عن ابن عباس (ر) ، قال : خط رسول الله (ص) في الأرض أربعة خطوط ، فقال : أتدرون ما هذا ، قالوا : الله ورسوله أعلم ، فقال : أفضل نساء أهل الجنة فذكره ، المصادر : ( البيان والتعريف ج:1 ص:123 ).
- وقال في تهذيب الأسماء : وفي مسند أبي يعلى الموصلي بإسناد حسن ، عن ابن عباس ، قال : قال رسول الله (ص) : أفضل نساء أهل الجنة : خديجة بنت خويلد ، وفاطمة بنت محمد ، ومريم ابنة عمران ، وآسية بنت مزاحم امرأة فرعون ، المصادر : ( تهذيب الأسماء ج:2 ص:608 ).
- وقال في فضائل الصحابة : 1336 - قال أبو عبد الرحمن : وجدت في كتاب أبي بخط يده ، نا : سعد بن ابراهيم بن سعد ويعقوب بن ابراهيم ، قالا : نا : أبي ، عن صالح ، قال : فقال ، قالت عائشة لفاطمة بنت رسول الله (ص) : ألا أبشرك أني سمعت رسول الله (ص) ، يقول : سيدات النساء أهل الجنة أربع : مريم بنت عمران ، وفاطمة بن رسول الله ، وخديجة بنت خويلد ، وآسية امرأة فرعون ، وقال يعقوب ابنة مزاحم ، المصادر : ( فضائل الصحابة ج:2 ص:760 ).
1337 - حدثنا : عبد الله ، قال : حدثني : أبي ، نا : عبد الرزاق ، قال : أنا : معمر ، عن قتادة ، عن أنس : أن النبي (ص) ، قال : حسبك من نساء العالمين : مريم بن عمران ، وخديجة بنت خويلد ، وفاطمة بنت محمد ، وآسية امرأة فرعون ، المصادر : ( فضائل الصحابة ج:2 ص:760 ).
1338 - حدثنا : عبد الله ، قال : حدثني : أبي ، نا : عبد الرزاق ، قال : أنا : معمر ، عن الزهري ، قال : أخبرني : أنس بن مالك : أن النبي (ص) ، قال : حسبك من نساء العالمين فذكر مثله سواء ، المصادر : ( فضائل الصحابة ج:2 ص:760 ).
1339 - حدثنا : عبد الله ، قال : حدثني : أبي ، أنا : يونس ، نا : داود بن أبي الفرات ، عن علباء هو بن أحمر ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، قال : خط رسول الله (ص) في الأرض أربعة خطوط ، فقال : أتدرون ما هذا ، فقالوا : الله ورسوله أعلم ، فقال رسول الله (ص) : أفضل نساء أهل الجنة خديجة بنت خويلد وفاطمة بنت محمد ، وذكر باقي الحديث ، المصادر : ( فضائل الصحابة ج:2 ص:760 ).
- وقال في موضع آخر : 250 - أخبرنا : العباس بن محمد ، قال : أنا يونس ، قال : ثنا : داود بن أبي الفرات ، عن علباء ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، قال : قال رسول الله (ص) : أفضل نساء أهل الجنة : خديجة بنت خويلد ، وفاطمة بنت محمد ، ومريم بنت عمران ، وآسية بنت مزاحم امرأة فرعون ، المصادر : ( فضائل الصحابة ج:1 ص:74 ).
252 - أخبرنا : إبراهيم بن يعقوب ، قال : أنا : أبو النعمان ، قال : أنا : داود بن أبي الفرات ، عن علباء بن أحمر ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، قال : خط رسول الله (ص) في الأرض أربع خطوط ، ثم قال : هل تدرون ما هذا ، قالوا : الله ورسوله أعلم ، فقال رسول الله (ص) : أفضل نساء أهل الجنة : خديجة بنت خويلد ، وفاطمة بنت محمد ، ومريم بنت عمران ، وآسية بنت مزاحم امرأة فرعون ، المصادر : ( فضائل الصحابة ج:1 ص:74 ) ، ولقد نقل هذا الحديث أكثر من واحد من العلماء مثل : ( العلامة الطحاوي في شرح مشكل الآثار ج1ص48ط حيدر آباد والعلامة ابن عبد البر في الاستيعاب ج2ص750 ط حيدر آباد الحاكم النيسابوري في المستدرك ج3ص160 ط حيدر آباد وأبو بكر البيهقي في الاعتقاد ص165ط كامل مصباح ومحب الدين الطبري في ذخائر العقبى في مناقب ذوي القربى ص62 ط مكتبة القدسي بمصر وابن الأثير الجزري في أسد الغابة ج5ص437 ط مصر والذهبي في تاريخ الإسلام ج2ص92 ط مصر وفي تهذيب التهذيب ص134فضل المسميات بفاطمة وابن كثير في البداية والنهاية ج2صص59 ط مصر وفي تفسير القرآن المطبوع بهامش فتح البيان وغيرهم كثير ) فتحصل لدينا طائفتان من الأحاديث :
الأولى : تقول : من مات بغير امام مات ميتة جاهلية.
والثانية : تقول : بأن الزهراء سيدة نساء أهل الجنة ومن المعلوم بان الزهراء ماتت وهي واجدة على أبي بكر ولم تبايعه أبدا بالاجماع ، فكيف نجمع بين الحديثين يا ترى وبين الطائفتين يا ترى ؟.
ولكن علمنا بأنه من المستحيل أن تموت الزهراء بغير امام وتكون سيدة نساء أهل الجنة لأن من مات بغير امام فميتته ميتة جاهلية فكيف يكون سيد أهل الجنة ، وبما أنها لم تبايع أبو بكر فأكيد بايعت غيره حتى لا تكون ميتتها ميتة جاهلية ومن هو هذا الغير حتى تكون بيعتها له موصله للجنة ، أكيد إنه الامام علي (ع) وبهذا تكون الزهراء طبقت عمليا القول بالوصية فاختارت الامام على غيره من الناس ، وسوف انتقل الآن معاكم إلى الاحتجاج اللفظي للسيدة الزهراء سلام الله عليها.
المخالف : لحظات من فضلك توقف ولا تدخل إلى النقطة الأخرى لأن لي بعض الأسئلة ؟.
الموالي : وما هي تلك الأسئلة يا صاحبي العزيز ؟.
المخالف : المهم هنا هو لماذا تعتبروا موقف الزهراء حجة على الخصم ألا يمكن أن تكون الزهراء مشتبهة بهذا الموقف وإنها اجتهدت فأخطأت في الاجتهاد ؟.
الموالي : أخي الفاضل أيها المستشكل ، أنا ما كنت بصدد الكلام عن هذا الموضوع ، وإنما كنت بصدد الكلام عن من الذي قال بالوصية قبل ابن سبأ المزعوم ، ولكن بما أنك أقحمتني في هذا الكلام فلابد وأن أجاوب إن شاء الله تعالى ، فأقول لك أخي الفاضل أتوجه إليك وأسألك أولا : هل النبي (ص) أبلغ أهل بيته (ع) بمسألة الخلافة ومسألة الميراث أم أنه لم يبلغهم بذلك ؟ ، فإما أن تقول : أنه لم يبلغهم وهذا تقصير واضح من النبي (ص) وبسببه وقع الانقسام بين الأمة الإسلامية وتفرقت الأمة ، وهذا أمر لا اعتقد أنك تقوله أخي العزيز لأنه فيه هتك لكرامة النبي (ص) وهذا أمر مرفوض حسب اعتقادي اليس كذلك.
المخالف : لو فرضنا كما تقول فأنه يبقى الاحتمال الثاني وأنه (ص) قد بلغ أهل بيته بالأمر اليس كذلك ؟.
الموالي : نعم .. يبقى الاحتمال الثاني : إنه (ص) بلغ أهل بيته بالوصية والخلافة وقضية الميراث ولكننا لا نعلم بما ذا أخبرهم ، هل أخبرهم بأنهم هم الأولى ، أو أنه اخبرهم بأنه لا حق لهم في الخلافة وإنما هي للأمة تقرر مصير الخلافة وأما الميراث فلا ميراث عند الأنبياء ، وعلى هذا وقع الخلاف بين أهل البيت والسلطة الحاكمة فأهل البيت ، قالوا : بأن النبي أخبرهم بأنهم هم أصحاب الحق في الخلافة والميراث والسلطة الحاكمة ، قالت : بأن النبي ترك الاختيار للأمة وكذلك ترك الميراث للأمة وعلى هذا الكلام نحن امام دعوى بين طرفين :
الطرف الأول : أهل البيت المتمثل بأمير المؤمنين والسيدة الزهراء.
والطرف الثاني : الخليفة أبو بكر ونائبه عمر بن الخطاب وفي كل طرف احتمالان أحدهما الكذب ، والثاني الاشتباه أي أنه أما نقول بكذب الامام علي (ع) والزهراء ، أو نقول بكذب السلطة الحاكمة ، وكذلك إما أن نقول باشتباه الامام علي والزهراء(ع) ، أو نقول باشتباه السلطة ، وعلى هذا يجب علينا أن نبحث عن الأدلة الداعمة لأحد الطرفين ضد الآخر فوجدنا أن مسألة الكذب مستبعدة في أهل البيت (ع) لأمور كثيرة جدا :
- منها : أن الله أمر بمودتهم ، قال تعالى : { قُل لّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى ( الشورى : 23 ) } فهي نازلة في قربى الرسول (ص) وهم : علي وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام ، المصادر : ( شواهد التنزيل لقواعد التفضيل للحسكاني الحنفي ج 2 ص 130 والصواعق المحرقة لابن حجر العسقلاني الشافعي ص 101 و135 و 136 ط الميمنية مصر والمستدرك للحاكم ج 3 ص 172 وتفسير الطبري ج 25 ص 25 ط 2 مصطفى الحلبي بمصر وتلخيص المستدرك للذهبي مطبوع بذيل المستدرك ج 3 ص 172 وتفسير الفخر الرازي ج 27 ص 166 ط عبد الرحمن محمد بمصر وفتح القدير للشوكاني ج 4 ص 537 ) وغيرها كثير.
ومنها بأن الله أمرنا بان نعتصم بهم : آية الاعتصام قوله تعالى : { وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا ( آل عمران : 103 ) } فحبل الله هم أهل البيت (ع) ، المصادر : ( شواهد التنزيل لقواعد التفضيل للحسكاني ج1 ص 130 ح 177 و 178 ، 179 و 180 والصوعق المحرقة لابن حجر العسقلاني الهيثمي ص 149 ط المحمدية روح المعاني للآلوسي ج 4 ص 16 والاتحاف بحب الأشراف للشبرواي الشافعي ص 76 واسعاف الراغبين للصباغ الشافعي ص 107 الطبعة السعيدية ونور الأبصار للشبلنجي ص 102 ).
- ومنها بأن الله أمرنا أن نكون معهم : آية الصادقين قوله تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ( التوبة : 119 ) } أي مع علي وأصحابه ، المصادر : ( شواهد التنزيل لقواعد التفضيل للحاكم الحسكاني الحنفي ج 1 ص 259 وح 350 و 351 و 355 و 356 و 352 و 353 وكفاية الطالب للكنجي الشافعي ص 236 ط الحيدرية وتذكرة الخواص للسبطين الجوزي الحنفي ص 16 وفتح القدير للشوكاني ج 2 ص 414 والصواعق المحرقة لابن حجر العسقلاني ص 150 ط المحمدية والدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي ج 3 ص 390 ).
- ونجد في آيات آخر : بأن الله نهانا عن الركون للظلمة وعدم طاعة العاصي وعدم طاعة المكذب ولا المسرفين حيث قال سبحانه وتعالى : { وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ ( الكهف : 28 ) } و { فَلَا تُطِعِ الْمُكَذِّبِينَ ( القلم : 8 ) } و { وَلَا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِمًا أَوْ كَفُورًا ( الإنسان : 24 ) } و { وَلَا تُطِيعُوا أَمْرَ الْمُسْرِفِينَ @ الَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ ( الشعراء : 51 - 52 ) } و { وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ ( هود : 113 ) } فلابد من القول بان أهل البيت منزهين عن هذه الأمور من الكذب والظلم والافساد.
- وهذا تصريح من السيدة عائشة بعدم كذب الزهراء : 4756 - حدثنا : أبو الحسن محمد بن أحمد بن شبويه الرئيس الفقيه بمرو ، ثنا : جعفر بن محمد بن الحارث النيسابوري بمرو ، ثنا : علي بن مهران الرازي ، ثنا : سلمة بن الفضل الأبرش ، ثنا : محمد بن اسحاق ، عن يحيى بن عباد بن عبد الله ابن الزبير ، عن أبيه ، عن عائشة (ر) أنها كانت إذا ذكرت فاطمة بنت النبي (ص) ، قالت : ما رأيت أحدا كان أصدق لهجة منها إلا أن يكون الذي ولدها ، هذا حديث صحيح على شرط مسلم ، ولم يخرجاه ، المصدر ( المستدرك على الصحيحين ج:3 ص:175 ).
وعليه لا يمكننا بان نتهمهم بالكذب ولكن يمكن أن نتهم السلطة الحاكمة لأنه لا دليل على عدم كذبهم لأجل بعض المصالح المرسلة ، بقي الاحتمال الثاني وهو اشتباه أحد الطرفين أما أهل البيت أو السلطة الحاكمة ، وهو أمر محتمل بالنظر الأول في الأثنين ، وعلى هذا سوف نعود للبحث عن دليل داعم لأحدهما ومرجح لقوله على قول الطرف الآخر ، فاننا سوف نجد هذا الموقف من النبي (ص).
- قال النبي (ص) : أما بعد ، ألا أيها الناس ، فإنما أنا بشر ، يوشك أن يأتي رسول ربي فأجيب ، وأنا تارك فيكم ثقلين أولهما كتاب الله فيه الهدى والنور ، فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به ، فحث على كتاب الله ورغب فيه ، ثم قال : وأهل بيتي ، أذكركم الله في أهل بيتي ، أذكركم الله في أهل بيتي ، المصدر ( صحيح مسلم ج4 ص 1873 كتاب فضائل علي بن أبي طالب ).
- وفي لفظ آخر مروي عن زيد بن أرقم ، وأبي سعيد ، قالا : قال رسول الله (ص) : إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي ، أحدهما أعظم من الآخر كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض ، وعترتي أهل بيتي ، ولن يفترقا حتى يردا على الحوض ، فانظروا كيف تخلفوني فيهما ، المصدر ( سنن الترمذي ج5 ص 663 والطحاوي في مشكاة المصابيح ج3 ص 1735 والألباني في صحيح الجامع الصغير ج1 س 482 حديث 2458 وصححه ).
- وفي لفظ آخر ، عن علي (ع) ، عن النبي (ص) .... قال : وقد تركت ما إن أخذتم به لن تضلوا كتاب الله ، سببه بيده ، وسببه بأيديكم ، وأهل بيتي ، المصدر ( المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية لابن حجر العسقلاني ج 4 ص65 وقال عنه هذا اسناد صحيح والبوصيري في مختصر اتحاف السادة المهرة حيث قال : رواه إسحاق بسند صحيح ).
وعلى هذا الكلام فأننا علمنا بأنه لا يمكن لأهل البيت من الاشتباه لأنهم عدل القرآن والقرآن لا اشتباه فيه ، فكذلك أهل البيت (ع) لا اشتباه معهم ولأن المتمسك بهم ضامن النجاة ، وهذا لا يتم إذا قلنا : بأنهم مشتبهين في دعا ويهم وانهم محتمل فيهم الصواب والخطأ ، ولأننا أمرنا أن نتمسك بهم في كل أمر وقول وفعل وبما أنهم قالوا : بأن النبي أوصى إلينا وأننا ورثة النبي (ص) فالواجب علينا الأخذ بأقوالهم وتصديقهم والا فاننا قد خالفنا هذه الرواية الصحيحة ، وهذا الأمر لا نجده في الخليفة أو السلطة الحاكمة فاحتمال الخطأ عند السلطة متوقع ، وعند أهل البيت غير متوقع وعليه فأننا نرجح موقف أهل البيت (ع) على غيرهم ، ولو أردنا أن نتتبع الأدلة الداعمة لهم لطال بنا المقام لأنهم مع الحق والحق معهم وانهم مع القرآن والقرآن معهم ولأن الله يرضى لرضاهم ويغضب لغضبهم وأن أذيتهم أذية للرسول وغير ذلك من أقوال النبي (ص) في حقهم فهل تبين لك أخي العزيز الأمر الآن.
المخالف : وما هو الموقف القولي للزهراء ؟.
الموالي : الموقف القولي يتحدد في خطب وأقوال الزهراء (ع) فمن أقوالها (ع) ويحهم زحزحوها ( أي الإمامة ) عن رواسي الرسالة ، وقواعد النبوة ، ومهبط الروح الأمين ، الطبن بأمور الدنيا والدين ، الا ذلك الخسران المبين ، وما الذي نقموا من أبي الحسن ، نقموا والله نكير سيفه ، وشدة وطأته ، ونكال وقعته ، وتنمره في ذات الله ، وتالله لو تكافئوا على زمام نبذه إليه رسول الله (ص) لاعتقله وسار بهم سيرا سجحا لا يكلم خشاشه ، ولا يتتعتع راكبه ، ولا وردهم منهلا رويا فضفاضا تطفح ضفتاه ، إلى أن تقول (ع) : وبأي عروة تمسكوا ، لبئس المولى ولبئس العشير ، بئس للظالمين بدلا ، استبدلوا والله الذنابا بالقوادم ، والعجز بالكاهل ، فرغما لمعاطس قوم يحسبون أنهم يحسنون صنعا الا أنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون ، ويحهم : { أَفَمَن يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَن يُتَّبَعَ أَمَّن لَّا يَهِدِّي إِلَّا أَن يُهْدَىٰ ۖ فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ ( يونس : 35 ) } المصدر ( راجع ابن طيفور في كتابه بلاغات النساء ص12الى 19 وشرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج16ص233و234 ورضا كحاله في أعلام النساء ج3ص208 ).
- ومن كلماتها (ع) : حتى إذا اختار الله لنبيه دار أنبيائه ، ظهرت خلة النفاق ، وسمل جلباب الدين ، ونطق كاظم الغاوين ، ونبغ خامل الآفلين ، ( أو الأقلين ) وهدر فنيق المبطلين ، فخطر في عرصاتكم ، واطلع الشيطان رأسه من مغرزه ، ( هاتفا ) صارخا بكم ، فوجدكم لدعائه مستجيبين ، وللغرة ( أو للعزة ) فيه ملاحظين ، (ثم) فأستنهضكم فوجدكم خفافا ، وأجمشكم ( وأحمشكم ) فألفاكم غضابا فوسمتم غير إبلكم ، ووردتم غير مشربكم ، هذا والعهد قريب والكلم رحيب ، والجرح لما يندمل ، الرسول لما يقبر ، ابتدارا زعتم خوف الفتنة ، { أَلَا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا ۗ وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ ( التوبة : 49 ) } المصدر ( راجع بلاغات النساء لابن طيفور 23الى 26وشرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج16ص249الى251واعلام النساء لكحالة ج3ص219 ).
وبعد أن نقلت لك أخي الفاضل أقوال واحتجاج الامام علي (ع) وفعل الزهراء وأقوالها (ع) ، تبين لك جليا بأن ابن سبأ ليس هو صاحب الفكرة وأن هذه الفكرة كانت موجودة قبل ابن سبأ بأكثر من خمسة وثلاثين سنة.
المخالف : وهل هناك أحد من أهل البيت وأصحابهم كانوا يعتقدون بذلك ؟.
الموالي : نعم .. وسوف أنقل لك الآن مواقف الامامين الجليلين الحسن والحسين (ع) :
- ففي أخبار المدينة : 1358 - حدثنا : الخزامي ، قال : حدثنا : عبد الله ابن وهب ، قال : أخبرني : يونس ، عن ابن شهاب ، قال : أخبرني : عبد الله بن كعب أن حسين بن علي (ر) قام إلى عمر (ر) وهو على منبر رسول الله يخطب الناس يوم الجمعة ، فقال : انزل عن منبر جدي ، فقال عمر (ر) تأخر يا ابن أخي ، قال : وأخذ حسين برداء عمر (ر) فلم يزل يجذبه ، ويقول : انزل عن منبر جدي وتردد عليه حتى قطع خطبته ونزل عن المنبر وأقام الصلاة فأما صلى أرسل إلى حسين (ر) فلما جاءه ، قال : يا ابن أخي من أمرك بالذي صنعت ، قال حسين : ما أمرني به أحد ، قال : يقول له ذلك حسين ثلاث مرات كل ذلك يقول : ما أمرني به أحد ، قال عمر (ر) : أو لي ولم يزد على ذلك وحسين (ر) يومئذ دون المحتلم ، المصدر ( أخبار المدينة ج:2 ص:11 ).
1359 - حدثنا : سليمان بن حرب ، قال : حدثنا : حماد بن زيد ، عن يحيى بن سعيد ، عن عبيد بن حسين ، عن حسين بن علي (ر) ، قال : أتيت عمر (ر) وهو على المنبر ، فقلت : انزل عن منبر أبي واذهب إلى منبر أبيك ، قال : إن أبي لم يكن له منبر وأجلسني بين يديه ، وفي يدي حصى فجعلت أقلبه فلما نزل ذهب بي إلى منزله ، فقال لي : يا بني من علمك هذا ، قلت : ما علمنيه أحد ، قال : أي بني حلفت تغشانا حلفت تأتينا ، المصدر ( أخبار المدينة ج:2 ص:11 ).
- وقال في الرياض النضرة : وعن هشام بن عروة ، عن أبيه ، قال : قعد أبو بكر على منبر رسول الله (ص) فجاء الحسن بن علي فصعد المنبر ، وقال : انزل عن منبر أبي ، فقال له أبو بكر : منبر أبيك لا منبر أبي ، منبر أبيك لا منبر أبي ، فقال علي وهو في ناحية القوم : إن كان لعن غير أمري ، خرجه أبو بكر ابن الأنباري ، المصدر ( الرياض النضرة ج:2 ص:149 ).
- وقال في المنتظم : أخبرنا : ابن ناصر ، أخبرنا : المبارك بن عبد الجبار ، أخبرنا : أبو الحسين بن المهتدي ، أخبرنا : محمد بن الحسن بن المأمون ، حدثنا : أبو بكر بن الأنباري ، حدثنا : التيهان بن الهيثم ، حدثنا : عفان ، حدثنا : حماد بن سلمة ، حدثنا : هشام بن عروة ، عن أبيه ، قال : قعد أبو بكر على منبر رسول الله (ص) فجاءه الحسين بن علي فصعد المنبر ، وقال : انزل عن منبر أبي ، فقال له أبو بكر : منبر أبيك لا منبر أبي ، منبر أبيك لا منبر أبي ، فقال علي (ر) وهو في ناحية القوم : إن كانت لعن غير أمري ، المصدر ( المنتظم ج:4 ص:70 ).
- وقال في التحفة : وصعد ( أي الامام الحسين ) إلي عمر بن الخطاب (ر) وهو على المنبر ، فقال له : انزل عن منبر أبي وأنزل إلى منبر أبيك ، فقال له عمر : من علمك هذا ما علمنيه أحد فجعل يقول : منبر أبيك والله منبر أبيك والله وهل أنبت الشعر على رؤؤسنا الا أنتم ، لو جعلت تأتينا وتغشانا ومناقبه وأخباره وقتله يحتمل مجلدا فأكثر وكان فاضلا كثير الصلاة والصوم والحج حج خمسا وعشرين حجة ماشيا مكثرا من الصدقة ومن جميع أفعال الخير أبي النفس لم يبايع ليزيد بن معاوية لما طلب منه البيعة له في حياة أبيه ولا بعد موتها ، المصدر ( التحفة اللطيفة في تاريخ المدينة الشريفة ج:1 ص:295 ).
- وقال في بغية الطلب : أخبرنا : أبو الفضل مرجا بن أبي الحسن بن هبة الله بن غزال التاجر الواسطي ، قال : أخبرنا : العدل أبو طالب محمد بن علي بن أحمد بن الكتاني ، قال : أخبرنا : أبو الفضل محمد بن أحمد بن عبد الله العجمي - قراءة عليه - قال : أخبرنا : أبو الحسن محمد بن محمد بن مخلد البزاز - قراءة عليه - قال : أخبرنا : أبو الحسن علي بن الحسن الصلحي ، قال : أخبرنا : أبو بكر محمد بن عثمان بن سمعان ، قال : حدثنا : أبو الحسن أسلم بن سهل بحشل ، قال : حدثنا : سعد بن وهب ، قال : حدثنا : حماد ابن زيد ، عن يحيى بن سعد ، عن عبيد بن حنين ، قال : حدثني : الحسين بن علي (ر) ، قال : أتيت عمر بن الخطاب (ر) وهو على المنبر ، فقلت : انزل عن منبر أبي فأذهب إلى منبر أبيك ، فقال : عمر (ر) : أن أبي لم يكن له منبر ، ثم أخذني فأجلسني معه فلما نزل نزل بي معه إلى منزله ، فقال : يا بني اجعل تغشانا اجعل تأتينا فجئت يوما وهو خال بمعاوية (ر) فجاء عبد الله ابن عمر فلم يؤذن له فرجع فرجعت فلقيني ، فقال : ما لي لم أرك ، فقلت : قد جئت وكنت خاليا بمعاوية وابن عمر على الباب فرجع ورجعت ، فقال : أنت أحق بالاذن من ابن عمر : إنما انبت ما ترى في رأسي من الشعر الله ، ثم أنتم ، المصدر ( بغية الطلب في تاريخ حلب ج:6 ص:2584 ).
- وقال في تاريخ الخلفاء : وأخرج ابن عساكر ، عن أبي البختري ، قال : كان عمر بن الخطاب يخطب على المنبر ، فقام إليه الحسين بن علي (ر) ، فقال : انزل عن منبر أبي ، فقال عمر : منبر أبيك لا منبر أبي من أمرك بهذا فقام علي ، فقال : والله ما أمره بهذا أحد أما لأوجعنك يا غدر ، فقال : لا توجع ابن أخي فقد صدق منبر أبيه ، اسناده صحيح ، المصدر ( تاريخ الخلفاء ج:1 ص:143 ).
- وقال في تاريخ بغداد : أخبرنا : محمد بن أحمد بن رزق ، قال : أنبأنا : دعلج بن أحمد المعدل ، قال : نا : موسى بن هارون ، قال : نا : أبو الربيع ، قال : نا : حماد بن زيد ، قال : نا : يحيى بن سعيد ، عن عبيد بن حنين ، قال : حدثني : الحسين بن علي ، قال : أتيت على عمر بن الخطاب وهو على المنبر فصعدت إليه ، فقلت : انزل عن منبر أبي واذهب إلى منبر أبيك ، فقال عمر : لم يكن لأبي منبر وأخذني وأجلسني معه فجعلت أقلب خنصر يدي فلما نزل انطلق بي إلى منزله ، فقال لي : من علمك ، فقلت : والله ما علمنيه أحد ، المصدر ( تاريخ بغداد ج:1 ص:141 ).
- وقال في تاريخ دمشق : أخبرنا : أبو البركات الأنماطي ، وأبو عبد الله البلخي ، قالا : نا : أبو الحسين بن الطيوري وثابت بن بندار ، قالا ، أنا : أبو عبد الله الحسين بن جعفر ، وأبو نصر محمد بن الحسن ، قالا : أنا : الوليد بن بكر ، أنا : علي بن أحمد بن زكريا ، أنا : صالح بن أحمد ، حدثني : أبي أحمد ، نا : سليمان بن حرب ، نا : حماد بن زيد ، عن يحيى بن سعيد ، عن عبيد بن حنين ، عن حسين بن علي ، قال : صعدت إلى عمر وهو على المنبر ، فقلت : انزل عن منبر أبي واذهب إلى منبر أبيك ، فقال : من علمك هذا ، قلت : ما علمنيه أحد ، قال : منبر أبيك والله منبر أبيك والله ، وهل أنبت على رؤوسنا الشعر الا أنتم لو جعلت تأتينا وجعلت تغشانا.
- أخبرنا : أبو بكر محمد بن عبد الباقي ، أنا : أبو محمد الحسن بن علي ، أنا : محمد بن العباس ، نا : أحمد بن معروف ، نا : الحسين بن الفهم ، أنا : محمد بن سعد ، أنا : سليمان بن حرب ، نا : حماد بن زيد ، نا : يحيى بن سعيد الأنصاري ، عن عبيد بن حنين ، عن حسين بن علي ، قال : صعدت إلى عمر بن الخطاب ، فقلت له : انزل عن منبر أبي واصعد منبر أبيك ، قال : فقال إن أبي لم يكن له منبر ، قال : فأقعدني معه فلما نزل ذهب بي إلى منزله ، فقال : أي بني من علمك هذا ، قال : قلت ما علمنيه أحد ، قال : أي بني لو جعلت تأتينا وتغشانا ، قال : فجئت يوما وهو خال بمعاوية وابن عمر بالباب ولم يؤذن له فرجعت فلقيني بعد ، فقال لي : يا بني لم أرك تأتينا ، فقال : قد جئت ، إسماعيل بن أبي خالد ، عن عبد الرحمن بن الأصبهاني ، قال : جاء الحسين بن علي إلى أبي بكر وهو على منبر رسول الله (ص) ، فقال : انزل عن مجلس أبي ، فقال : صدقت إنه لمجلس أبيك ، قال : ثم أجلسه في حجره وبكى ، فقال علي : والله ما هذا عن أمري ، قال : صدقت والله ما اتهمتك ، وقد روي هذا للحسين بن علي ، أخبرناه : أبو بكر محمد بن عبد الباقي ، أنا : الحسن بن علي ، أنا : أبو عمر بن حيوية ، أنا : أحمد : بن معروف ، أنا : الحسين بن الفهم ، نا : محمد بن سعد ، أخبرنا : علي بن محمد ، عن حماد بن سلمة ، عن هشام بن عروة ، عن عروة : أن أبا بكر خطب يوما فجاء الحسن فصعد إليه المنبر ، فقال : انزل عن منبر أبي ، فقال علي : إن هذا لشيء عن غير ملامنا ، المصدر ( تاريخ دمشق ج:14 ص:175 ).
- وأخبرنا : أبو طالب علي بن عبد الرحمن بن أبي عقيل ، أنا : أبو الحسن علي بن الحسن ، أنبأ : أبو محمد بن النحاس ، أنا : أبو سعيد بن الأعرابي ، نا : أحمد بن حازم ، نا : جعفر بن عون ، أنا : أسامة بن زيد ، عن عبد الرحمن الأصبهاني ، قال : جاء الحسن بن علي إلى أبي بكر وهو على منبر رسول الله (ص) ، فقال : انزل عن مجلس أبي ، قال : صدقت إنه مجلس أبيك ثم أجلسه في حجره ، ثم بكى ، فقال علي : والله ما هذا عن أمري ، قال : صدقت والله ما اتهمتك ، المصدر ( تاريخ دمشق ج:30 ص:307 ).
- وقد روي للامام الحسين مع عمر ، أخبرناه : أبو محمد بن طاوس ، أنا : عاصم بن الحسن ، أنا : أبو عمر بن مهدي ، أنا : محمد بن مخلد ، نا : حاتم بن الليث ، نا : يحيى بن حماد ، نا : أبو عوانة ، عن سليمان ، عن عمرو بن مرة ، عن أبي البختري ، قال : كان عمر يخطب على المنبر ، فقام إليه حسين بن علي ، فقال : انزل عن منبر أبي ، فقال عمر : منبر أبيك لا منبر أبي من أمرك بهذا ، قال : فقام علي ، فقال : ما أمره بهذا أحدا أما لأوجعنك يا عذر ، قال : فقال : لا توجع ابن أخي فقد صدق منبر أبيه ، المصدر ( تاريخ دمشق ج:30 ص:307 ).
- وقال في تاريخ واسط : حدثنا : أسلم ، قال : ثنا : سعد بن وهب ، قال : ثنا : حماد بن زيد ، عن يحيى بن سعيد ، عن عبيد بن حنين ، قال : حدثني : الحسين بن علي (ر) ، قال : أتيت عمر بن الخطاب (ر) وهو على المنبر ، فقلت : انزل عن منبر أبي إلى منبر أبيك ، فقال عمر (ر) : أن أبي لم يكن له منبر ، المصدر ( تاريخ واسط ج:1 ص:203 ).
- وقال في الاصابة : وقال يحيى بن سعيد الأنصاري ، عن عبيد بن حنين ، حدثني : الحسين بن علي ، قال : أتيت عمر وهو يخطب على المنبر فصعدت إليه ، فقلت : انزل عن منبر أبي واذهب إلى منبر أبيك ، فقال عمر : لم يكن لأبي منبر وأخذني فأجلسني معه أقلب حصى بيدي ، فلما نزل انطلق بي إلى منزله ، فقال لي : من علمك ، قلت : والله ما علمني أحد ، المصدر ( الإصابة في تمييز الصحابة ج:2 ص:77 ).
- وقال في سير أعلام النبلاء : عن الحسين ، قال : صعدت المنبر إلى عمر ، فقلت : انزل عن منبر أبي واذهب إلى منبر أبيك ، فقال : إن أبي لم يكن له منبر فأقعدني معه فلما نزل ، قال : أي بني من علمك هذا ، قلت : ما علمنيه أحد ، قال : أي بني وهل أنبت على رؤوسنا الشعر الا الله ، ثم أنتم ووضع يده على رأسه ، وقال : أي بني لو جعلت تأتينا وتغشانا ، اسناده صحيح ، المصدر ( سير أعلام النبلاء ج:3 ص: 285 ).
فتبين لك أخي العزيز بأن هذا الموقف من مثل الامام الحسن والامام الحسين (ع) لا يصدر عبثا وإنما صدر كموقف احتجاج منهما (ع) وأنهما كانا يعتقدان بأنه لا يحق لعمر ولا لأبي بكر أن يصعدا على منبر النبي (ص) وأن هذا المنبر هو لعلي (ع) وأرادا أن يذكرا أبا بكر وصاحبه بأمر الاغتصاب للخلافة وأن عليه وصاحبه أن يذهبا لمنبر أبيهما لا منبر الرسول (ص) ويدلنا دلالة واضحة على أنهما بهذا العمل قد أثبتا ولاية أمير المؤمنين (ع) وبطلان خلافة الاثنين.
الشخصية الخامسة : التي كانت ترى النص على الخلافة وترى خلافة الامام علي (ع) على غيره هو حبر الأمة عبد الله بن عباس (ر) ، وكان احتجاجه على عمر بن الخطاب وتصريحه له بأحقية الامام علي قبل ظهور ابن سبأ على فرض وجوده.
- ففي كتاب الكامل التاريخ : ففي محاورة جرت بين عمر بن الخطاب وعبد الله بن عباس ( حيث قال عمر ) : يا ابن عباس أتدري ما منع قومكم منكم بعد محمد فكرهت أن أجيبه ، فقلت : إن لم أكن أدري فإن أمير المؤمنين يدريني ، فقال عمر : كرهوا أن يجمعوا لكم النبوة والخلافة فتبجحوا على قومكم بجحا بجحا فاختارت قريش لأنفسها فأصابت ووفقت ، فقلت : يا أمير المؤمنين إن تأذن لي في الكلام وتمط عني الغضب تكلمت ، قال : تكلم ، قلت : أما قولك يا أمير المؤمنين اختارت قريش لأنفسها فأصابت ووفقت فلو أن قريشا اختارت لأنفسها حيث اختار الله لها لكان الصواب بيدها غير مردود ولا محسود ، وأما قولك : إنهم أبوا أن تكون لنا النبوة والخلافة فإن الله عز وجل وصف قوما بالكراهة ، فقال : { ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنزَلَ اللهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ ( محمد : 9 ) } فقال عمر : هيهات والله يا ابن عباس قد كانت تبلغني عنك أشياء كنت أكره أن أقرك عليها لتزيل منزلتك مني ، فقلت : ما هي يا أمير المؤمنين فإن كانت حقا فما ينبغي أن تزيل منزلتك مني وإن كانت باطلا فمثلي أماط الباطل عن نفسه ، فقال عمر : بلغني أنك تقول أنما صرفوها عنك حسدا وبغيا وظلما ، فقلت : أما قولك يا أمير المؤمنين ظلما فقد تبين للجاهل والحليم ، وأما قولك حسدا فإن آدم حسد ونحن ولده المحسودون ، فقال عمر : هيهات هيهات أبت والله قلوبكم يا بني هاشم الا حسدا ما يحول وضغنا وغشا لا يزول ، فقلت : مهلا يا أمير المؤمنين لا تصف قلوب قوم أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا بالحسد والغش فإن قلب رسول الله من قلوب بني هاشم ، فقال عمر : إليك عني يا عباس ، فقلت : أفعل فلما ذهبت أقوم استحيا مني ، فقال : يا ابن عباس مكانك فوالله إني راع لحقك محب لما سرك ، فقلت : يا أمير المؤمنين إن لي عليك حقا وعلى كل مسلم فمن حفظه فحقه أصاب ومن أضاعه فحظه أخطأ ثم قام فمضى ، المصدر ( الكامل في التاريخ ج:2 ص:458 ).
فلو تنبهنا إلى بعض المقاطع لعرفنا بأن ابن عباس كان يعتقد بالنص من هذه المقاطع قوله : فلو أن قريشا اختارت لأنفسها حيث اختار الله لها لكان الصواب بيدها ، فماذا يقصد من كلمة من حيث اختار الله ألا يريد أن يقول : بأن الله اختار لخلقه ولعباده من اختار ولكن لم يختاروا ما اختاره الله فهذا نص صريح من ابن عباس بالقول بالنص ، وكذلك تأملوا في قوله هذا ، فقلت : أما قولك يا أمير المؤمنين ظلما فقد تبين للجاهل والحليم ، اليس هذا تصريح أيضا بان الخلافة قد غصبت وأن الخليفة ظالم وظلمه واضح للعيان ولكل أحد أم لا.
- وفي حوار آخر بين ابن عباس وعمر بن الخطاب ، قال عمر : كيف خلفت ابن عمك ، قال : فظننته يعني عبد الله بن جعفر ، قال : فقلت خلفته مع أترابه ، قال : لم أعن ذلك إنما عنيت عظيمكم أهل البيت ، قال : قلت خلفته يمتح بالغرب وهو يقرأ القرآن ، قال : يا عبد الله عليك دماء البدن إن كتمتنيها هل بقي في نفسه شيء من أمر الخلافة ، قال : قلت نعم ، قال : أيزعم أن رسول الله نص عليه ، قال ابن عباس : قلت وأزيدك سألت أبي عما يدعي - من نص رسول الله عليه بالخلافة - فقال : صدق ، فقال عمر : كان من رسول الله في أمره ذر ومن قول لا يثبت حجة ، ولا يقطع عذرا ، ولقد كان يربع في أمره وقتا ما ولقد أراد في مرضه أن يصرح باسمه فمنعته من ذلك ، المصدر ( المراجعات للسيد شرف الدين المراجعة 106نقلا عن تاريخ بغداد بسنده المعتبر إلى ابن عباس وشرح نهج البلاغة لابن أبي الحديدج3ص97 أفست بيروت على الطبعة الأولى بمصر ).
وأنت أيها القارئ احكم في قول ابن عباس فانه صرح بأن الامام علي (ع) يعتقد بالنص عليه ، ولقد ، قال ابن عباس : بأن أبي أي العباس بن عبد المطلب قد صدق بان الرسول قد نص على علي (ع) وهذه المحاورة قبل ابن سبأ الشخصية المزعومة.
- وينقل صاحب المراجعات محاورة أخرى مختصرة وهي ، قال عمر : يا ابن عباس ما أرى صاحبك الا مظلوما ، فقلت : يا أمير المؤمنين فأردد إليه ظلامته ، قال : فانتزع يده من يدي ومضى يهمهم ساعة ، ثم وقف فلحقته ، فقال : يا ابن عباس ما أظنهم منعهم عنه الا أنه استصغره قومه ، قال : فقلت له والله ما إستصغره الله ورسوله حين أمراه أن يأخذ براءة من صاحبك ، قال : فأعرض عني وأسرع فرجعت ، المصدر ( المراجعات المراجعه رقم 106نقلا عن ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة المجلد الثالث ص105 وينقلها بعض الأعلام ، عن الجوهري في كتابه السقيفة ص70 ).
السادس والسابع : من الذين ، قالوا : بالنص على أمير المؤمنين ( محمد بن أبي بكر ومعاوية بن أبي سفيان ) ، تابعوا معي هذه المكاتبة بين الاثنين يتضح لكم ذلك:
- ولما صرف علي (ر) قيس بن سعد بن عبادة ، عن مصر وجه مكانه محمد بن أبي بكر فلما وصل اليها كتب إلى معاوية كتابا فيه : من محمد بن أبي بكر إلى الغاوي معاوية بن صخر ، أما بعد ، فأن الله بعظمته وسلطانه خلق خلقه بلا عبث منه ولا ضعفا في قوته ، ولا حاجة به إلى خلقهم ، ولكنه خلقهم عبيدا ، وجعل منهم غويا ورشيدا ، وشقيا وسعيدا ، ثم اختار على علم واصطفى وانتخب منهم محمد (ص) ، فانتخبه بعلمه ، واصطفاه برسالته ، وائتمنه علي وحيه ، وبعثه رسولا ومبشرا ونذيرا (ووكيلا ) فكان أول من أجاب وأناب وآمن وصدق وأسلم وسلم أخوه وابن عمه علي بن أبي طالب صدقه بالغيب المكتوم ، وآثره على كل حميم ، ووقاه بنفسه كل هول ، وحارب حربه ، وسالم سلمه ، فلم يبرح مبتذلا لنفسه في ساعات الليل والنهار والخوف والجوع والخضوع حتى برز سابقا لا نظير له فيمن اتبعه ، ولا مقارب له في فعله ، وقد رأيتك تساميه وأنت أنت ، وهو هو ، أصدق الناس نية ، وأفضل الناس ذرية ، وخير الناس زوجة ، وأفضل الناس ابن عم أخوه الشاري بنفسه يوم مؤتة ، وعمه سيد الشهداء يوم أحد ، وأبوه الذاب عن رسول الله (ص) وعن حوزته ، وأنت اللعين ابن اللعين ، لم تزل أنت وأبوك تبغيان لرسول الله الغوائل ، وتجهدان في اطفاء نور الله ، تجمعان على ذلك الجموع ، وتبذلان فيه المال ، وتؤلبان عليه القبائل ، وعلى ذلك مات أبوك ، وعليه خلفته ، والشهيد عليك من تدنى ويلجأ اليك من بقية الأحزاب ورؤوس اء النفاق ، والشاهد لعلي مع فضله المبين القديم أنصاره الذين معه وهم الذين ذكرهم الله بفضلهم ، وأثنا عليهم من المهاجرين والأنصار ، وهم معه كتائب وعصائب ، يرون الحق في أتباعه ، والشقاء في خلافه ، فكيف - يا لك الويل ، تعدل نفسك بعلي وهو وارث رسول الله (ص) ووصيه وأبو ولده : أول الناس له أتباعا ، وأقربهم به عهدا ، يخبره بسره ، ويطلعه على أمره ، وأنت عدوه وابن عدوه ، فتمتع في دنياك ما استطعت ببطالك ، وليمددك ابن العاص في غوايتك ، فكان أجلك قد انقضى ، وكيدك قد وهى ، ثم يتبين لك لمن تكون العاقبة العليا ، وأعلم إنك إنما تكايد ربك الذي أمنت كيده ، ويئست من روحه ، فهو لك بالمرصاد ، وأنت منه في غرور ، والسلام على من اتبع الهدى ، فكتب إليه معاوية : من معاوية بن صخر ، إلى الزاري على أبيه محمد ابن أبي بكر ، أما بعد فقد آتاني كتابك تذكر فيه ما الله أهله في عظمته وقدرته وسلطانه ، وما اصطفى به رسول الله (ص) مع كلام ( كثير لك ) فيه تضعيف ، ولأبيك (فيه) تعنيف ، ذكرت فيه فضل ابن أبي طالب ، وقديم سوابقه ، وقرابته إلى رسول الله (ص) ، ومواساته اياه في كل هول وخوف ، فكان احتجاجك علي وعيبك لي بفضل غيرك لا بفضلك ، فأحمد ربا صرف هذا الفضل عنك ، وجعله لغيرك ، فقد كنا وأبوك فينا نعرف فضل ابن أبي طالب وحقه لازما لنا مبرورا علينا ، فلما اختار الله لنبيه عليه الصلاة والسلام ما عنده ، وأتم له ما وعده ، وأظهر دعوته ، وأبلج حجته ، وقبضه الله إليه صلوات إله عليه ، فكان أبوك وفاروقه أول من ابتزه حقه ، وخالفه على أمره ، على ذلك اتفقا واتسقا ، ثم أنهما دعواه إلى بيعتهما فأبطأ عنهما ، وتلكأ عليهما ، فهما به الهموم ، وأرادا به العظيم ، ثم إنه بايع لهما وسلم لهما ، وأقاما لا يشركانه في أمرهما ، ولا يطلعانه على سرهما ، حتى قبضهما الله ، ثم قام ثالثهما عثمان فهدى بهديهما وسار بسيرهما ، فعبته أنت وصاحبك حتى طمع فيه الأقاصي من أهل المعاصي ، فطلبتما له الغوائل ، وأظهرتما عداوتكما (فيه) حتى بلغتما فيه مناكما ، فخذ حذرك يا ابن أبي بكر ، وقس شبرك بفترك ، يقصر عن أن توازي أو تساوي من يزن الجبال بحلمه ، لا يلين عن قسر قناته ، ولا يدرك ذو مقال : أناته (أبوك) مهد مهاده ، وبنى لملكه وساده ، فأن يك ما نحن فيه صوابا فأبوك استبد به ونحن شركاؤه ، ولولا ما فعل أبوك من قبل ما خالفنا ابن أبي طالب ، ولسلمنا إليه ، ولكنا رأينا أباك فعل ذلك به (من) قبلنا فأخذنا بمثله ، فعب أباك بما بدأ لك أو دع ذلك ، والسلام على من أناب ، المصدر ( مروج الذهب ومعادن الجوهر للمسعودي بتحقيق محمد محيي الدين عبدالحميد ج3ص 20 ).
فلو تأملتوا معي الكلمات .. ماذا تجدوا فيها تصريح من محمد ومن معاوية بأن أمير المؤمنين هو الوارث للرسول وهو صاحب الحق ولكن جاء من ابتزه حقه وظلمه في ذلك وهنا لا مجال لأن ندخل ابن سبأ في القضية لأن محمد ربيب أمير المؤمنين فلا يمكن أن يتلقى الأوامر من رجل يهودي وكذلك اعتراف معاوية العدو اللدود لأمير المؤمنين لا يمكن أن يصرح بهذا الأمر الخطير لولا أن الأمر كان واضحا جليا وكما رأيت من كلمات معاوية ، يقول :
فقد كنا وأبوك فينا نعرف فضل ابن أبي طالب وحقه لازما لنا مبرورا علينا وهذا الكلام اعتراف مسبق أي قبل وفاة الرسول (ص) فتأملوا جيدا يتضح لكم الأمر.
- الشخصية الثامنة : التي تبنت القول بالنص : أبو ذر الغفاري.
- ففي تاريخ اليعقوبي : وبلغ عثمان أن أبا ذر يقعد في مسجد رسول الله ويجتمع إليه الناس فيحدث بما فيه الطعن عليه وأنه وقف بباب المسجد ، فقال : أيها الناس من عرفني فقد عرفني ومن لم يعرفني فأنا أبو ذر الغفاري أنا جندب بن جنادة الربذي ، إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم ، محمد الصفوة من نوح فالأول من إبراهيم والسلالة من إسماعيل والعترة الهادية من محمد إنه شرف شريفهم واستحقوا الفضل في قوم هم فينا كالسماء المرفوعة وكالكعبة المستورة أو كالقبلة المنصوبة أو كالشمس الضاحية أو كالقمر الساري أو كالنجوم الهادية أو كالشجر الزيتونية أضاء زيتها وبورك زبدها ، ومحمد وارث علم آدم وما فضل به النبيون وعلي بن أبي طالب وصي محمد ووارث علمه أيتها الأمة المتحيرة بعد نبيها ، أما لو قدمتم من قدم الله وأخرتم من آخر الله وأقررتم الولاية والوراثة في أهل بيت نبيكم لأكلتم من فوق رؤوسكم ومن تحت أقدامكم ولما عال ولي الله ولا طاش سهم من فرائض الله ولا اختلف اثنان في حكم الله إلا وجدتم علم ذلك عندهم من كتاب الله وسنة نبيه فأما إذ فعلتم ما فعلتم فذوقوا وبال أمركم وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون ، المصدر ( تاريخ اليعقوبي ج:2 ص:171 ).
الشخصية التاسعة : التي تبنت القول بالنص : المقداد بن عمروا.
- ففي تاريخ اليعقوبي : ومال قوم مع علي بن أبي طالب وتحاملوا في القوم على عثمان فروى بعضهم ، قال : دخلت مسجد رسول الله فرأيت رجلا جاثيا علي ركبتيه يتلهف تلهف من كان الدنيا كانت له فسلبها وهو يقول واعجبا لقريش ودفعهم هذا الأمر على أهل بيت نبيهم وفيهم أول المؤمنين وابن عم رسول الله أعلم الناس وأفقههم في دين الله وأعظمهم غناء في الإسلام وأبصرهم بالطريق وأهداهم للصراط المستقيم والله لقد زووها عن الهادي المهتدي الطاهر النقي وما أرادوا اصلاحا للأمة ولا صوابا في المذهب ولكنهم آثروا الدنيا علي الآخرة فبعدا وسحقا للقوم الظالمين فدنوت منه ، فقلت : من أنت يرحمك الله ومن هذا الرجل ، فقال : أنا المقداد بن عمرو وهذا الرجل علي بن أبي طالب ، قال : فقلت ألا تقوم بهذا الأمر فأعينك عليه ، فقال : يا ابن أخي إن هذا الأمر لا يجري فيه الرجل ولا الرجلان ثم خرجت فلقيت أبا ذر فذكرت له ذلك ، فقال : صدق أخي المقداد ، ثم أتيت عبد الله بن مسعود فذكرت ذلك له ، فقال : لقد أخبرنا : فلم نأل ، المصدر ( تاريخ اليعقوبي ج:2 ص:163 ).
الشخصية العاشرة : التي تبنت القول بالنص ، سلمان المحمدي (ر).
- فقد ، قال : أما والله لتركبن طبقا عن طبق ، حذو النعل بالنعل والقذة بالقذة ، أما والذي نفس سلمان بيده ، لو وليتموها عليا لأكلتم من فوقكم ومن تحت أقدامكم ، ولو دعوتم الطير لأجابتكم في جو السماء ، ولو دعوتم الحيتان من البحار لأتتكم ، ولما عال ولي الله ، ولا طاش لكم سهم من فرائض الله ، ولا اختلف اثنان في حكم الله ، ولكن أبيتم فوليتموها غيره ، فأبشروا بالبلايا وأقنطوا من الرخاء ، وقد نابذتكم على سواء ، فانقطعت العصمة فيما بيني وبينكم من الولاء ، عليكم بآل محمد (ص) فأنهم القادة إلى الجنة ، والدعاة اليها يوم القيامة ، عليكم بأمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) فوالله لقد سلمنا عليه بالولاية وامرة المؤمنين مرارا جمة مع نبينا ، كل ذلك يأمرنا به ، ويؤكده علينا ، فما بال القوم عرفوا فضله فحسدوه ، وقد حسد هابيل قابيل فقتله ، المصدر ( الاحتجاج ج1ص111 ).
ولو تتبعنا لوجدنا الكثير من هذه المواقف ولكن أخذنا عينات فقط لكي نثبت للقوم بان صاحب هذه الفكرة ليس ابن سبأ اليهودي ، وإنما هي فكرة إسلامية تبناها المخلصون من المسلمين وحملة الرسالة ، وحتى لا اطيل أختم هذا البحث وإلى لقاء مع بحث آخر في رحاب الدفاع عن المذهب الحق مذهب أهل البيت (ع) والحمد الله رب العالمين والصلاة على النبي وآله الطاهرين.
أبو حسام خليفة بن عبيد العماني الكلباني انتهيت اليوم الاثنين 12من شهر شعبان سنة 1425 للهجرة الموافق 27-9-2004م وإلى اللقاء
|